رديمة
20 -10- 2010, 10:49 PM
الاستقامة على العبادة دليل على الرغبة في الخير وعنوان قوة الإيمان
http://www.aldaawah.com/wp-content/uploads/24.jpg
الخطبة الأولى
أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى.
عباد الله، إن الله خلق الخلق لعبادته، واستخلفهم في الأرض لأجل ذلك، قال تعالى:
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات: 56]، وقال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [يونس: 14].
فالعبد خُلق لعبادة الله، فالعبادة لله ملازمة له إلى أن يلقى الله
وهي ضرورية من ضروريات حياته، فلا تصلح حياته ولا تستقيم إلا بعبادة ربه
قال تعالى: {{قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)”} [الأنعام ]
فالصلاة والذبح لله، وما يعمل العبد في حياته، وما يلقى الله عليه كلّه لله، هكذا يكون المسلم
يعلم حقاً أن عبادته لله ضرورة من ضروريات حياته، فلا استقامة له إلا بعبادة ربه
وإذا انحرف عنها صار من الغاوين:
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ } [محمد: 12].
أيها المسلم، إن الاستقامة على العبادة دليلٌ على الرغبة في الخير، وعنوان قوة الإيمان
قال تعالى لنبيه: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [هود: 112]
فالاستقامة لزومُ الطريق المستقيم، الاستقامة لزوم الطاعة والثبات عليها في كل آن وحين
وإن كان المسلم في مواسم الخير يضاعف جهوده
لكنه لا ينقطع عن العبادة بعد ذلك
فإن استقامته على الطاعة يدل على قوة الإيمان، قوة اليقين
عظيم الرغبة في الخير
على محبة الخير والرغبة فيه، ولهذا لما سأل رجل النبي قائلاً له:
يا رسول الله
قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك، قال له:
“قل: آمنت بالله، ثم استقم”.
أيها المسلم، والله يقول لنبيه: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ } [هود: 112] َ
أي: لتكن استقامتكم على وفق ما أمركم ربكم به، فلا تكون الاستقامة
على مجرد هوى ورأي واستحسان، ولكنها على وفق ما أمر الله به،
{ وَمَن تَابَ مَعَكَ } [هود: 112] ، يستقيمون كذلك، ثم قال:
{ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } [هود: 112]
أمره بالاستقامة على وفق ما أمره به، ونهاه عن الطغيان
والطغيان مجاوزة الحد في فعل الأوامر
مجاوزة الحد والخروج عن المنهج القويم
لأن المستقيم حقاً من تكون استقامته على وفق أمر الله.
أقوام استقاموا ولكن على خلاف وفق أمر الله
استقاموا ولكن على خلاف أمر الله، طغوا في استقامتهم حتى ضلوا
عن سواء السبيل، ألا ترى الخوارج الذين ذمهم النبي (ووصفهم)
للأمة بأنا نحقر صلاتنا عند صلاتهم، وصيامنا عند صيامهم
وقراءتنا عند قراءتهم، ومع هذا قال في حقهم:
“يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية” لماذا؟ هم مستقيمون
ولكن تلك الاستقامة لم توافق شرع الله، ولم تتفق مع شرع الله
بل طغوا وغلوا في دينهم غلواً أدَّى بهم إلى أن استباحوا دماء المسلمين
وأموالهم، لأنهم طغوا وخرجوا عن منهج الله، والله يقول لنبيه:
{ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ } [هود: 112].
فالاستقامة وسط بين الانحراف وبين الغلو في دين الله
الاستقامة لزوم الطريق المستقيم الذي شرعه الله، قال تعالى:
{ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ } أمره بالاستقامة
وحذره عن اتباع الهوى الذي يحرف باستقامته عن الخير كم استقامت
أقوام ولكن على غير هدى، انعكست الحقائق في أنظارهم
فرأوا الباطل حقاً والحق باطلاً
{ أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ } [فاطر: 8]
قال تعالى: { أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (104)} [الكهف: 103 - 104].
فالخوارج والمعتزلة وأمثالهم من أهل البدع والضلالات قد ترى مظهر خير
وتعبد، ولكنه على خلاف ما شرع الله، فذاك ضلال مبين، كم استقام أقوام
على الباطل فعظموا القبور، وطافوا بأهلها، وعكفوا عندها، وسألوهم ما هو
حق الله، وذلك من الانحراف عن الهدى، أرباب الطرق المختلفة استقاموا
على طرقهم الباطلة، ولكنها استقامة على خلاف شرع الله، فالمسلم يستقيم
ولكن استقامته على طاعة الله، قال تعالى:
{ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا } [فصلت: 30]
استقاموا على الطريق الواضح، والمنهج القويم.
أيها المسلم، الزم عبادة الله، واستقم عليها، في كل آن وحين
فإنك بأمسِّ الحاجة إلى ذلك.
إن نعم الله عليك تترى، فقابل نعم الله بشكرها، وشكر النعم أن تتقرب إلى
المنعِم بما يرضيه، بالقيام بما أوجب عليك، والبعد عمَّا نهاك عنه.
أيها المسلم، استقم على الطريق المستقيم، استقم على عبادة ربك.
أيها المسلم، إن كان رمضان مضى بخيره وبركته، نسأل الله أن يتقبله منَّا
ومنكم، فليس معنى ذلك أن عبادة المسلم قد انقضت وتوقفت، لا، العبادة
باقية، والمسلم سائر عليها، مستقيم عليها، قد أخذ من رمضان عظة وعبرة
فرمضان هذّبه، ورمضان أقام اعوجاجه، ورمضان هداه للخير
ورمضان روَّض تلك النفس، وأعدها الإعداد الصحيح لتكون سائرة على وفق منهج الله.
أيها المسلم، إنك تعبد ربك، تعبد دائماً وأبداً
ولئن كان موسم الخير تُضاعف فيه الأعمال، لكن لا يلزم من ذلك أن ننقطع
عن العمل بعد رمضان، فلنكن محافظين على طاعة الله من صلاة
وإحسان وتلاوة قرآن وتقرب إلى الله بنوافل الطاعة، يقول الله جلَّ وعلا:
“ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه
الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها
ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه”.
إذاً أيها المسلم، فتقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض
واحرص على ذلك عسى أن تكون موفقاً لقبول عملك.
أيها المسلم، إن الله يقول في كتابه العزيز: { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ }
[المائدة: 27]، فالله لا يقبل إلا أعمال المتقين الذين أخلصوها لله
وسارت على وفق شرع الله، إذاً فاحرص ـ أخي ـ أن تكون من المتّقين
وإنَّ من علامة قبول العمل الصالح أن يُتبَع بأعمال صالحة
{ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114]
فأعقب العمل الصالح بالعمل الصالح، واحذر أن تعقبه بعمل سيئ
وفي الحديث في وصية النبي لمعاذ: “وأتبع السيئة الحسنة تمحها”
فاحرص ـ أخي المسلم ـ على أن تعقب صالح عملك بعمل صالح؛
ليدل على رغبتك في الخير، وحبك للخير، وأنك لا تزال عبداً لربك مستقيماً
على طاعته، ترجو ثوابه
{ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا
تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ (32) } [فصلت: 30 - 32].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم
ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي
ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب
فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
http://www.aldaawah.com/wp-content/uploads/24.jpg
الخطبة الأولى
أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى.
عباد الله، إن الله خلق الخلق لعبادته، واستخلفهم في الأرض لأجل ذلك، قال تعالى:
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات: 56]، وقال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [يونس: 14].
فالعبد خُلق لعبادة الله، فالعبادة لله ملازمة له إلى أن يلقى الله
وهي ضرورية من ضروريات حياته، فلا تصلح حياته ولا تستقيم إلا بعبادة ربه
قال تعالى: {{قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)”} [الأنعام ]
فالصلاة والذبح لله، وما يعمل العبد في حياته، وما يلقى الله عليه كلّه لله، هكذا يكون المسلم
يعلم حقاً أن عبادته لله ضرورة من ضروريات حياته، فلا استقامة له إلا بعبادة ربه
وإذا انحرف عنها صار من الغاوين:
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ } [محمد: 12].
أيها المسلم، إن الاستقامة على العبادة دليلٌ على الرغبة في الخير، وعنوان قوة الإيمان
قال تعالى لنبيه: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [هود: 112]
فالاستقامة لزومُ الطريق المستقيم، الاستقامة لزوم الطاعة والثبات عليها في كل آن وحين
وإن كان المسلم في مواسم الخير يضاعف جهوده
لكنه لا ينقطع عن العبادة بعد ذلك
فإن استقامته على الطاعة يدل على قوة الإيمان، قوة اليقين
عظيم الرغبة في الخير
على محبة الخير والرغبة فيه، ولهذا لما سأل رجل النبي قائلاً له:
يا رسول الله
قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك، قال له:
“قل: آمنت بالله، ثم استقم”.
أيها المسلم، والله يقول لنبيه: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ } [هود: 112] َ
أي: لتكن استقامتكم على وفق ما أمركم ربكم به، فلا تكون الاستقامة
على مجرد هوى ورأي واستحسان، ولكنها على وفق ما أمر الله به،
{ وَمَن تَابَ مَعَكَ } [هود: 112] ، يستقيمون كذلك، ثم قال:
{ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } [هود: 112]
أمره بالاستقامة على وفق ما أمره به، ونهاه عن الطغيان
والطغيان مجاوزة الحد في فعل الأوامر
مجاوزة الحد والخروج عن المنهج القويم
لأن المستقيم حقاً من تكون استقامته على وفق أمر الله.
أقوام استقاموا ولكن على خلاف وفق أمر الله
استقاموا ولكن على خلاف أمر الله، طغوا في استقامتهم حتى ضلوا
عن سواء السبيل، ألا ترى الخوارج الذين ذمهم النبي (ووصفهم)
للأمة بأنا نحقر صلاتنا عند صلاتهم، وصيامنا عند صيامهم
وقراءتنا عند قراءتهم، ومع هذا قال في حقهم:
“يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية” لماذا؟ هم مستقيمون
ولكن تلك الاستقامة لم توافق شرع الله، ولم تتفق مع شرع الله
بل طغوا وغلوا في دينهم غلواً أدَّى بهم إلى أن استباحوا دماء المسلمين
وأموالهم، لأنهم طغوا وخرجوا عن منهج الله، والله يقول لنبيه:
{ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ } [هود: 112].
فالاستقامة وسط بين الانحراف وبين الغلو في دين الله
الاستقامة لزوم الطريق المستقيم الذي شرعه الله، قال تعالى:
{ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ } أمره بالاستقامة
وحذره عن اتباع الهوى الذي يحرف باستقامته عن الخير كم استقامت
أقوام ولكن على غير هدى، انعكست الحقائق في أنظارهم
فرأوا الباطل حقاً والحق باطلاً
{ أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ } [فاطر: 8]
قال تعالى: { أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (104)} [الكهف: 103 - 104].
فالخوارج والمعتزلة وأمثالهم من أهل البدع والضلالات قد ترى مظهر خير
وتعبد، ولكنه على خلاف ما شرع الله، فذاك ضلال مبين، كم استقام أقوام
على الباطل فعظموا القبور، وطافوا بأهلها، وعكفوا عندها، وسألوهم ما هو
حق الله، وذلك من الانحراف عن الهدى، أرباب الطرق المختلفة استقاموا
على طرقهم الباطلة، ولكنها استقامة على خلاف شرع الله، فالمسلم يستقيم
ولكن استقامته على طاعة الله، قال تعالى:
{ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا } [فصلت: 30]
استقاموا على الطريق الواضح، والمنهج القويم.
أيها المسلم، الزم عبادة الله، واستقم عليها، في كل آن وحين
فإنك بأمسِّ الحاجة إلى ذلك.
إن نعم الله عليك تترى، فقابل نعم الله بشكرها، وشكر النعم أن تتقرب إلى
المنعِم بما يرضيه، بالقيام بما أوجب عليك، والبعد عمَّا نهاك عنه.
أيها المسلم، استقم على الطريق المستقيم، استقم على عبادة ربك.
أيها المسلم، إن كان رمضان مضى بخيره وبركته، نسأل الله أن يتقبله منَّا
ومنكم، فليس معنى ذلك أن عبادة المسلم قد انقضت وتوقفت، لا، العبادة
باقية، والمسلم سائر عليها، مستقيم عليها، قد أخذ من رمضان عظة وعبرة
فرمضان هذّبه، ورمضان أقام اعوجاجه، ورمضان هداه للخير
ورمضان روَّض تلك النفس، وأعدها الإعداد الصحيح لتكون سائرة على وفق منهج الله.
أيها المسلم، إنك تعبد ربك، تعبد دائماً وأبداً
ولئن كان موسم الخير تُضاعف فيه الأعمال، لكن لا يلزم من ذلك أن ننقطع
عن العمل بعد رمضان، فلنكن محافظين على طاعة الله من صلاة
وإحسان وتلاوة قرآن وتقرب إلى الله بنوافل الطاعة، يقول الله جلَّ وعلا:
“ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه
الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها
ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه”.
إذاً أيها المسلم، فتقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض
واحرص على ذلك عسى أن تكون موفقاً لقبول عملك.
أيها المسلم، إن الله يقول في كتابه العزيز: { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ }
[المائدة: 27]، فالله لا يقبل إلا أعمال المتقين الذين أخلصوها لله
وسارت على وفق شرع الله، إذاً فاحرص ـ أخي ـ أن تكون من المتّقين
وإنَّ من علامة قبول العمل الصالح أن يُتبَع بأعمال صالحة
{ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114]
فأعقب العمل الصالح بالعمل الصالح، واحذر أن تعقبه بعمل سيئ
وفي الحديث في وصية النبي لمعاذ: “وأتبع السيئة الحسنة تمحها”
فاحرص ـ أخي المسلم ـ على أن تعقب صالح عملك بعمل صالح؛
ليدل على رغبتك في الخير، وحبك للخير، وأنك لا تزال عبداً لربك مستقيماً
على طاعته، ترجو ثوابه
{ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا
تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ (32) } [فصلت: 30 - 32].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم
ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي
ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب
فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.