المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صامطة في عهد الأشراف آل خيرات



ريسان
14 -02- 2011, 08:27 PM
صامطة في عهد الأشراف آل خيرات



وبعد ذلك لم تشتهر - يقصد صامطة - كثيرا إلا عند ظهور دولة الأشراف آل خيرات في القرنيين الثاني عشر والثالث عشر الهجري حيث استوطنتها بعض أسر هذا البيت وهم تحديدا أولاد الشريف أبو طالب بن محمد بن أحمد بن محمد بن خيرات أحد إخوة الشريف حمود بن محمد أبو مسمار حاكم زمانه الشهير بالمخلاف ، وذريتهم هم المعروفون حاليا بآل أبي طالب والمكارمة حيث عثرت على مكاتبات بين أفراد هذه الأسرة ممن تولوا إمارة صامطة مع ملوك وأمراء زمانهم ومن أشهرهم الشريف محمد بن أبو طالب باني قلعة الأشراف المعروفة بصامطة والباقية آثارها إلى الوقت الحاضر وتوجد وثيقتا ترخيص وتوصية به من قبل أمير عسير في زمانه علي بن مجثل الذي امتد سلطانه إلى المخلاف في بعض فترات ضعف دولة الأشراف آل حيدر ، وهاتان الوثيقتان مؤرختان في عامي 1248و1249 هـ .


ومنهم الشريف محمد بن علي مكرمي بن أبو طالب الذي كان قائما مع بني عمومته في أبي عريش من ورثة آل حيدر والمعرفين حاليا في أبي عريش بآل المدير كنظار تحت ولاية الدولة العثمانية ، وكان ذلك في الفترة التي أعقبت نهاية دولة الشريف الحسين بن علي حيدر الذي كانت عاصمته أبو عريش وتوجد مكاتبات كثيرة باسم الشريف محمد بن علي مكرمي بن أبو طالب معظمها من بني عمومته آل حيدر ولاة أبي عريش في زمنهم من قبل الدولة العثمانية ومنهم الشريف حيدر بن علي بن حيدر وابن أخيه زيد بن الحسين بن علي وأخوه علي بن الحسين وهي في الفترة من 1283 إلى 1287 هـ حيث استعفى الشريف المذكور فتم إعفاؤه من قبل القائم بالأمر في ابي عريش آنذاك الشريف علي بن الحسين بن علي بن حيدر بخطاب تجد صورته في ملحق الوثائق بهذا الكتاب وهذه المخاطبات تحتوي على مطالبته ببعث مطلوبين للعدالة أو جباية زكوات وما شابه ذلك .








مسجد الأشراف والبئر :

والشريف محمد بن علي مكرمي بن أبو طالب هذا هو الذي حفر بئر الراحة بوسط صامطة والمعروف مكانها إلى الوقت الحاضر ، والتي اقفلت من قبل البلدية بغطاء خرساني بعد دخول شبكة المياه الحديثة في الثمانينات من القرن الهجري المنصرم ، كما بنى بجوارها من الغرب مسجد الراحة من الحجر والذي كان باقيا إلى وقت قريب وكان يسمى بمسجد الأشراف وورد ذكره في كتاب الشيخ عمر بن أحمد جردي مدخلي في كتابه ( النهضة الاصلاحية بجنوب المملكة العربية السعودية ) حيث قال إنه كان يدرس به الشيخ محمد ماطر رضوان صغار الطلاب عندما قدم الشيخ القرعاوي في عام 1358 هـ فانضم إليه للتعلم ثم التعليم ، وعندما قدم الشيخ القرعاوي قام ببناء مسجد مجاور له من البلك والخشب ثم تم تطويره إلى بناء مسلح حديث على نفقة فاعل خير وأدخل المسجد القديم في توسعته ، وإمامه حاليا الشيخ الدكتور عبدالرحمن عمر جردي مدخلي مدير عام هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة جازان ، وقد أوقف الشريف المذكور على هذا المسجد والبئر المجاورة له ارضا تبلغ مساحتها تسع معاود وثمن بذرعة الجهة ومساحة المعاد حوالي ( 3500 م2 ) ، ونص على أن يكون ريعها لإعمار البئر والمسجد والصرف على القائم به ، وبقي يصرف عليهما حتى حصلت الغناية عن ذلك بطمر البئر وبناء مسجد جديد موسع فتم صرفه إلى المحتاجين من ذرية الواقف وغيرهم عندما تحصل منه غلال .




صامطة ودخلة الجبالية :


ومنهم ولده الشريف حمود بن محمد بن علي مكرمي بن أبو طالب بن محمد بن أحمد بن محمد بن خيرات ، وكان عاملا على مدينة صامطة وتوابعها مخلاف بني شبيل والدغارير وبني حمد من قبل الدولة الادريسية في عهد أئمتها الثلاثة محمد بن علي الإدريسي وابنه علي بن محمد وأخوه الحسن بن علي الإدريسي خلال الفترة من عام -1327 إلى عام 1351 هـ – وله رسائل متبادلة مع أمراء الدولة الإدريسية الثلاثة الذين استطاع الاحتفاظ بثقتهم جميعا رغم اختلاف الأخيرين منهما واقتتالهما وهو ما يدل على حنكته وحصافته وقوة مركزه في بلده آنذاك ، ولهذا الرجل موقفان عظيمان يدلان على فطنته وحسن فراسته ، الأول : عندما اجتاحت القوات اليمنية الإمامية مدينة صامطة في عام 1344 هـ حيث كانت الدولة الادريسية في حينها في أشد حالات ضعفها وكان المد اليمني في أوج قوته والإغراءات قوية للشريف حمود للانضمام إليه وقد انضم إليه كثير من رجالات المنطقة البارزين وعلى رأسهم بعض كبار الأشراف من أقارب الشريف حمود الأدنين ولم تكن قد لاحت للدولة السعودية بوادر تدخل في المنطقة آنذاك وكان اليمنيون على استعداد لإعطائه كل ما يطلبه من جاه ومال وسلطة لو انضم إليهم لكنه مع كل ذلك لم ينضم بل خرج من صامطة بأهله وتحيز لجهة خلب بقرية الشطيفية ، وكأنه ادرك بحدسه القوي أن هذا الغزو لن يكتب له النجاح وبالفعل انكسر اليمنيون مرتين متتاليتين على أبواب صامطة بل هزموا هزائم منكرة على يد رجال القبائل من بني شبيل والمسارحة والحرث الأولى في خبت الخارش شمال صامطة والثانية في معمال خلف وادي ليه جنوب صامطة ، وعادوا يجرجرون أذيال الهزيمة إلى بلادهم وخلفوا وراءهم القتلى والجرحى والمحاصرين في قلعة الأشراف بصامطة والذين لم يخرجوا إلا بفدية كبيرة ، ثم عاد الشريف حمود بعدها إلى بلده وقد خربت بيوته وانتهبت الكثير من أمواله ولم يفت ذلك في عزيمته فبقي على ولائه لدولته الإدريسية حتى شاء الله تعالى زوالها على يد الدولة السعودية فيما بعد عندما انتقض أمراؤها على المعاهدة القائمة معها ،



صامطة وخروج الإدريسي عن المعاهدة مع السعوديين :


والموقف الثاني : عندما حاول السيد الحسن الإدريسي الانقلاب على المعاهدة مع الملك عبدالعزيز وأعد العدة لذلك فأوعز إلى كافة عماله في كافة مدن ومراكز المنطقة بالقبض على المندوبين السعوديين الذين أشركوا معهم في إدارة البلاد بموجب المعاهدة السعودية الإدريسية وبالفعل تم القبض على معظمهم ومنهم المندوب السامي للملك عبدالعزيز بجازان فهد بن زعير ومندوب المالية حمد الماضي وجميع رجالهم فلم ينجرف الشريف حمود مع هذا التيار وامتنع عن القبض على المندوب الموجود بصامطة آنذاك المسمى إبراهيم الطاسان بل حماه بالتعاون مع بعض كبار رجاله آنذاك من الغوغاء الذي حاولوا الاعتداء عليه وأذيته وأخرجه من الباب الخلفي لقصر الإمارة مع حراس ومرافقين قاموا بإيصالهم إلى مرجعهم في جازان التي كانت قد استنقذتها القوات السعودية من أيدي الثوار الأدارسة حينئذ كما أنه امتنع عن الوصول إلى الإدريسي في مقر إقامته بصبيا وامتنع عن الانضمام إلى معسكر الثوار بالمضايا رغم تكرار المطالبة له والإلحاح عليه في ذلك وكأنه قد أدرك أيضا بحدسه القوي أن هذه الثورة فاشلة لا محالة ، وأن الانضمام إليها مقامرة غير مضمونة العواقب ، وبالفعل تحقق حدسه واندحرت الثورة الادريسية وخرج أمراؤها فارين إلى اليمن واستقر الأمر للدولة السعودية التي كان للشريف عند أوائل أمرائها وقادتها حظوة كبيرة تدل عليها المكاتبات الموجودة بين أيدينا إلى تاريخه والتي سلمنا منها نسخة إلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض في عام 1428 هـ فقام بإحالتها إلى دارة الملك عبد العزيز للحفظ والتوثيق وسنرفق بعضا من هذه الوثائق في ملحق الوثائق بهذا البحث إن شاء الله .
وعاصر المذكور بداية الدولة السعودية وكان له تعاون ملحوظ وموثق بمكاتبات مع طلائع أمراء هذه الدولة مثل الأمير فهد بن زعير المندوب السامي للملك عبد العزيز إبان فترة معاهدة الحماية مع الدولة الادريسية ثم الأمير حمد الشويعر أمير جازان وقائد الحملة السعودية على تهامة اليمن والتي عسكرت جيوشها في ضواحي صامطة ومنحهم الشريف حمود والشيخ أحمد مساوى ورعاياهم في حينه أرضا واسعة لأعلاف ركائبهم ومواشيهم – قبل وصول الأمير فيصل بن عبد العزيز جلالة الملك فيما بعد - عن طريق الساحل – الموسم - ميدي - إبان الخلاف الذي نشأ بين المملكة واليمن في منتصف القرن الهجري المنصرم ، ومنهم الأمير بداح بن عقاب أحد امراء صامطة في زمنه والأمير مشاري بن عيسى وغيرهم ، وقد أعددنا بحثا مستقلا عن سيرة هذا الرجل يرحمه الله أوردنا فيه ما توفر لنا من وثائق .




إمارة الأشراف آل خيرات على صامطة خلال الفترة التركية والعهد الإدريسي:


وقد حصلت على وثيقة تشير إلى أنه قد تولى من الأشراف آل أبي طالب والمكارمة إثنا عشر واليا على مخلاف صامطة إبان فترة حكم آل خيرات بالمنطقة ثم خلال الحكم التركي وحكم العسيريين لفترة من الزمن ثم حكم الدولة الإدريسية ، ومن أبرزهم بالإضافة إلى الشريفين السابق ذكرهما الشريف محمد بن يحي بن محمد أبوطالب (وهو جد معظم الأشراف الطوالبة الموجودين حاليا بصامطة وأبي حجر الأعلى ) وقد ولي فترة كقائمقام للدولة التركية بابي عريش وكانت تتبعه البلاد من وادي صبيا إلى وادي مور باليمن ، ومنهم الشريف أحمد بن علي بن يحي أبوطالب وهو جد الشريف علي بن الحسن بن احمد أبو طالب الذي كان مديرا للإدارة بمركز الرعاية الأولية بصامطة يرحمه الله ، ومنهم الشريف علي بن محمد بن يحي وهو الذي قتل قرب قرية الغرزة من أعمال وادي مور في عام 1324 هـ وقامت على إثر ذلك الفتنة الشهيرة بين الأشراف آل خيرات والسادة النعامية آنذاك ، ثم الشريف حمود بن محمد بن يحي وهو والد الشريف أحمد بن حمود ابوطالب مدير الأحوال المدنية بصامطة سابقا يرحمه الله ، ثم الشريف منصور بن محمد بن يحي وهو آخر حاكم لصامطة مع الأتراك و قبل الشريف حمود بن محمد بن علي مكرمي الذي عمل مع الدولة الإدريسية وله – أي منصور - العديد من الأبناء والأحفاد يقيمون بمدينة صامطة ، وبلدة أبي حجر الأعلى .



http://www.mesolive.com/up//uploads/images/domain-efc1b42028.jpg


بقايا حصن الشريف محمد بن أبي طالب بمدينة صامطة الذي بني في عام 1249 هـ وعمره الآن 182 سنة ولم تبق منه سوى واجهة واحدة وهي متصدعة وآيلة للسقوط حتما إذا لم تتداركها الجهات المسؤولة بالترميم والاسناد كتراث قديم يحكي جزءًا من تاريخ هذه البلاد .




------------------------------------------------------------------------
مصادر :
*( صامطة بين الماضي والحاضر ) لعريفة الأشراف المكارمة
الشريف محمد بن أحمد بن حمود آل خيرات .
* الصورة بعدسة المبدع عبد الهادي حجوري .
.

قلب الوفا
14 -02- 2011, 10:50 PM
ماشاء الله ريسان معلومات رائعه وموروث موثق
نسال الله ان يسر جميع اموركم
تحيتي

رديمة
15 -02- 2011, 01:00 AM
يعطيك العافيه على هذه المعلومات الرائعه
لاعدمنا جديدك حفيدي wr