المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سورة النصر .. من تفسير ابن عثيمين - رحمه الله



رديمة
23 -03- 2011, 05:00 PM
( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ )
(إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوابَا ).
البسملة تقدم الكلام عليها.
(إذا جاء نصر الله والفتح) الخطاب للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، (نصر الله) النصر هو تسليط الله الإنسان على عدوه بحيث يتمكن منه ويخذله ويكبته، والنصر أعظم سرور يحصل للعبد في أعماله، لأن المنتصر يجد نشوة عظيمة، وفرحاً وطرباً، لكنه إذا كان بحق فهو خير، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «نصرت بالرعب مسيرة شهر» (234) أي أن عدوه مرعوب منه إذا كان بينه وبينه مسافة شهر، والرعب أشد شيء يفتك بالعدو، لأن من حصل في قلبه الرعب لا يمكن أن يثبت أبداً، بل سيطير طيران الريح فقوله: ( إذا جاء نصر الله) أي نصر الله إياك على عدوك ( والفتح) معطوف على النصر، وعطفه على النصر مع أن الفتح من النصر تنويه بشأنه، وهو من باب عطف الخاص على العام، كقوله تعالى: ( تنزل الملائكة والروح فيها) [القدر: 4]. أي في ليلة القدر فجبريل من الملائكة وخصه لشرفه، و(ألـ) في الفتح للعهد الذهني، أي: الفتح المعهود المعروف في أذهانكم، وهو فتح مكة، وكان فتح مكة في رمضان من السنة الثامنة للهجرة، وسببه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما صالح قريشاً في الحديبية في السنة السادسة ـ الصلح المشهور ـ نقضت قريش العهد فغزاهم النبي صلى الله عليه وسلّم وخرج إليهم من المدينة بنحو عشرة آلاف مقاتل خرج مختفياً وقال: «اللهم عمي أخبارنا عنهم» ( 235) فلم يفاجأهم إلا وهو محيط بهم ودخل مكة في العشرين من رمضان، من السنة الثامنة للهجرة، مظفراً منصوراً مؤيداً، حتى إنه في النهاية اجتمع إليه كفار قريش حول الكعبة فوقف على الباب وقريش تحته ينتظرون ما يفعل، فأخذ بعضادتي الباب وقال: يا معشر قريش، ما تظنون أني فاعل بكم؟ وهو الذي كان قبل ثمان سنوات هارباً منهم وصاروا الآن في قبضته وتحت تصرفه، قال: ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم، قال: فإني أقول لكم كما قال يوسف لأخوته ( لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم) [يوسف: 92]. اذهبوا فأنتم الطلقاء(236)، فعفى عنهم عليه الصلاة والسلام، هذا الفتح سماه الله فتحاً مبيناً، فقال تعالى: (إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً) [الفتح: 1] أي بيناً عظيماً واضحاً، ....

يتبع
------------


(234) تقدم تخريجه (332) .
(235) أخرجه الطبراني في " الكبير" 23/ (1052) وفي " الصغير " (68) .
(236) تقدم تخريجه ص ( 155 ) .

رديمة
23 -03- 2011, 05:01 PM
{إنه كان تواباً} أي: لم يزل عز وجل تواباً على عباده، فإذا استغفرته تاب عليك، هذا هو معنى السورة.

لكن السورة لها مغزى عظيم لا يتفطن له إلا الأذكياء، ولهذا لما سمع عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أن الناس انتقدوه في كونه يُدني عبدالله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ مع صغر سنه ولا يدني أمثاله من شباب المسلمين، وعمر ـ رضي الله عنه ـ من أعدل الخلفاء أراد أن يبين للناس أنه لم يحابِ ابن عباس في شيء، فجمع كبار المهاجرين والأنصار في يوم من الأيام ومعهم عبدالله بن عباس وقال لهم: ما تقولون في هذه السورة {إذاجاء نصر الله والفتح} حتى ختم السورة ففسروها بحسب ما يظهر فقط، فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وقال بعضهم: لا ندري، ولم يقل بعضهم شيئاً. فقال: ما تقول ياابن عباس قال: يا أمير المؤمنين هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أعلمه الله له: {إذا جاء نصر الله والفتح} فتح مكة فذاك علامة أجلك، {ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً. فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً} فقال عمر: «والله ما أعلم منها إلا ما تعلم» (238). فتبين بذلك فضل ابن عباس وتميزه، وأن عنده من الذكاء والمعرفة بمراد الله عز وجل.

لما نزلت هذه السورة جعل رسول الله صلى الله عليه وسلّم الذي هو أشد الناس عبادة لله وأتقاهم لله جعل يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي» (239). فنقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.

----------

(238) أخرجه البخاري كتاب المغازي باب (52) (4294) .
(239) أخرجه البخاري كتاب التفسير باب سورة : )إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) (4968) ومسلم كتاب الصلاة باب ما يقال في الركوع والسجود (484) ( 217).

نسايم ليل
26 -03- 2011, 02:47 AM
ممتع هو تفسير القرآن ياغالية الله لايحرمنا منك

جزاك الله خير

ويبارك فيك يارب

ويرزقك الفردوس الأعلى

هادي
26 -03- 2011, 06:41 AM
جزاك الله خيرا وبارك فيك على النقل الطيب " رديمة "

ورحم الله الشيخ ابن عثيمين

رديمة
26 -03- 2011, 01:24 PM
ممتع هو تفسير القرآن ياغالية الله لايحرمنا منك

جزاك الله خير

ويبارك فيك يارب

ويرزقك الفردوس الأعلى


امين واياك غاليتي
وجزاك الله خير على مرورك العطر وتعقيبك
لاعدمت تواصلك

رديمة
26 -03- 2011, 01:25 PM
جزاك الله خيرا وبارك فيك على النقل الطيب " رديمة "

ورحم الله الشيخ ابن عثيمين

وفيك استاذي
وجزاك الله خير على مرورك الكريم وتعقيبك
لاعدمت تواصلك

سامي القيسي
15 -09- 2011, 01:16 AM
جزيت خيرا إنشاء الله