المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : استخدام القصة في تعليم الرياضيات



مجاهد اليامي
15 -08- 2005, 07:31 AM
استخدام القصة لتعليم الرياضيات

بقلم: د. أحمد هيبي
في كتابي "بواكير- تعليم الرياضيات للصف الاول" اعتمدت اسلوب القصة كجزء من أسلوب تعليم الرياضيات للأطفال. وقد قوبل عملي هذا بالاستحسان غالبا، ولكن احتج البعض أحيانا على المساحة التي يمكن ان تحتلها قصة في موضوع كالرياضيات، أو الوقت الذي يمكن ان تستغرقه على حساب الدرس التقليدي.
ان تعليم الرياضيات عن طريق قصة، ليس ابتكارا ذاتيا مع ذلك. فهناك أبحاث وتجارب كثيرة حول هذا الموضوع , وهناك استعمال واسع لتعليم الرياضيات عن طريق القصة في الجيل المبكر، في انحاء كثيرة من العالم.
اننا جميعا نحب القصص، واكثر المحاضرين أو الخطباء والمعلمين نجاحا، هم اولئك الذين يفتتحون كلامهم أمام الجمهور الواسع برواية قصة. فالجمهور يحب القصص ويتابع الروايات المتسلسلة في التلفزيون، ويقرأ القصص أو يسمعها من مصادر مختلفة.
في الرياضيات ينبغي ان تكون القصة مرتبطة بالموضوع الذي تخدمه. وفي موضوع الاعداد الزوجية ابتكرت قصة الفلاح الذي يريد توزيع عدد فردي من البقرات وهي كل ما يملكه على ولديه الاثنين.
هذا الارتباط، قد يجعل القصة متصنعة نوعا ما. ولكن راويا مجيدا أو مبتكرا يستطيع أن يتجاوز هذا التصنع، اذا أعمل فكره قليلا, وجعل للقصة بعدا فنيا أيضا، أي أن يستطيع القاريء العادي قراءتها والاستمتاع بها بدون الاهتمام الى الجانب الحسابي فيها. وفي موضوع "الطرح" مثلا، ابتكرت قصة "جحا" الذي كان يملك 9 غنمات، وجاء اللصوص وسرقوا 6 منها. وفي الليلة التالية سرقوا اثنتين. بقي عند جحا غنمة واحدة، فقال سأذهب لأبيعها في السوق لئلا يأتي اللصوص ويسرقونها هي أيضا. في اليوم التالي وعندما كان جحا عائدا بدنانيره العشرة ثمن الغنمة التي باعها في السوق، هجم عليه اللصوص وسرقوا ماله.
من ناحية أخرى، فحتى لو أخذنا أي قصة عادية، مأخوذة من أي مصدر كان، لاستطعنا ان نجد فيها جانبا حسابيا. فهكذا هي الحياة يكوّن الحساب واحدا من أركانها. وحتى عندما نرغب في الترفيه عن أنفسنا، ونقرر أن نسافر في رحلة الى تركيا على سبيل المثال, فان الحساب يدخل في صلب قرارنا وحيثيات رحلتنا، فهناك التكاليف, والتنزيلات، وضريبة المطار، ونسبة الخصم، الخ. ويذكر عني طلابي قولي لهم، اني أستطيع ان أعلم الرياضيات حتى من خلال كتاب في التاريخ. وفي تعليم موضوع حسابي من خلال قصة، فان المعلم يوجه طلابه الى الانتباه للجانب الحسابي للقصة، ليس قبل ان يستمتعوا بالقصة نفسها.
ان حكاية قصة مرتبطة بالموضوع الذي نبغي تدريسه، تدعم هدفين أساسيين في تعليم الرياضيات. وهما أولا ربط دراسة الرياضيات في الصف، بالانشطة الحياتية خارج الصف. وثانيا خلق بيئة داعمة قوية لتعلم الرياضيات. وهنا أريد
ان أضيف شيئا من تجربتي الشخصية حول هذا الامر. فعندما بدأنا تعلم الرياضيات في جامعة حيفا أول مرة، شعرنا بغرابة المواضيع التي نقوم بتعلمها. ليس فقط لاننا لم نتعلم مثلها في الابتدائية والثانوية، بل أيضا لأن مواضيعها كانت تبدو لنا تحليقا في سماء غريبة من الافكار الصعبة، وحقائق ليس من ورائها طائل لبعدها عن وقائع الحياة اليومية كما ندركها. وكان هذا الأمر ينعكس علينا باحساس فظيع بالغربة، وكأننا انتقلنا الى قارة أخرى. وقد خبرت هذا الشعور عند كثيرين من الطلاب غيري، من الذين كانت الرياضيات الجامعية تسبب لهم صدمة قوية قد لا ينجون منها.
ان استراجية التعليم بحد ذاتها تقوم على الارتكاز على وضع معلوم للمتعلم، والانتقال منه الى وضع مجهول يراد تعلمه. وهذا الانتقال يكون عن طريق وسائل وأدلة منطقية تربط القديم بالحديث. فالطفل لا يتعلم من فراغ. ولذلك فان أي معلومة نريد تعليمه اياها ينبغي ان ترتكز على معلومات أبسط منها معروفة لديه، بل تشكل واحدة من يقيناته. ومعنى ذلك أن المعلم ينبغي أن يبدأ تعليمه على أرضية مألوفة للطالب، من اجل أن ينتقل به حثيثا الى لا ما يعرفه ولا يألفه. والقصة وحتى وان كانت قصيرة، انما تؤدي الى خلق جو من الالفة والثقة بين المعلم والطالب.
واذا كانت رواية قصة في الجامعة في موضوع الرياضيات، هي نوع من الترف، فان حكاية القصة في الصفوف الدنيا هي شيء ضروري. بل ان المعلم قد يستطيع تطوير درسه من خلال قصة يلقيها، أو حتى من خلال قصة يتلقفها من احد الاطفال. وكانت معلمة أمريكية قد طوّرت دروسها في الحساب في أحد الصفوف انطلاقا من قصة رواها لها أحد الاطفال، عن جدته التي تصنع الحلوى وتبيعها في المكسيك. لقد طورت المعلمة الكثير من تقنيات العمل في القصة، آخذة بالجانب الحسابي للموضوع. فالحلوى بحاجة الى تغليف، وشحن، وبيع .. الخ. وفي سنة أخرى ارتكز تعليم الرياضيات في صف من الصفوف على قصة طفل عاد كلبه الذي كان يحتفظ به جده اليه. كان الجد يقدم للكلب 5 عظمات كل يوم.
من المهم أن يعيد الطفل رواية القصة التي يحكيها المعلم بلغته وان يناقشها. وأن يحاول تغيير النص لخلق واقع جديد مرتجى. ان بعض معلمي الرياضيات يكتشفون أن واحدة من مهامهم في تعليم الرياضيات، أصبحت في تعليم فهم المقروء أو حتى المسموع، واستعمال اللغة بطريقة ناجعة. وهذه المشكلة تواجههم عادة في المسائل الكلامية في الرياضيات. هذه المسائل هي الرابط الصميمي بين وقائع الحياة اليومية ومشاكلها التي تحتاج الى حل رياضي، وبين الرياضيات المنهجية التي تدرس في المدارس. ومن هنا كان التركيز الفائق على المسائل الكلامية كأداة لتعليم الرياضيات واعطاء الشرعية لتدريسها في المدارس.
وثمة منفذ آخر نستطيع أن ننفذ منه الى علاقة "حسابية" القصة، او بالاحرى الى "قصصية" الحساب بتعليم هذا الموضوع. فحتى البالغين يستعملون ملكاتهم الانفعالية أو الشعورية في فهم الأشياء وتنظيمها في ذاكرتهم، ومن ثم اختزانها أو انتشالها عند الحاجة. وكمثال على ذلك يرى بعض الاطفال أن الاعداد الزوجية هي "أفضل" من الاعداد الفردية، ما دامت الاولى تقبل القسمة على 2 بدون باق والثانية لا تقبل. وهو هنا يستعمل المعنى الايجابي للقبول، مقابل المعنى السلبي للرفض، من أجل أن يذوّت معلومة بسيطة حسابية. وبهذا المعنى يكون "الاكبر" أفضل أو سابقا على "الاصغر", والقسمة على 0 هي نوع من الاعمال "الخاطئة" أو حتى "المحرمة". والقصة بالتالي تعطي الشحنة الانفعالية هذه، التي تثبت المعلومة الحسابية في الدماغ.
ويستطيع البالغ منا ان يتحقق من الشحنة الانفعالية هذه، في تجارب كثيرة يمر بها في حياته اليومية. وأحيانا يرن التلفون وترتسم على الشاشة "نمرة" لا نذكر صاحبها، ولكننا نشعر بسعادة غامرة أو عدم راحة من مجرد رؤية رقم، سبق ان رأيناه مرة، ولكننا لا نذكر صاحبه. ومن هذه التجربة نفهم أن ما نتعلمه أو ما نختزنه في الذاكرة انما يدخل اولا في منطقة الشعور. وفي هذه المنطقة تكتسي المعلومات التي نتعلمها صبغة شعورية هي أبعد ما تكون عن الموضوعية. لقد شعرنا بعدم الراحة من رؤية رقم التلفون لأن صاحب الرقم يرتبط بذاكرتنا بتجربة غير مفرحة. (وبالفعل فبعد قليل سيطالبنا بالالتزام بواجباتنا، فنعرف من هو!).
وبالمثل فالاعداد الفردية ليست أسوأ من الاعداد الزوجية، وليست افضل منها. وقد نكون بصدد حل سؤال نعرف ان جوابه عدد فردي، وعندها سنرى بضوء ايجابي كل جواب فردي محتمل، وبضوء سلبي كل جواب زوجي محتمل.
وعلى هذا الاساس لا أجد مانعا ان يستعمل المعلمون أوصافا مأخوذة من الحياة اليومية لوصف سلوك الاعداد أو الدوال أو غيرها من العناصر الرياضية. ولطالما كنت أصف الدالة التي تتقارب الى اللانهاية بسرعة فائقة بالـ"مجنونة". والدالة "غير المعرّفة" في نقطة معينة، بأن لها "مشكلة" في هذه النقطة.
ولا ادري ان كان الانسان في المستقبل ينبغي ان يطرح عنه هذه الاوصاف الشعورية أو الانفعالية عند تصديه لمسائل موضوعية في العلم او الرياضيات، ولكن الذي اعرفه اننا نفكر حتى الآن بهذه الطريقة، ونختزن المعلومات بناء على مشاعرنا نحوها. ومن غير المرفوض أن نستعمل هذه الطريقة في تدريسنا للرياضيات ما دامت تفيدنا. كل هذا أقوله لان انشاء قصة حول موضوع حسابي، انما يخلق بطبيعة الحال هذه الشحنات الانفعالية حول الموضوع الحسابي الذي تستهدفه القصة.


تحياتي الجحفانية

الشفق
15 -08- 2005, 11:49 PM
الأخ العزيز / جحفان .. تحية طيبة
حقيقة أسعدنا تواجدك الكريم ، وأسعدنا هذا الموضوع الرائع والجميل والمهم
مما لا شك فيه إن التعليم مهمة ليس سهلة كما يتصورها البعض ، والتدريس له طرق عديدة ، منها الإلقاء والنقاش والحوار وضرب الأمثال والاستنباط وغيرها من الطرق ، والمعلم الناجح هو الذي يستطيع إيصال المعلومة بأسهل الطرق وأسرعها لذهنية الطالب مع الحرص على رسوخ المعلومة وفهمها وبقائها .
ولكل مادة من المواد الطريقة المناسبة لشرحها ، ولعل الرياضيات وباقي المواد العلمية يحتاج فيها المعلم إلى جهد مضاعف في طريقة شرحها وذلك نظراً لصعوبة المادة ، ومما لا شك فيه إن طريقة ضرب المثال والقصص تعد من أنجح الطرق في التدريس ، ولعل هذا الأسلوب قد استخدم كثيراً في القرآن الكريم .
ومن المؤسف إن كثيراً من معلمو مادة الرياضيات يعتمدون في شرحهم على طريقة طرح مسائل وحلها من خلال السبورة ، وعندما تدخل الصف تجد السبورة مليئة بالكتابة والطلاب غير فاهمين لأن المعلم ركز فقط على ثلاثة أو أربعة طلاب ونسى وأهمل الباقي وفي نهاية العام رسوب كبير في مادة الرياضيات .
وأتمنى لو كل معلم رياضيات يستخدم طرق بسيطة وسهلة يصل من خلالها إلى عقول جميع التلاميذ ولا يخرج إلا وهو متأكد من فهم الجميع للدرس .
الأخ جحفان ألف شكر لك على طرح هذه القضية المهمة ونتمنى تواصلك الرائع .

شيح الجبل
16 -08- 2005, 03:18 PM
هذا هو المفروض

ينبغي على المعلم أن يضرب أمثلة قريبة ومحسوسة يعرفها المتعلم

كما كان يعمل سيدنا رسول الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم كان يضرب أمثلة محسوسة قريبة من الذهن .

أذكر عندما كان نتعلم في محو الأمية كان امقري يعلمنا ويقول :

الحاء مثل : الحلي .

الراء مثل :الوصل .

الدال مثل : الشغبة أو القرقح

حرف الحاء مثل : الساقة .



وهكذا حتى تعلمنا ومالنا فلاحين عرفنا الحروف والأرقام بسرعة لأنه كان يشبهها لنا من البيئة


مع أن هناك من يسخر من هذاالمعلم وهو في الحقيقة معلم ناجح أسأل أن يطول عمره قولوا آمين