المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بـــــين يـــــدي ســـــــورة



الصفحات : 1 [2]

أبوعدولي
17 -08- 2011, 08:44 PM
{وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (30)}: الْمُهِينِ: المُذِل
{مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا}: عَالِيًا: متكبّراً جبّاراً
{مِنَ الْمُسْرِفِينَ (31)}: مسرفاً في الكفر والإجرام
{وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (32)}: اصطفاهم الله على علم منه على أهل زمانهم
{وَآَتَيْنَاهُمْ مِنَ الآَيَاتِ مَا فِيهِ}: الآَيَاتِ: الحجج والبراهين
{بَلاءٌ مُبِينٌ (33)}: اختبار وامتحان ظاهر
{إِنَّ هَؤُلاءِ لَيَقُولُونَ (34) إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (35)}: بِمُنْشَرِينَ: بمبعوثين أحياء بعد الموت للحساب
{فَأْتُوا بِآَبَائِنَا}: أي أعيدوا لنا آباءنا أحياءاً بعد موتهم
{إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (36)}: فيما تقولون أن هناك بعثاً وجزاء بعد هذه الحياة
{أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ}: قَوْمُ تُبَّعٍ: أهل اليمن، وتُبّع لقب ملوك اليمن
{وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}: هم قوم عاد وثمود وغيرهم
{أَهْلَكْنَاهُمْ}: بسبب سوء أفعالهم
{إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (37)}: تعليل لإهلاك كل هؤلاء
{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ (38)}: لاعِبِينَ: أي عبثاً
{مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (39)}: لا يَعْلَمُونَ: لا يدركون أن من الحق إثابة المطيع على طاعته، ومجازاة العاصي على معصيته
{إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ}: يوم القيامة، وسُمي بذلك لأن الله يفصل فيه بين أهل الحق وأهل الباطل
{مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (40)}: أي وقت موعدهم جميعاً
{يَوْمَ لا يُغْنِي}: يوم لا ينفع، ولا يكفي عن غيره أو يقوم مقامه
{مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا}: مَوْلًى: من يتصل بالمرء بقرابة أو صداقة أو غيرهما
{وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (41)}: ولا ينصر بعضهم بعضا كما كانوا يفعلون في الدنيا
{إِلاَّ مَنْ رَحِمَ اللَّهُ}: أي إلا من استحق رحمة الله
{إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (42)}: فالله هو القوي الغالب لإعدائه، الرحيم بالمؤمنين الطائعين
{إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (43)}: هي شجرة ذات ثمر مُر تنبت بتهامة شُبهت بها الشجرة التي تنبت في مقر جهنّم
{طَعَامُ الأَثِيمِ (44)}: الأَثِيمِ: كثير الآثام، والمراد به الكافر لدلالة الآيات السابقة عليه
{كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45)}: الْمُهْلِ: هو المذاب من النحاس والحديد وغيرهما من المعادن، أو الزيت المغلي
{كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46)}: الْحَمِيمِ: الماء البالغ غاية الحرارة
{خُذُوهُ}: أي خذوا هذا الأثيم
{فَاعْتِلُوهُ}: فادفعوه وسوقوه بعنف وغلظة
{إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (47)}: إلى وسط جهنّم
{ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48)}: عَذَابِ الْحَمِيمِ: الماء الساخن الذي تناهى حرّه
{ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49)}: نزلت في أبي جهل حين قال: ما بين جبليها – أي مكّة – رجل أعز ولا أكرم منّي
{إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (50)}: تَمْتَرُونَ: تشكّون وترتابون
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51)}: مَقَامٍ أَمِينٍ: أي موضع إقامة أمِنوا فيه من كل هم وحزن ومصيبة
{فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (52)}: أي بساتين ناضرة، وعيون جارية
{يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ}: السُنْدُس هو الحرير الرقيق
{وَإِسْتَبْرَقٍ}: الإسْتَبْرَق هو الحرير السميك
{مُتَقَابِلِينَ (53)}: أي مقابل بعضهم البعض في الوجوه ليتم الأنس بينهم
{كَذَلِكَ}: أي هكذا بمثل هذا النعيم أكرمهم الله
{وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (54)}: الحور: جمع حوراء وهي المرأة النقيّة البياض التي يحار الطرف في حُسنها، و عين: جمع عيناء وهي الواسعة العينين
{يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آَمِنِينَ (55)}: أي يطلبون ويأمرون بإحضار كل ما يشتهونه من الفاكهة آمنين من انقطاع ذلك عنهم ونفاذه، وآمنين من كل أذى من تناولها
{لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ}: فِيهَا: أي في الجنّة
{إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى}: التي ذاقوها في الدنيا
{وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (56)}: وَقَاهُمْ: نجّاهم
{فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ}: أي تفضّلا يا محمّد من ربك عليهم وإحساناً منه إليهم
{ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (57)}: ذلك الظفر العظيم بما كانوا يطلبون نيله في الدنيا بأعمالهم الصالحة وطاعتهم لربهم
{فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (58)}: يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ: سهلنا قراءة القرآن بلغتك ولغة قومك ليفهموه ويتّعظوا بعظاته
{فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (59)}: فَارْتَقِبْ: فانتظر، ومعنى الآية: فانتظر يا محمد النصر على هؤلاء المشركين بالله، إنهم منتظرون قهرك وغلبتك.

قلب الوفا
17 -08- 2011, 08:44 PM
http://i22.servimg.com/u/f22/11/28/40/01/8e96e316.gif

^زائر^
17 -08- 2011, 08:46 PM
موضوع قيم يا ابو عدولي جزاك الله عنا كل الخير وبارك الله لك في ما تقدمه لاخوانك هنا

مثابره
17 -08- 2011, 10:26 PM
.
http://www.youtube.com/watch?v=tN4-bnWwpWg

جزاك الله الفردوس أخي ابوعدولي

ابن الطوال
17 -08- 2011, 10:45 PM
http://i22.servimg.com/u/f22/11/28/40/01/8e96e316.gif

أبوعدولي
18 -08- 2011, 08:33 PM
http://upload.7ozn.com/files17/13136711231.gif


http://forum.mn66.com/imgcache/2/439442women.gif (http://forum.mn66.com/t253844.html)
سبب التسمية :
سميت" ‏سورة ‏الفتح "‏لأن ‏الله ‏تعالى ‏بشّر ‏المؤمنين ‏بالفتح ‏المبين
‏‏" ‏إنا ‏فتحنا ‏لك ‏فتحا ‏مبينا ‏‏..‏‏. ‏‏" ‏الآيات‎‎‏


http://forum.mn66.com/imgcache/2/439442women.gif (http://forum.mn66.com/t253844.html)

التعريف بالسورة :

1) سورة مدنية .
2) من المثاني .
3) آياتها 29 . .
4) ترتيبها الثامنة والأربعون .
5) نزلت في الطريق عند الانصراف من الحديبية ،بعد سورة " الجمعة " .
6) بدأت السورة باسلوب توكيد " إنا فتحنا لك فتحا مبينا " .
7) الجزء "26" الحزب "51،52" الربع "4،5" .
http://forum.mn66.com/imgcache/2/439442women.gif (http://forum.mn66.com/t253844.html)
محور مواضيع السورة :
تعني السورة بجانب التشريع شأن سائر السور المدنية التي تعالج
الأسس التشريعية في المعاملات والعبادات والأخلاق والتوجيه .
http://forum.mn66.com/imgcache/2/439442women.gif (http://forum.mn66.com/t253844.html)
سبب نزول السورة :
1) عن أنس قال : لما رجعنا من غزوة الحديبية وقد حيل بيننا وبين نسكنا
فنحن بين الحزن والكآبة أنزل الله عز وجل : (إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا )
فقال رسول الله : ( لقد أُنْزِلَتْ عَليَّ آية هي أحب إليَّ من الدنيا وما فيها كلها )
وقال : عطاء عن ابن عباس:أن اليهود شمتوا بالنبي والمسلمين لما نزل قوله
( وَمَا أدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي ولاَ بِكُمْ ) وقالوا : كيف نتبع رجلا لا يدري ما يُفْعَلُ به ؟
فاشتد ذلك على النبي ؛ فأنزل الله تعالى (إنَّا فَتحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيغفرَ لَكَ
اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبكَ وَمَا تَأخَّرَ ) .
2) عن أنس قال : لما نزلت (إنَّا فَتحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيغفرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ
مِن ذَنبكَ وَمَا تَأخَّرَ ) :هنيئا لك يا رسول الله ما أعطاك الله فما لنا ؟
فأنزل الله تعالى ( لِيُدْخِلَ المُؤْمِنينَ وَالمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ) .
3) عن أنس أن ثمانين رجلا من أهل مكة هبطوا على رسول اللهمن جبل
التنعيم متسلحين يريدون غرة النبي وأصحابه فأخذهم اسرى فاستحياهم
فانزل الله تعالى ( وَهُوَ الَّذي كَفَّ أيْديهُمْ عَنْكُم وَأَيديكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّة
بَعْدَ أن أظْفَرَكُمْ عَلَيهِمْ ) وقال عبد الله بن مغفل الهوني: كنا مع رسول الله
بالحديبية في أصل الشجرة التي قال الله في القران فبينا نحن كذلك
إذ خرج علينا ثلاثون شابا عليهم السلاح فثاروا في وجوهنا فدعا عليهم
النبي فأخذ الله تعالى بأبصارهم وقمنا إليهم فأخذناهم فقال لهم رسول
الله : هل جئتم في عهد أحد ؟ وهل جعل لكم أحد أمانا ؟ قالوا :اللهم لا ،
فَخَلَّى سبيلهم فأنزل الله تعالى وهو الذي كفَّ أيديهم عنكم " الآية " .
http://forum.mn66.com/imgcache/2/439442women.gif (http://forum.mn66.com/t253844.html)
فضل السورة :
1) عن عبد الله بن مغفل قال : قرأ رسول اللهعام الفتح في مسيرة سورة
الفتح على راحلته فرجع فيها .
2) عن أبي بردة أن النبي قرأ في الصبح " إنا فتحنا لك فتحا مبينا " .
http://forum.mn66.com/imgcache/2/439442women.gif (http://forum.mn66.com/t253844.html)


تقبل الله الصيام والقيام وخالص الطاعات

أبوعدولي
18 -08- 2011, 08:37 PM
الحلقة الثامنة عشر بين يدي سورة الفتح على الرابط التالي :
http://samtah.net/vb/showthread.php?p=1351843#post1351843

ابن الطوال
18 -08- 2011, 09:53 PM
الف شكر لك
وجزاك ربي الفردوس الاعلى

نسايم ليل
18 -08- 2011, 10:31 PM
- تفسير سورة الفتح عدد آياتها 29 ( آية 1-29 (http://www.imadislam.com/tafsir/048_01.htm) )
وهي مدنية
{ 1-3 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا * وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا }
هذا الفتح المذكور هو صلح الحديبية، حين صد المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جاء معتمرا في قصة طويلة، صار آخر أمرها أن صالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على وضع الحرب بينه وبينهم عشر سنين، وعلى أن يعتمر من العام المقبل، وعلى أن من أراد أن يدخل في عهد قريش وحلفهم دخل، ومن أحب أن يدخل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعقده فعل.
وبسبب ذلك لما أمن الناس بعضهم بعضا، اتسعت دائرة الدعوة لدين الله عز وجل، وصار كل مؤمن بأي محل كان من تلك الأقطار، يتمكن من ذلك، وأمكن الحريص على الوقوف على حقيقة الإسلام، فدخل الناس في تلك المدة في دين الله أفواجا، فلذلك سماه الله فتحا، ووصفه بأنه فتح مبين أي: ظاهر جلي، وذلك لأن المقصود في فتح بلدان المشركين إعزاز دين الله، وانتصار المسلمين، وهذا حصل بذلك الفتح، ورتب الله على هذا الفتح عدة أمور، فقال: { لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ }
وذلك -والله أعلم- بسبب ما حصل بسببه من الطاعات الكثيرة، والدخول في الدين بكثرة، وبما تحمل صلى الله عليه وسلم من تلك الشروط التي لا يصبر عليها إلا أولو العزم من المرسلين، وهذا من أعظم مناقبه وكراماته صلى الله عليه وسلم، أن غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
{ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ } بإعزاز دينك، ونصرك على أعدائك، واتساع كلمتك، { وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا } تنال به السعادة الأبدية، والفلاح السرمدي.
{ وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا } أي: قويا لا يتضعضع فيه الإسلام، بل يحصل الانتصار التام، وقمع الكافرين، وذلهم ونقصهم، مع توفر قوى المسلمين ونموهم، ونمو أموالهم.
ثم ذكر آثار هذا الفتح على المؤمنين فقال:

{ 4-6 } { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا * وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا }
يخبر تعالى عن منته على المؤمنين بإنزال السكينة في قلوبهم، وهي السكون والطمأنينة، والثبات عند نزول المحن المقلقة، والأمور الصعبة، التي تشوش القلوب، وتزعج الألباب، وتضعف النفوس، فمن نعمة الله على عبده في هذه الحال أن يثبته ويربط على قلبه، وينزل عليه السكينة، ليتلقى هذه المشقات بقلب ثابت ونفس مطمئنة، فيستعد بذلك لإقامة أمر الله في هذه الحال، فيزداد بذلك إيمانه، ويتم إيقانه، فالصحابة رضي الله عنهم لما جرى ما جرى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركين، من تلك الشروط التي ظاهرها أنها غضاضة عليهم، وحط من أقدارهم، وتلك لا تكاد تصبر عليها النفوس، فلما صبروا عليها ووطنوا أنفسهم لها، ازدادوا بذلك إيمانا مع إيمانهم. وقوله: { وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } أي: جميعها في ملكه، وتحت تدبيره وقهره، فلا يظن المشركون أن الله لا ينصر دينه ونبيه، ولكنه تعالى عليم حكيم، فتقتضي حكمته المداولة بين الناس في الأيام، وتأخير نصر المؤمنين إلى وقت آخر.
{ لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ } فهذا أعظم ما يحصل للمؤمنين، أن يحصل لهم المرغوب المطلوب بدخول الجنات، ويزيل عنهم المحذور بتكفير السيئات. { وَكَانَ ذَلِكَ } الجزاء المذكور للمؤمنين { عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا } فهذا ما يفعل بالمؤمنين في ذلك الفتح المبين.
وأما المنافقون والمنافقات، والمشركون والمشركات، فإن الله يعذبهم بذلك، ويريهم ما يسوءهم؛ حيث كان مقصودهم خذلان المؤمنين، وظنوا بالله الظن السوء، أنه لا ينصر دينه، ولا يعلي كلمته، وأن أهل الباطل، ستكون لهم الدائرة على أهل الحق، فأدار الله عليهم ظنهم، وكانت دائرة السوء عليهم في الدنيا، { وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ } بما اقترفوه من المحادة لله ولرسوله، { وَلَعَنَهُمْ } أي: أبعدهم وأقصاهم عن رحمته { وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا }

{ 7 } { وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا }
كرر الإخبار بأن له ملك السماوات والأرض وما فيهما من الجنود، ليعلم العباد أنه تعالى هو المعز المذل، وأنه سينصر جنوده المنسوبة إليه، كما قال تعالى: { وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ } { وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا } أي: قويا غالبا، قاهرا لكل شيء، ومع عزته وقوته فهو حكيم في خلقه وتدبيره، يجري على ما تقتضيه حكمته وإتقانه.

{ 8-9 } { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا }
أي: { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ } أيها الرسول الكريم { شَاهِدًا } لأمتك بما فعلوه من خير وشر، وشاهدا على المقالات والمسائل، حقها وباطلها، وشاهدا لله تعالى بالوحدانية والانفراد بالكمال من كل وجه، { وَمُبَشِّرًا } من أطاعك وأطاع الله بالثواب الدنيوي والديني والأخروي، ومنذرا من عصى الله بالعقاب العاجل والآجل، ومن تمام البشارة والنذارة، بيان الأعمال والأخلاق التي يبشر بها وينذر، فهو المبين للخير والشر، والسعادة والشقاوة، والحق من الباطل، ولهذا رتب على ذلك قوله: { لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ }
أي: بسبب دعوة الرسول لكم، وتعليمه لكم ما ينفعكم، أرسلناه لتقوموا بالإيمان بالله ورسوله، المستلزم ذلك لطاعتهما في جميع الأمور.
{ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ } أي: تعزروا الرسول صلى الله عليه وسلم وتوقروه أي: تعظموه وتجلوه، وتقوموا بحقوقه، كما كانت له المنة العظيمة برقابكم، { وَتُسَبِّحُوهُ } أي: تسبحوا لله { بُكْرَةً وَأَصِيلًا } أول النهار وآخره، فذكر الله في هذه الآية الحق المشترك بين الله وبين رسوله، وهو الإيمان بهما، والمختص بالرسول، وهو التعزير والتوقير، والمختص بالله، وهو التسبيح له والتقديس بصلاة أو غيرها.
{ 10 } { إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا }
هذه المبايعة التي أشار الله إليها هي { بيعة الرضوان } التي بايع الصحابة رضي الله عنهم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، على أن لا يفروا عنه، فهي عقد خاص، من لوازمه أن لا يفروا، ولو لم يبق منهم إلا القليل، ولو كانوا في حال يجوز الفرار فيها، فأخبر تعالى: أن الذين بايعوك حقيقة الأمر أنهم { يُبَايِعُونَ اللَّهَ } ويعقدون العقد معه، حتى إنه من شدة تأكده أنه قال: { يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } أي: كأنهم بايعوا الله وصافحوه بتلك المبايعة، وكل هذا لزيادة التأكيد والتقوية، وحملهم على الوفاء بها، ولهذا قال: { فَمَنْ نَكَثَ } فلم يف بما عاهد الله عليه { فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ } أي: لأن وبال ذلك راجع إليه، وعقوبته واصلة له، { وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ } أي: أتى به كاملا موفرا، { فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا } لا يعلم عظمه وقدره إلا الذي آتاه إياه.

{ 11-13 } { سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا * بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا * وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا }
يذم تعالى المتخلفين عن رسوله، في الجهاد في سبيله، من الأعراب الذين ضعف إيمانهم، وكان في قلوبهم مرض، وسوء ظن بالله تعالى، وأنهم سيعتذرون بأن أموالهم وأهليهم شغلتهم عن الخروج في الجهاد، وأنهم طلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستغفر لهم، قال الله تعالى: { يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ } فإن طلبهم الاستغفار من رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على ندمهم وإقرارهم على أنفسهم بالذنب، وأنهم تخلفوا تخلفا يحتاج إلى توبة واستغفار، فلو كان هذا الذي في قلوبهم، لكان استغفار الرسول نافعا لهم، لأنهم قد تابوا وأنابوا، ولكن الذي في قلوبهم، أنهم إنما تخلفوا لأنهم ظنوا بالله ظن السوء.
فظنوا { أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا } أي: إنهم سيقتلون ويستأصلون، ولم يزل هذا الظن يزين في قلوبهم، ويطمئنون إليه، حتى استحكم، وسبب ذلك أمران:
أحدها: أنهم كانوا { قَوْمًا بُورًا } أي: هلكى، لا خير فيهم، فلو كان فيهم خير لم يكن هذا في قلوبهم.
الثاني: ضعف إيمانهم ويقينهم بوعد الله، ونصر دينه، وإعلاء كلمته، ولهذا قال: { وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ } أي: فإنه كافر مستحق للعقاب، { فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا }

{ 14 } { وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا }
أي: هو تعالى المنفرد بملك السماوات والأرض، يتصرف فيهما بما يشاء من الأحكام القدرية، والأحكام الشرعية، والأحكام الجزائية، ولهذا ذكر حكم الجزاء المرتب على الأحكام الشرعية، فقال: { يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ } وهو من قام بما أمره الله به { وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ } ممن تهاون بأمر الله، { وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } أي: وصفه اللازم الذي لا ينفك عنه المغفرة والرحمة، فلا يزال في جميع الأوقات يغفر للمذنبين، ويتجاوز عن الخطائين، ويتقبل توبة التائبين، وينزل خيره المدرار، آناء الليل والنهار.

{ 15 } { سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا }
لما ذكر تعالى المخلفين وذمهم، ذكر أن من عقوبتهم الدنيوية، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إذا انطلقوا إلى غنائم لا قتال فيها ليأخذوها، طلبوا منهم الصحبة والمشاركة، ويقولون: { ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ } بذلك { أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ } حيث حكم بعقوبتهم، واختصاص الصحابة المؤمنين بتلك الغنائم، شرعا وقدرا. { قُلْ } لهم { لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ } إنكم محرومون منها بما جنيتم على أنفسكم، وبما تركتم القتال أول مرة.
{ فَسَيَقُولُونَ } مجيبين لهذا الكلام، الذي منعوا به عن الخروج: { بَلْ تَحْسُدُونَنَا } على الغنائم، هذا منتهى علمهم في هذا الموضع، ولو فهموا رشدهم، لعلموا أن حرمانهم بسبب عصيانهم، وأن المعاصي لها عقوبات دنيوية ودينية، ولهذا قال: { بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا }
{ 16-17 } { قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا }
لما ذكر تعالى أن المخلفين من الأعراب يتخلفون عن الجهاد في سبيله، ويعتذرون بغير عذر، وأنهم يطلبون الخروج معهم إذا لم يكن شوكة ولا قتال، بل لمجرد الغنيمة، قال تعالى ممتحنا لهم: { قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ } أي: سيدعوكم الرسول ومن ناب منابه من الخلفاء الراشدين والأئمة، وهؤلاء القوم فارس والروم ومن نحا نحوهم وأشبههم. { تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ } أي: إما هذا وإما هذا، وهذا هو الأمر الواقع، فإنهم في حال قتالهم ومقاتلتهم لأولئك الأقوام، إذ كانت شدتهم وبأسهم معهم، فإنهم في تلك الحال لا يقبلون أن يبذلوا الجزية، بل إما أن يدخلوا في الإسلام، وإما أن يقاتلوا على ما هم عليه، فلما أثخنهم المسلمون، وضعفوا وذلوا، ذهب بأسهم، فصاروا إما أن يسلموا، وإما أن يبذلوا الجزية، { فَإِنْ تُطِيعُوا } الداعي لكم إلى قتال هؤلاء { يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا } وهو الأجر الذي رتبه الله ورسوله على الجهاد في سبيل الله، { وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ } عن قتال من دعاكم الرسول إلى قتاله، { يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } ودلت هذه الآية على فضيلة الخلفاء الراشدين، الداعين لجهاد أهل البأس من الناس، وأنه تجب طاعتهم في ذلك.
ثم ذكر الأعذار التي يعذر بها العبد عن الخروج إلى الجهاد، فقال: { لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ } أي: في التخلف عن الجهاد لعذرهم المانع.
{ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } في امتثال أمرهما، واجتناب نهيهما { يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } فيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، { وَمَنْ يَتَوَلَّ } عن طاعة الله ورسوله { يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا } فالسعادة كلها في طاعة الله، والشقاوة في معصيته ومخالفته.

{ 18-21 } { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا * وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا * وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا }
يخبر تعالى بفضله ورحمته، برضاه عن المؤمنين إذ يبايعون الرسول صلى الله عليه وسلم تلك المبايعة التي بيضت وجوههم، واكتسبوا بها سعادة الدنيا والآخرة، وكان سبب هذه البيعة -التي يقال لها "بيعة الرضوان" لرضا الله عن المؤمنين فيها، ويقال لها "بيعة أهل الشجرة" - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دار الكلام بينه وبين المشركين يوم الحديبية في شأن مجيئه، وأنه لم يجئ لقتال أحد، وإنما جاء زائرا هذا البيت، معظما له، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان لمكة في ذلك، فجاء خبر غير صادق، أن عثمان قتله المشركون، فجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم من معه من المؤمنين، وكانوا نحوا من ألف وخمسمائة، فبايعوه تحت شجرة على قتال المشركين، وأن لا يفروا حتى يموتوا، فأخبر تعالى أنه رضي عن المؤمنين في تلك الحال، التي هي من أكبر الطاعات وأجل القربات، { فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ } من الإيمان، { فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ } شكرا لهم على ما في قلوبهم، زادهم هدى، وعلم ما في قلوبهم من الجزع من تلك الشروط التي شرطها المشركون على رسوله، فأنزل عليهم السكينة تثبتهم، وتطمئن بها قلوبهم، { وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا } وهو: فتح خيبر، لم يحضره سوى أهل الحديبية، فاختصوا بخيبر وغنائمها، جزاءا لهم، وشكرا على ما فعلوه من طاعة الله تعالى والقيام بمرضاته.
{ وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا } أي: له العزة والقدرة، التي قهر بها الأشياء، فلو شاء لانتصر من الكفار في كل وقعة تكون بينهم وبين المؤمنين، ولكنه حكيم، يبتلي بعضهم ببعض، ويمتحن المؤمن بالكافر.
{ وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا } وهذا يشمل كل غنيمة غنمها المسلمين إلى يوم القيامة، { فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ } أي: غنيمة خيبر أي: فلا تحسبوها وحدها، بل ثم شيء كثير من الغنائم سيتبعها، { و } احمدوا الله إذ { كف أَيْدِي النَّاسِ } القادرين على قتالكم، الحريصين عليه { عَنْكُمْ } فهي نعمة، وتخفيف عنكم.
{ وَلِتَكُونَ } هذه الغنيمة { آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ } يستدلون بها على خبر الله الصادق، ووعده الحق، وثوابه للمؤمنين، وأن الذي قدرها سيقدر غيرها، { وَيَهْدِيَكُمْ } بما يقيض لكم من الأسباب { صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا } من العلم والإيمان والعمل.
{ وَأُخْرَى } أي: وعدكم أيضا غنيمة أخرى { لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا } وقت هذا الخطاب، { قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا } أي: هو قادر عليها، وتحت تدبيره وملكه، وقد وعدكموها، فلا بد من وقوع ما وعد به، لكمال اقتدار الله تعالى، ولهذا قال: { وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا }

{ 22-23 } { وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا }
هذه بشارة من الله لعباده المؤمنين، بنصرهم على أعدائهم الكافرين، وأنهم لو قابلوهم وقاتلوهم { لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا } يتولى أمرهم، { وَلَا نَصِيرًا } ينصرهم ويعينهم على قتالكم، بل هم مخذولون مغلوبون وهذه سنة الله في الأمم السابقة، أن جند الله هم الغالبون، { وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا }
{ 24-25 } { وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا * هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا }
يقول تعالى ممتنا على عباده بالعافية، من شر الكفار ومن قتالهم، فقال: { وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ } أي: أهل مكة { عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ } أي: من بعد ما قدرتم عليهم، وصاروا تحت ولايتكم بلا عقد ولا عهد، وهم نحو ثمانين رجلا، انحدروا على المسلمين ليصيبوا منهم غرة، فوجدوا المسلمين منتبهين فأمسكوهم، فتركوهم ولم يقتلوهم، رحمة من الله بالمؤمنين إذ لم يقتلوهم، { وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا } فيجازي كل عامل بعمله، ويدبركم أيها المؤمنون بتدبيره الحسن.
ثم ذكر تعالى الأمور المهيجة على قتال المشركين، وهي كفرهم بالله ورسوله، وصدهم رسول الله ومن معه من المؤمنين، أن يأتوا للبيت الحرام زائرين معظمين له بالحج والعمرة، وهم الذين أيضا صدوا { الهدي مَعْكُوفًا } أي: محبوسا { أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ } وهو محل ذبحه وهو مكة، فمنعوه من الوصول إليه ظلما وعدوانا، وكل هذه أمور موجبة وداعية إلى قتالهم، ولكن ثم مانع وهو: وجود رجال ونساء من أهل الإيمان بين أظهر المشركين، وليسوا متميزين بمحلة أو مكان يمكن أن لا ينالهم أذى، فلولا هؤلاء الرجال المؤمنون، والنساء المؤمنات، الذين لا يعلمهم المسلمون أن تطأوهم، أي: خشية أن تطأوهم { فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ } والمعرة: ما يدخل تحت قتالهم، من نيلهم بالأذى والمكروه، وفائدة أخروية، وهو: أنه ليدخل في رحمته من يشاء فيمن عليهم بالإيمان بعد الكفر، وبالهدى بعد الضلال، فيمنعكم من قتالهم لهذا السبب.
{ لَوْ تَزَيَّلُوا } أي: لو زالوا من بين أظهرهم { لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } بأن نبيح لكم قتالهم، ونأذن فيه، وننصركم عليهم.

{ 26 } { إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا }
يقول تعالى: { إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ } حيث أنفوا من كتابة { بسم الله الرحمن الرحيم } وأنفوا من دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين إليهم في تلك السنة، لئلا يقول الناس: { دخلوا مكة قاهرين لقريش } وهذه الأمور ونحوها من أمور الجاهلية، لم تزل في قلوبهم حتى أوجبت لهم ما أوجبت من كثير من المعاصي، { فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ } فلم يحملهم الغضب على مقابلة المشركين بما قابلوهم به، بل صبروا لحكم الله، والتزموا الشروط التي فيها تعظيم حرمات الله ولو كانت ما كانت، ولم يبالوا بقول القائلين، ولا لوم اللائمين.
{ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى } وهي { لا إله إلا الله } وحقوقها، ألزمهم القيام بها، فالتزموها وقاموا بها، { وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا } من غيرهم { و } كانوا { أهلها } الذين استأهلوها لما يعلم الله عندهم وفي قلوبهم من الخير، ولهذا قال: { وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا }

{ 27-28 } { لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا }
يقول تعالى: { لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ } وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في المدينة رؤيا أخبر بها أصحابه، أنهم سيدخلون مكة ويطوفون بالبيت، فلما جرى يوم الحديبية ما جرى، ورجعوا من غير دخول لمكة، كثر في ذلك الكلام منهم، حتى إنهم قالوا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ألم تخبرنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ فقال: " أخبرتكم أنه العام؟" قالوا: لا، قال: "فإنكم ستأتونه وتطوفون به" قال الله هنا: { لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ } أي: لا بد من وقوعها وصدقها، ولا يقدح في ذلك تأخر تأويلها، { لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ } أي: في هذه الحال المقتضية لتعظيم هذا البيت الحرام، وأدائكم للنسك، وتكميله بالحلق والتقصير، وعدم الخوف، { فَعَلِمَ } من المصلحة والمنافع { مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ } الدخول بتلك الصفة { فَتْحًا قَرِيبًا }
ولما كانت هذه الواقعة مما تشوشت بها قلوب بعض المؤمنين، وخفيت عليهم حكمتها، فبين تعالى حكمتها ومنفعتها، وهكذا سائر أحكامه الشرعية، فإنها كلها، هدى ورحمة.
أخبر بحكم عام، فقال: { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى } الذي هو العلم النافع، الذي يهدي من الضلالة، ويبين طرق الخير والشر.
{ وَدِينِ الْحَقِّ } أي: الدين الموصوف بالحق، وهو العدل والإحسان والرحمة.
وهو كل عمل صالح مزك للقلوب، مطهر للنفوس، مرب للأخلاق، معل للأقدار.
{ لِيُظْهِرَهُ } بما بعثه الله به { عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ } بالحجة والبرهان، ويكون داعيا لإخضاعهم بالسيف والسنان.
{ 29 } { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا }
يخبر تعالى عن رسوله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المهاجرين والأنصار، أنهم بأكمل الصفات، وأجل الأحوال، وأنهم { أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ } أي: جادون ومجتهدون في عداوتهم، وساعون في ذلك بغاية جهدهم، فلم يروا منهم إلا الغلظة والشدة، فلذلك ذل أعداؤهم لهم، وانكسروا، وقهرهم المسلمون، { رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ } أي: متحابون متراحمون متعاطفون، كالجسد الواحد، يحب أحدهم لأخيه ما يحب لنفسه، هذه معاملتهم مع الخلق، وأما معاملتهم مع الخالق فإنك { تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا } أي: وصفهم كثرة الصلاة، التي أجل أركانها الركوع والسجود.
{ يَبْتَغُونَ } بتلك العبادة { فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا } أي: هذا مقصودهم بلوغ رضا ربهم، والوصول إلى ثوابه.
{ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ } أي: قد أثرت العبادة -من كثرتها وحسنها- في وجوههم، حتى استنارت، لما استنارت بالصلاة بواطنهم، استنارت [بالجلال] ظواهرهم.
{ ذَلِكَ } المذكور { مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ } أي: هذا وصفهم الذي وصفهم الله به، مذكور بالتوراة هكذا.
وأما مثلهم في الإنجيل، فإنهم موصوفون بوصف آخر، وأنهم في كمالهم وتعاونهم { كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ } أي: أخرج فراخه، فوازرته فراخه في الشباب والاستواء.
{ فَاسْتَغْلَظَ } ذلك الزرع أي: قوي وغلظ { فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ } جمع ساق، { يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ } من كماله واستوائه، وحسنه واعتداله، كذلك الصحابة رضي الله عنهم، هم كالزرع في نفعهم للخلق واحتياج الناس إليهم، فقوة إيمانهم وأعمالهم بمنزلة قوة عروق الزرع وسوقه، وكون الصغير والمتأخر إسلامه، قد لحق الكبير السابق ووازره وعاونه على ما هو عليه، من إقامة دين الله والدعوة إليه، كالزرع الذي أخرج شطأه، فآزره فاستغلظ، ولهذا قال: { لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ } حين يرون اجتماعهم وشدتهم على دينهم، وحين يتصادمون هم وهم في معارك النزال، ومعامع القتال.
{ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا } فالصحابة رضي الله عنهم، الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح، قد جمع الله لهم بين المغفرة، التي من لوازمها وقاية شرور الدنيا والآخرة، والأجر العظيم في الدنيا والآخرة.
ولنسق قصة الحديبية بطولها، كما ساقها الإمام شمس الدين ابن القيم في { الهدي النبوي } فإن فيها إعانة على فهم هذه السورة، وتكلم على معانيها وأسرارها، قال -رحمه الله تعالى:-


فصل في قصة الحديبية
قال نافع: كانت سنة ست في ذي القعدة، وهذا هو الصحيح، وهو قول الزهري، وقتادة، وموسى بن عقبة، ومحمد بن إسحاق وغيرهم.
وقال هشام بن عروة، عن أبيه: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية في رمضان، وكانت في شوال، وهذا وهم، وإنما كانت غزاة الفتح في رمضان. قال أبو الأسود عن عروة: إنها كانت في ذي القعدة على الصواب.
وفي الصحيحين عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر، كلهن في ذي القعدة، فذكر منهن عمرة الحديبية، وكان معه ألف وخمسمائة، هكذا في الصحيحين عن جابر، وعنه فيهما: كانوا ألفا وأربعمائة، وفيهما، عن عبد الله بن أبي أوفى: كنا ألفا وثلاثمائة، قال قتادة: قلت لسعيد بن المسيب: كم كان الجماعة الذين شهدوا بيعة الرضوان؟ قال: خمس عشرة مائة، قال: قلت: فإن جابر بن عبد الله قال: كانوا أربع عشرة مائة، قال: يرحمه الله وهم، وهو حدثني أنهم كانوا خمس عشرة مائة، قلت: وقد صح عن جابر القولان، وصح عنه أنهم نحروا عام الحديبية سبعين بدنة، البدنة عن سبعة، فقيل له: كم كنتم؟ قال: ألفا وأربعمائة، بخيلنا ورجلنا، يعني: فارسهم وراجلهم.
والقلب إلى هذا أميل، وهو قول البراء بن عازب، ومعقل بن يسار، وسلمة بن الأكوع، في أصح الروايتين، وقول المسيب بن حزن، قال شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن أبيه: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة ألفا وأربعمائة، وغلط غلطا بينا من قال: كانوا سبعمائة، وعذره أنهم نحروا يومئذ سبعين بدنة، والبدنة قد جاء إجزاؤها عن سبعة أو عشرة، وهذا لا يدل على ما قاله هذا القائل، فإنه قد صرح بأن البدنة كانت في هذه الغزوة عن سبعة، فلو كانت السبعون عن جميعهم، لكانوا أربعمائة وتسعين رجلا، وقد قال بتمام الحديث بعينه، أنهم كانوا ألفا وأربعمائة.


فصل
فلما كانوا بذي الحليفة، قلد رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدي وأشعره، وأحرم بالعمرة، وبعث عينا له بين يديه من خزاعة، يخبره عن قريش، حتى إذا كانوا قريبا من عسفان، أتاه عينه، فقال: إني قد تركت كعب بن لؤي، قد جمعوا لك الأحابيش، وجمعوا لك جموعا، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت.
واستشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه: أترون أن نميل إلى ذراري هؤلاء الذين أعانوهم فنصيبهم، فإن قعدوا قعدوا موتورين محزونين، وإن نجوا تكن عنقا قطعها الله، أم ترون أن نؤم البيت؟ فمن صدنا عنه قاتلناه؟ قال أبو بكر: الله ورسوله أعلم، إنما جئنا معتمرين، ولم نجئ لقتال أحد، ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فروحوا إذا" فراحوا، حتى إذا كانوا ببعض الطريق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش، فخذوا ذات اليمين" ، فوالله ما شعر بهم خالد، حتى إذا هو بغبرة الجيش، فانطلق يركض نذيرا لقريش.
وسار النبي صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها، بركت راحلته، فقال الناس: حل حل، فألحت، فقالوا: خلأت القصواء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما خلأت القصواء، وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل" ثم قال: "والذي نفسي بيده، لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتموها" ثم زجرها، فوثبت به، فعدل حتى نزل بأقصى الحديبية، على ثمد قليل الماء، إنما يتبرضه الناس تبرضا، فلم يلبث الناس أن نزحوه، فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش.
فانتزع سهما من كنانته، ثم أمرهم أن يجعلوها فيه، قال: فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنها، وفزعت قريش لنزوله عليهم، فأحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليهم رجلا من أصحابه، فدعا عمر بن الخطاب ليبعثه إليهم، فقال: يا رسول الله، ليس بمكة أحد من بني كعب يغضب لي، إن أوذيت، فأرسل عثمان بن عفان، فإن عشيرته بها، وإنه مبلغ ما أردت.
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان، فأرسله إلى قريش، وقال: "أخبرهم أنا لم نأت لقتال، إنما جئنا عمارا، وادعهم إلى الإسلام"
وأمره أن يأتي رجالا بمكة مؤمنين، ونساء مؤمنات، فيدخل عليهم ويبشرهم بالفتح، ويخبرهم أن الله عز وجل مظهر دينه بمكة، حتى لا يستخفى فيها بالإيمان، فانطلق عثمان، فمر على قريش ببلدح، فقالوا: أين تريد؟ فقال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أدعوكم إلى الله وإلى الإسلام، ونخبركم أنا لم نأت لقتال، وإنما جئنا عمارا، قالوا: قد سمعنا ما تقول، فانفذ لحاجتك.
وقام إليه أبان بن سعيد بن العاص، فرحب به، وأسرج فرسه، فحمل عثمان على الفرس، فأجاره، وأردفه أبان حتى جاء مكة، وقال المسلمون قبل أن يرجع عثمان: خلص عثمان قبلنا إلى البيت وطاف به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أظنه طاف بالبيت ونحن محصورون" فقالوا: وما يمنعه يا رسول الله وقد خلص؟ قال: "ذاك ظني به، أن لا يطوف بالكعبة حتى نطوف معه" واختلط المسلمون بالمشركين في أمر الصلح، فرمى رجل من أحد الفريقين رجلا من الفريق الآخر، وكانت معركة، وتراموا بالنبل والحجارة، وصاح الفريقان كلاهما، وارتهن كل واحد من الفريقين بمن فيهم، وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عثمان قد قتل، فدعا إلى البيعة.
فثار المسلمون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو تحت الشجرة، فبايعوه على أن لا يفروا، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد نفسه، وقال: "هذه عن عثمان" ولما تمت البيعة، رجع عثمان، فقال له المسلمون: اشتفيت يا أبا عبد الله من الطواف بالبيت، فقال: بئسما ظننتم بي، والذي نفسي بيده، لو مكثت بها سنة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم، مقيم بالحديبية، ما طفت بها حتى يطوف بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد دعتني قريش إلى الطواف بالبيت فأبيت، فقال المسلمون: رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان أعلمنا بالله، وأحسننا ظنا.
وكان عمر أخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم للبيعة تحت الشجرة، فبايعه المسلمون كلهم إلا الجد ابن قيس، وكان معقل بن يسار، أخذ بغصنها يرفعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أول من بايعه، أبو سنان الأسدي، وبايعه سلمة بن الأكوع ثلاث مرات، في أول الناس، وأوسطهم، وآخرهم.
فبينما هم كذلك، إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي، في نفر من خزاعة، وكانوا عيبة نصح لرسول الله صلى الله عليه وسلم، من أهل تهامة، فقال: إني تركت كعب بن لؤي، وعامر بن لؤي، نزلوا أعداد مياه الحديبية، معهم العوذ المطافيل، وهم مقاتلوك، وصادوك عن البيت.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنا لم نجئ لقتال أحد، ولكن جئنا معتمرين، وإن قريشا قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم، فإن شاءوا أماددهم ويخلوا بيني وبين الناس، وإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا فقد جموا، وإن أبوا إلا القتال، فوالذي نفسي بيده، لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي، أو لينفذن الله أمره" قال بديل: سأبلغهم ما تقول.
فانطلق حتى أتى قريشا، فقال: إني قد جئتكم من عند هذا الرجل، وسمعته يقول قولا، فإن شئتم عرضته عليكم، فقال سفهاؤهم: لا حاجة لنا أن تحدثنا عنه بشيء، وقال ذوو الرأي: منهم: هات ما سمعته، قال: سمعته يقول كذا وكذا، فقال عروة بن مسعود الثقفي: إن هذا قد عرض عليكم خطة رشد، فاقبلوها، ودعوني آته، فقالوا: ائته، فأتاه، فجعل يكلمه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم نحوا من قوله لبديل، فقال له عروة عند ذلك: أي: محمد، أرأيت لو استأصلت قومك، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك؟ وإن تكن الأخرى، فوالله إني لأرى وجوها، وأرى أوباشا من الناس، خليقا أن يفروا ويدعوك، فقال له أبو بكر: امصص بظر اللات، أنحن نفر عنه وندعه؟ قال: من ذا؟ قال: أبو بكر، قال: أما والذي نفسي بيده، لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها، لأجبتك.
وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم، وكلما كلمه أخذ بلحيته، والمغيرة بن شعبة على رأس النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه السيف، وعليه المغفر فكلما أهوى عروة إلى لحية النبي صلى الله عليه وسلم، ضرب يده بنعل السيف، وقال: أخر يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرفع عروة رأسه، وقال: من ذا؟ قال: المغيرة بن شعبة، فقال: أي: غدر، أولست أسعى في غدرتك؟ وكان المغيرة صحب قوما في الجاهلية، فقتلهم وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أما الإسلام فأقبل، وأما المال فلست منه في شيء"
ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوالله إن تنخم النبي صلى الله عليه وسلم نخامة، إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها جلده ووجهه.
وإذا أمرهم ابتدروا إلى أمره، وإذا توضأ، كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم، خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر، تعظيما له.
فرجع عروة إلى أصحابه، فقال: أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك، على كسرى، وقيصر، والنجاشي، والله ما رأيت ملكا يعظمه أصحابه، ما يعظم أصحاب محمد محمدا، والله ما تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم، خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيما له، وقد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها.
فقال رجل من بني كنانة: دعوني آته، فقالوا: ائته.
فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا فلان، وهو من قوم يعظمون البدن فابعثوها له" فبعثوها فاستقبله القوم يلبون، فلما رأى ذلك، قال: سبحان الله، لا ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت.
فرجع إلى أصحابه، فقال: رأيت البدن قد قلدت وأشعرت، وما أرى أن يصدوا عن البيت فقام مكرز بن حفص، وقال: دعوني آته، فقالوا: ائته، فلما أشرف عليهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "هذا مكرز بن حفص، وهو رجل فاجر" فجعل يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينا هو يكلمه، إذ جاء سهيل بن عمرو، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "قد سهل لكم من أمركم" فقال: هات، اكتب بيننا وبينك كتابا، فدعا الكاتب، فقال: "اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم" فقال سهيل: أما الرحمن، فوالله ما ندري ما هو، ولكن اكتب: "باسمك اللهم" كما كنت تكتب، فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اكتب باسمك اللهم"
ثم قال: "اكتب: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله " فقال سهيل: فوالله لو نعلم أنك رسول الله، ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب: محمد بن عبد الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إني رسول الله وإن كذبتموني، اكتب: محمد بن عبد الله " فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به" فقال سهيل: والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة، ولكن لك من العام المقبل، فكتب.
فقال سهيل: على أن لا يأتيك منا رجل، وإن كان على دينك، إلا رددته علينا.
فقال المسلمون: سبحان الله، كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما؟
فبينما هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهيل يرسف في قيوده، قد خرج من أسفل مكة، حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمد أول ما قاضيتك عليه، أن ترده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنا لم نقض الكتاب بعد" فقال: فوالله إذا لا أصالحك على شيء أبدا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فأجزه لي" فقال: ما أنا بمجيزه، فقال: "بلى فافعل" قال: ما أنا بفاعل، قال مكرز: قد أجزناه.
فقال أبو جندل: يا معشر المسلمين، أرد إلى المشركين وقد جئت مسلما، ألا ترون ما لقيت؟ وكان قد عذب في الله عذابا شديدا.
قال عمر بن الخطاب: والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله ألست نبي الله؟ قال: "بلى" قلت: ألسنا على الحق، وعدونا على الباطل؟ قال: "بلى" فقلت: علام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبين أعدائنا؟ فقال: "إني رسول الله، وهو ناصري، ولست أعصيه" قلت: أولست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: "بلى، أفأخبرتك أنك تأتيه العام؟" قلت: لا، قال: "فإنك آتيه ومطوف به"
قال: فأتيت أبا بكر، فقلت له كما قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ورد عليه أبو بكر كما رد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء، وزاد: فاستمسك بغرزه حتى تموت، فوالله إنه لعلى الحق، قال عمر: فعملت لذلك أعمالا.
فلما فرغ من قضية الكتاب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قوموا وانحروا، ثم احلقوا" فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد، قام فدخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت: يا رسول الله أتحب ذلك؟ اخرج، ثم لا تكلم أحدا كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلق لك، فقام فخرج، فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك، نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأى الناس ذلك، قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما، ثم جاءت نسوة مؤمنات، فأنزل الله عز وجل: { إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ } حتى بلغ { بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ } فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك، فتزوج إحداهما معاوية، والأخرى صفوان بن أمية، ثم رجع إلى المدينة.
وفي مرجعه أنزل الله عليه: { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا } إلى آخرها، فقال عمر: أفتح هو يا رسول الله؟ فقال: "نعم" فقال الصحابة: هنيئا لك يا رسول الله، فما لنا؟
فأنزل الله عز وجل: { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ }
الآية. انتهى.
وهذا آخر تفسير سورة الفتح ولله الحمد والمنة
[وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، نقلته من خط المفسر رحمه الله وعفا عنه، وكان الفراغ من كتابته في 13 ذي الحجة 1345 وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين آمين.
بقلم الفقير إلى ربه سليمان بن حمد العبد الله البسام. غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين آمين. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات]
المجلد الثامن من تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان من به الله على عبده وابن عبده وابن أمته عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله بن سعدي

نسايم ليل
18 -08- 2011, 10:32 PM
http://www.youtube.com/watch?v=YQFApBDK9ew

نسايم ليل
18 -08- 2011, 10:34 PM
http://www.youtube.com/watch?v=VgNgPPqp1ww

نسايم ليل
18 -08- 2011, 10:35 PM
http://www.youtube.com/watch?v=KD0n3lYD280

أبوعدولي
19 -08- 2011, 08:16 PM
http://upload.7ozn.com/files17/13137737671.gif


http://www.al-wed.com/pic-vb/19.gif (http://forum.jro7i.com/t1113.html)
سبب التسمية :
سميت ‏بهذا ‏الاسم ‏لأنها ‏تناولت ‏أحكام ‏‏" ‏ صلاة ‏الجمعة ‏‏" ‏فدعت ‏المؤمنين ‏إلى
‏المسارعة ‏لأداء ‏الصلاة ‏‏، ‏وحرمت ‏عليهم ‏البيع ‏وقت ‏الأذان ‏‏، ‏ووقت ‏النداء ‏لها
‏وختمت ‏بالتحذير ‏من ‏الانشغال ‏عن ‏الصلاة ‏بالتجارة ‏وغيرها‎
http://www.al-wed.com/pic-vb/19.gif (http://forum.jro7i.com/t1113.html) .‎‏
التعريف بالسورة :
1) سورة مدنية .
2) من المفصل .
3) آياتها 11 .
4) ترتيبها الثانية والستون .
5) نزلت بعد الصف .
6) بدأت بفعل مضارع " يسبح " وهو أحد أساليب الثناء .
7) الجزء ( 28 ) الحزب ( 56 ) الربع ( 5 ) .
http://www.al-wed.com/pic-vb/19.gif (http://forum.jro7i.com/t1113.html)
محور مواضيع السورة :
تتناول السورة جانب التشريع والمحور الذي تدور عليه السورة بيان
أحكام " صلاة الجمعة " التي فرضها الله على المؤمنين .
http://www.al-wed.com/pic-vb/19.gif (http://forum.jro7i.com/t1113.html)
سبب نزول السورة :
عن جابر بن عبد الرحمن قال كان رسول الله يخطب يوم الجمعة إذا
اقبلت عير قد قدمت فخرجوا إليها حتى لم يبق معه لا اثنا عشر رجلا
فأنزل الله تبارك وتعالى( وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك
قائما) رواه البخاري عن حفص بن عمر عن خالد بن عبد الله عن حصين .
http://www.al-wed.com/pic-vb/19.gif (http://forum.jro7i.com/t1113.html)
فضل السورة :
أن النبي كان يقرأ في الجمعة سورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون .( رواه الترمذي)
http://www.al-wed.com/pic-vb/19.gif (http://forum.jro7i.com/t1113.html)
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

أبوعدولي
19 -08- 2011, 08:19 PM
الحلقة التاسعة عشر بين يدي سورة الجمعة على الرابط التالي :
http://samtah.net/vb/showthread.php?p=1352803#post1352803

ميدوزة الأورليا
19 -08- 2011, 08:33 PM
http://www.youtube.com/watch?v=H-w7tXedCtA

abdu ati
20 -08- 2011, 03:07 AM
اللهم اجعل القران ربيع قلوبنا

qmr
20 -08- 2011, 03:36 AM
http://up.3dlat.com/uploads/12887423065.gif

ضياء القمر
20 -08- 2011, 08:38 AM
جزاك الله ألف خير وجعله الله في ميزان حسناتك وجعله الله شاهدا لك يوم القيامه.

ضياء القمر
20 -08- 2011, 08:41 AM
اللهم أفتح لنا أبواب رحمتك وأغفر لنا ذنوبنا ما ظهر منها وما بطن بارك الله فيكم وجعلها الله في ميزان حسناتكم.

أبو نوف
20 -08- 2011, 01:09 PM
بارك الله فيك ابو عدولي .. اسأل الله لك الأجر والثواب نظير ما تقوم به من فائدة تعم الجميع ؛؛

مثابره
20 -08- 2011, 02:07 PM
هذه السورة المباركة تتوجّه إلى الأمة العربية في زمن الرسول صلّى الله عليه وسلّم بأن الله سبحانه وتعالى شملها بفضله، وأكرمها بمنته حين إختار رسوله محمداً صلّى الله عليه وسلّم منها ليعلمهم الكتاب والحكمة بعد أن كانوا في ضلال مبين، وإن هذا الإختيار يقتضي من هذه الأمة العرفان والشكر لله، كما يقتضي أن تقوم بحمل الأمانة والتكاليف التي يطلبها الله منها ... الحمد لله على نعمة الإيمان، والحمد لله على نعمة الإسلام ، والحمد لله على كل ما يستوجب الحمد والشكر والعرفان.

مثابره
20 -08- 2011, 02:11 PM
{مختصر تفسير سورة الجمعة }



بسم الله الرحمن الرحيم


{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} : يُسَبِّحُ لِلَّهِ: يمجّد الله ويُعظّمه وينزّهه عمّا لا يليق به
{الْمَلِكِ} : المالك لكل شئ
{الْقُدُّوسِ} : من أسماء الله تعالى، وهو الطّاهر المنزّه عن النقائص
{الْعَزِيزِ} : القوي الغالب
{الْحَكِيمِ (1)} : ذو الحكمة البالغة
{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ} : الأُمِّيِّينَ: هم العرب في عصر النبي صلّى الله عليه وسلّم الذين كان أكثرهم لا يقرأ ولا يكتب
{رَسُولاً مِنْهُمْ} : هو محمّد صلّى الله عليه وسلّم
{يَتْلُو عَلَيْهِمْ} : يقرأ عليهم
{آَيَاتِهِ} : آيات القرآن الكريم
{وَيُزَكِّيهِمْ} : يطهرهم من أدناس الجاهلية والكفر
{وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ} : الْكِتَابَ: القرآن الكريم
{وَالْحِكْمَةَ} : السّنة وفهم الدّين
{وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ} : مِنْ قَبْلُ: قبل البعثة
{لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (2)} : مُبِينٍ: واضح
{وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ} : كل لاحق بأصحاب النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - بإسلامهم من أي الأجناس كانوا
{لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)} : لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ : لم يُدركوا عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم ولا عهد صحابته وسيجيئون بعدهم
{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4)} : المعنى: أن النبوّة فضل من الله يعطيها من يشاء ويختار من عباده من يؤهله لتحمّل هذه الرسالة
{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ} : حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ: أوتوا التوراة وكُلّفوا العمل بما فيها وهم اليهود
{ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا} : لم يعملوا بتعاليمها
{كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} : أَسْفَارًا: جمع "سفر" وهو الكتاب الضّخم
{بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5)} : بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ: ساء هذا المثل الذي ضربه الله لهؤلاء اليهود
{قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا} : هَادُوا: دانوا باليهودية
{إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ} : أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ: أصفياء الله وأحبّاؤه
{فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (6)} : في دعوى حُب الله لهم
{وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا} : المقصود به الموت
{بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (7)} : بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ: بسبب ما ارتكبوا من الذنوب والآثام
{قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ} : تَفِرُّونَ: تهربون
{ثُمَّ تُرَدُّونَ} : ثم ترجعون
{إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} : إلى الله العالم بما يغيب عن حواس النّاس وبصائرهم وما يشهدون بها
{فَيُنَبِّئُكُمْ} : فيخبركم
{بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8)} : في الدنيا
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} : أذّن المؤذّن لصلاة الجمعة
{فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} :فامضوا واذهبوا إلى الخطبة والصلاة
{وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9)} : ذَرُوا: اتركوا
{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ} : إذا فرغتم منها
{فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ} : تفرّقوا طلباً لقضاء حوائجكم
{وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} : اطلبوا الرزق الذي تفضّل الله به عليكم
{وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10)} : تُفْلِحُونَ: تفوزون
{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} : انْفَضُّوا: تفرّقوا عنك قاصدين إليها
{وَتَرَكُوكَ} : الخطاب لسيدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم
{قَائِمًا} : على المنبر تخطب خطبة الجمعة
{قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)} : مَا عِنْدَ اللَّهِ: أي من ثواب الصّلاة


.

قلب الوفا
20 -08- 2011, 05:26 PM
http://www.munasbh.com/upload/uploads/images/0569944524-3d34889306.gif

أبوعدولي
20 -08- 2011, 08:23 PM
http://upload.7ozn.com/files17/13138606071.gif


http://up.3dlat.com/uploads/12877912789.gif (http://up.3dlat.com/)
التعريف بالسورة :
1) السورة مكية .
2) من المفصل .
3) آياتها 96 .
4) ترتيبها السادسة والخمسون .
5) نزلت بعد طه .
6) بدأت السورة باسلوب شرط " اذا وقعت الواقعة " ، لم يذكر في السورة
لفظ الجلالة و الواقعة اسم من أسماء يوم القيامة .
7) الجزء ( 27 ) ، الحزب (54 ) ، الربع (6 ، 7) .
http://up.3dlat.com/uploads/12877912789.gif (http://up.3dlat.com/)
محور مواضيع السورة :
تشتمل هذه السورة الكريمة على أحوال يوم القيامة ، وما يكون بين يدي
الساعة من أهوال وانقسام الناس إلى ثلاث طوائف ( أصحاب اليمين ،
أصحاب الشمال ، السابقون ) .
http://up.3dlat.com/uploads/12877912789.gif (http://up.3dlat.com/)
سبب نزول السورة :
1) بسم الله الرحمن الرحيم قوله تعالى ( في سِدْرٍ مَخْضُودٍ ) قال أبو العالية
والضحاك : نظر المسلمون إلى فوج ـ وهو الوادي مخصب بالطائف ـ فأعجبهم
سدره فقالوا : يا ليت لنا مثل هذا فأنزل الله ـ تعالى ـ هذه الآية .
2) قال عروة بن رويم لما أنزل الله تعالى ( ثلة من الأولين وقليل من الآخرين )
بكى عمر وقال : يا رسول الله آمنا بك وصدقناك ، ومع هذا كله من ينجو منا
قليل فأنزل الله تعالى (ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) ، فدعا رسول الله عمر
فقال : يا عمر بن الخطاب قد أنزل الله فيما قلت فجعل ثلة من الأولين وثلة من
الآخرين ، فقال عمر : رضينا عن ربنا وتصديق نبينا ، فقال رسول الله :
من آدم إلينا ثلة ، ومنى إلى يوم القيامة ثلة ، ولا يستتمها إلا سودان من
رعاة الإبل ممن قال لا إله إلا الله.
3) عن ابن عباس قال : مُطِر الناس على عهد رسول الله فقال رسول الله :
أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر . قالوا : هذه رحمة وضعها الله تعالى .
وقال بعضهم : لقد صدق نوء كذا . فنزلت هذه الآيات ( فَلا أُقْسِمُ بمَوَاقِعِ
النُّجُومِ حَتَّى بَلَغَ وَتجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ) رواه ( مسلم ) .
4) وروى أن النبي خرج في سفر فنزلوا وأصابهم العطش ، وليس معهم
ماء فذكروا ذلك للنبي فقال أرأيتم إن دعوت لكم فسقيتم فلعلكم تقولون
" سقينا هذا المطر بنوء كذا " فقالوا : يا رسول ما هذا بحين الأنواء . قال :
فصلى ركعتين ودعا الله ـ تبارك وتعالى ـ فهاجت ريح ثم هاجت سحابة
فَمُطِرُوا حتى سالت الأودية وملؤا الأسقية ، ثم مر رسول الله برجل يغترف
بقح له ويقول : سقينا بنوء كذا ، ولم يقل هذا من رزق الله ـ سبحانه ـ فأنزل
الله سبحانه ( وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ) .
5) عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : ألم تروا إلى ما قال ربكم
" قال ما نعمت على عبادي من نعمة إلا أصبح فريق بها كافرين يقول
الكوكب وبالكوكب " . رواه مسلم عن حرملة وعمرو بن سواد .
http://up.3dlat.com/uploads/12877912789.gif (http://up.3dlat.com/)
فضل السورة :
1) عن ابن مسعود سمعت رسول اللهيقول : " من قرأ سورة الواقعة كل
ليلة لم تصبه فاقة أبدا " ابن عساكر .
2) عن أنس قال رسول الله: ( علموا نساءكم سورة الواقعة فإنها سورة الغنى ) .
3) عن جابر بن سمرة قال : كان رسول الله يقرأ في الفجر الواقعة ونحوها من السور .
http://up.3dlat.com/uploads/12877912789.gif (http://up.3dlat.com/)
خواتم مباركه

أبوعدولي
20 -08- 2011, 08:26 PM
الحلقة العشرون بين يدي سورة الواقعة على الرابط التالي :
http://samtah.net/vb/showthread.php?p=1353719#post1353719

ميدوزة الأورليا
20 -08- 2011, 08:34 PM
http://www.youtube.com/watch?v=HRCfHPAmO1M

أبوعدولي
21 -08- 2011, 08:13 PM
http://upload.7ozn.com/files17/13139264511.gif


http://www.mamarocks.com/so32.gif
سبب التسمية :
سُميت ‏السورة ‏‏" ‏سورة ‏الصافات ‏‏" ‏تذكيرا ‏للعباد ‏بالملأ ‏الأعلى
‏من ‏الملائكة ‏الأطهار ‏الذين ‏لا ‏ينفكون ‏عن ‏طاعة ‏الله ‏وعبادته ‏‏
" ‏يسبحون ‏الليل ‏والنهار ‏لا ‏يفترون ‏‏" ‏وبيان ‏وظائفهم ‏التي كُلِّفوا ‏بها ‏‏.
http://www.mamarocks.com/so32.gif
التعريف بالسورة :
1) مكية .
2) من المئين .
3) آياتها 182 .
4) ترتيبها السابعة والثلاثون .
5) نزلت بعد الأنعام .
6) بدأت السورة بالقسم بجموع الملائكة " والصافات ".
7) الجزء "23" الحزب "45،46" الربع "2،3،4،5" .
http://www.mamarocks.com/so32.gif
محور مواضيع السورة :
سورة الصافات من السور المكية التي تعني بأصول
العقيدة الإسلامية "التوحيد والوحي والبعث والجزاء
" شأنها كشأن سائر السورة المكية التي تهدف إلى
تثبيت دعائم الإيمان .
http://www.mamarocks.com/so32.gif
فضل السورة :
1) أخرج النسائي والبيهقي في سننه عن ابن عمر قال :
كان رسول اللهيأمرنا بالتخفيف ويؤمنا بالصافات .
2) عن ابن عباس قال: قال رسول الله :" من قرأ يس والصافات
يوم الجمعة ثم سأل الله أعطاه سؤله "
http://www.mamarocks.com/so32.gif
سبب النزول :
أخرج ابن جرير عن قتادة قال قال أبو جهل زعم صاحبكم هذا أن في النار شجرة والنار تأكل الشجر وإنا والله ما نعلم الزقوم إلا التمر والزبد فأنزل الله حين عجبوا أن يكون في النار شجرة ( إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم )الآية وأخرج نحوه عن السدي
وأخرج جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال أنزلت هذه الآية في ثلاثة أحياء من قريش سليم خزاعة وجهينة ( وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا )الآية
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد قال قال كبار قريش الملائكة بنات الله فقال لهم أبو بكر الصديق فمن أمهاتهم قالوا بنات سراة الجن فأنزل الله ( ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون )
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن أبي مالك قال كان الناس يصلون متبددين فأنزل الله ( وإنا لنحن الصافون )الآية فأمرهم أن يصفوا وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال حدثت فذكره نحوه
وأخرج جويبر عن ابن عباس قال قالوا يا محمد أرنا العذاب الذي تخوفنا به عجله لنا فنزلت ( أفبعذابنا يستعجلون )الآية صحيح على شرط الشيخين
http://www.mamarocks.com/so32.gif
عتق الله رقابنا ورقابكم من النار

أبوعدولي
21 -08- 2011, 08:15 PM
الحلقة الحادية والعشرون بين يدي سورة الصافات على الرابط التالي :
http://samtah.net/vb/showthread.php?p=1354494#post1354494

جــــــــــوري
21 -08- 2011, 08:46 PM
بارك الله فيك اخوي / أبوعدولي

وجزاك الله خير ,

نورالدنيا
21 -08- 2011, 10:05 PM
أثقل الرحمن موآزينكَ بَ الحسنآت
و رفع قدركَ =)
جُزيتم الجنه http://www.htoof.com/vb/images/smilies/22.gif
يعطيكَ العآفيه http://www.htoof.com/vb/images/smilies/154.gif

البحار الكبير
21 -08- 2011, 10:17 PM
( إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم )
سبحان الله العظيم
إنه على كل شيئ قدير ولماذا يستغرب الكافرون من أن يجعل الله شجرة في النار وهذا إعجاز خالق السموات والارض
وخالق كل شيئ فالله عزوجل لا يعجزه شيئ ({وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ}
شكرا اخي الكريم / ابو عدولي
جزاك الله خير الجزاء وفي ميزان حسناتك يا رب
ولك التقدير والاحترام

ميدوزة الأورليا
21 -08- 2011, 10:35 PM
http://www.youtube.com/watch?v=ZjyZRQ_NUus

أبوعدولي
22 -08- 2011, 08:52 PM
http://upload.7ozn.com/files17/13140136301.gif
http://www.al-wed.com/pic-vb/154.gif
سبب التسمية :
سميت ‏بهذا ‏الاسم ‏لما ‏ورد ‏فيها ‏من ‏وجوب ‏امتحان ‏المؤمنات ‏عند ‏الهجرة
‏وعدم ‏ردُّهُنَّ ‏إلى ‏الكفار ‏إذا ‏ثبت ‏إيمانهن ‏‏. ‏وتسمى ‏أيضا ‏‏" الامتحان ‏‏" ‏و ‏‏" ‏المودة‎ " .‎‏
http://www.al-wed.com/pic-vb/154.gif
التعريف بالسورة :
1) سورة مدنية .
2) من المفصل .
3) آياتها 13 .
4) ترتيبها الستون .
5) نزلت بعد الأحزاب .
6) بدأت باسلوب النداء " يا أيها الذين آمنوا " ، ذُكِرَ لفظ الجلالة في الآية الأولى
7) الجزء ( 28 ) الحزب ( 55 ) الربع ( 3،4 ) .
http://www.al-wed.com/pic-vb/154.gif
محور مواضيع السورة :
تهتم السورة بجانب التشريع ومحور السورة يدور حول فكرة الحب والبغض
في الله الذي هو أوثق عرى الإيمان وقد نزل صدر السورة عتابا لحاطب
بن أبي بلتعة حين كتب كتابا لأهل مكة يخبرهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم
قد تجهز لغزوهم كما ذكر تعالى حكم موالاة أعداء الله وضرب الأمثال في إبراهيم
والمؤمنين في تبرؤهم من المشركين وبين حكم الذين لم يقاتلوا المسلمين وحكم
المؤمنات المهاجرات وضرورة امتحانهن وغير ذلك من الأحكام التشريعية .
http://www.al-wed.com/pic-vb/154.gif
سبب نزول السورة :
1) قال جماعة المفسرون نزلت في حاطب بن أبي بلتعة ، وذلك أن سارة
مولاة أبي عمر بن صهيب بن هشام بن عبد مناف أتت رسول الله من مكة
إلى المدينة ، ورسول الله بني عبد المطلب وبني المطلب فكسوها وحملوها
وأعطوها ، فأتاها حاطب بن أبي بلتعة وكتب معها إلى أهل مكة وأعطاها
عشرة دنانير على أن توصل إلى أهل مكة ، وكتب في الكتاب " من حاطب
إلى أهل مكة أن رسول الله يريدكم فخذوا حذركم " فخرجت سارة ، ونزل جبريل ،
وكانوا كلهم فرسانا ، وقال لهم : انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن فيها ظعينة
معها كتاب ـ من حاطب إلى المشركين ـ فخذوه منها ، وخلوا سبيلها ، فإن لم
تدفعه إليكم فاضربوا عنقها ، فخرجوا حتى أدركوها في ذلك المكان ،
فقالوا لها أين الكتاب ؟ فحلفت بالله ما معها كتاب . ففتشوا متاعها فلم يجدوا
معها كتابا ، فهموا بالرجوع ، فقال على : والله ما كَذَبْنَا ولاَ كُذِبْنَا وسَلَّ سيفه ،
وقال : أخرجي الكتاب وإلا والله لأجزرنك ولأضربن عنقك .
فلما رأت الجد أخرجته من ذؤابتها قد خبأته في شعرها ، فخلوا سبيلها ، ورجعوا
بالكتاب إلى رسول الله فأرسل رسول الله إلى حاطب فأتاه فقال له : هل تعرف
الكتاب ؟ قال : نعم . قال فما حملك على ما صنعت ؟ فقال : يا رسول الله والله
ما كفرت منذ أسلمت ولا غششتك منذ نصحتك ، ولا أحببتهم منذ فارقتهم ،
ولكن لم يكن أحد من المهاجرين إلا وله بمكة من يمنع عشيرته ، وكنت غريبا
فيهم ، وكان أهلي بين ظهرانيهم ، فخشيت على أهلي ، فأردت أن أتخذ
عندهم يدا ، وقد علمت أن الله ينزل لهم بأسه ، وكتابي لا يغنى عنهم شيئا ،
فصدقه رسول الله وعذره ، فنزلت هذه السورة ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا
عدوي وعدوكم أولياء ) فقام عمر بن الخطابرسول الله أضرب عنق هذا المنافق.
فقال رسول الله وما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال لهم
( اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ) عن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال قدمت
قتيله بنت عبد العزى على ابنتها أسماء بنت أبي بكروسمن وأقِط فلم تقبل
هداياهم ، ولم تدخلها منزلها ، فسألت لها عائشةعن ذلك فقال ( لا ينهاكم الله
عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ) الآية( فأدخلتها منزلها ، وقبلت منها هداياها ) .
( رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه . )
عن ابن شهاب أبا سفيان بن حرب فلما قبض رسول الله أقبل فلقى ذا الخمار مرتدا
فقاتله ، فكان أذل من قاتل من الردة ، وجاهد عن الدين قال ابن شهاب الله فيه هذه الآية .
http://www.al-wed.com/pic-vb/154.gif
ربنا تقبل منا إنك انت السميع العليم

أبوعدولي
22 -08- 2011, 11:46 PM
الحلقة الثانية والعشرون بين يدي سورة الممتحنة على الرابط التالي :
http://vb.samtah.net/showthread.php?t=135365

أبوعدولي
22 -08- 2011, 11:50 PM
تفسير سورة الـممتحنة


{ 1-9 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ * إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ * لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ *لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }
ذكر كثير من المفسرين، [رحمهم الله]، أن سبب نزول هذه الآيات الكريمات في قصة حاطب بن أبي بلتعة، حين غزا النبي صلى الله عليه وسلم غزوة الفتح، فكتب حاطب إلى قريش يخبرهم بمسير رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، ليتخذ بذلك يدا عندهم لا [شكا و] نفاقا، وأرسله مع امرأة، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بشأنه، فأرسل إلى المرأة قبل وصولها وأخذ منها الكتاب.
وعاتب حاطبا، فاعتذر رضي الله عنه بعذر قبله النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الآيات فيها النهي الشديد عن موالاة الكفار من المشركين وغيرهم، وإلقاء المودة إليهم، وأن ذلك مناف للإيمان، ومخالف لملة إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، ومناقض للعقل الذي يوجب الحذر كل الحذر من العدو، الذي لا يبقي من مجهوده في العداوة شيئا، وينتهز الفرصة في إيصال الضرر إلى عدوه، فقال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } اعملوا بمقتضى إيمانكم، من ولاية من قام بالإيمان، ومعاداة من عاداه، فإنه عدو لله، وعدو للمؤمنين.
فلا تتخذوا عدو الله { وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ } أي: تسارعون في مودتهم وفي السعي بأسبابها، فإن المودة إذا حصلت، تبعتها النصرة والموالاة، فخرج العبد من الإيمان، وصار من جملة أهل الكفران، وانفصل عن أهل الإيمان.
وهذا المتخذ للكافر وليا، عادم المروءة أيضا، فإنه كيف يوالي أعدى أعدائه الذي لا يريد له إلا الشر، ويخالف ربه ووليه الذي يريد به الخير، ويأمره به، ويحثه عليه؟! ومما يدعو المؤمن أيضا إلى معاداة الكفار، أنهم قد كفروا بما جاء المؤمنين من الحق، ولا أعظم من هذه المخالفة والمشاقة، فإنهم قد كفروا بأصل دينكم، وزعموا أنكم ضلال على غير هدى.
والحال أنهم كفروا بالحق الذي لا شك فيه ولا مرية، ومن رد الحق فمحال أن يوجد له دليل أو حجة تدل على صحة قوله، بل مجرد العلم بالحق يدل على بطلان قول من رده وفساده.
ومن عداوتهم البليغة أنهم { يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ } أيها المؤمنون من دياركم، ويشردونكم من أوطانكم، ولا ذنب لكم في ذلك عندهم، إلا أنكم تؤمنون بالله ربكم الذي يتعين على الخلق كلهم القيام بعبوديته، لأنه رباهم، وأنعم عليهم، بالنعم الظاهرة والباطنة، وهو الله تعالى.
فلما أعرضوا عن هذا الأمر، الذي هو أوجب الواجبات، وقمتم به، عادوكم، وأخرجوكم - من أجله - من دياركم، فأي دين، وأي مروءة وعقل، يبقى مع العبد إذا والى الكفار الذين هذا وصفهم في كل زمان أو مكان؟" ولا يمنعهم منه إلا خوف، أو مانع قوي.
{ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي } أي: إن كان خروجكم مقصودكم به الجهاد في سبيل الله، لإعلاء كلمة الله، وابتغاء مرضاة الله فاعملوا بمقتضى هذا، من موالاة أولياء الله ومعاداة أعدائه، فإن هذا هو الجهاد في سبيله وهو من أعظم ما يتقرب به المتقربون إلى ربهم ويبتغون به رضاه.
{ تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ } أي: كيف تسرون المودة للكافرين وتخفونها، مع علمكم أن الله عالم بما تخفون وما تعلنون؟!، فهو وإن خفي على المؤمنين، فلا يخفى على الله تعالى، وسيجازي العباد بما يعلمه منهم من الخير والشر، { وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ } أي: موالاة الكافرين بعد ما حذركم الله منها { فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ } لأنه سلك مسلكا مخالفا للشرع وللعقل والمروءة الإنسانية.
ثم بين تعالى شدة عداوتهم، تهييجا للمؤمنين على عداوتهم، { إِنْ يَثْقَفُوكُمْ } أي: يجدوكم، وتسنح لهم الفرصة في أذاكم، { يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً } ظاهرين { وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ } بالقتل والضرب، ونحو ذلك.
{ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ } أي: بالقول الذي يسوء، من شتم وغيره، { وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ } فإن هذا غاية ما يريدون منكم.
فإن احتججتم وقلتم: نوالي الكفار لأجل القرابة والأموال، فلن تغني عنكم أموالكم ولا أولادكم من الله شيئا. { والله بما تعملون بصير } فلذلك حذركم من موالاة الكافرين الذين تضركم موالاتهم.
قد كان لكم يا معشر المؤمنين { أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } أي: قدوة صالحة وائتمام ينفعكم، { فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ } من المؤمنين، لأنكم قد أمرتم أن تتبعوا ملة إبراهيم حنيفا، { إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ } أي: إذ تبرأ إبراهيم عليه السلام ومن معه من المؤمنين، من قومهم المشركين ومما يعبدون من دون الله.
ثم صرحوا بعداوتهم غاية التصريح، فقالوا: { كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا } أي: ظهر وبان { بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ } أي: البغض بالقلوب، وزوال مودتها، والعداوة بالأبدان، وليس لتلك العداوة والبغضاء وقت ولا حد، بل ذلك { أَبَدًا } ما دمتم مستمرين على كفركم { حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ } أي: فإذا آمنتم بالله وحده، زالت العداوة والبغضاء، وانقلبت مودة وولاية، فلكم أيها المؤمنون أسوة [حسنة] في إبراهيم ومن معه في القيام بالإيمان والتوحيد، والقيام بلوازم ذلك ومقتضياته، وفي كل شيء تعبدوا به لله وحده، { إِلَّا } في خصلة واحدة وهي { قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ } آزر المشرك، الكافر، المعاند، حين دعاه إلى الإيمان والتوحيد، فامتنع، فقال إبراهيم : { لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ و } الحال أني لا { أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ } لكني أدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا، فليس لكم أن تقتدوا بإبراهيم في هذه الحالة التي دعا بها للمشرك، فليس لكم أن تدعوا للمشركين، وتقولوا: إنا في ذلك متبعون لملة إبراهيم، فإن الله ذكر عذر إبراهيم في ذلك بقوله: { وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إن إبراهيم لأواه حليم }
ولكم أسوة حسنة في إبراهيم ومن معه، حين دعوا الله وتوكلوا عليه وأنابوا إليه، واعترفوا بالعجز والتقصير، فقالوا: { رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا } أي: اعتمدنا عليك في جلب ما ينفعنا ودفع ما يضرنا، ووثقنا بك يا ربنا في ذلك.
{ وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا } أي: رجعنا إلى طاعتك ومرضاتك وجميع ما يقرب إليك، فنحن في ذلك ساعون، وبفعل الخيرات مجتهدون، ونعلم أنا إليك نصير، فسنستعد للقدوم عليك، ونعمل ما يقربنا الزلفى إليك
{ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا } أي: لا تسلطهم علينا بذنوبنا، فيفتنونا، ويمنعونا مما يقدرون عليه من أمور الإيمان، ويفتنون أيضا بأنفسهم، فإنهم إذا رأوا لهم الغلبة، ظنوا أنهم على الحق وأنا على الباطل، فازدادوا كفرا وطغيانا، { وَاغْفِرْ لَنَا } ما اقترفنا من الذنوب والسيئات، وما قصرنا به من المأمورات، { رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ } القاهر لكل شيء، { الْحَكِيمُ } الذي يضع الأشياء مواضعها، فبعزتك وحكمتك انصرنا على أعدائنا، واغفر لنا ذنوبنا، وأصلح عيوبنا.
ثم كرر الحث [لهم] على الاقتداء بهم، فقال: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } وليس كل أحد تسهل عليه هذه الأسوة، وإنما تسهل على من { كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ } فإن الإيمان واحتساب الأجر والثواب، يسهل على العبد كل عسير، ويقلل لديه كل كثير، ويوجب له الإكثار من الاقتداء بعباد الله الصالحين، والأنبياء والمرسلين، فإنه يرى نفسه مفتقرا ومضطرا إلى ذلك غاية الاضطرار.
{ وَمَنْ يَتَوَلَّ } عن طاعة الله والتأسي برسل الله، فلن يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئا، { فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ } الذي له الغنى التام [المطلق] من جميع الوجوه، فلا يحتاج إلى أحد من خلقه [بوجه]، { الْحَمِيدُ } في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، فإنه محمود على ذلك كله.
ثم أخبر تعالى أن هذه العداوة التي أمر بها المؤمنين للمشركين، ووصفهم بالقيام بها أنهم ما داموا على شركهم وكفرهم، وأنهم إن انتقلوا إلى الإيمان، فإن الحكم يدور مع علته، فإن المودة الإيمانية ترجع، فلا تيأسوا أيها المؤمنون، من رجوعهم إلى الإيمان، فـ { عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً } سببها رجوعهم إلى الإيمان، { وَاللَّهُ قَدِيرٌ } على كل شيء، ومن ذلك هداية القلوب وتقليبها من حال إلى حال، { وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، ولا يكبر عليه عيب أن يستره، { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } وفي هذه الآية إشارة وبشارة إلى إسلام بعض المشركين، الذين كانوا إذ ذاك أعداء للمؤمنين، وقد وقع ذلك، ولله الحمد والمنة.
ولما نزلت هذه الآيات الكريمات، المهيجة على عداوة الكافرين، وقعت من المؤمنين كل موقع، وقاموا بها أتم القيام، وتأثموا من صلة بعض أقاربهم المشركين، وظنوا أن ذلك داخل فيما نهى الله عنه.
فأخبرهم الله أن ذلك لا يدخل في المحرم فقال: { لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } أي: لا ينهاكم الله عن البر والصلة، والمكافأة بالمعروف، والقسط للمشركين، من أقاربكم وغيرهم، حيث كانوا بحال لم ينتصبوا لقتالكم في الدين والإخراج من دياركم، فليس عليكم جناح أن تصلوهم، فإن صلتهم في هذه الحالة، لا محذور فيها ولا مفسدة كما قال تعالى عن الأبوين المشركين إذا كان ولدهما مسلما: { وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا }
[وقوله:] { إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ } أي: لأجل دينكم، عداوة لدين الله ولمن قام به، { وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا } أي: عاونوا غيرهم { عَلَى إِخْرَاجِكُمْ } نهاكم الله { أَنْ تَوَلَّوْهُمْ } بالمودة والنصرة، بالقول والفعل، وأما بركم وإحسانكم، الذي ليس بتول للمشركين، فلم ينهكم الله عنه، بل ذلك داخل في عموم الأمر بالإحسان إلى الأقارب وغيرهم من الآدميين، وغيرهم.
{ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } وذلك الظلم يكون بحسب التولي، فإن كان توليا تاما، صار ذلك كفرا مخرجا عن دائرة الإسلام، وتحت ذلك من المراتب ما هو غليظ، وما هو دون ذلك.


{ 10-11 } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ }
لما كان صلح الحديبية، صالح النبي صلى الله عليه وسلم المشركين، على أن من جاء منهم إلى المسلمين مسلما، أنه يرد إلى المشركين، وكان هذا لفظا عاما، [مطلقا] يدخل في عمومه النساء والرجال، فأما الرجال فإن الله لم ينه رسوله عن ردهم، إلى المشركين وفاء بالشرط وتتميما للصلح الذي هو من أكبر المصالح، وأما النساء فلما كان ردهن فيه مفاسد كثيرة، أمر الله المؤمنين إذا جاءهم المؤمنات مهاجرات، وشكوا في صدق إيمانهن، أن يمتحنوهن ويختبروهن، بما يظهر به صدقهن، من أيمان مغلظة وغيرها، فإنه يحتمل أن يكون إيمانها غير صادق بل رغبة في زوج أو بلد أو غير ذلك من المقاصد الدنيوية.
فإن كن بهذا الوصف، تعين ردهن وفاء بالشرط، من غير حصول مفسدة، وإن امتحنوهن، فوجدن صادقات، أو علموا ذلك منهن من غير امتحان، فلا يرجعوهن إلى الكفار، { لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ } فهذه مفسدة كبيرة في ردهن راعاها الشارع، وراعى أيضا الوفاء بالشرط، بأن يعطوا الكفار أزواجهن ما أنفقوا عليهن من المهر وتوابعه عوضا عنهن، ولا جناح حينئذ على المسلمين أن ينكحوهن ولو كان لهن أزواج في دار الشرك، ولكن بشرط أن يؤتوهن أجورهن من المهر والنفقة، وكما أن المسلمة لا تحل للكافر، فكذلك الكافرة لا تحل للمسلم أن يمسكها ما دامت على كفرها، غير أهل الكتاب، ولهذا قال تعالى: { وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ } وإذا نهى عن الإمساك بعصمتها فالنهي عن ابتداء تزويجها أولى، { وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ } أيها المؤمنون، حين ترجع زوجاتكم مرتدات إلى الكفار، فإذا كان الكفار يأخذون من المسلمين نفقة من أسلمت من نسائهم، استحق المسلمون أن يأخذوا مقابلة ما ذهب من نسائهم إلى الكفار، وفي هذا دليل على أن خروج البضع من الزوج متقوم، فإذا أفسد مفسد نكاح امرأة رجل، برضاع أو غيره، كان عليه ضمان المهر، وقوله: { ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ } أي: ذلكم الحكم الذي ذكره الله وبينه لكم يحكم به بينكم { وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } فيعلم تعالى، ما يصلح لكم من الأحكام، ويشرع لكم ما تقتضيه الحكمة
وقوله: { وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ } بأن ذهبن مرتدات { فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا } كما تقدم أن الكفار إذا كانوا يأخذون بدل ما يفوت من أزواجهم إلى المسلمين، فمن ذهبت زوجته من المسلمين إلى الكفار وفاتت عليه، لزم أن يعطيه فعلى المسلمون من الغنيمة بدل ما أنفق
{ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ } فإيمانكم بالله، يقتضي منكم أن تكونوا ملازمين للتقوى على الدوام.
{ 12 } { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }
هذه الشروط المذكورة في هذه الآية، تسمى "مبايعة النساء" اللاتي [كن] يبايعن على إقامة الواجبات المشتركة، التي تجب على الذكور والنساء في جميع الأوقات.
وأما الرجال، فيتفاوت ما يلزمهم بحسب أحوالهم ومراتبهم وما يتعين عليهم، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يمتثل ما أمره الله به، فكان إذا جاءته النساء يبايعنه، والتزمن بهذه الشروط بايعهن، وجبر قلوبهن، واستغفر لهن الله، فيما يحصل منهن من التقصير وأدخلهن في جملة المؤمنين بأن { لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا } بأن يفردن الله [وحده] بالعبادة.
{ وَلَا يَزْنِينَ } كما كان ذلك موجودا كثيرا في البغايا وذوات الأخدان، { وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ } كما يجري لنساء الجاهلية الجهلاء.
{ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ } والبهتان: الافتراء على الغير أي: لا يفترين بكل حالة، سواء تعلقت بهن وأزواجهن أو سواء تعلق ذلك بغيرهم، { وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ } أي: لا يعصينك في كل أمر تأمرهن به، لأن أمرك لا يكون إلا بمعروف، ومن ذلك طاعتهن [لك] في النهي عن النياحة، وشق الثياب، وخمش الوجوه، والدعاء بدعاء الجاهلية.
{ فَبَايِعْهُنَّ } إذا التزمن بجميع ما ذكر.
{ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ } عن تقصيرهن، وتطييبا لخواطرهن، { إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ } أي: كثير المغفرة للعاصين، والإحسان إلى المذنبين التائبين، { رَحِيمٌ } وسعت رحمته كل شيء، وعم إحسانه البرايا.


{ 13 } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ }
أي: يا أيها المؤمنون، إن كنتم مؤمنين بربكم، ومتبعين لرضاه ومجانبين لسخطه، { لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ } وإنما غضب عليهم لكفرهم، وهذا شامل لجميع أصناف الكفار. { قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ } أي: قد حرموا من خير الآخرة، فليس لهم منها نصيب، فاحذروا أن تولوهم فتوافقوهم على شرهم وكفرهم فتحرموا خير الآخرة كما حرموا.
[وقوله] { كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ } حين أفضوا إلى الدار الآخرة، ووقفوا على حقيقة الأمر وعلموا علم اليقين أنهم لا نصيب لهم منها. ويحتمل أن المعنى: قد يئسوا من الآخرة أي: قد أنكروها وكفروا بها، فلا يستغرب حينئذ منهم الإقدام على مساخط الله وموجبات عذابه وإياسهم من الآخرة، كما يئس الكفار المنكرون للبعث في الدنيا من رجوع أصحاب القبور إلى الله تعالى.

أبوعدولي
22 -08- 2011, 11:54 PM
http://www.youtube.com/watch?v=glbK3xJ4Zuk

أبوعدولي
22 -08- 2011, 11:58 PM
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/c/c8/Sura60.pdf/page1-424px-Sura60.pdf.jpghttp://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/c/c8/Sura60.pdf/page2-424px-Sura60.pdf.jpg
http://upload.7ozn.com/files17/13140470011.jpg

سورة الممتحنة وهي-مدنية كان سبب نزول صدر هذه السورة الكريمة قصة حاطب بن أبي بلتعة وذلك أن حاطبا هذا كان رجلا من المهاجرين وكان من أهل بدر أيضا وكان له بمكة أولاد ومال ولم يكن من قريش أنفسهم بل كان حليفا لعثمان فلما عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على فتح مكة لما نقض أهلها العهد فأمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بالتجهيز لغزوهم وقالاللهم عم عليهم خبرنا فعمد حاطب هذا فكتب كتابا وبعثه مع امرأة من قريش إلى أهل مكة يعلمهم بما عزم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوهم ليتخذ بذلك عندهم يدا فأطلع الله تعالى على ذلك رسوله صلى الله عليه وسلم استجابة لدعائه فبعث في إثر المرأة فأخذ الكتاب منها وهذا بين في هذا الحديث المتفق على صحته قال الإمام أحمد « 1/79 » حدثنا سفيان عن عمرو أخبرني حسن بن محمد بن علي أخبرني عبد الله بن أبي رافع وقال مرة أن عبيد الله بن أبي رافع أخبره أنه سمع عليا رضي الله عنه يقول بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد فقال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة فإذا نحن بالظعينة قلنا أخرجي الكتاب قالت ما معي كتاب قلنا لتخرجن الكتاب أو لتلقين الثياب قال فأخرجت الكتاب من عقاصها فأخذنا الكتاب فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين بمكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا حاطب ما هذا قال لا تعجل علي إني كنت أمرأ ملصقا في قريش ولم أكن من أنفسهم وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم بمكة فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ فيهم يدا يحمون بها قرابتي وما فعلت ذلك كفرا ولا ارتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه صدقكم فقال عمر دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم وهكذا أخرجه الجماعة إلا ابن ماجة « خ3007 م2494 د2650 ت3305 س كبرى11585 » من غير وجه عن سفيان بن عيينة به وزاد البخاري في كتاب المغازي « 4274 » فأنزل الله السورة « يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء » وقال في كتاب التفسير « 4890 » قال عمرو نزلت فيه « يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء » وقال لا أدري الآية في الحديث أو قال عمرو قال البخاري قال علي يعني ابن المديني قيل لسفيان في هذا نزلت « لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء » فقال سفيان هذا في حديث الناس حفظته من عمرو ما تركت منه حرفا ولا أدري أحد حفظه غيري وقد أخرجاه في الصحيحين « خ3983 م2494 » من حديث حصين بن عبد الرحمن عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عليقال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا مرثد والزبير بن العوام وكلنا فارس وقال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها امرأة من المشركين معها كتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين فأدركناها تسير على بعير لها حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا الكتاب فقالت ما معي كتاب فأنخناها فالتمسنا فلم نر كتابا فقلنا ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم لتخرجن الكتاب أو لنجردنك فلما رأت الجد أهوت إلى حجزتها وهي محتجزة بكساء فأخرجته فانطلقنا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر يا رسول الله قد خان الله ورسوله والمؤمنين فدعني فلأضرب عنقه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما حملك على ما صنعت قال حاطب والله مابي إلا أن أكون مؤمنا بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم أردت أن تكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي وليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته من يدفع الله به عن أهله وماله فقال صدق لا تقولوا له إلا خيرا فقال عمر إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين فدعني فلأضرب عنقه فقال أليس من أهل بدر فقال لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة أو قد غفرت لكم فدمعت عينا عمر وقال الله ورسوله أعلم هذا لفظ البخاري في المغازي في غزوة بدر وقد روي من وجه آخر عن علي قال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين الهسنجاني حدثنا عبيد بن يعيش حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي عن أبي سنان هو سعيد بن سنان عن عمرو بن مرة الحملي عن أبي البختري الطائي عن الحارث عن علي قال لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتي مكة أسر إلى أناس من أصحابه أنه يريد مكة منهم حاطب بن أبي بلتعة وأفشى في الناس أنه يريد خيبر قال فكتب حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدكم فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فبعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا مرثد وليس منا رجل إلا وعنده فرس فقال ائتوا روضة خاخ فإنكم ستلقون بها امرأة معها كتابفخذوه منها فانطلقنا حتى رأيناها بالمكان الذي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا هات الكتاب فقالت ما معي كتاب فوضعنا متاعها وفتشناها فلم نجده في متاعها فقال أبو مرثد لعله أن لا يكون معها فقلت ما كذب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولا كذبنا فقلنا لها لتخرجنه أو لنعرينك فقالت أما تتقون الله ألستم مسلمين فقلنا لتخرجنه أو لنعرينك قال عمرو بن مرة فأخرجته من حجزتها وقال حبيب بن أبي ثابت أخرجته من قبلها فأتينا به رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فإذا الكتاب من حاطب بن أبي بلتعة فقام عمر فقال يا رسول الله خان الله ورسوله فائذن لي فلأضرب عنقه فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أليس قد شهد بدرا قالوا بلى وقال عمر بلى ولكنه قد نكث وظاهر أعداءك عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم إني بما تعملون بصير ففاضت عينا عمر وقال الله ورسوله أعلم فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حاطب فقال يا حاطب ما حملك على ما صنعت فقال يا رسول الله إني كنت امرأ ملصقا في قريش وكان لي بها مال وأهل ولم يكن من أصحابك أحد إلا وله بمكة من يمنع أهله وماله فكتبت بذلك إليهم ووالله يا رسول الله إني لمؤمن بالله ورسوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق حاطب فلا تقولوا لحاطب إلا خيرا قال حبيب بن أبي ثابت فأنزل الله تعالى « يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة » الآية وهكذا رواه ابن جرير عن ابن حميد عن مهران عن أبي سنان سعيد بن سنان بإسناده مثله وقد ذكر ذلك أصحاب المغازي والسير فقال محمد بن إسحاق بن يسار في السيرة « 4/58 » حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير وغيره من علمائنا قال لما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم المسير إلى مكة كتب حاطب بن أبي بلتعة كتابا إلى قريش يخبرهم بالذي أجمع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمر في السير إليهم ثم أعطاه امرأة زعم محمد بن جعفر أنها من مزينة وزعم غيره أنها سارة مولاة لبني عبد المطلب وجعل لها جعلا على أن تبلغه لقريش فجعلته في رأسها ثم فتلت عليه قرونها ثم خرجت به وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء بما صنع حاطب فبعث علي بن أبي طالب والزبير بن العوام فقال أدركا امرأة قد كتب معها حاطب كتابا إلى قريش يحذرهم ما قد أجمعنا له من أمرهم فخرجا حتى أدركاها بالحليفة حليفة بنيأبي أحمد فاستنزلاها بالحليفة فالتمسا في رحلها فلم يجدا شيئا فقال لها على بن أبي طالب إني أحلف بالله ما كذب رسول الله وما كذبنا ولتخرجن لنا هذا الكتاب أو لنكشفنك فلما رأت الجد منه قالت أعرض فأعرض فحلت قرون رأسها فاستخرجت الكتاب منها فدفعته إليه فأتى به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطبا فقال يا حاطب ما حملك على هذا فقال يا رسول الله أما والله إني لمؤمن بالله وبرسوله ما غيرت ولا بدلت ولكني كنت امرأ ليس لي في القوم من أهل ولا عشيرة وكان لي بين أظهرهم ولد وأهل فصانعتهم عليهم فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله دعني فلأضرب عنقه فإن الرجل قد نافق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع إلى أصحاب بدر يوم بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم فأنزل الله عز وجل في حاطب « يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة » إلى قوله « قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده » إلى آخر القصة وروى معمر عن الزهري عن عروة نحو ذلك وهكذا ذكر مقاتل بن حيان أن هذه الآيات نزلت في حاطب بن أبي بلتعة أنه بعث سارة مولاة بني هاشم وأنه أعطاها عشرة دراهم وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث في أثرها عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما فأدركاها بالجحفة وذكر تمام القصة كنحو ما تقدم وعن السدي قريبا منه وهكذا قال العوفي عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وغير واحد أن هذه الآيات نزلت في حاطب بن أبي بلتعة فقوله تعالى « يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق » يعني المشركين والكفار الذين هم محاربون لله ولرسوله وللمؤمنين الذين شرع الله عداوتهم ومصارمتهمونهى أن يتخذوا أولياء وأصدقاء وأخلاء كما قال تعالى « يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم » وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد وقال تعالى « يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين » وقال تعالى « يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا » وقال تعالى « لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه » ولهذا قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عذر حاطب لما ذكر أنه إنما فعل ذلك مصانعة لقريش لأجل ما كان له عندهم من الأموال والأولاد ويذكر ههنا الحديث الذي رواه الإمام أحمد « 5/407 » حدثنا مصعب بن سلام حدثنا الأجلح عن قيس بن أبي مسلم عن ربعي بن حراش سمعت حذيفة يقول ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمثالا واحدا وثلاثة وخمسة وسبعة وتسعة وأحد عشر قال فضرب لنا منها مثلا وترك سائرها قال إن قوما كانوا أهل ضعف ومسكنة قاتلهم أهل تجبر وعداء فأظهر الله أهل الضعف عليهم فعمدوا إلى عدوهم فاستعملوهم وسلطوهم فأسخطوا الله عليهم إلى يوم يلقونه وقوله تعالى « يخرجون الرسول وإياكم » هذا مع ما قبله من التهييج على عداوتهم وعدم موالاتهم لأنهم أخرجوا الرسول وأصحابه من بين أظهرهم كراهة لما هم عليه من التوحيد وإخلاص العبادة لله وحده ولهذا قال تعالى « أن تؤمنوا بالله ربكم » أي لم يكن لكم عندهم ذنب إلا إيمانكم بالله رب العالمين كقوله تعالى « وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد » وكقوله تعالى « الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله » وقوله تعالى « إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي » أي إن كنتم كذلك فلا تتخذوهم أولياء إن كنتم خرجتم مجاهدين في سبيلي باغين لمرضاتي عنكم فلا توالوا أعدائي وأعداءكم وقد أخرجوكم من دياركم وأموالكم حنقا عليكم وسخطا لدينكم وقوله تعالى « تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم » أي تفعلون ذلك وأنا العالم بالسرائر والضمائر والظواهر « ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء » أي لو قدروا عليكم لما أبقوا فيكم من أذى ينالونكم به بالمقال والفعال( وودوا
المصدر :تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير

مثابره
23 -08- 2011, 12:47 AM
جزاك الله الجنان أباعدولي

ابن الطوال
23 -08- 2011, 01:47 AM
الف شكر لك وجزاك الله جنة الخلد

أبوعدولي
23 -08- 2011, 08:34 PM
http://upload.7ozn.com/files17/13140260051.gif

http://www.al-wed.com/pic-vb/131.gif
سبب التسمية :
تسمى ‏السورة ‏الكريمة ‏‏" ‏سورة ‏ص ‏‏" ‏وهو ‏حرف ‏من ‏حروف ‏الهجاء
‏للإشادة ‏بالكتاب ‏المعجز ‏الذي ‏تحدى ‏الله ‏به ‏الأولين ‏والآخرين
‏وهو ‏المنظوم ‏من ‏أمثال ‏هذه ‏الحروف ‏الهجائية ‏‏.
http://www.al-wed.com/pic-vb/131.gif
التعريف بالسورة :
1) مكية .
2) من المثاني .
3) آياتها 88 .
4) ترتيبها الثامنة والثلاثون .
5) نزلت بعد سورة القمر .
6) بدأت بأحد حروف الهجاء " ص " السورة بها سجدة في الآية 24 .
7) الجزء "23" الحزب "46" الربع "5،6،7" .
http://www.al-wed.com/pic-vb/131.gif
محور مواضيع السورة :
سورة " ص " مكية وهدفها نفس هدف السورة المكية التي تعالج
أصول العقيدة الإسلامية .
http://www.al-wed.com/pic-vb/131.gif
سبب نزول السورة :
عن ابن عباسقال : مرض أبو طالب فجاءت قريش وجاء النبى وعند
رأس أبي طالب مجلس رجل فقام أبو جهل كي يمنعه ذلك فشكوه
إلى أبي طالب فقال : يا ابن اخي ما تريد من قومك ؟ قال : يا عم
إنما أريد منهم كلمة تَذِلُّ لهم بها العرب وتؤدي إليهم الجزية بها العجم ،
قال : كلمة واحدة قال ما هي ؟ قال: لا اله الا الله ، فقالوا اجعل الآلهة
إلها واحدا قال : فنزل فيهم القرآن ( ص وَالقرآنِ ذِي الذّكرِ بَل الَّذِينَ
كَفَروا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ ـ حتى بلغ ـ إنَّ هَذَا إلا اختلاق ) .
http://www.al-wed.com/pic-vb/131.gif
اللهم اجعل رمضان شاهداً لنا لاعلينا

أبوعدولي
23 -08- 2011, 08:39 PM
الحلقة الثالثة والعشرون بين يدي سورة ص على الرابط التالي :
http://samtah.net/vb/showthread.php?p=1355726#post1355726

أبوعدولي
24 -08- 2011, 12:47 AM
تفسير سورة ص 1/3

{ 1 - 11 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ * بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ * كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ * وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ * أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ * وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ * مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ * أَؤُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ * أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ * أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ * جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ }
هذا بيان من اللّه تعالى لحال القرآن، وحال المكذبين به معه ومع من جاء به، فقال: { ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ } أي: ذي القدر العظيم والشرف، المُذَكِّرِ للعباد كل ما يحتاجون إليه من العلم، بأسماء اللّه وصفاته وأفعاله، ومن العلم بأحكام اللّه الشرعية، ومن العلم بأحكام المعاد والجزاء، فهو مذكر لهم في أصول دينهم وفروعه.
وهنا لا يحتاج إلى ذكر المقسم عليه، فإن حقيقة الأمر، أن المقسم به وعليه شيء واحد، وهو هذا القرآن، الموصوف بهذا الوصف الجليل، فإذا كان القرآن بهذا الوصف، علم ضرورة العباد إليه، فوق كل ضرورة، وكان الواجب عليهم تَلقِّيه بالإيمان والتصديق، والإقبال على استخراج ما يتذكر به منه.
فهدى اللّه من هدى لهذا، وأبى الكافرون به وبمن أنزله، وصار معهم { عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ } عزة وامتناع عن الإيمان به، واستكبار وشقاق له، أي: مشاقة ومخاصمة في رده وإبطاله، وفي القدح بمن جاء به.
فتوعدهم بإهلاك القرون الماضية المكذبة بالرسل، وأنهم حين جاءهم الهلاك، نادوا واستغاثوا في صرف العذاب عنهم ولكن { وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ } أى: وليس الوقت، وقت خلاص مما وقعوا فيه، ولا فرج لما أصابهم، فَلْيَحْذَرْ هؤلاء أن يدوموا على عزتهم وشقاقهم، فيصيبهم ما أصابهم.
{ وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ } أي: عجب هؤلاء المكذبون في أمر ليس محل عجب، أن جاءهم منذر منهم، ليتمكنوا من التلقي عنه، وليعرفوه حق المعرفة، ولأنه من قومهم، فلا تأخذهم النخوة القومية عن اتباعه، فهذا مما يوجب الشكر عليهم، وتمام الانقياد له.
ولكنهم عكسوا القضية، فتعجبوا تعجب إنكار وَقَالُوا من كفرهم وظلمهم: { هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ }
وذنبه -عندهم- أنه { أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا } أى: كيف ينهى عن اتخاذ الشركاء والأنداد، ويأمر بإخلاص العبادة للّه وحده. { إِنَّ هَذَا } الذي جاء به { لَشَيْءٌ عُجَابٌ } أي: يقضي منه العجب لبطلانه وفساده.
{ وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ } المقبول قولهم، محرضين قومهم على التمسك بما هم عليه من الشرك. { أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ } أى: استمروا عليها، وجاهدوا نفوسكم في الصبر عليها وعلى عبادتها، ولا يردكم عنها راد، ولا يصدنكم عن عبادتها، صاد. { إِنَّ هَذَا } الذي جاء به محمد، من النهي عن عبادتها { لَشَيْءٌ يُرَادُ } أي: يقصد، أي: له قصد ونية غير صالحة في ذلك، وهذه شبهة لا تروج إلا على السفهاء، فإن من دعا إلى قول حق أو غير حق، لا يرد قوله بالقدح في نيته، فنيته وعمله له، وإنما يرد بمقابلته بما يبطله ويفسده، من الحجج والبراهين، وهم قصدهم، أن محمدا، ما دعاكم إلى ما دعاكم، إلا ليرأس فيكم، ويكون معظما عندكم، متبوعا.
{ مَا سَمِعْنَا بِهَذَا } القول الذي قاله، والدين الذي دعا إليه { فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ } أي: في الوقت الأخير، فلا أدركنا عليه آباءنا، ولا آباؤنا أدركوا آباءهم عليه، فامضوا على الذي مضى عليه آباؤكم، فإنه الحق، وما هذا الذي دعا إليه محمد إلا اختلاق اختلقه، وكذب افتراه، وهذه أيضا شبهة من جنس شبهتهم الأولى، حيث ردوا الحق بما ليس بحجة لرد أدنى قول، وهو أنه قول مخالف لما عليه آباؤهم الضالون، فأين في هذا ما يدل على بطلانه؟.
{ أَءُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا } أي: ما الذي فضله علينا، حتى ينزل الذكر عليه من دوننا، ويخصه اللّه به؟ وهذه أيضا شبهة، أين البرهان فيها على رد ما قاله؟ وهل جميع الرسل إلا بهذا الوصف، يَمُنُّ اللّه عليهم برسالته، ويأمرهم بدعوة الخلق إلى اللّه، ولهذا، لما كانت هذه الأقوال الصادرة منهم لا يصلح شيء منها لرد ما جاء به الرسول، أخبر تعالى من أين صدرت، وأنهم { فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي } ليس عندهم علم ولا بينة.
فلما وقعوا في الشك وارتضوا به، وجاءهم الحق الواضح، وكانوا جازمين بإقامتهم على شكهم، قالوا ما قالوا من تلك الأقوال لدفع الحق، لا عن بينة من أمرهم، وإنما ذلك من باب الائتفاك منهم.
ومن المعلوم، أن من هو بهذه الصفة يتكلم عن شك وعناد، إن قوله غير مقبول، ولا قادح أدنى قدح في الحق، وأنه يتوجه عليه الذم واللوم بمجرد كلامه، ولهذا توعدهم بالعذاب فقال: { بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ } أي: قالوا هذه الأقوال، وتجرأوا عليها، حيث كانوا ممتعين في الدنيا، لم يصبهم من عذاب اللّه شيء، فلو ذاقوا عذابه، لم يتجرأوا.
{ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ } فيعطون منها من شاءوا، ويمنعون منها من شاءوا، حيث قالوا: { أَءُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا } أي: هذا فضله تعالى ورحمته، وليس ذلك بأيديهم حتى يتحجروا على اللّه.
{ أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } بحيث يكونون قادرين على ما يريدون. { فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ } الموصلة لهم إلى السماء، فيقطعوا الرحمة عن رسول اللّه، فكيف يتكلمون، وهم أعجز خلق اللّه وأضعفهم بما تكلموا به؟! أم قصدهم التحزب والتجند، والتعاون على نصر الباطل وخذلان الحق؟ وهو الواقع فإن هذا المقصود لا يتم لهم، بل سعيهم خائب، وجندهم مهزوم، ولهذا قال: { جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ }
{ 12 - 15 } { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ * وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ * إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ * وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ }
يحذرهم تعالى أن يفعل بهم ما فعل بالأمم من قبلهم، الذين كانوا أعظم قوة منهم وتحزبا على الباطل، { قَوْم نُوحٍ وَعَاد } قوم هود { وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ } أى: الجنود العظيمة، والقوة الهائلة.
{ وَثَمُود } قوم صالح، { وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ } أي: الأشجار والبساتين الملتفة، وهم قوم شعيب، { أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ } الذين اجتمعوا بقوتهم وعَدَدِهمْ وعُدَدِهمْ على رد الحق، فلم تغن عنهم شيئا.
{ إِنْ كُلُّ } من هؤلاء { إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ } عليهم { عِقَابِ } اللّه، وهؤلاء، ما الذي يطهرهم ويزكيهم، أن لا يصيبهم ما أصاب أولئك.
فلينتظروا { صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ } أي: من رجوع ورد، تهلكهم وتستأصلهم إن أقاموا على ما هم عليه.
{ 16 - 17 } { وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ *اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ }
أي: قال هؤلاء المكذبون، من جهلهم ومعاندتهم الحق، مستعجلين للعذاب: { رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا } أي: قسطنا وما قسم لنا من العذاب عاجلا { قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ } ولَجُّوا في هذا القول، وزعموا أنك يا محمد، إن كنت صادقا، فعلامة صدقك أن تأتينا بالعذاب، فقال لرسوله: { اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ } كما صبر مَنْ قبلك من الرسل، فإن قولهم لا يضر الحق شيئا، ولا يضرونك في شيء، وإنما يضرون أنفسهم.
{ 17 - 20 } { وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ * وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ }
لما أمر اللّه رسوله بالصبر على قومه، أمره أن يستعين على الصبر بالعبادة للّه وحده، ويتذكر حال العابدين، كما قال في الآية الأخرى: { فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا }
ومن أعظم العابدين، نبي اللّه داود عليه الصلاة والسلام { ذَا الْأَيْدِ } أي: القوة العظيمة على عبادة اللّه تعالى، في بدنه وقلبه. { إِنَّهُ أَوَّابٌ } أي: رجَّاع إلى اللّه في جميع الأمور بالإنابة إليه، بالحب والتأله، والخوف والرجاء، وكثرة التضرع والدعاء، رجاع إليه عندما يقع منه بعض الخلل، بالإقلاع والتوبة النصوح.
ومن شدة إنابته لربه وعبادته، أن سخر اللّه الجبال معه، تسبح معه بحمد ربها { بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ } أول النهار وآخره.
{ و } سخر { الطَّيْرَ مَحْشُورَةً } معه مجموعة { كُلٌّ } من الجبال والطير، لله تعالى { أَوَّابٌ } امتثالا لقوله تعالى: { يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ } فهذه مِنَّةُ اللّه عليه بالعبادة.
ثم ذكر منته عليه بالملك العظيم فقال: { وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ } أي: قويناه بما أعطيناه من الأسباب وكثرة الْعَدَد والْعُدَدِ التي بها قوَّى اللّه ملكه، ثم ذكر منته عليه بالعلم فقال: { وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ } أي: النبوة والعلم العظيم، { وَفَصْلَ الْخِطَابِ } أي: الخصومات بين الناس.


{ 21 - 26 } { وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ * إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ * قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ * فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ * يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ }
لما ذكر تعالى أنه آتى نبيه داود الفصل في الخطاب بين الناس، وكان معروفا بذلك مقصودا، ذكر تعالى نبأ خصمين اختصما عنده في قضية جعلهما اللّه فتنة لداود، وموعظة لخلل ارتكبه، فتاب اللّه عليه، وغفر له، وقيض له هذه القضية، فقال لنبيه محمد صلى اللّه عليه وسلم: { وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ } فإنه نبأ عجيب { إِذْ تَسَوَّرُوا } على داود { الْمِحْرَابَ } أي: محل عبادته من غير إذن ولا استئذان، ولم يدخلوا عليه مع باب، فلذلك لما دخلوا عليه بهذه الصورة، فزع منهم وخاف، فقالوا له: نحن { خَصْمَانِ } فلا تخف { بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ } بالظلم { فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ } أي: بالعدل، ولا تمل مع أحدنا { وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ }
والمقصود من هذا، أن الخصمين قد عرف أن قصدهما الحق الواضح الصرف، وإذا كان ذلك، فسيقصان عليه نبأهما بالحق، فلم يشمئز نبي اللّه داود من وعظهما له، ولم يؤنبهما.
فقال أحدهما: { إِنَّ هَذَا أَخِي } نص على الأخوة في الدين أو النسب أو الصداقة، لاقتضائها عدم البغي، وأن بغيه الصادر منه أعظم من غيره. { لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً } أي: زوجة، وذلك خير كثير، يوجب عليه القناعة بما آتاه اللّه.
{ وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ } فطمع فيها { فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا } أي: دعها لي، وخلها في كفالتي. { وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ } أي: غلبني في القول، فلم يزل بي حتى أدركها أو كاد.
فقال داود - لما سمع كلامه - ومن المعلوم من السياق السابق من كلامهما، أن هذا هو الواقع، فلهذا لم يحتج أن يتكلم الآخر، فلا وجه للاعتراض بقول القائل: { لم حكم داود، قبل أن يسمع كلام الخصم الآخر } ؟ { لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ } وهذه عادة الخلطاء والقرناء الكثير منهم، فقال: { وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ } لأن الظلم من صفة النفوس. { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } فإن ما معهم من الإيمان والعمل الصالح، يمنعهم من الظلم. { وَقَلِيلٌ مَا هُمْ } كما قال تعالى { وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ } { وَظَنَّ دَاوُدُ } حين حكم بينهما { أَنَّمَا فَتَنَّاهُ } أي: اختبرناه ودبرنا عليه هذه القضية ليتنبه { فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ } لما صدر منه، { وَخَرَّ رَاكِعًا } أي: ساجدا { وَأَنَابَ } للّه تعالى بالتوبة النصوح والعبادة.
{ فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ } الذي صدر منه، وأكرمه اللّه بأنواع الكرامات، فقال: { وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى } أي: منزلة عالية، وقربة منا، { وَحُسْنَ مَآبٍ } أي: مرجع.
وهذا الذنب الذي صدر من داود عليه السلام، لم يذكره اللّه لعدم الحاجة إلى ذكره، فالتعرض له من باب التكلف، وإنما الفائدة ما قصه اللّه علينا من لطفه به وتوبته وإنابته، وأنه ارتفع محله، فكان بعد التوبة أحسن منه قبلها.
{ يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ } تنفذ فيها القضايا الدينية والدنيوية، { فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ } أي: العدل، وهذا لا يتمكن منه، إلا بعلم بالواجب، وعلم بالواقع، وقدرة على تنفيذ الحق، { وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى } فتميل مع أحد، لقرابة أو صداقة أو محبة، أو بغض للآخر { فَيُضِلَّكَ } الهوى { عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } ويخرجك عن الصراط المستقيم، { إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } خصوصا المتعمدين منهم، { لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ } فلو ذكروه ووقع خوفه في قلوبهم، لم يميلوا مع الهوى الفاتن.

أبوعدولي
24 -08- 2011, 12:48 AM
تفسير سورة ص 2/3


{ 27 - 29 } { وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ * أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ * كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ }
يخبر تعالى عن تمام حكمته في خلقه السماوات والأرض، وأنه لم يخلقهما باطلا، أي: عبثا ولعبا من غير فائدة ولا مصلحة.
{ ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا } بربهم، حيث ظنوا ما لا يليق بجلاله. { فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ } فإنها التي تأخذ الحق منهم، وتبلغ منهم كل مبلغ.
وإنما خلق اللّه السماوات والأرض بالحق وللحق، فخلقهما ليعلم العباد كمال علمه وقدرته وسعة سلطانه، وأنه تعالى وحده المعبود، دون من لم يخلق مثقال ذرة من السماوات والأرض، وأن البعث حق، وسيفصل اللّه بين أهل الخير والشر.
ولا يظن الجاهل بحكمة اللّه أن يسوي اللّه بينهما في حكمه، ولهذا قال: { أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ } هذا غير لائق بحكمتنا وحكمنا.
{ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ } فيه خير كثير، وعلم غزير، فيه كل هدى من ضلالة، وشفاء من داء، ونور يستضاء به في الظلمات، وكل حكم يحتاج إليه المكلفون، وفيه من الأدلة القطعية على كل مطلوب، ما كان به أجل كتاب طرق العالم منذ أنشأه اللّه.
{ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ } أي: هذه الحكمة من إنزاله، ليتدبر الناس آياته، فيستخرجوا علمها ويتأملوا أسرارها وحكمها، فإنه بالتدبر فيه والتأمل لمعانيه، وإعادة الفكر فيها مرة بعد مرة، تدرك بركته وخيره، وهذا يدل على الحث على تدبر القرآن، وأنه من أفضل الأعمال، وأن القراءة المشتملة على التدبر أفضل من سرعة التلاوة التي لا يحصل بها هذا المقصود.
{ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ } أي: أولو العقول الصحيحة، يتذكرون بتدبرهم لها كل علم ومطلوب، فدل هذا على أنه بحسب لب الإنسان وعقله يحصل له التذكر والانتفاع بهذا الكتاب.
{ 30 - 40 } { وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ * وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ * قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ * فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ * وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ * وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ }
لما أثنى تعالى على داود، وذكر ما جرى له ومنه، أثنى على ابنه سليمان عليهما السلام فقال: { وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ } أي: أنعمنا به عليه، وأقررنا به عينه.
{ نِعْمَ الْعَبْدُ } سليمان عليه السلام، فإنه اتصف بما يوجب المدح، وهو { إِنَّهُ أَوَّابٌ } أي: رجَّاع إلى اللّه في جميع أحواله، بالتأله والإنابة، والمحبة والذكر والدعاء والتضرع، والاجتهاد في مرضاة اللّه، وتقديمها على كل شيء.
ولهذا، لما عرضت عليه الخيل الجياد السبق الصافنات أي: التي من وصفها الصفون، وهو رفع إحدى قوائمها عند الوقوف، وكان لها منظر رائق، وجمال معجب، خصوصا للمحتاج إليها كالملوك، فما زالت تعرض عليه حتى غابت الشمس في الحجاب، فألهته عن صلاة المساء وذكره.
فقال ندما على ما مضى منه، وتقربا إلى اللّه بما ألهاه عن ذكره، وتقديما لحب اللّه على حب غيره: { إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ } وضمن { أحببت } معنى { آثرت } أي: آثرت حب الخير، الذي هو المال عموما، وفي هذا الموضع المراد الخيل { عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ }
{ رُدُّوهَا عَلَيَّ } فردوها { فَطَفِقَ } فيها { مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ } أي: جعل يعقرها بسيفه، في سوقها وأعناقها.
{ وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ } أي: ابتليناه واختبرناه بذهاب ملكه وانفصاله عنه بسبب خلل اقتضته الطبيعة البشرية، { وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا } أي: شيطانا قضى اللّه وقدر أن يجلس على كرسي ملكه، ويتصرف في الملك في مدة فتنة سليمان، { ثُمَّ أَنَابَ } سليمان إلى اللّه تعالى وتاب.
فـ { قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ } فاستجاب اللّه له وغفر له، ورد عليه ملكه، وزاده ملكا لم يحصل لأحد من بعده، وهو تسخير الشياطين له، يبنون ما يريد، ويغوصون له في البحر، يستخرجون الدر والحلي، ومن عصاه منهم قرنه في الأصفاد وأوثقه.
وقلنا له: { هَذَا عَطَاؤُنَا } فَقَرَّ به عينا { فَامْنُنْ } على من شئت، { أَوْ أَمْسِكْ } من شئت { بِغَيْرِ حِسَابٍ } أي: لا حرج عليك في ذلك ولا حساب، لعلمه تعالى بكمال عدله، وحسن أحكامه، ولا تحسبن هذا لسليمان في الدنيا دون الآخرة، بل له في الآخرة خير عظيم.
ولهذا قال: { وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ } أي: هو من المقربين عند اللّه المكرمين بأنواع الكرامات للّه.
فصل فيما تبين لنا من الفوائد والحكم في قصة داود وسليمان عليهما السلام
فمنها: أن اللّه تعالى يقص على نبيه محمد صلى اللّه عليه وسلم أخبار من قبله، ليثبت فؤاده وتطمئن نفسه، ويذكر له من عباداتهم وشدة صبرهم وإنابتهم، ما يشوقه إلى منافستهم، والتقرب إلى اللّه الذي تقربوا له، والصبر على أذى قومه، ولهذا - في هذا الموضع - لما ذكر اللّه ما ذكر من أذية قومه وكلامهم فيه وفيما جاء به، أمره بالصبر، وأن يذكر عبده داود فيتسلى به.
ومنها: أن اللّه تعالى يمدح ويحب القوة في طاعته، قوة القلب والبدن، فإنه يحصل منها من آثار الطاعة وحسنها وكثرتها، ما لا يحصل مع الوهن وعدم القوة، وأن العبد ينبغي له تعاطي أسبابها، وعدم الركون إلى الكسل والبطالة المخلة بالقوى المضعفة للنفس.
ومنها: أن الرجوع إلى اللّه في جميع الأمور، من أوصاف أنبياء اللّه وخواص خلقه، كما أثنى اللّه على داود وسليمان بذلك، فليقتد بهما المقتدون، وليهتد بهداهم السالكون { أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ }
ومنها: ما أكرم اللّه به نبيه داود عليه السلام، من حسن الصوت العظيم، الذي جعل اللّه بسببه الجبال الصم، والطيور البهم، يجاوبنه إذا رجَّع صوته بالتسبيح، ويسبحن معه بالعشي والإشراق.
ومنها: أن من أكبر نعم اللّه على عبده، أن يرزقه العلم النافع، ويعرف الحكم والفصل بين الناس، كما امتن اللّه به على عبده داود عليه السلام.
ومنها: اعتناء اللّه تعالى بأنبيائه وأصفيائه عندما يقع منهم بعض الخلل بفتنته إياهم وابتلائهم بما به يزول عنهم المحذور، ويعودون إلى أكمل من حالتهم الأولى، كما جرى لداود وسليمان عليهما السلام.
ومنها: أن الأنبياء صلوات اللّه وسلامه عليهم معصومون من الخطأ فيما يبلغون عن اللّه تعالى، لأن مقصود الرسالة لا يحصل إلا بذلك، وأنه قد يجري منهم بعض مقتضيات الطبيعة من المعاصي، ولكن اللّه يتداركهم ويبادرهم بلطفه.
ومنها: أن داود عليه السلام، [كان] في أغلب أحواله ملازما محرابه لخدمة ربه، ولهذا تسور الخصمان عليه المحراب، لأنه كان إذا خلا في محرابه لا يأتيه أحد، فلم يجعل كل وقته للناس، مع كثرة ما يرد عليه من الأحكام، بل جعل له وقتا يخلو فيه بربه، وتقر عينه بعبادته، وتعينه على الإخلاص في جميع أموره.
ومنها: أنه ينبغي استعمال الأدب في الدخول على الحكام وغيرهم، فإن الخصمين لما دخلا على داود في حالة غير معتادة ومن غير الباب المعهود، فزع منهم، واشتد عليه ذلك، ورآه غير لائق بالحال.
ومنها: أنه لا يمنع الحاكم من الحكم بالحق سوء أدب الخصم وفعله ما لا ينبغي.
ومنها: كمال حلم داود عليه السلام، فإنه ما غضب عليهما حين جاءاه بغير استئذان، وهو الملك، ولا انتهرهما، ولا وبخهما.
ومنها: جواز قول المظلوم لمن ظلمه "أنت ظلمتني" أو "يا ظالم" ونحو ذلك أو باغ علي لقولهما: { خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ }
ومنها: أن الموعوظ والمنصوح، ولو كان كبير القدر، جليل العلم، إذا نصحه أحد، أو وعظه، لا يغضب، ولا يشمئز، بل يبادره بالقبول والشكر، فإن الخصمين نصحا داود فلم يشمئز ولم يغضب ولم يثنه ذلك عن الحق، بل حكم بالحق الصرف.
ومنها: أن المخالطة بين الأقارب والأصحاب، وكثرة التعلقات الدنيوية المالية، موجبة للتعادي بينهم، وبغي بعضهم على بعض، وأنه لا يرد عن ذلك إلا استعمال تقوى اللّه، والصبر على الأمور، بالإيمان والعمل الصالح، وأن هذا من أقل شيء في الناس.
ومنها: أن الاستغفار والعبادة، خصوصا الصلاة، من مكفرات الذنوب، فإن اللّه، رتب مغفرة ذنب داود على استغفاره وسجوده.
ومنها: إكرام اللّه لعبده داود وسليمان، بالقرب منه، وحسن الثواب، وأن لا يظن أن ما جرى لهما منقص لدرجتهما عند اللّه تعالى، وهذا من تمام لطفه بعباده المخلصين، أنه إذا غفر لهم وأزال أثر ذنوبهم، أزال الآثار المترتبة عليه كلها، حتى ما يقع في قلوب الخلق، فإنهم إذا علموا ببعض ذنوبهم، وقع في قلوبهم نزولهم عن درجتهم الأولى، فأزال اللّه تعالى هذه الآثار، وما ذاك بعزيز على الكريم الغفار.
ومنها: أن الحكم بين الناس مرتبة دينية، تولاها رسل اللّه وخواص خلقه، وأن وظيفة القائم بها الحكم بالحق ومجانبة الهوى، فالحكم بالحق يقتضي العلم بالأمور الشرعية، والعلم بصورة القضية المحكوم بها، وكيفية إدخالها في الحكم الشرعي، فالجاهل بأحد الأمرين لا يصلح للحكم، ولا يحل له الإقدام عليه.
ومنها: أنه ينبغي للحاكم أن يحذر الهوى، ويجعله منه على بال، فإن النفوس لا تخلو منه، بل يجاهد نفسه بأن يكون الحق مقصوده، وأن يلقي عنه وقت الحكم كل محبة أو بغض لأحد الخصمين.
ومنها: أن سليمان عليه السلام من فضائل داود، ومن منن اللّه عليه حيث وهبه له، وأن من أكبر نعم اللّه على عبده، أن يهب له ولدا صالحا، فإن كان عالما، كان نورا على نور.
ومنها: ثناء اللّه تعالى على سليمان ومدحه في قوله { نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ }
ومنها: كثرة خير اللّه وبره بعبيده، أن يمن عليهم بصالح الأعمال ومكارم الأخلاق، ثم يثني عليهم بها، وهو المتفضل الوهاب.
ومنها: تقديم سليمان محبة اللّه تعالى على محبة كل شيء.
ومنها: أن كل ما أشغل العبد عن اللّه، فإنه مشئوم مذموم، فَلْيُفَارِقْه ولْيُقْبِلْ على ما هو أنفع له.
ومنها: القاعدة المشهورة "من ترك شيئا لله عوضه اللّه خيرا منه" فسليمان عليه السلام عقر الجياد الصافنات المحبوبة للنفوس، تقديما لمحبة اللّه، فعوضه اللّه خيرا من ذلك، بأن سخر له الريح الرخاء اللينة، التي تجري بأمره إلى حيث أراد وقصد، غدوها شهر، ورواحها شهر، وسخر له الشياطين، أهل الاقتدار على الأعمال التي لا يقدر عليها الآدميون.
ومنها: أن تسخير الشياطين لا يكون لأحد بعد سليمان عليه السلام.
ومنها: أن سليمان عليه السلام، كان ملكا نبيا، يفعل ما أراد، ولكنه لا يريد إلا العدل، بخلاف النبي العبد، فإنه تكون إرادته تابعة لأمر اللّه، فلا يفعل ولا يترك إلا بالأمر، كحال نبينا محمد صلى اللّه عليه وسلم، وهذه الحال أكمل.
{ 41 - 44 } { وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ *وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ }
أي: { وَاذْكُرْ } في هذا الكتاب ذي الذكر { عَبْدَنَا أَيُّوبَ } بأحسن الذكر، وأثن عليه بأحسن الثناء، حين أصابه الضر، فصبر على ضره، فلم يشتك لغير ربه، ولا لجأ إلا إليه.
فـ { نَادَى رَبَّهُ } داعيا، وإليه لا إلى غيره شاكيا، فقال: رب { أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } أي: بأمر مشق متعب معذب، وكان سلط على جسده فنفخ فيه حتى تقرح، ثم تقيح بعد ذلك واشتد به الأمر، وكذلك هلك أهله وماله.
فقيل له: { ارْكُضْ بِرِجْلِكَ } أي: اضرب الأرض بها، لينبع لك منها عين تغتسل منها وتشرب، فيذهب عنك الضر والأذى، ففعل ذلك، فذهب عنه الضر، وشفاه اللّه تعالى.
{ وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ } قيل: إن اللّه تعالى أحياهم له { وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ } في الدنيا، وأغناه اللّه، وأعطاه مالا عظيما { رَحْمَةً مِنَّا } بعبدنا أيوب، حيث صبر فأثبناه من رحمتنا ثوابا عاجلا وآجلا. { وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ } أي: وليتذكر أولو العقول بحالة أيوب ويعتبروا، فيعلموا أن من صبر على الضر، أن اللّه تعالى يثيبه ثوابا عاجلا وآجلا، ويستجيب دعاءه إذا دعاه.
{ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا } أي حزمة شماريخ { فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ }
قال المفسرون: وكان في مرضه وضره، قد غضب على زوجته في بعض الأمور، فحلف: لئن شفاه اللّه ليضربنها مائة جلدة، فلما شفاه اللّه، وكانت امرأته صالحة محسنة إليه، رحمها اللّه ورحمه، فأفتاه أن يضربها بضغث فيه مائة شمراخ ضربة واحدة، فيبر في يمينه.
{ إِنَّا وَجَدْنَاهُ } أي: أيوب { صَابِرًا } أي: ابتليناه بالضر العظيم، فصبر لوجه اللّه تعالى. { نِعْمَ الْعَبْدُ } الذي كمل مراتب العبودية، في حال السراء والضراء، والشدة والرخاء.
{ إِنَّهُ أَوَّابٌ } أي: كثير الرجوع إلى اللّه، في مطالبه الدينية والدنيوية، كثير الذكر لربه والدعاء، والمحبة والتأله.
{ 45 - 47 } { وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ * إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ }
يقول تعالى: { وَاذْكُرْ عِبَادَنَا } الذين أخلصوا لنا العبادة ذكرا حسنا، { إِبْرَاهِيمَ } الخليل { و } ابنه { إِسْحَاقَ وَ } ابن ابنه { يَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي } أي: القوة على عبادة اللّه تعالى { وَالْأَبْصَارَ } أي: البصيرة في دين اللّه. فوصفهم بالعلم النافع، والعمل الصالح الكثير.
{ إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ } عظيمة، وخصيصة جسيمة، وهي: { ذِكْرَى الدَّارِ } جعلنا ذكرى الدار الآخرة في قلوبهم، والعمل لها صفوة وقتهم، والإخلاص والمراقبة للّه وصفهم الدائم، وجعلناهم ذكرى الدار يتذكر بأحوالهم المتذكر، ويعتبر بهم المعتبر، ويذكرون بأحسن الذكر.
{ وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ } الذين اصطفاهم اللّه من صفوة خلقه، { الْأَخْيَارِ } الذين لهم كل خلق كريم، وعمل مستقيم.

أبوعدولي
24 -08- 2011, 12:49 AM
تفسير سورة ص 3/3
{ 48 - 49 } { وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ * هَذَا ذِكْرٌ }
أي: واذكر هؤلاء الأنبياء بأحسن الذكر، وأثن عليهم أحسن الثناء، فإن كلا منهم من الأخيار الذين اختارهم اللّه من الخلق، واختار لهم أكمل الأحوال، من الأعمال، والأخلاق، والصفات الحميدة، والخصال السديدة.
{ هَذَا } أي: ذكر هؤلاء الأنبياء الصفوة وذكر أوصافهم، { ذكر } في هذا القرآن ذي الذكر، يتذكر بأحوالهم المتذكرون، ويشتاق إلى الاقتداء بأوصافهم الحميدة المقتدون، ويعرف ما منَّ اللّه عليهم به من الأوصاف الزكية، وما نشر لهم من الثناء بين البرية.
فهذا نوع من أنواع الذكر، وهو ذكر أهل الخير، ومن أنواع الذكر، ذزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ }
أي: { وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ } ربهم، بامتثال الأوامر واجتناب النواهي، من كل مؤمن ومؤمنة، { لَحُسْنَ مَآبٍ } أي: لمآبا حسنا، ومرجعا مستحسنا.
ثم فسره وفصله فقال: { جَنَّاتِ عَدْنٍ } أي: جنات إقامة، لا يبغي صاحبها بدلا منها، من كمالها وتمام نعيمها، وليسوا بخارجين منها ولا بمخرجين.
{ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ } أي: مفتحة لأجلهم أبواب منازلها ومساكنها، لا يحتاجون أن يفتحوها هم ، بل هم مخدومون، وهذا دليل أيضا على الأمان التام، وأنه ليس في جنات عدن، ما يوجب أن تغلق لأجله أبوابها.
{ مُتَّكِئِينَ فِيهَا } على الأرائك المزينات، والمجالس المزخرفات. { يَدْعُونَ فِيهَا } أي: يأمرون خدامهم، أن يأتوا { بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ } من كل ما تشتهيه نفوسهم، وتلذه أعينهم، وهذا يدل على كمال النعيم، وكمال الراحة والطمأنينة، وتمام اللذة.
{ وَعِنْدَهُمْ } من أزواجهم، الحور العين { قَاصِرَاتُ } طرفهن على أزواجهن، وطرف أزواجهن عليهن، لجمالهم كلهم، ومحبة كل منهما للآخر، وعدم طموحه لغيره، وأنه لا يبغي بصاحبه بدلا، ولا عنه عوضا. { أَتْرَابٌ } أي: على سن واحد، أعدل سن الشباب وأحسنه وألذه.
{ هَذَا مَا تُوعَدُونَ } أيها المتقون { لِيَوْمِ الْحِسَابِ } جزاء على أعمالكم الصالحة.
{ إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا } الذي أوردناه على أهل دار النعيم { مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ } أي: انقطاع، بل هو دائم مستقر في جميع الأوقات، متزايد في جميع الآنات.
وليس هذا بعظيم على الرب الكريم، الرءوف الرحيم، البر الجواد، الواسع الغني، الحميد اللطيف الرحمن، الملك الديان، الجليل الجميل المنان، ذي الفضل الباهر، والكرم المتواتر، الذي لا تحصى نعمه، ولا يحاط ببعض بره.
{ 55 - 64 } { هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ * هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ * وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ * هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ * قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ * قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ * وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ * أَأَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ * إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ }
{ هَذَا } الجزاء للمتقين ما وصفناه { وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ } أي: المتجاوزين للحد في الكفر والمعاصي { لَشَرَّ مَآبٍ } أي: لشر مرجع ومنقلب.
ثم فصله فقال: { جَهَنَّمَ } التي جمع فيها كل عذاب، واشتد حرها، وانتهى قرها { يَصْلَوْنَهَا } أي: يعذبون فيها عذابا يحيط بهم من كل وجه، لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل.
{ فَبِئْسَ الْمِهَادُ } المعد لهم مسكنا ومستقرا.
{ هَذَا } المهاد، هذا العذاب الشديد، والخزي والفضيحة والنكال { فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ } ماء حار، قد اشتد حره، يشربونه فَيقَطعُ أمعاءهم. { وَغَسَّاقٌ } وهو أكره ما يكون من الشراب، من قيح وصديد، مر المذاق، كريه الرائحة.
{ وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ } أي: من نوعه { أَزْوَاجٌ } أي: عدة أصناف من أصناف العذاب، يعذبون بها ويخزون بها.
وعند تواردهم على النار يشتم بعضهم بعضا، ويقول بعضهم لبعض: { هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ } النار { لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ }
{ قَالُوا } أي: الفوج المقبل المقتحم: { بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ } أي: العذاب { لَنَا } بدعوتكم لنا، وفتنتكم وإضلالكم وتسببكم. { فَبِئْسَ الْقَرَارُ } قرار الجميع، قرار السوء والشر.
ثم دعوا على المغوين لهم، فـ { قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ } وقال في الآية الأخرى: { قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ }
{ وَقَالُوا } وهم في النار { مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ } أي: كنا نزعم أنهم من الأشرار، المستحقين لعذاب النار، وهم المؤمنون، تفقدهم أهل النار - قبحهم اللّه - هل يرونهم في النار؟
{ أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمْ الْأَبْصَارُ } أي: عدم رؤيتنا لهم دائر بين أمرين: إما أننا غالطون في عدنا إياهم من الأشرار، بل هم من الأخيار، وإنما كلامنا لهم من باب السخرية والاستهزاء بهم، وهذا هو الواقع، كما قال تعالى لأهل النار: { إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ *فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ }
والأمر الثاني: أنهم لعلهم زاغت أبصارنا عن رؤيتهم معنا في العذاب، وإلا فهم معنا معذبون ولكن تجاوزتهم أبصارنا، فيحتمل أن هذا الذي في قلوبهم، فتكون العقائد التي اعتقدوها في الدنيا، وكثرة ما حكموا لأهل الإيمان بالنار، تمكنت من قلوبهم، وصارت صبغة لها، فدخلوا النار وهم بهذه الحالة، فقالوا ما قالوا.
ويحتمل أن كلامهم هذا كلام تمويه، كما موهوا في الدنيا، موهوا حتى في النار، ولهذا يقول أهل الأعراف لأهل النار: { أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ }
قال تعالى مؤكدا ما أخبر به، وهو أصدق القائلين: { إِنَّ ذَلِكَ } الذي ذكرت لكم { لَحَقٌّ } ما فيه شك ولا مرية { تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ }
{ 65 - 88 } { قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ * قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ * مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ * إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ * إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ * قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ * قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ * قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ * قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ * قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ * قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ * لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ * قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ * إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ }
{ قُلْ } يا أيها الرسول لهؤلاء المكذبين، إن طلبوا منك ما ليس لك ولا بيدك: { إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ } هذا نهاية ما عندي، وأما الأمر فلله تعالى، ولكني آمركم، وأنهاكم، وأحثكم على الخير وأزجركم عن الشر فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَعَلَيْهَا { وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ } أي: ما أحد يؤله ويعبد بحق إلا اللّه { الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } هذا تقرير لألوهيته، بهذا البرهان القاطع، وهو وحدته تعالى، وقهره لكل شيء، فإن القهر ملازم للوحدة، فلا يكون قهارين متساويين في قهرهما أبدا.
فالذي يقهر جميع الأشياء هو الواحد الذي لا نظير له، وهو الذي يستحق أن يعبد وحده، كما كان قاهرا وحده، وقرر ذلك أيضا بتوحيد الربوبية فقال: { رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } أي: خالقهما، ومربيهما، ومدبرها بجميع أنواع التدابير. { الْعَزِيزُ } الذي له القوة، التي بها خلق المخلوقات العظيمة. { الْغَفَّارُ } لجميع الذنوب، صغيرها، وكبيرها، لمن تاب إليه وأقلع منها.
فهذا الذي يحب ويستحق أن يعبد، دون من لا يخلق ولا يرزق، ولا يضر ولا ينفع، ولا يملك من الأمر شيئا، وليس له قوة الاقتدار، ولا بيده مغفرة الذنوب والأوزار.
{ قُلْ } لهم، مخوفا ومحذرا، ومنهضا لهم ومنذرا: { هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ } أي: ما أنبأتكم به من البعث والنشور والجزاء على الأعمال، خبر عظيم ينبغي الاهتمام الشديد بشأنه، ولا ينبغي إغفاله.
ولكن { أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ } كأنه ليس أمامكم حساب ولا عقاب ولا ثواب، فإن شككتم في قولي، وامتريتم في خبري، فإني أخبركم بأخبار لا علم لي بها ولا درستها في كتاب، فإخباري بها على وجهها، من غير زيادة ولا نقص، أكبر شاهد لصدقي، وأدل دليل على حق ما جئتكم به، ولهذا قال: { مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى } أي: الملائكة { إِذْ يَخْتَصِمُونَ } لولا تعليم اللّه إياي، وإيحاؤه إلي، ولهذا قال: { إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ } أي: ظاهر النذارة، جليها، فلا نذير أبلغ من نذارته صلى اللّه عليه وسلم.
ثم ذكر اختصام الملأ الأعلى فقال: { إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ } على وجه الإخبار { إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ } أي: مادته من طين.
{ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ } أي: سويت جسمه وتم، { وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ } فوطَّن الملائكة الكرام أنفسهم على ذلك، حين يتم خلقه ونفخ الروح فيه، امتثالا لربهم، وإكراما لآدم عليه السلام، فلما تم خلقه في بدنه وروحه، وامتحن اللّه آدم والملائكة في العلم، وظهر فضله عليهم، أمرهم اللّه بالسجود.
فسجدوا كلهم أجمعون إلا إبليس لم يسجد { اسْتَكْبَرَ } عن أمر ربه، واستكبر على آدم { وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ } في علم اللّه تعالى.
فـ { قَالَ } اللّه موبخا ومعاتبا: { مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } أي: شرفته وكرمته واختصصته بهذه الخصيصة، التي اختص بها عن سائر الخلق، وذلك يقتضي عدم التكبر عليه.
{ أسْتَكْبَرْتَ } في امتناعك { أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ }
{ قَالَ } إبليس معارضا لربه ومناقضا: { أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ } وبزعمه أن عنصر النار خير من عنصر الطين، وهذا من القياس الفاسد، فإن عنصر النار مادة الشر والفساد، والعلو والطيش والخفة وعنصر الطين مادة الرزانة والتواضع وإخراج أنواع الأشجار والنباتات وهو يغلب النار ويطفئها، والنار تحتاج إلى مادة تقوم بها، والطين قائم بنفسه، فهذا قياس شيخ القوم، الذي عارض به الأمر الشفاهي من اللّه، قد تبين غاية بطلانه وفساده، فما بالك بأقيسة التلاميذ الذين عارضوا الحق بأقيستهم؟ فإنها كلها أعظم بطلانا وفسادا من هذا القياس.
فـ { قَالَ } اللّه له: { فَاخْرُجْ مِنْهَا } أي: من السماء والمحل الكريم. { فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } أي: مبعد مدحور.
{ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي } أي: طردي وإبعادي { إِلَى يَوْمِ الدِّينِ } أي: دائما أبدا.
{ قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } لشدة عداوته لآدم وذريته، ليتمكن من إغواء من قدر اللّه أن يغويه.
فـ(قال) اللّه مجيبا لدعوته، حيث اقتضت حكمته ذلك: { فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ } حين تستكمل الذرية، يتم الامتحان.
فلما علم أنه منظر، بادى ربه، من خبثه، بشدة العداوة لربه ولآدم وذريته، فقال: { فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } يحتمل أن الباء للقسم، وأنه أقسم بعزة اللّه ليغوينهم كلهم أجمعين.
{ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ } علم أن الله سيحفظهم من كيده. ويحتمل أن الباء للاستعانة، وأنه لما علم أنه عاجز من كل وجه، وأنه لا يضل أحدا إلا بمشيئة اللّه تعالى، فاستعان بعزة اللّه على إغواء ذرية آدم هذا، وهو عدو اللّه حقا.
ونحن يا ربنا العاجزون المقصرون، المقرون لك بكل نعمة، ذرية من شرفته وكرمته، فنستعين بعزتك العظيمة، وقدرتك، ورحمتك الواسعة لكل مخلوق، ورحمتك التي أوصلت إلينا بها، ما أوصلت من النعم الدينية والدنيوية، وصرفت بها عنا ما صرفت من النقم، أن تعيننا على محاربته وعداوته، والسلامة من شره وشركه، ونحسن الظن بك أن تجيب دعاءنا، ونؤمن بوعدك الذي قلت لنا: { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم } فقد دعوناك كما أمرتنا، فاستجب لنا كما وعدتنا. { إنك لا تخلف الميعاد }
{ قَالَ } اللّه تعالى { فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ } أي: الحق وصفي، والحق قولي.
{ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } فلما بين الرسول للناس الدليل ووضح لهم السبيل قال الله له:
{ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ } أي: على دعائي إياكم { مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَّلِفِينَ } أدعي أمرا ليس لي، وأقفو ما ليس لي به علم، لا أتبع إلا ما يوحى إليَّ.
{ إِنْ هُوَ } أي: هذا الوحي والقرآن { إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ } يتذكرون به كل ما ينفعهم، من مصالح دينهم ودنياهم، فيكون شرفا ورفعة للعاملين به، وإقامة حجة على المعاندين.
فهذه السورة العظيمة، مشتملة على الذكر الحكيم، والنبأ العظيم، وإقامة الحجج والبراهين، على من كذب بالقرآن وعارضه، وكذب من جاء به، والإخبار عن عباد اللّه المخلصين، وجزاء المتقين والطاغين. فلهذا أقسم في أولها بأنه ذو الذكر، ووصفه في آخرها بأنه ذكر للعالمين.
وأكثر التذكير بها فيما بين ذلك، كقوله: { واذكر عبدنا } - { واذكر عبادنا } - { رحمة من عندنا وذكرى } { هذا ذكر }
اللّهم علمنا منه ما جهلنا، وذكرنا منه ما نسينا، نسيان غفلة ونسيان ترك.
{ وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ } أي: خبره { بَعْدَ حِينٍ } وذلك حين يقع عليهم العذاب وتتقطع عنهم الأسباب.

أبوعدولي
24 -08- 2011, 12:51 AM
قال ابن كثير في سورة ص

اختلف المفسرون في الحروف المقطعة التي في أوائل السور فمنهم من قال هي مما استأثر الله بعلمه فردوا علمها إلى الله ولم يفسرها حكاه القرطبي في تفسيره عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين وقاله عامر الشعبي وسفيان الثوري والربيع بن خيثم واختاره أبو حاتم بن حبان . ومنهم من فسرها واختلف هؤلاء في معناها فقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم إنما هي أسماء السور . قال العلامة أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري في تفسيره وعليه إطباق الأكثر ونقل عن سيبويه أنه نص عليه ويعتضد لهذا بما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة " الم " السجدة , و " هل أتى على الإنسان " وقال سفيان الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال : الم وحم والمص وص . فواتح افتتح الله بها القرآن وكذا قال غيره عن مجاهد وقال مجاهد في رواية أبي حذيفة موسى بن مسعود عن شبل عن ابن أبي نجيح عنه أنه قال الم اسم من أسماء القرآن وهكذا وقال قتادة وزيد بن أسلم ولعل هذا يرجع إلى معنى قول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنه اسم من أسماء السور فإن كل سورة يطلق عليها اسم القرآن فإنه يبعد أن يكون المص اسما للقرآن كله لأن المتبادر إلى فهم سامع من يقول قرأت المص إنما ذلك عبارة عن سورة الأعراف لا لمجموع القرآن والله أعلم . وقيل هي اسم من أسماء الله تعالى فقال عنها في فواتح السور من أسماء الله تعالى وكذلك قال سالم بن عبد الله وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير وقال شعبة عن السدي بلغني أن ابن عباس قال الم اسم من أسماء الله الأعظم . هكذا رواه ابن أبي حاتم من حديث شعبة ورواه ابن جرير عن بندار عن ابن مهدي عن شعبة قال سألت السدي عن حم وطس والم فقال قال ابن عباس هي اسم الله الأعظم وقال ابن جرير وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا أبو النعمان حدثنا شعبة عن إسماعيل السدي عن مرة الهمذاني قال : قال عبد الله فذكر نحوه . وحكي مثله عن علي وابن عباس وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس هو قسم أقسم الله به وهو من أسماء الله تعالى وروى ابن أبي حاتم وابن جرير من حديث ابن علية عن خالد الحذاء عن عكرمة أنه قال الم قسم . وروينا أيضا من حديث شريك بن عبد الله بن عطاء بن السائب عن أبي الضحى عن ابن عباس : الم قال أنا الله أعلم وكذا قال سعيد بن جبير وقال السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمذاني عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الم قال أما الم فهي حروف استفتحت من حروف هجاء أسماء الله تعالى . قال وأبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى الم قال هذه الأحرف الثلاثة من التسعة والعشرين حرفا دارت فيها الألسن كلها ليس منها حرف إلا وهو مفتاح اسم من أسمائه وليس منها حرف إلا وهو من آلائه وبلألائه ليس منها حرف إلا وهو في مدة أقوام وآجالهم . قال عيسى ابن مريم عليه السلام وعجب : فقال أعجب أنهم يظنون بأسمائه ويعيشون في رزقه فكيف يكفرون به فالألف مفتاح الله واللام مفتاح اسمه لطيف والميم مفتاح اسمه مجيد فالألف آلاء الله واللام لطف الله والميم مجد الله والألف سنة واللام ثلاثون سنة والميم أربعون سنة . هذا لفظ ابن أبي حاتم ونحوه رواه ابن جرير ثم شرع يوجه كل واحد من هذه الأقوال ويوفق بينها وأنه لا منافاة بين كل واحد منها وبين الآخر وأن الجمع ممكن فهي أسماء للسور ومن أسماء الله تعالى يفتتح بها السور فكل حرف منها دل على اسم من أسمائه وصفة من صفاته كما افتتح سورا كثيرة بتحميده وتسبيحه وتعظيمه قال ولا مانع من دلالة الحرف منها على اسم من أسماء الله وعلى صفة من صفاته وعلى مدة وغير ذلك كما ذكره الربيع بن أنس عن أبي العالية لأن الكلمة الواحدة تطلق على معاني كثيرة كلفظة الأمة فإنها تطلق ويراد به الدين كقوله تعالى " إنا وجدنا آباءنا على أمة " وتطلق ويراد بها الرجل المطيع لله كقوله تعالى " إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين " وتطلق ويراد بها الجماعة كقوله تعالى " وجد عليه أمة من الناس يسقون " وقوله تعالى " ولقد بعثنا في كل أمة رسولا " وتطلق ويراد بها الحين من الدهر كقوله تعالى " وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة " أي بعد حين على أصح القولين قال فكذلك هذا . هذا حاصل كلامه موجها ولكن هذا ليس كما ذكره أبو العالية فإن أبا العالية زعم أن الحرف دل على هذا وعلى هذا وعلى هذا معا ولفظة الأمة وما أشبهها من الألفاظ المشتركة في الاصطلاح إنما دل في القرآن في كل موطن على معنى واحد دل عليه سياق الكلام فأما حمله على مجموع محامله إذا أمكن فمسألة مختلف فيها بين علماء الأصول ليس هذا موضع البحث فيها والله أعلم . ثم إن لفظة الأمة تدل على كل من معانيها في سياق الكلام بدلالة الوضع فأما دلالة الحرف الواحد على اسم يمكن أن يدل على اسم آخر من غير أن يكون أحدهما أولى من الآخر في التقدير أو الإضمار بوضع ولا بغيره فهذا مما لا يفهم إلا بتوقيف والمسألة مختلف فيها وليس فيها إجماع حتى يحكم به وما أنشدوه من الشواهد على صحة إطلاق الحرف الواحد على بقية الكلمة فإن في السياق ما يدل على ما حذف بخلاف هذا كما قال الشاعر : قلنا قفي لنا فقالت قاف لا تحسبي أنا نسينا الإيجاف تعني وقفت . وقال الآخر : ما للظليم عال كيف لا ي ينقد عنه جلده إذا ي فقال ابن جرير كأنه أراد أن يقول إذا يفعل كذا وكذا فاكتفى بالياء من يفعل وقال الآخر : بالخير خيرات وإن شرا ف ولا أريد الشر إلا أن ت يقول وإن شرا فشرا ولا أريد الشر إلا أن تشاء فاكتفى بالفاء والتاء من الكلمتين عن بقيتهما ولكن هذا ظاهر من سياق الكلام والله أعلم. قال القرطبي وفي الحديث " من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة " الحديث قال سفيان هو أن يقول في اقتل " اق " وقال خصيف عن مجاهد أنه قال فواتح السور كلها " ق وص وحم وطسم والر " وغير ذلك هجاء موضوع وقال بعض أهل العربية هي حروف من حروف المعجم استغنى بذكر ما ذكر منها في أوائل السور عن ذكر بواقيها التي هي تتمة الثمانية والعشرين حرفا كما يقول القائل ابني يكتب في - ا ب ت ث - أي في حروف المعجم الثمانية والعشرين فيستغني بذكر بعضها عن مجموعها حكاه ابن جرير . قلت مجموع الحروف المذكورة في أوائل السور بحذف المكرر منها أربعة عشر حرفا وهي - ال م ص ر ك ه ي ع ط س ح ق ن - يجمعها قولك : نص حكيم قاطع له سر . وهي نصف الحروف عددا والمذكور منها أشرف من المتروك وبيان ذلك من صناعة التصريف. قال الزمخشري وهذه الحروف الأربعة عشر مشتملة على أصناف أجناس الحروف يعني من المهموسة والمجهورة ومن الرخوة والشديدة ومن المطبقة والمفتوحة ومن المستعلية والمنخفضة ومن حروف القلقلة . وقد سردها مفصلة ثم قال : فسبحان الذي دقت في كل شيء حكمته . وهذه الأجناس المعدودة مكثورة بالمذكورة منها وقد علمت أن معظم الشيء وجله ينزل منزلة كله وههنا لخص بعضهم في هذا المقام كلاما فقال : لا شك أن هذه الحروف لم ينزلها سبحانه وتعالى عبثا ولا سدى ومن قال من الجهلة إن في القرآن ما هو تعبد لا معنى له بالكلمة فقد أخطأ خطأ كبيرا فتعين أن لها معنى في نفس الأمر فإن صح لنا فيها عن المعصوم شيء قلنا به وإلا وقفنا حيث وقفنا وقلنا " آمنا به كل من عند ربنا " ولم يجمع العلماء فيها على شيء معين وإنما اختلفوا فمن ظهر له بعض الأقوال بدليل فعليه اتباعه وإلا فالوقف حتى يتبين هذا المقام . المقام الآخر في الحكمة التي اقتضت إيراد هذه الحروف في أوائل السور ما هي مع قطع النظر عن معانيها في أنفسها فقال بعضهم إنما ذكرت ليعرف بها أوائل السور حكاه ابن جرير وهذا ضعيف لأن الفصل حاصل بدونها فيما لم تذكر فيه وفيما ذكرت فيه البسملة تلاوة وكتابة وقال آخرون بل ابتدئ بها لتفتح لاستماعها أسماع المشركين إذ تواصوا بالإعراض عن القرآن حتى إذا استمعوا له تلا عليهم المؤلف منه حكاه ابن جرير أيضا وهو ضعيف أيضا لأنه لو كان كذلك لكان ذلك في جميع السور لا يكون في بعضها بل غالبها ليس كذلك ولو كان كذلك أيضا لانبغى الابتداء بها في أوائل الكلام معهم سواء كان افتتاح سورة أو غير ذلك ثم إن هذه السورة والتي تليها أعني البقرة وآل عمران مدنيتان ليستا خطابا للمشركين فانتقض ما ذكروه بهذه الوجوه .


يتبع..

أبوعدولي
24 -08- 2011, 12:54 AM
وقال آخرون..
بل إنما ذكرت هذه الحروف في أوائل السور التي ذكرت فيها بيانا لإعجاز القرآن وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله هذا مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها وقد حكى هذا المذهب الرازي في تفسيره عن المبرد وجمع من المحققين وحكى القرطبي عن الفراء وقطرب نحو هذا وقرره الزمخشري في كشافه ونصره أتم نصر وإليه ذهب الشيخ الإمام العلامة أبو العباس ابن تيمية وشيخنا الحافظ المجتهد أبو الحجاج المزي وحكاه لي عن ابن تيمية . قال الزمخشري ولم ترد كلها مجموعة في أول القرآن وإنما كررت ليكون أبلغ في التحدي والتبكيت كما كررت قصص كثيرة وكرر التحدي بالصريح في أماكن قال وجاء منها على حرف واحد كقوله - ص ن ق - وحرفين مثل " حم " وثلاثة مثل" الم " وأربعة مثل " المر " و " المص " وخمسة مثل " كهيعص - و - حم عسق " لأن أساليب كلامهم على هذا من الكلمات ما هو على حرف وعلى حرفين وعلى ثلاثة وعلى أربعة وعلى خمسة لا أكثر من ذلك " قلت " ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف فلا بد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن وبيان إعجازه وعظمته وهذا معلوم بالاستقراء وهو الواقع في تسع وعشرين سورة ولهذا يقول تعالى " الم ذلك الكتاب لا ريب فيه " الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه" المص كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه " الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم " الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين " حم تنزيل من الرحمن الرحيم " حم عسق كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم " وغير ذلك من الآيات الدالة على صحة ما ذهب إليه هؤلاء لمن أمعن النظر والله أعلم . وأما من زعم أنها دالة على معرفة المدد وأنه يستخرج من ذلك أوقات الحوادث والفتن والملاحم فقد ادعى ما ليس له وطار في غير مطاره وقد ورد في ذلك حديث ضعيف وهو مع ذلك أدل على بطلان هذا المسلك من التمسك به على صحته وهو ما رواه محمد بن إسحاق بن يسار صاحب المغازي حدثني الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن جابر بن عبد الله بن رباب قال مر أبو ياسر بن أخطب في رجال من يهود برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتلو فاتحة سورة البقرة " الم ذلك الكتاب لا ريب فيه " فأتى أخاه بن أخطب في رجال من اليهود فقال تعلمون والله لقد سمعت محمدا يتلو فيما أنزل الله تعالى عليه " الم ذلك الكتاب لا ريب فيه " فقال أنت سمعته قال نعم قال فمشى حيي بن أخطب في أولئك النفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا محمد ألم يذكر أنك تتلو فيما أنزل الله عليك " الم ذلك الكتاب " ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بلى " فقالوا جاءك بهذا جبريل من عند الله ؟ فقال " نعم " قالوا لقد بعث الله قبلك أنبياء ما نعلمه بين لنبي منهم ما مدة ملكه وما أجل أمته غيرك . فقام حيي بن أخطب وأقبل على من كان معه فقال لهم الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون فهذه إحدى وسبعون سنة أفتدخلون في دين نبي إنما مدة ملكه وأجل أمته إحدى وسبعون سنة ؟ ثم أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد هل مع هذا غيره فقال " نعم " قال ما ذاك ؟ قال " المص " قال هذا أثقل وأطول الألف واحد واللام ثلاثون والميم أربعون والصاد تسعون فهذه إحدى وثلاثون ومائة سنة . هل مع هذا يا محمد غيره ؟ قال " نعم " قال ما ذاك ؟ قال " الر " قال هذا أثقل وأطول الألف واحدة واللام ثلاثون والراء مائتان فهذه إحدى وثلاثون ومائتا سنة. فهل مع هذا يا محمد غيره ؟ قال " نعم " قال ماذا قال" المر " قال هذه أثقل وأطول الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون والراء مائتان فهذه إحدى وسبعون ومائتان ثم قال : لقد لبس علينا أمرك يا محمد حتى ما ندري أقليلا أعطيت أم كثيرا . ثم قال قوموا عنه ثم قال أبو ياسر لأخيه حيي بن أخطب ولمن معه من الأحبار ما يدريكم لعله قد جمع هذا لمحمد كله إحدى وسبعون وإحدى وثلاثون ومائة وإحدى وثلاثون ومائتان وإحدى وسبعون ومائتان فذلك سبعمائة وأربع سنين ؟ فقالوا لقد تشابه علينا أمره فيزعمون أن هؤلاء الآيات نزلت فيهم " هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات " فهذا الحديث مداره على محمد بن السائب الكلبي وهو ممن لا يحتج بما انفرد به ثم كان مقتضى هذا المسلك إن كان صحيحا أن يحسب ما لكل حرف من الحروف الأربعة عشر التي ذكرناها وذلك يبلغ منه جملة كثيرة وإن حسبت مع التكرر فأطم وأعظم والله أعلم . وقوله تعالى " والقرآن ذي الذكر " أي والقرآن المشتمل على ما فيه ذكر للعباد ونفع لهم في المعاش والمعاد قال الضحاك في قوله تعالى " ذي الذكر " كقوله تعالى " لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم " أي تذكيركم وكذا قال قتادة واختاره ابن جرير . وقال ابن عباس رضي الله عنهما وسعيد بن جبير وإسماعيل بن أبي خالد وابن عيينة وأبو حصين وأبو صالح والسدي " ذي الذكر " ذي الشرف أي ذي الشأن والمكانة ولا منافاة بين القولين فإنه كتاب شريف مشتمل على التذكير والإعذار والإنذار واختلفوا في جواب هذا القسم فقال بعضهم هو قوله تعالى " إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب " وقيل قوله تعالى " إن ذلك لحق تخاصم أهل النار " حكاهما ابن جرير وهذا الثاني فيه بعد كبير وضعفه ابن جرير وقال قتادة جوابه" بل الذين كفروا في عزة وشقاق " واختاره ابن جرير ثم حكى ابن جرير عن بعض أهل العربية أنه قال جوابه " ص " بمعنى صدق حق " والقرآن ذي الذكر " وقيل جوابه ما تضمنه سياق السورة بكمالها والله أعلم .

أبوعدولي
24 -08- 2011, 12:55 AM
http://www.youtube.com/watch?v=Q5Y_CePOPKo

أبوعدولي
24 -08- 2011, 08:43 PM
http://upload.7ozn.com/files17/13140260062.gif
http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/6954033771797478898.gifhttp://m002.maktoob.com/alfrasha/up/6954033771797478898.gif
سبب التسمية :
سُميت ‏‏"سورة ‏الجاثية ‏‏" ‏للأهوال ‏التي ‏يلقاها ‏الناس ‏يوم ‏الحساب ‏‏،
‏حيث ‏تجثوا ‏الخلائق ‏من ‏الفزع ‏على ‏الركب ‏في ‏انتظار ‏الحساب ‏‏،
‏ويغشى ‏الناس ‏من ‏الأهوال ‏ما ‏لا ‏يخطر ‏على ‏البال ‏‏( ‏وَتَرَى ‏كُلَّ ‏أُمَّةٍ ‏جَاثِيَةٍ
‏كُلُّ ‏أُمَّةٍ ‏تُدْعَى ‏إِلىَ ‏كِتَابِهَا ‏اليَوْمَ ‏تُجْزَوْنَ ‏مَا ‏كُنْتُمْ ‏تَعْمَلُونَ ‏‏) ‏وحقا ‏إنه
‏ليوم ‏رهيب ‏يشيب ‏له ‏الولدان ‏‏.
http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/6954033771797478898.gifhttp://m002.maktoob.com/alfrasha/up/6954033771797478898.gif
التعريف بالسورة :
1) مكية . ماعدا الآية 14 فمدنية.
2) من المثاني .
3) آياتها 37 .
4) ترتيبهاالخامسة والأربعون .
5) نزلت بعد الدخان .
6) بدأت بحروف مقطعة ،السورة من الحواميم الجاثية أحد أسماء
يوم القيامة .
7) الجزء "25" الحزب "50" الربع "7،8" .
http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/6954033771797478898.gifhttp://m002.maktoob.com/alfrasha/up/6954033771797478898.gif
محور مواضيع السورة :
سورة الجاثية مكية ، وقد تناولت العقيدة الإسلامية في إطارها الواسع
" الإيمان بالله تعالى ووحدانيته ، والإيمان بالقرآن ونبوة محمد ـ ـ
والإيمان بالآخرة والبعث والجزاء " ويكاد يكون المحور الذي تدور حوله
السورة الكريمة هو إقامة الأدلة والبراهين على وحدانية رب العالمين .
http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/6954033771797478898.gifhttp://m002.maktoob.com/alfrasha/up/6954033771797478898.gif
سبب نزول السورة :
1) قال ابن عباس في رواية عطاء :يريد عمر بن الخطاب خاصة وأراد
بالذين لا يرجون أيام الله عبد الله بن أُبيّ وذلك أنَّهم نزلوا في غزوة
بني المصطلق على بئر يقال لها المريسيع فأرسل عبد الله غلامه ليستقي
الماء فأبطأ عليه فلما أتاه قال : ما حبسك ؟ قال : غلام عمر قعد على
قف البئر فما ترك أحدا يستقي حتى ملأ قِرَبَ النبي وَقِرَبَ أبي بكر وَملأ
لمولاه ، فقال عبد الله : ما مثلنا و مثل هؤلاء إلا كما قيل سَمِّنْ كلبك يأكلك،
فبلغ قوله عمر فاشتمل بسيفه يريد التوجه إليه فأنزل الله تعالى هذه الآية .
2) روى أن أبا جهل طاف بالبيت ذات ليلة ومعه الوليد بن المغيرة فتحدثا
في شأن النبي عليه فقال أبو جهل: والله إني لأعلم إنه لصادق ، فقال له :
مه وما دلك على ذلك ؟ ،فقال : يا أبا عبد شمس كنا نسميه في صباه
الصادق الامين فلما تم عقله وكمل رشده نسميه الكذاب الخائن والله إني
لأعلم إنه لصادق ، قال: فما يمنعك أن تصدقه وتؤمن به ؟ قال: لا أحب أن
تقول عني بنات قريش إنّي اتَّبَعْتُ يتيم أبي طالب من أجل كسرة ، واللات
والعزى لا أتبعه أبدًا ؛ فنزلت " أَفَرَأَيْتَ مَن اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ
عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ " .
http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/6954033771797478898.gifhttp://m002.maktoob.com/alfrasha/up/6954033771797478898.gif
ربنا آتنا في الدنيا حسنة
وفي الآخرة حسنة ..وقنا عذاب النار

أبوعدولي
24 -08- 2011, 08:44 PM
الحلقة الرابعة والعشرون بين يدي سورة الجاثية على الرابط التالي :
http://samtah.net/vb/showthread.php?p=1356230#post1356230

سامي القيسي
24 -08- 2011, 09:14 PM
جزاك الله كل خير يا بو عدولي وكل سنة وأنت طيب

البحار الكبير
24 -08- 2011, 10:52 PM
اخي الكريم ابو عدولي
والله إننا متابعون وبحرص لما تجلب لنا من المواضيع النيرة والعظيمة
اسأل الله لك التوفيق والسداد والمغفرة والرحمة من رب العباد
ولا تنسانا من الدعاء بظهر الغيب وانا ذاهب إلى مكة الليلة وسوف ندعو لجميع من في المنتدى
بالصلاح والفلاح في الدنيا والآخرة
ولك تقديري واحترامي

أبوعدولي
24 -08- 2011, 11:36 PM
اخي الكريم ابو عدولي
والله إننا متابعون وبحرص لما تجلب لنا من المواضيع النيرة والعظيمة
اسأل الله لك التوفيق والسداد والمغفرة والرحمة من رب العباد
ولا تنسانا من الدعاء بظهر الغيب وانا ذاهب إلى مكة الليلة وسوف ندعو لجميع من في المنتدى
بالصلاح والفلاح في الدنيا والآخرة
ولك تقديري واحترامي
الله يوفقك أخي الكريم في حلك وترحالك
وأنا كذلك سأنطلق بمشيئة الله الساعة الثانية
أوالثالثة فجراً إلى جده .. وفقالله الجميع وتقبل صالحالطاعات

ابن الطوال
24 -08- 2011, 11:37 PM
يعافيك ربي والف شكر لك
وجزاك ربي الفردوس الاعلى

ابن الطوال
25 -08- 2011, 02:24 AM
يعافيك ربي وألف شكر لك
وجزاك ربي جنة الخلد

أبوعدولي
25 -08- 2011, 08:48 PM
http://upload.7ozn.com/files17/13140260063.gif
http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/1671725137852021380.gif
‎‎‏ التعريف بالسورة :
1) سورة مكية .
2) من المفصل .
3) آياتها 60 .
4) ترتيبها الحادية والخمسون .
5) نزلت بعد الأحقاف.
6) بدأت السورة باسلوب قسم " والذاريات " ويقصد بها الرياح اسم
السورة ( الذاريات ) .
7) الجزء ( 27 ) ، الحزب ( 53) ، الربع (1) .

http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/1671725137852021380.gif
محور مواضيع السورة :
هذه السورة الكريمة من السور المكية التي تقوم على تشييد دعائم الإيمان ،
وتوجيه الأبصار إلى قدرة الله الواحد القهار، وبناء العقيدة الراسخة على
أسس التقوى والإيمان .
http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/1671725137852021380.gif
سبب نزول السورة :
عن قتادة في قوله ( فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ ِبمَلُومٍ ) قال : ذُكِرَ لنا أنها لما
نزلت اشتد على أصحاب رسول الله و رأوا أن الوحى قد انقطع ، وأن العذاب
قد حضر فأنزل الله بعد ذلك ( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المؤْمِنِينَ ) .
http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/1671725137852021380.gif
فضل السورة :
عن ابن عمر أنه قرأ في الظهر بقاف والذاريات
http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/1671725137852021380.gif
سبحان الله والحمد لله ولاإله إلا الله والله اكبر

أبوعدولي
25 -08- 2011, 08:51 PM
جزاك الله كل خير يا بو عدولي وكل سنة وأنت طيب
ويجزالك الجنه ياسامي .. وكل سنه وأنت الى الله أقرب
شكراً للمتابعة

أبوعدولي
25 -08- 2011, 08:52 PM
الحلقة الخامسة والعشرون بين يدي سورة الجاثية على الرابط التالي :
http://samtah.net/vb/showthread.php?p=1356749#post1356749

أنوار
25 -08- 2011, 11:04 PM
جزاك الله خيرا ً أبو عدولي ونفع بك
رائع ماتقدمه لنا بصورة مختصرة واضحة ، بها جل الفوائد

بارك الله جهودك وضاعف حسناتك ، ورزقك جنة الخلد 00

مثابره
25 -08- 2011, 11:06 PM
http://www.youtube.com/watch?v=eTGtLKJk3HI

بوركت أبا عدولي وجزيت خيرا ..

أبوعدولي
26 -08- 2011, 08:21 PM
http://upload.7ozn.com/files17/13140260064.gif


http://www.al-wed.com/pic-vb/21.gifhttp://www.al-wed.com/pic-vb/21.gif
سبب التسمية :
سميت ‏بهذا ‏الاسم ‏لاشتمال ‏السورة ‏على ‏التغابن ‏من ‏جانب ‏كلا ‏من
‏المؤمنين ‏بعدم ‏زيادة ‏الطاعة ‏والكافر ‏لتركه ‏الإيمان‎ .‎‏
http://www.al-wed.com/pic-vb/21.gifhttp://www.al-wed.com/pic-vb/21.gif
التعريف بالسورة :
1) سورة مدنية .
2) من المفصل .
3) آياتها 18 .
4) ترتيبها الرابعة والستون .
5) نزلت بعد التحريم .
6) بدأت بفعل مضارع " يسبح " وهو أحد أساليب الثناء
والتسبيح والتغابن اسم من أسماء يوم القيامة .
7) الجزء ( 28 ) الحزب ، ( 56 ) الربع ( 6 ) .
http://www.al-wed.com/pic-vb/21.gifhttp://www.al-wed.com/pic-vb/21.gif
محور مواضيع السورة :
تعني بالتشريع ولكن جوها جو السور المكية التي تعالج
أصول العقيدة الإسلامية .
http://www.al-wed.com/pic-vb/21.gifhttp://www.al-wed.com/pic-vb/21.gif
سبب نزول السورة :
قال ابن عباس : كان الرجل يسلم فإذا أراد أن يهاجر منعه أهله
وولده ، وقالوا ننشدك الله أن تذهب فتدع أهلك وعشيرتك وتصبر
إلى المدينة ، بلا أهل ولا مال فمنهم من يرق لهم ويقيم ولا يهاجر ،
فأنزل الله تعالى هذه الآية .
2) عن إسماعيل بن أبي خالد قال : كان الرجل يسلم فيلومه
أهله وبنوه ، فنزلت هذه الآية (إن من أزواجكم وأولادكم عدوا
لكم فاحذروهم ) . قال عكرمة عن ابن عباس : وهؤلاء الذي منعهم
أهلهم عن الهجرة لما هاجروا ورأوا الناس قد فقهوا في : وهؤلاء
الذي منعهم أهلهم عن الهجرة لما هاجروا ورأوا الناس قد فقهوا
في الدين هموا أن يعاقبوا أهليهم الذين منعوهم ، فأنزل الله تعالى
( وأن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم ) .


http://www.al-wed.com/pic-vb/21.gifhttp://www.al-wed.com/pic-vb/21.gif
اللهم إجعلنا من الفائزين بهذه الليلة المباركة
( ليلة القدر )


ومن المغفور لهم ماتقدم من ذنبهم

أبوعدولي
26 -08- 2011, 08:26 PM
الحلقة السادسة والعشرون بين يدي سورة التغابن على الرابط التالي :
http://samtah.net/vb/showthread.php?p=1357233#post1357233

مثابره
27 -08- 2011, 02:21 AM
http://www.youtube.com/watch?v=NBQWNPa3CKs

جزاك الله الفردوس ابوعدولي

أبوعدولي
29 -08- 2011, 12:49 AM
http://upload.7ozn.com/files17/13140260065.gif
http://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-354-1310861147.jpghttp://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-354-1310861147.jpg
سبب التسمية :
سميت ‏بهذا ‏الاسم ‏لأن ‏المحور ‏الذي ‏تدور ‏عليه ‏السورة ‏هو ‏أخلاق ‏المنافقين ‏وأحوالهم ‏في ‏النفاق‎ .‎‏
http://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-354-1310861147.jpghttp://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-354-1310861147.jpg
التعريف بالسورة :
1) سورة مدنية .
2) من المفضل .
3) آياتها 11 .
4) ترتيبها الثالثة والستون .
5) نزلت بعد الحج .
6) بدأت باسلوب الشرط " إذا جاءك المنافقون " ،اسم السورة " المنافقون " .
7) الجزء ( 28 ) ، الحزب ( 56 ) الربع ( 5 ، 6 ) .
http://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-354-1310861147.jpghttp://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-354-1310861147.jpg
محور مواضيع السورة :
تعالج السورة " التشريعات والأحكام " وتتحدث عن الإسلام من زاويته العملية وهى القضايا التشريعية .
http://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-354-1310861147.jpghttp://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-354-1310861147.jpg
سبب نزول السورة :
عن زيد بن أرقم قال : لما قال ابن أبي ما قال أتيت النبي فأخبرته فجاء فحلف ما قال ، فجعل ناس يقولون جاء رسول الله بالكذب حتى جلست في البيت مخافة إذا رأوني قالوا هذا الذي يكذب حتى أنزل الله قوله ( هم الذين يقولون ) .
2) حينما قيل لعبد الله بن أبي بن سلول المنافق " تب " فجعل يلوي رأسه فأنزل الله هذه الآية.
http://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-354-1310861147.jpghttp://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-354-1310861147.jpg
لاإله إلا أنت إني كنت من الضالمين

__________________

أبوعدولي
29 -08- 2011, 12:55 AM
http://upload.7ozn.com/files17/13140260066.gif
http://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-446-1310861143.gif
سبب التسمية :
سُميت ‏بهذا ‏الاسم ‏للوصف ‏الذي ‏يجب ‏أن ‏يكون ‏عليه ‏المسلمون ‏في ‏القتال ‏‏،
‏وهو ‏كونهم ‏على ‏صف ‏واحد ‏كالبنيان ‏المرصوص ‏‏، ‏وتسمى ‏أيضا ‏‏"
‏ الحواريين ‏‏" ‏و ‏‏" ‏عيسى ‏‎". ‎‏
http://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-446-1310861143.gif
التعريف بالسورة :
1) سورة مدنية .
2) من المفصل .
3) آياتها 14 .
4) ترتيبها الحادية والستون .
5) نزلت بعد التغابن .
6) بدأت بفعل ماضي " سَبَّحَ " وهو أحد أساليب الثناء والتسبيح ،
ذكر لفظ الجلالة في الآية الأولى واسم الله العزيز الحكيم .
7) الجزء ( 28 ) ، الحزب ( 55 ) الربع ( 4 ) .
http://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-446-1310861143.gif
محور مواضيع السورة :
تعني السورة بالأحكام التشريعية وهذه السورة تتحدث عن موضع
القتال وجهاد أعداء الله والتضحية في سبيل الله لإعزاز دينه وإعلاء
كلمته وعن التجارة الرابحة التي بها سعادة المؤمن في الدنيا والآخرة
ولكن المحور الذي تدور عليه السورة هو القتال ولهذا سميت سورة الصف .
http://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-446-1310861143.gif
سبب نزول السورة :
عن عبد الله بن سلام قال : قعدنا نفر من أصحاب النبي وقلنا لو نعلم
أي الأعمال أحب إلى الله تبارك وتعالى عملناه ، فأنزل الله تعالى
( سبح لله ما في السموات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم ) إلى
قوله ( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا ) إلى آخر السورة ..
فقرأها علينا رسول الله .
2) قال المفسرون : كان المسلمون يقولون : " لو نعلم أحب الأعمال
إلى الله تعالى لبذلنا فيه أموالنا وأنفسنا " فدلهم الله على أحب
الأعمال إليه ، فقال : ( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا ) الآية ،
فابتلوا يوما بذلك فولوا مدبرين ، فأنزل الله تعالى ( لم تقولون ما لا تفعلون ) .
http://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-446-1310861143.gif
ربنا لاتؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا

أبوعدولي
29 -08- 2011, 12:58 AM
الحلقة السابعة والعشرون بين يدي سورة المنافقون على الرابط التالي :
http://www.samtah.net/vb/showthread.php?t=135706

أبوعدولي
29 -08- 2011, 12:59 AM
الحلقة الثامنة والعشرون بين يدي سورة الصف على الرابط التالي :
http://www.samtah.net/vb/showthread.php?t=135707

أبوعدولي
29 -08- 2011, 01:01 AM
مع الإعتذار للإنقطاع بسبب إنقطاع النت
اليوم أو غداً إن شاء الله الحلقتين 29/30

أبوعدولي
29 -08- 2011, 10:49 PM
http://upload.7ozn.com/files17/13140260067.gif
http://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-925-1310861144.gifhttp://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-925-1310861144.gif

سبب التسمية :
‎ ‎‏ ‏سُميت ‏بهذا ‏الاسم ‏لأن ‏الله ‏الذي ‏حشر ‏اليهود ‏وجمعهم ‏خارج ‏المدينة
‏هو ‏الذي ‏يحشر ‏الناس ‏ويجمعهم ‏يوم ‏القيامة ‏للحساب ‏‏، ‏وتسمى ‏أيضا
‏‏" ‏بني ‏النضير‎"‎‏ ‏‎ .‎‏
http://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-925-1310861144.gifhttp://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-925-1310861144.gif

التعريف بالسورة :
1) سورة مدنية .
2) من المفصل .
3) آياتها 24 .
4) ترتيبها التاسعة والخمسون .
5) نزلت بعد البينة .
6) من المسبحات " بدأت بفعل ماضي " سَبَّحَ " وهو أحد أساليب
الثناء والتسبيح ذُكِرَ لفظ الجلالة في الآية الأولى واسم الله العزيز
الحكيم ،اسم السورة احد اسماء يوم القيامة .
7) الجزء ( 28 ) ، الحزب ( 55 ) ، الربع ( 2،3 ) .
http://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-925-1310861144.gifhttp://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-925-1310861144.gif

محور مواضيع السورة :
تعني السورة بجانب التشريع شأن سائر السور المدنية والمحور
الرئيسي الذي تدور عليه السورة الكريمة هو الحديث عن " غزوة
بني النضير " وهم اليهود الذين نقضوا العهد مع الرسول صلى الله
عليه وسلم فأجلاهم عن المدينة المنورة ولهذا كان ابن عباس يسمى
هذه السورة " سورة بني النضير " وهي هذه السورة الحديث عن
المنافقين الذين تحالفوا مع اليهود وبإيجاز هى سورة " الغزوات
والجهاد والفئ والغنائم .
http://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-925-1310861144.gifhttp://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-925-1310861144.gif

سبب نزول السورة :
1) قال المفسرون نزلت هذه الآية في بني النضير ، وذلك أن النبي
لما قدم المدينة صالحه بنو النضير على أن لا يقاتلوه ، و لا يقاتلوا معه ،
وقبل ذلك منهم فلما غزا رسول الله بدرا وظهر على المشركين قالت :
بنو النضير ، والله إنه النبي الذي وجدنا نعته في التوراة لا ترد له راية ،
فلما غزا أحدا ، وهزم المسلمون نقضوا العهد ، وأظهروا العداوة لرسول
الله والمؤمنين ، فحاصرهم رسول الله ثم صالحهم على الجلاء من المدينة .
2) عن ابن كعب بن مالك عن رجل من أصحاب النبي أن كفار قريش كتبوا
بعد وقعة بدر إلى اليهود أنكم أهل الحلقة والحصون ، وأنكم لتقاتلن
صاحبنا أو لنفعلن كذا ولا يحول بيننا وبين خدم نسائكم وبين الخلاخل شيء ،
فلما بلغ كتابهم اليهود أجمعت بنو النضير الغدر ، وأرسلوا إلى النبي أن
أخرج إلينا في ثلاثين رجلا من أصحابك ، وليخرج معنا ثلاثون حبرا ،
حتى نلتقى بمكان نصف بيننا وبينك ؛ ليسمعوا منك فإن صدقوك وآمنوا
بك آمنا بك كلنا ، فخرج النبي في ثلاثين من أصحابه ، وخرج إليه ثلاثون
حبرا من اليهود ، حتى إذا برزوا في براز من الأرض قال بعض اليهود لبعض
كيف تخلصون إليه ومعه ثلاثون رجلا من أصحابه كلهم يحب أن يموت قبله ؟
فأرسلوا كيف نتفق ونحن ستون رجلا اخرج في ثلاثة من أصحابك وتخرج
إليك ثلاثة من علمائنا أن آمنوا بك آمنا بك كلنا وصدقناك ، فخرج النبي
في ثلاثة من أصحابه ، وخرج ثلاثة من اليهود واشتملوا على الخناجر ،
وأرادوا الفتك برسول الله فأرسلت امرأة ناصحة من بني النضير إلى أخيها
ـ وهو مسلم من الأنصار ـ فأخبرته خبر ما أراد بنو النضير من الغدر برسول
الله وأقبل أخوها سريعا حتى أدرك النبي فساره بخبرهم فرجع النبي
فلما كان من الغد عدا عليهم بالكتائب ، فحاصرهم ، فقاتلهم حتى نزلوا
على الجلاء ، على أن لهم ما أقلت إبل إلا الحلقة وهى السلاح ، وكانوا
يخربون بيوتهم فيأخذون ما وافقهم من خشبها فأنزل الله تعالى
( لله ما في السموات وما في الأرض حتى بلغ والله على كل شيء قدير ) .
3) وذلك أن رسول الله لما نزل ببني النضير وتحصنوا في حصونهم أمر
بقطع نخيلهم وإحراقها ، فجزع أعداء الله عند ذلك وقالوا زعمت يا محمد
أنك تريد الصلاح أفمن الصلاح عقر الشجر المثمر ، وقطع النخيل ، وهل
وجدت فيما زعمت أنه أنزل عليك الفساد في الأرض ؟ فشق ذلك على
النبي فوجد المسلمون في أنفسهم من قولهم وخشوا أن يكون ذلك
فسادا واختلفوا في ذلك ، فقال بعضهم : لا تقطعوا فإنه مما أفاء الله علينا .
وقال بعضهم : بل اقطعوا فأنزل الله تبارك وتعالى ( ما قطعتم من لينة ) الآية
تصديقا لمن نهى عن قطعه ، وتحليلا لمن قطعه ، وأخبر أن قطعه وتركه
بإذن الله تعالى .
4) عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله حرق نخل النضير ، وقطع وهى البويرة ،
فأنزل الله تعالى ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله
وليخزي الفاسقين رواه البخاري ومسلم عن قتيبة .
5) عن نافع ابن عمر أن رسول الله قطع نخل بني النضير ، وحرق وهى البويرة ،
ولها يقول حسان وهان على سراة بني لؤى حريق بالبويرة مستطير .
وفيها نزلت الآية ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها . رواه مسلم .
6) عن ابن عباس قال : جاء يهودي إلى النبي قال : أنا أقوم فأصلي .
قال : قدر الله لك ذلك أن تصلى . قال : أنا أقعد . قال : قدر الله لك أن تقعد .
قال أنا أقوم إلى هذه الشجرة فأقطعها .
قال قدر الله لك أن تقطعها . قال : فجاء جبريل فقال يا محمد لقنت حجتك
كما لقنها إبراهيم على قومه ، وأنزل الله تعالى ( ما قطعتم من لينة أو
تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين ) يعنى اليهود .
7) أمر الله رسوله بالسير إلى قريظة والنضير ، وليس للمؤمنين يومئذ كثير
خيل ولا ركاب ، فجعل رسول الله يحكم فيه ما أراد ، ولم يكن يومئذ خيل
ولا ركاب يوجف بها ، قال : والإيجاف أن يوضعوا السير ، وهى لرسول
الله فكان من ذلك خيبر وفدك وقرى عربية ، وأمر الله رسوله أن يعد لينبع
فأتاها رسول الله فاحتواها كلها فقال أناس : هلا قسمها . فأنزل الله هذه الآية .
http://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-925-1310861144.gifhttp://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-925-1310861144.gif

سبحان رب العزة عما يصفون
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

أبوعدولي
29 -08- 2011, 10:53 PM
http://upload.7ozn.com/files17/13140260068.gif
http://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-552-1310861143.gifhttp://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-552-1310861143.gif


سبب التسمية :
سُميت ‏‏ ‏سورة ‏الطور ‏‏ ‏لأن ‏الله ‏ـ ‏تعالى ‏ـ ‏بدأ ‏السورة ‏الكريمة ‏بالقسم
‏بجبل ‏الطور ‏الذي ‏كلم ‏الله ‏ـ ‏تعالى ‏ـ ‏عليه ‏موسى ‏ـ ‏عليه ‏السلام ‏ـ
‏ونال ‏ذلك ‏الجبل ‏من ‏الأنوار ‏والتجليات ‏والفيوضات ‏الإلهية ‏ما ‏جعله ‏مكانا
‏وبقعة ‏مشرفة ‏على ‏سائر ‏الجبال ‏في ‏بقاع ‏الأرض‎ .‎‏
http://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-552-1310861143.gifhttp://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-552-1310861143.gif


التعريف بالسورة :
1) سورة مكية .
2) من المفصل .
3) آياتها 49 . .
4) ترتيبها الثانية والخمسون .
5) نزلت بعد السجدة .
6) بدأت السورة باسلوب قسم والطور ، الطور هو الجبل الذي
كلم الله سيدنا موسى عليه .
7) الجزء ( 27) ، الحزب ( 53) ، الربع ( 1، 2 ) .
http://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-552-1310861143.gifhttp://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-552-1310861143.gif


محور مواضيع السورة :
سورة الطور من السورة المكية التي تعالج موضوع العقيدة
الإسلامية وتبحث في أصول العقيدة وهي " الوحدانية ، الرسالة ، البعث والجزاء " .
http://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-552-1310861143.gifhttp://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-552-1310861143.gif


فضل السورة :
1) عن جبير بن مطعم قال : سمعت النبي يقرأ في المغرب بالطور (رواه البخاري ) وغيره .
2) عن أم سلمة قالت : شكوت إلى رسول الله إني اشتكى فقال : طوفي من وراء
الناس وأنت راكبة . فطفت ورسول الله يصلي إلى جنب البيت يقرأ ( وَالطُّور وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ)
http://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-552-1310861143.gifhttp://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-552-1310861143.gif
http://urad.free.fr/urad_chamsona/eid/0.gif


عيد سعيد كل عام وانتم بخير

أبوعدولي
29 -08- 2011, 11:02 PM
الحلقة التاسعة والعشرون بين يدي سورة الحشرعلى الرابط التالي :
http://www.samtah.net/vb/showthread.php?t=135745

أبوعدولي
29 -08- 2011, 11:04 PM
الحلقة الثلاثون والأخيرة بين يدي سورة الطورعلى الرابط التالي :
http://www.samtah.net/vb/showthread.php?t=135746

أبوعدولي
29 -08- 2011, 11:12 PM
http://urad.free.fr/urad_chamsona/eid/0.gif


نعم وداعاً يارمضان ياشهر الخير والرحمة والغفران
نسأل الله ان نكون قد وفقنا في تقديم سلسلة هذه الحلقات
التي إمتدت لثلاثون ليلة من ليالي الشهر الكريم في كل ليلة نكون مع أيات ومحاور وإعجاز سورة من سور القرآن الكريم
نسأل الله ان يتقبلها منا ومنكم وان يضاعف بها الحسنات وان يجعلها شاهدة لنا لاعلينا
شكراً لكل من تواجد هنا بالإطلاع والمشاركة والتعليق وأسأل الله ألا يحرمنا الأجر وإياكم
وفي الأخير ...
http://media.nas.mbc.net/media/images/sharingImages/2099211.jpg

روز أرسلان
29 -08- 2011, 11:38 PM
ما شالله ... بارك الله فيك

عملت مجهود كبييير برمضان هاد .. وان شالله بكل رمضان

بميزان حسناتك يا رب

جزاك الله عنا كل خير ... وكل سنة وانت سالم

wrwr

أم بدر
29 -08- 2011, 11:59 PM
بارك الله فيك، ورفع قدرك في الدارين

قلب الوفا
04 -09- 2011, 03:02 AM
http://urad.free.fr/urad_chamsona/eid/0.gif



نعم وداعاً يارمضان ياشهر الخير والرحمة والغفران
نسأل الله ان نكون قد وفقنا في تقديم سلسلة هذه الحلقات
التي إمتدت لثلاثون ليلة من ليالي الشهر الكريم في كل ليلة نكون مع أيات ومحاور وإعجاز سورة من سور القرآن الكريم
نسأل الله ان يتقبلها منا ومنكم وان يضاعف بها الحسنات وان يجعلها شاهدة لنا لاعلينا
شكراً لكل من تواجد هنا بالإطلاع والمشاركة والتعليق وأسأل الله ألا يحرمنا الأجر وإياكم
وفي الأخير ...

http://media.nas.mbc.net/media/images/sharingImages/2099211.jpg



http://r17.imgfast.net/users/1711/53/54/29/smiles/559920.gif

http://www.600kb.com/gif1/PfU65079.gif

رزقك الجنه ومن تُحِبْ