المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بـــــين يـــــدي ســـــــورة



الصفحات : [1] 2

أبوعدولي
01 -08- 2011, 12:54 AM
http://sfiles.d1g.com/photos/16/31/2933116_max.jpg
http://islam.makcdn.com/image2931_500_361/500X361.jpg


أيها الأحبة .. هاهي الأشهر تنطوي ويحل علينا شهر رمضان المبارك شهر القرآن شهر الخيرات والصلوات والعبادات .. وإمتداداً للتدارس فيما بيننا لكتاب الله من خلا موضوع:
http://upload.7ozn.com/files15/13121488871.gif
نتعرف فيه كل ليلة عقب صلاة التراويح على الإعجاز اقرآني في سور القرآن الكريم وأسباب نزول الآيات ومعانيها
وكل الأحداث المرتبة بالسورة .. والى ذلك الحين .. أترككم في رعاية الله ..وااااا
http://www.noorfatema.net/up/uploads/12816117331.gif

نسايم ليل
01 -08- 2011, 04:17 AM
جزاك الله خير أستاذي

وكل سنة وانت طيب

وبالصحة والسلامة يارب

نشارك في الإعجاز القرآني ؟؟

أبوعدولي
01 -08- 2011, 04:54 AM
أهلاً وسهلاً أختي القديرة نسايم ليل
وجزاكالله ألف خير
تسعدنا مشاركتك معنا هذه الليلة

أبوعدولي
01 -08- 2011, 10:32 PM
http://www.husseinalsader.com/inp/Upload/2651929_bayyanat.jpg
http://t1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcSws6G5JIQt2lNC75-kDGTd5SW-a9HZFJPMzlpj4wq9yUBoynQhZQhttp://t1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcSws6G5JIQt2lNC75-kDGTd5SW-a9HZFJPMzlpj4wq9yUBoynQhZQ
نبدأ أحبتي معكم الليلة وكل ليلة من هذا الشهر الكريم في تدراس ثلاثون سورة من سور
http://www.shamiaelzona.com/vb/imgcache/2/23alsh3er.jpg
على مدار الشهر الفضيل نتعرف من خلال مشاركاتكم وإضافاتكم على إعجاز السورة ومعاني كلماتها وتصنيفها كما جاءت حسب نزولها ( مكية ام مدنية )على النبي الكريم


http://i3.makcdn.com/userFiles/s/h/sha3er_alghoraba2a/images/nybild.jpg


وذلك من خلال برنامجنا الذي سيكون الليله حول:


http://upload.7ozn.com/files15/13121201711.gif


إسمها :
سورة الملك

http://www.al-sunna.net/Media/Image/fawasel0001.gif
سبب التسمية :
سُميت ‏بهذا ‏الاسم ‏لاحتوائها ‏على ‏أحوال ‏الملك ‏‏، ‏سواء ‏كان ‏الكون
‏أم ‏الإنسان ‏‏، ‏وأن ‏ذلك ‏ملك ‏الله ‏تعالى ‏‏، ‏وسماها ‏النبي ‏سورة
‏‏" ‏تبارك ‏الذي ‏بيده ‏الملك ‏‏" ‏‏، ‏وسُميت ‏أيضا ‏تبارك ‏الملك ‏‏،
‏وسُميت ‏سورة ‏الملك ‏‏، ‏وأخرج ‏الطبرانى ‏عن ‏ابن ‏مسعود ‏قال ‏‏: ‏
كنا ‏نسميها ‏على ‏عهد ‏رسول ‏الله ‏ ‏المانعة ‏وروى ‏أن ‏اسمها ‏‏" ‏المنجية ‏‏"
‏وتسمى ‏أيضا ‏‏" ‏الواقية ‏‏" ‏وذكر ‏الرازى ‏أن ‏ابن ‏عباس ‏كان ‏يسميها ‏المجادلة،
‏لأنها ‏تجادل ‏عن ‏قارئها ‏عند ‏سؤال ‏الملكين‎ .‎‏


http://www.al-sunna.net/Media/Image/fawasel0001.gif
التعريف بالسورة :
1) مكية .
2) من المفصل .
3) آياتها 30 .
4) ترتيبها السابعة والستون .
5) نزلت بعد الطور.
6) بدأت باحد أساليب الثناء " تبارك " أول سورة في الجزء التاسع والعشرون .
7) الجزء (29 ) ، الحزب (57 ) ، الربع (1) .


http://www.al-sunna.net/Media/Image/fawasel0001.gif
محور مواضيع السورة :
تعالج موضوع العقيدة في أصولها الكبرى ، وقد تناولت هذه السورة
أهدافا رئيسية ثلاثة وهى :
1ــ إثبات عظمة الله وقدرته على الإحياء والإماتة.
2ــ وإقامة الأدلة والبراهين على وحدانية رب العالمين.
3ــ ثم بيان عاقبة المكذبين الجاحدين للبعث والنشور.


http://www.al-sunna.net/Media/Image/fawasel0001.gif
سبب نزول السورة :
قال تعالى " وأسروا قولكم أو اجهروا به " الآية . قال ابن عباس
نزلت في المشركين كانوا ينالون من رسول الله فخبره جبريل بما
قالوا فيه ونالوا منه فيقول بعضهم لبعض أسروا قولكم لئلا يسمع اله محمد.


http://www.al-sunna.net/Media/Image/fawasel0001.gif
فضل السورة :
1) عن مالك بن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أنه أخبره أن " قل هو الله أحد " تعدل ثلث القرآن ، وأن تبارك الذي بيده الملك تجادل عن صاحبها .
2) عن ابن عباس قال ضرب بعض أصحاب النبي خباءه على قبر ، وهو لا يحسب أنه قبر ، فإذا فيه إنسان يقرأ سورة تبارك الذي بيده الملك حتى ختمها فأتى النبي فقال : يا رسول الله إنى ضربت خبائي على قبر ، وأنا لا أحسب أنه قبر فإذا فيها إنسان يقرأ سورة تبارك ( الملك )
حتى ختمها فقال رسول الله هى المانعة هى المنجية تنجيه من عذاب القبر .
http://www.al-sunna.net/Media/Image/fawasel0001.gif
بإنتظار إضافاتكم الرائعة أومناقشة المواضيع التي تتمحور حولها آيات لسورة

أبوعدولي
01 -08- 2011, 10:34 PM
الحلقة الأولى : سورة تبارك على هذا الرابط :
http://samtah.net/vb/showthread.php?p=1336742#post1336742

أم بدر
01 -08- 2011, 10:51 PM
جزاك الله كل خير اخي الكريم ومبارك عليك الشهر

ميدوزة الأورليا
01 -08- 2011, 10:54 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ

الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ

ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ

وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ

وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ

إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ

تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ

قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ

وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ

فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ

إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ

وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ

أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ

هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ

أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ

أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ

وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ

أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ

أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ

أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَل لَّجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ

أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ

قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَّا تَشْكُرُونَ

قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ

وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ

قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ

فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ

قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ

البحار الكبير
01 -08- 2011, 11:02 PM
سيدي الكريم ابو عدولي
كل عام وانتم بخير
اسأل الله ان يجمعنا على الخير دائما
وارجو من الله ان يجعل ثواب هذا الموضوع في ميزان حسناتك
وفقك الله ورعاك
وتقديري واحترامي

أبوعدولي
01 -08- 2011, 11:59 PM
ميدوزةالأورليا
جزاك الله خير .. وأثابك أجر المشاركه

أبوعدولي
02 -08- 2011, 12:02 AM
سيدي الكريم ابو عدولي
كل عام وانتم بخير
اسأل الله ان يجمعنا على الخير دائما
وارجو من الله ان يجعل ثواب هذا الموضوع في ميزان حسناتك
وفقك الله ورعاك
وتقديري واحترامي

أهلاً وسهلاً بكبير المكان والقلب .. البحار الكبير
وأنت بألف خير وسلامه
اللهم آمين يارب العالمين ويحقق لن الثواب بصالح الأعمال
وأن لايحرمك الله أجر المشاركة
وديمتد لشخصكم القدير

أبوعدولي
02 -08- 2011, 12:18 AM
معاني كلمات سورة الملك (http://science.creaforum.net/t1939-topic#2240)


http://www.al-sunna.net/Media/Image/fawasel0001.gif

تبارك الذي
تعالى و تمجّد أو تكاثر خَيْره
بيده الملك
له الأمر و النّهي و السلطان
خلق الموت
أوْدَه . أو قدّرَه أزلاً
ليبلوكم
ليَختبركم فيما بين الحياة و الموت
أحسن عملا
أصْوبَه و أخلَصَه أو أسْرَع طاعة
طباقا
كلّ سَماءٍ مَقـْـــِبـيّة على الأخرى
تفاوت
اختلاف و عَدَم تناسب
فطور
شقوق و صدوع أو خلل
كرتين
رَجْعَتين رَجعة بعد رجعة
خاسئا
صاغرا لعدم ِوجْدان الفـُـطور
هو حسير
كليلٌ من كثرة المراجعة
بمصابيح
بكواكب عظيمة مُضيئة
رجوما للشياطين
بانقـضاض الشّهب منها عليهم
شهيقا
صَوْتا مُـنـْـكرًا كصوت الحمير
تفور
تغلي بهم غليَان القِدْر بما فيها
تكاد تميّـز
تتقطّع و تتفرّق و تنـْـشقّ
فَـوْج
جماعة من الكفار
فَسُحْقا
فبُعْدا من الرّحمة و الكرامة
الأرض ذلولا
مُذلـّـلة ليّـنـَـة سَهْلة تستقـرّون عليها
مَناكبها
جَوَانبها . أو طُرُقِها و فِجَاجها
إليه النشور
إليه تبْعثون من القبور
منْ في السّماء
أمْرُه و قَـضاؤُه و سلطانه
يَخسف بكم
يُـغَوّر بكم
هِي تمور
تـَـرْتجّ و تضطرب فتعلو عليكم
حاصبا
ريحًا من السّماء فيها حَصباء
كيف نذير
كيف إنذاري و قدْرتي على العِقاب
كان نكير
إنكاري عليهم بالإهلاك
صافّات و يَقبضْن
باسطاتٍ أجنحتهنّ في الجوّ عند الطيران و يَضْمُمْـنـَـها إذا ضربنَ
بها جُنوبهنّ
أمّن هذا ؟ ؟
بَلْ مَنْ هذا ؟ ؟
جُندٌ لكم
أعْوان لكم و مَنـَـعَة
غرور
خديعة من الشيطان و جنده
لجّوا في عُـتوّ
تمادَوْا في استكبار و عناد
نفور
شِرَادٍ و تباعد عن الحقّ
مُكِـبّا على وجهه
سَاقطا عليه لا يَـأمن العثور
يَمْشي سَويّا
مُسْـتـَويًا مُنتصِبا سالمًا من العثور (مَثلٌ للمشرك و الموحّد)
ذرأكم
خَلقكم و بَثـّـكم و فرّقكم
رأوه زلفة
رَأوُا العذاب قريبا منهم
سيئت
كَئِبَتْ و اسْوَدّتْ غمّا و ذلاّ
به تدعون
تـَـطلبون أن يُعجّل لكم استهزاءً
أرأيتم
أخبروني أو أروني
يُجير الكافرين
يُنـَجّـيهمْ. أو يَمنعهم أو يؤَمّنهم
غَوْرا
غائرا ذاهبا في الأرض لا يُنال
بماء معين
جَار أو ظاهرٍ . سَهْل التـّـناوُل

أبوعدولي
02 -08- 2011, 12:23 AM
جزاك الله كل خير اخي الكريم ومبارك عليك الشهر
ويجزاك الله الخير كله أخي العزيز
وشهركم مبارك
وتسعدنا مشاركتك في موضوع الحلقة الأولى
على الرابط أعلاه

انبعاث الأمل
02 -08- 2011, 12:24 AM
http://www.youtube.com/watch?v=cr0DDrhqFCI

جزاك الله الجنان وتقبل منك ومنا صالح الأعمال

أبوعدولي
02 -08- 2011, 12:53 AM
جزاك الله الجنان وتقبل منك ومنا صالح الأعمال

شاكر تواجدك أختي الكريمه هنا
ولاحرمك الله الأجر

نسايم ليل
02 -08- 2011, 01:31 AM
جزاك الله خير وزاد علم استاذ أبو عدولي

وبارك الله فيك

ورزقك الله الجنة بلا حساب

...............

فوائد سورة الملك:
-انها تنجي من عذاب القبر.
-تشفع للانسان حتى يدخله الجنة

نسايم ليل
02 -08- 2011, 01:40 AM
سورة الملك (المنجية من عذاااااب القبر)



تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)
تكاثر خير الله وبرُّه على جميع خلقه, الذي بيده مُلك الدنيا والآخرة وسلطانهما, نافذ فيهما أمره وقضاؤه, وهو على كل شيء قدير. ويستفاد من الآية ثبوت صفة اليد لله سبحانه وتعالى على ما يليق بجلاله.

الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)
الذي خلق الموت والحياة؛ ليختبركم - أيها الناس-: أيكم خيرٌ عملا وأخلصه؟ وهو العزيز الذي لا يعجزه شيء, الغفور لمن تاب من عباده. وفي الآية ترغيب في فعل الطاعات, وزجر عن اقتراف المعاصي

مثابره
02 -08- 2011, 02:21 AM
تفسير سورة الملك
لإبن كثير


بسم الله الرحمن الرحيم


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifتَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍقَدِيرٌ(1)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
سُورَة الْمُلْك : قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا حَجَّاج بْن مُحَمَّد وَابْن جَعْفَر قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَة عَنْ قَتَادَة عَنْ عَيَّاش الْجُشَمِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِنَّ سُورَة فِي الْقُرْآن ثَلَاثِينَ آيَة شَفَعَتْ لِصَاحِبِهَا حَتَّى غُفِرَ لَهُ : تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْك " وَرَوَاهُ أَهْل السُّنَن الْأَرْبَعَة مِنْ حَدِيث شُعْبَة بِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث حَسَن وَقَدْ رَوَى الْحَافِظ اِبْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه فِي تَرْجَمَة أَحْمَد بْن نَصْر بْن زِيَاد أَبِي عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ النَّيْسَابُورِيّ الْمُقْرِي الزَّاهِد الْفَقِيه أَحَد الثِّقَات الَّذِينَ رَوَى عَنْهُمْ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَلَكِنْ فِي غَيْر الصَّحِيحَيْنِ وَرَوَى عَنْهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ وَابْن خُزَيْمَةَ وَعَلَيْهِ تَفَقَّهَ فِي مَذْهَب أَبِي عُبَيْد بْن حربويه وَخَلَقَ سِوَاهُمْ سَاقَ بِسَنَدِهِ مِنْ حَدِيثه عَنْ فُرَات بْن السَّائِب عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ أَنَس بْن مَالِك قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ رَجُلًا مِمَّنْ كَانَ قَبْلكُمْ مَاتَ وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْء مِنْ كِتَاب اللَّه إِلَّا تَبَارَكَ فَلَمَّا وُضِعَ فِي حُفْرَته أَتَاهُ الْمَلَك فَثَارَتْ السُّورَة فِي وَجْهه فَقَالَ لَهَا إِنَّك مِنْ كِتَاب اللَّه وَأَنَا أَكْرَه مُسَاءَتك وَإِنِّي لَا أَمْلِك لَك وَلَا لَهُ وَلَا لِنَفْسِي ضُرًّا وَلَا نَفْعًا فَإِنْ أَرَدْت هَذَا بِهِ فَانْطَلِقِي إِلَى الرَّبّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَاشْفَعِي لَهُ فَتَنْطَلِق إِلَى الرَّبّ فَتَقُول يَا رَبّ إِنَّ فُلَانًا عَمَدَ إِلَيَّ مِنْ بَيْن كِتَابك فَتَعَلَّمَنِي وَتَلَانِي أَفَتُحْرِقهُ أَنْتَ بِالنَّارِ وَتُعَذِّبهُ وَأَنَا فِي جَوْفه ؟ فَإِنْ كُنْت فَاعِلًا ذَاكَ بِهِ فَامْحُنِي مِنْ كِتَابك فَيَقُول أَلَا أَرَاك غَضِبْت ؟ فَتَقُول وَحُقَّ لِي أَنْ أَغْضَب فَيَقُول اِذْهَبِي فَقَدْ وَهَبْته لَك وَشَفَّعْتُك فِيهِ - قَالَ - فَتَجِيء فَتَزْجُر الْمَلَك فَيَخْرُج خَاسِف الْبَال لَمْ يَحِلّ مِنْهُ بِشَيْءٍ - قَالَ - فَتَجِيء فَتَضَع فَاهَا عَلَى فِيهِ فَتَقُول مَرْحَبًا بِهَذَا الْفَم فَرُبَّمَا تَلَانِي وَمَرْحَبًا بِهَذَا الصَّدْر فَرُبَّمَا وَعَانِي وَمَرْحَبًا بِهَاتَيْنِ الْقَدَمَيْنِ فَرُبَّمَا قَامَتَا بِي وَتُؤْنِسهُ فِي قَبْره مَخَافَة الْوَحْشَة عَلَيْهِ " قَالَ فَلَمَّا حَدَّثَ بِهَذَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَبْقَ صَغِير وَلَا كَبِير وَلَا حُرّ وَلَا عَبْد إِلَّا تَعَلَّمَهَا وَسَمَّاهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُنْجِيَة .
" قُلْت " وَهَذَا حَدِيث مُنْكَر جِدًّا وَفُرَات بْن السَّائِب هَذَا ضَعَّفَهُ الْإِمَام أَحْمَد وَيَحْيَى بْن مَعِين وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو حَاتِم وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْر وَاحِد وَقَدْ ذَكَرَهُ اِبْن عَسَاكِر مِنْ وَجْه آخَر عَنْ الزُّهْرِيّ مِنْ قَوْله مُخْتَصَرًا وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ فِي كِتَاب إِثْبَات عَذَاب الْقَبْر عَنْ اِبْن مَسْعُود مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا مَا يَشْهَد لِهَذَا وَقَدْ كَتَبْنَاهُ فِي كِتَاب الْجَنَائِز " مِنْ الْأَحْكَام الْكُبْرَى " وَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيّ وَالْحَافِظ الضِّيَاء الْمَقْدِسِيّ مِنْ طَرِيق سَلَّام بْن مِسْكِين عَنْ ثَابِت عَنْ أَنَس قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " سُورَة فِي الْقُرْآن خَاصَمَتْ عَنْ صَاحِبهَا حَتَّى أَدْخَلَتْهُ الْجَنَّة : تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْك" وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْمَلِك بْن أَبِي الشَّوَارِب حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن عَمْرو بْن مَالِك النُّكْرِيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاء عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : ضَرَبَ بَعْض أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِبَاءَهُ عَلَى قَبْر وَهُوَ لَا يَحْسَب أَنَّهُ قَبْر فَإِذَا قَبْر إِنْسَان يَقْرَأ سُورَة الْمُلْك حَتَّى خَتَمَهَا فَأَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه ضَرَبْت خِبَائِي عَلَى قَبْر وَأَنَا لَا أَحْسِب أَنَّهُ قَبْر فَإِذَا إِنْسَان يَقْرَأ سُورَة الْمُلْك : تَبَارَكَ حَتَّى خَتَمَهَا فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " هِيَ الْمَانِعَة هِيَ الْمُنْجِيَة تُنْجِيه مِنْ عَذَاب الْقَبْر " ثُمَّ قَالَ هَذَا حَدِيث غَرِيب مِنْ هَذَا الْوَجْه وَفِي الْبَاب عَنْ أَبِي هُرَيْرَة ثُمَّ رَوَى التِّرْمِذِيّ أَيْضًا مِنْ طَرِيق لَيْث بْن أَبِي سُلَيْم عَنْ أَبِي الزُّبَيْر عَنْ جَابِر أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَنَام حَتَّى يَقْرَأ الم تَنْزِيل وَتَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْك وَقَالَ لَيْث عَنْ طَاوُس يَفْضُلَانِ كُلّ سُورَة فِي الْقُرْآن بِسَبْعِينَ حَسَنَة .
وَقَالَ الطَّبَرَانِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عَجْلَان الْأَصْبَهَانِيّ حَدَّثَنَا سَلَمَة بْن شَبِيب حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن الْحَكَم بْن أَبَان عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَوَدِدْت أَنَّهَا فِي قَلْب كُلّ إِنْسَان مِنْ أُمَّتِي" يَعْنِي تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْك هَذَا حَدِيث غَرِيب وَإِبْرَاهِيم ضَعِيف وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْله فِي سُورَة يس وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيث عَبْد بْن حُمَيْد فِي مُسْنَده بِأَبْسَط مِنْ هَذَا فَقَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن الْحَكَم عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ أَلَا أُتْحِفك بِحَدِيثٍ تَفْرَح بِهِ ؟ قَالَ بَلَى قَالَ اِقْرَأْ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْك وَعَلِّمْهَا أَهْلك وَجَمِيع وَلَدك وَصِبْيَان بَيْتك وَجِيرَانك فَإِنَّهَا الْمُنْجِيَة وَالْمُجَادِلَة تُجَادِل أَوْ تُخَاصِم يَوْم الْقِيَامَة عِنْد رَبّهَا لِقَارِئِهَا وَتَطْلُب لَهُ أَنْ يُنْجِيه مِنْ عَذَاب النَّار وَيُنْجِي بِهَا صَاحِبهَا مِنْ عَذَاب الْقَبْر قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَوَدِدْت أَنَّهَا فِي قَلْب كُلّ إِنْسَان مِنْ أُمَّتِي " . يُمَجِّد تَعَالَى نَفْسه الْكَرِيمَة وَيُخْبِر أَنَّهُ بِيَدِهِ الْمُلْك أَيْ هُوَ الْمُتَصَرِّف فِي جَمِيع الْمَخْلُوقَات بِمَا يَشَاء لَا مُعَقِّب لِحُكْمِهِ وَلَا يُسْأَل عَمَّا يَفْعَل لِقَهْرِهِ وَحِكْمَته وَعَدْله وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير " .


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifالَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ
قَالَ تَعَالَى " الَّذِي خَلَقَ الْمَوْت وَالْحَيَاة " وَاسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَة مَنْ قَالَ إِنَّ الْمَوْت أَمْر وُجُودِيّ لِأَنَّهُ مَخْلُوق وَمَعْنَى الْآيَة أَنَّهُ أَوْجَدَ الْخَلَائِق مِنْ الْعَدَم " لِيَبْلُوَهُمْ " أَيْ يَخْتَبِرهُمْ" أَيّهمْ أَحْسَن عَمَلًا " كَمَا قَالَ تَعَالَى " كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاَللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ " فَسَمَّى الْحَال الْأَوَّل وَهُوَ الْعَدَم مَوْتًا وَسَمَّى هَذِهِ النَّشْأَة حَيَاة وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " ثُمَّ يُمِيتكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ " وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَة حَدَّثَنَا صَفْوَان حَدَّثَنَا الْوَلِيد حَدَّثَنَا خُلَيْد عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى " الَّذِي خَلَقَ الْمَوْت وَالْحَيَاة " قَالَ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " إِنَّ اللَّه أَذَلَّ بَنِي آدَم بِالْمَوْتِ وَجَعَلَ الدُّنْيَا دَار حَيَاة ثُمَّ دَار مَوْت وَجَعَلَ الْآخِرَة دَار جَزَاء ثُمَّ دَار بَقَاء " . . وَرَوَاهُ مَعْمَر عَنْ قَتَادَة وَقَوْله تَعَالَى " لِيَبْلُوَكُمْ أَيّكُمْ أَحْسَن عَمَلًا " أَيْ خَيْر عَمَلًا كَمَا قَالَ مُحَمَّد بْن عَجْلَان وَلَمْ يَقُلْ أَكْثَر عَمَلًا ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " وَهُوَ الْعَزِيز الْغَفُور " أَيْ هُوَ الْعَزِيز الْعَظِيم الْمَنِيع الْجَنَاب وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ غَفُور لِمَنْ تَابَ إِلَيْهِ وَأَنَابَ بَعْدَمَا عَصَاهُ وَخَالَفَ أَمْره وَإِنْ كَانَ تَعَالَى عَزِيزًا هُوَ مَعَ ذَلِكَ يَغْفِر وَيَرْحَم وَيَصْفَح وَيَتَجَاوَز .


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifالَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " الَّذِي خَلَقَ سَبْع سَمَاوَات طِبَاقًا " أَيْ طَبَقَة بَعْد طَبَقَة وَهَلْ هُنَّ مُتَوَاصِلَات بِمَعْنَى أَنَّهُنَّ عُلْوِيَّات بَعْضهمْ عَلَى بَعْض أَوْ مُتَفَاصِلَات بَيْنهنَّ خَلَاء ؟ فِيهِ قَوْلَانِ أَصَحّهمَا الثَّانِي كَمَا دَلَّ ذَلِكَ حَدِيث الْإِسْرَاء وَغَيْره وَقَوْله تَعَالَى " مَا تَرَى فِي خَلْق الرَّحْمَن مِنْ تَفَاوُت " أَيْ بَلْ هُوَ مُصْطَحِب مُسْتَوٍ لَيْسَ فِيهِ اِخْتِلَاف وَلَا تَنَافُر وَلَا مَخَافَة وَلَا نَقْص وَلَا عَيْب وَلَا خَلَل وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " فَارْجِعْ الْبَصَر هَلْ تَرَى مِنْ فُطُور " أَيْ اُنْظُرْ إِلَى السَّمَاء هَلْ تَرَى فِيهَا عَيْبًا أَوْ نَقْصًا أَوْ خَلَلًا أَوْ فُطُورًا قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَالضَّحَّاك وَالثَّوْرِيّ وَغَيْرهمْ فِي قَوْله تَعَالَى " فَارْجِعْ الْبَصَر هَلْ تَرَى مِنْ فُطُور " أَيْ شُقُوق وَعَنْ السُّدِّيّ " هَلْ تَرَى مِنْ فُطُور " أَيْ مِنْ خُرُوق وَقَالَ اِبْن عَبَّاس فِي رِوَايَة " مِنْ فُطُور" أَيْ مِنْ وَهَاء وَقَالَ قَتَادَة " هَلْ تَرَى مِنْ فُطُور " أَيْ هَلْ تَرَى خَلَلًا يَا اِبْن آدَم ؟ .


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ
وَقَوْله تَعَالَى " ثُمَّ اِرْجِعْ الْبَصَر كَرَّتَيْنِ" قَالَ قَتَاده مَرَّتَيْنِ " يَنْقَلِب إِلَيْك الْبَصَر خَاسِئًا" قَالَ اِبْن عَبَّاس ذَلِيلًا وَقَالَ مُجَاهِد وَقَتَادَة صَاغِرًا" وَهُوَ حَسِير " قَالَ اِبْن عَبَّاس يَعْنِي وَهُوَ كَلِيل وَقَالَ مُجَاهِد وَقَتَادَة وَالسُّدِّيّ : الْحَسِير الْمُنْقَطِع مِنْ الْإِعْيَاء وَمَعْنَى الْآيَة إِنَّك لَوْ كَرَرْت الْبَصَر مَهْمَا كَرَرْت لَانْقَلَبَ إِلَيْك أَيْ لَرَجَعَ إِلَيْك الْبَصَر " خَاسِئًا " عَنْ أَنْ يَرَى عَيْبًا أَوْ خَلَلًا " وَهُوَ حَسِير " أَيْ كَلِيل قَدْ اِنْقَطَعَ مِنْ الْإِعْيَاء مِنْ كَثْرَة التَّكَرُّر وَلَا يَرَى نَقْصًا .


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifوَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ
وَلَمَّا نَفَى عَنْهَا فِي خَلْقهَا النَّقْص بَيَّنَ كَمَالَهَا وَزِينَتهَا فَقَالَ " وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيح " وَهِيَ الْكَوَاكِب الَّتِي وُضِعَتْ فِيهَا مِنْ السَّيَّارَات وَالثَّوَابِت وَقَوْله تَعَالَى " وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ " عَادَ الضَّمِير فِي قَوْله وَجَعَلْنَاهَا عَلَى جِنْس الْمَصَابِيح لَا عَلَى عَيْنهَا لِأَنَّهُ لَا يَرْمِي بِالْكَوَاكِبِ الَّتِي فِي السَّمَاء بَلْ بِشُهُبٍ مِنْ دُونهَا وَقَدْ تَكُون مُسْتَمَدَّة مِنْهَا وَاَللَّه أَعْلَم وَقَوْله تَعَالَى " وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاب السَّعِير" أَيْ جَعَلْنَا لِلشَّيَاطِينِ هَذَا الْخِزْي فِي الدُّنْيَا وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاب السَّعِير فِي الْأُخْرَى كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي أَوَّل الصَّافَّات " إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِب وَحِفْظًا مِنْ كُلّ شَيْطَان مَارِد لَا يَسْمَعُونَ إِلَى الْمَلَأ الْأَعْلَى وَيَقْذِفُونَ مِنْ كُلّ جَانِب دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَاب وَاصِب إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَة فَأَتْبَعَهُ شِهَاب ثَاقِب " قَالَ قَتَادَة إِنَّمَا خَلَقْت هَذِهِ النُّجُوم لِثَلَاثِ خِصَال خَلَقَهَا اللَّه زِينَة لِلسَّمَاءِ وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَعَلَامَات يُهْتَدَى بِهَا فَمَنْ تَأَوَّلَ فِيهَا غَيْر ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ بِرَأْيِهِ وَأَخْطَأَ حَظّه وَأَضَاعَ نَصِيبه وَتَكَلَّفَ مَا لَا عِلْم لَهُ بِهِ رَوَاهُ اِبْن جَرِير وَابْن أَبِي حَاتِم .


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifوَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ
يَقُول تَعَالَى " وَأَعْتَدْنَا لِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَاب جَهَنَّم وَبِئْسَ الْمَصِير " أَيْ بِئْسَ الْمَال وَالْمُنْقَلَب.


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifإِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ
" إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا " قَالَ اِبْن جَرِير يَعْنِي الصِّيَاح " وَهِيَ تَفُور " قَالَ الثَّوْرِيّ تَغْلِي بِهِمْ كَمَا يَغْلِي الْحَبّ الْقَلِيل فِي الْمَاء الْكَثِير .


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifتَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ
وَقَوْله تَعَالَى " تَكَاد تَمَيَّز مِنْ الْغَيْظ " أَيْ يَكَاد يَنْفَصِل بَعْضهَا مِنْ بَعْض مِنْ شِدَّة غَيْظهَا عَلَيْهِمْ وَحَنَقهَا بِهِمْ " كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْج سَأَلَهُمْ خَزَنَتهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِير " .


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifقَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ
يَذْكُر تَعَالَى عَدْله فِي خَلْقه وَأَنَّهُ لَا يُعَذِّب أَحَدًا إِلَّا بَعْد قِيَام الْحُجَّة عَلَيْهِ وَإِرْسَال الرَّسُول إِلَيْهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَث رَسُولًا " وَقَالَ تَعَالَى " حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُل مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَات رَبّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَة الْعَذَاب عَلَى الْكَافِرِينَ " وَهَكَذَا عَادُوا عَلَى أَنْفُسهمْ بِالْمَلَامَةِ وَنَدِمُوا حَيْثُ لَا تَنْفَعهُمْ النَّدَامَة .


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifوَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ
فَقَالُوا " لَوْ كُنَّا نَسْمَع أَوْ نَعْقِل مَا كُنَّا فِي أَصْحَاب السَّعِير " أَيْ لَوْ كَانَتْ لَنَا عُقُول نَنْتَفِع بِهَا أَوْ نَسْمَع مَا أَنْزَلَهُ اللَّه مِنْ الْحَقّ لَمَا كُنَّا عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنْ الْكُفْر بِاَللَّهِ وَالِاغْتِرَار بِهِ وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ لَنَا فَهْم نَعْي بِهِ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُل وَلَا كَانَ لَنَا عَقْل يُرْشِدنَا إِلَى اِتِّبَاعهمْ .


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifفَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ
قَالَ اللَّه تَعَالَى " فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِير " . قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر حَدَّثَنَا شُعْبَة عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة عَنْ أَبِي الْبُحْتُرِيّ الطَّائِيّ قَالَ أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَهُ مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " لَنْ يَهْلِك النَّاس حَتَّى يُعْذَرُوا مِنْ أَنْفُسهمْ " وَفِي حَدِيث آخَر " لَا يَدْخُل أَحَد النَّار إِلَّا وَهُوَ يَعْلَم أَنَّ النَّار أَوْلَى بِهِ مِنْ الْجَنَّة" .


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifإِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ
يَقُول تَعَالَى مُخْبِرًا عَمَّنْ يَخَاف مَقَام رَبّه فِيمَا بَيْنه وَبَيْنه إِذَا كَانَ غَائِبًا عَنْ النَّاس فَيَنْكَفّ عَنْ الْمَعَاصِي وَيَقُوم بِالطَّاعَاتِ حَيْثُ لَا يَرَاهُ أَحَد إِلَّا اللَّه تَعَالَى بِأَنَّهُ لَهُ مَغْفِرَة وَأَجْر كَبِير أَيْ تُكَفَّر عَنْهُ ذُنُوبه وَيُجَازَى بِالثَّوَابِ الْجَزِيل كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ " سَبْعَة يُظِلّهُمْ اللَّه تَعَالَى فِي ظِلّ عَرْشه يَوْم لَا ظِلّ إِلَّا ظِلّه " فَذَكَرَ مِنْهُمْ رَجُلًا دَعَتْهُ اِمْرَأَة ذَات مَنْصِب وَجَمَال فَقَالَ إِنِّي أَخَاف اللَّه وَرَجُلًا تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَم شِمَاله مَا تُنْفِق يَمِينه. وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو بَكْر الْبَزَّار فِي مُسْنَده حَدَّثَنَا طَالُوت بْن عَبَّاد حَدَّثَنَا الْحَارِث بْن عُبَيْد عَنْ ثَابِت عَنْ أَنَس قَالَ : قَالُوا يَا رَسُول اللَّه إِنَّا نَكُون عِنْدك عَلَى حَال فَإِذَا فَارَقْنَاك كُنَّا عَلَى غَيْره قَالَ " كَيْف أَنْتُمْ وَرَبّكُمْ ؟ " قَالُوا اللَّه رَبّنَا فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة قَالَ " لَيْسَ ذَلِكُمْ النِّفَاق " لَمْ يَرْوِهِ عَنْ ثَابِت إِلَّا الْحَارِث بْن عُبَيْد فِيمَا نَعْلَمهُ .


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifوَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُنَبِّهًا عَلَى أَنَّهُ مُطَّلِع عَلَى الضَّمَائِر وَالسَّرَائِر " وَأَسِرُّوا قَوْلكُمْ أَوْ اِجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيم بِذَاتِ الصُّدُور " أَيْ بِمَا يَخْطُر فِي الْقُلُوب.


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifأَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ
" أَلَا يَعْلَم مَنْ خَلَقَ " أَيْ أَلَا يَعْلَم الْخَالِق ؟ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَلَا يَعْلَم اللَّه مَخْلُوقه ؟ وَالْأَوَّل أَوْلَى لِقَوْلِهِ " وَهُوَ اللَّطِيف الْخَبِير " . ثُمَّ ذَكَرَ نِعْمَته عَلَى خَلْقه فِي تَسْخِيره لَهُمْ الْأَرْض وَتَذْلِيله إِيَّاهَا لَهُمْ بِأَنْ جَعَلَهَا قَارَّة سَاكِنَة لَا تَمِيد وَلَا تَضْطَرِب بِمَا جَعَلَ فِيهَا مِنْ الْجِبَال وَأَنْبَعَ فِيهَا مِنْ الْعُيُون وَسَلَكَ فِيهَا مِنْ السُّبُل وَهَيَّأَ فِيهَا مِنْ الْمَنَافِع وَمَوَاضِع الزُّرُوع وَالثِّمَار .


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ
قَالَ تَعَالَى " هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الْأَرْض ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبهَا" أَيْ فَسَافِرُوا حَيْثُ شِئْتُمْ مِنْ أَقْطَارهَا وَتَرَدَّدُوا فِي أَقَالِيمهَا وَأَرْجَائِهَا فِي أَنْوَاع الْمَكَاسِب وَالتِّجَارَات وَاعْلَمُوا أَنَّ سَعْيكُمْ لَا يُجْدِي عَلَيْكُمْ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يُيَسِّرهُ اللَّه لَكُمْ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " وَكُلُوا مِنْ رِزْقه " فَالسَّعْي فِي السَّبَب لَا يُنَافِي التَّوَكُّل كَمَا قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد الرَّحْمَن حَدَّثَنَا حَيْوَة أَخْبَرَنِي بَكْر بْن عَمْرو أَنَّهُ سَمِعَ عَبْد اللَّه بْن هُبَيْرَة يَقُول إِنَّهُ سَمِعَ أَبَا تَمِيم الْجَيْشَانِيّ يَقُول إِنَّهُ سَمِعَ عُمَر بْن الْخَطَّاب يَقُول إِنَّهُ سَمِعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّه حَقّ تَوَكُّله لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُق الطَّيْر تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوح بِطَانًا " رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث اِبْن هُبَيْرَة وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَسَن صَحِيح فَأَثْبَتَ لَهَا رَوَاحًا وَغُدُوًّا لِطَلَبِ الرِّزْق مَعَ تَوَكُّلهَا عَلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ الْمُسَخِّر الْمُسَيِّر الْمُسَبِّب " وَإِلَيْهِ النُّشُور " أَيْ الْمَرْجِع يَوْم الْقِيَامَة قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَالسُّدِّيّ وَقَتَادَة : مَنَاكِبهَا أَطْرَافهَا وَفِجَاجهَا وَنَوَاحِيهَا وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة أَيْضًا مَنَاكِبهَا الْجِبَال وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَمْرو بْن حَكَّام الْأَزْدِيّ حَدَّثَنَا شُعْبَة عَنْ قَتَادَة عَنْ يُونُس بْن جُبَيْر عَنْ بَشِير بْن كَعْب أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَة " فَامْشُوا فِي مَنَاكِبهَا " فَقَالَ لِأُمِّ وَلَد لَهُ : إِنْ عَلِمْت مَا مَنَاكِبهَا فَأَنْتِ عَتِيقَة فَقَالَتْ هِيَ الْجِبَال فَسَأَلَ أَبَا الدَّرْدَاء فَقَالَ هِيَ الْجِبَال .


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifءأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


ءأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ
وَهَذَا أَيْضًا مِنْ لُطْفه وَرَحْمَته بِخَلْقِهِ أَنَّهُ قَادِر عَلَى تَعْذِيبهمْ بِسَبَبِ كُفْر بَعْضهمْ بِهِ وَعِبَادَتهمْ مَعَهُ غَيْره وَهُوَ مَعَ هَذَا يَحْلُم وَيَصْفَح وَيُؤَجِّل وَلَا يُعَجِّل كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَلَوْ يُؤَاخِذ اللَّه النَّاس بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرهَا مِنْ دَابَّة وَلَكِنْ يُؤَخِّرهُمْ إِلَى أَجَل مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلهمْ فَإِنَّ اللَّه كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا " وَقَالَ هَهُنَا " أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاء أَنْ يَخْسِف بِكُمْ الْأَرْض فَإِذَا هِيَ تَمُور " أَيْ تَذْهَب وَتَجِيء وَتَضْطَرِب .


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifأَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ
" أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاء أَنْ يُرْسِل عَلَيْكُمْ حَاصِبًا " أَيْ رِيحًا فِيهَا حَصْبَاء تَدْمَغكُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى " أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِف بِكُمْ جَانِب الْبَرّ أَوْ يُرْسِل عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا" وَهَكَذَا تَوَعَّدَهُمْ هَهُنَا بِقَوْلِهِ " فَسَتَعْلَمُونَ كَيْف نَذِير " أَيْ كَيْف يَكُون إِنْذَارِي وَعَاقِبَة مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ وَكَذَّبَ بِهِ .


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifوَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (18)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ " أَيْ مِنْ الْأُمَم السَّالِفَة وَالْقُرُون الْخَالِيَة " فَكَيْف كَانَ نَكِير " أَيْ فَكَيْف كَانَ إِنْكَارِي عَلَيْهِمْ وَمُعَاقَبَتِي لَهُمْ ؟ أَيْ عَظِيمًا شَدِيدًا أَلِيمًا .


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifأَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْر فَوْقهمْ صَافَّات وَيَقْبِضْنَ " أَيْ تَارَة يَصْفُفْنَ أَجْنِحَتهنَّ فِي الْهَوَاء وَتَارَة تَجْمَع جَنَاحًا وَتَنْشُر جَنَاحًا " مَا يُمْسِكهُنَّ " أَيْ فِي الْجَوّ " إِلَّا الرَّحْمَن " أَيْ بِمَا سَخَّرَ لَهُنَّ مِنْ الْهَوَاء مِنْ رَحْمَته وَلُطْفه " إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْء بَصِير" أَيْ بِمَا يُصْلِح كُلّ شَيْء مِنْ مَخْلُوقَاته وَهَذِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى " أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْر مُسَخَّرَات فِي جَوّ السَّمَاء مَا يُمْسِكهُنَّ إِلَّا اللَّه إِنَّ فِي ذَلِكَ لِآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ " .


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifأَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (20)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلا فِي
يَقُول تَعَالَى لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ عَبَدُوا مَعَهُ غَيْره يَبْتَغُونَ عِنْدهمْ نَصْرًا وَرِزْقًا مُنْكَرًا عَلَيْهِمْ فِيمَا اِعْتَقَدُوهُ وَمُخْبِرًا لَهُمْ أَنَّهُ لَا يَحْصُل لَهُمْ مَا أَمَّلُوهُ فَقَالَ تَعَالَى " أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْد لَكُمْ يَنْصُركُمْ مِنْ دُون الرَّحْمَن " أَيْ لَيْسَ لَكُمْ مِنْ دُونه مِنْ وَلِيّ وَلَا وَاقٍ وَلَا نَاصِر لَكُمْ غَيْره وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " إِنْ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُور" .


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifأَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقه " أَيْ مَنْ هَذَا الَّذِي إِذَا قَطَعَ اللَّه عَنْكُمْ رِزْقه يَرْزُقكُمْ بَعْده ؟ أَيْ لَا أَحَد يُعْطِي وَيَمْنَع وَيَخْلُق وَيَرْزُق وَيَنْصُر إِلَّا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَحْده لَا شَرِيك لَهُ أَيْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ وَمَعَ هَذَا يَعْبُدُونَ غَيْره وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " بَلْ لَجُّوا " أَيْ اِسْتَمَرُّوا فِي طُغْيَانهمْ وَإِفْكهمْ وَضَلَالهمْ " فِي عُتُوّ وَنُفُور " أَيْ فِي مُعَانَدَة وَاسْتِكْبَار وَنُفُور عَلَى إِدْبَارهمْ عَنْ الْحَقّ لَا يَسْمَعُونَ لَهُ وَلَا يَتَّبِعُونَهُ .


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifأَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمْ مَنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمْ مَنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ
وَهَذَا مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه لِلْمُؤْمِنِ وَالْكَافِر فَالْكَافِر مَثَله فِيمَا هُوَ فِيهِ كَمَثَلِ مَنْ يَمْشِي مُنْكَبًّا عَلَى وَجْهه أَيْ يَمْشِي مُنْحَنِيًا لَا مُسْتَوِيًا عَلَى وَجْهه أَيْ لَا يَدْرِي أَيْنَ يَسْلُك وَلَا كَيْف يَذْهَب بَلْ تَائِه حَائِر ضَالّ أَهَذَا أَهْدَى " أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا " أَيْ مُنْتَصِب الْقَامَة " عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم " أَيْ عَلَى طَرِيق وَاضِح بَيِّن وَهُوَ فِي نَفْسه مُسْتَقِيم وَطَرِيقه مُسْتَقِيمَة ؟ هَذَا مَثَلهمْ فِي الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ يَكُونُونَ فِي الْآخِرَة فَالْمُؤْمِن يُحْشَر يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم مُفْضٍ بِهِ إِلَى الْجَنَّة الْفَيْحَاء وَأَمَّا الْكَافِر فَإِنَّهُ يُحْشَر يَمْشِي عَلَى وَجْهه إِلَى نَار جَهَنَّم " اُحْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجهمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاط الْجَحِيم " الْآيَات أَزْوَاجهمْ أَشْبَاههمْ . قَالَ الْإِمَام أَحْمَد رَحِمَهُ اللَّه حَدَّثَنَا اِبْن نُمَيْر حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل عَنْ نُفَيْع قَالَ سَمِعْت أَنَس بْن مَالِك يَقُول قِيلَ يَا رَسُول اللَّه كَيْف يُحْشَر النَّاس عَلَى وُجُوههمْ ؟ فَقَالَ " أَلَيْسَ الَّذِي أَمْشَاهُمْ عَلَى أَرْجُلهمْ قَادِر عَلَى أَنْ يُمْشِيهِمْ عَلَى وُجُوههمْ ؟ " وَهَذَا الْحَدِيث مُخَرَّج فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيق .


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifقُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (23)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ
وَقَوْله تَعَالَى " قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ " أَيْ اِبْتَدَأَ خَلْقكُمْ بَعْد أَنْ لَمْ تَكُونُوا شَيْئًا مَذْكُورًا " وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْع وَالْأَبْصَار وَالْأَفْئِدَة " أَيْ الْعُقُول وَالْإِدْرَاك " قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ" أَيْ قَلَّمَا تَسْتَعْمِلُونَ هَذِهِ الْقُوَى الَّتِي أَنْعَمَ اللَّه بِهَا عَلَيْكُمْ فِي طَاعَته وَامْتِثَال أَوَامِره وَتَرْك زَوَاجِره.


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifقُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
" قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْض " أَيْ بَثَّكُمْ وَنَشَرَكُمْ فِي أَقْطَار الْأَرْض وَأَرْجَائِهَا مَعَ اِخْتِلَاف أَلْسِنَتكُمْ فِي لُغَاتكُمْ وَأَلْوَانكُمْ وَحُلَاكُمْ وَأَشْكَالكُمْ وَصُوَركُمْ" وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ " أَيْ تُجْمَعُونَ بَعْد هَذَا التَّفَرُّق وَالشَّتَات يَجْمَعكُمْ كَمَا فَرَّقَكُمْ وَيُعِيدكُمْ كَمَا بَدَأَكُمْ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ الْكُفَّار الْمُنْكِرِينَ لِلْمَعَادِ الْمُسْتَبْعِدِينَ وُقُوعه .


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifوَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
أَيْ مَتَى يَقَع هَذَا الَّذِي تُخْبِرنَا بِكَوْنِهِ مِنْ الِاجْتِمَاع بَعْد هَذَا التَّفَرُّق .


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifقُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (26)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ
" قُلْ إِنَّمَا الْعِلْم عِنْد اللَّه " أَيْ لَا يَعْلَم وَقْت ذَلِكَ عَلَى التَّعْيِين إِلَّا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لَكِنَّهُ أَمَرَنِي أَنْ أُخْبِركُمْ أَنَّ هَذَا كَائِن وَوَاقِع لَا مَحَالَة فَاحْذَرُوهُ" وَإِنَّمَا أَنَا نَذِير مُبِين " أَيْ وَإِنَّمَا عَلَيَّ الْبَلَاغ وَقَدْ أَدَّيْته إِلَيْكُمْ .


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifفَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (27)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ
قَالَ اللَّه تَعَالَى " فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَة سِيئَتْ وُجُوه الَّذِينَ كَفَرُوا " أَيْ لَمَّا قَامَتْ الْقِيَامَة وَشَاهَدَهَا الْكُفَّار وَرَأَوْا أَنَّ الْأَمْر كَانَ قَرِيبًا لِأَنَّ كُلّ مَا هُوَ آتٍ آتٍ وَإِنْ طَالَ زَمَنُهُ فَلَمَّا وَقَعَ مَا كَذَّبُوا بِهِ سَاءَهُمْ ذَلِكَ لِمَا يَعْلَمُونَ مَا لَهُمْ هُنَاكَ مِنْ الشَّرّ أَيْ فَأَحَاطَ بِهِمْ ذَلِكَ وَجَاءَهُمْ مِنْ أَمْر اللَّه مَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي بَال وَلَا حِسَاب " وَبَدَا لَهُمْ مِنْ اللَّه مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَات مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ" وَلِهَذَا يُقَال لَهُمْ عَلَى وَجْه التَّقْرِيع وَالتَّوْبِيخ " هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ " أَيْ تَسْتَعْجِلُونَ .


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifقُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ
يَقُول تَعَالَى " قُلْ " يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ الْجَاحِدِينَ لِنِعَمِهِ " أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّه وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِير الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَاب أَلِيم " أَيْ خَلِّصُوا أَنْفُسكُمْ فَإِنَّهُ لَا مُنْقِذ لَكُمْ مِنْ اللَّه إِلَّا التَّوْبَة وَالْإِنَابَة وَالرُّجُوع إِلَى دِينه وَلَا يَنْفَعكُمْ وُقُوع مَا تَتَمَنَّوْنَ لَنَا مِنْ الْعَذَاب وَالنَّكَال فَسَوَاء عَذَّبَنَا اللَّه أَوْ رَحِمَنَا فَلَا مَنَاص لَكُمْ مِنْ نَكَاله وَعَذَابه الْأَلِيم الْوَاقِع بِكُمْ .


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifقُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آَمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (29)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " قُلْ هُوَ الرَّحْمَن آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا " أَيْ آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَن الرَّحِيم وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فِي جَمِيع أُمُورنَا كَمَا قَالَ تَعَالَى " فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ " وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَال مُبِين " أَيْ مِنَّا وَمِنْكُمْ وَلِمَنْ تَكُون الْعَاقِبَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.


http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.gifقُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ(30)http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.gif


قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى إِظْهَارًا لِلرَّحْمَةِ فِي خَلْقه " قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا " أَيْ ذَاهِبًا فِي الْأَرْض إِلَى أَسْفَل فَلَا يُنَال بِالْفُؤُوسِ الْحِدَاد وَلَا السَّوَاعِد الشِّدَاد وَالْغَائِر عَكْس النَّابِع وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِين " أَيْ نَابِع سَائِح جَارٍ عَلَى وَجْه الْأَرْض أَيْ لَا يَقْدِر عَلَى ذَلِكَ إِلَّا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فَمِنْ فَضْله وَكَرَمه أَنْ أَنْبَعَ لَكُمْ الْمِيَاه وَأَجْرَاهَا فِي سَائِر أَقْطَار الْأَرْض بِحَسَبِ مَا يَحْتَاج الْعِبَاد إِلَيْهِ مِنْ الْقِلَّة وَالْكَثْرَة فَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة آخِر تَفْسِير سُورَة الْمُلْك وَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة .


..........................


بارك الله فيك أخي أبوعدولي وشكر لك ولكل الأخوه والأخوات هنا وجزاكم الله خيراً كثيرا ..

أبوعدولي
02 -08- 2011, 02:27 AM
سورة الملك (المنجية من عذاااااب القبر)



تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)
تكاثر خير الله وبرُّه على جميع خلقه, الذي بيده مُلك الدنيا والآخرة وسلطانهما, نافذ فيهما أمره وقضاؤه, وهو على كل شيء قدير. ويستفاد من الآية ثبوت صفة اليد لله سبحانه وتعالى على ما يليق بجلاله.

الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)
الذي خلق الموت والحياة؛ ليختبركم - أيها الناس-: أيكم خيرٌ عملا وأخلصه؟ وهو العزيز الذي لا يعجزه شيء, الغفور لمن تاب من عباده. وفي الآية ترغيب في فعل الطاعات, وزجر عن اقتراف المعاصي





رفع الله أختي الفاضلة مقدارك
وجعل الجنة بهذه المشاركة دارك
شكراً لهذه الإضافة

أبوعدولي
02 -08- 2011, 02:30 AM
بارك الله فيك أخي أبوعدولي وشكر لك ولكل الأخوه والأخوات هنا وجزاكم الله خيراً كثيرا ..



وبارك الله فيك على هذا الكم الهائل من الإضافة المميزة التي أعطت الموضوع بعداً آخر
ومبروك الفوز و التأهل في مسابقة ( سباق الأعضاء أنتم نجومه)

أبو نوف
02 -08- 2011, 03:06 AM
ما اجمل ان نعيش ولو لحظات يسيرة في رحاب صورة الملك وتبارك وما تحويه من عبر ومواعض
بارك الله فيك ابو عادل وجزاك الله عنا كل خير.. قارئ ومتابع

قلب الوفا
02 -08- 2011, 04:15 AM
انت رائع ابوعدولي
الله يجزاك الجنه
طريقة عرضك مميزه ومتصفحك يشرح الخاطر
اثابك الله واثاب اللجميع الاخوه والاخوات اللي افادونا بشيئ من كتاب الله في رحاب الشافعه
نسال الله تعالى ان يحفظ الجميع ويجزاهم خير الجزاء

ضياء القمر
02 -08- 2011, 02:51 PM
بارك الله فيك أبوعدولي وجعله الله في ميزان حسناتك .
وكل عام وانت بالف خير.

أبوعدولي
02 -08- 2011, 10:26 PM
http://upload.7ozn.com/files15/13122364571.gif

http://up.3ros.net/get-6-2010-9yfxm5cd.gif



التعريف بالسورة :

1) السورة مكية .
2) من المفصل .
3) آياتها 55 .
4) ترتيبها الرابعة والخمسون .
5) نزلت بعد الطارق .
6) بدأت السورة بفعل ماضي ،لم يذكر لفظ الجلالة " الله " في السورة .
7) الجزء ( 27 ) ، الحزب ( 53 ) ، الربع ( 3،4 ) .
http://up.3ros.net/get-6-2010-9yfxm5cd.gif
محور مواضيع السورة :


سورة القمر من السور المكية ، وقد عالجت أصول العقيدة الإسلامية ،
وهى من بدئها إلى نهايتها حملة عنيفة مفزعة على المكذبين بآيات
القرآن ، وطابع السورة الخاص هو طابع التهديد والوعيد والإعذار
والإنذار مع صور شتى من مشاهد العذاب والدمار .
http://up.3ros.net/get-6-2010-9yfxm5cd.gif
سبب نزول السورة :

1) عن مسروق عن عبد الله قال انشق القمر على عهد رسول الله فقالت
قريش : هذا سحر ابن أبي كبشة .. سحركم فاسألوا السُحَّار فسألوهم
فقالوا : نعم قد رأينا . فأنزل الله ـ عز وجل ـ اقتربت الساعة وانشق
القمر ، وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر .
2) عن إبن عباس قال جاء العاقب والسيد وكانا رأسي النصارى بنجران
فتكلما بين يدي النبي ـ بكلام شديد في القدر ، والنبي ساكت ما يجيبهما
بشيء حتى انصرفا فأنزل الله ( أَكُفَّارُكُمْ خَيرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ ) . الذين كفروا
وكذبوا بالله قبلكم . ( أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ في الزُّبُرِ ) الكتاب الأول .. إلى قوله
تعالى : (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ ) .
3) عن ابن عباس في قوله ( سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُر ) قال كان ذلك
يوم بدر قالوا ( نَحْنُ جمِيعٌ مُنْتَصِرْ ) فنزلت هذه الآية .
http://up.3ros.net/get-6-2010-9yfxm5cd.gif
فضل السورة :

عن عائشة مرفوعا من قرأ ( ألم تنزيل ) و ( يس ) و ( اقتربت الساعة )
( تبارك الذي بيده الملك ) كُنَّ له نورًا وحرزًا من الشيطان والشرك ،
ورُفِعَ له في الدرجات يوم القيامة
2) عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة رفعه من قرأ ( اقتربت الساعة
وانشق القمر ) في كل ليلتين بَعَثَهُ الله يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر .
http://up.3ros.net/get-6-2010-9yfxm5cd.gif
بإنتظار إضافاتكم الرائعه

أبوعدولي
02 -08- 2011, 10:30 PM
الحلقة الثانية : سورة القمر على هذا الرابط
http://samtah.net/vb/showthread.php?p=1337474#post1337474

ميدوزة الأورليا
02 -08- 2011, 10:32 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ

وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ

وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ

وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّنَ الأَنبَاء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ

حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ

فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ

خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ

مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ

كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ

فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ

فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاء مُّنْهَمِرٍ

وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ

وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ

تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ

وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ

فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ

وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ

كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ

إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ

تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ

فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ

وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ

كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ

فَقَالُوا أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَّفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ

أَءُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ

سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَّنِ الْكَذَّابُ الأَشِرُ

إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ

وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ

فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ

فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ

إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ

وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ

كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ

إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ

نِعْمَةً مِّنْ عِندِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ

وَلَقَدْ أَنذَرَهُم بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ

وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ

وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ

فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ

وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ

وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ

كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ

أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ

أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ

سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ

بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ

إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ

يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ

إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ

وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ

وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ

وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ

وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ

إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ

فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ

..........

أبوعدولي
02 -08- 2011, 10:34 PM
أبونوف .. قلب الوفا .. ضياء القمر
لكم مني كل الود
دعوة لكم وللبقية بالتواجد والمشاركة في الحلقة الثانية هنا
http://samtah.net/vb/showthread.php?p=1337474#post1337474

أبوعدولي
02 -08- 2011, 10:37 PM
أهلاً ميدوزة شكراً لك على التواصل هنا

ميدوزة الأورليا
02 -08- 2011, 10:48 PM
أهلاً ميدوزة شكراً لك على التواصل هنا


جزاك الله خير ...


http://www.youtube.com/watch?v=n9nNropaTZM

البحار الكبير
02 -08- 2011, 11:13 PM
جهود مباركة / ابو عدولي
وفقك الله ورعاك
لك تقديري واحتلرامي

أبوعدولي
02 -08- 2011, 11:56 PM
جهود مباركة / ابو عدولي
وفقك الله ورعاك
لك تقديري واحتلرامي
بارك الله أيامك ولياليك أخي القدير
بانتظا مشاركتك

نسايم ليل
03 -08- 2011, 01:24 AM
تفسير سورة القمر بالصوت للشيخ ابن عثيمين

http://www.ibnothaimeen.com/publish/cat_index_63.shtml

أستاذ أبو عدولي الله يرزقك بر أبناءك ويسعدكم ويرزقكم الجنة ومن تحب

ضياء القمر
03 -08- 2011, 01:55 AM
جزاكم الله ألف خير وبارك الله فيكم وجعلها الله في ميزان حسناتكم.

أبوعدولي
03 -08- 2011, 02:33 AM
تفسير سورة القمر بالصوت للشيخ ابن عثيمين

http://www.ibnothaimeen.com/publish/cat_index_63.shtml

أستاذ أبو عدولي الله يرزقك بر أبناءك ويسعدكم ويرزقكم الجنة ومن تحب

والله يرزق من قال الفردوس الأعلى .. إفادة رائعة أختي الكريمة .. ومتابعة مميزه

أبوعدولي
03 -08- 2011, 02:35 AM
جزاكم الله ألف خير وبارك الله فيكم وجعلها الله في ميزان حسناتكم.
أخي ضياء القمر شكراً لتواجدك هنا والمتابعة والدعاء

أبوعدولي
03 -08- 2011, 02:51 AM
شاهد بعد اكثر من 1400 سنة صورة لمعجزة النبي
قال تعالى
. اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ
http://www.alshamry.com/vb/uploaded/582_11213217726.jpg

والقصة كما حدثت مع محمد عليه الصلاة و السلام

إن كفار مكة قالوا للرسول صلى الله عليه وآله وسلم : إن كنت صادقا فشق لنا القمر فرقتين ، ووعدوه بالإيمان إن فعل ، وكانت ليلة بدر ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ربه أن يعطيه ما طلبوا ...فانشق القمر نصف على جبل الصفا ، ونصف على جبل قيقعان المقابل له ، حتى رأوا حراء بينهما ،فقالوا : سحرنا محمد ، ثم قالوا: إن كان سحرنا فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم!!
فقال أبو جهل:اصبروا حتى تأتينا أهل البوادي فإن أخبروا بانشقاقه فهو صحيح ، وإلا فقد سحر محمد أعيننا ، فجاءوا فأخبروا بانشقاق القمر فقال أبو جهل والمشركون :هذا سحر مستمر أي دائمفأنزل الله : ( اقتربت الساعة وانشق القمر* وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر* وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر* ولقد جاءهم من الأنباء مافيه مزدجر* حكمة بالغة فما تغني النذر* فتول عنهم..) "
http://up.9ll9.com/out.php/i27377_5.gifhttp://up.9ll9.com/out.php/i27377_5.gif
انتهت القصه التي كانت في عهدالرسول صلى الله عليه وآله وسلم .

في أحد ندوات الدكتور زغلول النجار بإحدى جامعات بريطانيا قال أن معجزة انشقاق القمر على يد الرسول تم إثباتها حديثا ثم حكى قصة أثبتت ذلك ...

قال أحد الاخوة الإنجليز المهتمين بالإسلام اسمه داود موسى بيتكوك وهو الآن رئيس الحزب الإسلامي البريطاني وينوى أن يخوض الانتخابات القادمة باسم الإسلام الذي ينتشر في الغرب بمعدلات كبيرة أنه أثناء بحثه عن ديانة أهداه صديق ترجمة لمعاني القرآن بالإنجليزية فتحها فإذا بسورة القمر فقرأ (اقتربت الساعة وانشق القمر) فقال هل ينشق القمر؟ .. ثم انصد عن قراءة باقي المصحف ولم يفتحه ثانية .
http://up.9ll9.com/out.php/i27377_5.gifhttp://up.9ll9.com/out.php/i27377_5.gif
وفي يوم وهو جالس أمام التلفاز البريطاني ليشاهد برنامجا على ال بى بى سى يحاور فيه المذيع ثلاثة من العلماء الأمريكان وكان يعتب عليهم أن أمريكا تنفق الملايين بل المليارات في مشاريع غزو الفضاء في الوقت الذي يتضور فيه الملايين من الفقر فظل العلماء يبررون ذلك أنه أفاد كثيرا في جميع المجالات الزراعية والصناعية...الخ ثم جاء ذكر أحد أكبر الرحلات تكلفة فقد كانت على سطح القمر وكلفت حوالي 100 مليار دولار فسألهم المذيع الكي تضعون علم أمريكا على سطح القمر تنفقون هذا المبلغ؟؟ رد العلماء أنهم كانوا يدرسون التركيب الداخلي لهذا التابع لكي يروا مدى تشابهه مع الأرض ثم قال أحدهم : فوجئنا بأمر عجيب هو حزام من الصخور المتحولة يقطع القمر من سطحه إلى جوفه إلى سطحه فأعطينا هذه المعلومات إلى الجيولوجيين فتعجبوا وقرروا أنه لا يمكن أن يحدث ذلك إلا أن يكون القمر قد انشق في يوم من الأيام ثم التحم وأن تكون هذه الصخور المتحولة ناتجة من الاصطدام لحظة الالتحام .

ثم يستطرد داود موسى بيتكوك : قفزت من على المقعد وهتفت معجزة حدثت لمحمد عليه الصلاة والسلام من أكثر من 1400 سنة في قلب البادية يسخر الله الأمريكان لكي ينفقوا عليها مليارات الدولارات حتى يثبتوها للمسلمين أكيد أن هذا الدين حق ... وكانت سورة القمر سببا لإسلامه بعد أن كانت سببا في أعراضه عن الإسلام

الياقوتة
03 -08- 2011, 03:36 AM
(الفاضل ) أبو عدولي


شكراً لك على هذا الموضوع وبارك الله فيك وفي ما تطرحه في هذه الايام الفاضلة



أسال الله رضاه والجنة لكل من وضع مشاركة هنا وكل من قرأ وتفكر .



مشاركتي في الأيات الأخيرة من سورة القمر:


قوله تعالى : إن المتقين في جنات ونهر



قال الله تعالى : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ {54} فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ) [القمر].


سأل سائل: لم وحد تعالى: (النهر) في هذه الآية ولم يجمعه مع أن الجنات قبله جمع بخلاف المواضع الأخرى من القرآن الكريم، فإنه إذا جمع الجنة، جمع النهر أيضاً فيقول: (جنات تجري من تحتها الأنهار)
والجواب: أنه جمع في لفظ (النهر) عدة معان وأعطى أكثر من فائدة لا يفيدها فيما لو قال: (أنهار) ذلك أنه علاوة على أن فواصل الآيات، تقتضي (النهر) لا (الأنهار) لأن آيات السورة على هذا الوزن فقد جاء قبلها: (وكل شيء فعلوه في الزبر وكل صغير وكبير مستطر) وجاء بعدها: (في مقعد صدق عند مليك مقتدر) فإن المعنى أيضاً ذلك من جهات أخرى منها:
أنة النهر اسم جنس بمعنى الأنهار، وهو بمعنى الجمع[1] والكثرة، ومنه قوله r: "أهلك الناس الدينار والدرهم" والمراد بالدينار والدرهم الجنس لا الواحد.


وجاء في (معاني القرآن): "ونهر معناه أنهار وهو في مذهبه كقوله: (سيهزم الجمع ويولون الدبر)



ومنها: أن معاني (النهر) أيضاً السعة[4] والسعة ههنا عامة تشمل سعة المنازل وسعة الرزق والمعيشة، وكل ما يقتضي تمام السعادة السعة فيه


وجاء في (معاني القرآن) لفراء: "ويقال: (إن المتقين في جنات ونهر) في ضياء وسعة)


وهذه المعاني كلها مرادة مطلوبة، فإن المتقين في جنات وأنهار كثيرة جارية، وفي سعة من العيش والرزق والسكن وعموم ما يقتضي السعة، وفي ضياء ونور يتلألأ ليس عندهم ليل ولا ظلمة.
فانظر كيف جمعت هذه الكلمة هذه المعاني كلها، إضافة إلى ما تقتضيه موسيقى فواصل الآيات بخلاف ما لو قال (أنهار)، فإنها لا تعني إلا شيئاً واحداً.
ثم انظر كيف أـنهه لما كان المذكورون هم من خواص المؤمنين، وهم المتقون وليسوا عموم المؤمنين أعلى أجرهم ودرجتهم، فقال: (ونهر) ولم يقل: (وأنهار) ولما أعلى أجرهم ودرجتهم وبالغ في إنعامهم وإكرامهم جاء بالصفة والموصوف بما يدل على المبالغة فقال: (عند ملك مقتدر) ولم يقل: (ملك قادر) فإن (مليك) أبلغ من (ملك) و(مقتدر) أبلغ من (قادر) فإن كلمة (مليك) على صيغة (فعيل) وهي أبلغ واثبت من صيغة (فعل)


للدكتور فاضل السامرائي .. باختصار

مثابره
03 -08- 2011, 09:01 AM
بارك الله فيك أبو عدولي
متابعة لحلقاتك إن شاء الله ..

أثابك الله ومن معك هنا
وجزاكم الله الفردوس الأعلى

دلال
03 -08- 2011, 11:46 AM
جزاك الله خير على البرنامج المميز والفوائد العظيمة
وهذي مشاركة بسيطة مني
http://www.youtube.com/watch?v=49VUYqsgFFA

أبوحفص
03 -08- 2011, 01:23 PM
أبوعدولي

جزالك الله خيرآ على هذه الوقفات

أبوعدولي
03 -08- 2011, 10:47 PM
http://upload.7ozn.com/files15/13124002861.gif



http://smile.4nw.net/smile_albums/seprate/11910288516732.gif
سبب التسمية :
http://smile.4nw.net/smile_albums/seprate/11910288516732.gif
سُميت ‏المجادلة ‏لبيان قصة ‏المرأة ‏التي جادلت ‏النبي ‏ ‏وهى ‏‏ ‏خولة
‏بنت ‏ثعلبة ‏‏ ‏‏. ‏وتسمى ‏أيضا ‏‏" ‏ قد ‏سمع ‏‏" ‏‏، ‏‏" ‏الظهار‎"‎‏ ‏‎ .‎‏
التعريف بالسورة :
1) سورة مدنية .
2) من المفصل .
3) آياتها 22 .
4) ترتيبها الثامنة والخمسون .
5) نزلت بعد " المنافقون " .
6) بدأت باسلوب توكيد " قد سمع " ،ذُكِرَ لفظ الجلالة في كل
آية من السورة ، اسم السورة " المجادلة " .
7) الجزء ( 28 ) ، الحزب ( 55 ) ، الربع ( 1،2 ) .
http://smile.4nw.net/smile_albums/seprate/11910288516732.gif
محور مواضيع السورة :
http://smile.4nw.net/smile_albums/seprate/11910288516732.gif
تناولت السورة أحكاما تشريعية كثيرة كأحكام الظهار والكفارة
التي تجب على المُظَاهِر وحكم التناجي وآداب المجالس وتقديم الصدقة
عند مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم وعدم مودة أعداء الله الى
غير ذلك كما تحدثت عن المنافقين وعن اليهود .
http://smile.4nw.net/smile_albums/seprate/11910288516732.gif
سبب نزول السورة :
http://smile.4nw.net/smile_albums/seprate/11910288516732.gif
1)عن عروة قال : قالت عائشة تبارك الذي وسع سمعه كل شيء، إنى
لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفى على بعضه ، وهي تشتكي زوجها
إلى رسول الله وهى تقول : يا رسول الله أبلى شبابي ، ونثرت له بطنى،
حتى إذا كبر سني ، وانقطع ولدي ، ظاهر منى ، اللهم إني أشكو إليك .
قال: فما برحت حتى نزل جبريل بهذه الآيات ( قد سمع الله قول التي تجادلك
في زوجها وتشتكي إلى الله ) ( رواه أبو عبد الله في صحيح )
2) عن عروة عن عائشة قالت : الحمد لله الذي توسع لسمع الأصوات كلها ،
لقد جاءت المجادلة فكلمت رسول الله وأنا في جانب البيت لا أدري ما يقول
فأنزل الله تعالى ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ).
3) عن أنس بن مالك قال : إن أوس بن الصامت ظاهر من امرأته خولة بنت ثعلبة ،
فشكت ذلك إلى النبي فقالت : ظاهر مني حين كبر سنى ورق عظمى، فأنزل
الله تعالى آية الظهار ، فقال رسول الله لأوس أعتق رقبة . فقال : مالي بذلك يدان .
قال : فصم شهرين متتابعين . قال : أما إنى إذا أخطأني أن لا آكل في اليوم ،
كَلَّ بَصري . قال : فأطعم ستين مسكينا . قال: لا أجد إلا أن تعيننى منك بعون
وصلة . قال : فأعانه رسول الله بخمسة عشر صاعا حتى جمع الله له ، والله رحيم ،
وكانوا يرون أن عنده مثلها ، وذلك ستون مسكينا .
4) أخبرنا بن عبد الله بن سلام قال حدثتنى خويلة بنت ثعلبة وكانت عند أوس بن
الصامت أخى عبادة بن الصامت قالت دخل على ذات يوم ، وكلمني بشيء وهو
فيه كالضجر فراددته ، فغضب ، فقال : أنت على كظهر أمي . ثم خرج في نادي
قومه ، ثم رجع إلى فراودته عن نفسي ، فامتنعت منه ، فشادني فشاددته فغلبته
بما تغلب به المرأة الرجل الضعيف ، فقلت : كلا والذي نفس خويلة بيده لا تصل
إلىَّ حتى يحكم الله تعالى فيًّ وفيك بحكمه ، ثم أتيت النبي أشكو ما لقيت ؟
فقال زوجك : وابن عمك اتقى الله ، وأحسنى صحبته ، فما برحت حتى نزل
القرآن ( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِى تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا) إلى ( إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِير )
حتى انتهى إلى الكفارة قال : مريه فيعتق رقبة قلت : يا نبي الله والله ما عنده
رقبة يعتقها قال : مريه فيصم شهرين متتابعين . قلت : يا نبي الله شيخ كبير
ما به من صيام . قال : فيطعم ستين مسكينا . قلت : يا نبي الله والله ما عنده
ما يطعم .
قال : بله سنعينه بعرق من تمر مكتل يسع ثلاثين صاعا .
قالت : قلت : وأنا أعينه بعرق آخر . قال : قد أحسنت فليتصدق .


http://smile.4nw.net/smile_albums/seprate/11910288516732.gif
أهلا وسهلاً بمشاركاتكم الليله

أبوعدولي
03 -08- 2011, 10:52 PM
الياقوته .. مثابره .. مدللة بطبعي .. أبوحفص
شكراً لإضافاتكم الرائعة ونتمنى تواجدكم الليلة هنا
http://samtah.net/vb/showthread.php?t=134277

ميدوزة الأورليا
03 -08- 2011, 10:53 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ

الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ الَّلائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ

وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ

فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ

إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ

يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ

إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ

أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ

أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ

اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ

لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ

يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ

اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ

إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ

كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ

لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ..

أبوعدولي
03 -08- 2011, 10:54 PM
الحلقة الثالثة : سورة المجادلة على هذا الرابط :
http://samtah.net/vb/showthread.php?t=134277 (http://samtah.net/vb/showthread.php?t=134277)

أبوعدولي
03 -08- 2011, 10:57 PM
أهلاً بالمتابعة دائماً ميدوزه
وشكراً لك على التواصل .. وجزاك الله خيرالجنان

أبوعدولي
03 -08- 2011, 11:42 PM
تفسير سورة المجادلة


‏[‏1ـ 4‏]‏ ‏بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

‏{‏قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ * الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ * وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ‏} (http://%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40% 40_%40%40_%40%40_@:openquran(57,1,4)/)‏
نزلت هذه الآيات الكريمات في رجل من الأنصار اشتكته زوجته ‏[‏إلى الله، وجادلته‏]‏ إلى رسول الله ـ http://vb.islam2all.com/images/smilies/words/Sala-allah.png ـ لما حرمها على نفسه، بعد الصحبة الطويلة، والأولاد، وكان هو رجلا شيخا كبيرا، فشكت حالها وحاله إلى الله وإلى رسول الله ـ http://vb.islam2all.com/images/smilies/words/Sala-allah.png ـ وكررت ذلك، وأبدت فيه وأعادت‏.‏
فقال تعالى‏:
http://t2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcQV9qTFP3RXKr-aUOBcO66qgDuyFdyMgchUJCBNXT6pvJMuCT3p
‏ ‏{‏قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا‏} (http://%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40% 40_%40%40_%40%40_@:openquran(57,1,1)/)‏
أي‏:‏ تخاطبكما فيما بينكما،

‏{‏إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ‏} (http://%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40% 40_%40%40_%40%40_@:openquran(1,181,181)/)
‏ لجميع الأصوات، في جميع الأوقات، على تفنن الحاجات‏.‏

‏{‏بَصِيرٌ‏}‏
يبصر دبيب النملة السوداء، على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، وهذا إخبار عن كمال سمعه وبصره، وإحاطتهما بالأمور الدقيقة والجليلة، وفي ضمن ذلك الإشارة بأن الله ‏[‏تعالى‏]‏ سيزيل شكواها، ويرفع بلواها، ولهذا ذكر حكمها، وحكم غيرها على وجه العموم، فقال‏:‏

‏{‏الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُم‏} (http://%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40% 40_%40%40_%40%40_@:openquran(57,2,2)/)‏
المظاهرة من الزوجة‏:‏ أن يقول الرجل لزوجته‏:‏ ‏"‏أنت علي كظهر أمي‏"‏ أو غيرها من محارمه، أو ‏"‏أنت علي حرام‏"‏ وكان المعتاد عندهم في هذا لفظ ‏"‏الظهر‏"‏ ولهذا سماه الله ‏"‏ظهارا‏"‏ فقال‏:‏

‏{‏الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِم‏} (http://%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40% 40_%40%40_%40%40_@:openquran(57,2,2)/)‏
أي‏:‏ كيف يتكلمون بهذا الكلام الذي يعلم أنه لا حقيقة له، فيشبهون أزواجهم بأمهاتهم اللاتي ولدنهم‏؟‏ ولهذا عظم الله أمره وقبحه، فقال‏:

‏ ‏{‏وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا‏} (http://%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40% 40_%40%40_%40%40_@:openquran(57,2,2)/)
‏ أي‏:‏ قولا شنيعا، ‏{‏وزورا‏}‏ أي‏:‏ كذبا‏.‏
http://t2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcQV9qTFP3RXKr-aUOBcO66qgDuyFdyMgchUJCBNXT6pvJMuCT3p
‏{‏وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ‏} (http://%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40% 40_%40%40_%40%40_@:openquran(57,2,2)/)‏
عمن صدر منه بعض المخالفات، فتداركها بالتوبة النصوح‏.‏

‏{‏وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا‏} (http://%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40% 40_%40%40_%40%40_@:openquran(57,3,3)/)‏
اختلف العلماء في معنى العود، فقيل‏:‏ معناه العزم على جماع من ظاهر منها، وأنه بمجرد عزمه تجب عليه الكفارة المذكورة، ويدل على هذا، أن الله تعالى ذكر في الكفارة أنها تكون قبل المسيس، وذلك إنما يكون بمجرد العزم، وقيل‏:‏ معناه حقيقة الوطء، ويدل على ذلك أن الله قال‏:‏

‏{‏ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا‏} (http://%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40% 40_%40%40_%40%40_@:openquran(57,3,3)/)
‏ والذي قالوا إنما هو الوطء‏.‏
وعلى كل من القولين

‏{‏فـ‏}‏
إذا وجد العود، صار كفارة هذا التحريم

‏{‏تحرير رَقَبَةٍ‏}
‏ مُؤْمِنَةٍ كما قيدت في آية أخرى ذكر أو أنثى، بشرط أن تكون سالمة من العيوب المضرة بالعمل‏.‏
http://t2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcQV9qTFP3RXKr-aUOBcO66qgDuyFdyMgchUJCBNXT6pvJMuCT3p

‏{‏مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا‏} (http://%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40% 40_%40%40_%40%40_@:openquran(57,3,3)/)
‏ أي‏:‏ يلزم الزوج أن يترك وطء زوجته التي ظاهر منها حتى يكفر برقبة‏.‏

‏{‏ذَلِكُم‏}‏
الحكم الذي ذكرناه لكم،

‏{‏تُوعَظُونَ بِهِ‏}‏
أي‏:‏ يبين لكم حكمه مع الترهيب المقرون به، لأن معنى الوعظ ذكر الحكم مع الترغيب والترهيب، فالذي يريد أن يظاهر، إذا ذكر أنه يجب عليه عتق رقبة كف نفسه عنه،

‏{‏وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ‏} (http://%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40% 40_%40%40_%40%40_@:openquran(1,234,234)/)‏
فيجازي كل عامل بعمله‏.‏

‏{‏فَمَنْ لَمْ يَجِد‏} (http://%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40% 40_%40%40_%40%40_@:openquran(1,196,196)/)
‏ رقبة يعتقها، بأن لم يجدها أو ‏[‏لم‏]‏ يجد ثمنها ‏{‏فـ‏}‏ عليه ‏{‏صيام شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِع‏} (http://%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40% 40_%40%40_%40%40_@:openquran(57,4,4)/)‏ الصيام
http://t2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcQV9qTFP3RXKr-aUOBcO66qgDuyFdyMgchUJCBNXT6pvJMuCT3p

‏{‏فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا‏} (http://%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40% 40_%40%40_%40%40_@:openquran(57,4,4)/)
‏ إما بأن يطعمهم من قوت بلده ما يكفيهم، كما هو قول كثير من المفسرين، وإما بأن يطعم كل مسكين مُدَّ بُرٍّ أو نصف صاع من غيره مما يجزي في الفطرة، كما هو قول طائفة أخرى‏.‏
ذلك الحكم الذي بيناه لكم، ووضحناه لكم

‏{‏لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ‏} (http://%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40% 40_%40%40_%40%40_@:openquran(57,4,4)/)
‏ وذلك بالتزام هذا الحكم وغيره من الأحكام، والعمل به، فإن التزام أحكام الله، والعمل بها من الإيمان، ‏[‏بل هي المقصودة‏]‏ ومما يزيد به الإيمان ويكمل وينمو‏.‏

‏{‏وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ‏} (http://%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40% 40_%40%40_%40%40_@:openquran(57,4,4)/)‏
التي تمنع من الوقوع فيها، فيجب أن لا تتعدى ولا يقصر عنها‏.‏

‏{‏وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ‏} (http://%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40% 40_%40%40_%40%40_@:openquran(1,104,104)/)
‏ وفي هذه الآيات، عدة أحكام‏:‏
منها‏:‏ لطف الله بعباده واعتناؤه بهم، حيث ذكر شكوى هذه المرأة المصابة، وأزالها ورفع عنها البلوى، بل رفع البلوى بحكمه العام لكل من ابتلي بمثل هذه القضية‏.‏
ومنها‏:‏ أن الظهار مختص بتحريم الزوجة، لأن الله قال
‏{‏مِنْ نِسَائِهِم‏}‏ فلو حرم أمته، لم يكن ‏[‏ذلك‏]‏ ظهارا، بل هو من جنس تحريم الطعام والشراب، تجب فيه كفارة اليمين فقط‏.‏
ومنها‏:‏ أنه لا يصلح الظهار من امرأة قبل أن يتزوجها، لأنها لا تدخل في نسائه وقت الظهار، كما لا يصح طلاقها، سواء نجز ذلك أو علقه‏.‏
ومنها‏:‏ أن الظهار محرم، لأن الله سماه منكرا ‏[‏من القول‏]‏ وزورا‏.‏
ومنها‏:‏ تنبيه الله على وجه الحكم وحكمته، لأن الله تعالى قال‏:‏ ‏{‏مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِم‏} (http://%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40% 40_%40%40_%40%40_@:openquran(57,2,2)/)‏
ومنها‏:‏ أنه يكره للرجل أن ينادي زوجته ويسميها باسم محارمه، كقوله ‏{‏يا أمي‏}‏ ‏{‏يا أختي‏}‏ ونحوه، لأن ذلك يشبه المحرم‏.‏
ومنها‏:‏ أن الكفارة إنما تجب بالعود لما قال المظاهر، على اختلاف القولين السابقين، لا بمجرد الظهار‏.‏
ومنها‏:‏ أنه يجزئ في كفارة الرقبة، الصغير والكبير، والذكر والأنثى، لإطلاق الآية في ذلك‏.‏
ومنها‏:‏ أنه يجب إخراجها إن كانت عتقا أو صياما قبل المسيس، كما قيده الله‏.‏ بخلاف كفارة الإطعام، فإنه يجوز المسيس والوطء في أثنائها‏.‏
ومنها‏:‏ أنه لعل الحكمة في وجوب الكفارة قبل المسيس، أن ذلك أدعى لإخراجها، فإنه إذا اشتاق إلى الجماع، وعلم أنه لا يمكن من ذلك إلا بعد الكفارة، بادر لإخراجها‏.‏
ومنها‏:‏ أنه لا بد من إطعام ستين مسكينا، فلو جمع طعام ستين مسكينا، ودفعها لواحد أو أكثر من ذلك، دون الستين لم يجز ذلك، لأن الله قال‏:‏ ‏{‏فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا‏} (http://%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40% 40_%40%40_%40%40_@:openquran(57,4,4)/)‏
http://t2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcQV9qTFP3RXKr-aUOBcO66qgDuyFdyMgchUJCBNXT6pvJMuCT3p

‏[‏5‏]‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ‏} (http://%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40% 40_%40%40_%40%40_@:openquran(57,5,5)/)‏
محادة الله ورسوله‏:‏ مخالفتهما ومعصيتهما خصوصا في الأمور الفظيعة، كمحادة الله ورسوله بالكفر، ومعاداة أولياء الله‏.‏
وقوله‏:‏

‏{‏كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِم‏} (http://%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40%40_%40% 40_%40%40_%40%40_@:openquran(57,5,5)/)
‏ أي‏:‏ أذلوا وأهينوا كما فعل بمن قبلهم، جزاء وفاقا‏.‏
وليس لهم حجة على الله، فإن الله قد قامت حجته البالغة على الخلق، وقد أنزل من الآيات البينات والبراهين ما يبين الحقائق ويوضح المقاصد، فمن اتبعها وعمل عليها، فهو من المهتدين الفائزين،

‏{‏وَلِلْكَافِرِينَ‏}
‏ بها

‏{‏عَذَابٌ مُهِينٌ‏}
‏ أي‏:‏ يهينهم ويذلهم، كما تكبروا عن آيات الله، أهانهم الله وأذلهم‏:‏

تفسير السعدي (تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن)

البحار الكبير
03 -08- 2011, 11:42 PM
اخي العزيز / ابو عدولي
وفقك الله ورعاك
هنا لمن لا يعرف معنى المفصل او المحكم من القرآن نقلت لكم الآتي:

تحديد المفصل من القرآن الكريم


اختلف العلماء في ذلك ، كما قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري :" واختلف في أول المفصل مع الاتفاق على أنه آخر جزء من القرآن على عشرة أقوال ذكرتها في باب الجهر بالقراءة في المغرب ".

وقد ذكرها كما أشار في الفتح ،كما ذكر الأقوال ابن مفلح في الآداب الشرعية ، والسيوطي في الإتقان .

والمهم هنا

ما رجحه بعض أهل العلم من أن أول المفصل سورة (ق) ومنهم : الإمام ابن كثير فقال في تفسيره :" وهذه السورة هي أول الحزب المفصل على الصحيح ".

وقال ابن حجر في الفتح :" تقدم أنه من (ق) إلى آخر القرآن على الصحيح ".

والذي تقدم منه وكرره في الفتح أنه يبدأ من الحجرات . فالله أعلم

وقال العلامة ابن باز - رحمه الله - في تعليقه على الفتح :« والراجح أن أوله «ق». وكذا رجحه في فتاويه .
لماذا سمي بالمفصل ؟

قال ابن مفلح في الآداب الشرعية :

" وفي تسميته بالمفصل للعلماء أربعة أقوال :

أحدها : لفصل بعضه عن بعض .
والثاني : لكثرة الفصل بينها ببسم الله الرحمن الرحيم .
الثالث : لإحكامه .
والرابع : لقلة المنسوخ فيه ".

وقال النووي في شرح مسلم :" وسمي مفصلاً لقصر سوره وقرب انفصال بعضهن من بعض ".

وقال السيوطي في الإتقان :" سمي بذلك لكثرة الفصول التي بين السور بالبسملة ، وقيل : لقلة المنسوخ منه ، ولهذا يسمى المحكم أيضاً ".

وهذا الذي ذكره السيوطي قد رواه البخاري عن سعيد بن جبير قال :" إن الذي تدعونه المفصل هو المحكم ، قال : وقال ابن عباس : توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا ابن عشر سنين وقد قرأت المحكم ".

ثالثاً : قال السيوطي في الإتقان :" فائدة : للمفصل طوال وأوساط وقصار .

قال ابن معن : فطواله إلى «عمّ» وأوساطه منها إلى «الضحى» ومنها إلى آخر القرآن قصاره ، وهذا أقرب ما قيل ".


منقول من كتاب " الوصية ببعض الكتب شبه المنسية "

وأنا بدوري نقلته من أحد المنتديات جزى الله من كتبه خيراً

التوقيع :
تَمسَّـكْ بحَـبْلِ اللهِ واتَّبِع الهُـدَى ولا تَـكُ بِدْعيا لعلك تفلحٌ
ودن بكتاب الله والسنن الـتي أتت عن رسول الله تنجو وتربحٌ

مثابره
03 -08- 2011, 11:59 PM
http://www.youtube.com/watch?v=LdSOqAlIQdg&feature=related

جعل الله أنفاسك ذكر دائم

أبوعدولي
04 -08- 2011, 01:17 AM
البحار الكبير .. مثابره
لاحركم الله الأجر على هذا التواصل
الأكثر من رائع .. شكراً لكم

أبوعدولي
04 -08- 2011, 01:22 AM
http://upload.arabia4serv.com/images/ix6sfk7cc15bk6o3qbzb.gif
قصة سورة (http://www.arabxarab.com/vb/t5782.html)المجادلة (http://www.arabxarab.com/vb/t5782.html)
http://upload.arabia4serv.com/images/ix6sfk7cc15bk6o3qbzb.gif
كانت خولة بنت ثعلب الخزرجية قد تزوجت بأوس بن الصامت وهي في مقتبل عمرها وريعان شبابها وكانت صبيحة الوجه حسنة القوام وعاشا معاً عمراً طويلاً نعما فيه بحياة سعيدة وعيشة رافعة ثم تقدمت بهما السنون ولكن خولة ما زالت تحتفظ بشئ من فتنتها وجمالها ..
وفي يوم ما قامت تصلي ورآها زوجها تقف في إعتدال و تركع في خشوع وتسجد في أناة ورفق فتاقت نفسه إليها فلما سلمت داعبها في خفة وطيش فنفرت فاستحوذت عليه الدهشة وتملكه الغضب وثارت ثائرته وحرمها على نفسه كما حرمت عليه امه فقال لها : انت علي كظهر أمي .
ولما سألت زوجها عما يعنيه بقولته , قال لها : ما أظنك إلا حرمت علي ! وكان الظهار من اشد طلاق الجاهلية لأنه في التحريم أوكد , وفي قطع الصلة أيين ...
فسقط في يدها , وحارت في أمرها , وشق عليها أن تبين منه وهو ابو ولدها , وحبيب نفسها ومؤنس وحشتها وزوجها الذي سكن إليها , وسكنت إليه أعواماً طوالاً ...
فذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تبثه شجوها و تفضي إليه بما اهمها علها تجد عنده مخرجاً من مأزقها , وتقدمت إليه تشكو حالها قائلة : إن أوساً قد تزوجني و أنا شابة مرغوب فيّ .. فبعد أن كبرت سني وكثر أولادي جعلني كأمه , وإن لي منه صبية صغاراً , إن ضممتهم إليه ضاعوا وإن ضممتهم إلي جاعوا , ثم توسلت إليه أن يصلح ما فسد من امرها , ويقوم ما تأوّد (اعوج) من حالها.
وما كان للنبي أن يقضي بأمره , أو ينطق عن الهوى فهو رسول الله موئله الوحي ومرجعه السماء وهو لم يتلق في الأمر وحياً , ولم يعرف لهذا السؤال جواباً , لذلك قال لها : فما عندي في امرك شئ ...

فازدادت حسرتها , واشتد حزنها , وقالت : يا رسول الله ما ذكر طلاقاً وإنما هو أبو ولدي , وأحب الناس الي , ترجوا بذلك أن تلين قناته لتضرعاتها , وتأخذه الرحمة بأولادها .

إن النبي صلى الله عليه وسلم قد علم حقيقة حالها و وقف على دخيلة امرها ولكن ما يفعل وهو لم يتلق وحياً في مثل شأنها ؟ وهو الفيصل إذا أختلط الأمر و أدلهم الخطب , وأظلم الطريق ! لذلك أعاد عليها جوابه قائلاً لها : ما عندي في امرك شئ ..
فالتجأت إلى من تسع رحمته كل شئ , واتجهت نحو مرسل الوحي , ومبدع السماء و الأرض , ترجوه أن يزيل غمتها , ويفرج كربتها وقالت : اشكوا الله فاقتي و وجدي (حزني) .
طال بها الوقوف , وأكثرت من التضرع وكلما قال لها النبي : ما عندي في امرك شئ .. جأرت (تضرعت) إلى الله بالدعاء , وهتفت شاكية إليه حالها ... فبينما هي في حيرتها وإضطرابها ترفع وجهها إلى السماء مرة وتخفض طرفها نحو الرسول أخرى غشي النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يغشاه حين نزول الوحي , ثم نطق لسانه بالذكر الحكيم وهناك أخبرها بأن الله قد سمع محاورتها , واستجاب لدعائها وأنه ليس على المظاهر بعد الآن إذا أراد التحلة من أيمانه إلا ان يعتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً .
قرّت عينها وعاودها سكونها وإنفرجت اسارير وجهها فقد حقق الله رجاءها وأجاب سؤلها فصلح امرها ورئب (لأم) صدعها وها هي سترجع إلى عشها فتطعم فراخها , وتدبر شؤون بيتها وتسكن إلى زوجها وتتصل سعادتها وتعود سيرتها الأولى.
أرسل النبي إلى اوس فلما حضر إليه قال له : ما حملك على ما صنعت ؟ ..قال إن الشيطان لعب بعقلي , وأضاع صوابي فركبت متن الشطط , وابعدت في الغي فهل من وسيلة استرجع بها شريطة حياتي ومنية نفسي ؟ .

قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم وقرأ عليه قوله تعالى :

قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير [1] الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإن الله لعفو غفور [2] والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير [3] فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم [4]
سورة المجادلة

ثم قال له النبي : هل تستطيع عتق رقبة ؟ فقال لا والله ... فقال : هل تستطيع الصوم ؟ فقال : لا والله ... لولا اني آكل في اليوم مرة أو مرتين لكل (ضعف) بصري ولظننت أني اموت , فقال له : هل تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً ؟ فقال : لا , إلا أن تعينني منك بصدقة .
فمد النبي إليه يد المساعدة حتى إستطاع ان يطعم ستين مسكيناً وبذلك صارت زوجه حلالاً له وجعل الله للمسلمين وسيلة للتحلل من هذه العادة الجاهلية , وهكذا سار ضوء الإسلام في تلك الأرجاء المظلمة ينير جوانبها , ويبدد سحب الضلال في انحائها ويحسن ما استهجن من اخلاق اهلها فطهرت مبادئه ارجاسها , وقامت على اسسه المتينة صروح حياتهم وضرب مثلاً واضحاً في يسر الأسلام و سماحته , ورفع الحرج والمشقة وتيسير الأحكام فجعلهم بذلك مثلاً علياً واسوة تحتذى إن الله بالناس لرؤوف رحيم .

ضياء القمر
04 -08- 2011, 01:23 AM
بارك الله فيكم والله لا يحرمكم الاجر في ميزان حسناتكم إنشاء الله.

أبوعدولي
04 -08- 2011, 01:27 AM
بارك الله فيكم والله لا يحرمكم الاجر في ميزان حسناتكم إنشاء الله.
ضياء القمر ..بارك الله دعواتكم .. وأدخلكم من باب الريان
تواجدكم ملحوظ أهلابكم هنا للإطلاع والمشاركة

الشفق
04 -08- 2011, 01:29 AM
فكرة هذا الموضوع رائعة ومفيدة جدا
وكان لنا في العام الماضي تجربة رائعة في هذا الموضوع مع الأخت الياقوتة
وفي هذا العام بارك الله في الأخ الغالي ابو عدولي الذي تكرم بطرح الموضوع
ومتابعته والأشراف عليه فجزاه الله عنا خير الجزاء .
أود المشاركة بمعلومة عن سورة المجادلة تتعلق بالظهار
وهو ان يقول الرجل لزوجته ( أنت على حرام كظهر أمي ) وهو تحريم لها كما تحرم عليه أمه
والظهار حكمه حرام لأن الله وصفه بـأنه كلاما منكرا وزورا .
وكفارة الظهار ( ان يعتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم ستطع فأطعام ستين مسكينا )
وهي على الترتيب وليست على التخيير .

تحياتي وتقديري

أبوعدولي
04 -08- 2011, 01:52 AM
فكرة هذا الموضوع رائعة ومفيدة جدا
وكان لنا في العام الماضي تجربة رائعة في هذا الموضوع مع الأخت الياقوتة
وفي هذا العام بارك الله في الأخ الغالي ابو عدولي الذي تكرم بطرح الموضوع
ومتابعته والأشراف عليه فجزاه الله عنا خير الجزاء .
أود المشاركة بمعلومة عن سورة المجادلة تتعلق بالظهار
وهو ان يقول الرجل لزوجته ( أنت على حرام كظهر أمي ) وهو تحريم لها كما تحرم عليه أمه
والظهار حكمه حرام لأن الله وصفه بـأنه كلاما منكرا وزورا .
وكفارة الظهار ( ان يعتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم ستطع فأطعام ستين مسكينا )
وهي على الترتيب وليست على التخيير .

تحياتي وتقديري

أهلاً بالقدير أبو محمد .. نعم كانت بادرة طيبة من الأخت الياقوته في العام الماضي
وفي هذا العام لو لم يكن حرصكم على تواجد هذا الموضوع ومتابعة الإعداد له لما تم
وهانحن نبذل المستطاع بتعاون الجميع الذين لايألون جهداً بإضافاتهم الرائعة
شكراً لك التشجيع والإتصال والتواصلوالمشاركة

أبوعدولي
05 -08- 2011, 12:31 AM
http://upload.7ozn.com/files15/13124931421.gif

http://vb.adma1.com/images/images_thumbs/8941e309ee8fe4474b0138bf5505c181.gif
سبب التسميه :


سُميت ‏‏" ‏سورة ‏الزخرف ‏‏" ‏لما ‏فيها ‏من ‏التمثيل ‏الرائع ‏لمتاع ‏الدنيا ‏الزائل
‏وبريقها ‏الخادع ‏بالزخرف ‏اللامع ‏الذي ‏ينخدع ‏به ‏الكثيرون ‏مع ‏أنها ‏لا ‏تساوى
‏عند ‏الله ‏جناح ‏بعوضة ‏‏، ‏ولهذا ‏يعطيها ‏الله ‏للأبرار ‏والفجار ‏‏، ‏وينالها ‏الأخيار
‏والأشرار ‏‏، ‏أما ‏الآخرة ‏فلا ‏يمنحها ‏الله ‏إلا ‏لعباده ‏المتقين ‏فالدنيا ‏دار ‏الفناء
‏والآخرة ‏دار ‏البقاء ‏‏.
http://vb.adma1.com/images/images_thumbs/8941e309ee8fe4474b0138bf5505c181.gif
التعريف بالسورة :


1) مكية . ماعدا الآية 54 فمدنية .
2) من المثاني .
3) آياتها 89 .
4) ترتيبها الثالثة و الأربعون .
5) نزلت بعد فصلت .
6) بدأت السورة بحروف مقطعة والسورة من الحواميم اي بدأت " حم "
أقسم الله بالقرآن الكريم في الآية الثانية من السورة .
7) الجزء "25" الحزب "49،50" الربع "4،5،6" .
http://vb.adma1.com/images/images_thumbs/8941e309ee8fe4474b0138bf5505c181.gif
محور مواضيع السورة :


سورة الزخرف مكية ، وقد تناولت أسس العقيدة الإسلامية وأصول
الإيمان " الإيمان بالوحدانية ، وبالرسالة ، وبالبعث والجزاء " كشأن
سائر السور المكية .
http://vb.adma1.com/images/images_thumbs/8941e309ee8fe4474b0138bf5505c181.gif
سبب نزول السورة :
عن ابن عباس أن النبي قال لقريش : يا معشر قريش لا خير في أحد
يعبد من دون الله ، قالوا : أليس تزعم أن عيسى كان عبدا نبيا وعبدا
صالحا ؟ فإن كان كما تزعم فهو كآلهتهم ؛فأنزل الله تعالى
(وَلَمَّا ضُرِبَ ابنُ مَريم مَثلاً ) الآية وذكرنا هذه القصة ومناظرة ابن الزبعري
مع رسول الله في آخر سورة الانبياء عند قوله تعالى
(إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ).
2) عن مقاتل قال :مَكَرَ المشركون بالنبي في دار الندوة وتآمروا
على قتله حين استقر أمرهم على ما أشار به أبو جهل عليهم وهو
أن يبرز من كل قبيلة رجل ليشتركوا في قتله وتضعف المطالبة بدمه فنزلت الآية .
3) عن محمد بن كعب القرظي قال: بينا ثلاثة بين الكعبة وأستارها قرشيان
وثقفي أو ثقفيان وقرشي فقال واحد منهم : ترون الله يسمع كلامنا فقال
واحد إذا جهرتم سمع وإذا أسررتم لم يسمع فنزلت الآية .
http://vb.adma1.com/images/images_thumbs/8941e309ee8fe4474b0138bf5505c181.gif
شهركم مبارك وأهلاً بكم

أبوعدولي
05 -08- 2011, 12:34 AM
الحلقة الرابعة: سورة الزخرف على هذا الرابط :http://samtah.net/vb/showthread.php?p=1339184#post1339184 (http://samtah.net/vb/showthread.php?p=1339184#post1339184)

أبوعدولي
05 -08- 2011, 12:37 AM
شكراً لكم فرداً فرداً على المشاركة هنا وأعتذر عن تأخر حلقة اللية وذلك لإنقطاع التيار الكهربائي
وتسرني مشاركتكم على الرابط التالي للحلقة الرابعة:
http://samtah.net/vb/showthread.php?p=1339184#post1339184 (http://samtah.net/vb/showthread.php?p=1339184#post1339184)

نسايم ليل
05 -08- 2011, 12:38 AM
وكل سنة وانت طيب

وجزاك الله الفردوس الأعلى

- تفسيرسورة الزخرف عدد آياتها 89 ( آية 1-25 (http://www.imadislam.com/tafsir/043_01.htm) )
وهي مكية
{ 1-5 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ * أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ }
هذا قسم بالقرآن على القرآن، فأقسم بالكتاب المبين وأطلق، ولم يذكر المتعلق، ليدل على أنه مبين لكل ما يحتاج إليه العباد من أمور الدنيا والدين والآخرة.
{ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا } هذا المقسم عليه، أنه جعل بأفصح اللغات وأوضحها وأبينها، وهذا من بيانه. وذكر الحكمة في ذلك فقال: { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } ألفاظه ومعانيه لتيسرها وقربها من الأذهان.
{ وَإِنَّهُ } أي: هذا الكتاب { لَدَيْنَا } في الملأ الأعلى في أعلى الرتب وأفضلها { لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ } أي: لعلي في قدره وشرفه ومحله، حكيم فيما يشتمل عليه من الأوامر والنواهي والأخبار، فليس فيه حكم مخالف للحكمة والعدل والميزان.
ثم أخبر تعالى أن حكمته وفضله يقتضي أن لا يترك عباده هملا، لا يرسل إليهم رسولا، ولا ينزل عليهم كتابا، ولو كانوا مسرفين ظالمين فقال:
{ أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا } أي: أفنعرض عنكم، ونترك إنزال الذكر إليكم، ونضرب عنكم صفحا، لأجل إعراضكم، وعدم انقيادكم له؟ بل ننزل عليكم الكتاب، ونوضح لكم فيه كل شيء، فإن آمنتم به واهتديتم، فهو من توفيقكم، وإلا قامت عليكم الحجة، وكنتم على بينة من أمركم.

{ 6-8 } { وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ * وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ * فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ }
يقول تعالى: إن هذه سنتنا في الخلق، أن لا نتركهم هملا، فكم { أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ } يأمرونهم بعبادة اللّه وحده لا شريك له، ولم يزل التكذيب موجودا في الأمم.
{ وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } جحدا لما جاء به، وتكبرا على الحق.
{ فَأَهْلَكْنَا أَشَدّ } من هؤلاء { بَطْشًا } أي: قوة وأفعالا وآثارا في الأرض، { وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ } أي: مضت أمثالهم وأخبارهم، وبينا لكم منها ما فيه عبرة ومزدجر عن التكذيب والإنكار.

{ 9-14 } { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ * وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ * لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ }
يخبر تعالى عن المشركين، أنك لو { سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ } الله وحده لا شريك له، العزيز الذي دانت لعزته جميع المخلوقات، العليم بظواهر الأمور وبواطنها، وأوائلها وأواخرها، فإذا كانوا مقرين بذلك، فكيف يجعلون له الولد والصاحبة والشريك؟! وكيف يشركون به من لا يخلق ولا يرزق، ولا يميت ولا يحيي؟!
ثم ذكر أيضا من الأدلة الدالة على كمال نعمته واقتداره، بما خلقه لعباده من الأرض التي مهدها وجعلها قرارا للعباد، يتمكنون فيها من كل ما يريدون.
{ وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا } أي: جعل منافذ بين سلاسل الجبال المتصلة، تنفذون منها إلى ما وراءها من الأقطار. { لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } في السير في الطرق ولا تضيعون، ولعلكم تهتدون أيضا في الاعتبار بذلك والادكار فيه.
{ وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ } لا يزيد ولا ينقص، ويكون أيضا بمقدار الحاجة، لا ينقص بحيث لا يكون فيه نفع، ولا يزيد بحيث يضر العباد والبلاد، بل أغاث به العباد، وأنقذ به البلاد من الشدة، ولهذا قال: { فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا } أي: أحييناها بعد موتها، { كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } أي: فكما أحيا الأرض الميتة الهامدة بالماء، كذلك يحييكم بعد ما تستكملون في البرزخ، ليجازيكم بأعمالكم.
{ وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا } أي: الأصناف جميعها، مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون، من ليل ونهار، وحر وبرد، وذكر وأنثى، وغير ذلك. { وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ } أي: السفن البحرية، الشراعية والنارية، مَا تَرْكَبُونَ { و } من { الأنعام ما تركبون لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ }
وهذا شامل لظهور الفلك ولظهور الأنعام، أي: لتستقروا عليها، { ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ } بالاعتراف بالنعمة لمن سخرها، والثناء عليه تعالى بذلك، ولهذا قال: { وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } أي: لولا تسخيره لنا ما سخر من الفلك، والأنعام، ما كنا مطيقين لذلك وقادرين عليه، ولكن من لطفه وكرمه تعالى، سخرها وذللها ويسر أسبابها.
والمقصود من هذا، بيان أن الرب الموصوف بما ذكره، من إفاضة النعم على العباد، هو الذي يستحق أن يعبد، ويصلى له ويسجد.
{ 15-25 } { وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ * أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ * وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ * وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ * وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ * أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ * بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ * وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ * قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ * فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ }
يخبر تعالى عن شناعة قول المشركين، الذين جعلوا للّه تعالى ولدا، وهو الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له كفوا أحد، وإن ذلك باطل من عدة أوجه:
منها: أن الخلق كلهم عباده، والعبودية تنافي الولادة.
ومنها: أن الولد جزء من والده، واللّه تعالى بائن من خلقه، مباين لهم في صفاته ونعوت جلاله، والولد جزء من الوالد، فمحال أن يكون للّه تعالى ولد.
ومنها: أنهم يزعمون أن الملائكة بنات اللّه، ومن المعلوم أن البنات أدون الصنفين، فكيف يكون لله البنات، ويصطفيهم بالبنين، ويفضلهم بها؟! فإذا يكونون أفضل من اللّه، تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا.
ومنها: أن الصنف الذي نسبوه للّه، وهو البنات، أدون الصنفين، وأكرههما لهم، حتى إنهم من كراهتهم لذلك { إِذَا بُشّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا } من كراهته وشدة بغضه، فكيف يجعلون للّه ما يكرهون؟
ومنها: أن الأنثى ناقصة في وصفها، وفي منطقها وبيانها، ولهذا قال تعالى: { أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ } أي: يجمل فيها، لنقص جماله، فيجمل بأمر خارج عنه؟ { وَهُوَ فِي الْخِصَامِ } أي: عند الخصام الموجب لإظهار ما عند الشخص من الكلام، { غَيْرُ مُبِينٍ } أي: غير مبين لحجته، ولا مفصح عما احتوى عليه ضميره، فكيف ينسبونهن للّه تعالى؟
ومنها: أنهم جَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الله إِنَاثًا، فتجرأوا على الملائكة، العباد المقربين، ورقوهم عن مرتبة العبادة والذل، إلى مرتبة المشاركة للّه، في شيء من خواصه، ثم نزلوا بهم عن مرتبة الذكورية إلى مرتبة الأنوثية، فسبحان من أظهر تناقض من كذب عليه وعاند رسله.
ومنها: أن اللّه رد عليهم بأنهم لم يشهدوا خلق اللّه لملائكته، فكيف يتكلمون بأمر من المعلوم عند كل أحد، أنه ليس لهم به علم؟! ولكن لا بد أن يسألوا عن هذه الشهادة، وستكتب عليهم، ويعاقبون عليها.
وقوله تعالى: { وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ } فاحتجوا على عبادتهم الملائكة بالمشيئة، وهي حجة لم يزل المشركون يطرقونها، وهي حجة باطلة في نفسها، عقلا وشرعا. فكل عاقل لا يقبل الاحتجاج بالقدر، ولو سلكه في حالة من أحواله لم يثبت عليها قدمه.
وأما شرعا، فإن اللّه تعالى أبطل الاحتجاج به، ولم يذكره عن غير المشركين به المكذبين لرسله، فإن اللّه تعالى قد أقام الحجة على العباد، فلم يبق لأحد عليه حجة أصلا، ولهذا قال هنا: { مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ } أي: يتخرصون تخرصا لا دليل عليه، ويتخبطون خبط عشواء.
ثم قال: { أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ } يخبرهم بصحة أفعالهم، وصدق أقوالهم؟ ليس الأمر كذلك، فإن اللّه أرسل محمدا نذيرا إليهم، وهم لم يأتهم نذير غيره، أي: فلا عقل ولا نقل، وإذا انتفى الأمران، فلا ثَمَّ إلا الباطل.
نعم، لهم شبهة من أوهى الشُّبَه، وهي تقليد آبائهم الضالين، الذين ما زال الكفرة يردون بتقليدهم دعوة الرسل، ولهذا قال هنا: { بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ } أي: على دين وملة { وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ } أي: فلا نتبع ما جاء به محمد صلى اللّه عليه وسلم.
{ وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا } أي: منعموها، وملأها الذين أطغتهم الدنيا، وغرتهم الأموال، واستكبروا على الحق. { إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ } أي: فهؤلاء ليسوا ببدع منهم، وليسوا بأول من قال هذه المقالة.
وهذا الاحتجاج من هؤلاء المشركين الضالين، بتقليدهم لآبائهم الضالين، ليس المقصود به اتباع الحق والهدى، وإنما هو تعصب محض، يراد به نصرة ما معهم من الباطل.
ولهذا كل رسول يقول لمن عارضه بهذه الشبهة الباطلة: { أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ } أي: فهل تتبعوني لأجل الهدى؟ { قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } فعلم بهذا، أنهم ما أرادوا اتباع الحق والهدى، وإنما قصدهم اتباع الباطل والهوى.
{ فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ } بتكذيبهم الحق، وردهم إياه بهذه الشبهة الباطلة. { فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ } فليحذر هؤلاء أن يستمروا على تكذيبهم، فيصيبهم ما أصابهم.

مثابره
05 -08- 2011, 12:50 AM
http://www.youtube.com/watch?v=0jynisKJJ6A

أبوعدولي
05 -08- 2011, 01:10 AM
نسائم ليل .. مثابره
شكراً للتواجد .. وجزاكم الله ألف خير
ونعتذر من الجميع للتاخر بسبب
إنقطاع التيار الكهربائي من الساعة السابعة الى الثانية عشره

أبوعدولي
05 -08- 2011, 01:44 AM
كما هو حال جميع السورالمكية ناقشت سورةالزخرف أسس العقيدة الإسلامية
وانها من أهم الأمور التي يجب على المسلم الاعتناء بها وتقديمها على غيرها
وهذه من أهم المحاورالتي تحدثت عنها السورة ، قال حافظ الحكمي في سلم الوصول:


http://vb.adma1.com/images/images_thumbs/8941e309ee8fe4474b0138bf5505c181.gif
أول واجب على العبيد‌ === معرفة الرحمن بالتوحيد
إذ هو من كل الأمور أعظم === وهو نوعان أيا من يفهم .

أبوعدولي
05 -08- 2011, 01:51 AM
الزخرف
تعرض هذه السورة جانباً مما كانت الدعوة الإسلامية تلاقيه من مصاعب وعقبات ; ومن جدال واعتراضات . وتعرض معها كيف كان القرآن الكريم يعالجها في النفوس ; وكيف يقرر في ثنايا علاجها حقائقه وقيمه في مكان الخرافات والوثنيات والقيم الجاهلية الزائفة , التي كانت قائمة في النفوس إذ ذاك , ولا يزال جانب منها قائماً في النفوس في كل زمان ومكان .

كانت الوثنية الجاهلية تقول:إن في هذه الأنعام التي سخرها الله للعباد , نصيباً لله , ونصيباً لآلهتهم المدعاة . (وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً . فقالوا:هذا لله - بزعمهم - وهذا لشركائنا . فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله , وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم). . وكانت لهم في الأنعام أساطير شتى وخرافات أخرى كلها ناشىء من انحرافات العقيدة . فكانت هناك أنواع من الأنعام محرمة ظهورها على الركوب - وأنواع محرمة لحومها على الأكل: (وقالوا:هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء - بزعمهم - وأنعام حرمت ظهورها , وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها افتراء عليه). .

وفي هذه السورة تصحيح لهذه الانحرافات الاعتقادية ; ورد النفوس إلى الفطرة وإلى الحقائق الأولى . فالأنعام من خلق الله , وهي طرف من آية الحياة , مرتبط بخلق السماوات والأرض جميعاً . وقد خلقها الله وسخرها للبشر ليذكروا نعمة ربهم عليهم ويشكروها ; لا ليجعلوا له شركاء , ويشرعوا لأنفسهم في الأنعام ما لم يأمر به الله ; بينما هم يعترفون بأن الله هو الخالق المبدع ; ثم هم ينحرفون عن مقتضى هذه الحقيقة التي يقرون بها , ويعزلونها عن حياتهم الواقعة , ويتبعون خرافات وأساطير ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن:خلقهن العزيز العليم , الذي جعل لكم الأرض مهدا , وجعل لكم فيها سبلا لعلكم تهتدون , والذي نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلدة ميتا , كذلك تخرجون , والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون , لتستووا على ظهوره , ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه , وتقولوا:سبحان الذي سخر لنا هذا , وما كنا له مقرنين , وإنا إلى ربنا لمنقلبون). .

وكانت الوثنية الجاهلية تقول:إن الملائكة بنات الله ; ومع أنهم هم يكرهون مولد البنات لهم , فإنهم كانوا يختارون لله البنات ! ويعبدونهم من دونه , ويقولون:إننا نعبدهم بمشيئة الله ولو شاء ما عبدناهم ! وكانت مجرد أسطورة ناشئة من انحراف العقيدة .

وفي هذه السورة يواجههم بمنطقهم هم ; ويحاجهم كذلك بمنطق الفطرة الواضح , حول هذه الأسطورةالتي لا تستند إلى شيء على الإطلاق وجعلوا له من عباده جزءاً إن الإنسان لكفور مبين . . أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين , وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم . أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين ? وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً , أشهدوا خلقهم ? ستكتب شهادتهم ويسألون . وقالوا:لو شاء الرحمن ما عبدناهم ! ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون . أم آتيناهم كتاباً من قبله فهم به مستمسكون ? بل قالوا:إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون !). .

ولما قيل لهم:إنكم تعبدون أصناماً وأشجاراً وإنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم , وقيل لهم:إن كل معبود من دون الله هو وعابدوه في النار . حرفوا الكلام الواضح البين , واتخذوا منه مادة للجدل . وقالوا:فما بال عيسى وقد عبده قومه ? أهو في النار ?! ثم قالوا:إن الأصنام تماثيل الملائكة والملائكة بنات الله . فنحن في عبادتنا لهم خير من عبادة النصارى لعيسى وهو بشر له طبيعة الناس !

أبوعدولي
05 -08- 2011, 01:54 AM
وأيضــــــاً :

في هذه السورة يكشف عن التوائهم في هذا الجدل ; ويبرى ء عيسى - عليه السلام - مما ارتكبه أتباعه من بعده وهو منه بريء ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدون . وقالوا:أآلهتنا خير أم هو ? ما ضربوه لك إلا جدلاً . بل هم قوم خصمون . إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلاً لبني إسرائيل . . .). .
وقد كانوا يزعمون أنهم على ملة أبيهم إبراهيم , وأنهم بذلك أهدى من أهل الكتاب وأفضل عقيدة . وهم في هذه الجاهلية الوثنية يخبطون .
فبين لهم في هذه السورة حقيقة ملة إبراهيم , وأنها ملة التوحيد الخالص , وأن كلمة التوحيد باقية في عقبه , وأن الرسول [ ص ] قد جاءهم بها , ولكنهم استقبلوها واستقبلوه بغير ما كان ينبغي من ذرية إبراهيم وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون , إلا الذي فطرني فإنه سيهدين . وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون . بل متعت هؤلاء وآباءهم حتى جاءهم الحق ورسول مبين . ولما جاءهم الحق قالوا:هذا سحر , وإنا به كافرون)
ولم يدركوا حكمة اختيار الله - سبحانه - لرسوله [ ص ] ووقفت في وجوههم القيم الأرضية الزائفة الزهيدة التي اعتادوا أن يقيسوا بها الرجال .

أبوعدولي
05 -08- 2011, 02:08 AM
http://farm4.static.flickr.com/3028/2829664171_4524c6897a.jpg

أبوعدولي
05 -08- 2011, 02:15 AM
وفي هذه السورة يحكي تصوراتهم وأقوالهم في هذا الصدد ; ويرد عليها ببيان القيم الحقيقية , وزهادة القيم التي يعتبرونها هم ويرفعونها: وقالوا:لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم:أهم يقسمون رحمة ربك ? نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا , ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات , ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً , ورحمة ربك خير مما يجمعون . ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضة ومعارج عليها يظهرون , ولبيوتهم أبواباً وسرراً عليها يتكؤون , وزخرفاً . وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا , والآخرة عند ربك للمتقين . .

ثم جاء بحلقة من قصة موسى - عليه السلام - مع فرعون , يبدو فيها اعتزاز فرعون بمثل تلك القيم الزائفة , وهوانها على الله , وهوان فرعون الذي اعتز بها , ونهايته التي تنتظر المعتزين بمثل ما اعتز به: (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه , فقال:إني رسول رب العالمين . فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون . وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون . وقالوا:يا أيها الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك , إننا لمهتدون . فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون . ونادى فرعون في قومه قال:يا قوم أليس لي ملك مصر , وهذه الأنهار تجري من تحتي , أفلا تبصرون ? أم أنا خير من هذا الذي هو مهينولا يكاد يبين ; فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين ! فاستخف قومه فأطاعوه , إنهم كانوا قوماً فاسقين , فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين , فجعلناهم سلفاً ومثلاً للآخرين). .

أبوعدولي
05 -08- 2011, 05:59 PM
معاني الكلمات 1/4
قوله عزّ وجلّ: (حم (1) والكتاب المبين (2)
قد فسرنا معنى (حم)، ومعنى (الكتاب المبين)، الذي أبان طرق الهدى من طرق الضلالة، وأبان كل ما تحتاج إليه الأمّة.
وقوله عزّ وجلّ: (إنّا جعلناه قرآنا عربيّا لعلّكم تعقلون (3)
معناه إنا بيّنّاه قرآنا عربيا.
وقوله (وإنّه في أمّ الكتاب لدينا لعليّ حكيم (4)
(أم الكتاب) أصل الكتاب، وأصل كل شيء أمّه، والقرآن مثبت عند اللّه في اللوح المحفوظ، والدليل على ذلك قوله: (بل هو قرآن مجيد (21) في لوح محفوظ (22).
وقوله: (أفنضرب عنكم الذّكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين (5)
ويقرأ (إن كنتم قوما مسرفين) فمن فتحها فالمعنى أفنضرب عنكم الذكر صفحا لأن كنتم، ومن كسرها فعلى معنى الاستقبال، على معنى إن تكونوا مسرفين نضرب عنكم الذكر، ويقال: ضربت عنه الذكر وأضربت عنه الذكر.
والمعنى أفنضرب عنكم ذكر العذاب والعذاب بأن أسرفتم.
والدليل على أن
[معاني القرآن: 4/405]
المعنى هذا وأنه ذكر العذاب قوله: (فأهلكنا أشدّ منهم بطشا ومضى مثل الأوّلين (8).
أي مضت سنتهم، ويكون (أفنضرب عنكم الذكر) أي نهملكم فلا نعرفكم ما يجب عليكم لأن أسرفتم، ومثله: (أيحسب الإنسان أن يترك سدى (36).
وقوله: (الّذي جعل لكم الأرض مهدا وجعل لكم فيها سبلا لعلّكم تهتدون (10)
(وجعل لكم فيها سبلا): طرقا.
وقوله: (والّذي خلق الأزواج كلّها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون (12)
معناه خلق الأصناف كلها، تقول عندي من كلّ زوج أي من كلّ صنف.
(وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون).
أي خلق لكم وسخرها لكم:
(لتستووا على ظهوره).
وقوله عزّ وجلّ: (ثمّ تذكروا نعمة ربّكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الّذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين (13)
أي تحمدون اللّه وتعظمونه، فيقول القائل إذا ركب السفينة: بسم اللّه مجراها ومرساها، ويقول إذا ركب الدابة: الحمد للّه سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، أي مطيقين، واشتقاته من قولك: أنا لفلان مقرن أي مطيق، أي قد صرت قرنا له.
(وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون (14)
أي نحن مقرّون بالبعث.
وقوله عزّ وجلّ: (وجعلوا له من عباده جزءا إنّ الإنسان لكفور مبين (15)
يعنى به الذين جعلوا الملائكة بنات اللّه، وقد أنشدني بعض أهل
[معاني القرآن: 4/406]
اللغة بيتا يدل على أن معنى جزء معنى الإناث ولا أدري البيت، قديم أم مصنوع، أنشدني:
إن أجزأت حرّة يوما فلا عجب... قد تجزئ الحرّة المذكار أحيانا
أي إن " أنثت، ولدت أنثى.
وقوله عزّ وجلّ: (أومن ينشّأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين (18)
ويقرأ (ينشأ)، وموضع " من " نصب.
المعنى أجعلوا من ينشّأ في الحلية - يعني البنات - للّه.
(وهو في الخصام غير مبين).
يعنى البنات، أي الأنثى لا تكاد تستوفي الحجة ولا تبين.
وقد قيل في التفسير إن المرأة لا تكاد تحتج بحجة إلا عليها.
وقد قيل إنّه يعني به الأصنام.
والأجود أن يكون يعني به المؤنث.
وقوله تعالى: (وجعلوا الملائكة الّذين هم عباد الرّحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون (19)
الجعل ههنا في معنى القول والحكم على الشيء. تقول: قد جعلت زيدا أعلم الناس، أي قد وصفته بذلك وحكمت به.
وقوله - عزّ وجلّ -: (ستكتب شهادتهم).
وتقرأ سنكتب، ويجوز سيكتب، المعنى سيكتب اللّه شهادتهم ولا نعلم أحدا قرأ بها. والقراءة بالتاء والنون.

أبوعدولي
05 -08- 2011, 06:01 PM
معاني الكلمات 2/4
وقوله: (وقالوا لو شاء الرّحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلّا يخرصون (20)
المعنى ما لهم بقولهم إنّ الملائكة بنات اللّه من علم، ولا بجميع ما تخرصوا به.
وقوله: (أم آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون (21)
أي أم هل قالوا عن كتاب، المعنى أشهدوا خلقهم أم آتيناهم بكتاب بما قالوه من عبادتهم ما يعبدون من دون اللّه، ثم أعلم اللّه - عزّ وجلّ – أن فعلهم اتباع ضلالة آبائهم فقال:
(بل قالوا إنّا وجدنا آباءنا على أمّة وإنّا على آثارهم مهتدون (22)
ويقرأ " على إمّة " بالكسر، فالمعنى على طريقة.
وقوله عزّ وجلّ: (وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلّا قال مترفوها إنّا وجدنا آباءنا على أمّة وإنّا على آثارهم مقتدون (23)
أي قد قال لك هؤلاء كما قال أمثالهم للرسل من قبلك.
وقوله: (وإنّا على آثارهم مقتدون).
معناه نقتدي بهم، ويصلح أن يكون خبرا لإنا مهتدون، و (على) من صلة مهتدين، وكذلك مقتدون، فيكون المعنى وإنهم مهتدون على آثارهم، وكذلك يكون المعنى مقتدون على آثارهم، ويصلح أن يكون خبرا بعد خبر، فيكون (وإنّا على آثارهم) الخبر ويكون (مهتدون) خبرا ثانيا، وكذلك (مقتدون).
وقوله: - عزّ وجلّ - (قال أولو جئتكم بأهدى ممّا وجدتم عليه آباءكم قالوا إنّا بما أرسلتم به كافرون (24)
المعنى فيه قل أتتبعون ما وجدتم عليه آباءكم وإن جئتكم بأهدى منه.
وقوله تعالى: (وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنّني براء ممّا تعبدون (26) إلّا الّذي فطرني فإنّه سيهدين (27)
[معاني القرآن: 4/408]
(براء) بمعنى بريء ممّا تعبدون، والعرب تقول للواحد منها أنا البراء منك، وكذلك الاثنان والجماعة والذكر والأنثى يقولون نحن البراء منك والخلاء منك، ولا يقولون: نحن البراءان منك ولا البراءون.
وإنما المعنى إنا ذوو البراء منك ونحن ذوو البراء منك كما تقول رجل عدل وامرأة عدل وقوم عدل، والمعنى ذوو عدل وذوات عدل.
وقوله: (إلّا الّذي فطرني فإنّه سيهدين (27)
المعنى إنا نتبرأ مما تعبدون إلا من الله عزّ وجلّ، ويجوز أن يكون " إلا " بمعنى لكن فيكون المعنى لكن الذي فطرني فإنه سيهدين.
(وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلّهم يرجعون (28)
يعني بها كلمة التوحيد وهي لا إله إلا اللّه باقية في عقب إبراهيم، لا يزال من ولده من يوحد اللّه عزّ وجلّ.
(وقالوا لولا نزّل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم (31)
المعنى على رجل من رجلي القريتين عظيم، والرجلان أحدهما الوليد ابن المغيرة المخزومي من أهل مكة، والآخر حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي من أهل الطائف، والقريتان ههنا مكة والطائف.
ويجوز " لولا نزّل " أي لولا نزّل اللّه هذا القرآن، ويجوز لولا نزل هذا القرآن.
ومعنى لولا هلّا ولم يقرأ بهاتين الأخريين، إنما القراءة (نزّل).
و (هذا) في موضع رفع، والقرآن ههنا مبيّن عن هذا ويسميه سيبويه عطف البيان، لأن لفظه لفظ الصفة، ومما يبين أنه عطف البيان قولك مررت بهذا الرجل وبهذه الدار، و (هذا القرآن) إنما يذكر بعد هذا اسما يبين بها اسم الإشارة.
وقوله عزّ وجلّ (أهم يقسمون رحمت ربّك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدّنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتّخذ بعضهم بعضا سخريّا ورحمت ربّك خير ممّا يجمعون (32)
[معاني القرآن: 4/409]
أي قولهم: لم لم ينزل هذا القرآن على غير محمد عليه السلام اعتراض منهم، وليس تفضل اللّه عزّ وجلّ يقسمه غيره.
ولما أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة قالت العرب - أو أكثرها -: كيف لم يرسل اللّه ملكا وكيف أرسل اللّه بشرا، فقال اللّه عزّ وجلّ: (وما أرسلنا من قبلك إلّا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى).
وقال: (أكان للنّاس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم).
فلما سمعوا أن الرسالة كانت في رجال من أهل القرى قالوا: " لولا نزل على أحد هذين الرجلين ".
وقال - عزّ وجلّ -: (أهم يقسمون رحمت ربّك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدّنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات).
قكما فضلنا بعضهم على بعض في الرزق وفي المنزلة، كذلك اصطفينا للرسالة من نشاء.
وقوله: (ليتّخذ بعضهم بعضا سخريّا).
و (سخريّا)
أي ليستعمل بعضهم بعضا، ويستخدم بعضهم بعضا.
وقيل (سخريّا) أي، يتخذ بعضهم بعضا عبيدا.
ثم أعلم - عزّ وجلّ - أن الآخرة أحظّ من الدنيا فقال: (ورحمت ربّك خير ممّا يجمعون).
وأعلم قلّة الدنيا عنده عزّ وجلّ فقال:
(ولولا أن يكون النّاس أمّة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرّحمن لبيوتهم سقفا من فضّة ومعارج عليها يظهرون (33)
ويقرأ سقفا من فضة، ويجوز سقفا بسكون القاف وضم السين، فمن قال سقفا وسقفا فهو جمع سقف كما قيل رهن ورهن ورهن، ومن قال سقفا فهو واحد يدلّ على الجمع المعنى جعلنا لبيت كل واحد منهم سقفا من فضة.
[معاني القرآن: 4/410]
وقوله: (ومعارج عليها يظهرون).
(معارج) درج واحدها معرج.
المعنى وجعلنا معارج من فضة، وكذلك:
(أبوابا وسررا عليها يتّكئون (34)
أي أبوابا من فضة وسررا من فضة.
(وزخرفا وإن كلّ ذلك لمّا متاع الحياة الدّنيا والآخرة عند ربّك للمتّقين (35)
(وزخرفا).
الزخرف - جاء في التفسير أنه ههنا الذهب، إلا زيد بن أسلم فإنه قال: هو متاع البيت، والزخرف في اللغة الزينة وكمال الشيء فيها، ودليل ذلك قوله: (حتى إذا أخذت الأرض زخرفها) أي كمالها وتمامها.
(وإن كلّ ذلك لمّا متاع الحياة الدّنيا والآخرة).
معناه وما كل ذلك إلا متاع الحياة الدنيا، ويقرأ لما متاع و " ما " ههنا لغو، المعنى لمتاع.
وقوله: (ولولا أن يكون النّاس أمّة واحدة).
أي: لولا أن تميل بهم الدنيا فيصير الخلق كفارا لأعطى اللّه الكافر في الدنيا غاية ما يتمنى فيها لقلّتها عنده، ولكنه - عزّ وجلّ - لم يفعل ذلك لعلمه بأن الغالب على الخلق حبّ العاجلة.
وقوله: (ومن يعش عن ذكر الرّحمن نقيّض له شيطانا فهو له قرين (36)
ويقرأ (ومن يعش) بفتح الشين من عشي يعشى، أي من يعم عن ذكر الرحمن.
[معاني القرآن: 4/411]
(نقيّض له شيطانا).
نسبب له شيطانا، يجعل اللّه له ذلك جزاءه.
وقوله: (وإنّهم ليصدّونهم عن السّبيل ويحسبون أنّهم مهتدون (37)
أي الشياظين تصدهم عن السبيل، ويحسب الكفار أنّهم مهتدون.
وقوله - عزّ وجلّ -: (لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم) يصلح أن يكون بدلا من قوله (لمن يكفر بالرحمن)، ويكون المعنى لجعلنا لبيوت من يكفر بالرحمن، ويصلح أن يكون لبيوتهم على معنى لجعلنا لمن يكفر بالرحمن على بيوتهم.

أبوعدولي
05 -08- 2011, 06:03 PM
معاني الكلمات 3/4
وقوله: (حتّى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين (38)
ويقرأ (جاءانا) فمن قرأ (جاءانا) فالمعنى حتى إذا جاء الكافر وشيطاته.
ومن قرأ (حتّى إذا جاءنا) فعلى الكافر وحده.
(قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين).
معنى (المشرقين) ههنا بعد المشرق والمغرب، فلما جعلا اثنين غلب لفظ المشرق كما قال:
لنا قمراها والنجوم الطوالع
يريد الشمس والقمر، وكما قالوا سنة العمرين يراد سنة أبي بكر وعمر رحمة اللّه عليهما.
وقوله عزّ وجلّ: (ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنّكم في العذاب مشتركون (39)
المعنى لن تنفعكم الشركة في العذاب، قال محمد بن يزيد في جواب
[معاني القرآن: 4/412]
هذه الآية إنّهم منعوا روح التّأسّي لأن التّأسّي يسهّل المصيبة، فأعلموا أن لن ينفعهم الاشتراك في العذاب وأن اللّه - عزّ وجلّ - لا يجعل فيه أسوة.
قال وأنشدني في المعنى للخنساء:
ولولا كثرة الباكين حولي... على إخوانهم لقتلت نفسي
وما يبكون مثل أخي ولكن... أعزي النّفس عنه بالتّأسّي
وقوله - عزّ وجلّ -: (فإمّا نذهبنّ بك فإنّا منهم منتقمون (41) أو نرينّك الّذي وعدناهم فإنّا عليهم مقتدرون (42)
دخل " ما " توكيدا للشرط والنون الثقيلة في قوله: (نذهبنّ) دخلت أيضا توكيدا، وإذا دخلت (ما) دخلت معها النون كما تدخل مع لام القسم.
والمعنى إنا ننتقم منهم إن توفيت أو نريك ما وعدناهم ووعدناك فيهم من النصر، فقد أراه اللّه - عزّ وجلّ - ما وعده فيهم ووعدهم من إهلاكهم إن كذبوا.
وقد قيل إنه كانت بعد رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - أشياء لم يحبب اللّه أن يريه إياها.
وقوله عزّ وجلّ: (وإنّه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون (44)
يريد أن القرآن شرف لك ولقومك.
وقوله: (وسوف تسألون).
معناه سوف تسألون عن شكر ما جعله اللّه لكم من الشرف.
وقوله: (واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرّحمن آلهة يعبدون (45)
في هذه المسألة ثلاثة أوجه:
جاء في التفسير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة أسري به جمع له الأنبياء في بيت المقدس فأمّهم وصلّى بهم، وقيل له: سلهم فلم
[معاني القرآن: 4/413]
يشكك عليه السلام ولم يسل.
ووجه ثان وهو الذي أختاره، وهو أن المعنى سل أمم من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرّحمن آلهة يعبدون؟.
ويكون معنى السؤال ههنا على جهة التقرير كما قال: (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولنّ اللّه) فليس يسالهم ههنا عمن خلقهم إلا على جهة التقرير وكذلك إذا سال جميع أمم الأنبياء لم يأتوا بأن في كتبهم أن اعبدوا غيري.
ووجه ثالث يكون المعنى في خطاب النبي - صلى الله عليه وسلم - معناه مخاطبة الأمّة، كأنّه قال: واسألوا، والدليل على أن مخاطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - قد يدخل فيها خطاب الأمة قوله: (يا أيّها النّبيّ إذا طلّقتم النّساء).
وقوله: (وقالوا يا أيّه السّاحر ادع لنا ربّك بما عهد عندك إنّنا لمهتدون (49)
إن قال قائل: كيف يقولون لموسى عليه السلام يا أيّها الساحر وهم يزعمون أنهم مهتدون؟
فالجواب أنهم خاطبوه بما تقدم له عندهم من التسمية بالسحر، ومعنى بما عهد عندك أي بما عهد عندك فيمن آمن به من كشف العذاب عنه.
الدليل على ذلك قوله: (فلمّا كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون (50)
أي إذا هم ينقضون عهدهم.
وقوله عزّ وجلّ: (ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون (51)
" مصر " ههنا يعنى بها مدينة مصر المعروفة، فمصر مذكر سمّي به مؤنث لأن المدينة الغالب عليها التأنيث، وقد يجوز ملك مصر، يذهب به إلى أن مصر اسم لبلد، وهذا فيه بعد من قبل أن أكثر ما يستعمل البلد لما يضم مدنا
[معاني القرآن: 4/414]
كبيرة نحو بلاد الرّوم وبلاد الشام وبلد خراسان.
ويجوز أن تصرف مصرا إذا جعلته اسما لبلد عند جميع النحويين من البصريين.
وقوله عزّ وجلّ: (أفلا تبصرون (51) أم أنا خير من هذا الّذي هو مهين ولا يكاد يبين (52)
قال سيبويه والخليل عطف " أنا " بـ (أم) على قوله (أفلا تبصرون)
لأنّ معنى (أم أنا خير) معناه أم تبصرون، كأنّه قال: " أفلا تبصرون أم تبصرون، قال لأنهم إذا قالوا أنت خير منه فقد صاروا عنده بصراء، فكأنّه قال أفلا تبصرون أم أنتم بصراء.
ومعنى (مهين) قليل.
يقال شيء مهين أي قليل، وهو فعيل من المهانة.
وقوله (ولا يكاد يبين).
قال ذلك لأنه كانت في لسان موسى عليه السلام لثغة، والأنبياء - صلوات اللّه عليهم - أجمعون مبيّنون بلغاء.
وقوله عزّ وجلّ: (فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين (53)
كانه لما وصف نفسه بالملك والرياسة قال: هلّا جاء موسى بشيء يلقى عليه فيكون ذلك أسورة من ذهب تدل على أنها من عند إلهه الذي يدعوكم إلى توحيده، أو هلّا جاء معه الملائكة مقترنين أي يمشون معه فيدلّون على صحة نبوته، وقد أتى موسى عليه السلام من الآيات بما فيه دلالة على تثبيت النبوة، وليس للذين يرسل إليهم الأنبياء أن يقترحوا من الآيات ما يريدون هم.
وتقرأ (أساورة من ذهب)، ويصلح أن يكون جمع الجمع تقول أسورة وأساورة، كما تقول: أقوال وأقاويل ويجوز أن يكون جمع إسوار وأساورة.
[معاني القرآن: 4/415]
وإنما صرفت أساورة لأنك ضممت الهاء إلى أساور فصار اسما واحدا وصار الاسم له مثال في الواحد مثل علانية وعباقية.
وقوله عزّ وجلّ: (فلمّا آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين (55)
معنى (آسفونا) أغضبونا.
(فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين (56)
جعلناهم سلفا متقدّمين ليتعظ بهم الآخرون.
ويقرأ سلفا - بضم السين واللام، ويقرأ سلفا - بضم السين وفتح اللام -. فمن قال سلفا - بضمتين - فهو جمع سليف، أي جميع قد مضى.
ومن قرأ سلفا فهو جمع سلفة أي فرقة قد مضت.
وقوله عزّ وجلّ: (ولمّا ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدّون (57)
(يصدّون) ويقرأ (يصدّون) - بضم الصاد - والكسر أكثر ومعناهما جميعا يضجّون ويجوز أن يكون معنى المضمومة يعرضون.
وجاء في التفسير أن كفار قريش خاصمت النبى - صلى الله عليه وسلم - فلما قيل لهم: (إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم) قالوا قد رضينا أن تكون آلهتنا بمنزله عيسى ابن مريم والملائكة الذين عبدوا من دون اللّه.
فهذا معنى ضرب عيسى المثل.
وقوله: (وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلّا جدلا بل هم قوم خصمون (58)
(ما ضربوه لك إلّا جدلا).
أي طلبا للمجادلة لأنهم قد علموا أن المعنى في (حصب جهنّم) ههنا أنه يعني به الأصنام وهم.
[معاني القرآن: 4/416]
وقوله تعالى: (إن هو إلّا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل (59)
يعني به عيسى ابن مريم.
ومعنى (وجعلناه مثلا لبني إسرائيل) أنه يدلهم على نبوته.
(ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون (60)
معنى (يخلفون) يخلف بعضهم بعضا، والمعنى لجعلنا منهم بدلا منكم.
(وإنّه لعلم للسّاعة فلا تمترنّ بها واتّبعون هذا صراط مستقيم (61)
ويقرأ (لعلم للسّاعة) المعنى أن ظهور عيسى ابن مريم عليه السلام علم للسّاعة، أي إذا ظهر دلّ على مجيء الساعة.
وقد قيل إنه يعني به أن القرآن العلم للساعة يدل على قرب مجيئها، والدليل على ذلك قوله: (اقتربت السّاعة وانشقّ القمر).
والأول أكثر في التفسير.
وقوله: (فلا تمترنّ بها) أي لا تشكّنّ فيها.
وقوله عزّ وجلّ: (ولمّا جاء عيسى بالبيّنات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبيّن لكم بعض الّذي تختلفون فيه فاتّقوا اللّه وأطيعون (63)
قوله جاء (بالحكمة) أي بالإنجيل وبالبينات أي الآيات التي يعجز عنها المخلوقون.
وقالوا في معنى (بعض الّذي تختلفون فيه) أي كل الذي يختلفون فيه واستشهدوا بقول لبيد:
[معاني القرآن: 4/417]
أو يخترم بعض النّفوس حمامها
يريد كل النفوس، واستشهدوا أيضا بقول القطامي:
قد يدرك المتأنّي بعض حاجته.
قالوا معناه كل حاجته.
وهذا مذهب أبي عبيدة، والصحيح أن البعض لا يكون في معنى الكل، وهذا ليس في الكلام، والذي جاء به عيسى في الإنجيل إنّما هو بعض الذي اختلفوا فيه، وبين اللّه سبحانه لهم من غير الإنجيل ما احتاجوا إليه، وكذلك قوله: أو يخترم بعض النفوس حمامها، إنما يعني نفسه، ونفسه بعض النفوس.
وقوله عزّ وجلّ: (فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للّذين ظلموا من عذاب يوم أليم (65)
(الأحزاب) قيل إنهم الأربعة الذين كانوا بعد عيسى، يعني به اليهود والنصارى.
وقوله: (الأخلّاء يومئذ بعضهم لبعض عدوّ إلّا المتّقين (67)
جاء في التفسير عن النبى - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: الأخلاء أربعة مؤمنان وكافران - فمات أحد المؤمنين فسئل عن خليله فقال ما علمته إلا أمّارا بالمعروف نهّاء عن المنكر، اللهم اهده كما هديتني، وأمته على ما أمتني عليه.
وسئل الكافر عن خليله فقال: ما علمته إلا أمّارا بالمنكر نهّاء عن المعروف، اللهم أضلله كما أضللتني، وأمته على ما أمتني عليه، فإذا كان يوم القيامة أثنى كل واحد على صاحبه شرّا.
[معاني القرآن: 4/418]
قوله - عز وجل - (يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون (68)
وتقرأ يا عبادي - بإثبات الياء، وقد فسرنا حذف الياء وإثباتها في مثل هذا فيما سلف من الكتاب.
وقوله: (الّذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين (69)
(الذين) في موضع نصب على النعت لعبادي، لأن عبادي منادى مضاف، وإنّما قيل (لا خوف عليكم اليوم) للمؤمنين لا لغيرهم، وكذلك " (ادخلوا الجنّة) لا خوف عليكم يعنى يا عبادي المؤمنين ادخلوا الجنّة.
وقوله: (أنتم وأزواجكم تحبرون (70)
(تحبرون) تكرمون إكراما يبالغ فيه، والحبرة المبالغة فيما وصف بجميل.

أبوعدولي
05 -08- 2011, 06:06 PM
معاني الكلمات 4/4
وقوله: (يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين وأنتم فيها خالدون (71)
" الصحاف " واحدها صحفة وهي القصعة، والأكواب واحدها كوب وهو إناء مستدير لا عروة له.
وقوله: (وفيها ما تشتهي الأنفس).
وقرئت (تشتهيه الأنفس) بإثبات الهاء، وأكثر المصاحف بغيرها، وفي بعضها الهاء.
وقوله - عزّ وجلّ -: (لا يفتّر عنهم وهم فيه مبلسون (75)
المبلس: الساكت الممسك إمساك يائس من فرج.
وقوله: (وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظّالمين (76)
" هم " ههنا فصل كذا يسميها البصريون، وهي تأتي دليلا على أن ما
[معاني القرآن: 4/419]
بعدها ليس بصفة لما قبلها، وأن المتكلم يأتي بخبر الأول. ويسميها الكوفيون العماد.
وهي عند البصريين لا موضع لها في رفع ولا نصب ولا جرّ، ويزعمون أنها بمنزلة (ما) في قوله سبحانه: (فبما رحمة من اللّه لنت لهم) وقد فسرت ما في هذا فيما تقدم من الكتاب ويجوز " ولكن كانوا هم الظالمون " في غير القرآن، ولكن لا تقرأنّ بها لأنّها تخالف المصحف.
وقوله عزّ وجلّ: (ونادوا يا مالك ليقض علينا ربّك قال إنّكم ماكثون (77)
وقد رويت يا مال - بغير كاف، وبكسر اللام - وهذا يسميه النحوّيون الترخيم، وهو كثير في الشعر في مالك وعامر ولكنني أكرههما لمخالفتهما المصحف.
وقوله عزّ وجلّ: (أم أبرموا أمرا فإنّا مبرمون (79)
أي أم أحكموا عند أنفسهم أمرا من كيد أو شرّ فإنا مبرمون.
محكمون مجازاتهم كيدا بكيدهم، وشرّا بشرّهم.
وقوله: (قل إن كان للرّحمن ولد فأنا أوّل العابدين (81)
معناه إن كنتم تزعمون أن للرحمن ولدا فانا أول الموحّدين لأن من عبد الله - عزّ وجلّ - واعترف بأنه إلهه فقد دفع أن يكون له ولد.
والمعنى أن كان للرحمن ولد في قولكم، كما قال: (أين شركائي الّذين كنتم تشاقّون فيهم) أي في قولكم. واللّه واحد لا شريك له.
وقد قيل إنّ (إن) في هذا الموضع في موضع (ما) المعنى ما كان للرحمن ولد، (فأنا أوّل العابدين).
وقد قيل إن العابدين في معنى الآنفين، فأنا أول من يأنف من هذا القول.
[معاني القرآن: 4/420]
وقوله عزّ وجلّ: (وهو الّذي في السّماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم (84)
المعنى هو الموحّد في السماء وفي الأرض.
وقرئت (في السّماء اللّه وفي الأرض اللّه).
ويدل ما خلق بينهما وفيهما أنه واحد حكيم عليم، لأن خلقهما يدل على الحكمة والعلم.
وقوله: (وقيله يا ربّ إنّ هؤلاء قوم لا يؤمنون (88)
(وقيله)
ويقرأ (وقيله)، (وقيله يا ربّ)، فيها ثلاثة أوجه:
الخفض على معنى (وعنده علم الساعة) وعلم قيله يا ربّ
والنصب من ثلاثة أوجه:
قال أبو الحسن الأخفش إنه منصوب من جهتين:
إحداهما على العطف على قوله: (أم يحسبون أنّا لا نسمع سرّهم ونجواهم) وقيله، أي ونسمع قيله. ويكون على وقال قيله.
قال أبو إسحاق: والّذي أختاره أنا أن يكون " قيله " نصبا على معنى وعنده علم الساعة ويعلم قيله، فيكون المعنى إنّه يعلم الغيب ويعلم قيله، لأن معنى عنده علم الساعة يعلم الساعة ويعلم قيله.
ومعنى الساعة في كل القرآن الوقت الذي تقوم فيه القيامة.
والرفع على معنى وقيله هذا القول، أي وقيله قوله (يا ربّ إنّ هؤلاء قوم لا يؤمنون).
[معاني القرآن: 4/421]

أبوعدولي
05 -08- 2011, 10:14 PM
http://upload.7ozn.com/files15/13125712941.gif


http://www.albetaqa.com/cards/albums/cards/027fawasel/fawasel/fawasel0025.gif
التعريف بالسورة :
1) سورة مدنية .
2) من المفصل .
3) آياتها 78 .
4) ترتيبها الخامسة والخمسون .
5) نزلت بعد الرعد .
6) بدأت السورة باسم من اسماء الله الحسنى " الرحمن " ، لم يذكر
لفظ الجلالة في السورة ، اسم السورة ( الرحمن ) .
7) الجزء ( 27 ) ، الحزب ( 54 ) ، الربع ( 5) .
http://www.albetaqa.com/cards/albums/cards/027fawasel/fawasel/fawasel0025.gif
محور مواضيع السورة :
سورة الرحمن من السور المدنية التي تعالج أصول العقيدة الإسلامية ،
وهي كالعروس بين سائر السور الكريمة ، ولهذا ورد في الحديث الشريف :
( لكل شيء عروس وعروس القرآن سورة الرحمن ) .
http://www.albetaqa.com/cards/albums/cards/027fawasel/fawasel/fawasel0025.gif
سبب نزول السورة :
عن عطاء أن أبا بكر الصديق ذكر ذات يوم وفكر في القيامة والموازين
والجنة والنار وصفوف الملائكة وطىِّ السماوات ونسف الجبال وتكوير
الشمس وانتشار الكواكب فقال : وددت أنى كنت خضراء من هذا الخضر
تأتى عَلَىَّ بهيمةٌ فتأكلني ، وأنى لم أُخْلَق ، فنزلت هذه الآية
( وَلمِنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ) .
http://www.albetaqa.com/cards/albums/cards/027fawasel/fawasel/fawasel0025.gif
فضل السورة :
1) عن علي سمعت رسول يقول : " لكل شيء عَروسٌ وعَرُوسُ القرآن الرحمن " .
2) عن أنس قال كان رسول الله يوتر بتسع ركعات فلما أسن وثقل أوتر
بسبع فصلى ركعتين ، وهو جالس فقرأ فيهما الرحمن والواقعة .
3) عن ابن زيد قال : كان أول مفصل ابن مسعود الرحمن .
http://www.albetaqa.com/cards/albums/cards/027fawasel/fawasel/fawasel0025.gif
تقبل الله صيامكم .. ونسعد هنا بمشاركاتكم

أبوعدولي
05 -08- 2011, 10:17 PM
شكراً لتواصلكم هنا ونتمنى الإستمرار في الحلقة الخامسة هنا :
http://samtah.net/vb/showthread.php?p=1339831#post1339831

نسايم ليل
05 -08- 2011, 10:32 PM
تفسير سورة الرحمن

{بسم الله الرحمن الرحيم} البسملة تقدم الكلام عليها، {الرحمـن* علم القرءان* خلق الإنسان* علمه البيان} {الرحمـن } مبتدأ، وجملة {علم القرءان } خبر، {خلق الإنسان } خبر ثان، {علمه البيان } خبر ثالث، والمعنى أن هذا الرب العظيم، الذي سمى نفسه بالرحمن تفضل على عباده بهذه النعم، والرحمن هو ذو الرحمة الواسعة التي وسعت كل شيء، كما قال تعالى: {ورحمتي وسعت كل شيء}. وابتدأ هذه السورة بالرحمن عنواناً على أن ما بعده كله من رحمة الله تعالى، ومن نعمه {علم القرءان } أي: علمه من شاء من عباده، فعلمه جبريل عليه السلام أولاً، ثم نزل به جبريل على قلب النبي صلى الله عليه وسلم ثانياً، ثم بلغه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثالثاً إلى جميع الناس، والقرآن هو هذا الكتاب العزيز الذي أنزله الله تعالى باللغة العربية، كما قال الله تعالى: {إنا جعلناه قرءاناً عربياً لعلكم تعقلون } وقـال تعالـى: {نزل به الروح الأَمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين} وتعليم القرآن يشمل تعليم لفظه، وتعليم معناه، وتعليم كيف العمل به، فهو يشمل ثلاثة أشياء، {خلق الإنسان } المراد الجنس، فيشمل آدم وذريته، أي: أوجده من العـدم، فالإنسـان كان معدوماً قبل وجوده، وقبل خلقه، قال الله - عز وجل -: {هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً} يعني أتى عليه حين من الدهر قبل أن يوجد، وليس شيئاً مذكوراً ولا يعلم عنه، وبدأ الله تعالى بتعليم القرآن قبل خلق الإنسان إشارة إلى أن نعمة الله علينا بتعليم القرآن أشد وأبلغ من نعمته بخلق الإنسان وإلا فمن المعلوم أن خلق الإنسان سابق على تعليم القرآن، لكن لما كان تعليم القرآن أعظم منة من الله - عز وجل - على العبد قدمه على خلقه {علمه} أي: علم الإنسان {البيان }، أي: ما يبين به عما في قلبه، وأيضاً ما يستبين به عند المخاطبة، فهنا بيانان: البيان الأول من المتكلم، والبيان الثاني من المخاطب، فالبيان من المتكلم يعني التعبير عما في قلبه، ويكون باللسان نطقاً، ويكون بالبنان كتابة، فعندما يكون في قلبك شيء تريد أن تخبر به، تارة تخبر به بالنطق، وتارة بالكتابة، كلاهما داخل في قوله {علمه البيان }، وأيضاً {علمه البيان } كيف يستبين الشيء وذلك بالنسبة للمخاطب يعلم ويعرف وما يقول صاحبه، ولو شاء الله تعالى لأسمع المخاطب الصوت دون أن يفهم المعنى فالبيان سواء من المتكلم، أو من المخاطب كلاهما منة من الله - عز وجل

نسايم ليل
05 -08- 2011, 10:32 PM
فهذه ثلاث نعم: {علم القرءان خلق الإنسان علمه البيان}.
{الشمس والقمر بحسبان} لما تكلم عن العالم السفلي بين العالم العلوي فقال: {الشمس والقمر بحسبان}أي: بحساب دقيق معلوم متقن منتظم أشد الانتظام، يجريان كما أمرهما الله - عز وجل - ولم تتغير الشمس والقمر منذ خلقهما الله عز وجل إلى أن يفنيهما يسيران على خط واحد، كما أمرهما الله، وهذا دليل على كمال قدرة الله تعالى، وكمال سلطانه، وكمال علمه أن تكون هذه الأجرام العظيمة تسير سيراً منظماً، لا تتغير على مدى السنين الطوال، {والنجم والشجر يسجدان } النجم اسم جنس، والمراد به النجوم تسجد لله - عز وجل - فهذه النجوم العليا التي نشاهدها في السماء تسجد لله - عز وجل - سجوداً حقيقياً، لكننا لا نعلم كيفيته، لأن هذا من الأمور التي لا تدركها العقول، والشجر يسجد لله عز وجل سجوداً حقيقياً، لكن لا ندري كيف ذلك، والله على كل شيء قدير، وانظر إلى الأشجار إذا طلعت الشمس تتجه أوراقها إلى الشمس تشاهدها بعينك، وكلما ارتفعت، ارتفعت الأشجار، وإذا مالت للغروب مالت، لكن هذا ليس هو السجود، إنما السجود حقيقة لا يُعلم، كما قال - عز وجل -: {تسبح له السماوات السبع والأَرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولـكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليمًا غفورًا } فالنجوم كلها تسجد لله، والأشجار كلها تسجد لله - عز وجل - قال الله تعالى: {ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأَرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس} ويقابله،{وكثير حق عليه العذاب} فلا يسجد - والعياذ بالله - {والسماء رفعها} يعني ورفع السماء ولم يحدد في القرآن الكريم مقدار هذا الرفع، لكن جاءت السنة بذلك، فهي رفيعة عظيمة ارتفاعاً عظيماً شاهقاً، {ووضع الميزان } أي: وضع العدل، والدليل على أن المراد بالميزان هنا العدل قوله تعالى: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان} يعني العدل، وليس المراد بالميزان هنا الميزان ذا الكفتين المعروف ولكن المراد بالميزان العدل، ومعنى وضع الميزان أي أثبته للناس، ليقوموا بالقسط أي بالعدل {ألا تطغوا في الميزان } يعني ألا تطغوا في العدل، يعني وضع العدل لئلا تطغوا في العدل فتجوروا، فتحكم للشخص وهو لا يستحق، أو على الشخص وهو لا يستحق، {وأقيموا الوزن بالقسط } ، يعني وزنكم للأشياء، أقيموه ولا تبخسوه فتنقصوا، لهذا قال: {ولا تخسروا الميزان } أي لا تخسروا الموزون، فصار الميزان يختلف في مواضعه الثلاثة: {ووضع الميزان } أي: العدل {ألا تطغوا في الميزان } لا تجوروا في الوزن {ولا تخسروا الميزان } أي: الموزون.

نسايم ليل
05 -08- 2011, 10:33 PM
{والأَرض وضعها للأَنام } يعني: أن من نعم الله - عز وجل - أن الله وضع الأرض للأنام أي: أنزلها بالنسبة للسماء، والأنام هم الخلق، ففيها الإنس، وفيها الجن، وفيها الملائكة، تنزل بأمر الله - عز وجل - من السماء، وإن كان مقر الملائكة في السماء لكن ينزلون إلى الأرض، مثل الملكين اللذين عن اليمين وعن الشمال قعيد، والملائكة الذين يحفظون من أمر الله المعقبات، والملائكة الذين ينزلون في ليلة القدر وغير ذلك، {فيها}، أي في الأرض {فاكهة} أي: ثمار يتفكه بها الناس، وأنواع الفاكهة كثيرة، كالعنب والرمان والتفاح والبرتقال وغيرها {والنخل ذات الأَكمام } نص على النخل، لأن ثمرتها أفضل الثمار فهي حلوى وغذاء وفاكهة، وشجرتها من أبرك الأشجار وأنفعها، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم شبه النخلة بالمؤمن فقال: «إن من الشجر شجرة مثلها مثل المؤمن»، فخاض الصحابة - رضي الله عنهم - في الشجر حتى أخبرهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنها النخلة (1) وقوله: {ذات الأَكمام } جمع كم وهو غلاف الثمرة، فإن ثمرة النخل أول ما تخرج يكون عليها كم قوي، ثم تنمو في ذلك الكم حتى يتفطر وتخرج الثمرة، {والحب ذو العصف} الحب يعني الذي يؤكل من الحنطة والذرة والدخن والأرز وغير ذلك، وقوله: {ذو العصف} يعني ما يحصل من ساقه عند يبسه وهو ما يعرف بالتبن؛ لأنه يعصف أي تطؤه البهائم بأقدامها حتى ينعصف، {والريحان } هذا الشجر ذو الرائحة الطيبة، فذكر الله في الأرض الفواكه، والنخل، والحب، والريحان، لأن كل واحد من هذه الأربع له اختصاص يختص به، وكل ذلك من أجل مصلحة العباد ومنفعتهم {فبأي ءالآء ربكما تكذبان } الخطاب للجن والإنس، والاستفهام للإنكار، أي: أي نعمة تكذبون بها {خلق الإنسان من صلصال كالفخار } خلق الإنسان يعني جنسه من صلصال، والصلصال هو الطين اليابس الذي له صوت، عندما تنقره بظفرك يكون له صوت كالفخار، هو الطين المشوي، وهذا باعتبار خلق آدم عليه السلام، فإن الله خلقه من تراب، من طين، من صلصال كالفخار، من حمأ مسنون، كل هذه أوصاف للتراب ينتقل من كونه تراباً، إلى كونه طيناً، إلى كونه حمأ، إلى كونه صلصالاً، إلى كونه كالفخار، حتى إذا استتم نفخ الله فيه من روحه فصار آدمياً، {وخلق الجآن} وهم الجن {من مارج من نار }، المارج هو المختلط الذي يكون في اللهب إذا ارتفع صار مختلطاً بالدخان، فيكون له لون بين الحمرة والصفرة، فهذا هو المارج من نار، والجان، خلق قبل الإنس، ولهذا قال إبليس لله - عز وجل -: {أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين } {فبأي ءالآء ربكما تكذبان } أي: بأي نعمة من نعم الله تكذبون، حيث خلق الله - عز وجل - الإنسان من هذه المادة، والجن من هذه المادة، وأيهما خير التراب أم النار؟ التراب خير، لا شك فيه، ومن أراد أن يطلع على ذلك فليرجع إلى كلام ابن القيم - رحمه الله - في كتاب «إغاثة اللهفان من مكائد الشيطان» {رب المشرقين ورب المغربين } يعني هو رب، فهي خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: هو رب المشرقين ورب المغربين، يعني أنه مالكهما ومدبرهما، فما من شيء يشرق إلا بإذن الله، ولا يغرب إلا بإذن الله وما من شيء يحوزه المشرق والمغرب إلا لله - عز وجل - وثنى المشرق هنا باعتبار مشرق الشتاء ومشرق الصيف، فالشمس في الشتاء تشرق من أقصى الجنوب، وفي الصيف بالعكس، والقمر في الشهر الواحد يشرق من أقصى الجنوب ومن أقصى الشمال، وفي آية أخرى قال الله تعالى: {فلا أقسم برب المشارق والمغارب} فجمعها، وفي آية ثالثة {رب المشرق والمغرب لا إلـه إلا هو فاتخذه وكيلاً } فما الجمع بينها؟ نقول: أما التثنية فباعتبار مشرقي الشتاء والصيف،أما جمع المغارب والمشارق فباعتبار مشرق كل يوم ومغربه، لأن الشمس كل يوم تشرق من غير المكان الذي أشرقت منه بالأمس، فالشمس يتغير شروقها وغروبها كل يوم، ولاسيما عند تساوي الليل والنهار، فتجد الفرق دقيقة، أو دقيقة ونصفاً بين غروبها بالأمس واليوم، وكذلك الغروب، أو باعتبار الشارقات والغاربات، لأنها تشمل الشمس والقمر والنجوم، وهذه لا يحصيها إلا الله - عز وجل

نسايم ليل
05 -08- 2011, 10:34 PM
-، أما قوله: {رب المشرق والمغرب} فباعتبار الناحية، لأن النواحي أربع: مشرق، ومغرب، وشمال، وجنوب، {فبأي ءالآء ربكما تكذبان } أي: بأي شيء من نعم الله تكذبان يا معشر الجن والإنس؟ فما جوابنا على هذه الاستفهامات بهذه الآيات كلها؟ جوابنا: ألا نكذب بشيء من آلائك يا ربنا، ولهذا ورد حديث في إسناده ضعف عن جابر رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه، فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها، فسكتوا، فقال: «لقد قرأتها على الجن، ليلة الجن، فكانوا أحسن مردوداً منكم، كنت كلما أتيت على قوله{فبأي ءالآء ربكما تكذبان } قالوا: لا بشيء من نعمك ربنا نكذب، فلك الحمد». لكن هذا الحديث ضعيف (2) ، يذكره المفسرون هنا، وكل آية أعقبت {فبأي ءالآء ربكما تكذبان } فهي تتضمن نعماً عظيمة، فما النعم التي يتضمنها اختلاف المشرق والمغرب؟ النعم ما يترتب على ذلك من مصالح الخلق: صيفاً، وشتاء، ربيعاً، وخريفاً، وغير ذلك مما لا نعلم، فهي نعم عظيمة باختلاف المشرق والمغرب، ثم قال سبحانه وتعالى: {مرج البحرين يلتقيان } مرج بمعنى أرسل البحرين، يعني المالح والعذب {يلتقيان }، يلتقي بعضهما ببعض، البحر المالح هذه البحار العظيمة، البحر الأحمر، والبحر الأبيض، والبحر الأطلسي، وهذه البحار كلها مالحة، وجعلها الله تبارك وتعالى مالحة، لأنها لو كانت عذبة لفسد الهواء وأنتنت، لكن الملح يمنع الإنتان والفساد، والبحر الآخر البحر العذب وهو الأنهار التي تأتي: إما من كثرة الأمطار، وإما من ثلوج تذوب وتسيح في الأرض، فالله سبحانه وتعالى أرسلهما بحكمته وقدرته حيث شاء - عز وجل - {يلتقيان } أي: يلتقي بعضهما ببعض عند مصب النهر في البحر فيمتزج بعضهما ببعض، لكن حين سيرهما أو حين انفرادهما، يقول الله - عز وجل -: {بينهما برزخ} وهو اليابس من الأرض {لا يبغيان } أي: لا يبغي أحدهما على الآخر، ولو شاء الله تعالى لسلط البحار ولفاضت على الأرض وأغرقت الأرض، لأن البحر عندما تقف على الساحل لا تجد جداراً يمنع انسيابه إلى اليابس مع أن الأرض كروية، ومع ذلك لا يسيح البحر لا هاهنا، ولا هاهنا بقدرة الله عز وجل، ولو شاء الله - سبحانه وتعالى - لساحت مياه البحر على اليابس من الأرض ودمرتها، إذن البرزخ الذي بينهما هو اليابس من الأرض هذا قول علماء الجغرافيا، وقال بعض أهل العلم: بل البرزخ أمر معنوي يحول بين المالح والعذب أن يختلط بعضهما ببعض، وقالوا: إنه يوجد الآن في عمق البحار عيون عذبة تنبع من الأرض، حتى إن الغواصين يغوصون إليها ويشربون منها كأعذب ماء، ومع ذلك لا تفسدها مياه البحار، فإذا ثبت ذلك فلا مانع من أن نقول بقول علماء الجغرافيا وقول علماء التفسير، والله على كل شيء قدير {فبأي ءالآء ربكما تكذبان يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان} أي: يخرج من البحرين العذب والمالح اللؤلؤ والمرجان، وهو قطع من اللؤلؤ أحمر جميل الشكل واللون مع أنها مياه، وقوله تعالى: {منهما} أضاف الخروج إلى البحرين العذب والمالح، وقد قيل: إن اللؤلؤ لا يخرج إلا من المالح ولا يخرج من العذب، والذين قالوا بهذا اضطربوا في معنى الآية، كيف يقول الله {منهما} وهو من أحدهما؟ فأجابوا: بأن هذا من باب التغليب، والتغليب أن يغلب أحد الجانبين على الآخر، مثلما يقال: العمران، لأبي بكر وعمر، ويقال: القمران، للشمس والقمر، فهذا من باب التغليب، فـ {منهما} المراد واحد منهما، وقال بعضهم: بل هذا على حذف مضاف، والتقدير: يخرج: من أحدهما، وهناك قول ثالث: أن تبقى الآية على ظاهرها لا تغليب ولا حذف، ويقول {منهما} أي: منهما جميعاً يخرج اللؤلؤ والمرجان، وإن امتاز المالح بأنه أكثر وأطيب.

نسايم ليل
05 -08- 2011, 10:34 PM
فبأي هذه الأقوال الثلاثة، نأخذ؟ نأخذ بما يوافق ظاهر القرآن، فالله - عز وجل - يقول: {يخرج منهما} وهو خالقهما وهو يعلم ماذا يخرج منهما، فإذا كانت الآية ظاهرها أن اللؤلؤ يخرج منهما جميعاً وجب الأخذ بظاهرها، لكن لا شك أن اللؤلؤ من الماء المالح أكثر وأطيب، لكن لا يمنع أن نقول بظاهر الآية، بل يتعين أن نقول بظاهر الآية، وهذه قاعدة في القرآن والسنة: إننا نحمل الشيء على ظاهره، ولا نؤول، اللهم إلا لضرورة، فإذا كان هناك ضرورة، فلابد أن نتمشى على ما تقتضيه الضرورة، أما بغير ضرورة فيجب أن نحمل القرآن والسنة على ظاهرهما {فبأي ءالاء ربكما تكذبان } لأن ما في هذه البحار وما يحصل من المنافع العظيمة، نِعم كثيرة لا يمكن للإنسان أن ينكرها أبداً.
{وله الجوار المنشئات في البحر كالأَعلام } أي لله - عز وجل - ملكاً وتدبيراً وتيسيراً {الجوار} بحذف الياء للتخفيف، وأصلها الجواري جمع جارية، وهي السفينة تجري في البحر كما قال الله - عز وجل -: {ألم تر أن الفلك تجرى في البحر بنعمت الله} {المنشئات} أي: التي أنشأها صانعوها ليسيروا عليها في البحر، وقوله: {في البحر} متعلق بالجواري أي الجواري في البحر، وليست فيما يظهر متعلقة بالمنشآت، يعني الجواري التي تصنع في البحر، لأن السفن تصنع في البر أولاً، ثم تنزل في البحر، وقوله: {كالأَعلام } تشبيه، والأعلام جمع علم وهو الجبل، كما قال الشاعر:
وإن صخراً لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار
كأنه جبل، ومن شاهد السفن في البحار رأى أن هذا التشبيه منطبق تماماً عليها، فهي كالجبال تسير في البحر بأمر الله - عز وجل -، وإنما نص الله عليها لأنها تحمل الأرزاق من جانب إلى جانب، ولولا أن الله تعالى يسرها لكان في ذلك فوات خير كثير للبلاد التي تنقل منها والبلاد التي تنقل إليها، وفي هذا العصر جعل الله تبارك وتعالى جواري أخرى، لكنها تجري في الجو، كما تجري هذه في البحر، وهي الطائرات، فهي منة من الله - عز وجل - كمنته على عباده في جواري البحار، بل ربما نقول: إن السيارات أيضاً من جواري البر، فتكون الجواري ثلاثة أصناف: بحرية، وبرية، وجوية، وكلها من نعم الله - عز وجل -، ولهذا قال: {فبأي ءالآء ربكما تكذبان } أي بأي: نعمة من نعم الله تكذبان، والخطاب للإنس والجن، ثم قال - عز وجل -: {كل من عليها} أي: كل من على الأرض {فان } أي: ذاهب من الجن والإنس والحيوان والأشجار، قال الله تبارك وتعالى: {إنا جعلنا ما على الأَرض زينةً لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً وإنا لجاعلون ما عليها صعيداً جرزاً} أي: خالية، وقال الله تعالى: {ويسئلونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً فيذرها قاعاً صفصفاً} أي: يذر الأرض قاعاً صفصفاً، أو يذر الجبال بعد أن كانت عالية شامخة قاعاً كالقيعان مساوية لغيرها، صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً، {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } أي: يبقى الله - عز وجل - ذو الوجه الكريم، وكان بعض السلف إذا قرأ هاتين الآيتين وصل بعضهما ببعض، قال: ليتبين بذلك كمال الخالق ونقص المخلوق (3) ؛ لأن المخلوق فانٍ والرب باقٍ، وهذه الملاحظة جيدة أن تصل فتقول: {كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} وهذا هو محط الثناء والحمد على الله - عز وجل - أن تفنى الخلائق ويبقى الله - عز وجل - وقوله تعالى: {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } فيه إثبات الوجه لله - سبحانه وتعالى - ولكنه وجه لا يشبه أوجه المخلوقين، لقوله تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } يعني أنت تؤمن بأن لله وجهاً، لكن يجب أن تؤمن بأنه لا يماثل أوجه المخلوقين بأي حال من الأحوال، لقوله تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } ولما ظن بعض أهل التعطيل أن إثبات الوجه يستلزم التمثيل أنكروا أن يكون لله وقالوا: المراد بقوله {ويبقى وجه ربك} أي ثوابه، أو أن كلمة {وجه} زائدة، وأن المعنى: ويبقى ربك! ولكنهم ضلوا سواء السبيل، وخرجوا عن ظاهر القرآن وحرفوه وخرجوا عن طريق السلف الصالح، ونحن نقول: إن لله وجهاً، لإثباته له في هذه الآية، ولا يماثل أوجه المخلوقين لنفي المماثلة في قوله: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } وبذلك نسلم ونجري النصوص على ظاهرها، المراد بها، وقوله: {ذو الجلال} أي: ذو العظمة {والإكرام } أي: إكرام من يطيع الله - عز وجل - كما قال تعالى: {أولـئك في جنات مكرمون } فالإكرام أي أنه يكرم من يستحق الإكرام من خلقه، ويحتمل أن يكون لها معنى آخر وهو أنه يُكْرَم من أهل العبادة من خلقه، فيكون الإكرام هذا المصدر صالحاً للمفعول والفاعل، فهو مكرَم ومكرِم {فبأي ءالآء ربكما تكذبان} وهذه الآية تكررت عدة مرات في هذه السورة، ومعناها أنه بأي نعمة من نعم الله تكذبان يا معشر الجن والإنس، وهذا كالتحدي لهم، لأنه لن يستطيع أحد أن يأتي بمثل هذه النعم، ثم قال سبحانه وتعالى: {يسأله من في السموات والأَرض كل يوم هو في شأن } أي: يسأل الله من في السماوات والأرض، والذي في السماوات هم الملائكة يسألون الله - عز وجل - ومن سؤالهم أنهم {ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كـل شيء رحمةً وعلماً فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم } إلى آخره، ويسأله من في الأرض من الخلائق، وسؤال أهل الأرض لله - عز وجل - قسمان: الأول: السؤال بلسان المقال، وهذا إنما يكون من المؤمنين، فالمؤمن يسأل ربه دائماً حاجاته، لأنه يعلم أنه لا يقضيها إلا الله - عز وجل - وسؤال المؤمن ربه عبادة، سواء حصل مقصوده أم لم يحصل، فإذا قلت: يا رب أعطني كذا. فهذه عبادة، كما جاء في الحديث: «الدعاء عبادة (4) ». وقال تعالى {وقال ربكـم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } فقال {ادعوني} ثم قال: {إن الذين يستكبرون عن عبادتي} وهذا دليل على أن الدعاء عبادة، النوع الثاني: دعاء بلسان الحال، وهو أن كل مخلوق مفتقر إلى الله ينظر إلى رحمته، فالكفار مثلاً ينظرون إلى الغيث النازل من السماء، وإلى نبات الأرض، وإلى صحة الحيوان، وإلى كثرة الأرزاق وهم يعلمون إنهم لا يستطيعون أن يجدوا ذلك بأنفسهم، فهم إذن يسألون الله بلسان الحال، ولذلك إذا مستهم ضراء اضطروا إلى سؤال الله بلسان المقال {وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين}. {كل يوم هو في شأن } من يحصي الأيام؟ لا أحد إلا الله - عز وجل - ومن يحصي الشهور؟ لا أحد إلا الله - عز وجل - {كل يوم هو في شأن }، يغني فقيراً، ويفقر غنيًّا، ويمرض صحيحاً، ويشفي سقيماً، ويؤمّن خائفاً ويخوف آمناً، وهلم جرا، كل يوم يفعل الله تعالى ذلك، هذه الشئون التي تتبدل عن حكمة ولا شك، قال الله تعالى: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون } وقال تعالى: {أيحسب الإنسان أن يترك سدًى } فنحن نؤمن أن الله لا يقدر قدراً إلا لحكمة، لكن قد نعلم هذه الحكمة وقد لا نعلم، ولهذا قال: {كل يوم هو في شأن }، ولكن اعلم أيها المؤمن أن الله تعالى لا يقدر لك قدراً إلا كان خيراً لك، إن أصابتك ضراء فاصبر وانتظر الفرج، وقل: الحمد لله على كل حال. وكما يقال: دوام الحال من المحال، فينتظر الفرج فيكون خيراً له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وليس هذا لأحد إلا للمؤمن {فبأي ءالآء ربكما تكذبان } نقول فيها ما قلنا في الآيات السابقة أن المعنى بأي نعمة من نعم الله تكذبان؟ والجواب: لا نكذب بشيء من نعم الله، بل نقول: هي من عند الله، فله الحمد وله الشكر، ومن نسب النعمة إلى غير الله فهو مكذب. وإن لم يقل إنه مكذب قال الله تعالى: {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون } وهذه الآية يعني بها قولهم: مطرنا بنوء كذا وكذا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحدث أصحابه على إثر مطر كان، قال لهم بعد صلاة الصبح: «هل تدرون ماذا قال ربكم»؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي، كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا، وكذا، فذلك كافر بي، مؤمن بالكوكب» (5) .

نسايم ليل
05 -08- 2011, 10:35 PM
{سنفرغ لكم أيها الثقلان فبأي ءالآء ربكما تكذبان} هذه الجملة المقصود بها الوعيد، كما يقول قائل لمن يتوعده سأتفرغ لك، وأجازيك. وليس المعنى أن الله تعالى يشغله شأن عن شأن ثم يفرغ من هذا، ويأتي إلى هذا، هو سبحانه يدبر كل شيء في آن واحد في مشارق الأرض ومغاربها وفي السماوات، وفي كل مكان يدبره في آن واحد، ولا يعجزه. فلا تتوهمن أن قوله: {سنفرغ} أنه الآن مشغول وسيفرغ. بل هذه جملة وعيدية تعبر بها العرب، والقرآن الكريم نزل بلغة العرب وفي قوله: {سنفرغ لكم} من التعظيم ما هو ظاهر حيث أتى بضمير الجمع، {سنفرغ} تعظيماً لنفسه - جل وعلا - وإلا فهو واحد، وقوله: {أيها الثقلان } يعني الجن والإنس، وإنما وجه هذا الوعيد إليهما، لأنهما مناط التكليف، {فبأي ءالآء ربكما تكذبان } سبق تفسيرها فلا حاجة إلى التكرار {يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأَرض فانفذوا} بعد الوعيد قال: {إن استطعتم أن تنفذوا} أي: مما نريده بكم {من أقطـر السموات والأَرض فانفذوا} ولكنكم لا تستطيعون هذا، فالأمر هنا للتعجيز، ولهذا قال: {لا تنفذون إلا بسلطان } يعني ولا سلطان لكم، ولا يمكن أحد أن ينفذ من أقطار السماوات والأرض إلى أين يذهب؟ لا يمكن ثم قال: {فبأي ءالآء ربكما تكذبان يرسل عليكما شواظ من نار} يعني لو استطعتم، أو لو حاولتم لكان هذا الجزاء {يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس} أي: محمى بالنار {فلا تنتصران} أي: فلا ينصر بعضكم بعضاً، وهذه الآية في مقام التحدي، وقد أخطأ غاية الخطأ من زعم أنها تشير إلى ما توصل إليه العلماء من الطيران، حتى يخرجوا من أقطار الأرض ومن جاذبيتها، وإلى أن يصلوا كما يزعمون إلى القمر أو إلى ما فوق القمر، فالآية ظاهرة في التحدي، والتحدي هو توجيه الخطاب إلى من لا يستطيع، ثم نقول: إن هؤلاء هل استطاعوا أن ينفذوا من أقطار السماوات، لو فرضنا أنهم نفذوا من أقطار الأرض ما نفذوا من أقطار السماوات، فالآية واضحة أنها في مقام التحدي، وأنها لا تشير إلى ما زعم هؤلاء أنها تشير إليه، ونحن نقول الشيء الواقع لا نكذبه، ولكن لا يلزم من تصديقه أن يكون القرآن دل عليه أو السنة، الواقع واقع، فهم خرجوا من أقطار الأرض، وهذا واقع لا يحتاج إلى دليل، وهذه الآية في سياقها إذا تأملتها وجدت أن هذا التحدي يوم القيامة، لأنه قال: {كل من عليها فان }، ثم ذكر {يسأله من في السماوات والأَرض} ثم ذكر {يا معشر الجن}، ثم ذكر ما بعدها يوم القيامة، {فإذا انشقت السماء} يعني تفتحت وذلك يوم القيامة، كما قال تعالى: {إذا السماء انشقت وأذنت لربها وحقت وإذا الأرض مدت وألقت ما فيها وتخلت وأذنت لربها وحقت أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه} {فكانت وردةً} أي: مثل الوردة في الحمرة {كالدهان }، كالجلد المدهون، {فبأي ءالآء ربكما تكذبان } {فيومئذ} أي: إذا انشقت {لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جآن } لماذا؟ لأن كل شيء معلوم، والمراد لا يسأل سؤال استرشاد واستعلام، لأن كل شيء معلوم، أما سؤال تبكيت فيسأل مثل قوله تعالى: {ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين فعميت عليهم الأَنبـاء يومئذ فهم لا يتساءلون} وقال - عز وجل -: {إلا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين} وقال - عز وجل - لأهل النار وهم يلقون فيها: {أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى} وأمثالها كثير، إذن لا يسأل عن ذنبه سؤال استرشاد واستعلام، وإنما يسألون سؤال تبكيت وتوبيخ، وما جاء من سؤال الإنس والجن عن ذنوبهم: هل أنت عملت أو لم تعمل؟ فهو سؤال تبكيت وتوبيخ، وهناك فرق بين سؤال الاسترشاد وسؤال التوبيخ فلا تتناقض الآيات، فما جاء أنهم يسألون فهو سؤال توبيخ، وما جاء أنهم لا يسألون فهو سؤال استرشاد واستعلام، لأن الكل معلوم ومكتوب، {فبأي ءالآء ربكما تكذبان يعرف المجرمون بسيماهم} أي: بعلامتهم يعرفون، ومن علاماتهم - والعياذ بالله - أنهم سود الوجوه، قال الله تعالى: {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه} وأنهم يحشرون يوم القيامة زرقاً إما أنهم زرق أحياناً وسود أحياناً، وإما أنهم سود الوجوه زرق العيون، وإما أنهم زرق زرقة يعني بالغة يحسبها الإنسان سوداء {يعرف المجرمون بسيمـهم فيؤخذ بالنواصي والأَقدام } النواصي مقدم الرأس، والأقدام معروفة، فتؤخذ رجله إلى ناصيته، هكذا يطوى طيًّا إهانة له وخزياً له، فيؤخذ بالنواصي والأقدام، ويلقون في النار {فبأي ءالآء ربكما تكذبان هـذه جهنم التى يكذب بها المجرمون} يعني يقال هذه جهنم التي تكذبون بها، وقال {المجرمون } ولم يقل: تكذبون بها، إشارة إلى أنهم مجرمون، وما أعظم جرم الكفار الذين كفروا بالله ورسوله، واستهزؤا بآيات الله واتخذوها هزواً ولعباً، {يطوفون بينها} أي: يترددون بينها {وبين حميم ءان } أي: شديد الحرارة - والعياذ بالله -. أما كيف يكون ذلك فالله أعلم، لكننا نؤمن بأنهم يطوفون بينها وبين الحميم الحار الشديد الحرارة، والله أعلم بذلك، {فبأي ءالآء ربكما تكذبان }، ثم ذكر جزاء أهل الجنة فقال: {ولمن خاف مقام ربه جنتان } يعني أن من خاف المقام بين يدي الله يوم القيامة، فإن له جنتين. وهذا الخوف يستلزم شيئين: الشيء الأول: الإيمان بلقاء الله - عز وجل - لأن الإنسان لا يخاف من شيء إلا وقد تيقنه. والثاني: أن يتجنب محارم الله، وأن يقوم بما أوجبه الله خوفاً من عقاب الله تعالى، فعليه يلزم كل إنسان أن يؤمن بلقاء الله - عز وجل -، لقوله تعالى: {يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه } وقال تعالى: {واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين}، وأن يقوم بما أوجبه الله، وأن يجتنب محارم الله فمن خاف هذا المقام بين يدي الله - عز وجل - فله جنتان {فبأي ءالآء ربكما تكذبان } سبق الكلام عليها {ذواتآ أفنان} أي صاحبتا أفنان، والأفنان جمع فنن وهو الغصن، أي أنهما مشتملتان على أشجار عظيمة ذواتي أغصان كثيرة وهذه الأغصان كلها تبهج الناظرين {فبأي ءالآء ربكما تكذبان }، ثم قال {فيهما عينان تجريان } أي: في الجنتين عينان تجريان، وقد ذكر الله تعالى أن في الجنة أنهاراً من أربعة أصناف، فقال - جل وعلا -: {مثل الجنة التى وعد المتقون فيهآ أنهار من ماء غير ءاسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى} والعينان اللتان تجريان، يظهر - والله أعلم - أنهما سوى هذه الأنهار الأربعة{فبأي ءالآء ربكما تكذبان } وقوله: {فيهما من كل فاكهة زوجان } أي: في هاتين الجنتين من كل فاكهة،والفاكهة كل ما يتفكه الإنسان به مذاقاً ونظراً، فيشمل أنواع الفاكهة الموجودة في الدنيا، وربما يكون هناك فواكه أخرى ليس لها نظير في الدنيا، {فبأي ءالآء ربكما تكذبان }

نسايم ليل
05 -08- 2011, 10:35 PM
{متكئين على فرش بطآئنها من إستبرق وجنى الجنتين دان } أي: يتنعمون بهذه الفاكهة حال كونهم متكئين، وعلى هذا فكلمة متكئين حال من فاعل والفعل المحذوف، أي: يتنعمون ويتفكهون، متكئين، والاتكاء قيل: إنه التربع، لأن الإنسان أريح ما يكون إذا كان متربعاً، وقيل {متكئين} أي: معتمدين على مساند من اليمين والشمال ووراء الظهر {على فرش} يعني جالسين {على فرش بطآئنها من إستبرق} يعني بطانة الفراش وهو ما يدحى به الفراش من استبرق وهو غليظ الديباج، وأما أعلى هذه الفرش فهو من سندس، وهو رقيق الديباج، وكله من الحرير {وجنى الجنتين دان } تأمل أو تصور هذه الحال إنسان متكىء مطمئن مستريح يريد أن يتفكه من هذه الفواكه هل يقوم من مكانه الذي هو مستقر فيه متكىء فيه ليتناول الثمرة؟ بيّن الله بقوله تعالى ذلك {وجنى الجنتين دان } قال أهل العلم: إنه كلما نظر إلى ثمرة وهو يشتهيها، مال الغصن حتى كانت الثمرة بين يديه لا يحتاج إلى تعب وإلى قيام، بل هو متكىء، ينظر إلى الثمرة مشتهياً إياها، فتتدلى له بأمر الله - عز وجل - مع أنها جماد، لكن الله تعالى أعطاها إحساساً بأن تتدلى عليه إذا اشتهاها ولا تستغرب فهاهي الأشجار في الغالب تستقبل الشمس، انظر إلى وجوه الأوراق أول النهار تجدها متجهة إلى المشرق، وفي آخر النهار تجدها متجهة إلى المغرب ففيها إحساس، كذلك أيضاً جنى الجنتين دان قريب يحس، إذا نظر إليه الرجل أو المرأة فإنه يتدلى حتى يكون بين يديه، {فبأي ءالآء ربكما تكذبان فيهن قاصرات الطرف} {فيهن} أكثر العلماء يقولون: إن الضمير يعود إلى الجنتين، وأن الجمع باعتبار أن لكل واحد من الناس جنة خاصة به، فيكون {فيهن} أي في جنة كل واحد ممن هو في هاتين الجنتين قاصرات الطرف، وعندي أن قوله {فيهن} يشمل الجنات الأربع، هاتين الجنتين، والجنتين اللتين بعدهما، {قاصرات الطرف} يعني أنها تقصر طرفها أي نظرها على زوجها فلا تريد غيره، والوجه الآخر: قاصرات الطرف، أي: أنها تقصر طرف زوجها عليها فلا يريد غيرها، وعلى القول الأول يكون قاصرات مضافة إلى الفاعل، وعلى الثاني مضاف إلى المفعول {لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جآن } أي: لم يجامعهن، وقيل: إن الطمث مجامعة البكر، والمعنى أنهن أبكار لم يجامعهن أحد من قبل لا إنس ولا جن، وفي هذا دليل واضح على أن المؤمنين من الجن يدخلون الجنة، {فبأي ءالآء ربكما تكذبان كأنهن الياقوت والمرجان} أي: في الحسن والصفاء كالياقوت والمرجان، وهما جوهران نفيسان، الياقوت في الصفاء، والمرجان في الحمرة، يعني أنهن مشربات بالحمرة مع صفاء تام {فبأي ءالآء ربكما تكذبان }، ثم قال - عز وجل -: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان } يعني ما جزاء الإحسان إلا الإحسان، الإحسان الأول: العمل، والإحسان الثاني: الثواب، أي: ما جزاء إحسان العمل إلا إحسان الثواب، {فبأي ءالآء ربكما تكذبان ومن دونهما جنتان} أي: من دون الجنتين السابقتين جنتان من نوع آخر، وقد جاء ذلك مبيناً في السنة، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم : «جنتان من ذهب آنيتهما، وما فيهما وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما (6) » والآية صريحة أن هاتين الجنتين دون الأوليان {فبأي ءالآء ربكما تكذبان مدهآمتان} أي: سوداوان من كثرة الأشجار {فبأي ءالآء ربكما تكذبان فيهما عينان نضاختان} أي: تنضخ بالماء، أي: تنبع، وفي الجنتين السابقتين قال: {فيهما عينان تجريان }، والجري أكمل من النبع، لأن النبع لايزال في مكانه لكنه لا ينضب، أما الذي يجري فإنه يسيح، فهو أعلى وأكمل، {فبأي ءالآء ربكما تكذبان فيهما فاكهة ونخل ورمان } وهناك يقول: {فيهما من كل فاكهة زوجان }، أما هذا فقال {فيهما فاكهة ونخل ورمان }، والنخل والرمان معروفان في الدنيا، ولكن يجب أن تعلم أنه لا يستوي هذا وهذا. الاسم واحد والمسمى يختلف اختلافاً كثيراً، ودليل ذلك قوله تعالى: {فلا تعلم نفس مآ أخفي لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون } ولو كانت النخل والرمان كالنخل والرمان في الدنيا لكنا نعلم، لكننا لا نعلم، فالاسم واحد، ولكن الحقيقة مختلفة، ولهذا قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: «ليس في الجنة مما في الدنيا إلا الأسماء فقط» (7) ، {فبأي ءالآء ربكما تكذبان فيهن خيرات حسان} {فيهن} وهذا جمع، وقد قال قبل ذلك {فيهما}، لأن هذا الجمع يعود على الجنان الأربع، ففي الجنان الأربع قاصرات الطرف كما سبق، وفي الجنان الأربع {خيرات حسان } أي: في الأخلاق. الأخلاق طيبة، حسان الوجوه والبدن، فالأول حسن الباطن وهذا حسن الظاهر {فبأي ءالآء ربكما تكذبان * حور مقصورات في الخيام} الحوراء هي الجميلة، التي جملت في جميع خلقها، وبالأخص العين: شديدة البياض، شديدة السواد، واسعة مستديرة من أحسن ما يكون، {مقصورات} أي: مخبئات، {في الخيام }: جمع خيمة، والخيمة معروفة هي بناء له عمود وأروقة، لكن الخيمة في الآخرة ليست كالخيمة في الدنيا، بل هي خيمة من لؤلؤة طولها في السماء مرتفع جداً، ويرى من في باطنها من ظاهرها، ولا تسأل عن حسنها وجمالها، هؤلاء الحور مقصورات مخبئات في هذه الخيام على أكمل ما يكون من الدلال والتنعيم {لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جآن } يعني لم يجامعهن أحد، بل هي باقية على بكارتها إلى أن يغشاها زوجها، جعلنا الله منهم، {ولا جآن } أي: ولا جن، وهذا يدل على أن الجن يدخلون الجنة مع الإنس وهو كذلك، لأن الله لا يظلم أحداً، والجن منهم صالحون، ومنهم دون ذلك، ومنهم مسلمون ومنهم كافرون، كالإنس تماماً، كما أن الإنس فيهم مطيع وعاصٍ، وفيهم كافر ومؤمن، كذلك الجن، والجن المسلم فيه خير، ويدل على الخير، وينبىء بالخير، ويساعد أهل الصلاح من الإنس، والجن الفاسق أو الكافر مثل الفاسق أوالكافر من بني آدم سواء بسواء، وكافرهم يدخل النار ، بإجماع المسلمين كما في القرآن: {قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار} وهذا نص القرآن، وأجمع العلماء على أن الكافر من الجن يدخل النار، ومؤمن الجن يدخل الجنة، وقوله تعالى: {لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جآن } يدل على أن الجن يدخلون الجنة، وهو كذلك {فبأي ءالآء ربكما تكذبان متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان} أي: معتمدين بأيديهم وظهورهم {على رفرف} أي: على مساند ترفرف مثل ما يكون على أطراف المساند، ويكون في الأسرّة، هكذا يرفرف، {متكئين على رفرف خضر}، لأن اللون الأخضر أنسب ما يكون للنظر، وأشد ما يكون بهجة للقلب، {وعبقري حسان }، العبقري هو الفرش الجيدة جداً، ولهذا يسمى الجيد من كل شيء عبقري، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الرؤية التي رآها حين نزع عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «فما رأيت عبقرياً يفري فريه» (8) أي: ينزع نزعه: من قوته رضي الله عنه، {فبأي ءالآء ربكما تكذبان } المعنى التقرير، يعني أن النعم واضحة فبأي شيء تكذبون؟ الجواب: لا نكذب بشيء، نعترف بآلاء الله ونعمه ونقر بها ونعترف بأننا مقصرون، لم نشكر الله تعالى حق شكره، ولكننا نؤمن بأن الله أوسع من ذنوبنا، وأن الله تبارك وتعالى عفو كريم يحب توبة عبده، ويحب التوابين، ويحب المتطهرين، حتى قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «لله أشد فرحاً بتوبة عبده من أحدكم» وذكر الرجل في فلاة أضل راحلته، وعليها طعامه وشرابه، فطلبها ولم يجدها، فأيس منها فاضطجع في ظل شجرة ينتظرالموت، آيس من الحياة، فإذا بخطام ناقته متعلقاً بالشجرة، فأخذه وقال:«اللهم أنت عبدي وأنا ربك» (9) ، يريد أنت ربي وأنا عبدك، لكن من شدة الفرح أخطأ فقال: «اللهم أنت عبدي وأنا ربك»، فالله تعالى أشد فرحاً بتوبة عبده من هذا الرجل بناقته، اللهم تب علينا يا رب العالمين {تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام } ختم الله تبارك وتعالى هذه السورة بهذه الجملة العظيمة، أي ما أعظم بركة الله - عز وجل - وما أعظم البركة باسمه، حتى إن اسم الله يحلل الذبيحة أو يحرمها، لو ذبح الإنسان ذبيحة ولم يقل باسم الله تكون ميتة حراماً نجسة مضرة على البدن، حتى لو ذبح ونسي أن يقول: بسم الله. فهي حرام نجسة تفسد البدن، فيجب أن يسحبها للكلاب، لأنها نجسة، قال الله تعالى: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق} فانظر البركة، والإنسان إذا توضأ ولم يسم فوضوؤه عند بعض العلماء فاسد لابد من الإعادة، لأن البسملة واجبة عند بعض أهل العلم، والإنسان إذا رأى الصيد الزاحف، أو الطائر فيرميه ولم يسمِ يكون هذا الصيد حراماً ميتة نجساً مضراً على البدن، فانظر البركة، والإنسان إذا أتى أهله يعني جامع زوجته وقال: «بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا» كان هذا حماية لهذا الولد الذي ينشأ من هذا الجماع، حماية له من الشيطان، قال النبي صلى الله عليه وسلم : «لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: «بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا. فإنه إن يقدر بينهما ولد لم يضره الشيطان أبداً (10) » والإنسان يسعى يميناً وشمالاً لحماية ولده ويخسر الدراهم الكثيرة، وهنا هذا الدواء من الرسول عليه الصلاة والسلام وهو يسير من ناحية العمل، وسهل، وكل هذا دليل على بركة اسم الله عز وجل، {ذي الجلال والإكرام } أي: ذي العظمة والإكرام،{ذي الجلال والإكرام }: بمعنى صاحب، وهي صفة لرب، لا لـ(اسم) ولو كانت صفة لـ(اسم) لكانت ذو، والإكرام يعني هو يُكرِم وهو يُكرَم، فهو يكرم ويحترم ويعظم - عز وجل - وهو أيضاً يكرم، قال الله تعالى في أصحاب الجنة {أولـئك في جنات مكرمون } فهو ذو الجلال والإكرام يكرم من يستحق الإكرام، وهو يكرمه - عز وجل - عباده الصالحون جعلنا الله منهم بمنه وكرمه.

-----------------------

(1) أخرجه البخاري، كتاب العلم، باب قول المحدث: حدثنا أو أخبرنا وأنبأنا (رقم 61) ومسلم، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب مثل المؤمن مثل النخلة (رقم 2811).
(2) أخرجه الترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة الرحمن (3291) وقال: هذا حديث غريب.
(3) انظر: تفسير ابن كثير رحمه الله سورة الرحمن حيث نسبه للشعبي رحمه الله.
(4) أخرجه الترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة البقرة (2969) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(5) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم (846) ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان كفر من قال مطرنا بالنوء (71).
(6) تقدم.
(7) أخرجه أبو نعيم في صفة الجنة (رقم 124).
(8) أخرجه البخاري، كتاب فضائل الصحابة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت متخذاً خليلاً (3676) ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل عمر رضي الله عنه (2393).
(9) أخرجه البخاري كتاب الدعوات، باب التوبة (6308، 6309) ومسلم، كتاب التوبة، باب في الحض على التوبة والفرح بها (2747).
(10) أخرجه البخاري، كتاب الوضوء، باب التسمية على كل حال وعند الوقاع (141) ومسلم، كتاب النكاح، باب ما يستحب أن يقوله عند الجماع (1434).

نسايم ليل
05 -08- 2011, 10:36 PM
بوركت أستاذي

ورزقك الله العفو والعافية في الدارين

ميدوزة الأورليا
05 -08- 2011, 10:36 PM
معنى النجم في قوله تعالى
والنجم والشجر يسجدان ..

معنى والنجم والشجر يسجدان كما ورد فى تفسير ابن كثير الاتى
وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ

قَالَ اِبْن جَرِير اِخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي مَعْنَى قَوْله وَالنَّجْم بَعْد إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الشَّجَر مَا قَامَ عَلَى سَاقٍ فَرُوِيَ عَنْ اِبْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَ النَّجْم مَا اِنْبَسَطَ عَلَى وَجْه الْأَرْض يَعْنِي مِنْ النَّبَات وَكَذَا قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر وَالسُّدِّيّ وَسُفْيَان الثَّوْرِيّ وَقَدْ اِخْتَارَهُ اِبْن جَرِير رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى وَقَالَ مُجَاهِد النَّجْم الَّذِي فِي السَّمَاء وَكَذَا قَالَ الْحَسَن وَقَتَادَة وَهَذَا الْقَوْل هُوَ الْأَظْهَر وَاَللَّه أَعْلَم لِقَوْلِهِ تَعَالَى " أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّه يَسْجُد لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَات وَمَنْ فِي الْأَرْض وَالشَّمْس وَالْقَمَر وَالنُّجُوم وَالْجِبَال وَالشَّجَر وَالدَّوَابّ وَكَثِير مِنْ النَّاس " .

اما فى تفسير الجلالين
وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ

"وَالنَّجْم" مَا لَا سَاقَ لَهُ مِنْ النَّبَات "وَالشَّجَر" مَا لَهُ سَاق "يَسْجُدَانِ" يَخْضَعَانِ لِمَا يُرَاد مِنْهُمَا

اما فى تفسير الطبرى
وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالنَّجْم وَالشَّجَر يَسْجُدَانِ } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى النَّجْم فِي هَذَا الْمَوْضِع مَعَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الشَّجَر مَا قَامَ عَلَى سَاقٍ , فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِالنَّجْمِ فِي هَذَا الْمَوْضِع مِنَ النَّبَات : مَا نَجَمَ مِنَ الْأَرْض , مِمَّا يَنْبَسِط عَلَيْهَا , وَلَمْ يَكُنْ عَلَى سَاق مِثْل الْبَقْل وَنَحْوه . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25438 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَالنَّجْم } قَالَ : مَا يُبْسَط عَلَى الْأَرْض . 25439 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَعْقُوب , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد , فِي قَوْله : { وَالنَّجْم } قَالَ : النَّجْم كُلّ شَيْء ذَهَبَ مَعَ الْأَرْض فُرُشًا , قَالَ : وَالْعَرَب تُسَمِّي الثِّيل نَجْمًا . 25440 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن خَلَف الْعَسْقَلَانِيّ , قَالَ : ثنا رَوَّاد بْن الْجَرَّاح , عَنْ شَرِيك , عَنْ السُّدِّيّ { وَالنَّجْم وَالشَّجَر يَسْجُدَانِ } قَالَ : النَّجْم : نَبَات الْأَرْض . 25441 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان { وَالنَّجْم } قَالَ : النَّجْم : الَّذِي لَيْسَ لَهُ سَاق . وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِالنَّجْمِ فِي هَذَا الْمَوْضِع : نَجْم السَّمَاء . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25442 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَالنَّجْم } قَالَ : نَجْم السَّمَاء . 25443 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { وَالنَّجْم } يَعْنِي : نَجْم السَّمَاء. * - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { وَالنَّجْم وَالشَّجَر يَسْجُدَانِ } قَالَ : إِنَّمَا يُرِيد النَّجْم . 25444 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنِ الْحَسَن , نَحْوه , وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : عَنَى بِالنَّجْمِ : مَا نَجَمَ مِنَ الْأَرْض مِنْ نَبْت لِعَطْفِ الشَّجَر عَلَيْهِ , فَكَانَ بِأَنْ يَكُون مَعْنَاهُ لِذَلِكَ : مَا قَامَ عَلَى سَاق وَمَا لَا يَقُوم عَلَى سَاق يَسْجُدَانِ لِلَّهِ , بِمَعْنَى : أَنَّهُ تَسْجُد لَهُ الْأَشْيَاء كُلّهَا الْمُخْتَلِفَةُ الْهَيْئَاتِ مِنْ خَلْقه أَشْبَهَ وَأَوْلَى بِمَعْنَى الْكَلَام مِنْ غَيْره , وَأَمَّا قَوْله : { وَالشَّجَر } فَإِنَّ الشَّجَر مَا قَدْ وَصَفْت صِفَتَهُ قَبْلُ. وَبِالَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25445 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { وَالشَّجَر يَسْجُدَانِ } قَالَ : الشَّجَر : كُلّ شَيْء قَامَ عَلَى سَاق . 25446 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَعْقُوب , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد , فِي قَوْله : { وَالشَّجَر } قَالَ : الشَّجَر : كُلّ شَيْء قَامَ عَلَى سَاق . 25447 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَالشَّجَر } قَالَ : الشَّجَر : شَجَر الْأَرْض . 25448 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان { وَالشَّجَر يَسْجُدَانِ } قَالَ : الشَّجَر الَّذِي لَهُ سُوق . وَأَمَّا قَوْله { يَسْجُدَانِ } فَإِنَّهُ عَنَى بِهِ سُجُود ظِلِّهِمَا , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { وَلِلَّهِ يَسْجُد مَنْ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ } 13 15 . كَمَا : 25449 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا تَمِيم بْن عَبْد الْمُؤْمِن , عَنْ زِبْرِقَان , عَنْ أَبِي رَزِين وَسَعِيد { وَالنَّجْم وَالشَّجَر يَسْجُدَانِ } قَالَا : ظِلُّهُمَا سُجُودُهُمَا . 25450 -حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن مَرْوَان , قَالَ : ثنا أَبُو الْعَوَّام , عَنْ قَتَادَة { وَالنَّجْم وَالشَّجَر يَسْجُدَانِ } مَا نَزَّلَ مِنَ السَّمَاء شَيْئًا مِنْ خَلْقه إِلَّا عَبَّدَهُ لَهُ طَوْعًا وَكَرْهًا . 25451 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنِ الْحَسَن , وَهُوَ قَوْل قَتَادَة. 25452 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَالنَّجْم وَالشَّجَر يَسْجُدَانِ } قَالَ : يَسْجُد بُكْرَة وَعَشِيًّا , وَقِيلَ { وَالنَّجْم وَالشَّجَر يَسْجُدَانِ } فَثَنَّى وَهُوَ خَبَر عَنْ جَمْعَيْنِ . وَقَدْ زَعَمَ الْفَرَّاء أَنَّ الْعَرَب إِذَا جَمَعَتْ الْجَمْعَيْنِ مِنْ غَيْر النَّاس مِثْل السِّدْر وَالنَّخْل , جَعَلُوا فِعْلهمَا وَاحِدًا , فَيَقُولُونَ الشَّاءُ وَالنَّعَمُ قَدْ أَقْبَلَ , وَالنَّخْل وَالسِّدْر قَدْ ارْتَوَى , قَالَ : وَهَذَا أَكْثَر كَلَامهمْ , وَتَثْنِيَتُهُ جَائِزَة .

اما فى تفسير القرطبي

وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ

قَالَ اِبْن عَبَّاس وَغَيْره : النَّجْم مَا لَا سَاقَ لَهُ وَالشَّجَر مَا لَهُ سَاقَ , وَأَنْشَدَ اِبْن عَبَّاس قَوْل صَفْوَان بْن أَسَد التَّمِيمِيّ : لَقَدْ أَنْجَمَ الْقَاع الْكَبِير عِضَاهَهُ وَتَمَّ بِهِ حَيًّا تَمِيم وَوَائِلِ وَقَالَ زُهَيْر بْن أَبِي سُلْمَى : مُكَلَّل بِأُصُولِ النَّجْم تَنْسِجهُ رِيح الْجَنُوب لِضَاحِي مَائِهِ حُبُكُ وَاشْتِقَاق النَّجْم مِنْ نَجَمَ الشَّيْء يَنْجُم بِالضَّمِّ نُجُومًا ظَهَرَ وَطَلَعَ , وَسُجُودهمَا بِسُجُودِ ظِلَالهمَا , قَالَهُ الضَّحَّاك . وَقَالَ الْفَرَّاء : سُجُودهمَا أَنَّهُمَا يَسْتَقْبِلَانِ الشَّمْس إِذَا طَلَعَتْ ثُمَّ يَمِيلَانِ مَعَهَا حَتَّى يَنْكَسِر الْفَيْء . وَقَالَ الزَّجَّاج : سُجُودهمَا دَوَرَان الظِّلّ مَعَهُمَا , كَمَا قَالَ تَعَالَى : " يَتَفَيَّئُوا ظِلَاله " [ النَّحْل : 48 ] . وَقَالَ الْحَسَن وَمُجَاهِد : النَّجْم نَجْم السَّمَاء , وَسُجُوده فِي قَوْل مُجَاهِد دَوَرَان ظِلّه , وَهُوَ اِخْتِيَار الطَّبَرِيّ , حَكَاهُ الْمَهْدَوِيّ . وَقِيلَ : سُجُود النَّجْم أُفُوله , وَسُجُود الشَّجَر إِمْكَان الِاجْتِنَاء لِثَمَرِهَا , حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيّ . وَقِيلَ : إِنَّ جَمِيع ذَلِكَ مُسَخَّر لِلَّهِ , فَلَا تَعْبُدُوا النَّجْم كَمَا عَبَدَ قَوْم مِنْ الصَّابِئِينَ النُّجُوم , وَعَبَدَ كَثِير مِنْ الْعَجَم الشَّجَر . وَالسُّجُود الْخُضُوع , وَالْمَعْنِيّ بِهِ آثَار الْحُدُوث , حَكَاهُ الْقُشَيْرِيّ . النَّحَّاس : أَصْل السُّجُود فِي اللُّغَة الِاسْتِسْلَام وَالِانْقِيَاد لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , فَهُوَ مِنْ الْمَوَات كُلّهَا اِسْتِسْلَامهَا لِأَمْرِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَانْقِيَادهَا لَهُ , وَمِنْ الْحَيَوَان كَذَلِكَ وَيَكُون مِنْ سُجُود الصَّلَاة , وَأَنْشَدَ مُحَمَّد بْن يَزِيد فِي النَّجْم بِمَعْنَى النُّجُوم قَالَ : فَبَاتَتْ تَعُدّ النَّجْم فِي مُسْتَحِيرَة سَرِيع بِأَيْدِي الْآكِلِينَ جُمُودُهَا ..

أبوعدولي
05 -08- 2011, 10:48 PM
مشاء الله تبارك الرحمن ..عاجز عن شكرك أختي الكريمة
نسايم ليل .. على هذه المعلومات القيمة عن هذ السورة
لاحرمك الله الأجر فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض

أبوعدولي
05 -08- 2011, 10:50 PM
الأخت ميدوزة دواجد دائم ومشاركات فاعله
شكراً لك .. ولمجهوداتك المتميزة

ميدوزة الأورليا
05 -08- 2011, 10:55 PM
جزاك الله خير وبارك الله فيك ..

الآلاء والنعمة
وسُئِلَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ عَنِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْآلَاءِ وَالنَّعْمَاءِ فَقَالَ كُلُّ مَا ظَهَرَ فَهُوَ الْآلَاءُ وَمَا بَطَنَ فَهُوَ النَّعْمَاءُ ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الْيَدَانِ آلَاؤُهُ ، وَقُوَّةُ الْيَدَيْنِ نَعْمَاؤُهُ ، وَالْوَجْهُ آلَاؤُهُ ، وَحُسْنُ الْوَجْهِ وَالْجَمَالُ نَعْمَاؤُهُ ، وَالْفَمُ آلَاؤُهُ ، وَطَعْمُ الطَّعَامِ نَعْمَاؤُهُ ، وَالرِّجْلَانِ آلَاؤُهُ ، وَالْمَشْيُ نَعْمَاؤُهُ فَإِذَا كَانَ لِلْعَبْدِ رِجْلَانِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ قُوَّةُ الْمَشْيِ ، فَقَدْ أُعْطِيَ الْآلَاءَ ، وَلَمْ يُعْطَ النَّعْمَاءَ ، وَالْعُرُوقُ وَالْعِظَامُ آلَاؤُهُ ، وَصِحَّتُهَا وَسُكُونُهَا نَعْمَاؤُهُ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ : الْآلَاءُ إِيصَالُ النِّعْمَةِ ، وَالنَّعْمَاءُ دَفْعَ الْبَلِيَّةِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : عَلَى ضِدِّ هَذَا.

وَيُقَالُ : الْآلَاءُ وَالنَّعْمَاءُ وَاحِدٌ.




.

الشفق
05 -08- 2011, 10:58 PM
سؤال ( بماذا تسمى سورة الرحمن ) ؟

ميدوزة الأورليا
05 -08- 2011, 10:59 PM
عروس القرآن

أبوعدولي
06 -08- 2011, 01:15 AM
سؤال ( بماذا تسمى سورة الرحمن ) ؟

عروس القرآن

شكراً لكما على التنويع في طريقة العرض

ضياء القمر
06 -08- 2011, 02:25 AM
الله يجزاكم الجنه على هذا المجهود المشرف والاكثر من رائع لا حرمتم الاجر انشاء الله وبارك الله فيكم .

الحسين بن علي
06 -08- 2011, 05:48 AM
جزاك الله ألف خير

أبوعدولي
06 -08- 2011, 06:02 PM
الله يجزاكم الجنه على هذا المجهود المشرف والاكثر من رائع لا حرمتم الاجر انشاء الله وبارك الله فيكم .

ضياء القمر .. تشرفنا بتواجدك هنا
ونسأل الله لنا ولك الأجر .. أهلاً بك

أبوعدولي
06 -08- 2011, 10:16 PM
http://upload.7ozn.com/files15/13126428111.gif

http://files2.fatakat.com/2011/6/13089532321449.gif
سبب التسمية :
سُميت ‏‏" ‏سورة ‏الأحقاف ‏‏" ‏لأنها ‏مساكن ‏عاد ‏الذين ‏أهلكهم ‏الله ‏بطغيانهم
‏وجبروتهم ‏وكانت ‏مساكنهم ‏بالأحقاف ‏من أرض ‏اليمن ‏‏" ‏واذكر ‏أخا ‏عاد
‏إذ ‏انذر ‏قومه ‏بالأحقاف ‏‏.. ‏‏" ‏الآية ‏‏.
http://files2.fatakat.com/2011/6/13089532321449.gif
التعريف بالسورة :
1) مكية .إلا الآيات 10،15،35 فمدنية.
2) من المثاني .
3) آياتها 35 .
4) ترتيبها السادسة والأربعون .
5) نزلت بعد الجاثية ، بدأت بحروف مقطعة ، السورة من الحواميم ،
الآية الثانية ذكر فيها لفظ الجلالة وانتهت باسم الله العزيز الحكيم .
7) الجزء " 26 " ، الحزب " 51 " ، الربع " 1،2" .
http://files2.fatakat.com/2011/6/13089532321449.gif
محور مواضيع السورة :
يدور محور السورة حول العقيدة في أصوله الكبرى " الوحدانية ،
الرسالة ، البعث والجزاء " والرسالة والرسول لإثبات صحة رسالة
محمد وصدق القرآن .
http://files2.fatakat.com/2011/6/13089532321449.gif
سبب نزول السورة :
1) قال الثعلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : لمَّا اشتد البلاء بأصحاب
رسول الله رأى في المنام أنه يهاجر إلى أرض ذات نخل وشجر وماء
فَقَصَّها على أصحابه فاستبشروا بذلك ورأوا فيها فرجا مما هم فيه من
أذى المشركين ثم أنهم مكثوا برهة لا يرون ذلك فقالوا يا رسول الله :
متى نهاجر إلى الأرض التي رأيت فسكت رسول الله فأنزل الله تعالى
( وَمَا أدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي ولاَ بِكُمْ ) يعني لا أدري أخرج إلى الموضع
الذي رأيته في منامي أو لا ثم قال : إنَّما هو شئ رأيته في منامي
ما أتبع إلا ما يوحى إليَّ .
2) أخرج الترمذي عن عبد الله بن سلام قال :نزلت فيَّ آيات من كتاب
الله " وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِن بَني اسْرَائِيل عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُم إنَّ
اللَّهَ لا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِين " وَنَزَلَ فِيَّ " قُلْ كََفى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيني
وَبَيْنَكُم وَمَن عِنْدَهُ عِلْمُ الكِتَابِ " .
3) عن عون بن أبي شداد قال: كانت لعمر بن الخطاب أمة أسلمت قبله
يقال لها زنيرة فكان عمر يضربها على إسلامها وكان كفار قريش يقولون :
لو كان خيرا ما سبقتنا إليه زنيرة ؛فأنزل الله في شأنها " وَقَالَ الَّذِينَ
كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَو كَانَ خَيرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيهِ " .
http://files2.fatakat.com/2011/6/13089532321449.gif
فضل السورة :
1) عن ابن مسعود قال : أقرأني رسول الله سورة ال ( حم ) وهى
الأحقاف قال :وكانت السورة إذا كانت اكثر من ثلاثين آية سميت ثلاثين .
2) عن ابن مسعود قال :أقرأني رسول الله سورة الأحقاف وأقرأها
آخر فخالف قراءته فقلت من أقراكما قال رسول الله فقلت والله لقد
اقرأني رسول الله غير ذا فآتينا رسول الله فقلت : يا رسول الله ألم
تقرئني كذا وكذا؟ قال :بلى فقال الآخر :ألم تقرئني كذا وكذا ؟قال:
بلى فتمعر وجه النبي فقال : ليقر كل واحد منكما ما سمع فإنما هلك
من كان قبلكم بالاختلاف .
http://files2.fatakat.com/2011/6/13089532321449.gif

تقل الله منا ومنكم
طاعته .. بانتظار المشاركة

نسايم ليل
06 -08- 2011, 10:44 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


تفسير سورة الأحقاف

مكية


‏[‏1ـ 3‏]‏ ‏بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ‏﴿{حم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ‏}‏ ﴾

هذا ثناء منه تعالى على كتابه العزيز وتعظيم له، وفي ضمن ذلك إرشاد العباد إلى الاهتداء بنوره والإقبال على تدبر آياته واستخراج كنوزه‏.‏

ولما بين إنزال كتابه المتضمن للأمر والنهي ذكر خلقه السماوات والأرض فجمع بين الخلق والأمر ‏{‏أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ‏}‏ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ‏}‏ وكما قال تعالى‏:‏ ‏{‏يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقّ‏}‏ فالله تعالى هو الذي خلق المكلفين وخلق مساكنهم وسخر لهم ما في السماوات وما في الأرض ثم أرسل إليهم رسله وأنزل عليهم كتبه وأمرهم ونهاهم وأخبرهم أن هذه الدار دار أعمال وممر للعمال لا دار إقامة لا يرحل عنها أهلها، وأنهم سينتقلون منها إلى دار الإقامة والقرار وموطن الخلود والدوام، وإنما أعمالهم التي عملوها في هذه الدار سيجدون ثوابها في تلك الدار كاملا موفرا‏.‏

وأقام تعالى الأدلة على تلك الدار وأذاق العباد نموذجًا من الثواب والعقاب العاجل ليكون أدعى لهم إلى طلب المحبوب والهرب من المرهوب، ولهذا قال هنا‏:‏ ‏{‏مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقّ‏}‏ أي‏:‏ لا عبثا ولا سدى بل ليعرف العباد عظمة خالقهما ويستدلوا على كماله ويعلموا أن الذي خلقهما على عظمهما قادر على أن يعيد العباد بعد موتهم للجزاء وأن خلقهما وبقاءهما مقدر إلى ‏{‏أَجَلٍ مُسَمًّى‏}‏

فلما أخبر بذلك ـ وهو أصدق القائلين وأقام الدليل وأنار السبيل أخبر ـ مع ذلكـ أن طائفة من الخلق قد أبوا إلا إعراضا عن الحق، وصدوفا عن دعوة الرسل فقال‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ‏}‏ وأما الذين آمنوا فلما علموا حقيقة الحال قبلوا وصايا ربهم، وتلقوها بالقبول والتسليم وقابلوها بالانقياد والتعظيم ففازوا بكل خير، واندفع عنهم كل شر‏.‏

‏[‏4ـ 6‏]‏ ‏﴿{‏قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ *وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ‏}‏ ﴾

أي‏:‏ ‏{‏قُل‏}‏ لهؤلاء الذين أشركوا بالله أوثانا وأندادا لا تملك نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، قل لهم ـ مبينا عجز أوثانهم وأنها لا تستحق شيئا من العبادةـ ‏:‏ ‏{‏أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ‏}‏ هل خلقوا من أجرام السماوات والأرض شيئا‏؟‏ هل خلقوا جبالا‏؟‏ هل أجروا أنهارا‏؟‏ هل نشروا حيوانا‏؟‏ هل أنبتوا أشجارا‏؟‏ هل كان منهم معاونة على خلق شيء من ذلك‏؟‏

لا شيء من ذلك بإقرارهم على أنفسهم فضلا عن غيرهم، فهذا دليل عقلي قاطع على أن كل من سوى الله فعبادته باطلة‏.‏

نسايم ليل
06 -08- 2011, 10:44 PM
ثم ذكر انتفاء الدليل النقلي فقال‏:‏ ‏{‏اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا‏}‏ الكتاب يدعو إلى الشرك ‏{‏أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ‏}‏ موروث عن الرسل يأمر بذلك‏.‏ من المعلوم أنهم عاجزون أن يأتوا عن أحد من الرسل بدليل يدل على ذلك، بل نجزم ونتيقن أن جميع الرسل دعوا إلى توحيد ربهم ونهوا عن الشرك به، وهي أعظم ما يؤثر عنهم من العلم قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ‏}‏ وكل رسول قال لقومه‏:‏ ‏{‏اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ‏}‏ فعلم أن جدال المشركين في شركهم غير مستندين فيه على برهان ولا دليل وإنما اعتمدوا على ظنون كاذبة وآراء كاسدة وعقول فاسدة‏.‏ يدلك على فسادها استقراء أحوالهم وتتبع علومهم وأعمالهم والنظر في حال من أفنوا أعمارهم بعبادته هل أفادهم شيئا في الدنيا أو في الآخرة‏؟‏

ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ‏}‏ أي‏:‏ مدة مقامه في الدنيا لا ينتفع به بمثقال ذرة ‏{‏وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ‏}‏ لا يسمعون منهم دعاء ولا يجيبون لهم نداء هذا حالهم في الدنيا، ويوم القيامة يكفرون بشركهم‏.‏

{‏وَإِذَا حُشرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً‏}‏ يلعن بعضهم بعضا ويتبرأ بعضهم من بعض ‏{‏وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ‏}‏


‏[‏7ـ 10‏]‏ ‏‏﴿{‏وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ‏}‏ ﴾

أي‏:‏ وإذا تتلى على المكذبين ‏{‏آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ‏}‏ بحيث تكون على وجه لا يمترى بها ولا يشك في وقوعها وحقها لم تفدهم خيرا بل قامت عليهم بذلك الحجة، ويقولون من إفكهم وافترائهم ‏{‏لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ‏}‏ أي‏:‏ ظاهر لا شك فيه وهذا من باب قلب الحقائق الذي لا يروج إلا على ضعفاء العقول، وإلا فبين الحق الذي جاء به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبين السحر من المنافاة والمخالفة أعظم مما بين السماء والأرض، وكيف يقاس الحق ـ الذي علا وارتفع ارتفاعا على الأفلاك وفاق بضوئه ونوره نور الشمس وقامت الأدلة الأفقية والنفسية عليه، وأقرت به وأذعنت أولو البصائر والعقول الرزينةـ بالباطل الذي هو السحر الذي لا يصدر إلا من ضال ظالم خبيث النفس خبيث العمل‏؟‏‏!‏ فهو مناسب له وموافق لحاله وهل هذا إلا من البهرجة‏؟‏

‏{‏أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ‏}‏ أي‏:‏ افترى محمد هذا القرآن من عند نفسه فليس هو من عند الله‏.‏

نسايم ليل
06 -08- 2011, 10:45 PM
‏{‏قُل‏}‏ لهم‏:‏ ‏{‏إِنِ افْتَرَيْتُهُ‏}‏ فالله علي قادر وبما تفيضون فيه عالم، فكيف لم يعاقبني على افترائي الذي زعمتم‏؟‏

فهل ‏{‏تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا‏}‏ إن أرادني الله بضر أو أرادني برحمة ‏{‏كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُم‏}‏ فلو كنت متقولا عليه لأخذ مني باليمين ولعاقبني عقابا يراه كل أحد لأن هذا أعظم أنواع الافتراء لو كنت متقولا، ثم دعاهم إلى التوبة مع ما صدر منهم من معاندة الحق ومخاصمته فقال‏:‏ ‏{‏وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ‏}‏ أي‏:‏ فتوبوا إليه وأقلعوا عما أنتم فيه يغفر لكم ذنوبكم ويرحمكم فيوفقكم للخير ويثيبكم جزيل الأجر‏.‏

‏{‏قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ‏}‏ أي‏:‏ لست بأول رسول جاءكم حتى تستغربوا رسالتي وتستنكروا دعوتي فقد تقدم من الرسل والأنبياء من وافقت دعوتي دعوتهم فلأي شيء تنكرون رسالتي‏؟‏ ‏{‏وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُم‏}‏ أي‏:‏ لست إلا بشرا ليس بيدي من الأمر شيء والله تعالى هو المتصرف بي وبكم الحاكم علي وعليكم، ولست الآتي بالشيء من عندي، ‏{‏وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ‏}‏ فإن قبلتم رسالتي وأجبتم دعوتي فهو حظكم ونصيبكم في الدنيا والآخرة، وإن رددتم ذلك علي فحسابكم على الله وقد أنذرتكم ومن أنذر فقد أعذر‏.‏

‏{‏قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُم‏}‏ أي‏:‏ أخبروني لو كان هذا القرآن من عند الله وشهد على صحته الموفقون من أهل الكتاب الذين عندهم من الحق ما يعرفون أنه الحق فآمنوا به واهتدوا فتطابقت أنباء الأنبياء وأتباعهم النبلاء واستكبرتم أيها الجهلاء الأغبياء فهل هذا إلا أعظم الظلم وأشد الكفر‏؟‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ‏}‏ ومن الظلم الاستكبار عن الحق بعد التمكن منه‏.‏

‏[‏11ـ 12‏]‏ ﴿‏{‏وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ * وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ‏}‏ ﴾

أي‏:‏ قال الكفار بالحق معاندين له ورادين لدعوته‏:‏ ‏{‏لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ‏}‏ أي‏:‏ ما سبقنا إليه المؤمنون أي‏:‏ لكنا أول مبادر به وسابق إليه وهذا من البهرجة في مكان، فأي دليل يدل على أن علامة الحق سبق المكذبين به للمؤمنين‏؟‏ هل هم أزكى نفوسا‏؟‏ أم أكمل عقولا‏؟‏ أم الهدى بأيديهم‏؟‏ ولكن هذا الكلام الذي صدر منهم يعزون به أنفسهم بمنزلة من لم يقدر على الشيء ثم طفق يذمه ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ‏}‏ أي‏:‏ هذا السبب الذي دعاهم إليه أنهم لما لم يهتدوا بهذا القرآن وفاتهم أعظم المواهب وأجل الرغائب قدحوا فيه بأنه كذب وهو الحق الذي لا شك فيه ولا امتراء يعتريه‏.‏

الذي قد وافق الكتب السماوية خصوصا أكملها وأفضلها بعد القرآن وهي التوراة التي أنزلها الله على موسى ‏{‏إِمَامًا وَرَحْمَةً‏}‏ أي‏:‏ يقتدي بها بنو إسرائيل ويهتدون بها فيحصل لهم خير الدنيا والآخرة‏.‏ ‏{‏وَهَذَا‏}‏ القرآن ‏{‏كِتَابٌ مُصَدِّقٌ‏}‏ للكتب السابقة شهد بصدقها وصدَّقها بموافقته لها وجعله الله ‏{‏لِسَانًا عَرَبِيًّا‏}‏ ليسهل تناوله ويتيسر تذكره، ‏{‏لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا‏}‏ أنفسهم بالكفر والفسوق والعصيان إن استمروا على ظلمهم بالعذاب الوبيل ويبشر المحسنين في عبادة الخالق وفي نفع المخلوقين بالثواب الجزيل في الدنيا والآخرة ويذكر الأعمال التي ينذر عنها والأعمال التي يبشر بها‏.‏

نسايم ليل
06 -08- 2011, 10:45 PM
‏13ـ 14‏]‏ ‏﴿{‏إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ‏}‏ ﴾

أي‏:‏ إن الذين أقروا بربهم وشهدوا له بالوحدانية والتزموا طاعته وداموا على ذلك، و‏{‏اسْتَقَامُوا‏}‏ مدة حياتهم ‏{‏فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِم‏}‏ من كل شر أمامهم، ‏{‏وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ‏}‏ على ما خلفوا وراءهم‏.‏

‏{‏أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ‏}‏ أي‏:‏ أهلها الملازمون لها الذين لا يبغون عنها حولا ولا يريدون بها بدلا، ‏{‏خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ‏}‏ من الإيمان بالله المقتضى للأعمال الصالحة التي استقاموا عليها‏.‏

‏[‏15ـ 16‏]‏ ‏﴿{‏وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ‏}‏ ﴾

هذا من لطفه تعالى بعباده وشكره للوالدين أن وصى الأولاد وعهد إليهم أن يحسنوا إلى والديهم بالقول اللطيف والكلام اللين وبذل المال والنفقة وغير ذلك من وجوه الإحسان‏.‏

ثم نبه على ذكر السبب الموجب لذلك فذكر ما تحملته الأم من ولدها وما قاسته من المكاره وقت حملها ثم مشقة ولادتها المشقة الكبيرة ثم مشقة الرضاع وخدمة الحضانة، وليست المذكورات مدة يسيرة ساعة أو ساعتين، وإنما ذلك مدة طويلة قدرها ‏{‏ثَلَاثُونَ شَهْرًا‏}‏ للحمل تسعة أشهر ونحوها والباقي للرضاع هذا هو الغالب‏.‏

ويستدل بهذه الآية مع قوله‏:‏ ‏{‏وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ‏}‏ أن أقل مدة الحمل ستة أشهر لأن مدة الرضاع ـ وهي سنتانـ إذا سقطت منها السنتان بقي ستة أشهر مدة للحمل، ‏{‏حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ‏}‏ أي‏:‏ نهاية قوته وشبابه وكمال عقله، ‏{‏وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي‏}‏ أي‏:‏ ألهمني ووفقني ‏{‏أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ‏}‏ أي‏:‏ نعم الدين ونعم الدنيا، وشكره بصرف النعم في طاعة مسديها وموليها ومقابلته منته بالاعتراف والعجز عن الشكر والاجتهاد في الثناء بها على الله، والنعم على الوالدين نعم على أولادهم وذريتهم لأنهم لا بد أن ينالهم منها ومن أسبابها وآثارها، خصوصا نعم الدين فإن صلاح الوالدين بالعلم والعمل من أعظم الأسباب لصلاح أولادهم‏.‏

‏{‏وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ‏}‏ بأن يكون جامعا لما يصلحه سالما مما يفسده، فهذا العمل الذي يرضاه الله ويقبله ويثيب عليه‏.‏ ‏{‏وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي‏}‏ لما دعا لنفسه بالصلاح دعا لذريته أن يصلح الله أحوالهم، وذكر أن صلاحهم يعود نفعه على والديهم لقوله‏:‏ ‏{‏وَأَصْلِحْ لِي‏}‏

‏{‏إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ‏}‏ من الذنوب والمعاصي ورجعت إلى طاعتك ‏{‏وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ‏}‏
‏{‏أُولَئِكَ‏}‏ الذين ذكرت أوصافهم ‏{‏الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا‏}‏ وهو الطاعات لأنهم يعملون أيضا غيرها‏.‏ ‏}{‏وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِم‏‏ فِي جملة ‏{‏أَصْحَابُ الْجَنَّةِ‏}‏ فحصل لهم الخير والمحبوب وزال عنهم الشر والمكروه‏.‏

نسايم ليل
06 -08- 2011, 10:46 PM
‏{‏وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ‏}‏ أي‏:‏ هذا الوعد الذي وعدناهم هو وعد صادق من أصدق القائلين الذي لا يخلف الميعاد‏.‏

‏[‏17ـ 19‏]‏ ‏﴿{‏وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ * وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ‏}‏ ﴾

لما ذكر تعالى حال الصالح البار لوالديه ذكر حالة العاق وأنها شر الحالات فقال‏:‏ ‏{‏وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ‏}‏ إذ دعواه إلى الإيمان بالله واليوم الآخر وخوفاه الجزاء‏.‏

وهذا أعظم إحسان يصدر من الوالدين لولدهما أن يدعواه إلى ما فيه سعادته الأبدية وفلاحه السرمدي فقابلهما بأقبح مقابلة فقال‏:‏ ‏{‏أُفٍّ لَكُمَا‏}‏ أي‏:‏ تبا لكما ولما جئتما به‏.‏

ثم ذكر وجه استبعاده وإنكاره لذلك فقال‏:‏ ‏{‏أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ‏}‏ من قبري إلى يوم القيامة ‏{‏وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي‏}‏ على التكذيب وسلفوا على الكفر وهم الأئمة المقتدى بهم لكل كفور وجهول ومعاند‏؟‏ ‏{‏وَهُمَا‏}‏ أي‏:‏ والداه ‏{‏يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ‏}‏ عليه ويقولان له‏:‏ ‏{‏وَيْلَكَ آمِن‏}‏ أي‏:‏ يبذلان غاية جهدهما ويسعيان في هدايته أشد السعي حتى إنهما ـ من حرصهما عليه ـ أنهما يستغيثان الله له استغاثة الغريق ويسألانه سؤال الشريق ويعذلان ولدهما ويتوجعان له ويبينان له الحق فيقولان‏:‏ ‏{‏إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ‏}‏ ثم يقيمان عليه من الأدلة ما أمكنهما، وولدهما لا يزداد إلا عتوا ونفورا واستكبارا عن الحق وقدحا فيه، ‏{‏فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ‏}‏ أي‏:‏ إلا منقول من كتب المتقدمين ليس من عند الله ولا أوحاه الله إلى رسوله، وكل أحد يعلم أن محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمي لا يكتب ولا يقرأ ولا تعلم من أحد، فمن أين يتعلمه‏؟‏ وأنى للخلق أن يأتوا بمثل هذا القرآن ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا‏؟‏‏.‏

‏{‏أُولَئِكَ الَّذِينَ‏}‏ بهذه الحالة الذميمة ‏{‏حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ‏}‏ أي‏:‏ حقت عليهم كلمة العذاب ‏{‏فِي‏}‏ جملة ‏{‏أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ‏}‏ على الكفر والتكذيب فسيدخل هؤلاء في غمارهم وسيغرقون في تيارهم‏.‏

‏{‏إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ‏}‏ والخسران فوات رأس مال الإنسان، وإذا فقد رأس ماله فالأرباح من باب أولى وأحرى، فهم قد فاتهم الإيمان ولم يحصلوا على شيء من النعيم ولا سلموا من عذاب الجحيم‏.‏

‏{‏وَلِكُلٍّ‏}‏ من أهل الخير وأهل الشر ‏{‏دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا‏}‏ أي‏:‏ كل على حسب مرتبته من الخير والشر ومنازلهم في الدار الآخرة على قدر أعمالهم ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ‏}‏ بأن لا يزاد في سيئاتهم ولا ينقص من حسناتهم‏.‏

‏[‏20‏]‏ ﴿‏{‏وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ‏}‏ ﴾

يذكر تعالى حال الكفار عند عرضهم على النار حين يوبخون ويقرعون فيقال لهم‏:‏ ‏{‏أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا‏}‏ حيث اطمأننتم إلى الدنيا، واغتررتم بلذاتها ورضيتم بشهواتها وألهتكم طيباتها عن السعي لآخرتكم وتمتعتم تمتع الأنعام السارحة فهي حظكم من آخرتكم، ‏{‏فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ‏}‏ أي‏:‏ العذاب الشديد الذي يهينكم ويفضحكم بما كنتم تقولون على الله غير الحق، أي‏:‏ تنسبون الطريق الضالة التي أنتم عليها إلى الله وإلى حكمه وأنتم كذبة في ذلك، ‏{‏وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ‏}‏ أي‏:‏ تتكبرون عن طاعته، فجمعوا بين قول الباطل والعمل بالباطل والكذب على الله بنسبته إلى رضاه والقدح في الحق والاستكبار عنه فعوقبوا أشد العقوبة‏.‏




نسايم ليل
06 -08- 2011, 10:47 PM
‏[‏21ـ 26‏]‏ ‏﴿{‏وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ‏}‏﴾ إلى آخر القصة

أي‏:‏ ‏{‏وَاذْكُر‏}‏ بالثناء الجميل ‏{‏أَخَا عَادٍ‏}‏ وهو هود عليه السلام، حيث كان من الرسل الكرام الذين فضلهم الله تعالى بالدعوة إلى دينه وإرشاد الخلق إليه‏.‏

‏{‏إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ‏}‏ وهم عاد ‏{‏بِالْأَحْقَافِ‏}‏ أي‏:‏ في منازلهم المعروفة بالأحقاف وهي‏:‏ الرمال الكثيرة في أرض اليمن‏.‏

‏{‏وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ‏}‏ فلم يكن بدعا منهم ولا مخالفا لهم، قائلا لهم‏:‏ ‏{‏أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ‏}‏

فأمرهم بعبادة الله الجامعة لكل قول سديد وعمل حميد، ونهاهم عن الشرك والتنديد وخوفهم ـ إن لم يطيعوهـ العذاب الشديد فلم تفد فيهم تلك الدعوة‏.‏

‏{‏قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا‏}‏ أي‏:‏ ليس لك من القصد ولا معك من الحق إلا أنك حسدتنا على آلهتنا فأردت أن تصرفنا عنها‏.‏

‏{‏فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ‏}‏ وهذا غاية الجهل والعناد‏.‏

‏{‏قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ‏}‏ فهو الذي بيده أزمة الأمور ومقاليدها وهو الذي يأتيكم بالعذاب إن شاء‏.‏ ‏{‏وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ‏}‏ أي‏:‏ ليس علي إلا البلاغ المبين، ‏{‏وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ‏}‏ فلذلك صدر منكم ما صدر من هذه الجرأة الشديدة، فأرسل الله عليهم العذاب العظيم وهو الريح التي دمرتهم وأهلكتهم‏.‏

ولهذا قال‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا رَأَوْهُ‏}‏ أي‏:‏ العذاب ‏{‏عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِم‏}‏ أي‏:‏ معترضا كالسحاب قد أقبل على أوديتهم التي تسيل فتسقي نوابتهم ويشربون من آبارها وغدرانها‏.‏

‏{‏قَالُوا‏}‏ مستبشرين‏:‏ ‏{‏هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا‏}‏ أي‏:‏ هذا السحاب سيمطرنا‏.‏

قال تعالى‏:‏ ‏{‏بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ‏}‏ أي‏:‏ هذا الذي جنيتم به على أنفسكم حيث قلتم‏:‏ ‏{‏فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ‏}‏ ‏{‏رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ‏}‏ ‏{‏تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ‏}‏ تمر عليه من شدتها ونحسها‏.‏

فسلطها الله عليهم ‏{‏سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية‏}‏ ‏[‏ ‏{‏بِأَمْرِ رَبِّهَا‏}‏ أي‏:‏ بإذنه ومشيئته‏]‏‏.‏ ‏{‏فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُم‏}‏ قد تلفت مواشيهم وأموالهم وأنفسهم‏.‏ ‏{‏كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ‏}‏ بسبب جرمهم وظلمهم‏.‏

هذا مع أن الله تعالى قد أدر عليهم النعم العظيمة فلم يشكروه ولا ذكروه ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ‏}‏ أي‏:‏ مكناهم في الأرض يتناولون طيباتها ويتمتعون بشهواتها

وعمرناهم عمرا يتذكر فيه من تذكر، ويتعظ فيه المهتدي، أي‏:‏ ولقد مكنا عادا كما مكناكم يا هؤلاء المخاطبون أي‏:‏ فلا تحسبوا أن ما مكناكم فيه مختص بكم وأنه سيدفع عنكم من عذاب الله شيئا، بل غيركم أعظم منكم تمكينا فلم تغن عنهم أموالهم ولا أولادهم ولا جنودهم من الله شيئا‏.‏

‏{‏وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً‏}‏ أي‏:‏ لا قصور في أسماعهم ولا أبصارهم ولا أذهانهم حتى يقال إنهم تركوا الحق جهلا منهم وعدم تمكن من العلم به ولا خلل في عقولهم ولكن التوفيق بيد الله‏.‏ ‏{‏فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ‏}‏ لا قليل ولا كثير، وذلك بسبب أنهم ‏{‏يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ‏}‏ الدالة على توحيده وإفراده بالعبادة‏.‏

‏{‏وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ‏}‏ أي‏:‏ نزل بهم العذاب الذي يكذبون بوقوعه ويستهزئون بالرسل الذين حذروهم منه‏.‏

‏[‏27ـ 28‏]‏ ﴿‏{‏وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ * فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ‏}‏ ﴾

يحذر تعالى مشركي العرب وغيرهم بإهلاك الأمم المكذبين الذين هم حول ديارهم، بل كثير منهم في جزيرة العرب كعاد وثمود ونحوهم وأن الله تعالى صرف لهم الآيات أي‏:‏ نوعها من كل وجه، ‏{‏لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ‏}‏ عماهم عليه من الكفر والتكذيب‏.‏

فلما لم يؤمنوا أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر ولم تنفعهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء ولهذا قال هنا‏:‏ ‏{‏فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً‏}‏ أي‏:‏ يتقربون إليهم ويتألهونهم لرجاء نفعهم‏.‏

نسايم ليل
06 -08- 2011, 10:48 PM
‏{‏بَلْ ضَلُّوا عَنْهُم‏}‏ فلم يجيبوهم ولا دفعوا عنهم، ‏{‏وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ‏}‏ من الكذب الذي يمنون به أنفسهم حيث يزعمون أنهم على الحق وأن أعمالهم ستنفعهم فضلت وبطلت‏.‏

‏[‏29ـ 32‏]‏ ﴿‏{‏وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ‏}‏ ﴾

كان الله تعالى قد أرسل رسوله محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى الخلق إنسهم وجنهم وكان لا بد من إبلاغ الجميع لدعوة النبوة والرسالة‏.‏

فالإنس يمكنه عليه الصلاة والسلام دعوتهم وإنذارهم، وأما الجن فصرفهم الله إليه بقدرته وأرسل إليه ‏{‏نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا‏}‏ أي‏:‏ وصى بعضهم بعضا بذلك، ‏{‏فَلَمَّا قُضِي‏}‏ وقد وعوه وأثر ذلك فيهم ‏{‏وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ‏}‏ نصحا منهم لهم وإقامة لحجة الله عليهم وقيضهم الله معونة لرسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في نشر دعوته في الجن‏.‏

{‏قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى‏}‏ لأن كتاب موسى أصل للإنجيل وعمدة لبني إسرائيل في أحكام الشرع، وإنما الإنجيل متمم ومكمل ومغير لبعض الأحكام‏.‏

{‏مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي‏}‏ هذا الكتاب الذي سمعناه ‏{‏إِلَى الْحَقِّ‏}‏ وهو الصواب في كل مطلوب وخبر ‏{‏وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ‏}‏ موصل إلى الله وإلى جنته من العلم بالله وبأحكامه الدينية وأحكام الجزاء‏.‏

فلما مدحوا القرآن وبينوا محله ومرتبته دعوهم إلى الإيمان به، فقالوا‏:‏ ‏{‏يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ‏}‏ أي‏:‏ الذي لا يدعو إلا إلى ربه لا يدعوكم إلى غرض من أغراضه ولا هوى وإنما يدعوكم إلى ربكم ليثيبكم ويزيل عنكم كل شر ومكروه، ولهذا قالوا‏:‏ ‏{‏يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ‏}‏ وإذا أجارهم من العذاب الأليم فما ثم بعد ذلك إلا النعيم فهذا جزاء من أجاب داعي الله‏.‏

‏{‏وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ‏}‏ فإن الله على كل شيء قدير فلا يفوته هارب ولا يغالبه مغالب‏.‏ ‏{‏وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ‏}‏ وأي ضلال أبلغ من ضلال من نادته الرسل ووصلت إليه النذر بالآيات البينات، والحجج المتواترات فأعرض واستكبر‏؟‏‏"‏

‏[‏33‏]‏ ‏‏‏﴿{‏أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‏}‏ ﴾

هذا استدلال منه تعالى على الإعادة بعد الموت بما هو أبلغ منها، وهو أنه الذي خلق السماوات والأرض على عظمهما وسعتهما وإتقان خلقهما من دون أن يكترث بذلك ولم يعي بخلقهن فكيف تعجزه إعادتكم بعد موتكم وهو على كل شيء قدير‏؟‏‏"‏

‏[‏34ـ 35‏]‏ ‏﴿{‏وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ‏}‏ ﴾

يخبر تعالى عن حال الكفار الفظيعة عند عرضهم على النار التي كانوا يكذبون بها وأنهم يوبخون ويقال لهم‏:‏ ‏{‏أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ‏}‏ فقد حضرتموه وشاهدتموه عيانا‏؟‏ ‏{‏قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا‏}‏ فاعترفوا بذنبهم وتبين كذبهم ‏{‏قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ‏}‏ أي‏:‏ عذابا لازما دائما كما كان كفركم صفة لازمة‏.‏

ثم أمر تعالى رسوله أن يصبر على أذية المكذبين المعادين له وأن لا يزال داعيا لهم إلى الله وأن يقتدي بصبر أولي العزم من المرسلين سادات الخلق أولي العزائم والهمم العالية الذين عظم صبرهم، وتم يقينهم، فهم أحق الخلق بالأسوة بهم والقفو لآثارهم والاهتداء بمنارهم‏.‏

فامتثل ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأمر ربه فصبر صبرا لم يصبره نبي قبله حتى رماه المعادون له عن قوس واحدة، وقاموا جميعا بصده عن الدعوة إلى الله وفعلوا ما يمكنهم من المعاداة والمحاربة، وهو ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يزل صادعا بأمر الله مقيما على جهاد أعداء الله صابرا على ما يناله من الأذى، حتى مكن الله له في الأرض وأظهر دينه على سائر الأديان وأمته على الأمم، فـ ـ صلى الله عليه وسلم ـ تسليما‏.‏

وقوله‏:‏ ‏{‏وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُم‏}‏ أي‏:‏ لهؤلاء المكذبين المستعجلين للعذاب فإن هذا من جهلهم وحمقهم فلا يستخفنك بجهلهم ولا يحملك ما ترى من استعجالهم على أن تدعو الله عليهم بذلك فإن كل ما هو آت قريب، و ‏{‏كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا‏}‏ في الدنيا ‏{‏إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ‏}‏ فلا يحزنك تمتعهم القليل وهم صائرون إلى العذاب الوبيل‏.‏

‏{‏بَلَاغٌ‏}‏ أي‏:‏ هذه الدنيا متاعها وشهوتها ولذاتها بلغة منغصة ودفع وقت حاضر قليل‏.‏

أو هذا القرآن العظيم الذي بينا لكم فيه البيان التام بلاغ لكم، وزاد إلى الدار الآخرة، ونعم الزاد والبلغة زاد يوصل إلى دار النعيم ويعصم من العذاب الأليم، فهو أفضل زاد يتزوده الخلائق وأجل نعمة أنعم الله بها عليهم‏.‏

‏{‏فَهَلْ يُهْلَكُ‏}‏ بالعقوبات ‏{‏إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ‏}‏ أي‏:‏ الذين لا خير فيهم وقد خرجوا عن طاعة ربهم ولم يقبلوا الحق الذي جاءتهم به الرسل‏.‏

وأعذر الله لهم وأنذرهم فبعد ذلك إذ يستمرون على تكذيبهم وكفرهم نسأل الله العصمة‏.‏


آخر تفسير سورة الأحقاف، والحمد لله رب العالمين‏.‏

نسايم ليل
06 -08- 2011, 10:49 PM
ماهي المعيقلي سورة الأحقاف بخشوع رائع

http://www.youtube.com/watch?v=Y9fsilGRz4g

ضياء القمر
07 -08- 2011, 06:10 AM
جزاكم الله خير وجعله الله في ميزان حسناتكم.

مثابره
07 -08- 2011, 07:21 AM
قصة هود عليه السلام مع قوم عاد .. ( من سلسلة قصص الأنبياء - للشيخ نبيل العوضي )

الجزء الأول
http://www.youtube.com/watch?v=OQAtvSiRdQQ

الجزء الثاني
http://www.youtube.com/watch?v=3YrTyXce0f4&feature=related

الجزء الثالث
http://www.youtube.com/watch?v=aSNydGkAqdI&feature=related

أبوعدولي
07 -08- 2011, 11:35 PM
http://upload.7ozn.com/files16/13127488801.gif



http://t1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcS_LYlOew6kkVOCF-Lf0hjm54NNUHRKnIm-4yfiapR85fr1bP029A&t=1http://t1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcS_LYlOew6kkVOCF-Lf0hjm54NNUHRKnIm-4yfiapR85fr1bP029A&t=1
سبب التسمية :
سميت ‏سورة ‏الحجرات ‏لأن ‏الله ‏تعالى ‏ذكر ‏فيها ‏بيوت ‏النبي ‏‏وهي ‏الحجرات
‏التي ‏كان ‏يسكنها ‏أمهات ‏المؤمنين ‏الطاهرات ‏رضوان ‏الله ‏عليهن‎ .‎‏
http://t1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcS_LYlOew6kkVOCF-Lf0hjm54NNUHRKnIm-4yfiapR85fr1bP029A&t=1http://t1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcS_LYlOew6kkVOCF-Lf0hjm54NNUHRKnIm-4yfiapR85fr1bP029A&t=1
التعريف بالسورة :
1) سورة مدنية .
2) من المثاني .
3) آياتها 18 .
4) ترتيبها التاسعة والأربعون .
5) نزلت بعد المجادلة .
6) بدأت السورة باسلوب النداء " يا أيها الذين آمنوا " نهت السورة
المسلمين عن رفع أصواتهم فوق صوت النبي .
7) الجزء "26" الحزب "52" الربع "6،7" .
http://t1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcS_LYlOew6kkVOCF-Lf0hjm54NNUHRKnIm-4yfiapR85fr1bP029A&t=1http://t1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcS_LYlOew6kkVOCF-Lf0hjm54NNUHRKnIm-4yfiapR85fr1bP029A&t=1
محور مواضيع السورة :
تتضمن السورة حقائق التربية الخالدة وأسس المدنية الفاضلة حتى
سماها بعض المفسرين " سورة الأخلاق " .
http://t1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcS_LYlOew6kkVOCF-Lf0hjm54NNUHRKnIm-4yfiapR85fr1bP029A&t=1http://t1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcS_LYlOew6kkVOCF-Lf0hjm54NNUHRKnIm-4yfiapR85fr1bP029A&t=1
سبب نزول السورة :
1) قال ابن أبي مليكة أن عبد الله بن الزبير أخبره أنه قدم ركب
من بني تميم على رسول الله فقال أبو بكر :أمر القعقاع بن معبد،
وقال عمر : أمر الأقرع بن حابس فقال أبو بكر : ما أردت إلا خلافي ،
وقال عمر : ما أردت خلافك ؛ فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما فنزل
في ذلك قوله تعالى : ( يَا أيُّها الذينَ آمنوا لا تُقَدِّموا بينَ يدي اللهِ
ورسولهِ ـ إلى قوله ـ وَلو أنَّهم صَبَروا حتَّى تخرجَ إليهم ) (رواه البخاري) .
2) نزلت في ثابت بن قيس بن شماس كان في أذنه وقر وكان جهوري
الصوت وكان إذا كلم إنسانا جهر بصوته فربما كان يكلم رسول الله
فيتأذّى بصوته فأنزل الله تعالى هذه الآية .
3) عن أنس : لما نزلت هذه الآية لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي
قال ثابت بن قيس :أنا الذي كنت أرفع صوتي فوق صوت النبي وأنا
من أهل النار فَذُكِرَ ذلك لرسول الله فقال : هو من أهل الجنة( رواه مسلم ) .
4) عن أبي بكر قال لما نزلت على النبي ( أن الذين يغضون أصواتهم
عند رسول الله اولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى ) قال أبو بكر :
فآليت على نفسي أن لا أكلم رسول الله إلا كاخي السرار .
http://t1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcS_LYlOew6kkVOCF-Lf0hjm54NNUHRKnIm-4yfiapR85fr1bP029A&t=1http://t1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcS_LYlOew6kkVOCF-Lf0hjm54NNUHRKnIm-4yfiapR85fr1bP029A&t=1


الله لايحرمكم أجرالمشاركة

ابن الطوال
07 -08- 2011, 11:44 PM
يعافيك ربي والف شكر لك على المعلومات الرائعه

أبوعدولي
07 -08- 2011, 11:56 PM
شكراُ لكل من مر هنا بمشاركة أومعلومة
ونعتذر منكملعدمتواجدنا لظرف طارئ ولايزال
وندعوكم للتواجد الليلة هنا في الحلقة التالية :
http://samtah.net/vb/showthread.php?t=134492

أبوعدولي
07 -08- 2011, 11:59 PM
الحلقة السابعة بين يدي سورة الحجرات على الر ابط التالي :
http://samtah.net/vb/showthread.php?t=134492

أبوعدولي
08 -08- 2011, 12:01 AM
يعافيك ربي والف شكر لك على المعلومات الرائعه



ويعافيك أخي الكريم وشكراًلتواجدكهنا وننتظر مشاركتك معنا

أبوعدولي
08 -08- 2011, 12:06 AM
تفسير سورة الحجرات 1/3

‏‏بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ‏}‏


هذا متضمن للأدب، مع الله تعالى، ومع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والتعظيم له ، واحترامه، وإكرامه، فأمر ‏[‏الله‏]‏ عباده المؤمنين، بما يقتضيه الإيمان، بالله وبرسوله، من امتثال أوامر الله، واجتناب نواهيه، وأن يكونوا ماشين، خلف أوامر الله، متبعين لسنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في جميع أمورهم، و ‏[‏أن‏]‏ لا يتقدموا بين يدي الله ورسوله، ولا يقولوا، حتى يقول، ولا يأمروا، حتى يأمر، فإن هذا، حقيقة الأدب الواجب، مع الله ورسوله، وهو عنوان سعادة العبد وفلاحه، وبفواته، تفوته السعادة الأبدية، والنعيم السرمدي، وفي هذا، النهي ‏[‏الشديد‏]‏ عن تقديم قول غير الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ على قوله، فإنه متى استبانت سنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وجب اتباعها، وتقديمها على غيرها، كائنا ما كان ثم أمر الله بتقواه عمومًا، وهي كما قال طلق بن حبيب‏:‏ أن تعمل بطاعة الله، على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نور من الله، تخشى عقاب الله‏.‏


وقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ‏}‏ أي‏:‏ لجميع الأصوات في جميع الأوقات، في خفي المواضع والجهات، ‏{‏عَلِيمٌ‏}‏ بالظواهر والبواطن، والسوابق واللواحق، والواجبات والمستحيلات والممكنات وفي ذكر الاسمين الكريمين ـ بعد النهي عن التقدم بين يدي الله ورسوله، والأمر بتقواه ـ حث على امتثال تلك الأوامر الحسنة، والآداب المستحسنة، وترهيب عن عدم الامتثال‏.‏


ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ‏}‏ وهذا أدب مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في خطابه، أي‏:‏ لا يرفع المخاطب له، صوته معه، فوق صوته، ولا يجهر له بالقول، بل يغض الصوت، ويخاطبه بأدب ولين، وتعظيم وتكريم، وإجلال وإعظام، ولا يكون الرسول كأحدهم، بل يميزوه في خطابهم، كما تميز عن غيره، في وجوب حقه على الأمة، ووجوب الإيمان به، والحب الذي لا يتم الإيمان إلا به، فإن في عدم القيام بذلك، محذورًا، وخشية أن يحبط عمل العبد وهو لا يشعر، كما أن الأدب معه، من أسباب ‏[‏حصول الثواب و‏]‏ قبول الأعمال‏.‏


ثم مدح من غض صوته عند رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأن الله امتحن قلوبهم للتقوى، أي‏:‏ ابتلاها واختبرها، فظهرت نتيجة ذلك، بأن صلحت قلوبهم للتقوى، ثم وعدهم المغفرة لذنوبهم، المتضمنة لزوال الشر والمكروه، والأجر العظيم، الذي لا يعلم وصفه إلا الله تعالى، وفي الأجر العظيم وجود المحبوب وفي هذا، دليل على أن الله يمتحن القلوب، بالأمر والنهي والمحن، فمن لازم أمر الله، واتبع رضاه، وسارع إلى ذلك، وقدمه على هواه، تمحض وتمحص للتقوى، وصار قلبه صالحًا لها ومن لم يكن كذلك، علم أنه لا يصلح للتقوى‏.‏

أبوعدولي
08 -08- 2011, 12:08 AM
تفسير سورة الحجرات 2/3

‏[‏4ـ 5‏]‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}‏

نزلت هذه الآيات الكريمة، في أناس من الأعراب، الذين وصفهم الله تعالى بالجفاء، وأنهم أجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله، قدموا وافدين على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فوجدوه في بيته وحجرات نسائه، فلم يصبروا ويتأدبوا حتى يخرج، بل نادوه‏:‏ يا محمد يا محمد، ‏[‏أي‏:‏ اخرج إلينا‏]‏، فذمهم الله بعدم العقل، حيث لم يعقلوا عن الله الأدب مع رسوله واحترامه، كما أن من العقل وعلامته استعمال الأدب‏.‏

فأدب العبد، عنوان عقله، وأن الله مريد به الخير، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}‏ أي‏:‏ غفور لما صدر عن عباده من الذنوب، والإخلال بالآداب، رحيم بهم، حيث لم يعاجلهم بذنوبهم بالعقوبات والمثلات‏.‏

‏[‏6‏]‏‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ‏}‏

وهذا أيضًا، من الآداب التي على أولي الألباب، التأدب بها واستعمالها، وهو أنه إذا أخبرهم فاسق بخبر أن يتثبتوا في خبره، ولا يأخذوه مجردًا، فإن في ذلك خطرًا كبيرًا، ووقوعًا في الإثم، فإن خبره إذا جعل بمنزلة خبر الصادق العدل، حكم بموجب ذلك ومقتضاه، فحصل من تلف النفوس والأموال، بغير حق، بسبب ذلك الخبر ما يكون سببًا للندامة، بل الواجب عند خبر الفاسق، التثبت والتبين، فإن دلت الدلائل والقرائن على صدقه، عمل به وصدق، وإن دلت على كذبه، كذب، ولم يعمل به، ففيه دليل، على أن خبر الصادق مقبول، وخبر الكاذب، مردود، وخبر الفاسق متوقف فيه كما ذكرنا، ولهذا كان السلف يقبلون روايات كثير ‏[‏من‏]‏ الخوارج، المعروفين بالصدق، ولو كانوا فساقًا‏.‏

‏[‏7ـ 8‏]‏ ‏{‏وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ‏}‏

أي‏:‏ ليكن لديكم معلومًا أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين أظهركم، وهو الرسول الكريم، البار، الراشد، الذي يريد بكم الخير وينصح لكم، وتريدون لأنفسكم من الشر والمضرة، ما لا يوافقكم الرسول عليه، ولو يطيعكم في كثير من الأمر لشق عليكم وأعنتكم، ولكن الرسول يرشدكم، والله تعالى يحبب إليكم الإيمان، ويزينه في قلوبكم، بما أودع الله في قلوبكم من محبة الحق وإيثاره، وبما ينصب على الحق من الشواهد، والأدلة الدالة على صحته، وقبول القلوب والفطر له، وبما يفعله تعالى بكم، من توفيقه للإنابة إليه، ويكره إليكم الكفر والفسوق، أي‏:‏ الذنوب الكبار، والعصيان‏:‏ هي ما دون ذلك من الذنوب بما أودع في قلوبكم من كراهة الشر، وعدم إرادة فعله، وبما نصبه من الأدلة والشواهد على فساده، وعدم قبول الفطر له، وبما يجعله الله من الكراهة في القلوب له

‏{‏أُولَئِكَ‏}‏ أي‏:‏ الذين زين الله الإيمان في قلوبهم، وحببه إليهم، وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان‏{‏هُمُ الرَّاشِدُونَ‏}‏ أي‏:‏ الذين صلحت علومهم وأعمالهم، واستقاموا على الدين القويم، والصراط المستقيم‏.‏

وضدهم الغاوون، الذين حبب إليهم الكفر والفسوق والعصيان، وكره إليهم الإيمان، والذنب ذنبهم، فإنهم لما فسقوا طبع الله على قلوبهم، ولما‏{‏زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُم‏}‏ولما لم يؤمنوا بالحق لما جاءهم أول مرة، قلب الله أفئدتهم‏.‏

وقوله‏:‏‏{‏فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً‏}‏أي‏:‏ ذلك الخير الذي حصل لهم، هو بفضل الله عليهم وإحسانه، لا بحولهم وقوتهم‏.‏

‏{‏وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ‏}‏أي‏:‏ عليم بمن يشكر النعمة، فيوفقه لها، ممن لا يشكرها، ولا تليق به، فيضع فضله، حيث تقتضيه حكمته‏.‏

نسايم ليل
08 -08- 2011, 12:16 AM
http://www.youtube.com/watch?v=x3Oto38Nmzs

أبوعدولي
08 -08- 2011, 12:36 AM
تفسير سورة الحجرات 3/3
‏[‏12‏]‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ‏}‏
نهى الله تعالى عن كثير من الظن السوء بالمؤمنين، فـ ‏{‏إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ‏}‏ وذلك، كالظن الخالي من الحقيقة والقرينة، وكظن السوء، الذي يقترن به كثير من الأقوال، والأفعال المحرمة، فإن بقاء ظن السوء بالقلب، لا يقتصر صاحبه على مجرد ذلك، بل لا يزال به، حتى يقول ما لا ينبغي، ويفعل ما لا ينبغي، وفي ذلك أيضًا، إساءة الظن بالمسلم، وبغضه، وعداوته المأمور بخلاف ذلك منه‏.‏
‏{‏وَلَا تَجَسَّسُوا‏}‏ أي‏:‏ لا تفتشوا عن عورات المسلمين، ولا تتبعوها، واتركوا المسلم على حاله، واستعملوا التغافل عن أحواله التي إذا فتشت، ظهر منها ما لا ينبغي‏.‏
‏{‏وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا‏}‏ والغيبة، كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ (‏ذكرك أخاك بما يكره ولو كان فيه‏)‏
ثم ذكر مثلاً منفرًا عن الغيبة، فقال‏:‏ ‏{‏أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ‏}‏ شبه أكل لحمه ميتًا، المكروه للنفوس ‏[‏غاية الكراهة‏]‏، باغتيابه، فكما أنكم تكرهون أكل لحمه، وخصوصًا إذا كان ميتًا، فاقد الروح، فكذلك، ‏[‏فلتكرهوا‏]‏ غيبته، وأكل لحمه حيًا‏.‏
‏{‏وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ‏}‏ والتواب، الذي يأذن بتوبة عبده، فيوفقه لها، ثم يتوب عليه، بقبول توبته، رحيم بعباده، حيث دعاهم إلى ما ينفعهم، وقبل منهم التوبة، وفي هذه الآية، دليل على التحذير الشديد من الغيبة، وأن الغيبة من الكبائر، لأن الله شبهها بأكل لحم الميت، وذلك من الكبائر‏.‏
‏[‏13‏]‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ‏}‏
يخبر تعالى أنه خلق بني آدم، من أصل واحد، وجنس واحد، وكلهم من ذكر وأنثى، ويرجعون جميعهم إلى آدم وحواء، ولكن الله ‏[‏تعالى‏]‏ بث منهما رجالاً كثيرا ونساء، وفرقهم، وجعلهم شعوبًا وقبائل أي‏:‏ قبائل صغارًا وكبارًا، وذلك لأجل أن يتعارفوا، فإنهم لو استقل كل واحد منهم بنفسه، لم يحصل بذلك، التعارف الذي يترتب عليه التناصر والتعاون، والتوارث، والقيام بحقوق الأقارب، ولكن الله جعلهم شعوبًا وقبائل، لأجل أن تحصل هذه الأمور وغيرها، مما يتوقف على التعارف، ولحوق الأنساب، ولكن الكرم بالتقوى، فأكرمهم عند الله، أتقاهم، وهو أكثرهم طاعة وانكفافًا عن المعاصي، لا أكثرهم قرابة وقومًا، ولا أشرفهم نسبًا، ولكن الله تعالى عليم خبير، يعلم من يقوم منهم بتقوى الله، ظاهرًا وباطنًا، ممن يقوم بذلك، ظاهرًا لا باطنًا، فيجازي كلا، بما يستحق‏.‏
وفي هذه الآية دليل على أن معرفة الأنساب، مطلوبة مشروعة، لأن الله جعلهم شعوبًا وقبائل، لأجل ذلك‏.‏
‏[‏14ـ 18‏]‏ ‏{‏قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم * يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ‏}‏
يخبر تعالى عن مقالة الأعراب، الذين دخلوا في الإسلام في عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ دخولاً من غير بصيرة، ولا قيام بما يجب ويقتضيه الإيمان، أنهم ادعوا مع هذا وقالوا‏:‏ آمنا أي‏:‏ إيمانًا كاملاً، مستوفيًا لجميع أموره هذا موجب هذا الكلام، فأمر الله رسوله، أن يرد عليهم، فقال‏:‏ ‏{‏قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا‏}‏ أي‏:‏ لا تدعوا لأنفسكم مقام الإيمان، ظاهرًا، وباطنًا، كاملاً‏.‏
‏{‏وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا‏}‏ أي‏:‏ دخلنا في الإسلام، واقتصروا على ذلك‏.‏
‏{‏و‏}‏ السبب في ذلك، أنه ‏{‏لَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُم‏}‏ وإنما آمنتم خوفًا، أو رجاء، أو نحو ذلك، مما هو السبب في إيمانكم، فلذلك لم تدخل بشاشة الإيمان في قلوبكم، وفي قوله‏:‏ ‏{‏وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُم‏}‏ أي‏:‏ وقت هذا الكلام، الذي صدر منكم فكان فيه إشارة إلى أحوالهم بعد ذلك، فإن كثيرًا منهم، من الله عليهم بالإيمان الحقيقي، والجهاد في سبيل الله، ‏{‏وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ‏}‏ بفعل خير، أو ترك شر ‏{‏لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا‏}‏ أي‏:‏ لا ينقصكم منها، مثقال ذرة، بل يوفيكم إياها، أكمل ما تكون لا تفقدون منها، صغيرًا، ولا كبيرًا، ‏{‏إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}‏ أي‏:‏ غفور لمن تاب إليه وأناب، رحيم به، حيث قبل توبته‏.‏
‏{‏إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ‏}‏ أي‏:‏ على الحقيقة ‏{‏الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأمْوَالِهِمْ وَأنْفُسِهُم في سبيل الله‏}‏ أي‏:‏ من جمعوا بين الإيمان والجهاد في سبيله، فإن من جاهد الكفار، دل ذلك، على الإيمان التام في القلب، لأن من جاهد غيره على الإسلام، والقيام بشرائعه، فجهاده لنفسه على ذلك، من باب أولى وأحرى؛ ولأن من لم يقو على الجهاد، فإن ذلك، دليل على ضعف إيمانه، وشرط تعالى في الإيمان عدم الريب، وهو الشك، لأن الإيمان النافع هو الجزم اليقيني، بما أمر الله بالإيمان به، الذي لا يعتريه شك، بوجه من الوجوه‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{‏أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ‏}‏ أي‏:‏ الذين صدقوا إيمانهم بأعمالهم الجميلة، فإن الصدق، دعوى كبيرة في كل شيء يدعى يحتاج صاحبه إلى حجة وبرهان، وأعظم ذلك، دعوى الإيمان، الذي هو مدار السعادة، والفوز الأبدي، والفلاح السرمدي، فمن ادعاه، وقام بواجباته، ولوازمه، فهو الصادق المؤمن حقًا، ومن لم يكن كذلك، علم أنه ليس بصادق في دعواه، وليس لدعواه فائدة، فإن الإيمان في القلب لا يطلع عليه إلا الله تعالى‏.‏
فإثباته ونفيه، من باب تعليم الله بما في القلب، وهذا سوء أدب، وظن بالله، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ‏}‏ وهذا شامل للأشياء كلها، التي من جملتها، ما في القلوب من الإيمان والكفران، والبر والفجور، فإنه تعالى، يعلم ذلك كله، ويجازي عليه، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر‏.‏
هذه حالة من أحوال من ادعى لنفسه الإيمان، وليس به، فإنه إما أن يكون ذلك تعليمًا لله، وقد علم أنه عالم بكل شيء، وإما أن يكون قصدهم بهذا الكلام، المنة على رسوله، وأنهم قد بذلوا له ‏[‏وتبرعوا‏]‏ بما ليس من مصالحهم، بل هو من حظوظه الدنيوية، وهذا تجمل بما لا يجمل، وفخر بما لا ينبغي لهم أن يفتخروا على رسوله به فإن المنة لله تعالى عليهم، فكما أنه تعالى يمن عليهم، بالخلق والرزق، والنعم الظاهرة والباطنة، فمنته عليهم بهدايتهم إلى الإسلام، ومنته عليهم بالإيمان، أعظم من كل شيء، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ‏}‏ ‏.‏
{‏إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ‏}‏ أي‏:‏ الأمور الخفية فيهما، التي تخفى على الخلق، كالذي في لجج البحار، ومهامه القفار، وما جنه الليل أو واراه النهار، يعلم قطرات الأمطار، وحبات الرمال، ومكنونات الصدور، وخبايا الأمور‏.‏
‏{‏وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين‏}‏
‏{‏وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ‏}‏ يحصي عليكم أعمالكم، ويوفيكم إياها، ويجازيكم عليها بما تقتضيه رحمته الواسعة، وحكمته البالغة‏.‏

الشفق
08 -08- 2011, 12:41 AM
التسميَــة:

سميت "سورة الحجرات" لأن الله تعالى ذكر فيها حرمة بيوت النبي صلى الله عليه وسلم وهي الحجرات (http://www.3iny3ink.com/forum/t157820.html)التي كان يسكنها أُمهات المؤمنين الطاهرات رضوان الله عليهن.







طاعة الله تعالى والرسول، والأدب في الخطاب مع النبي صلى الله عليه وسلم



{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(1)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ(2)إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ(3)إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ(4)وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ(5)}.

البليبل
08 -08- 2011, 01:01 AM
http://www.youtube.com/watch?v=3FB6UXPhBxA


http://www.youtube.com/watch?v=SxOclW8FJPo&feature=related


http://www.youtube.com/watch?v=G05_yEK8EVw&feature=related


http://www.youtube.com/watch?v=pXoVfohYx7U&feature=related


http://www.youtube.com/watch?v=7JuL6oofVNk&feature=related


http://www.youtube.com/watch?v=N6j2q5XYoi0&feature=related


http://www.youtube.com/watch?v=KIl8ssyW8hQ&feature=related


http://www.youtube.com/watch?v=uNhX0R21wrE&feature=related


http://www.youtube.com/watch?v=B6PEu5dw0BE&feature=related


http://www.youtube.com/watch?v=TBBJVnGnuNE&feature=related


http://www.youtube.com/watch?v=WOH0LMvqhMA&feature=related


http://www.youtube.com/watch?v=YHe5cWFKogk&feature=related


http://www.youtube.com/watch?v=-Zfiwj2tMyM&feature=related

أبوعدولي
08 -08- 2011, 10:56 PM
http://upload.7ozn.com/files16/13128330041.gif

http://www.al-alhareth.com/vb/imgcache/3095.imgcache.gifhttp://www.al-alhareth.com/vb/imgcache/3095.imgcache.gif
سبب التسمية :
سُميت ‏بهذا ‏الاسم ‏لأن ‏الله ‏تعالى ‏ذكر ‏هذا ‏الوصف ‏الجليل-‏ الذي ‏هو ‏من
‏صفات ‏الله ‏الحسنى ‏‏- ‏فى ‏مطلع ‏السورة ‏الكريمة ‏‏ غافر ‏الذنب ‏وقابل ‏التوب
‏‏ ‏وكرر ‏ذكر ‏المغفرة ‏في ‏دعوة ‏الرجل ‏المؤمن ‏‏ ‏وأنا ‏أدعوكم ‏إلى ‏العزيز
‏الغفار‏ ‏وتسمى ‏سورة ‏المؤمن ‏لذكر ‏قصة ‏مؤمن ‏آل ‏فرعون .
http://www.al-alhareth.com/vb/imgcache/3095.imgcache.gifhttp://www.al-alhareth.com/vb/imgcache/3095.imgcache.gif
التعريف بالسورة :
1) مكية . ماعدا الآية " 56،57 " فمدنيتان .
2) من المثاني .
3) آياتها 85 .
4) ترتيبها الأربعون .
5) نزلت بعد الزمر ،السورة .
6) بدأت بحروف مقطعة والسورة من الحواميم " حم " اسم السورة
أحد صفات الله تعالى . ذكر لفظ الجلالة في الآية الاولى وذكر اسم
الله العزيز والعليم .
7) الجزء "24" الحزب "47،48" الربع "3،4،5،6" .
http://www.al-alhareth.com/vb/imgcache/3095.imgcache.gifhttp://www.al-alhareth.com/vb/imgcache/3095.imgcache.gif
محور مواضيع السورة :
سورة غافر مكية وهى تعني بأمور العقيدة كشأن سائر السور
المكية ويكاد يكون موضوع السورة البارز هو المعركة بين " الحق
والباطل " والهدى والضلال " ولهذا جاء جو السورة مشحونا بطابع
العنف والشدة وكأنه جو معركة رهيبة يكون فيها الطعن والنزال
ثم تسفر عن مصارع الطغاة فإذا بهم حطام وركام .
http://www.al-alhareth.com/vb/imgcache/3095.imgcache.gifhttp://www.al-alhareth.com/vb/imgcache/3095.imgcache.gif
سبب نزول السورة :
عن أبي مالكفي قوله " ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا
" ونزلت في الحرث بن قيس السلمي .
2) عن كعب الأحبار قال : هم اليهود نزلت فيهم فيما ينتظرونه
من أمر الدجال .
3) عن ابن عباس أن الوليد بن المغيرة وشيبة بن ربيعة قالا :
يا محمد ارجع عما تقول وعليك بدين آبائك وأجدادك ؛فأنزل
الله هذه الآية .
http://www.al-alhareth.com/vb/imgcache/3095.imgcache.gifhttp://www.al-alhareth.com/vb/imgcache/3095.imgcache.gif
فضل السورة :
1) عن ابن عباس قال : إن لكل شئ لباب وإن لباب القران الحواميم .
2) عن الخليل بن مرة أن رسول الله قال : " الحواميم سبع وأبواب
جهنم سبع تجئ كل حم منها تقف على باب من هذه الأبواب تقول :
اللهم لا تُدْخِلْ من هذا الباب من كان يؤمن بي ويقرأني " .
3) عن أبي هريرةقال قال رسول الله : " من قرأ حم إلى واليه
المصير وآية الكرسي حين يصبح حُفِظَ بهما حتى يمسى ومن
قرأهما حين يمسي حُفِظَ بهما حتى يصبح "
http://www.al-alhareth.com/vb/imgcache/3095.imgcache.gifhttp://www.al-alhareth.com/vb/imgcache/3095.imgcache.gif
تقبل الله طاعتكم وصالح أعمالكم

أبوعدولي
08 -08- 2011, 11:00 PM
نسائم ليل .. الشفق .. البليبل ..شكراً لكم أحبتي على المشاركة
ويسعدني تواجدكم الليلة في الحلقة التالية على الرابط التالي :
http://samtah.net/vb/showthread.php?p=1342690#post1342690

ابن الطوال
08 -08- 2011, 11:00 PM
الف شكر لك على الشرح الراائع

أبوعدولي
08 -08- 2011, 11:01 PM
الحلقة الثامنة بين يدي سورة غافر على الر ابط التالي :

http://samtah.net/vb/showthread.php?p=1342690#post1342690

مثابره
08 -08- 2011, 11:17 PM
http://www.youtube.com/watch?v=j_oaYUbEea4

أبوعدولي
08 -08- 2011, 11:17 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
{اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَاراً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ(64)}
سورة غافر.
صدق الله العظيم


http://pic.ksb7.com/images/gcvtn9ozy3r7822mxoei.jpg


إن مقدار حجم الأرض مهم جداً كأهمية بعدها عن الشمس وأهمية سرعة دورانها أو الشكل الخارجي لها. وكبر الأرض هو بقدر ما يتلاءهم مع وجود البشرية عليها واستمرارها بصورة متطابقة تماماً من ناحية المقاييس المفتراض وجودها ، ولو قارنا كتلة عطارد التي تشكل نسبة 8% من كتلة الأرض أو مع كتلة المشتري التي تكبر الأرض بمقدار 318 مرة لوجدنا أن هذه الكواكب تختلف من حيث الكتلة اختلافاً كبيراً.

ويمكننا عبر هذه المقارنة أن ندرك بان كتلة الأرض لها قيمة معينة هي الأمثل والأكثر ملاءمة وأن هذه القمية لم تأت مصادفة قط . ولو تألمنا وتمعنا مقاييس معينة هي الأمثل والأكثر ملاءمة وأن هذه القيمة لم تأت مصادفة قط.

ولو تأملنا وتمعنا في مقاييس الكرة الأرضية لتوصلنا إلى كونها الأمثل والأنسب لمثل هذه الكوكب. ويعطي عالمنا جيولوجيان أمريكيان هما بريس وسيفر معلومات قيمة عن مدى ملاءمة مقاييس الأرض وأبعادها كما يلي:
إن كبر الأرض هو بالضبط بقدر ما يفترض فيه أن يكون ، ولو كان ذا قيمة أصغر لضعفت جاذبيتها ولما استطاعت أن تمسك الغلاف الجوي المحيط بها ، ولو كان ذا قيمة أكبر لقامت بمسك الغازات السامة أيضاً ولتسمم غلافها الجوي وبالتالي تنعدم الحياة على سطحها.

وهناك عامل آخر يضاف إلى عامل الكتلة من جملة العوامل المتلائمة وهو عامل البناء الداخلي للأرض، فالطبقات المكونة لكوكب الأرض تكسبه مجالاً مغناطيسياً يعلب دوراً رئيسياً للحفاظ على حياتنا . ويعلق بريس وسيفر على هذا الأمر بالقول:
إن نواة الأرض تعتبر مولد للحرارة يستمد قوته عبر الإشعاعات النووية ، وتتميز هذه النواة بتوازن حساس جداً .. ولو كان هذا المولد يعمل بشكل أبطأ لما استطاعت القارات أن تتخذ شكلها الحالي ... وكذلك لما انصهر الحديد وبالتالي لا يسيل نحو المركز ومن ثم لما تكون المجال المغناطيسي المعروف للأرض .. ولو كان هذا المولد يعمل بسرعة أكبر مما هو عليه كافتراض لوجود وقود إشعاعي أكثر للأرض لتكونت السحب البركانية ملبدة السماء وحاجبة ضوء الشمس مؤدية بذلك إلى زيادة كثافة الغلاف الجوي مع زيادة ملحوظة في الانفجاريات البركانية والزلازل الأرضية.

والمجال المغناطيسي الذي يتحدث عنه العالمان مهم جداً بالنسبة إلى حياة البشرية ، وهذا المجال ناشيء من مكونات الأرض كما ذكرنا ، فمركز الأرض يحتوي على عناصر ذات صفات مغناطيسية كالحديد والنيكل ، ويتميز مركز الأرض بأنه يتألف من جزأين:
خارجي ويكون سائل وآخر داخلي ويكون صلباً ، وهذان الجزءان يدوران حول بعضهما البعض وينتج من هذا الدوران نوع من الحثّ المغناطيسي على المعادن الثقيلة وبالتالي ينشأ مجال مغناطيسي ، ويمتد تأثير هذا المجال المغناطيسي حتى خارج الغلاف الجوي للأرض ويشكل حزاماً واقياً لهذا الكوكب يقيه من الأخطار القادمة من الفضاء الخارجي ، ومن جملة هذه الأخطار الإشعاعات الكونية القادمة من النجوم والتي تعتبر مميتة طبعأً ولا تستطيع ان تخترق هذا الحزام الواقي ، ويمتد هذا الحزام حتى عشرات الآلآف من الكيلومترات في الفضاء الخارجي على شكل أحزمة مغناطيسية تدعى أحزمة فان آلين والتي تقي الأرض من الإشعاعات المميتة.

هناك أنواع من السحب الكونية تدعى بالسحب البلازمية وهي تجوب الكون وتقدر الطاقة التي تحملها بما يعادل 100 مليار ضعف للطاقة التي تولدها قنبلة ذرية كالتي ألقيت على هيروشيما وتستهدف الأرض أيضاً الأشعة الكونية الشديدة جداً بين الحين والأخر ، إلا أن هذه الأخطار لا تستطيع اختراق المجال المغناطيسي للأرض إلا بمقدار واحد فقط . وهذا الجزء الضئيل كهربائية تقدر بمليار أمبير وهذا الرقم يعادل تقريباًَ مجموع الطاقة الكهربائية التي ولدها الإنسان عبر التاريخ ولم يكن هذا الحزام المغناطيسي الواقي موجودا لكانت الأرض عرضة للإشعاعات الكونية وربما لم تكن هناك إمكانية كي تنشأ الحياة على هذا الكوكب أصلاً ، ولكن كما يقول العالمان بريس وسيفر إن مركز الأرض هو تماماً حسب ما يجب أن يكون بالضبط. وهذا هو ما حفظ الأرض وصانها ...والله تعالى أعلم



المرجع:
كتاب سلسلة المعجزات تأليف هارون يحيى

أبوعدولي
08 -08- 2011, 11:19 PM
إبن الطوال
مثابره
حياكم الله .. وشهركم مبارك

نسايم ليل
09 -08- 2011, 12:34 AM
http://www.youtube.com/watch?v=j_oaYUbEea4

نسايم ليل
09 -08- 2011, 12:36 AM
- تفسيرسورة المؤمن / غافر عدد آياتها 85 ( آية 1-22 (http://www.imadislam.com/tafsir/040_01.htm) )
وهي مكية


{ 1 - 3 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ }
يخبر تعالى عن كتابه العظيم وبأنه صادر ومنزل من الله، المألوه المعبود، لكماله وانفراده بأفعاله، { الْعَزِيزِ } الذي قهر بعزته كل مخلوق { الْعَلِيمِ } بكل شيء.
{ غَافِرِ الذَّنْبِ } للمذنبين { وَقَابِلِ التَّوْبِ } من التائبين، { شَدِيدِ الْعِقَابِ } على من تجرأ على الذنوب ولم يتب منها، { ذِي الطَّوْلِ } أي: التفضل والإحسان الشامل.
فلما قرر ما قرر من كماله وكان ذلك موجبًا لأن يكون وحده، المألوه الذي تخلص له الأعمال قال: { لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ }
ووجه المناسبة بذكر نزول القرآن من الله الموصوف بهذه الأوصاف أن هذه الأوصاف مستلزمة لجميع ما يشتمل عليه القرآن، من المعاني.
فإن القرآن: إما إخبار عن أسماء الله، وصفاته، وأفعاله، وهذه أسماء، وأوصاف، وأفعال.
وإما إخبار عن الغيوب الماضية والمستقبلة، فهي من تعليم العليم لعباده.
وإما إخبار عن نعمه العظيمة، وآلائه الجسيمة، وما يوصل إلى ذلك، من الأوامر، فذلك يدل عليه قوله: { ذِي الطَّوْلِ }
وإما إخبار عن نقمه الشديدة، وعما يوجبها ويقتضيها من المعاصي، فذلك يدل عليه قوله: { شَدِيدِ الْعِقَابِ }
وإما دعوة للمذنبين إلى التوبة والإنابة، والاستغفار، فذلك يدل عليه قوله: { غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ }
وإما إخبار بأنه وحده المألوه المعبود، وإقامة الأدلة العقلية والنقلية على ذلك، والحث عليه، والنهي عن عبادة ما سوى الله، وإقامة الأدلة العقلية والنقلية على فسادها والترهيب منها، فذلك يدل عليه قوله تعالى: { لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ }
وإما إخبار عن حكمه الجزائي العدل، وثواب المحسنين، وعقاب العاصين، فهذا يدل عليه قوله: { إِلَيْهِ الْمَصِيرُ }
فهذا جميع ما يشتمل عليه القرآن من المطالب العاليات.

{ 4 - 6 } { مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ * كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ * وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ }
يخبر تبارك وتعالى أنه ما يجادل في آياته إلا الذين كفروا والمراد بالمجادلة هنا، المجادلة لرد آيات الله ومقابلتها بالباطل، فهذا من صنيع الكفار، وأما المؤمنون فيخضعون لله تعالى الذي يلقي الحق ليدحض به الباطل، ولا ينبغي للإنسان أن يغتر بحالة الإنسان الدنيوية، ويظن أن إعطاء الله إياه في الدنيا دليل على محبته له وأنه على الحق ولهذا قال: { فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ } أي: ترددهم فيها بأنواع التجارات والمكاسب، بل الواجب على العبد، أن يعتبر الناس بالحق، وينظر إلى الحقائق الشرعية ويزن بها الناس، ولا يزن الحق بالناس، كما عليه من لا علم ولا عقل له.
ثم هدد من جادل بآيات الله ليبطلها، كما فعل من قبله من الأمم من قوم نوح وعاد والأحزاب من بعدهم، الذين تحزبوا وتجمعوا على الحق ليبطلوه، وعلى الباطل لينصروه، { و } أنه بلغت بهم الحال، وآل بهم التحزب إلى أنه { هَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ } من الأمم { بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ } أي: يقتلوه. وهذا أبلغ ما يكون الرسل الذين هم قادة أهل الخير الذين معهم الحق الصرف الذي لا شك فيه ولا اشتباه، هموا بقتلهم، فهل بعد هذا البغي والضلال والشقاء إلا العذاب العظيم الذي لا يخرجون منه؟ ولهذا قال في عقوبتهم الدنيوية والأخروية: { فَأَخَذْتُهُمْ } أي: بسبب تكذيبهم وتحزبهم { فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ } كان أشد العقاب وأفظعه، ما هو إلا صيحة أو حاصب ينزل عليهم أو يأمر الأرض أن تأخذهم، أو البحر أن يغرقهم فإذا هم خامدون.
{ وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا } أي: كما حقت على أولئك، حقت عليهم كلمة الضلال التي نشأت عنها كلمة العذاب، ولهذا قال: { أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ }

نسايم ليل
09 -08- 2011, 12:36 AM
{ 7 - 9 } { الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } يخبر تعالى عن كمال لطفه تعالى بعباده المؤمنين، وما قيض لأسباب سعادتهم من الأسباب الخارجة عن قدرهم، من استغفار الملائكة المقربين لهم، ودعائهم لهم بما فيه صلاح دينهم وآخرتهم، وفي ضمن ذلك الإخبار عن شرف حملة العرش ومن حوله، وقربهم من ربهم، وكثرة عبادتهم ونصحهم لعباد الله، لعلمهم أن الله يحب ذلك منهم فقال: { الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ } أي: عرش الرحمن، الذي هو سقف المخلوقات وأعظمها وأوسعها وأحسنها، وأقربها من الله تعالى، الذي وسع الأرض والسماوات والكرسي، وهؤلاء الملائكة، قد وكلهم الله تعالى بحمل عرشه العظيم، فلا شك أنهم من أكبر الملائكة وأعظمهم وأقواهم، واختيار الله لهم لحمل عرشه، وتقديمهم في الذكر، وقربهم منه، يدل على أنهم أفضل أجناس الملائكة عليهم السلام، قال تعالى: { وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ }
{ وَمَنْ حَوْلَهُ } من الملائكة المقربين في المنزلة والفضيلة { يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } هذا مدح لهم بكثرة عبادتهم للّه تعالى، وخصوصًا التسبيح والتحميد، وسائر العبادات تدخل في تسبيح الله وتحميده، لأنها تنزيه له عن كون العبد يصرفها لغيره، وحمد له تعالى، بل الحمد هو العبادة للّه تعالى، وأما قول العبد: "سبحان الله وبحمده" فهو داخل في ذلك وهو من جملة العبادات.
{ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا } وهذا من جملة فوائد الإيمان وفضائله الكثيرة جدًا، أن الملائكة الذين لا ذنوب عليهم يستغفرون لأهل الإيمان، فالمؤمن بإيمانه تسبب لهذا الفضل العظيم.
ثم ولما كانت المغفرة لها لوازم لا تتم إلا بها -غير ما يتبادر إلى كثير من الأذهان، أن سؤالها وطلبها غايته مجرد مغفرة الذنوب- ذكر تعالى صفة دعائهم لهم بالمغفرة، بذكر ما لا تتم إلا به، فقال: { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا } فعلمك قد أحاط بكل شيء، لا يخفى عليك خافية، ولا يعزب عن علمك مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، ورحمتك وسعت كل شيء، فالكون علويه وسفليه قد امتلأ برحمة الله تعالى ووسعتهم، ووصل إلى ما وصل إليه خلقه.
{ فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا } من الشرك والمعاصي { وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ } باتباع رسلك، بتوحيدك وطاعتك. { وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ } أي: قهم العذاب نفسه، وقهم أسباب العذاب.
{ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ } على ألسنة رسلك { وَمَنْ صَلَحَ } أي: صلح بالإيمان والعمل الصالح { مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ } زوجاتهم وأزواجهن وأصحابهم ورفقائهم { وَذُرِّيَّاتِهِمْ } { إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ } القاهر لكل شيء، فبعزتك تغفر ذنوبهم، وتكشف عنهم المحذور، وتوصلهم بها إلى كل خير { الْحَكِيمُ } الذي يضع الأشياء مواضعها، فلا نسألك يا ربنا أمرا تقتضي حكمتك خلافه، بل من حكمتك التي أخبرت بها على ألسنة رسلك، واقتضاها فضلك، المغفرة للمؤمنين.
{ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ } أي: الأعمال السيئة وجزاءها، لأنها تسوء صاحبها. { وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ } أي: يوم القيامة { فَقَدْ رَحِمْتَهُ } لأن رحمتك لم تزل مستمرة على العباد، لا يمنعها إلا ذنوب العباد وسيئاتهم، فمن وقيته السيئات وفقته للحسنات وجزائها الحسن. { وَذَلِكَ } أي: زوال المحذور بوقاية السيئات، وحصول المحبوب بحصول الرحمة، { هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } الذي لا فوز مثله، ولا يتنافس المتنافسون بأحسن منه.
وقد تضمن هذا الدعاء من الملائكة كمال معرفتهم بربهم، والتوسل إلى الله بأسمائه الحسنى، التي يحب من عباده التوسل بها إليه، والدعاء بما يناسب ما دعوا الله فيه، فلما كان دعاؤهم بحصول الرحمة، وإزالة أثر ما اقتضته النفوس البشرية التي علم الله نقصها واقتضاءها لما اقتضته من المعاصي، ونحو ذلك من المبادئ والأسباب التي قد أحاط الله بها علمًا توسلوا بالرحيم العليم.
وتضمن كمال أدبهم مع الله تعالى بإقرارهم بربوبيته لهم الربوبية العامة والخاصة، وأنه ليس لهم من الأمر شيء وإنما دعاؤهم لربهم صدر من فقير بالذات من جميع الوجوه، لا يُدْلِي على ربه بحالة من الأحوال، إن هو إلا فضل الله وكرمه وإحسانه.

نسايم ليل
09 -08- 2011, 12:37 AM
وتضمن موافقتهم لربهم تمام الموافقة، بمحبة ما يحبه من الأعمال التي هي العبادات التي قاموا بها، واجتهدوا اجتهاد المحبين، ومن العمال الذين هم المؤمنون الذين يحبهم الله تعالى من بين خلقه، فسائر الخلق المكلفين يبغضهم الله إلا المؤمنين منهم، فمن محبة الملائكة لهم دعوا الله، واجتهدوا في صلاح أحوالهم، لأن الدعاء للشخص من أدل الدلائل على محبته، لأنه لا يدعو إلا لمن يحبه.
وتضمن ما شرحه الله وفصله من دعائهم بعد قوله: { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا } التنبيه اللطيف على كيفية تدبر كتابه، وأن لا يكون المتدبر مقتصرًا على مجرد معنى اللفظ بمفرده، بل ينبغي له أن يتدبر معنى اللفظ، فإذا فهمه فهمًا صحيحًا على وجهه، نظر بعقله إلى ذلك الأمر والطرق الموصلة إليه وما لا يتم إلا به وما يتوقف عليه، وجزم بأن الله أراده، كما يجزم أنه أراد المعنى الخاص، الدال عليه اللفظ.
والذي يوجب له الجزم بأن الله أراده أمران:
أحدهما: معرفته وجزمه بأنه من توابع المعنى والمتوقف عليه.
والثاني: علمه بأن الله بكل شيء عليم، وأن الله أمر عباده بالتدبر والتفكر في كتابه.
وقد علم تعالى ما يلزم من تلك المعاني. وهو المخبر بأن كتابه هدى ونور وتبيان لكل شيء، وأنه أفصح الكلام وأجله إيضاحًا، فبذلك يحصل للعبد من العلم العظيم والخير الكثير، بحسب ما وفقه الله له وقد كان في تفسيرنا هذا، كثير من هذا من به الله علينا.
وقد يخفى في بعض الآيات مأخذه على غير المتأمل صحيح الفكرة، ونسأله تعالى أن يفتح علينا من خزائن رحمته ما يكون سببًا لصلاح أحوالنا وأحوال المسلمين، فليس لنا إلا التعلق بكرمه، والتوسل بإحسانه، الذي لا نزال نتقلب فيه في كل الآنات، وفي جميع اللحظات، ونسأله من فضله، أن يقينا شر أنفسنا المانع والمعوق لوصول رحمته، إنه الكريم الوهاب، الذي تفضل بالأسباب ومسبباتها.
وتضمن ذلك، أن المقارن من زوج وولد وصاحب، يسعد بقرينه، ويكون اتصاله به سببًا لخير يحصل له، خارج عن عمله وسبب عمله كما كانت الملائكة تدعو للمؤمنين ولمن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم، وقد يقال: إنه لا بد من وجود صلاحهم لقوله: { وَمَنْ صَلَحَ } فحينئذ يكون ذلك من نتيجة عملهم والله أعلم.

{ 10 - 12 } { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ * قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ * ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ }
يخبر تعالى عن الفضيحة والخزي الذي يصيب الكافرين، وسؤالهم الرجعة، والخروج من النار، وامتناع ذلك عليهم وتوبيخهم، فقال: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا } أطلقه ليشمل أنواع الكفر كلها، من الكفر بالله، أو بكتبه، أو برسله، أو باليوم الآخر، حين يدخلون النار، ويقرون أنهم مستحقونها، لما فعلوه من الذنوب والأوزار، فيمقتون أنفسهم لذلك أشد المقت، ويغضبون عليها غاية الغضب، فينادون عند ذلك، ويقال لهم: { لَمَقْتُ اللَّهِ } أي: إياكم { إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ } أي: حين دعتكم الرسل وأتباعهم إلى الإيمان، وأقاموا لكم من البينات ما تبين به الحق، فكفرتم وزهدتم في الإيمان الذي خلقكم الله له، وخرجتم من رحمته الواسعة، فمقتكم وأبغضكم، فهذا { أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ } أي: فلم يزل هذا المقت مستمرًا عليكم، والسخط من الكريم حَالَّا بكم، حتى آلت بكم الحال إلى ما آلت، فاليوم حلَّ عليكم غضب الله وعقابه حين نال المؤمنون رضوان الله وثوابه.
فتمنوا الرجوع و { قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ } يريدون الموتة الأولى وما بين النفختين على ما قيل أو العدم المحض قبل إيجادهم، ثم أماتهم بعدما أوجدهم، { وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ } الحياة الدنيا والحياة الأخرى، { فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ } أي: تحسروا وقالوا ذلك، فلم يفد ولم ينجع، ووبخوا على عدم فعل أسباب النجاة، فقيل لهم: { ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ } أي: إذا دعي لتوحيده، وإخلاص العمل له، ونهي عن الشرك به { كَفَرْتُمْ } به واشمأزت لذلك قلوبكم ونفرتم غاية النفور.
{ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا } أي: هذا الذي أنزلكم هذ المنزل وبوأكم هذا المقيل والمحل، أنكم تكفرون بالإيمان، وتؤمنون بالكفر، ترضون بما هو شر وفساد في الدنيا والآخرة، وتكرهون ما هو خير وصلاح في الدنيا والآخرة.
تؤثرون سبب الشقاوة والذل والغضب وتزهدون بما هو سبب الفوز والفلاح والظفر { وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا }
{ فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ } العلي: الذي له العلو المطلق من جميع الوجوه، علو الذات، وعلو القدر، وعلو القهر ومن علو قدره، كمال عدله تعالى، وأنه يضع الأشياء مواضعها، ولا يساوي بين المتقين والفجار.
{ الْكَبِيرُ } الذي له الكبرياء والعظمة والمجد، في أسمائه وصفاته وأفعاله المتنزه عن كل آفة وعيب ونقص، فإذا كان الحكم له تعالى، وقد حكم عليكم بالخلود الدائم، فحكمه لا يغير ولا يبدل.

{ 13 - 17 } { هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ * فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ * يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ * الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ }
يذكر تعالى نعمه العظيمة على عباده، بتبيين الحق من الباطل، بما يُرِي عباده من آياته النفسية والآفاقية والقرآنية، الدالة على كل مطلوب مقصود، الموضحة للهدى من الضلال، بحيث لا يبقى عند الناظر فيها والمتأمل لها أدنى شك في معرفة الحقائق، وهذا من أكبر نعمه على عباده، حيث لم يُبْقِ الحق مشتبهًا ولا الصواب ملتبسًا، بل نوَّع الدلالات ووضح الآيات، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة وكلما كانت المسائل أجل وأكبر، كانت الدلائل عليها أكثر وأيسر، فانظر إلى التوحيد لما كانت مسألته من أكبر المسائل، بل أكبرها، كثرت الأدلة عليها العقلية والنقلية وتنوعت، وضرب الله لها الأمثال وأكثر لها من الاستدلال، ولهذا ذكرها في هذا الموضع، ونبه على جملة من أدلتها فقال: { فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ }
ولما ذكر أنه يُرِي عباده آياته، نبه على آية عظيمة فقال: { وينزل لكم من السماء رزقا } أي: مطرًا به ترزقون وتعيشون أنتم وبهائمكم، وذلك يدل على أن النعم كلها منه، فمنه نعم الدين، وهي المسائل الدينية والأدلة عليها، وما يتبع ذلك من العمل بها. والنعم الدنيوية كلها، كالنعم الناشئة عن الغيث، الذي تحيا به البلاد والعباد. وهذا يدل دلالة قاطعة أنه وحده هو المعبود، الذي يتعين إخلاص الدين له، كما أنه -وحده- المنعم.
{ وَمَا يَتَذَكَّرُ } بالآيات حين يذكر بها { إِلَّا مَنْ يُنِيبُ } إلى الله تعالى، بالإقبال على محبته وخشيته وطاعته والتضرع إليه، فهذا الذي ينتفع بالآيات، وتصير رحمة في حقه، ويزداد بها بصيرة.
ولما كانت الآيات تثمر التذكر، والتذكر يوجب الإخلاص للّه، رتب الأمر على ذلك بالفاء الدالة على السببية فقال: { فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } وهذا شامل لدعاء العبادة ودعاء المسألة، والإخلاص معناه: تخليص القصد للّه تعالى في جميع العبادات الواجبه والمستحبة، حقوق الله وحقوق عباده. أي: أخلصوا للّه تعالى في كل ما تدينونه به وتتقربون به إليه.
{ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } لذلك، فلا تبالوا بهم، ولا يثنكم ذلك عن دينكم، ولا تأخذكم بالله لومة لائم، فإن الكافرين يكرهون الإخلاص لله وحده غاية الكراهة، كما قال تعالى: { وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ }

نسايم ليل
09 -08- 2011, 12:37 AM
ثم ذكر من جلاله وكماله ما يقتضي إخلاص العبادة له فقال: { رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ } أي: العلي الأعلى، الذي استوى على العرش واختص به، وارتفعت درجاته ارتفاعًا باين به مخلوقاته، وارتفع به قدره، وجلت أوصافه، وتعالت ذاته، أن يتقرب إليه إلا بالعمل الزكي الطاهر المطهر، وهو الإخلاص، الذي يرفع درجات أصحابه ويقربهم إليه ويجعلهم فوق خلقه، ثم ذكر نعمته على عباده بالرسالة والوحي، فقال: { يُلْقِي الرُّوحَ } أي: الوحي الذي للأرواح والقلوب بمنزلة الأرواح للأجساد، فكما أن الجسد بدون الروح لا يحيا ولا يعيش، فالروح والقلب بدون روح الوحي لا يصلح ولا يفلح، فهو تعالى { يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ } الذي فيه نفع العباد ومصلحتهم.
{ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ } وهم الرسل الذين فضلهم الله واختصهم الله لوحيه ودعوة عباده.
والفائدة في إرسال الرسل، هو تحصيل سعادة العباد في دينهم ودنياهم وآخرتهم، وإزالة الشقاوة عنهم في دينهم ودنياهم وآخرتهم، ولهذا قال: { لِيُنْذِرَ } من ألقى الله إليه الوحي { يَوْمَ التَّلَاقِ } أي: يخوف العباد بذلك، ويحثهم على الاستعداد له بالأسباب المنجية مما يكون فيه.
وسماه { يوم التلاق } لأنه يلتقي فيه الخالق والمخلوق والمخلوقون بعضهم مع بعض، والعاملون وأعمالهم وجزاؤهم.
{ يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ } أي: ظاهرون على الأرض، قد اجتمعوا في صعيد واحد لا عوج ولا أمت فيه، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر.
{ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ } لا من ذواتهم ولا من أعمالهم، ولا من جزاء تلك الأعمال.
{ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ } أي: من هو المالك لذلك اليوم العظيم الجامع للأولين والآخرين، أهل السماوات وأهل الأرض، الذي انقطعت فيه الشركة في الملك، وتقطعت الأسباب، ولم يبق إلا الأعمال الصالحة أو السيئة؟ الملك { لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } أي: المنفرد في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، فلا شريك له في شيء منها بوجه من الوجوه. { الْقَهَّارِ } لجميع المخلوقات، الذي دانت له المخلوقات وذلت وخضعت، خصوصًا في ذلك اليوم الذي عنت فيه الوجوه للحي القيوم، يومئذ لا تَكَلَّمُ نفس إلا بإذنه.
{ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } في الدنيا، من خير وشر، قليل وكثير. { لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ } على أحد، بزيادة في سيئاته، أو نقص من حسناته. { إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ } أي: لا تستبطئوا ذلك اليوم فإنه آت، وكل آت قريب. وهو أيضا سريع المحاسبة لعباده يوم القيامة، لإحاطة علمه وكمال قدرته.

{ 18 - 20 } { وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ * يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ * وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }
يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: { وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ } أي: يوم القيامة التي قد أزفت وقربت، وآن الوصول إلى أهوالها وقلاقلها وزلازلها، { إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ } أي: قد ارتفعت وبقيت أفئدتهم هواء، ووصلت القلوب من الروع والكرب إلى الحناجر، شاخصة أبصارهم. { كَاظِمِينَ } لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا وكاظمين على ما في قلوبهم من الروع الشديد والمزعجات الهائلة.
{ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ } أي: قريب ولا صاحب، { وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ } لأن الشفعاء لا يشفعون في الظالم نفسه بالشرك، ولو قدرت شفاعتهم، فالله تعالى لا يرضى شفاعتهم، فلا يقبلها.
{ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ } وهو النظر الذي يخفيه العبد من جليسه ومقارنه، وهو نظر المسارقة، { وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ } مما لم يبينه العبد لغيره، فالله تعالى يعلم ذلك الخفي، فغيره من الأمور الظاهرة من باب أولى وأحرى.
{ وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ } لأن قوله حق، وحكمه الشرعي حق، وحكمه الجزائي حق وهو المحيط علمًا وكتابة وحفظا بجميع الأشياء، وهو المنزه عن الظلم والنقص وسائر العيوب، وهو الذي يقضي قضاءه القدري، الذي إذا شاء شيئًا كان وما لم يشأ لم يكن، وهو الذي يقضي بين عباده المؤمنين والكافرين في الدنيا، ويفصل بينهم بفتح ينصر به أولياءه وأحبابه.
{ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ } وهذا شامل لكل ما عبد من دون الله { لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ } لعجزهم وعدم إرادتهم للخير واستطاعتهم لفعله. { إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ } لجميع الأصوات، باختلاف اللغات، على تفنن الحاجات. { الْبَصِيرُ } بما كان وما يكون، وما نبصر وما لا نبصر، وما يعلم العباد وما لا يعلمون.
قال في أول هاتين الآيتين { وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ } ثم وصفها بهذه الأوصاف المقتضية للاستعداد لذلك اليوم العظيم، لاشتمالها على الترغيب والترهيب.

{ 21 - 22 } { أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ }
يقول تعالى: { أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ } أي: بقلوبهم وأبدانهم سير نظر واعتبار، وتفكر في الآثار، { فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ } من المكذبين، فسيجدونها شر العواقب، عاقبة الهلاك والدمار والخزي والفضيحة، وقد كانوا أشد قوة من هؤلاء في الْعَدَد والْعُدَد وكبر الأجسام. { و } أشد { آثارا في الأرض } من البناء والغرس، وقوة الآثار تدل على قوة المؤثر فيها وعلى تمنعه بها. { فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ } بعقوبته بذنوبهم حين أصروا واستمروا عليها.
{ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ } فلم تغن قوتهم عند قوة اللّه شيئًا، بل من أعظم الأمم قوة، قوم عاد الذين قالوا: { مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } أرسل اللّه إليهم ريحا أضعفت قواهم، ودمرتهم كل تدمير.

نسايم ليل
09 -08- 2011, 12:38 AM
23 - 46 } { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ } إلى آخر القصة. أي: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا } إلى جنس هؤلاء المكذبين { مُوسَى } ابن عمران، { بِآيَاتِنَا } العظيمة، الدالة دلالة قطعية، على حقية ما أرسل به، وبطلان ما عليه من أرسل إليهم من الشرك وما يتبعه. { وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ } أي: حجة بينة، تتسلط على القلوب فتذعن لها، كالحية والعصا ونحوهما من الآيات البينات، التي أيد الله بها موسى، ومكنه مما دعا إليه من الحق.
والمبعوث إليهم { فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ } وزيره { وَقَارُونَ } الذي كان من قوم موسى، فبغى عليهم بماله، وكلهم ردوا عليه أشد الرد { فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ }
{ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا } وأيده الله بالمعجزات الباهرة، الموجبة لتمام الإذعان، لم يقابلوها بذلك، ولم يكفهم مجرد الترك والإعراض، بل ولا إنكارها ومعارضتها بباطلهم، بل وصلت بهم الحال الشنيعة إلى أن { قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ } حيث كادوا هذه المكيدة، وزعموا أنهم إذا قتلوا أبناءهم، لم يقووا، وبقوا في رقهم وتحت عبوديتهم.
فما كيدهم إلا في ضلال، حيث لم يتم لهم ما قصدوا، بل أصابهم ضد ما قصدوا، أهلكهم الله وأبادهم عن آخرهم.
وتدبر هذه النكتة التي يكثر مرورها بكتاب الله تعالى: إذا كان السياق في قصة معينة أو على شيء معين، وأراد الله أن يحكم على ذلك المعين بحكم، لا يختص به ذكر الحكم، وعلقه على الوصف العام ليكون أعم، وتندرج فيه الصورة التي سيق الكلام لأجلها، وليندفع الإيهام باختصاص الحكم بذلك المعين.
فلهذا لم يقل { وما كيدهم إلا في ضلال } بل قال: { وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ }
{ وقَالَ فِرْعَوْنُ } متكبرًا متجبرًا مغررًا لقومه السفهاء: { ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ } أي: زعم -قبحه الله- أنه لولا مراعاة خواطر قومه لقتله، وأنه لا يمنعه من دعاء ربه، ثم ذكر الحامل له على إرادة قتله، وأنه نصح لقومه، وإزالة للشر في الأرض فقال: { إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ } الذي أنتم عليه { أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ } وهذا من أعجب ما يكون، أن يكون شر الخلق ينصح الناس عن اتباع خير الخلق هذا من التمويه والترويج الذي لا يدخل إلا عقل من قال الله فيهم: { فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ }
{ وَقَالَ مُوسَى } حين قال فرعون تلك المقالة الشنيعة التي أوجبها له طغيانه، واستعان فيها بقوته واقتداره، مستعينًا بربه: { إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ } أي: امتنعت بربوبيته التي دبر بها جميع الأمور { مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ } أي: يحمله تكبره وعدم إيمانه بيوم الحساب على الشر والفساد، يدخل فيه فرعون وغيره، كما تقدم قريبًا في القاعدة، فمنعه الله تعالى بلطفه من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب، وقيض له من الأسباب ما اندفع به عنه شر فرعون وملئه.
ومن جملة الأسباب، هذا الرجل المؤمن، الذي من آل فرعون، من بيت المملكة، لا بد أن يكون له كلمة مسموعة، وخصوصًا إذا كان يظهر موافقتهم ويكتم إيمانه، فإنهم يراعونه في الغالب ما لا يراعونه لو خالفهم في الظاهر، كما منع الله رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم بعمه أبي طالب من قريش، حيث كان أبو طالب كبيرًا عندهم، موافقًا لهم على دينهم، ولو كان مسلمًا لم يحصل منه ذلك المنع.
فقال ذلك الرجل المؤمن الموفق العاقل الحازم، مقبحًا فعل قومه، وشناعة ما عزموا عليه: { أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ } أي: كيف تستحلون قتله، وهذا ذنبه وجرمه، أنه يقول ربي الله، ولم يكن أيضا قولاً مجردًا عن البينات، ولهذا قال: { وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ } لأن بينته اشتهرت عندهم اشتهارًا علم به الصغير والكبير، أي: فهذا لا يوجب قتله.
فهلا أبطلتم قبل ذلك ما جاء به من الحق، وقابلتم البرهان ببرهان يرده، ثم بعد ذلك نظرتم: هل يحل قتله إذا ظهرتم عليه بالحجة أم لا؟ فأما وقد ظهرت حجته، واستعلى برهانه، فبينكم وبين حل قتله مفاوز تنقطع بها أعناق المطي.
ثم قال لهم مقالة عقلية تقنع كل عاقل، بأي حالة قدرت، فقال: { وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ }
أي: موسى بين أمرين، إما كاذب في دعواه أو صادق فيها، فإن كان كاذبًا فكذبه عليه، وضرره مختص به، وليس عليكم في ذلك ضرر حيث امتنعتم من إجابته وتصديقه، وإن كان صادقًا وقد جاءكم بالبينات، وأخبركم أنكم إن لم تجيبوه عذبكم الله عذابًا في الدنيا وعذابًا في الآخرة، فإنه لا بد أن يصيبكم بعض الذي يعدكم، وهو عذاب الدنيا.
وهذا من حسن عقله، ولطف دفعه عن موسى، حيث أتى بهذا الجواب الذي لا تشويش فيه عليهم، وجعل الأمر دائرًا بين تينك الحالتين، وعلى كل تقدير فقتله سفه وجهل منكم.
ثم انتقل رضي الله عنه وأرضاه وغفر له ورحمه - إلى أمر أعلى من ذلك، وبيان قرب موسى من الحق فقال: { إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ } أي: متجاوز الحد بترك الحق والإقبال على الباطل. { كَذَّابٌ } بنسبته ما أسرف فيه إلى الله، فهذا لا يهديه الله إلى طريق الصواب، لا في مدلوله ولا في دليله، ولا يوفق للصراط المستقيم، أي: وقد رأيتم ما دعا موسى إليه من الحق، وما هداه الله إلى بيانه من البراهين العقلية والخوارق السماوية، فالذي اهتدى هذا الهدى لا يمكن أن يكون مسرفًا ولا كاذبًا، وهذا دليل على كمال علمه وعقله ومعرفته بربه.
ثم حذر قومه ونصحهم، وخوفهم عذاب الآخرة، ونهاهم عن الاغترار بالملك الظاهر، فقال: { يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ } أي: في الدنيا { ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ } على رعيتكم، تنفذون فيهم ما شئتم من التدبير، فهبكم حصل لكم ذلك وتم، ولن يتم، { فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ } أي: عذابه { إِنْ جَاءَنَا } ؟ وهذا من حسن دعوته، حيث جعل الأمر مشتركًا بينه وبينهم بقوله: { فَمَنْ يَنْصُرُنَا } وقوله: { إِنْ جَاءَنَا } ليفهمهم أنه ينصح لهم كما ينصح لنفسه، ويرضى لهم ما يرضى لنفسه.
فـ { قَالَ فِرْعَوْنُ } معارضًا له في ذلك، ومغررًا لقومه أن يتبعوا موسى: { مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ } وصدق في قوله: { مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى } ولكن ما الذي رأى؟
رأى أن يستخف قومه فيتابعوه، ليقيم بهم رياسته، ولم ير الحق معه، بل رأى الحق مع موسى، وجحد به مستيقنًا له.
وكذب في قوله: { وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ } فإن هذا قلب للحق، فلو أمرهم باتباعه اتباعًا مجردًا على كفره وضلاله، لكان الشر أهون، ولكنه أمرهم باتباعه، وزعم أن في اتباعه اتباع الحق وفي اتباع الحق، اتباع الضلال.
{ وَقَالَ الَّذِي آمَنَ } مكررًا دعوة قومه غير آيس من هدايتهم، كما هي حالة الدعاة إلى الله تعالى، لا يزالون يدعون إلى ربهم، ولا يردهم عن ذلك راد، ولا يثنيهم عتو من دعوه عن تكرار الدعوة فقال لهم: { يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ } يعني الأمم المكذبين، الذين تحزبوا على أنبيائهم، واجتمعوا على معارضتهم، ثم بينهم فقال: { مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ } أي: مثل عادتهم في الكفر والتكذيب وعادة الله فيهم بالعقوبة العاجلة في الدنيا قبل الآخرة، { وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ } فيعذبهم بغير ذنب أذنبوه، ولا جرم أسلفوه.
ولما خوفهم العقوبات الدنيوية، خوفهم العقوبات الأخروية، فقال: { وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمِ التَّنَادِ } أي: يوم القيامة، حين ينادي أهل الجنة أهل النار: { أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا } إلى آخر الآيات.
{ وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ }
وحين ينادي أهل النار مالكًا { ليقض علينا ربك } فيقول: { إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ } وحين ينادون ربهم: { رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ } فيجيبهم: { اخْسؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ } وحين يقال للمشركين: { ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ }

نسايم ليل
09 -08- 2011, 12:38 AM
فخوفهم رضي الله عنه هذا اليوم المهول، وتوجع لهم أن أقاموا على شركهم بذلك، ولهذا قال: { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِين } أي: قد ذهب بكم إلى النار { مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ } لا من أنفسكم قوة تدفعون بها عذاب الله، ولا ينصركم من دونه من أحد { يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ }
{ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } لأن الهدى بيد الله تعالى، فإذا منع عبده الهدى لعلمه أنه غير لائق به، لخبثه، فلا سبيل إلى هدايته.
{ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ } بن يعقوب عليهما السلام { مِنْ قَبْلُ } إتيان موسى بالبينات الدالة على صدقه، وأمركم بعبادة ربكم وحده لا شريك له، { فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ } في حياته { حَتَّى إِذَا هَلَكَ } ازداد شككم وشرككم، و { قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا } أي: هذا ظنكم الباطل، وحسبانكم الذي لا يليق بالله تعالى، فإنه تعالى لا يترك خلقه سدى، لا يأمرهم وينهاهم، ويرسل إليهم رسله، وظن أن الله لا يرسل رسولا ظن ضلال، ولهذا قال: { كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ } وهذا هو وصفهم الحقيقي الذي وصفوا به موسى ظلمًا وعلوا، فهم المسرفون بتجاوزهم الحق وعدولهم عنه إلى الضلال، وهم الكذبة، حيث نسبوا ذلك إلى الله، وكذبوا رسوله.
فالذي وصفه السرف والكذب، لا ينفك عنهما، لا يهديه الله، ولا يوفقه للخير، لأنه رد الحق بعد أن وصل إليه وعرفه، فجزاؤه أن يعاقبه الله، بأن يمنعه الهدى، كما قال تعالى: { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ } { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } { وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }
ثم ذكر وصف المسرف الكذاب فقال: { الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ } التي بينت الحق من الباطل، وصارت -من ظهورها- بمنزلة الشمس للبصر، فهم يجادلون فيها على وضوحها، ليدفعوها ويبطلوها { بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ } أي: بغير حجة وبرهان، وهذا وصف لازم لكل من جادل في آيات الله، فإنه من المحال أن يجادل بسلطان، لأن الحق لا يعارضه معارض، فلا يمكن أن يعارض بدليل شرعي أو عقلي أصلا، { كَبُرَ } ذلك القول المتضمن لرد الحق بالباطل { مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا } فالله أشد بغضًا لصاحبه، لأنه تضمن التكذيب بالحق والتصديق بالباطل ونسبته إليه، وهذه أمور يشتد بغض الله لها ولمن اتصف بها، وكذلك عباده المؤمنون يمقتون على ذلك أشد المقت موافقة لربهم، وهؤلاء خواص خلق الله تعالى، فمقتهم دليل على شناعة من مقتوه، { كَذَلِكَ } أي: كما طبع على قلوب آل فرعون{ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ } متكبر في نفسه على الحق برده وعلى الخلق باحتقارهم، جبار بكثرة ظلمه وعدوانه.
{ وَقَالَ فِرْعَوْنُ } معارضًا لموسى ومكذبًا له في دعوته إلى الإقرار برب العالمين، الذي على العرش استوى، وعلى الخلق اعتلى: { يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا } أي: بناء عظيمًا مرتفعًا، والقصد منه لعلي أطلع { إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبًا } في دعواه أن لنا ربًا، وأنه فوق السماوات.
ولكنه يريد أن يحتاط فرعون، ويختبر الأمر بنفسه، قال الله تعالى في بيان الذي حمله على هذا القول: { وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ } فزين له العمل السيئ، فلم يزل الشيطان يزينه، وهو يدعو إليه ويحسنه، حتى رآه حسنًا ودعا إليه وناظر مناظرة المحقين، وهو من أعظم المفسدين، { وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ } الحق، بسبب الباطل الذي زين له. { وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ } الذي أراد أن يكيد به الحق، ويوهم به الناس أنه محق، وأن موسى مبطل { إِلَّا فِي تَبَابٍ } أي: خسار وبوار، لا يفيده إلا الشقاء في الدنيا والآخرة.
{ وَقَالَ الَّذِي آمَنَ } معيدًا نصيحته لقومه: { يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ } لا كما يقول لكم فرعون، فإنه لا يهديكم إلا طريق الغي والفساد.
{ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ } يتمتع بها ويتنعم قليلاً، ثم تنقطع وتضمحل، فلا تغرنكم وتخدعنكم عما خلقتم له { وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ } التي هي محل الإقامة، ومنزل السكون والاستقرار، فينبغي لكم أن تؤثروها، وتعملوا لها عملا يسعدكم فيها.
{ مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً } من شرك أو فسوق أو عصيان { فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا } أي: لا يجازى إلا بما يسوؤه ويحزنه لأن جزاء السيئة السوء.
{ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى } من أعمال القلوب والجوارح، وأقوال اللسان { فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ } أي: يعطون أجرهم بلا حد ولا عد، بل يعطيهم الله ما لا تبلغه أعمالهم.
{ وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ } بما قلت لكم { وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ } بترك اتباع نبي الله موسى عليه السلام.
ثم فسر ذلك فقال: { تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ } أنه يستحق أن يعبد من دون الله، والقول على الله بلا علم من أكبر الذنوب وأقبحها، { وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ } الذي له القوة كلها، وغيره ليس بيده من الأمر شيء. { الْغَفَّارُ } الذي يسرف العباد على أنفسهم ويتجرؤون على مساخطه ثم إذا تابوا وأنابوا إليه، كفر عنهم السيئات والذنوب، ودفع موجباتها من العقوبات الدنيوية والأخروية.
{ لَا جَرَمَ } أي: حقًا يقينًا { أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ } أي: لا يستحق من الدعوة إليه، والحث على اللجأ إليه، في الدنيا ولا في الآخرة، لعجزه ونقصه، وأنه لا يملك نفعًا ولا ضرًا ولا موتًا ولا حياة، ولا نشورًا.
{ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ } تعالى فسيجازي كل عامل بعمله. { وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ } وهم الذين أسرفوا على أنفسهم بالتجرؤ على ربهم بمعاصيه والكفر به، دون غيرهم.
فلما نصحهم وحذرهم وأنذرهم ولم يطيعوه ولا وافقوه قال لهم:
{ فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ } من هذه النصيحة، وسترون مغبة عدم قبولها حين يحل بكم العقاب، وتحرمون جزيل الثواب.
{ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ } أي: ألجأ إليه وأعتصم، وألقي أموري كلها لديه، وأتوكل عليه في مصالحي ودفع الضرر الذي يصيبني منكم أو من غيركم. { إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ } يعلم أحوالهم وما يستحقون، يعلم حالي وضعفي فيمنعني منكم ويكفيني شركم، ويعلم أحوالكم فلا تتصرفون إلا بإرادته ومشيئته، فإن سلطكم علي،َّ فبحكمة منه تعالى، وعن إرادته ومشيئته صدر ذلك.
{ فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا } أي: وقى الله القويّ الرحيم، ذلك الرجل المؤمن الموفق، عقوبات ما مكر فرعون وآله له، من إرادة إهلاكه وإتلافه، لأنه بادأهم بما يكرهون، وأظهر لهم الموافقة التامة لموسى عليه السلام، ودعاهم إلى ما دعاهم إليه موسى، وهذا أمر لا يحتملونه وهم الذين لهم القدرة إذ ذاك، وقد أغضبهم واشتد حنقهم عليه، فأرادوا به كيدًا فحفظه الله من كيدهم ومكرهم وانقلب كيدهم ومكرهم، على أنفسهم، { وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ } أغرقهم الله تعالى في صبيحة واحدة عن آخرهم.
وفي البرزخ { النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} فهذه العقوبات الشنيعة، التي تحل بالمكذبين لرسل الله، المعاندين لأمره.

نسايم ليل
09 -08- 2011, 12:39 AM
{ 47 - 50 } { وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ * وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ * قَالُوا أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ }
يخبر تعالى عن تخاصم أهل النار، وعتاب بعضهم بعضًا واستغاثتهم بخزنة النار، وعدم الفائدة في ذلك فقال: { وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ } يحتج التابعون بإغواء المتبوعين، ويتبرأ المتبوعون من التابعين، { فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ } أي: الأتباع للقادة { لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا } على الحق، ودعوهم إلى ما استكبروا لأجله. { إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا } أنتم أغويتمونا وأضللتمونا وزينتم لنا الشرك والشر، { فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ } أي: ولو قليلاً.
{ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا } مبينين لعجزهم ونفوذ الحكم الإلهي في الجميع: { إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ } وجعل لكل قسطه من من العذاب، فلا يزاد في ذلك ولا ينقص منه، ولا يغير ما حكم به الحكيم.
{ وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ } من المستكبرين والضعفاء { لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ } لعله تحصل بعض الراحة.
فـ { قَالُوا } لهم موبخين ومبينين أن شفاعتهم لا تنفعهم، ودعاءهم لا يفيدهم شيئًا: { أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ } التي تبينتم بها الحق والصراط المستقيم، وما يقرب من الله وما يبعد منه؟
{ قَالُوا بَلَى } قد جاءونا بالبينات، وقامت علينا حجة الله البالغة فظلمنا وعاندنا الحق بعد ما تبين. { قَالُوا } أي: الخزنة لأهل النار، متبرئين من الدعاء لهم والشفاعة: { فَادْعُوا } أنتم ولكن هذا الدعاء هل يغني شيئا أم لا؟
قال تعالى: { وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ } أي: باطل لاغ، لأن الكفر محبط لجميع الأعمال صادّ لإجابة الدعاء.

أبوعدولي
09 -08- 2011, 01:47 AM
من معجزة القرآن التربوية والنفسية في سورة غافر
رسالة الإسلام جاءت متناسبة مع احتياجات النفس الإنسانية فكأنها مطلعة على كل زوايا هذه النفس وأبعادها ـ كيف لا ـ والله سبحانه قد خلقها ووضع لها قوانينها المناسبة لها في القرآن فهي الدواء الطبيعي للأمراض النفسية مهما بلغت من حدتها ومضاعفاتها ولا يمكن أن تتوفر حالة الاطمئنان بالشكل التام إلا بذكر الرحمن سبحانه، وهو القائل: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) :
(21) .

وعلى هذا الضوء نلاحظ أن الأسس التربوية في القرآن الكريم هي الوحيدة التي تكفل سعادة الإنسان والمجتمع لأن القرآن يدرك ما يجري في النفس الإنسانية من حالات مرضية أسبابها ومسبباتها ونتائجها فيبدأ بمعالجة الأسباب الرئيسية لهذه الأمراض فيقلع جذور الفساد من الأساس حيث قال سبحانه:

(يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) . [سورة غافر: الآية 19].

ضياء القمر
09 -08- 2011, 05:12 AM
بارك الله فيكم وجعله الله في ميزان حسناتكم.

أبوعدولي
10 -08- 2011, 01:19 AM
http://im9.gulfup.com/2011-08-10/1312928318801.gif

http://upload.arabia4serv.com/images/1t6phj9p6ejfnrdgfxg.gifhttp://upload.arabia4serv.com/images/1t6phj9p6ejfnrdgfxg.gif
سبب التسمية :
سُميت ‏بهذا ‏الاسم ‏لأن ‏الله ‏تعالى ‏فصّل ‏فيها ‏الآيات ‏‏، ‏ووضح ‏فيها ‏
الدلائل ‏على ‏قدرته ‏ووحدانيته ‏‏، ‏وأقام ‏البراهين ‏القاطعة ‏على ‏وجوده
‏وعظمته ‏‏،وخلقه ‏لهذا ‏الكون ‏البديع ‏الذى ‏ينطق ‏بجلال ‏الله ‏وعظيم ‏سلطانه ‏‏.
http://upload.arabia4serv.com/images/1t6phj9p6ejfnrdgfxg.gifhttp://upload.arabia4serv.com/images/1t6phj9p6ejfnrdgfxg.gif
التعريف بالسورة :
1) مكية .
2) من المثاني .
3) آياتها 54 .
4) ترتيبها الحادية والأربعون ،
5) نزلت بعد " غافر " ، السورة
6) بدأت بحروف مقطعة ، السورة من الحواميم بدأت " حم " ،
يوجد في السورة سجدة في الآية رقم 38 ، ذكر اسم الله
الرحمن الرحيم في الآية الاولى ،
7) الجزء "24" الحزب "49،48" الربع "6،7،8" .
http://upload.arabia4serv.com/images/1t6phj9p6ejfnrdgfxg.gifhttp://upload.arabia4serv.com/images/1t6phj9p6ejfnrdgfxg.gif
محور مواضيع السورة :
هذه السورة الكريمة مكية وهى تتناول جوانب العقيدة الإسلامية :
الوحدانية والرسالة والبعث والجزاء وهي الأهداف الأساسية لسائر
السور المكية التي تهتم بأركان الإيمان .
http://upload.arabia4serv.com/images/1t6phj9p6ejfnrdgfxg.gifhttp://upload.arabia4serv.com/images/1t6phj9p6ejfnrdgfxg.gif
سبب نزول السورة :
1) عن ابن مسعود في هذه الآية ( وَمَا كُنْتُم تَسْتَتِرُونَ أنْ يَشْهَدَ
عَلِيْكُم سَمْعُكُمْ ولاَ أَبْصَارُكُمْ ) الآية قال :كان رجلان من ثقيف
وختن لهما من قريش أو رجلان من قريش وختن لهما من ثقيف
في بيت فقال بعضهم : أترون الله يسمع نجوانا أو حديثنا ؟
فقال بعضهم : قد سمع بعضه ولم يسمع بعضه ، قالوا : لئن كان
يسمع بعضه لقد سمع كله ؛ فنزلت هذه الآية ( وَمَا كُنْتُم تَسْتَتِرُونَ
أنْ يَشْهَدَ عَلِيْكُم سَمْعُكُمْ ولاَ أَبْصَارُكُمْ ) الآية رواه البخاري عن
الحميدي ورواه مسلم عن أبي عمر كلاهما عن سفيان عن منصور .
2) قال عطاء عن ابن عباس نزلت هذه الآية في أبي بكروذلك أن
المشركين قالوا : ربنا الله والملائكة بناته وهؤلاء شفعاؤنا عند الله ،
فلم يستقيموا وقالت اليهود : ربنا الله وعزيز ابنه ومحمد ليس بنبي ،
فلم يستقيموا وقال ابو بكر :ربنا الله وحده لا شريك له ومحمد عبده
ورسوله واستقام
http://upload.arabia4serv.com/images/1t6phj9p6ejfnrdgfxg.gifhttp://upload.arabia4serv.com/images/1t6phj9p6ejfnrdgfxg.gif
نعتذرعن التأخير وأهلاً بكم

أبوعدولي
10 -08- 2011, 01:23 AM
نعتذر عن التأخير .. وتمنى تواجدكم في :
الحلقة التاسعة بين يدي سورة فصلت على الرابط التالي :
http://samtah.net/vb/showthread.php?p=1343859#post1343859

أبوعدولي
10 -08- 2011, 01:56 AM
تفسير سورة فصلت 1/5
{حم (1)}: الحروف المقطعة للتنبيه على إِعجاز القرآن الكريم
{تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2)}: تَنْزِيلٌ (هذا) الكتاب. يقول: هذا القرآن تنزيل من عند الرحمن الرحيم
{كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3)}: فُصِّلَتْ: بُيّنَتْ
{بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (4)}: فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ: استكبروا عن الإصغاء له, وهم مشركو قريش
{وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ}: فِي أَكِنَّةٍ: عليها أغطية كالجعبة للنُبل
{وَفِي آَذَانِنَا وَقْرٌ}: وَقْرٌ: ثقل وصَمم
{وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ}: حِجَابٌ: ستر, لا نجتمع من أجله نحن ولا أنت, وذلك الحجاب هو اختلافهم في الدين
{فَاعْمَلْ}: أنت يا محمد بدينك
{إِنَّنَا عَامِلُونَ (5)}: بديننا
{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ}: فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ: بالطاعة
{وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6)}: وَيْلٌ: واد في جهنم من صديد أهل النار
{الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (7)}: الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ: قيل: هي الزكاة بعينها. وقيل: الذين لا يشهدون أن لا إله إلا الله
{إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ}: لَهُمْ أَجْرٌ: ثواب يأجرهم به عن أعمالهم
{غَيْرُ مَمْنُونٍ (8)}: غير منقوص
{قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ}: فِي يَوْمَيْنِ: يوم الأحد ويوم الاثنين
{وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9)}: أَنْدَادًا: أمثالاً من مخلوقاته تعبدونها
{وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ}: رَوَاسِيَ: جبالاً ثوابت
{مِنْ فَوْقِهَا}: من فوق الأرض, على ظهرها
{وَبَارَكَ فِيهَا}: بارك في الأرض فجعلها دائمة الخير لأهلها
{وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا}: أَقْوَاتَهَا: يعني أرزاق أهلها وما يصلح لمعايشهم
{فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ}: فرغ من خلق الأرض, وجميع منافعها وأسبابها في أربعة أيام, منها اليومان اللذان خلق فيهما الأرض
{سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10)}: سَوَاءً: استوت الأربعة استواءً أي: تمّتْ. (تأويله: سواء لمن سأل عن مبلغ الأجل الذي خلق الله فيه الأرض وجعل فيها الرواسي من فوقها, وجده كما أخبر الله أربعة أيام لا يزدن عن ذلك ولا ينقصن منه)
{ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ}: اسْتَوَى: ارتفع
{وَهِيَ دُخَانٌ}: مكونة مما يشبه الدخان
{فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا}: اِئْتِيَا: افْعلا ما أمرتكما به وجيئا به
{طَائِعِينَ (11)}: مستجيبين لأمرك
{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ}: فَقَضَاهُنَّ: فرغ من خلقهن
{فِي يَوْمَيْنِ}: يوم الخميس, ويوم الجمعة
{وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا}: خلق في كل سماء خَلْقها من الملائكة, والشمس, والقمر, والنجوم, وما لا يعلمه إلا هو
{وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ}: بِمَصَابِيحَ: بالكواكب
{وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12)}: وَحِفْظًا: كأنه قال: وحفظناها حفظاً من الآفات

أبوعدولي
10 -08- 2011, 01:57 AM
تفسير سورة فصلت 2/5
{فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (13)}: صَاعِقَةً: وقيعة من الله وعذاباً, ومعنى الـ "صاعقة": كل ما أفسد الشئ وغيّره عن هيئته
{إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ}: مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ: الرسل التي أتت آباء الذين هلكوا بالصاعقة من هاتين الأمتين
{وَمِنْ خَلْفِهِمْ}: من خلف الرسل الذين بُعِثوا إلى آبائهم, أي الرسل التي كانت قبل هود والرسل الذين كانوا بعده
{أَلا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (14) فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (15) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا}: رِيحًا صَرْصَرًا: شديدة السموم, أو البرد, أو الصوت
{فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ}: نَحِسَاتٍ: مشؤومات, أو ذوات غبار وتراب
{لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآَخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ (16)}: أَخْزَى: أشد إذلالاً وإهانة
{وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى}: فَهَدَيْنَاهُمْ: بيّنا لهم طريقي الضلالة والهُدى
{فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (17)}: الْهُونِ: المهين, المُذِل
{وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (18)}: وَكَانُوا يَتَّقُونَ: يخافون الله ووعيده
{وَيَوْمَ يُحْشَرُ}: يُحْشَرُ: يجمع
{أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19)}: فَهُمْ يُوزَعُونَ: لهم "وَزَعَة" ترد أولادهم على أخْرَاهم (وزعة جمع وازع, وهو الذي يجمعهم ويلمّهم)
{حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20)}: شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ: هذه تشهد على أهلها عند استشهاد الله إياها عليهم إذا هم أنكروا الأفعال التي كانوا فعلوها في الدنيا بما يسخط الله
{وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ}: وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ: قيل معناه: ما كنتم تستخفون, وقيل معناه: ما كنتم تظنون, وقيل: ما كنتم تتقون
{أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ}: أَنْ يَشْهَدَ: مخافة أن يشهد ..
{وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ}: ظَنَنْتُمْ: اعتقدتم عند استتاركم من الناس
{أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22)}: كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ: وهو ما عملتم خِفية
{وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ}: أَرْدَاكُمْ: أهلككم
{فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)}: الْخَاسِرِينَ: الهالكين
{فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ}: مَثْوًى لَهُمْ: محل ثواء وإقامة أبدية لهم
{وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا}: يطلبوا رضاء ربهم يومئذ
{فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (24)}: من المجابين لما طلبوا

أبوعدولي
10 -08- 2011, 01:59 AM
تفسير سورة فصلت 3/5
{وَقَيَّضْنَا لَهُمْ}: بعثنا لهم
{قُرَنَاءَ}: نُظراء من الشياطين
{فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ}: مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ: من أمر الدنيا حين آثروها على الآخرة
{وَمَا خَلْفَهُمْ}: التكذيب بالمعاد بعد مماتهم
{وَحَقَّ عَلَيْهِمُ}: وَجَبَ و ثَبَتَ عليهم
{الْقَوْلُ}: العذاب
{فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (25)}: خَاسِرِينَ: مغبونين, هالكين
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26)}: وَالْغَوْا فِيهِ: الغطوا بالباطل من القول إذا سمعتم قارئه, كيلا تسمعوه ولا تفهموا ما فيه
{فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (27) ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (28)}: دَارُ الْخُلْدِ: دار المكث واللبث
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا}: بعدما أُدخلوا إلى جهنم يوم القيامة
{رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنَ الْجِنِّ}: مِنَ الْجِنِّ: هو إبليس
{وَالإِنْسِ}: ابن آدم الذي قتل أخاه
{نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأَسْفَلِينَ (29)}: مِنَ الأَسْفَلِينَ: في الدرك الأسفل من النار, وهو أشدها
{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ}: وحدوه, وبرئوا من غيره
{ثُمَّ اسْتَقَامُوا}: على الحق اعتقاداً وعملاً وإخلاصاً
{تَتَنَزَّلُ}: تتهبط
{عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ}: من عند الله, عند نزول الموت بهم
{أَلا تَخَافُوا}: ما تقدمون عليه
{وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30)}: وَلا تَحْزَنُوا: على ما خلفتم من دنياكم
{نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ}: تقول الملائكة: نحن الذين كنّا نتولاكم
{فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ}: فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا: ذُكِر أنهم الحفظة
{وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31)}: مَا تَدَّعُونَ: ما تتمنونه وتطلبونه
{نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32)}: نُزُلاً: رزقاً أو ضيافةً وتكرمةً, أو منّاً
{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)}: إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ: ممن خضع لله بالطاعة, وذلّ له بالعبودية
{وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ}: حسنة الذين قالوا: " رَبُّنَا اللَّهُ "
{وَلا السَّيِّئَةُ}: سيئة الذين قالوا: " لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ "
{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}: بحلمك وعفوك جهْل من أساء إليك
{فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34)}: وَلِيٌّ حَمِيمٌ: صديق قريب يهتم لأمرك
{وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا}: وَمَا يُلَقَّاهَا: ما يُؤتى هذه الخصلة الشريفة
{وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)}: ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ: ذو نصيب وجدٍّ سابق في الخيرات عظيم
{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ}: يَنْزَغَنَّكَ: يصيبنّك, أو يصرفنّك
{نَزْغٌ}: وسوسة, أو صارف
{فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36)}: فَاسْتَعِذْ: استجر واعتصم

أبوعدولي
10 -08- 2011, 02:02 AM
تفسير سورة فصلت 4/5
{وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37)}: وَمِنْ آَيَاتِهِ: من حججه على خلقه
{فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا}: يعني: مشركي قريش, عن أن يسجدوا لله وحده
{فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ}: يعني: الملائكة
{يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ (38)}: لا يَسْأَمُونَ: لا يملّون الصلاة, ولا يفترون
{وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً}: الأَرْضَ خَاشِعَةً: غبراء متهشمة لا نبات فيها ولا زرع
{فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ}: اهْتَزَّتْ: تحرّكت بالنبات
{وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39)}: وَرَبَتْ: انتفخت
{إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آَيَاتِنَا}: يُلْحِدُونَ: يميلون عن الحق, ويعدلون عنه بالكذب
{لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا}: نحن بهم عالمون
{أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آَمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40)}: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ: وعيد من الله تعالى خُرِّج مخرج الأمر
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا}: كَفَرُوا: جحدوا
{بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ}: بِالذِّكْرِ: بالقرآن
{وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41)}: لأنه كلام الله, عزيز بإعزاز الله إياه وحفظه من كل من أراد له تبديلاً أو تحريفاً
{لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ}: لا يستطيع ذو باطل تغييره بكيده وتبديل شئ من معانيه, وذلك هو الإتيان من بين يديه. ولا إلحاق ما ليس منه فيه, وذلك إتيانه من خلفه
{تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)}: هو تنزيل من ذي حكمة بتدبير عباده ومصالحهم, محمود على نعمه عليهم
{مَا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ}: مَا يُقَالُ لَكَ: ما يقول المشركون لك
{إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ}: لمن تاب
{وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43)}: لمن أصرّ على كفره
{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا}: أَعْجَمِيًّا: بلغة العجم كما اقترحوا
{لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ}: لَوْلا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ: هلاّ بُيّنت آياته بلسان نعرفه
{أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ}: أقرآن أعجمي ورسول عربي
{قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ}: هُدًى وَشِفَاءٌ: من الجهل
{وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ}: وَقْرٌ: صمم مانع من سماعه
{وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى}: عَمُوا وصَمُوا عنه, فلا يبصرون حججه ولا ينتفعون به
{أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44)}: تشبيه من الله لعمى قلوبهم عن فهم ما أُنزل في القرآن, كقول العرب للرجل القليل الفهم: إنك لتُنَادَي من مكان بعيد, وقِيل (بعيد) من قلوبهم
{وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ}: يعني: التوراة
{فَاخْتُلِفَ فِيهِ}: أي: في العمل بما فيه
{وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ}: لولا ما سبق من قضاء الله وحكمه في تأخير عذابه
{لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ}: لعجّل الفصل بينهم
{وَإِنَّهُمْ}: يعني: الفريق المُبْطِل
{لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (45)}: مُرِيبٍ: مُوقِع في الريبة والقلق
{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (46) إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ}: إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ: لا يعلم متى قيامها إلا الله
{وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا}: مِنْ أَكْمَامِهَا: أوعيتها التي هي مغيّبة فيها, فتخرج منها بارزة
{وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ}: إِلاَّ بِعِلْمِهِ: بعلم الله عزّ وجلّ
{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي}: يوم ينادي الله المشركين به, في الدنيا, الأوثان والأصنام
{قَالُوا آَذَنَّاكَ}: آَذَنَّاكَ: أخبرناك و أعلمناك
{مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (47)}: على أن لك شريكاً
{وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ}: وَضَلَّ عَنْهُمْ: بطل عنهم وذهب
{وَظَنُّوا}: في هذا الموقع: أيقنوا
{مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (48)}: مَحِيصٍ: مهرب و مفر من العذاب

أبوعدولي
10 -08- 2011, 02:04 AM
تفسير سورة فصلت 5/5
{لا يَسْأَمُ الإِنْسَانُ}: لا يَسْأَمُ: لا يمل ولا يفتر
{مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ}: طلبه العافية والسعة في النعمة
{وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ}: إن ناله الضر
{فَيَئُوسٌ}: فإنه ذو يأس من رَوْحٍ الله وفرجه
{قَنُوطٌ (49)}: من رحمته
{وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي}: لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي: هذا حقّي استحقه بعملي
{وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً}: ما أحسب القيامة تقوم
{وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي}: يقول: ولئن قامت القيامة أيضاً و رددت إلى الله حيّاً
{إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى}: إن لي عنده مالاً وغنىً
{فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا}: فَلَنُنَبِّئَنَّ: فلنخبرن
{وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (50)}: غَلِيظٍ: شديد لا يُفتّر عنهم
{وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنْسَانِ}: يعني الكافر
{أَعْرَضَ}: عما دعونا إليه من طاعتنا
{وَنَأَى بِجَانِبِهِ}: تباعد عنّا
{وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ (51)}: عَرِيضٍ: كثير مستمر
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ}: أَرَأَيْتُمْ: أخبروني
{مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ}: شِقَاقٍ: فراق لأمر الله
{بَعِيدٍ (52)}: من الرشاد
{سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الآَفَاقِ}: بوقائع محمد صلّى الله عليه وسلّم في نواحي المشركين
{وَفِي أَنْفُسِهِمْ}: يعني: فتح مكة
{حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}: حتى يعلموا حقيقة ما أنزل الله على محمد صلّى الله عليه وسلّم
{أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)}: معناه: أولم يكف بربك أنه شاهد على كل شئ, مما يفعله خلقه
{أَلا إِنَّهُمْ}: يعني: المكذبين
{فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ}: فِي مِرْيَةٍ: في شك
{أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54)}: أحاط علماً بجميع ما خلق, وقدره عليهم

أبوعدولي
10 -08- 2011, 02:08 AM
تناسب خواتيم غافر مع فواتح فصلت:
في أواخر سورة غافر ذكر عاقبة الذين كفروا في الدنيا (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82)) إلى أن قال (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85)) وفي أوائل فصلت ذكر إعراض قريش وحذرهم أن يصيبهم مثل ما أصاب من ذكرهم منذ قليل فقال (فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4) وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آَذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ (5)) إلى أن قال (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (13)) ، (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ((82) غافر ، (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ ((13) فصلت.
http://t2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcS0BQ8313GX52R5yguoQ__dod_76HxYd dKcFVDRTjvQ-m6hwWE5http://t2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcS0BQ8313GX52R5yguoQ__dod_76HxYd dKcFVDRTjvQ-m6hwWE5
الهدف العام لللحواميم:
أنتم مسؤولون عن الرسالة: واجبات ومحاذير
هذه السور الست يطلق عليها اسم الحواميم لآنها ابتدأت كلها بـ (حم) وقد قيل الكثير عن الأحرف المقطعة في القرآن الكريم ولعل من أبلغ ما قيل أن الله تعالى يتحدّى بهذه الحروف العرب أهل اللغة والشعر بأن هذه هي نفس الحروف التي تعرفونها وتنظمون الشعر البليغ منها وقد أنزل الله بها القرآن المعجز الذي عجزتم عن الإتيان بعشر سور أو سورة أو حتى آية واحدة منه.
فمع أن الحروف متوفرة هي هي التي أنزل بها القرآن إلا أنكم لا يمكنكم أن تأتوا بمثله وكأن القرآن روح لذلك قال تعالى (وكذلك أوحينا لك روحاً من أمرنا) والحواميم تشترك في محاور كثيرة ولذا جاءت متتابعة الترتيب ، ومن الملاحظ أن سورة البقرة وآل عمران والعنكبوت كلها ابتدأت بـ (ألم) وهي مشتركة فيما بينها بأن البقرة أعطت المنهج وكل آياتها فيها (ألم) وآل عمران أوصت بالثبات على المنهج وكل آياتها فيها (ألم) والعنكبوت ركّزت على المجاهدة من أجل تحقيق المنهج فكأنما هذه الأحرف المقطعة في أوائل السور هي بمثابة رمز (أو كود) لما يجمعهم.

وتشترك الحواميم في صفات كثيرة:
1.
كلها سور مكّية.
2.
كلها افتتحت بقيمة القرآن: سورة فصّلت:(تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) آية 2 ، سورة الشورى: (كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) آية 3 ، سورة الزخرف: (وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ) آية 2 ، سورة الدخان: (وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ) آية 2 ، سورة الجاثية: (تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) آية 2 ، سورة الأحقاف: (تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) آية 2.
3.
كلها ذكرت موسى -عليه السلام- ودوره في دعوة قومه من بني اسرائيل إلى الله: سورة فصّلت: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ) آية 45 ، سورة الشورى: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ) آية 13 ، سورة الزخرف: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ) آية 46 ، سورة الدخان: (أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) آية 18 ، سورة الجاثية: (مِن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) آية 10 ، سورة الأحقاف: (وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ) آية 12.
4.
كلها ركّزت على الوحدة وحذّرت من خطورة الفرقة. سورة فصّلت: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ) آية 45 ، سورة الشورى: (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) آية 10 ، سورة الزخرف: (وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) آية 63 ، سورة الجاثية: (وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمْ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) آية 17.
5.
كلها تحدثت عن انتقال الرسالة من بني اسرائيل إلى أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-: سورة الشورى: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ) آية 13 ، سورة الجاثية: (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) آية 18 ، سورة الأحقاف: (وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ) آية 12.
6.
كلها ركّزت على أهمية الصفح والإمهال: سورة الشورى: (ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ) آية 23 ، سورة الزخرف: (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) آية 89 ، سورة الدخان: (فَارْتَقِبْ إِنَّهُم مُّرْتَقِبُونَ) آية 59، سورة الجاثية: (قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُون أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِما كَانُوا يَكْسِبُونَ) آية 14 ، سورة الأحقاف: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ) آية 35
http://t2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcS0BQ8313GX52R5yguoQ__dod_76HxYd dKcFVDRTjvQ-m6hwWE5http://t2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcS0BQ8313GX52R5yguoQ__dod_76HxYd dKcFVDRTjvQ-m6hwWE5
الهدف الرئيسي الذي يجمع هذه السور الستة هو:
أنتم يا أمة محمد مسؤولون عن الرسالة مسؤولية نهائية ولكن هناك واجبات ومحاذير ، وهذا الهدف مختلف هن هدف سورة البقرة لأن في سورة البقرة كان الهدف عرض المنهج فقط بدون أية توصيات مفصّلة. أما في الحواميم فكل سورة من السورة تأتي لتعرض جانباً من التوصيات للمنهج وهي كلها عبارة عن تحذيرات وواجبات يجب أن يراعيها من سيتولى المسؤولية في الأرض على الرسالة وعلى المنهج الذي شرّعه الله تعالى للإستخلاف في الأرض.
http://t2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcS0BQ8313GX52R5yguoQ__dod_76HxYd dKcFVDRTjvQ-m6hwWE5http://t2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcS0BQ8313GX52R5yguoQ__dod_76HxYd dKcFVDRTjvQ-m6hwWE5
خلاصة الحواميم:
إياكم والكبر والفرقة والإنخداع بالمظاهر المادية واحرصوا على الشورى حتى تقودوا الأرض بما عليها وتطبقوا منهج الله تعالى كما أراده في كونه حتى تنعموا في الدنيا والآ

ابن الطوال
10 -08- 2011, 02:12 AM
الف شكر لك يا ابا عدولي وجزاك الفردوس الاعلى يارب

أبوعدولي
10 -08- 2011, 02:14 AM
وجاء في سبب نزول :
قوله تعالى: http://www.qurancomplex.com/b2.gif وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ (http://www.qurancomplex.com/Quran/Display/display.asp?section=3&l=arb&nType=1&nSora=41&nAya=22)http://www.qurancomplex.com/b1.gif الآية http://www.qurancomplex.com/b2.gif 22 http://www.qurancomplex.com/b1.gif.

أخبرنا الأستاذ أبو منصور البغدادي قال: أخبرنا إسماعيل بن نجيـد قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم بن سعيد قال: أخبرنا أمية بن بسطام قال: أخبرنا يزيد بن زريع قال: أخبرنا روح عن القاسم، عن منصور، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن ابن مسعود في هذه الآية: http://www.qurancomplex.com/b2.gif وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ (http://www.qurancomplex.com/Quran/Display/display.asp?section=3&l=arb&nType=1&nSora=41&nAya=22)http://www.qurancomplex.com/b1.gif الآية. قال: كان رجلان من ثقيف وختن لهما من قريش، أو رجلان من قريش وختن لهما من ثقيف في بيت فقال بعضهم: أترون الله يسمع نجوانا أو حديثنا؟ فقال بعضهم: قد سمع بعضه ولم يسمع بعضه، قالوا: لئن كان يسمع بعضه لقد سمع كله، فنـزلت هذه الآية: http://www.qurancomplex.com/b2.gifوَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ (http://www.qurancomplex.com/Quran/Display/display.asp?section=3&l=arb&nType=1&nSora=41&nAya=22)http://www.qurancomplex.com/b1.gif الآية. رواه البخاري، عن الحميدي. ورواه مسلم عن ابن أبي عمرو، كلاهما، عن سفيان، عن منصور.
http://www.qurancomplex.com/MARGNTIP2.gif أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الفقيه قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن علي الحيري قال: أخبرنا محمد بن علي بن المثنى قال: أخبرنا أبو خيثمة قال: أخبرنا محمد بن حازم قال: أخبرنا الأعمش، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله قال: كنت مستترًا بأستار الكعبة، فجاء ثلاثة أنفار كثير شحم بطونهم قليل فقه قلوبهم قرشي وختناه ثقيفان، أو ثققي وخَتَناه قرشيان، فتكلموا بكلام لم أفهمه، فقال بعضهم: أترون الله سمع كلامنا هذا؟ فقال الآخر: إذا رفعنا أصواتنا سمع، وإذا لم نرفع لم يسمع، وقال الآخر إن سمع منه شيئًا سمعه كله، قال: فذكرت ذلك للنبيّ صلى الله عليه وسلم: فنـزل عليه: http://www.qurancomplex.com/b2.gifوَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ (http://www.qurancomplex.com/Quran/Display/display.asp?section=3&l=arb&nType=1&nSora=41&nAya=22)http://www.qurancomplex.com/b1.gif إلى قوله تعالى: http://www.qurancomplex.com/b2.gif فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (http://www.qurancomplex.com/Quran/Display/display.asp?section=3&l=arb&nType=1&nSora=41&nAya=23)http://www.qurancomplex.com/b1.gif.
قوله تعالى: http://www.qurancomplex.com/b2.gif إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا (http://www.qurancomplex.com/Quran/Display/display.asp?section=3&l=arb&nType=1&nSora=41&nAya=30)http://www.qurancomplex.com/b1.gif الآية http://www.qurancomplex.com/b2.gif 30 http://www.qurancomplex.com/b1.gif.

قال عطاء عن ابن عباس: نـزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وذلك أن المشركين قالوا: ربنا الله والملائكة بناته وهؤلاء شفعاؤنا عند الله فلم يستقيموا، وقالت اليهود: ربنا الله وعزير ابنه ومحمد صلى الله عليه وسلم ليس بنبي فلم يستقيموا، وقال أبو بكر رضي الله عنه: ربنا الله وحده لا شريك له، ومحمد صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله واستقام.

أبوعدولي
10 -08- 2011, 02:16 AM
http://www.youtube.com/watch?v=IrQiv-CNJIQ

مثابره
10 -08- 2011, 02:50 AM
سورة فصلت سلاح النبي (http://www.samtah.net/vb/showthread.php?t=45307&page=1&)


(قصة عتبية بن ربيعة)



روى البغوي في تفسيره عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه قال: اجتمعت قريش يوماً فقالوا: انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر، فليأت هذا الرجل الذي فرق جماعتنا وشتت أمرنا وعاب ديننا، فليكلمه ولننظر ماذا يرد عليه، فقالوا: ما نعلم أحداً غير (عتبة بن ربيعة)، فقالوا: أنت يا أبا الوليد: فأتاه عتبة فقال: يا محمد أنت خير أم عبد اللّه؟ فسكت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال: أنت خير أم عبد المطلب؟ فسكت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال: إن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك فقد عبدوا الآلهة التي عبت، وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى يسمع قولك، إنا واللّه ما رأينا سِخَلَةً قط أشأم على قومك منك، فرّقت جماعتنا وشتّت أمرنا، وعبت ديننا، وفضحتنا في العرب، حتى لقد طار فيهم أن في قريش ساحراً، وأن في قريش كاهناً، واللّه ما ننتظر إلا مثل صيحة الحبلى أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف، حتى نتفانى، أيها الرجل إن كان إنما بك الحاجة، جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش رجلاً واحداً وإن كان إنما بك الباءة فاختر أي نساء قريش شئت فلنزوجك عشراً، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "فرغت؟" قال: نعم، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: {بسم اللّه الرحمن الرحيم، حم تنزيل من الرحمن الرحيم - حتى بلغ - فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود , . . . } -(فصلت)- فأمسك عتبة على فيه، وناشده بالرحم، ورجع إلى أهله، ولم يخرج إلى قريش، واحتبس عنهم، فقال أبو جهل: يا معشر قريش واللّه ما نرى عتبة إلا قد صبأ إلى محمد وأعجبه طعامه، وما ذاك له إلا من حاجة أصابته، فانطلقوا بنا إليه، فقال أبو جهل: يا عتبة ما حبسك عنا إلا أنك صبأت إلى محمد وأعجبك طعامه، فإن كانت بك حاجة جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك عن طعام محمد، فغضب عتبة وأقسم أن لا يكلم محمد أبداً، وقال: واللّه لقد علمتم أني من أكثر قريش مالاً، ولكني أتيته وقصصت عليه القصة، فأجابني بشيء واللّه ما هو بشعر ولا كهانة ولا سحر، وقرأ السورة إلى قوله تعالى: {فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود}فأمسكت بفيه وناشدته بالرحم أن يكف، وقد علمتم أن محمداً إذا قال شيئاً لم يكذب، فخشيت أن ينزل بكم العذاب.

ميدوزة الأورليا
10 -08- 2011, 03:03 AM
قوله تعالى : { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون (http://www.samtah.net/vb/#docu)} .
.
.
.
.
الآية المبشرة ..
اللهم أكتبنا من الذين قالوا ربنا الله وأجعلنا ممن أستقاموا يا رب العالمين ...




جزاك الله خير أبو عدولي ..

أبوعدولي
10 -08- 2011, 03:10 AM
الف شكر لك يا ابا عدولي وجزاك الفردوس الاعلى يارب
الشكر لك أخي على المتابعة
wr

أبوعدولي
10 -08- 2011, 03:11 AM
قوله تعالى : { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون (http://www.samtah.net/vb/#docu)} .
.
.
.
.
الآية المبشرة ..
اللهم أكتبنا من الذين قالوا ربنا الله وأجعلنا ممن أستقاموا يا رب العالمين ...




جزاك الله خير أبو عدولي ..


أختي الكريمة ميدوزة الأورليا
إضافة جميلة .. ماسطرته هنا
اللهم آمين يارب

ضياء القمر
10 -08- 2011, 04:49 AM
جزاك الله ألف خير أبو عدولى في ميزان حسناتك إنشاء الله .

أبوعدولي
10 -08- 2011, 09:01 PM
http://www.qzal.net/201107/13129986501.gif
http://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-446-1310861143.gif
سبب التسمية :
سميت ‏السورة ‏‏ ‏سورة ‏الحديد ‏‏ ‏لذكر ‏الحديد ‏فيها ‏‏، ‏وهو ‏قوة ‏الإنسان
‏في ‏السلم ‏والحرب ‏وعدته ‏في ‏البنيان ‏والعمران‎ .‎‏
http://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-446-1310861143.gif
التعريف بالسورة :
1) سورة مدنية .
2) من المفصل .
3) آياتها 29 .
4) ترتيبها السابعة والخمسون .
5) نزلت بعد الزلزلة .
6) من المسبحات بدأت السورة بفعل ماضي " سبح "
وهو أحد أساليب الثناء ، ذُكِرَ لفظ الجلالة في الآية
الأولى الله العزيز الحكيم .
7) الجزء (27 ) ، الحزب ( 54 ) ، الربع ( 7 ، 8 ) .
http://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-446-1310861143.gif
محور مواضيع السورة :
هذه السورة الكريمة من السور المدنية التي تعني بالتشريع
والتربية والتوجيه وتبني المجتمع الإسلامي على أساس العقيدة
الصافية والخلق الكريم والتشريع الحكيم .
http://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-446-1310861143.gif
سبب نزول السورة :
1) عن ابن عمر قال بينما النبي جالس وعنده أبو بكر الصديق
وعليه عباءة قد خلها على صدره بخلال إذ نزل عليه جبريل
أقرأه من الله السلام وقال : يا محمد مالي أرى أبا بكر عليه
عباءة قد خلها على صدره بخلال فقال : يا جبريل أنفق ماله
قبل الفتح عليَّ . قال فأقرئه من الله ـ سبحانه وتعالى ـ السلام ،
وقل له يقول لك ربك : أراضٍ أَنت عَنِّي في فقرك هذا أم ساخط ؟.
2) عن ابن عمر قال بينما النبي جالس وعنده أبو بكر الصديق فالتفت
النبي إلى أبي بكر فقال : يا أبا بكر هذا جبريل يقرئك من الله ـ سبحانه ـ
السلامَ ويقول لك ربك :أراض أنت عنى في فقرك هذا أم ساخط ؟
فبكى أبو بكر : على ربي أغضب ؟ أنا عن ربي راض أنا عن ربي راض .
3) عن عائشةقالت : خرج رسول الله على نفر من أصحابه في المسجد
وهم يضحكون فسحب رداءه محمرا وجهه ، فقال : أتضحكون ولم يأتكم
أمان من ربكم بأنه غفر لكم ، ولقد أنزل عَلَىَّ في ضحككم آية
( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ) قالوا : يا رسول الله
فما كفارة ذلك ؟ قال : تبكون بقدر ما ضحكتم حكتم .
4) قال : الكلبي ومقاتل نزلت في المنافقين بعد الهجرة بسنة ، وذلك أنهم
سألوا سلمان الفارسي ذات يوم فقالوا : حدثنا عما في التوراة فإن فيها
العجائب ، فنزلت هذه الآية ، وقال غيرهما نزلت في المؤمنين .
5) عن مصعب بن سعد عن سعد قال أنزل القرآن زمانا على رسول الله
فتلاه عليهم زمانا فقالوا : يا رسول الله لو قصصت فأنزل الله تعالى نحن
نقص عليك أحسن القصص فتلاه عليهم زمانا فقالوا : يا رسول الله لو حدثتنا
فأنزل الله تعالى ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الحَدِيثِ ) قال : كل ذلك يؤمرون بالقرآن .
قال خلاد وزاد فيه آخر . قالوا : يا رسول الله لو ذكرتنا فأنزل الله تعالى
( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ).
6) لما قدم المؤمنون المدنية أصابوا من لين العيش ورفاهية ففتروا عن
بعض ما كانوا عليه فعوتبوا ونزلت هذه الآية ( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ
تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ) قال ابن مسعود : ما كان بين إسلامنا وبين
أن عاتبنا الله بهذه الآية إلا أربع سنوات . عن مقاتل بن حيان قال
لما نزلت ( أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَينِ بمَا صَبَرُوا ) فخر مؤمنوا أهل
الكتاب على أصحاب النبي فقالوا لنا أجران لكم أجر فاشتد ذلك
على الصحابة فأنزل الله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا
بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَينِ مِنْ رَحمَتِهِ ) فجعل لهم أجرين مثل أجور
مؤمني أهل الكتاب وسوى بينهم في الأجر .
http://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-446-1310861143.gif
فضل السورة :
1) كان رسول الله لا ينام حتى يقرأ المسبحات وقال : إن فيهن
آية أفضل من ألف آية . أخرجه( ابو داود) وغيره .
http://rafat0004.net/vb/uploadcenter/uploads/07-2011/PIC-446-1310861143.gif
نسأل الله ان يكتب لنا وإياكم الرحمة في العشر الأُوَلْ من رمضان

أبوعدولي
10 -08- 2011, 09:03 PM
الحلقة العاشرة بين يدي سورة الحديد على الرابط التالي :
http://www.samtah.net/vb/showthread.php?p=1344415#post1344415

ميدوزة الأورليا
10 -08- 2011, 10:01 PM
( الإعجاز في رقم سورة الحديد و علاقته بالوزن الذري للحديد )
في سورة الحديد معجزتان: علمية ورقمية، فإذا تلفتنا حولنا نرى للحديد أثراً في كل شيء اخترعه الإنسان في القرن العشرين. فجميع الآلات والأجهزة يدخل في تركيبها الحديد، جميع وسائط النقل ووسائل الاتصال وغيرها حتى الطعام الذي نأكله واللباس الذي نلبسه وحتى الماء الذي نشرب اليوم وغير ذلك... كل هذه الأشياء تم إعدادها بواسطة آلات صُنعت أساساً من الحديد، فما هو سرّ هذا المعدن الذي يُعتبر سيد المعادن في القرن العشرين؟
الملفت للانتباه أننا عندما ندرس جميع المعادن نجد أن للحديد خواصاً ينفرد بها وحده. فهو المعدن الوحيد الذي نستطيع أن نتحكَّم بصلابته ومتانته بحدود واسعة من خلال إضافة بعض العناصر مثل الكربون. ولكن ما الذي يعطي الحديد هذه الخواص الفريدة؟
إنها الطريقة التي تركبت فيها ذرات الحديد، فبين هذه الذرات توجد قوى عظيمة تشدّ هذه الذرات إلى بعضها ضمن مجموعات تسمى جزيئات الحديد. وعندما يضاف عنصر الكربون بنسبة ما فإن ذرات الكربون الأصغر حجماً تتوضع في أماكن محددة بين هذه الذرات لتزيد من قوى الشدّ هذه مما يزيد في مرونة المعدن ومتانته معاً.
ويمكن القول: في ذرات الحديد وجزئياته بأس شديد، لأن كلمة (البأس) تجمع عدة صفات كالمتانة والصلابة والمرونة، وهذه جميعها موجودة داخل الحديد. وهنا تتجلى عظمة القرآن عندما يصف الحديد بأن فيه بأساً شديداً، يقول تعالى: (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد) [الحديد: 25]. ولكن هنالك شيء آخر في هذه الآية وهو كلمة (أنزلنا): فهل نزل الحديد فعلاً إلى الأرض؟
نحن نعلم منذ بداية خلق الكون أن العنصر الأساسي الذي نشأ في بداية الخلق هو الهيدروجين (وهو أخف العناصر في الطبيعة) ثم بدأت العناصر الأثقل بالتشكل نتيجة للاندماجات النووية والحرارة المرتفعة والطاقة الجبارة التي خلَّفها الانفجار الكبير.
[وقد كان يُظن سابقاً أن الحديد الذي على الأرض نشأ من تفاعلات تمت على الأرض. ولكن أحد الباحثين قاس كمية الطاقة اللازمة لتشكل الحديد فوجدها كبيرة جداً، مثل هذه الطاقة لا تتوفر إلا في النجوم الضخمة (التي هي أضخم بكثير من الشمس). وقد قاده هذا الأمر إلى التصريح بأن عنصر الحديد لا يمكن أن يتشكل داخل المجموعة الشمسية أو على الأرض، بل تشكل في الفضاء بدرجات حرارة وطاقة عالية جداً ثم قُذِف به إلى الأرض على شكل نيازك، أي نزل إلى الأرض!!
1- ثبت علمياً أن الحديد الموجود في الأرض نزل نزولاً من السماء.
2- ثبت علمياً أن القوى الموجودة في عنصر الحديد هي قوة شديدة جداً تجمع بين المتانة والمرونة والصلابة وهي ما سماه القرآن بالبأس الشديد.
ولكن الإعجاز لم ينته، لأن هذه السورة العظيمة تحوي معجزة عددية أيضاً!!
3- فالوزن الذري للحديد هو على التقريب (57) والعجيب أن رقم سورة الحديد في القرآن هو (57) أيضاً!! أما عدد الإلكترونات في ذرة الحديد فهو (26) إلكتروناً، وهذا ما يسمى بالعدد الذري وهو عدد ثابت لكل عنصر من عناصر الطبيعة. والعجيب أن الآية التي ذكر فيها الحديد في سورة الحديد، رقم هذه الآية مع البسملة هو (26) نفس العدد الذري للحديد!!!
إن هذه الحقائق العلمية والهندسية والرقمية تثبت أننا كيفما نظرنا إلى آيات الكتاب العظيم نجدها مُحكمة ومعجزة، ولا تناقض العلم الحديث بل تتفوق عليه. وهذا إثبات على أن القرآن كتاب متكامل ومحكم.
وفي هذا المقام نذكِّر بأن الإعجاز القرآني لا يقتصر على علوم الفلك والأرض والطب وغيرها، بل في كل آية من آيات القرآن هنالك معجزة رقمية مبهرة وبناء محكم يدلّ على أن هذا القرآن كتاب من عند الله تعالى، رتب حروفه وكلماته بنظام رقمي لا يمكن لأحد أن يأتي بمثله! وهذا ما برهنا عليه من خلال أبحاث الإعجاز الرقمي والتي تتضمن حقائق رقمية مذهلة تدل على عظمة منَزِّل القرآن سبحانه وتعالى.
سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم...
منقول والله أعلم
.

نسايم ليل
10 -08- 2011, 10:12 PM
سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)

سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
سُورَة الْحَدِيد : قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا يَزِيد بْن عَبْد رَبّه حَدَّثَنَا بَقِيَّة بْن الْوَلِيد حَدَّثَنِي بُجَيْر بْن سَعْد عَنْ خَالِد بْن مَعْدَان عَنْ اِبْن أَبِي بِلَال عَنْ عِرْبَاض بْن سَارِيَة أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأ الْمُسَبِّحَات قَبْل أَنْ يَرْقُد وَقَالَ " إِنَّ فِيهِنَّ آيَة أَفْضَل مِنْ أَلْف آيَة" وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ مِنْ طُرُق عَنْ بَقِيَّة بِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَسَن غَرِيب وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ عَنْ اِبْن أَبِي السَّرْح عَنْ اِبْن وَهْب عَنْ مُعَاوِيَة بْن صَالِح عَنْ بُجَيْر بْن سَعْد عَنْ خَالِد بْن مَعْدَان قَالَ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ مُرْسَلًا وَلَمْ يَذْكُر عَبْد اللَّه بْن أَبِي بِلَال وَلَا الْعِرْبَاض بْن سَارِيَة وَالْآيَة الْمُشَار إِلَيْهَا فِي الْحَدِيث هِيَ وَاَللَّه أَعْلَم قَوْله تَعَالَى " هُوَ الْأَوَّل وَالْآخِر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن وَهُوَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيم " كَمَا سَيَأْتِي بَيَانه قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى وَبِهِ الثِّقَة وَعَلَيْهِ التُّكْلَان وَهُوَ حَسْبنَا وَنِعْمَ الْوَكِيل يُخْبِر تَعَالَى أَنَّهُ يُسَبِّح لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض أَيْ مِنْ الْحَيَوَانَات وَالنَّبَاتَات كَمَا قَالَ فِي الْآيَة الْأُخْرَى " تُسَبِّح لَهُ السَّمَوَات السَّبْع وَالْأَرْض وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْء إِلَّا يُسَبِّح بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحهمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا" وَقَوْله تَعَالَى " وَهُوَ الْعَزِيز " أَيْ الَّذِي قَدْ خَضَعَ لَهُ كُلّ شَيْء " الْحَكِيم " فِي خَلْقه وَأَمْره وَشَرْعه .

نسايم ليل
10 -08- 2011, 10:12 PM
هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3)

هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
وَهَذِهِ الْآيَة هِيَ الْمُشَار إِلَيْهَا فِي حَدِيث عِرْبَاض بْن سَارِيَة أَنَّهَا أَفْضَل مِنْ أَلْف آيَة . وَقَالَ أَبُو دَاوُد حَدَّثَنَا عَبَّاس بْن عَبْد الْعَظِيم حَدَّثَنَا النَّضْر بْن مُحَمَّد حَدَّثَنَا عِكْرِمَة - يَعْنِي اِبْن عَمَّار - حَدَّثَنَا أَبُو زُمَيْل قَالَ سَأَلْت اِبْن عَبَّاس فَقُلْت مَا شَيْء أَجِدهُ فِي صَدْرِي ؟ قَالَ مَا هُوَ ؟ قُلْت وَاَللَّه لَا أَتَكَلَّم بِهِ قَالَ : فَقَالَ لِي أَشَيْء مِنْ شَكّ ؟ قَالَ وَضَحِكَ قَالَ مَا نَجَا مِنْ ذَلِكَ أَحَد قَالَ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى " فَإِنْ كُنْت فِي شَكّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْك فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَاب مِنْ قَبْلك لَقَدْ جَاءَك الْحَقّ مِنْ رَبّك " الْآيَة قَالَ وَقَالَ لِي إِذَا وَجَدْت فِي نَفْسك شَيْئًا فَقُلْ " هُوَ الْأَوَّل وَالْآخِر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن وَهُوَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيم " وَقَدْ اِخْتَلَفَتْ عِبَارَات الْمُفَسِّرِينَ فِي هَذِهِ الْآيَة وَأَقْوَالهمْ عَلَى نَحْو مِنْ بِضْعَة عَشَر قَوْلًا . وَقَالَ الْبُخَارِيّ قَالَ يَحْيَى : الظَّاهِر عَلَى كُلّ شَيْء عِلْمًا وَالْبَاطِن عَلَى كُلّ شَيْء عِلْمًا وَقَالَ شَيْخنَا الْحَافِظ الْمِزِّيّ يَحْيَى هَذَا هُوَ اِبْن زِيَاد الْفَرَّاء لَهُ كِتَاب سَمَّاهُ مَعَانِي الْقُرْآن. وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ أَحَادِيث فَمِنْ ذَلِكَ مَا قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا خَلَف بْن الْوَلِيد حَدَّثَنَا اِبْن عَيَّاش عَنْ سُهَيْل بْن أَبِي صَالِح عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو عِنْد النَّوْم" اللَّهُمَّ رَبّ السَّمَاوَات السَّبْع وَرَبّ الْعَرْش الْعَظِيم رَبّنَا وَرَبّ كُلّ شَيْء مُنَزِّل التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالْفُرْقَان فَالِق الْحَبّ وَالنَّوَى لَا إِلَه إِلَّا أَنْتَ أَعُوذ بِك مِنْ شَرّ كُلّ شَيْء أَنْتَ آخِذ بِنَاصِيَتِهِ أَنْتَ الْأَوَّل فَلَيْسَ قَبْلك شَيْء وَأَنْتَ الْآخِر فَلَيْسَ بَعْدك شَيْء وَأَنْتَ الظَّاهِر فَلَيْسَ فَوْقك شَيْء وَأَنْتَ الْبَاطِن لَيْسَ دُونك شَيْء اِقْضِ عَنَّا الدَّيْن وَأَغْنِنَا مِنْ الْفَقْر " وَرَوَاهُ مُسْلِم فِي صَحِيحه حَدَّثَنِي زُهَيْر بْن حَرْب حَدَّثَنَا جَرِير عَنْ سَهْل قَالَ كَانَ أَبُو صَالِح يَأْمُرنَا إِذَا أَرَادَ أَحَدنَا أَنْ يَنَام أَنْ يَضْطَجِع عَلَى شِقّه الْأَيْمَن ثُمَّ يَقُول : اللَّهُمَّ رَبّ السَّمَاوَات وَرَبّ الْأَرْض وَرَبّ الْعَرْش الْعَظِيم رَبّنَا وَرَبّ كُلّ شَيْء فَالِق الْحَبّ وَالنَّوَى وَمُنَزِّل التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالْفُرْقَان أَعُوذ بِك مِنْ شَرّ كُلّ ذِي شَرّ أَنْتَ آخِذ بِنَاصِيَتِهِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّل فَلَيْسَ قَبْلك شَيْء وَأَنْتَ الْآخِر فَلَيْسَ بَعْدك شَيْء وَأَنْتَ الظَّاهِر فَلَيْسَ فَوْقك شَيْء وَأَنْتَ الْبَاطِن فَلَيْسَ دُونك شَيْء اِقْضِ عَنَّا الدَّيْن وَأَغْنِنَا مِنْ الْفَقْر .
وَكَانَ يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَوَى الْحَافِظ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيّ فِي مُسْنَده عَنْ عَائِشَة أُمّ الْمُؤْمِنِينَ نَحْو هَذَا فَقَالَ حَدَّثَنَا عُقْبَة حَدَّثَنَا يُونُس حَدَّثَنَا السَّرِيّ بْن إِسْمَاعِيل عَنْ الشَّعْبِيّ عَنْ مَسْرُوق عَنْ عَائِشَة أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُر بِفِرَاشِهِ فَيُفْرَش لَهُ مُسْتَقْبِل الْقِبْلَة فَإِذَا أَوَى إِلَيْهِ تَوَسَّدَ كَفّه الْيُمْنَى ثُمَّ هَمَسَ مَا يُدْرَى مَا يَقُول فَإِذَا كَانَ فِي آخِر اللَّيْل رَفَعَ صَوْته فَقَالَ : " اللَّهُمَّ رَبّ السَّمَاوَات السَّبْع وَرَبّ الْعَرْش الْعَظِيم إِلَه كُلّ شَيْء وَمُنَزِّل التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالْفُرْقَان فَالِق الْحَبّ وَالنَّوَى أَعُوذ بِك مِنْ شَرّ كُلّ شَيْء أَنْتَ آخِذ بِنَاصِيَتِهِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّل الَّذِي لَيْسَ قَبْلك شَيْء وَأَنْتَ الْآخِر الَّذِي لَيْسَ بَعْدك شَيْء وَأَنْتَ الظَّاهِر فَلَيْسَ فَوْقك شَيْء وَأَنْتَ الْبَاطِن فَلَيْسَ دُونك شَيْء اِقْضِ عَنَّا الدَّيْن وَأَغْنِنَا مِنْ الْفَقْر " . السَّرِيّ بْن إِسْمَاعِيل هَذَا هُوَ اِبْن عَمّ الشَّعْبِيّ وَهُوَ ضَعِيف جِدًّا وَاَللَّه أَعْلَم .
وَقَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ عِنْد تَفْسِير هَذِهِ الْآيَة حَدَّثَنَا عَبْد بْن حُمَيْد وَغَيْر وَاحِد الْمَعْنَى وَاحِد قَالُوا حَدَّثَنَا يُونُس بْن مُحَمَّد حَدَّثَنَا شَيْبَان بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ قَتَادَة قَالَ حَدَّثَ الْحَسَن عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ بَيْنَمَا نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِس وَأَصْحَابه إِذْ أَتَى عَلَيْهِمْ سَحَاب فَقَالَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذَا " قَالُوا اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم قَالَ" هَذَا الْعَنَان هَذِهِ رَوَايَا الْأَرْض تَسُوقهُ إِلَى قَوْم لَا يَشْكُرُونَهُ وَلَا يَدْعُونَهُ - ثُمَّ قَالَ - هَلْ تَدْرُونَ مَا فَوْقكُمْ ؟ قَالُوا اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم قَالَ " فَإِنَّهَا الرَّفِيع سَقْف مَحْفُوظ وَمَوْج مَكْفُوف - ثُمَّ قَالَ - هَلْ تَدْرُونَ كَمْ بَيْنكُمْ وَبَيْنهَا ؟ قَالُوا اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم قَالَ بَيْنكُمْ وَبَيْنهَا خَمْسمِائَةِ سَنَة - ثُمَّ قَالَ - هَلْ تَدْرُونَ مَا فَوْق ذَلِكَ ؟ قَالُوا اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم قَالَ " فَإِنَّ فَوْق ذَلِكَ سَمَاء بُعْد مَا بَيْنهمَا مَسِيرَة خَمْسمِائَةِ سَنَة - حَتَّى عَدَّ سَبْع سَمَاوَات - مَا بَيْن كُلّ سَمَاءَيْنِ كَمَا بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض - ثُمَّ قَالَ - هَلْ تَدْرُونَ مَا فَوْق ذَلِكَ ؟ قَالُوا اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم ؟ قَالَ " فَإِنَّ فَوْق ذَلِكَ الْعَرْش وَبَيْنه وَبَيْن السَّمَاء مِثْل بُعْد مَا بَيْن السَّمَاءَيْنِ - ثُمَّ قَالَ - هَلْ تَدْرُونَ مَا الَّذِي تَحْتكُمْ ؟ قَالُوا اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم قَالَ " فَإِنَّهَا الْأَرْض - ثُمَّ قَالَ - هَلْ تَدْرُونَ مَا الَّذِي تَحْت ذَلِكَ ؟ قَالُوا اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم قَالَ فَإِنَّ تَحْتهَا أَرْضًا أُخْرَى بَيْنهمَا مَسِيرَة خَمْسمِائَةِ سَنَة - حَتَّى عَدَّ سَبْع أَرَضِينَ - بَيْن كُلّ أَرَضِينَ مَسِيرَة خَمْسمِائَةِ سَنَة - ثُمَّ قَالَ - وَاَلَّذِي نَفْس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَوْ أَنَّكُمْ دَلَّيْتُمْ حَبْلًا إِلَى الْأَرْض السُّفْلَى لَهَبَطَ عَلَى اللَّه - ثُمَّ قَرَأَ - " هُوَ الْأَوَّل وَالْآخِر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن وَهُوَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيم " ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث غَرِيب مِنْ هَذَا الْوَجْه وَيُرْوَى عَنْ أَيُّوب وَيُونُس يَعْنِي اِبْن عُبَيْد وَعَلِيّ بْن زَيْد قَالُوا لَمْ يَسْمَع الْحَسَن مِنْ أَبِي هُرَيْرَة وَفَسَّرَ بَعْض أَهْل الْعِلْم هَذَا الْحَدِيث فَقَالُوا إِنَّمَا هَبَطَ عَلَى عِلْم اللَّه وَقُدْرَته وَسُلْطَانه وَعِلْم اللَّه وَقُدْرَته وَسُلْطَانه فِي كُلّ مَكَان وَهُوَ عَلَى الْعَرْش كَمَا وَصَفَ فِي كِتَابه اِنْتَهَى كَلَامه وَقَدْ رَوَى الْإِمَام أَحْمَد هَذَا الْحَدِيث عَنْ شُرَيْح عَنْ الْحَكَم بْن عَبْد الْمَلِك عَنْ قَتَادَة عَنْ الْحَسَن عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ وَعِنْده وَبُعْد مَا بَيْن الْأَرَضِينَ مَسِيرَة سَبْعمِائَةِ عَام وَقَالَ " لَوْ دَلَّيْتُمْ أَحَدكُمْ بِحَبْلٍ إِلَى الْأَرْض السُّفْلَى السَّابِعَة لَهَبَطَ عَلَيَّ اللَّه ثُمَّ قَرَأَ - " هُوَ الْأَوَّل وَالْآخِر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن وَهُوَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيم " وَرَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم وَالْبَزَّار مِنْ حَدِيث أَبِي جَعْفَر الرَّازِيّ عَنْ قَتَادَة عَنْ الْحَسَن عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فَذَكَرَ الْحَدِيث وَلَمْ يَذْكُر اِبْن أَبِي حَاتِم
آخِره وَهُوَ قَوْله : " لَوْ دَلَّيْتُمْ بِحَبْلٍ " وَإِنَّمَا قَالَ حَتَّى عَدَّ سَبْع أَرَضِينَ بَيْن كُلّ أَرَضِينَ مَسِيرَة خَمْسمِائَةِ عَام ثُمَّ تَلَا " هُوَ الْأَوَّل وَالْآخِر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن وَهُوَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيم " وَقَالَ الْبَزَّار لَمْ يَرْوِهِ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَبُو هُرَيْرَة وَرَوَاهُ اِبْن جَرِير عَنْ بِشْر عَنْ يَزِيد عَنْ سَعِيد عَنْ قَتَادَة " هُوَ الْأَوَّل وَالْآخِر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن " ذَكَرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ جَالِس فِي أَصْحَابه إِذْ مَرَّ عَلَيْهِمْ سَحَاب فَقَالَ : هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذَا . وَذَكَرَ الْحَدِيث مِثْل سِيَاق التِّرْمِذِيّ سَوَاء إِلَّا أَنَّهُ مُرْسَل مِنْ هَذَا الْوَجْه وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظ وَاَللَّه أَعْلَم . وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيث أَبِي ذَرّ الْغِفَارِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَأَرْضَاهُ رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنَده وَالْبَيْهَقِيّ فِي كِتَاب الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَلَكِنَّ فِي إِسْنَاده نَظَر وَفِي مَتْنه غَرَابَة وَنَكَارَة وَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَم. وَقَالَ اِبْن جَرِير عِنْد قَوْله تَعَالَى " وَمِنْ الْأَرْض مِثْلهنَّ" حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى حَدَّثَنَا اِبْن ثَوْر عَنْ مَعْمَر عَنْ قَتَادَة قَالَ اِلْتَقَى أَرْبَعَة مِنْ الْمَلَائِكَة بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض فَقَالَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ مِنْ أَيْنَ جِئْت قَالَ أَحَدهمْ أَرْسَلَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ مِنْ السَّمَاء السَّابِعَة وَتَرَكْته ثُمَّ قَالَ الْآخَر أَرْسَلَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ مِنْ الْأَرْض السَّابِعَة وَتَرَكْته ثُمَّ قَالَ الْآخَر أَرْسَلَنِي رَبِّي مِنْ الْمَشْرِق وَتَرَكْته ثُمَّ قَالَ الْآخَر أَرْسَلَنِي رَبِّي مِنْ الْمَغْرِب وَتَرَكْته ثُمَّ وَهَذَا حَدِيث غَرِيب جِدًّا وَقَدْ يَكُون الْحَدِيث الْأَوَّل مَوْقُوفًا عَلَى قَتَادَة كَمَا رُوِيَ هَهُنَا مِنْ قَوْله وَاَللَّه أَعْلَم .
[عدل (http://ar.wikisource.org/w/index.php?title=%D8%AA%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%B1_%D8 %A7%D8%A8%D9%86_%D9%83%D8%AB%D9%8A%D8%B1/%D8%B3%D9%88%D8%B1%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF% D9%8A%D8%AF&action=edit&section=4)] هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4)

هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
يُخْبِر تَعَالَى أَنَّهُ خَالِق الْعَالَم سَمَاوَاته وَأَرْضه وَمَا بَيْن ذَلِكَ فِي سِتَّة أَيَّام كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ فِي غَيْر مَا آيَة مِنْ الْقُرْآن , وَالسِّتَّة أَيَّام هِيَ الْأَحَد وَالِاثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاء وَالْأَرْبِعَاء وَالْخَمِيس وَالْجُمُعَة وَفِيهِ اُجْتُمِعَ الْخَلْق كُلّه وَفِيهِ خُلِقَ آدَم عَلَيْهِ السَّلَام وَاخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْأَيَّام هَلْ كُلّ يَوْم مِنْهَا كَهَذِهِ الْأَيَّام كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَر إِلَى الْأَذْهَان أَوْ كُلّ يَوْم كَأَلْفِ سَنَة كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ مُجَاهِد وَالْإِمَام أَحْمَد بْن حَنْبَل وَيُرْوَى ذَلِكَ مِنْ رِوَايَة الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس فَأَمَّا يَوْم السَّبْت فَلَمْ يَقَع فِيهِ خَلْق لِأَنَّهُ الْيَوْم السَّابِع وَمِنْهُ سُمِّيَ السَّبْت وَهُوَ الْقَطْع فَأَمَّا الْحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد فِي مُسْنَده حَيْثُ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاج حَدَّثَنَا اِبْن جُرَيْج أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة عَنْ أَيُّوب بْن خَالِد عَنْ عَبْد اللَّه بْن رَافِع مَوْلَى أُمّ سَلَمَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : أَخَذَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي فَقَالَ " خَلَقَ اللَّه التُّرْبَة يَوْم السَّبْت وَخَلَقَ الْجِبَال فِيهَا يَوْم الْأَحَد وَخَلَقَ الشَّجَر فِيهَا يَوْم الِاثْنَيْنِ وَخَلَقَ الْمَكْرُوه يَوْم الثُّلَاثَاء وَخَلَقَ النُّور يَوْم الْأَرْبِعَاء وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابّ يَوْم الْخَمِيس وَخَلَقَ آدَم بَعْد الْعَصْر يَوْم الْجُمُعَة آخِر الْخَلْق فِي آخِر سَاعَة مِنْ سَاعَات الْجُمُعَة فِيمَا بَيْن الْعَصْر إِلَى اللَّيْل " . فَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِم بْن الْحَجَّاج فِي صَحِيحه وَالنَّسَائِيّ مِنْ غَيْر وَجْه عَنْ حَجَّاج وَهُوَ اِبْن مُحَمَّد الْأَعْوَر عَنْ اِبْن جُرَيْج بِهِ وَفِيهِ اِسْتِيعَاب الْأَيَّام السَّبْعَة وَاَللَّه تَعَالَى قَدْ قَالَ " فِي سِتَّة أَيَّام" وَلِهَذَا تَكَلَّمَ الْبُخَارِيّ وَغَيْر وَاحِد مِنْ الْحُفَّاظ فِي هَذَا الْحَدِيث وَجَعَلُوهُ مِنْ رِوَايَة أَبِي هُرَيْرَة عَنْ كَعْب الْأَحْبَار لَيْسَ مَرْفُوعًا وَاَللَّه أَعْلَم .
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى " ثُمَّ اِسْتَوَى عَلَى الْعَرْش " فَلِلنَّاسِ فِي هَذَا الْمَقَام مَقَالَات كَثِيرَة جِدًّا لَيْسَ هَذَا مَوْضِع بَسْطهَا وَإِنَّمَا نَسْلك فِي هَذَا الْمَقَام مَذْهَب السَّلَف الصَّالِح مَالِك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْرِيّ وَاللَّيْث بْن سَعْد وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَغَيْرهمْ مِنْ أَئِمَّة الْمُسْلِمِينَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَهُوَ إِمْرَارهَا كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْر تَكْيِيف وَلَا تَشْبِيه وَلَا تَعْطِيل وَالظَّاهِر الْمُتَبَادَر إِلَى أَذْهَان الْمُشَبِّهِينَ مَنْفِيّ عَنْ اللَّه فَإِنَّ اللَّه لَا يُشْبِههُ شَيْء مِنْ خَلْقه , وَ " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير" بَلْ الْأَمْر كَمَا قَالَ الْأَئِمَّة مِنْهُمْ نُعَيْم بْن حَمَّاد الْخُزَاعِيّ شَيْخ الْبُخَارِيّ قَالَ مَنْ شَبَّهَ اللَّه بِخَلْقِهِ كَفَرَ وَمَنْ جَحَدَ مَا وَصَفَ اللَّه بِهِ نَفْسه فَقَدْ كَفَرَ وَلَيْسَ فِيمَا وَصَفَ اللَّه بِهِ نَفْسه وَلَا رَسُوله تَشْبِيه فَمَنْ أَثْبَتَ لِلَّهِ تَعَالَى مَا وَرَدَتْ بِهِ الْآيَات الصَّرِيحَة وَالْأَخْبَار الصَّحِيحَة عَلَى الْوَجْه الَّذِي يَلِيق بِجَلَالِ اللَّه وَنَفَى عَنْ اللَّه تَعَالَى النَّقَائِص فَقَدْ سَلَكَ سَبِيل الْهُدَى . وَقَوْله تَعَالَى " يَعْلَم مَا يَلِج فِي الْأَرْض " أَيْ يَعْلَم عَدَد مَا يَدْخُل فِيهَا مِنْ حَبّ وَقَطْر " وَمَا يَخْرُج مِنْهَا " مِنْ نَبَات وَزَرْع وَثِمَار كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَعِنْده مَفَاتِح الْغَيْب لَا يَعْلَمهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَم مَا فِي الْبَرّ وَالْبَحْر وَمَا تَسْقُط مِنْ وَرَقَة إِلَّا يَعْلَمهَا وَلَا حَبَّة فِي ظُلُمَات الْأَرْض وَلَا رُطَب وَلَا يَابِس إِلَّا فِي كِتَاب مُبِين " وَقَوْله تَعَالَى" وَمَا يَنْزِل مِنْ السَّمَاء " أَيْ مِنْ الْأَمْطَار وَالثُّلُوج وَالْبَرَد وَالْأَقْدَار وَالْأَحْكَام مَعَ الْمَلَائِكَة الْكِرَام وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَة الْبَقَرَة أَنَّهُ مَا يَنْزِل مِنْ قَطْرَة مِنْ السَّمَاء إِلَّا وَمَعَهَا مَلَك يُقَرِّرهَا فِي الْمَكَان الَّذِي يَأْمُر اللَّه بِهِ حَيْثُ يَشَاء اللَّه تَعَالَى . وَقَوْله تَعَالَى" وَمَا يَعْرُج فِيهَا " أَيْ مِنْ الْمَلَائِكَة وَالْأَعْمَال كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيح " يَرْفَع إِلَيْهِ عَمَل اللَّيْل قَبْل النَّهَار وَعَمَل النَّهَار قَبْل اللَّيْل " وَقَوْله تَعَالَى " وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ وَاَللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير " أَيْ رَقِيب عَلَيْكُمْ شَهِيد عَلَى أَعْمَالكُمْ حَيْثُ كُنْتُمْ وَأَيْنَمَا كُنْتُمْ مِنْ بَرّ أَوْ بَحْر فِي لَيْل أَوْ نَهَار فِي الْبُيُوت أَوْ فِي الْقِفَار الْجَمِيع فِي عِلْمه عَلَى السَّوَاء وَتَحْت بَصَره وَسَمْعه فَيَسْمَع كَلَامكُمْ وَيَرَى مَكَانكُمْ وَيَعْلَم سِرّكُمْ وَنَجْوَاكُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى " أَلَا إِنَّهُمْ يُثْنُونَ صُدُورهمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِين يَسْتَغْشُونَ ثِيَابهمْ يَعْلَم مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيم بِذَاتِ الصُّدُور " وَقَالَ تَعَالَى " سَوَاء مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْل وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِب بِالنَّهَارِ " فَلَا إِلَه غَيْره وَلَا رَبّ سِوَاهُ .
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيح أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِجِبْرِيل لَمَّا سَأَلَهُ عَنْ الْإِحْسَان " أَنْ تَعْبُد اللَّه كَأَنَّك تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاك " وَرَوَى الْحَافِظ أَبُو بَكْر الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ حَدِيث نَصْر بْن خُزَيْمَة بْن جُنَادَة بْن مَحْفُوظ بْن عَلْقَمَة حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ نَصْر بْن عَلْقَمَة عَنْ أَخِيهِ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَامِر قَالَ : قَالَ عُمَر جَاءَ رَجُل إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : زَوِّدْنِي حِكْمَة أَعِيش بِهَا فَقَالَ : " اِسْتَحِ اللَّه كَمَا تَسْتَحِي رَجُلًا مِنْ صَالِحِي عَشِيرَتك لَا يُفَارِقك " هَذَا حَدِيث غَرِيب . وَرَوَى أَبُو نُعَيْم مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَلَوِيَّة الْعَامِرِيّ مَرْفُوعًا " ثَلَاث مَنْ فَعَلَهُنَّ فَقَدْ طَعِمَ الْإِيمَان إِنْ عَبَدَ اللَّه وَحْده وَأَعْطَى زَكَاة مَاله طَيِّبَة بِهَا نَفْسه فِي كُلّ عَام وَلَمْ يُعْطِ الْهَرِمَة وَلَا الرَّذِيَّة وَلَا الشَّرِطَة اللَّئِيمَة وَلَا الْمَرِيضَة وَلَكِنْ مِنْ أَوْسَط أَمْوَالكُمْ وَزَكَّى نَفْسه" وَقَالَ رَجُل يَا رَسُول اللَّه مَا تَزْكِيَة الْمَرْء نَفْسه فَقَالَ" يَعْلَم أَنَّ اللَّه مَعَهُ حَيْثُ كَانَ " . وَقَالَ نُعَيْم بْن حَمَّاد رَحِمَهُ اللَّه حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن سَعِيد بْن كَثِير بْن دِينَار الْحِمْصِيّ عَنْ مُحَمَّد بْن مُهَاجِر عَنْ عُرْوَة بْن رُوَيْم عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن غُنْم عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ أَفْضَل الْإِيمَان أَنْ تَعْلَم أَنَّ اللَّه مَعَك حَيْثُمَا كُنْت" غَرِيب . وَكَانَ الْإِمَام أَحْمَد رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى يَنْشُد هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ : إِذَا مَا خَلَوْت الدَّهْر يَوْمًا فَلَا تَقُلْ ... خَلَوْت وَلَكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّه يَغْفُل سَاعَة ... وَلَا أَنَّ مَا تُخْفِي عَلَيْهِ يَغِيبُ

نسايم ليل
10 -08- 2011, 10:13 PM
لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (5)

لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ
أَيْ هُوَ الْمَالِك لِلدُّنْيَا وَالْآخِرَة كَمَا قَالَ تَعَالَى" وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَة وَالْأُولَى " وَهُوَ الْمَحْمُود عَلَى ذَلِكَ كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَهُوَ اللَّه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْد فِي الْأُولَى وَالْآخِرَة " وَقَالَ تَعَالَى " الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الْأَرْض وَلَهُ الْحَمْد فِي الْآخِرَة وَهُوَ الْحَكِيم الْخَبِير " فَجَمِيع مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض مِلْك لَهُ وَأَهْلهمَا عَبِيد أَرِقَّاء أَذِلَّاء بَيْن يَدَيْهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى " إِنْ كُلّ مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَّا آتِ الرَّحْمَن عَبْدًا لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدّهمْ عَدًّا وَكُلّهمْ آتِيه يَوْم الْقِيَامَة فَرْدًا " وَلِهَذَا قَالَ" وَإِلَى اللَّه تُرْجَع الْأُمُور " أَيْ إِلَيْهِ الْمَرْجِع يَوْم الْقِيَامَة فَيَحْكُم فِي خَلْقه بِمَا يَشَاء وَهُوَ الْعَادِل الَّذِي لَا يَجُور وَلَا يَظْلِم مِثْقَال ذَرَّة بَلْ إِنْ يَكُنْ عَمِلَ أَحَدهمْ حَسَنَة وَاحِدَة يُضَاعِفهَا إِلَى عَشْر أَمْثَالهَا " وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْه أَجْرًا عَظِيمًا " كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَنَضَع الْمَوَازِين الْقِسْط لِيَوْمِ الْقِيَامَة فَلَا تُظْلَم نَفْس شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَال حَبَّة مِنْ خَرْدَل أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ" .

نسايم ليل
10 -08- 2011, 10:13 PM
يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (6)

يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
أَيْ هُوَ الْمُتَصَرِّف فِي الْخَلْق يُقَلِّب اللَّيْل وَالنَّهَار وَيُقَدِّرهُمَا بِحِكْمَتِهِ كَمَا يَشَاء فَتَارَة يُطَوِّل اللَّيْل وَيُقَصِّر النَّهَار وَتَارَة بِالْعَكْسِ وَتَارَة يَتْرُكهُمَا مُعْتَدِلَيْنِ وَتَارَة يَكُون الْفَصْل شِتَاء ثُمَّ رَبِيعًا ثُمَّ قَيْظًا ثُمَّ خَرِيفًا وَكُلّ ذَلِكَ بِحِكْمَتِهِ وَتَقْدِيره لِمَا يُرِيدهُ بِخَلْقِهِ " وَهُوَ عَلِيم بِذَاتِ الصُّدُور " أَيْ يَعْلَم السَّرَائِر وَإِنْ دَقَّتْ وَإِنْ خَفِيَتْ .

نسايم ليل
10 -08- 2011, 10:14 PM
آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7)

آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ
أَمَرَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِالْإِيمَانِ بِهِ وَبِرَسُولِهِ عَلَى الْوَجْه الْأَكْمَل وَالدَّوَام وَالثَّبَات عَلَى ذَلِكَ وَالِاسْتِمْرَار وَحَثَّ عَلَى الْإِنْفَاق مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ أَيْ مِمَّا هُوَ مَعَكُمْ عَلَى سَبِيل الْعَارِيَة فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ فِي أَيْدِي مَنْ قَبْلكُمْ ثُمَّ صَارَ إِلَيْكُمْ فَأَرْشَدَ تَعَالَى إِلَى اِسْتِعْمَال مَا اِسْتَخْلَفَهُمْ فِيهِ مِنْ الْمَال فِي طَاعَته فَإِنْ يَفْعَلُوا وَإِلَّا حَاسَبَهُمْ عَلَيْهِ وَعَاقَبَهُمْ لِتَرْكِهِمْ الْوَاجِبَات فِيهِ وَقَوْله تَعَالَى " مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ " فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّهُ سَيَكُونُ مُخَلِّفًا عَنْك فَلَعَلَّ وَارِثك أَنْ يُطِيع اللَّه فِيهِ فَيَكُون أَسْعَد بِمَا أَنْعَمَ اللَّه بِهِ عَلَيْك مِنْك أَوْ يَعْصِي اللَّه فَتَكُون قَدْ سَعَيْت فِي مُعَاوَنَته عَلَى الْإِثْم وَالْعُدْوَان . قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر حَدَّثَنَا شُعْبَة سَمِعْت قَتَادَة يُحَدِّث عَنْ مُطَرِّف يَعْنِي اِبْن عَبْد اللَّه بْن الشِّخِّير عَنْ أَبِيهِ قَالَ اِنْتَهَيْت إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُول " أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُر" يَقُول اِبْن آدَم مَالِي مَالِي وَهَلْ لَك مِنْ مَالِك إِلَّا مَا أَكَلْت فَأَفْنَيْت أَوْ لَبِسْت فَأَبْلَيْت أَوْ تَصَدَّقْت فَأَمْضَيْت ؟ وَرَوَاهُ مُسْلِم مِنْ حَدِيث شُعْبَة بِهِ وَزَادَ " وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَذَاهِب وَتَارِكه لِلنَّاسِ " وَقَوْله تَعَالَى " فَاَلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْر كَبِير " تَرْغِيب فِي الْإِيمَان وَالْإِنْفَاق فِي الطَّاعَة .

نسايم ليل
10 -08- 2011, 10:15 PM
وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (8)

وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
أَيْ وَأَيّ شَيْء يَمْنَعكُمْ مِنْ الْإِيمَان وَالرَّسُول بَيْن أَظْهُركُمْ يَدْعُوكُمْ إِلَى ذَلِكَ وَيُبَيِّن لَكُمْ الْحِجَج وَالْبَرَاهِين عَلَى صِحَّة مَا جَاءَكُمْ بِهِ وَقَدْ رُوِيَ فِي الْحَدِيث مِنْ طُرُق فِي أَوَائِل شَرْح كِتَاب الْإِيمَان مِنْ صَحِيح الْبُخَارِيّ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمًا لِأَصْحَابِهِ" أَيّ الْمُؤْمِنِينَ أَعْجَب إِلَيْكُمْ إِيمَانًا ؟ - قَالُوا الْمَلَائِكَة قَالَ - وَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ وَهُمْ عِنْد رَبّهمْ قَالُوا فَالْأَنْبِيَاء قَالَ - وَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ وَالْوَحْي يَنْزِل عَلَيْهِمْ - قَالُوا فَنَحْنُ قَالَ - وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ وَأَنَا بَيْن أَظْهُركُمْ وَلَكِنْ أَعْجَب الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا قَوْم يَجِيئُونَ بَعْدكُمْ يَجِدُونَ صُحُفًا يُؤْمِنُونَ بِمَا فِيهَا" وَقَدْ ذَكَرْنَا طَرَفًا مِنْ هَذِهِ فِي أَوَّل سُورَة الْبَقَرَة عِنْد قَوْله تَعَالَى " الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ " وَقَوْله تَعَالَى " وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقكُمْ " كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَاذْكُرُوا نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقه الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا " وَيَعْنِي بِذَلِكَ بَيْعَة الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَعَمَ اِبْن جَرِير أَنَّ الْمُرَاد بِذَلِكَ الْمِيثَاق الَّذِي أُخِذَ عَلَيْهِمْ فِي صُلْب آدَم وَهُوَ مَذْهَب مُجَاهِد فَاَللَّه أَعْلَم .

نسايم ليل
10 -08- 2011, 10:15 PM
هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (9)

هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ
قَوْله تَعَالَى " هُوَ الَّذِي يُنَزِّل عَلَى عَبْده آيَات بَيِّنَات" أَيْ حُجَجًا وَاضِحَات وَدَلَائِل بَاهِرَات - وَبَرَاهِين قَاطِعَات" لِيُخْرِجكُمْ مِنْ الظُّلُمَات إِلَى النُّور " أَيْ مِنْ ظُلُمَات الْجَهْل وَالْكُفْر وَالْآرَاء الْمُتَضَادَّة إِلَى نُور الْهُدَى وَالْيَقِين " وَإِنَّ اللَّه بِكُمْ لَرَءُوف رَحِيم " أَيْ فِي إِنْزَاله الْكُتُب وَإِرْسَاله الرُّسُل لِهِدَايَةِ النَّاس وَإِزَاحَة الْعِلَل وَإِزَالَة الشُّبَه وَلَمَّا أَمَرَهُمْ أَوَّلًا بِالْإِيمَانِ وَالْإِنْفَاق ثُمَّ حَثّهمْ عَلَى الْإِيمَان وَبَيَّنَ أَنَّهُ قَدْ أَزَالَ عَنْهُمْ مَوَانِعه حَثَّهُمْ أَيْضًا عَلَى الْإِنْفَاق .

نسايم ليل
10 -08- 2011, 10:16 PM
[عدل (http://ar.wikisource.org/w/index.php?title=%D8%AA%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%B1_%D8 %A7%D8%A8%D9%86_%D9%83%D8%AB%D9%8A%D8%B1/%D8%B3%D9%88%D8%B1%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF% D9%8A%D8%AF&action=edit&section=13)] يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آَمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13)

يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ
وَهَذَا إِخْبَار مِنْهُ تَعَالَى عَمَّا يَقَع يَوْم الْقِيَامَة فِي الْعَرَصَات مِنْ الْأَهْوَال الْمُزْعِجَة وَالزَّلَازِل الْعَظِيمَة وَالْأُمُور الْفَظِيعَة وَإِنَّهُ لَا يَنْجُو يَوْمئِذٍ إِلَّا مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ وَرَسُوله وَعَمِلَ بِمَا أَمَرَ اللَّه بِهِ وَتَرَكَ مَا عَنْهُ زُجِرَ . قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَبْدَة بْن سُلَيْمَان حَدَّثَنَا اِبْن الْمُبَارَك حَدَّثَنَا صَفْوَان بْن عَمْرو حَدَّثَنِي سُلَيْم بْن عَامِر قَالَ خَرَجْنَا عَلَى جِنَازَة فِي بَاب دِمَشْق وَمَعَنَا أَبُو أُمَامَة الْبَاهِلِيّ فَلَمَّا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَة وَأَخَذُوا فِي دَفْنهَا قَالَ أَبُو أُمَامَة : أَيّهَا النَّاس إِنَّكُمْ قَدْ أَصْبَحْتُمْ وَأَمْسَيْتُمْ فِي مَنْزِل تَقْتَسِمُونَ فِيهِ الْحَسَنَات وَالسَّيِّئَات . وَتُوشِكُونَ أَنْ تَظْعَنُوا مِنْهُ إِلَى مَنْزِل آخَر وَهُوَ هَذَا - يُشِير إِلَى الْقَبْر - بَيْت الْوَحْدَة وَبَيْت الظُّلْمَة وَبَيْت الدُّود وَبَيْت الضِّيق إِلَّا مَا وَسَّعَ اللَّه ثُمَّ تَنْتَقِلُونَ مِنْهُ إِلَى مَوَاطِن يَوْم الْقِيَامَة فَإِنَّكُمْ فِي بَعْض تِلْكَ الْمَوَاطِن حَتَّى يَغْشَى النَّاس أَمْر مِنْ اللَّه فَتَبْيَضّ وُجُوه وَتَسْوَدّ وُجُوه ثُمَّ تَنْتَقِلُونَ مِنْهُ إِلَى مَنْزِل آخَر فَيَغْشَى النَّاس ظُلْمَة شَدِيدَة ثُمَّ يُقْسَم النُّور فَيُعْطَى الْمُؤْمِن نُورًا وَيُتْرَك الْكَافِر وَالْمُنَافِق فَلَا يُعْطَيَانِ شَيْئًا وَهُوَ الْمَثَل الَّذِي ضَرَبَهُ اللَّه تَعَالَى فِي كِتَابه فَقَالَ " أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْر لُجِّيّ يَغْشَاهُ مَوْج مِنْ فَوْقه مَوْج مِنْ فَوْقه سَحَاب ظُلُمَات بَعْضهَا فَوْق بَعْض إِذَا أَخْرَجَ يَده لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَل اللَّه لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُور " فَلَا يَسْتَضِيء الْكَافِر وَالْمُنَافِق بِنُورِ الْمُؤْمِن كَمَا لَا يَسْتَضِيء الْأَعْمَى بِبَصَرِ الْبَصِير وَيَقُول الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَات لِلَّذِينَ آمَنُوا" اُنْظُرُونَا نَقْتَبِس مِنْ نُوركُمْ قِيلَ اِرْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا " وَهِيَ خُدْعَة اللَّه الَّتِي خَدَعَ بِهَا الْمُنَافِقِينَ حَيْثُ قَالَ " يُخَادِعُونَ اللَّه وَهُوَ خَادِعهمْ" فَيَرْجِعُونَ إِلَى الْمَكَان الَّذِي قُسِمَ فِيهِ النُّور فَلَا يَجِدُونَ شَيْئًا فَيَنْصَرِفُونَ إِلَيْهِمْ وَقَدْ ضُرِبَ بَيْنهمْ" بِسُورٍ لَهُ بَاب بَاطِنه فِيهِ الرَّحْمَة وَظَاهِره مِنْ قِبَله الْعَذَاب " الْآيَة .
يَقُول سُلَيْم بْن عَامِر فَمَا يَزَال الْمُنَافِق مُغْتَرًّا حَتَّى يُقْسَم النُّور وَيَمِيز اللَّه بَيْن الْمُنَافِق وَالْمُؤْمِن ثُمَّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن عُثْمَان حَدَّثَنَا اِبْن حَيْوَة حَدَّثَنَا أَرَطْأَة بْن الْمُنْذِر حَدَّثَنَا يُوسُف بْن الْحَجَّاج عَنْ أَبِي أُمَامَة قَالَ : يَبْعَث اللَّه ظُلْمَة يَوْم الْقِيَامَة فَمَا مِنْ مُؤْمِن وَلَا كَافِر يَرَى كَفّه حَتَّى يَبْعَث اللَّه بِالنُّورِ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ بِقَدْرِ أَعْمَالهمْ فَيَتْبَعهُمْ الْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُونَ اُنْظُرُونَا نَقْتَبِس مِنْ نُوركُمْ . وَقَالَ الْعَوْفِيّ وَالضَّحَّاك وَغَيْرهمَا عَنْ ابْن عَبَّاس بَيْنَمَا النَّاس فِي ظُلْمَة إِذْ بَعَثَ اللَّه نُورًا فَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ النُّور تَوَجَّهُوا نَحْوه وَكَانَ النُّور دَلِيلًا مِنْ اللَّه إِلَى الْجَنَّة فَلَمَّا رَأَى الْمُنَافِقُونَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ اِنْطَلَقُوا اِتَّبَعُوهُمْ فَأَظْلَمَ اللَّه عَلَى الْمُنَافِقِينَ فَقَالُوا حِينَئِذٍ " اُنْظُرُونَا نَقْتَبِس مِنْ نُوركُمْ " فَإِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ فِي الدُّنْيَا قَالَ الْمُؤْمِنُونَ" اِرْجِعُوا وَرَاءَكُمْ " مِنْ حَيْثُ جِئْتُمْ مِنْ الظُّلْمَة فَالْتَمِسُوا هُنَالِكَ النُّور وَقَالَ أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانِيّ حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَرَفَة بْن عَلَوِيَّة الْعَطَّار حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن عِيسَى الْعَطَّار حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن بِشْر بْن حُذَيْفَة حَدَّثَنَا اِبْن جُرَيْج عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ اللَّه تَعَالَى يَدْعُو النَّاس يَوْم الْقِيَامَة بِأَسْمَائِهِمْ سَتْرًا مِنْهُ عَلَى عِبَاده وَأَمَّا عِنْد الصِّرَاط فَإِنَّ اللَّه يُعْطِي كُلّ مُؤْمِن نُورًا وَكُلّ مُنَافِق نُورًا فَإِذَا اِسْتَوَوْا عَلَى الصِّرَاط سَلَبَ اللَّه نُور الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَات فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ " اُنْظُرُونَا نَقْتَبِس مِنْ نُوركُمْ " وَقَالَ الْمُؤْمِنُونَ " رَبّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورنَا " فَلَا يَذْكُر عِنْد ذَلِكَ أَحَد أَحَدًا " وَقَوْله تَعَالَى " فَضُرِبَ بَيْنهمْ بِسُورٍ لَهُ بَاب بَاطِنه فِيهِ الرَّحْمَة وَظَاهِره مِنْ قِبَله الْعَذَاب" قَالَ الْحَسَن وَقَتَادَة هُوَ حَائِط بَيْن الْجَنَّة وَالنَّار وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَم هُوَ الَّذِي قَالَ اللَّه تَعَالَى " وَبَيْنهمَا حِجَاب " وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِد رَحِمَهُ اللَّه وَغَيْر وَاحِد وَهُوَ الصَّحِيح " بَاطِنه فِيهِ الرَّحْمَة" أَيْ الْجَنَّة وَمَا فِيهَا " وَظَاهِره مِنْ قِبَله الْعَذَاب " أَيْ النَّار قَالَهُ قَتَادَة وَابْن زَيْد وَغَيْرهمَا . قَالَ اِبْن جَرِير وَقَدْ قِيلَ إِنَّ ذَلِكَ السُّور سُور بَيْت الْمَقْدِسِ عِنْد وَادِي جَهَنَّم .
ثُمَّ قَالَ حَدَّثَنَا اِبْن الْبَرْقِيّ حَدَّثَنَا عَمْرو بْن أَبِي سَلَمَة عَنْ سَعِيد بْن عَطِيَّة بْن قَيْس عَنْ أَبِي الْعَوَّام مُؤَذِّن بَيْت الْمَقْدِسِ قَالَ سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن عَمْرو يَقُول إِنَّ السُّور الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه فِي الْقُرْآن" فَضُرِبَ بَيْنهمْ بِسُورٍ لَهُ بَاب بَاطِنه فِيهِ الرَّحْمَة وَظَاهِره مِنْ قِبَله الْعَذَاب " هُوَ السُّور الشَّرْقِيّ بَاطِنه الْمَسْجِد وَمَا يَلِيه وَظَاهِره وَادِي جَهَنَّم ثُمَّ رُوِيَ عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت وَكَعْب الْأَحْبَار وَعَلِيّ بْن الْحُسَيْن وَزَيْن الْعَابِدِينَ نَحْو ذَلِكَ وَهَذَا مَحْمُول مِنْهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِهَذَا تَقْرِيب الْمَعْنَى وَمِثَالًا لِذَلِكَ لَا أَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي أُرِيدَ مِنْ الْقُرْآن هَذَا الْجِدَار الْمُعَيَّن وَنَفْس الْمَسْجِد وَمَا وَرَاءَهُ مِنْ الْوَادِي الْمَعْرُوف بِوَادِي جَهَنَّم فَإِنَّ الْجَنَّة فِي السَّمَوَات فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ وَالنَّار فِي الدَّرَكَات أَسْفَل سَافِلِينَ وَقَوْل كَعْب الْأَحْبَار إِنَّ الْبَاب الْمَذْكُور فِي الْقُرْآن هُوَ بَاب الرَّحْمَة الَّذِي هُوَ أَحَد أَبْوَاب الْمَسْجِد فَهَذَا مِنْ إِسْرَائِيلِيَّاته وَتُرَّهَاته وَإِنَّمَا الْمُرَاد بِذَلِكَ سُور يُضْرَب يَوْم الْقِيَامَة لِيَحْجِز بَيْن الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُنَافِقِينَ فَإِذَا اِنْتَهَى إِلَيْهِ الْمُؤْمِنُونَ دَخَلُوهُ مِنْ بَابه فَإِذَا اِسْتَكْمَلُوا دُخُولهمْ أُغْلِقَ الْبَاب وَبَقِيَ الْمُنَافِقُونَ مِنْ وَرَاءِهِ فِي الْحِيرَة وَالظُّلْمَة وَالْعَذَاب كَمَا كَانُوا فِي الدَّار الدُّنْيَا فِي كُفْر وَجَهْل وَشْك وَحِيرَة .
[عدل (http://ar.wikisource.org/w/index.php?title=%D8%AA%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%B1_%D8 %A7%D8%A8%D9%86_%D9%83%D8%AB%D9%8A%D8%B1/%D8%B3%D9%88%D8%B1%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF% D9%8A%D8%AF&action=edit&section=14)] يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14)

يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ
" يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ " أَيْ يُنَادِي الْمُنَافِقُونَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَا كُنَّا مَعَكُمْ فِي الدَّار الدُّنْيَا نَشْهَد مَعَكُمْ الْجُمُعَات وَنُصَلِّي مَعَكُمْ الْجَمَاعَات وَنَقِف مَعَكُمْ بِعَرَفَاتٍ وَنَحْضُر مَعَكُمْ الْغَزَوَات وَنُؤَدِّي مَعَكُمْ سَائِر الْوَاجِبَات ؟ " قَالُوا بَلَى " أَيْ فَأَجَابَ الْمُؤْمِنُونَ الْمُنَافِقِينَ قَائِلِينَ بَلَى قَدْ كُنْتُمْ مَعَنَا " وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمْ الْأَمَانِيّ" قَالَ بَعْض السَّلَف أَيْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسكُمْ بِاللَّذَّاتِ وَالْمَعَاصِي وَالشَّهَوَات " وَتَرَبَّصْتُمْ " أَيْ أَخَّرْتُمْ التَّوْبَة مِنْ وَقْت إِلَى وَقْت . وَقَالَ قَتَادَة تَرَبَّصْتُمْ بِالْحَقِّ وَأَهْله" وَارْتَبْتُمْ " أَيْ بِالْبَعْثِ بَعْد الْمَوْت " وَغَرَّتْكُمْ الْأَمَانِيّ " أَيْ قُلْتُمْ سَيُغْفَرُ لَنَا وَقِيلَ غَرَّتْكُمْ الدُّنْيَا " حَتَّى جَاءَ أَمْر اللَّه " أَيْ مَا زِلْتُمْ فِي هَذَا حَتَّى جَاءَكُمْ الْمَوْت " وَغَرَّكُمْ بِاَللَّهِ الْغَرُور " أَيْ الشَّيْطَان قَالَ قَتَادَة : كَانُوا عَلَى خُدْعَة مِنْ الشَّيْطَان وَاَللَّه مَا زَالُوا عَلَيْهَا حَتَّى قَذَفَهُمْ اللَّه فِي النَّار. وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَام مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لِلْمُنَافِقِينَ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ مَعَنَا أَيْ بِأَبْدَانٍ لَا نِيَّة لَهَا وَلَا قُلُوب مَعَهَا وَإِنَّمَا كُنْتُمْ فِي حِيرَة وَشَكّ فَكُنْتُمْ تُرَاءُونَ النَّاس وَلَا تَذْكُرُونَ اللَّه إِلَّا قَلِيلًا . قَالَ مُجَاهِد : كَانَ الْمُنَافِقُونَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ أَحْيَاء يُنَاكِحُونَهُمْ وَيَغْشَوْنَهُمْ وَيُعَاشِرُونَهُمْ وَكَانُوا مَعَهُمْ أَمْوَاتًا وَيُعْطَوْنَ النُّور جَمِيعًا يَوْم الْقِيَامَة وَيُطْفَأ النُّور مِنْ الْمُنَافِقِينَ إِذَا بَلَغُوا السُّور وَيُمَاز بَيْنهمْ حِينَئِذٍ . وَهَذَا الْقَوْل مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَا يُنَافِي قَوْلهمْ الَّذِي أَخْبَرَ اللَّه تَعَالَى بِهِ عَنْهُمْ حَيْثُ يَقُول وَهُوَ أَصْدَق الْقَائِلِينَ" كُلّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَة إِلَّا أَصْحَاب الْيَمِين فِي جَنَّات يَتَسَاءَلُونَ عَنْ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَر قَالُوا لَمْ نَكُ مِنْ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِم الْمِسْكِين وَكُنَّا نَخُوض مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّب بِيَوْمِ الدِّين حَتَّى أَتَانَا الْيَقِين " فَهَذَا إِنَّمَا خَرَجَ مِنْهُمْ عَلَى وَجْه التَّقْرِيع لَهُمْ وَالتَّوْبِيخ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " فَمَا تَنْفَعهُمْ شَفَاعَة الشَّافِعِينَ " .
[عدل (http://ar.wikisource.org/w/index.php?title=%D8%AA%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%B1_%D8 %A7%D8%A8%D9%86_%D9%83%D8%AB%D9%8A%D8%B1/%D8%B3%D9%88%D8%B1%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF% D9%8A%D8%AF&action=edit&section=15)] فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15)

فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ
أَيْ لَوْ جَاءَ أَحَدكُمْ الْيَوْم بِمِلْءِ الْأَرْض ذَهَبًا وَمِثْله مَعَهُ لِيَفْتَدِيَ بِهِ مِنْ عَذَاب اللَّه مَا قُبِلَ مِنْهُ وَقَوْله تَعَالَى" مَأْوَاكُمْ النَّار " أَيْ هِيَ مَصِيركُمْ وَإِلَيْهَا مُنْقَلَبكُمْ وَقَوْله تَعَالَى " هِيَ مَوْلَاكُمْ " أَيْ هِيَ أَوْلَى بِكُمْ مِنْ كُلّ مَنْزِل عَلَى كُفْركُمْ وَارْتِيَابكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِير .
[عدل (http://ar.wikisource.org/w/index.php?title=%D8%AA%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%B1_%D8 %A7%D8%A8%D9%86_%D9%83%D8%AB%D9%8A%D8%B1/%D8%B3%D9%88%D8%B1%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF% D9%8A%D8%AF&action=edit&section=16)] أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)

أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ
يَقُول تَعَالَى أَمَا آنَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَنْ تَخْشَع قُلُوبهمْ لِذِكْرِ اللَّه أَيْ تَلِينَ عِنْد الذِّكْر وَالْمَوْعِظَة وَسَمَاع الْقُرْآن فَتَفْهَمهُ وَتَنْقَاد لَهُ وَتَسْمَع لَهُ وَتُطِيعهُ . قَالَ عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك حَدَّثَنَا صَالِح الْمُرِّيّ عَنْ قَتَادَة عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ اللَّه اِسْتَبْطَأَ قُلُوب الْمُؤْمِنِينَ فَعَاتَبَهُمْ عَلَى رَأْس ثَلَاث عَشْرَة مِنْ نُزُول الْقُرْآن فَقَالَ " أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَع قُلُوبهمْ لِذِكْرِ اللَّه " الْآيَة رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم عَنْ الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الصَّبَّاح عَنْ حُسَيْن الْمَرْوَزِيّ عَنْ اِبْن الْمُبَارَك بِهِ . ثُمَّ قَالَ هُوَ وَمُسْلِم حَدَّثَنَا يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن الْحَارِث عَنْ سَعِيد بْن أَبِي هِلَال يَعْنِي اللَّيْثِيّ عَنْ عَوْن بْن عَبْد اللَّه عَنْ أَبِيهِ عَنْ اِبْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ مَا كَانَ بَيْن إِسْلَامنَا وَبَيْن أَنْ عَاتَبَنَا اللَّه بِهَذِهِ الْآيَة " أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَع قُلُوبهمْ لِذِكْرِ اللَّه " الْآيَة إِلَّا أَرْبَع سِنِينَ كَذَا رَوَاهُ مُسْلِم فِي آخِر الْكِتَاب وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ عِنْد تَفْسِير هَذِهِ الْآيَة عَنْ هَارُون بْن سَعِيد الْأَيْلِيّ عَنْ اِبْن وَهْب بِهِ .
وَقَدْ رَوَاهُ اِبْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث مُوسَى بْن يَعْقُوب الزَّمْعِيّ عَنْ أَبِي حَازِم عَنْ عَامِر بْن عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر عَنْ أَبِيهِ مِثْله فَجَعَلَهُ مِنْ مُسْنَد اِبْن الزُّبَيْر لَكِنْ رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنَده مِنْ طَرِيق مُوسَى بْن يَعْقُوب عَنْ أَبِي حَازِم عَنْ عَامِر عَنْ اِبْن الزُّبَيْر عَنْ اِبْن مَسْعُود فَذَكَرَهُ وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ عَنْ الْمَسْعُودِيّ عَنْ الْقَاسِم قَالَ : مَلَّ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِلَّة فَقَالُوا حَدِّثْنَا يَا رَسُول اللَّه فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى" نَحْنُ نَقُصّ عَلَيْك أَحْسَن الْقَصَص " قَالَ ثُمَّ مَلُّوا مِلَّة فَقَالُوا حَدِّثْنَا يَا رَسُول اللَّه فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى" اللَّه نَزَّلَ أَحْسَن الْحَدِيث " ثُمَّ مَلُّوا مِلَّة فَقَالُوا حَدِّثْنَا يَا رَسُول اللَّه فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى " أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَع قُلُوبهمْ لِذِكْرِ اللَّه " وَقَالَ قَتَادَة " أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَع قُلُوبهمْ لِذِكْرِ اللَّه " ذَكَرَ لَنَا أَنَّ شَدَّاد بْن أَوْس كَانَ يَرْوِي عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِنَّ أَوَّل مَا يُرْفَع مِنْ النَّاس الْخُشُوع " وَقَوْله تَعَالَى " وَلَا يَكُونُوا كَاَلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْل فَطَالَ عَلَيْهِمْ الْأَمَد فَقَسَتْ قُلُوبهمْ " نَهَى اللَّه تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَشَبَّهُوا بِاَلَّذِينَ حَمَلُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلهمْ مِنْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى لَمَّا تَطَاوَلَ عَلَيْهِمْ الْأَمَد بَدَّلُوا كِتَاب اللَّه الَّذِي بِأَيْدِيهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا وَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورهمْ وَأَقْبَلُوا عَلَى الْآرَاء الْمُخْتَلِفَة وَالْأَقْوَال الْمُؤْتَفِكَة وَقَلَّدُوا الرِّجَال فِي دِين اللَّه وَاِتَّخَذُوا أَحْبَارهمْ وَرُهْبَانهمْ أَرْبَابًا مِنْ دُون اللَّه فَعِنْد ذَلِكَ قَسَتْ قُلُوبهمْ فَلَا يَقْبَلُونَ مَوْعِظَة وَلَا تَلِينَ قُلُوبهمْ بِوَعْدٍ وَلَا وَعِيد " وَكَثِير مِنْهُمْ فَاسِقُونَ" أَيْ فِي الْأَعْمَال فَقُلُوبهمْ فَاسِدَة وَأَعْمَالهمْ بَاطِلَة كَمَا قَالَ تَعَالَى " فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقهمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبهمْ قَاسِيَة يُحَرِّفُونَ الْكَلِم عَنْ مَوَاضِعه وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ " أَيْ فَسَدَتْ قُلُوبهمْ فَقَسَتْ وَصَارَ مِنْ سَجِيَّتهمْ تَحْرِيف الْكَلِم عَنْ مَوَاضِعه وَتَرَكُوا الْأَعْمَال الَّتِي أُمِرُوا بِهَا وَارْتَكَبُوا مَا نُهُوا عَنْهُ وَلِهَذَا نَهَى اللَّه الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَشَبَّهُوا بِهِمْ فِي شَيْء مِنْ الْأُمُور الْأَصْلِيَّة وَالْفَرْعِيَّة وَقَدْ قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا هِشَام بْن عَمَّار حَدَّثَنَا شِهَاب بْن خِرَاش حَدَّثَنَا حَجَّاج بْن دِينَار عَنْ مَنْصُور بْن الْمُعْتَمِر عَنْ الرَّبِيع بْن أَبِي عُمَيْلَة الْفَزَارِيّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود حَدِيث مَا سَمِعْت أَعْجَب إِلَيَّ مِنْهُ إِلَّا شَيْئًا مِنْ كِتَاب اللَّه أَوْ شَيْئًا قَالَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيل لَمَّا طَالَ عَلَيْهِمْ الْأَمَد فَقَسَتْ قُلُوبهمْ اِخْتَرَعُوا كِتَابًا مِنْ عِنْد أَنْفُسهمْ اِسْتَهْوَتْهُ قُلُوبهمْ وَاسْتَحَلَّتْهُ أَلْسِنَتهمْ وَاسْتَلَذَّتْهُ
وَكَانَ الْحَقّ يَحُول بَيْنهمْ وَبَيْن كَثِير مِنْ شَهَوَاتهمْ فَقَالُوا تَعَالَوْا نَدْعُ بَنِي إِسْرَائِيل إِلَى كِتَابنَا هَذَا فَمَنْ تَابَعَنَا عَلَيْهِ تَرَكْنَاهُ وَمَنْ كَرِهَ أَنْ يُتَابِعنَا قَتَلْنَاهُ فَفَعَلُوا ذَلِكَ وَكَانَ فِيهِمْ رَجُل فَقِيه فَلَمَّا رَأَى مَا يَصْنَعُونَ عَمَدَ إِلَى مَا يُعْرَف مِنْ كِتَاب اللَّه فَكَتَبَهُ فِي شَيْء لَطِيف ثُمَّ أَدْرَجَهُ فَجَعَلَهُ فِي قَرْن ثُمَّ عَلَّقَ ذَلِكَ الْقَرْن فِي عُنُقه فَلَمَّا أَكْثَرُوا الْقَتْل قَالَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ يَا هَؤُلَاءِ إِنَّكُمْ قَدْ أَفْشَيْتُمْ الْقَتْل فِي بَنِي إِسْرَائِيل فَادْعُوا فُلَانًا فَاعْرِضُوا عَلَيْهِ كِتَابكُمْ فَإِنَّهُ إِنْ تَابَعَكُمْ فَسَيُتَابِعُكُمْ بَقِيَّة النَّاس وَإِنْ أَبَى فَاقْتُلُوهُ فَدَعَوْا فُلَانًا ذَلِكَ الْفَقِيه فَقَالُوا أَتُؤْمِنُ بِمَا فِي كِتَابنَا هَذَا ؟ قَالَ وَمَا فِيهِ ؟ اِعْرِضُوهُ عَلَيَّ فَعَرَضُوهُ عَلَيْهِ إِلَى آخِره ثُمَّ قَالُوا أَتُؤْمِنُ بِهَذَا ؟ قَالَ نَعَمْ آمَنْت بِمَا فِي هَذَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْقَرْن فَتَرَكُوهُ فَلَمَّا مَاتَ فَتَّشُوهُ فَوَجَدُوهُ مُعَلِّقًا ذَلِكَ الْقَرْن فَوَجَدُوا فِيهِ مَا يُعْرَف مِنْ كِتَاب اللَّه فَقَالَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ يَا هَؤُلَاءِ مَا كُنَّا نَسْمَع هَذَا أَصَابَهُ فِتْنَة فَافْتَرَقَتْ بَنُو إِسْرَائِيل عَلَى اِثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّة وَخَيْر مِلَلهمْ مِلَّة أَصْحَاب ذِي الْقَرْن . قَالَ اِبْن مَسْعُود وَإِنَّكُمْ أَوْشَكَ بِكُمْ إِنْ بَقِيتُمْ أَوْ بَقِيَ مَنْ بَقِيَ مِنْكُمْ أَنْ تَرَوْا أُمُورًا تُنْكِرُونَهَا لَا تَسْتَطِيعُونَ لَهَا غَيْرًا فَبِحَسْب الْمَرْء مِنْكُمْ أَنْ يَعْلَم اللَّه مِنْ قَلْبه أَنَّهُ لَهَا كَارِه . وَرَوَى أَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيّ حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد حَدَّثَنَا جَرِير عَنْ مُغِيرَة عَنْ أَبِي مَعْشَر عَنْ إِبْرَاهِيم قَالَ جَاءَ عِتْرِيس بْن عُرْقُوب إِلَى اِبْن مَسْعُود فَقَالَ يَا أَبَا عَبْد اللَّه هَلَكَ مَنْ لَمْ يَأْمُر بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَ عَنْ الْمُنْكَر فَقَالَ عَبْد اللَّه هَلَكَ مَنْ لَمْ يَعْرِف قَلْبه مَعْرُوفًا وَلَمْ يُنْكِر قَلْبه مُنْكَرًا إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيل لَمَّا طَالَ عَلَيْهِمْ الْأَمَد وَقَسَتْ قُلُوبهمْ اِخْتَرَعُوا كِتَابًا مِنْ بَيْن أَيْدِيهمْ وَأَرْجُلهمْ اِسْتَهْوَتْهُ قُلُوبهمْ وَاسْتَحَلَّتْهُ أَلْسِنَتهمْ وَقَالُوا نَعْرِض عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل هَذَا الْكِتَاب فَمَنْ آمَنَ بِهِ تَرَكْنَاهُ وَمَنْ كَفَرَ بِهِ قَتَلْنَاهُ قَالَ فَجَعَلَ رَجُل مِنْهُمْ كِتَاب اللَّه فِي قَرْن ثُمَّ جَعَلَ الْقَرْن بَيْن ثُنْدُوَتَيْهِ فَلَمَّا قِيلَ لَهُ أَتُؤْمِنُ بِهَذَا ؟ قَالَ آمَنْت بِهِ وَيُومِئ إِلَى الْقَرْن بَيْن ثُنْدُوَتَيْهِ وَمَالِي لَا أُؤْمِن بِهَذَا الْكِتَاب ؟ فَمِنْ خَيْر مِلَلهمْ الْيَوْم مِلَّة صَاحِب الْقَرْن .
[عدل (http://ar.wikisource.org/w/index.php?title=%D8%AA%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%B1_%D8 %A7%D8%A8%D9%86_%D9%83%D8%AB%D9%8A%D8%B1/%D8%B3%D9%88%D8%B1%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF% D9%8A%D8%AF&action=edit&section=17)] اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (17)

اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ اللَّه تَعَالَى يُلِين الْقُلُوب بَعْد قَسْوَتهَا وَيَهْدِي الْحَيَارَى بَعْد ضَلَّتهَا وَيُفَرِّج الْكُرُوب بَعْد شِدَّتهَا فَكَمَا يُحْيِي الْأَرْض الْمَيِّتَة الْمُجْدِبَة الْهَامِدَة بِالْغَيْثِ الْهَتَّان الْوَابِل كَذَلِكَ يَهْدِي الْقُلُوب الْقَاسِيَة بِبَرَاهِين الْقُرْآن وَالدَّلَائِل وَيُولِج إِلَيْهَا النُّور بَعْد أَنْ كَانَتْ مُقْفَلَة لَا يَصِل إِلَيْهَا الْوَاصِل فَسُبْحَان الْهَادِي لِمَنْ يَشَاء بَعْد الضَّلَال وَالْمُضِلّ لِمَنْ أَرَادَ بَعْد الْكَمَال الَّذِي هُوَ لِمَا يَشَاء فَعَّال وَهُوَ الْحَكِيم الْعَدْل فِي جَمِيع الْفِعَال اللَّطِيف الْخَبِير الْكَبِير الْمُتَعَال .
[عدل (http://ar.wikisource.org/w/index.php?title=%D8%AA%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%B1_%D8 %A7%D8%A8%D9%86_%D9%83%D8%AB%D9%8A%D8%B1/%D8%B3%D9%88%D8%B1%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF% D9%8A%D8%AF&action=edit&section=18)] إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (18)

إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ
يُخْبِر تَعَالَى عَمَّا يُثِيب بِهِ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَات بِأَمْوَالِهِمْ عَلَى أَهْل الْحَاجَة وَالْفَقْر وَالْمَسْكَنَة " وَأَقْرَضُوا اللَّه قَرْضًا حَسَنًا " أَيْ دَفَعُوهُ بِنِيَّةٍ خَالِصَة اِبْتِغَاء مَرْضَاة اللَّه لَا يُرِيدُونَ جَزَاء مِمَّنْ أَعْطَوْهُ وَلَا شَكُورًا وَلِهَذَا قَالَ " يُضَاعَف لَهُمْ " أَيْ يُقَابِل لَهُمْ الْحَسَنَة بِعَشْرِ أَمْثَالهَا وَيُزَاد عَلَى ذَلِكَ إِلَى سَبْعمِائَةِ ضِعْف وَفَوْق ذَلِكَ " وَلَهُمْ أَجْر كَرِيم " أَيْ ثَوَاب جَزِيل حَسَن وَمَرْجِع صَالِح وَمَآب كَرِيم .

نسايم ليل
10 -08- 2011, 10:16 PM
وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (19)

وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ
وَقَوْله تَعَالَى " وَاَلَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرُسُله أُولَئِكَ هُمْ الصِّدِّيقُونَ " هَذَا تَمَام لِجُمْلَةِ وَصْف الْمُؤْمِنِينَ بِاَللَّهِ وَرُسُله بِأَنَّهُمْ صِدِّيقُونَ قَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى " وَاَلَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرُسُله أُولَئِكَ هُمْ الصِّدِّيقُونَ " هَذِهِ مَفْصُولَة " وَالشُّهَدَاء عِنْد رَبّهمْ لَهُمْ أَجْرهمْ وَنُورهمْ " وَقَالَ أَبُو الضُّحَى " أُولَئِكَ هُمْ الصِّدِّيقُونَ " ثُمَّ اِسْتَأْنَفَ الْكَلَام فَقَالَ " وَالشُّهَدَاء عِنْد رَبّهمْ " وَهَكَذَا قَالَ مَسْرُوق وَالضَّحَّاك وَمُقَاتِل بْن حَيَّان وَغَيْرهمْ وَقَالَ الْأَعْمَش عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوق عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود فِي قَوْله تَعَالَى " أُولَئِكَ هُمْ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِنْد رَبّهمْ " قَالَ هُمْ ثَلَاثه أَصْنَاف : يَعْنِي الْمُصَّدِّقِينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَمَنْ يُطِعْ اللَّه وَالرَّسُول فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ " فَفَرَّقَ بَيْن الصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا صِنْفَانِ وَلَا شَكّ أَنَّ الصِّدِّيق أَعْلَى مَقَامًا مِنْ الشَّهِيد كَمَا رَوَاهُ الْإِمَام مَالِك بْن أَنَس رَحِمَهُ اللَّه فِي كِتَابه الْمُوَطَّأ عَنْ صَفْوَان بْن سُلَيْم عَنْ عَطَاء بْن يَسَار عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِنَّ أَهْل الْجَنَّة لَيَتَرَاءَوْنَ أَهْل الْغُرَف مِنْ فَوْقهمْ كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَب الدُّرِّيّ الْغَابِر فِي الْأُفُق مِنْ الْمَشْرِق أَوْ الْمَغْرِب لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنهمْ" قَالَ يَا رَسُول اللَّه تِلْكَ مَنَازِل الْأَنْبِيَاء لَا يَبْلُغهَا غَيْرهمْ قَالَ " بَلَى وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ رِجَال آمَنُوا بِاَللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ " اِتَّفَقَ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم عَلَى إِخْرَاجه مِنْ حَدِيث مَالِك بِهِ . وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ الْمُرَاد مِنْ قَوْله تَعَالَى " أُولَئِكَ هُمْ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِنْد رَبّهمْ " فَأَخْبَرَ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ بِاَللَّهِ وَرُسُله بِأَنَّهُمْ صِدِّيقُونَ وَشُهَدَاء حَكَاهُ اِبْن جَرِير عَنْ مُجَاهِد ثُمَّ قَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنِي صَالِح بْن حَرْب أَبُو مَعْمَر حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن يَحْيَى حَدَّثَنَا اِبْن عَجْلَان عَنْ زَيْد بْن أَسْلَم عَنْ الْبَرَاء بْن عَازِب قَالَ : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " مُؤْمِنُوا أُمَّتِي شُهَدَاء " قَالَ ثُمَّ تَلَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَة " وَاَلَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرُسُله أُولَئِكَ هُمْ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِنْد رَبّهمْ " هَذَا حَدِيث غَرِيب.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون فِي قَوْله تَعَالَى" وَاَلَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرُسُله أُولَئِكَ هُمْ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِنْد رَبّهمْ لَهُمْ أَجْرهمْ وَنُورهمْ " قَالَ يَجِيئُونَ يَوْم الْقِيَامَة مَعًا كَالْأُصْبُعَيْنِ . وَقَوْله تَعَالَى " وَالشُّهَدَاء عِنْد رَبّهمْ " أَيْ فِي جَنَّات النَّعِيم كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ إِنَّ أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي حَوَاصِل طَيْر خُضْر تُسَرَّح فِي الْجَنَّة حَيْثُ شَاءَتْ ثُمَّ تَأْوِي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيل فَاطَّلَعَ عَلَيْهِمْ رَبّك اِطِّلَاعَة فَقَالَ مَاذَا تُرِيدُونَ ؟ فَقَالُوا نُحِبّ أَنْ تَرُدّنَا إِلَى الدَّار الدُّنْيَا فَنُقَاتِل فِيك فَنُقْتَل كَمَا قُتِلْنَا أَوَّل مَرَّة فَقَالَ إِنِّي قَدْ قَضَيْت أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يَرْجِعُونَ " وَقَوْله تَعَالَى " لَهُمْ أَجْرهمْ وَنُورهمْ" أَيْ لَهُمْ عِنْد اللَّه أَجْر جَزِيل وَنُور عَظِيم يَسْعَى بَيْن أَيْدِيهمْ وَهُمْ فِي ذَلِكَ يَتَفَاوَتُونَ بِحَسْب مَا كَانُوا فِي الدَّار الدُّنْيَا مِنْ الْأَعْمَال كَمَا قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن إِسْحَاق حَدَّثَنَا اِبْن لَهِيعَة عَنْ عَطَاء بْن دِينَار عَنْ أَبِي يَزِيد الْخَوْلَانِيّ قَالَ : سَمِعْت فَضَالَة بْن عُبَيْد يَقُول سَمِعْت عُمَر بْن الْخَطَّاب يَقُول سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " الشُّهَدَاء أَرْبَعَة رَجُل مُؤْمِن جَيِّد الْإِيمَان لَقِيَ الْعَدُوّ فَصَدَّقَ اللَّه فَقَتْل فَذَاكَ الَّذِي يَنْظُر النَّاس إِلَيْهِ هَكَذَا وَرَفَعَ رَأْسه حَتَّى سَقَطَتْ قَلَنْسُوَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَلَنْسُوَة عُمَر وَالثَّانِي مُؤْمِن لَقِيَ الْعَدُوّ فَكَأَنَّمَا يَضْرِب ظَهْره بِشَوْكِ الطَّلْح جَاءَهُ سَهْم غَرْب فَقَتَلَهُ فَذَاكَ فِي الدَّرَجَة الثَّانِيَة وَالثَّالِث رَجُل مُؤْمِن خَلَطَ عَمَلًا صَالِحًا وَآخَر سَيِّئًا لَقِيَ الْعَدُوّ فَصَدَّقَ اللَّه حَتَّى قُتِلَ فَذَاكَ فِي الدَّرَجَة الثَّالِثَة وَالرَّابِع رَجُل مُؤْمِن أَسْرَفَ عَلَى نَفْسه إِسْرَافًا كَثِيرًا لَقِيَ الْعَدُوّ فَصَدَّقَ اللَّه حَتَّى قُتِلَ فَذَاكَ فِي الرَّابِعَة " وَهَكَذَا رَوَاهُ عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ عَنْ أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَنْ اِبْن الْمُبَارَك عَنْ اِبْن لَهِيعَة وَقَالَ هَذَا إِسْنَاد مِصْرِيّ صَالِح وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث اِبْن لَهِيعَة وَقَالَ حَسَن غَرِيب . وَقَوْله تَعَالَى " وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَاب الْجَحِيم " لَمَّا ذُكِرَ السُّعَدَاء وَمَآلهمْ عَطَفَ بِذِكْرِ الْأَشْقِيَاء وَبَيَّنَ حَالهمْ .

نسايم ليل
10 -08- 2011, 10:17 PM
اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20)

اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ
يَقُول تَعَالَى مُوهِنًا أَمْر الْحَيَاة الدُّنْيَا وَمُحَقِّرًا لَهَا " إِنَّمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا لَعِب وَلَهْو وَزِينَة وَتَفَاخُر بَيْنكُمْ وَتَكَاثُر فِي الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد " أَيْ إِنَّمَا حَاصِل أَمْرهَا عِنْد أَهْلهَا هَذَا كَمَا قَالَ تَعَالَى " زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبّ الشَّهَوَات مِنْ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِير الْمُقَنْطَرَة مِنْ الذَّهَب وَالْفِضَّة وَالْخَيْل الْمُسَوَّمَة وَالْأَنْعَام وَالْحَرْث ذَلِكَ مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا وَاَللَّه عِنْده حُسْن الْمَآب " ثُمَّ ضَرَبَ تَعَالَى مَثَل الْحَيَاة الدُّنْيَا فِي أَنَّهَا زَهْرَة فَانِيَة وَنِعْمَة زَائِلَة فَقَالَ " كَمَثَلِ غَيْث " وَهُوَ الْمَطَر الَّذِي يَأْتِي بَعْد قُنُوط النَّاس كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّل الْغَيْث مِنْ بَعْد مَا قَنَطُوا" . وَقَوْله تَعَالَى " أَعْجَبَ الْكُفَّار نَبَاته " أَيْ يُعْجِب الزُّرَّاع نَبَات ذَلِكَ الزَّرْع الَّذِي نَبَتَ بِالْغَيْثِ وَكَمَا يُعْجِب الزُّرَّاع ذَلِكَ كَذَلِكَ تُعْجِب الْحَيَاة الدُّنْيَا الْكُفَّار فَإِنَّهُمْ أَحْرَص شَيْء عَلَيْهَا وَأَمْيَل النَّاس إِلَيْهَا . " ثُمَّ يَهِيج فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُون حُطَامًا " أَيْ يَهِيج ذَلِكَ الزَّرْع فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا بَعْد مَا كَانَ خَضِرًا نَضِرًا ثُمَّ يَكُون بَعْد ذَلِكَ كُلّه حُطَامًا أَيْ يَصِير يَبِسًا مُتَحَطِّمًا هَكَذَا الْحَيَاة الدُّنْيَا تَكُون أَوَّلًا شَابَّة ثُمَّ تُكْتَهَل ثُمَّ تَكُون عَجُوزًا شَوْهَاء وَالْإِنْسَان يَكُون كَذَلِكَ فِي أَوَّل عُمْره وَعُنْفُوَان شَبَابه غَضًّا طَرِيًّا لَيِّن الْأَعْطَاف بَهِيّ الْمَنْظَر ثُمَّ إِنَّهُ يَشْرَع فِي الْكُهُولَة فَتَتَغَيَّر طِبَاعه وَيَفْقِد بَعْض قُوَاهُ ثُمَّ يَكْبُر فَيَصِير شَيْخًا كَبِيرًا ضَعِيف الْقُوَى قَلِيل الْحَرَكَة يُعْجِزهُ الشَّيْء الْيَسِير كَمَا قَالَ تَعَالَى " اللَّه الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْف ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْد ضَعْف قُوَّة ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْد قُوَّة ضَعْفًا وَشَيْبًا يَخْلُق مَا يَشَاء وَهُوَ الْعَلِيم الْقَدِير " وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْمَثَل دَالًّا عَلَى زَوَال الدُّنْيَا وَانْقِضَائِهَا وَفَرَاغهَا لَا مَحَالَة وَأَنَّ الْآخِرَة كَائِنَة لَا مَحَالَة حَذَّرَ مِنْ أَمْرهَا وَرَغَّبَ فِيمَا فِيهَا مِنْ الْخَيْر فَقَالَ " وَفِي الْآخِرَة عَذَاب شَدِيد وَمَغْفِرَة مِنْ اللَّه وَرِضْوَان وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاع الْغُرُور " أَيْ وَلَيْسَ فِي الْآخِرَة الْآتِيَة الْقَرِيبَة إِلَّا إِمَّا هَذَا وَإِمَّا هَذَا : إِمَّا عَذَاب شَدِيد وَإِمَّا مَغْفِرَة مِنْ اللَّه وَرِضْوَان . وَقَوْله تَعَالَى " وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاع الْغُرُور " أَيْ هِيَ مَتَاع فَانٍ غَار لِمَنْ رَكَنَ إِلَيْهِ فَإِنَّهُ يَغْتَرّ بِهَا وَتُعْجِبهُ حَتَّى يَعْتَقِد أَنْ لَا دَار سِوَاهَا وَلَا مَعَاد وَرَاءَهَا وَهِيَ حَقِيرَة قَلِيلَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الدَّار الْآخِرَة .
قَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن حَرْب الْمَوْصِلِيّ حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَوْضِع سَوْط فِي الْجَنَّة خَيْر مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا اِقْرَءُوا " وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاع الْغُرُور " وَهَذَا الْحَدِيث ثَابِت فِي الصَّحِيح بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَة وَاَللَّه أَعْلَم . وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا اِبْن نُمَيْر وَوَكِيع كِلَاهُمَا عَنْ الْأَعْمَش عَنْ شَقِيق عَنْ عَبْد اللَّه قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَلْجَنَّة أَقْرَب إِلَى أَحَدكُمْ مِنْ شِرَاك نَعْله وَالنَّار مِثْل ذَلِكَ " اِنْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ الْبُخَارِيّ فِي الرِّقَاق مِنْ حَدِيث الثَّوْرِيّ عَنْ الْأَعْمَش بِهِ فَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل عَلَى اِقْتِرَاب الْخَيْر وَالشَّرّ مِنْ الْإِنْسَان وَإِذَا كَانَ الْأَمْر كَذَلِكَ فَلِهَذَا حَثَّهُ اللَّه تَعَالَى عَلَى الْمُبَادَرَة إِلَى الْخَيْرَات مِنْ فِعْل الطَّاعَات وَتَرْك الْمُحَرَّمَات الَّتِي تُكَفِّر عَنْهُ الذُّنُوب وَالزَّلَّات وَيَحْصُل لَهُ الثَّوَاب وَالدَّرَجَات .

نسايم ليل
10 -08- 2011, 10:18 PM
سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21)

سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ
فَقَالَ تَعَالَى " سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَة مِنْ رَبّكُمْ وَجَنَّة عَرْضهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْض " وَالْمُرَاد جِنْس السَّمَاء وَالْأَرْض كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْآيَة الْأُخْرَى " وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَة مِنْ رَبّكُمْ وَجَنَّة عَرْضهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ " وَقَالَ هَهُنَا " أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرُسُله ذَلِكَ فَضْل اللَّه يُؤْتِيه مَنْ يَشَاء وَاَللَّه ذُو الْفَضْل الْعَظِيم " أَيْ هَذَا الَّذِي أَهَّلَهُمْ اللَّه لَهُ هُوَ مِنْ فَضْله وَمَنّهُ عَلَيْهِمْ وَإِحْسَانه إِلَيْهِمْ كَمَا قَدَّمْنَا فِي الصَّحِيح أَنَّ فُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ قَالُوا يَا رَسُول اللَّه ذَهَبَ أَهْل الدُّثُور بِالْأُجُورِ وَالدَّرَجَات الْعُلَى وَالنَّعِيم الْمُقِيم قَالَ " وَمَا ذَاكَ ؟ " قَالُوا يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُوم وَيَتَصَدَّقُونَ وَلَا نَتَصَدَّق وَيُعْتِقُونَ وَلَا نُعْتِق قَالَ " أَفَلَا أَدُلّكُمْ عَلَى شَيْء إِذَا فَعَلْتُمُوهُ سَبَقْتُمْ مَنْ بَعْدكُمْ وَلَا يَكُون أَحَد أَفْضَل مِنْكُمْ إِلَّا مَنْ صَنَعَ مِثْل مَا صَنَعْتُمْ ؟ " تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمَدُونَ دُبُر كُلّ صَلَاة ثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ" قَالَ فَرَجَعُوا فَقَالُوا سَمِعَ إِخْوَاننَا أَهْل الْأَمْوَال مَا فَعَلْنَا فَفَعَلُوا مِثْله فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ذَلِكَ فَضْل اللَّه يُؤْتِيه مَنْ يَشَاء " .

نسايم ليل
10 -08- 2011, 10:18 PM
مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22)

مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ
يُخْبِر تَعَالَى عَنْ قَدَره السَّابِق فِي خَلْقه قَبْل أَنْ يَبْرَأ الْبَرِيَّة فَقَالَ " مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَة فِي الْأَرْض وَلَا فِي أَنْفُسكُمْ " أَيْ فِي الْآفَاق وَفِي نُفُوسكُمْ " إِلَّا فِي كِتَاب مِنْ قَبْل أَنْ نَبْرَأهَا " أَيْ مِنْ قَبْل أَنْ نَخْلُق الْخَلِيقَة وَنَبْرَأ النَّسَمَة وَقَالَ بَعْضهمْ " مِنْ قَبْل أَنْ نَبْرَأهَا" عَائِد عَلَى النُّفُوس وَقِيلَ عَائِد عَلَى الْمُصِيبَة وَالْأَحْسَن عَوْده عَلَى الْخَلِيقَة وَالْبَرِيَّة لِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهَا. كَمَا قَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنِي يَعْقُوب حَدَّثَنَا اِبْن عُلَيَّة عَنْ مَنْصُور بْن عَبْد الرَّحْمَن قَالَ كُنْت جَالِسًا مَعَ الْحَسَن فَقَالَ رَجُل سَلْهُ عَنْ قَوْله تَعَالَى " مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَة فِي الْأَرْض وَلَا فِي أَنْفُسكُمْ إِلَّا فِي كِتَاب مِنْ قَبْل أَنْ نَبْرَأهَا " فَسَأَلْته عَنْهَا فَقَالَ سُبْحَان اللَّه وَمَنْ يَشُكّ فِي هَذَا ؟ كُلّ مُصِيبَة بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض فَفِي كِتَاب اللَّه مِنْ قَبْل أَنْ يَبْرَأ النَّسَمَة وَقَالَ قَتَادَة : " مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَة فِي الْأَرْض " قَالَ هِيَ السُّنُونَ يَعْنِي الْجَدْب " وَلَا فِي أَنْفُسكُمْ " يَقُول الْأَوْجَاع وَالْأَمْرَاض قَالَ وَبَلَغْنَا أَنَّهُ لَيْسَ أَحَد يُصِيبهُ خَدْش عُود وَلَا نَكْبَة قَدَم وَلَا خَلَجَان عَرَق إِلَّا بِذَنْبٍ وَمَا يَعْفُو اللَّه عَنْهُ أَكْثَر . وَهَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة الْعَظِيمَة مِنْ أَدَلّ دَلِيل عَلَى الْقَدَرِيَّة نُفَاة الْعِلْم السَّابِق - قَبَّحَهُمْ اللَّه - وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد الرَّحْمَن حَدَّثَنَا حَيْوَة وَابْن لَهِيعَة قَالَا أَخْبَرَنَا أَبُو هَانِئ الْخَوْلَانِيّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْد الرَّحْمَن الْحُبُلِيّ يَقُول : سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ يَقُول : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " قَدَّرَ اللَّه الْمَقَادِير قَبْل أَنْ يَخْلُق السَّمَوَات وَالْأَرْض بِخَمْسِينَ أَلْف سَنَة" وَرَوَاهُ مُسْلِم فِي صَحِيحه مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن وَهْب وَحَيْوَة بْن شُرَيْح وَنَافِع بْن زَيْد وَثَلَاثَتهمْ عَنْ أَبِي هَانِئ بِهِ وَزَادَ اِبْن وَهْب " وَكَانَ عَرْشه عَلَى الْمَاء " وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَسَن صَحِيح . وَقَوْله تَعَالَى " إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّه يَسِير " أَيْ أَنَّ عِلْمه تَعَالَى الْأَشْيَاء قَبْل كَوْنهَا وَكِتَابَته لَهَا طَبَق مَا يُوجَد فِي حِينهَا سَهْل عَلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لِأَنَّهُ يَعْلَم مَا كَانَ وَمَا يَكُون وَمَا لَمْ يَكُنْ لَوْ كَانَ كَيْفَ كَانَ يَكُون .

نسايم ليل
10 -08- 2011, 10:19 PM
لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23)

لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ
وَقَوْله تَعَالَى " لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ " أَيْ أَعْلَمْنَاكُمْ بِتَقَدُّمِ عِلْمنَا وَسَبْق كِتَابَتنَا لِلْأَشْيَاءِ قَبْل كَوْنهَا وَتَقْدِيرنَا الْكَائِنَات قَبْل وُجُودهَا لِتَعْلَمُوا أَنَّ مَا أَصَابَكُمْ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئكُمْ وَمَا أَخْطَأَكُمْ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكُمْ فَلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ لِأَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ شَيْء لَكَانَ " وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ " أَيْ جَاءَكُمْ وَتَفْسِير " آتَاكُمْ " أَيْ أَعْطَاكُمْ وَكِلَاهُمَا مُتَلَازِم أَيْ لَا تَفْخَرُوا عَلَى النَّاس بِمَا أَنْعَمَ اللَّه بِهِ عَلَيْكُمْ فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِسَعْيِكُمْ وَلَا كَدّكُمْ وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ قَدَر اللَّه وَرِزْقه لَكُمْ فَلَا تَتَّخِذُوا نِعَم اللَّه أَشَرًا وَبَطَرًا تَفْخَرُونَ بِهَا عَلَى النَّاس وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى" وَاَللَّه لَا يُحِبّ كُلّ مُخْتَال فَخُور " أَيْ مُخْتَال فِي نَفْسه مُتَكَبِّر " فَخُور " أَيْ عَلَى غَيْره وَقَالَ عِكْرِمَة لَيْسَ أَحَد إِلَّا وَهُوَ يَفْرَح وَيَحْزَن وَلَكِنْ اِجْعَلُوا الْفَرَح شُكْرًا وَالْحُزْن صَبْرًا .

نسايم ليل
10 -08- 2011, 10:20 PM
الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (24)

الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ
وَقَوْله تَعَالَى " الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ " أَيْ يَفْعَلُونَ الْمُنْكَر وَيَحُضُّونَ النَّاس عَلَيْهِ " وَمَنْ يَتَوَلَّ " أَيْ عَنْ أَمْر اللَّه وَطَاعَته " فَإِنَّ اللَّه هُوَ الْغَنِيّ الْحَمِيد " كَمَا قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام " إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْض جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّه لِغَنِيٍّ حَمِيد "

نسايم ليل
10 -08- 2011, 10:20 PM
لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25)

لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ
يَقُول تَعَالَى " لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلنَا بِالْبَيِّنَاتِ " أَيْ بِالْمُعْجِزَاتِ وَالْحِجَج الْبَاهِرَات وَالدَّلَائِل الْقَاطِعَات " وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَاب " وَهُوَ النَّقْل الصِّدْق " وَالْمِيزَان " وَهُوَ الْعَدْل قَالَهُ مُجَاهِد وَقَتَادَة وَغَيْرهمَا وَهُوَ الْحَقّ الَّذِي تَشْهَد بِهِ الْعُقُول الصَّحِيحَة الْمُسْتَقِيمَة الْمُخَالِفَة لِلْآرَاءِ السَّقِيمَة كَمَا قَالَ تَعَالَى " أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَة مِنْ رَبّه وَيَتْلُوهُ شَاهِد مِنْهُ " وَقَالَ تَعَالَى " فِطْرَة اللَّه الَّتِي فَطَرَ النَّاس عَلَيْهَا " وَقَالَ تَعَالَى " وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَان " وَلِهَذَا قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة" لِيَقُومَ النَّاس بِالْقِسْطِ " أَيْ بِالْحَقِّ وَالْعَدْل وَهُوَ اِتِّبَاع الرُّسُل فِيمَا أَخْبَرُوا بِهِ وَطَاعَتهمْ فِيمَا أُمِرُوا بِهِ فَإِنَّ الَّذِي جَاءُوا بِهِ هُوَ الْحَقّ الَّذِي لَيْسَ وَرَاءَهُ حَقّ كَمَا قَالَ " وَتَمَّتْ كَلِمَة رَبّك صِدْقًا وَعَدْلًا " أَيْ صِدْقًا فِي الْإِخْبَار وَعَدْلًا فِي الْأَوَامِر وَالنَّوَاهِي وَلِهَذَا يَقُول الْمُؤْمِنُونَ إِذَا تَبَوَّءُوا غُرَف الْجَنَّات وَالْمَنَازِل الْعَالِيَات وَالسُّرَر الْمَصْفُوفَات " الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّه لَقَدْ جَاءَتْ رُسُل رَبّنَا بِالْحَقِّ " وَقَوْله تَعَالَى " وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيد فِيهِ بَأْس شَدِيد " أَيْ وَجَعَلْنَا الْحَدِيد رَادِعًا لِمَنْ أَبَى الْحَقّ وَعَانَدَهُ بَعْد قِيَام الْحُجَّة عَلَيْهِ وَلِهَذَا أَقَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّة بَعْد النُّبُوَّة ثَلَاث عَشْرَة سَنَة تُوحَى إِلَيْهِ السُّوَر الْمَكِّيَّة وَكُلّهَا جِدَال مَعَ الْمُشْرِكِينَ وَبَيَان وَإِيضَاح لِلتَّوْحِيدِ وَبَيِّنَات وَدَلَالَات فَلَمَّا قَامَتْ الْحُجَّة عَلَى مَنْ خَالَفَ شَرْع اللَّه الْهِجْرَة وَأَمَرَهُمْ بِالْقِتَالِ بِالسُّيُوفِ وَضَرْب الرِّقَاب وَالْهَام لِمَنْ خَالَفَ الْقُرْآن وَكَذَّبَ بِهِ وَعَانَدَهُ.
وَقَدْ رَوَى الْإِمَام أَحْمَد وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيث عَبْد الرَّحْمَن بْن ثَابِت بْن ثَوْبَان عَنْ حَسَّان بْن عَطِيَّة عَنْ أَبِي الْمُنِيب الْجُرَشِيّ الشَّامِيّ عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " بُعِثْت بِالسَّيْفِ بَيْن يَدَيْ السَّاعَة حَتَّى يُعْبَد اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْت ظِلّ رُمْحِي وَجُعِلَ الذِّلَّة وَالصَّغَار عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ" وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " فِيهِ بَأْس شَدِيد " يَعْنِي السِّلَاح كَالسُّيُوفِ وَالْحِرَاب وَالسِّنَان وَالنِّصَال وَالدُّرُوع وَنَحْوهَا" وَمَنَافِع لِلنَّاسِ " أَيْ فِي مَعَايِشهمْ كَالسِّكَّةِ وَالْفَأْس وَالْقَدُومِ وَالْمِنْشَار وَالْأَزْمِيل وَالْمِجْرَفَة وَالْآلَات الَّتِي يُسْتَعَان بِهَا فِي الْحِرَاثَة وَالْحِيَاكَة وَالطَّبْخ وَالْخُبْز وَمَا لَا قِوَام لِلنَّاسِ بِدُونِهِ وَغَيْر ذَلِكَ . قَالَ عِلْبَاء بْن أَحْمَد عَنْ عِكْرِمَة أَنَّ اِبْن عَبَّاس قَالَ : ثَلَاثَة أَشْيَاء نَزَلَتْ مَعَ آدَم السِّنْدَان وَالْكَلْبَتَانِ وَالْمِيقَعَة يَعْنِي الْمِطْرَقَة . رَوَاهُ اِبْن جَرِير وَابْن أَبِي حَاتِم وَقَوْله تَعَالَى " وَلِيَعْلَم اللَّه مَنْ يَنْصُرهُ وَرُسُله بِالْغَيْبِ" أَيْ مِنْ نِيَّته فِي حَمْل السِّلَاح نُصْرَة اللَّه وَرَسُوله " إِنَّ اللَّه قَوِيّ عَزِيز " أَيْ هُوَ قَوِيّ عَزِيز يَنْصُر مَنْ نَصَرَهُ مِنْ غَيْر اِحْتِيَاج مِنْهُ إِلَى النَّاس وَإِنَّمَا شَرَعَ الْجِهَاد لِيَبْلُوَ بَعْضكُمْ بِبَعْضٍ .

نسايم ليل
10 -08- 2011, 10:21 PM
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (26)

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ
يُخْبِر تَعَالَى أَنَّهُ مُنْذُ بَعَثَ نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَام لَمْ يُرْسِل بَعْده رَسُولًا وَلَا نَبِيًّا إِلَّا مِنْ ذُرِّيَّته وَكَذَلِكَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام خَلِيل الرَّحْمَن لَمْ يُنْزِل مِنْ السَّمَاء كِتَابًا وَلَا أَرْسَلَ رَسُولًا وَلَا أَوْحَى إِلَى بَشَر مِنْ بَعْده إِلَّا وَهُوَ مِنْ سُلَالَته كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْآيَة الْأُخْرَى " وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّته النُّبُوَّة وَالْكِتَاب" حَتَّى كَانَ آخِر أَنْبِيَاء بَنِي إِسْرَائِيل عِيسَى اِبْن مَرْيَم الَّذِي بَشَّرَ مِنْ بَعْده بِمُحَمَّدٍ صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِمَا .

نسايم ليل
10 -08- 2011, 10:22 PM
ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآَتَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (27)

ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ
وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارهمْ بِرُسُلِنَا وَقْفَيْنَا بِعِيسَى ابْن مَرْيَم وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيل " وَهُوَ الْكِتَاب الَّذِي أَوْحَاهُ اللَّه إِلَيْهِ " وَجَعَلْنَا فِي قُلُوب الَّذِينَ اِتَّبَعُوهُ " وَهُمْ الْحَوَارِيُّونَ" رَأْفَة " أَيْ رِقَّة وَهِيَ الْخَشْيَة " وَرَحْمَة " بِالْخَلْقِ وَقَوْله " وَرَهْبَانِيَّة اِبْتَدَعُوهَا " أَيْ اِبْتَدَعَتْهَا أُمَّة النَّصَارَى " مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ " أَيْ مَا شَرَعْنَاهَا وَإِنَّمَا هُمْ اِلْتَزَمُوهَا مِنْ تِلْقَاء أَنْفُسهمْ وَقَوْله تَعَالَى" إِلَّا اِبْتِغَاء رِضْوَان اللَّه " فِيهِ قَوْلَانِ أَحَدهمَا أَنَّهُمْ قَصَدُوا بِذَلِكَ رِضْوَان اللَّه قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر وَقَتَادَة" وَالْآخَر " مَا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ ذَلِكَ إِنَّمَا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ اِبْتِغَاء رِضْوَان اللَّه وَقَوْله تَعَالَى " فَمَا رَعَوْهَا حَقّ رِعَايَتهَا " أَيْ فَمَا قَامُوا بِمَا اِلْتَزَمُوهُ حَقّ الْقِيَام وَهَذَا ذَمّ لَهُمْ مِنْ وَجْهَيْنِ " أَحَدهمَا " الِابْتِدَاع فِي دِين اللَّه مَا لَمْ يَأْمُر بِهِ اللَّه " وَالثَّانِي " فِي عَدَم قِيَامهمْ بِمَا اِلْتَزَمُوهُ مِمَّا زَعَمُوا أَنَّهَا قُرْبَة تُقَرِّبهُمْ إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن أَبِي حَمْزَة أَبُو يَعْقُوب الرَّازِيّ حَدَّثَنَا السَّرِيّ بْن عَبْد رَبّه حَدَّثَنَا بُكَيْر بْن مَعْرُوف عَنْ مُقَاتِل بْن حَيَّان عَنْ الْقَاسِم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه اِبْن مَسْعُود قَالَ : قَالَ لِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَا اِبْن مَسْعُود " قُلْت لَبَّيْكَ يَا رَسُول اللَّه قَالَ " هَلْ عَلِمْت أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيل اِفْتَرَقُوا عَلَى اِثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَة ؟ لَمْ يَنْجُ مِنْهَا إِلَّا ثَلَاث فِرَق قَامَتْ بَيْن الْمُلُوك وَالْجَبَابِرَة بَعْد عِيسَى اِبْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام فَدَعَتْ إِلَى دِين اللَّه وَدِين عِيسَى اِبْن مَرْيَم فَقَاتَلَتْ الْجَبَابِرَة فَقُتِلَتْ فَصَبَرَتْ وَنَجَتْ ثُمَّ قَامَتْ طَائِفَة أُخْرَى لَمْ تَكُنْ لَهَا قُوَّة بِالْقِتَالِ فَقَامَتْ بَيْن الْمُلُوك وَالْجَبَابِرَة فَدَعَوْا إِلَى دِين اللَّه وَدِين عِيسَى اِبْن مَرْيَم فَقُتِلَتْ وَقُطِّعَتْ بِالْمَنَاشِيرِ وَحُرِّقَتْ بِالنِّيرَانِ فَصَبَرَتْ وَنَجَتْ ثُمَّ قَامَتْ طَائِفَة أُخْرَى لَمْ يَكُنْ لَهَا قُوَّة بِالْقِتَالِ وَلَمْ تُطِقْ الْقِيَام بِالْقِسْطِ فَلَحِقَتْ بِالْجِبَالِ فَتَعَبَّدَتْ وَتَرَهَّبَتْ وَهُمْ الَّذِينَ ذَكَرَ اللَّه تَعَالَى " وَرَهْبَانِيَّة اِبْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ " وَقَدْ رَوَاهُ اِبْن جَرِير بِلَفْظٍ آخَر مِنْ طَرِيق آخَر فَقَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب حَدَّثَنَا دَاوُد بْن الْمُحَبَّر حَدَّثَنَا الصَّعْق بْن حَزْن حَدَّثَنَا عُقَيْل الْجَعْدِيّ عَنْ أَبِي إِسْحَاق الْهَمْدَانِيّ عَنْ سُوَيْد بْن غَفَلَة عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اِخْتَلَفَ مَنْ كَانَ قَبْلنَا عَلَى ثَلَاث وَسَبْعِينَ فِرْقَة نَجَا مِنْهُمْ ثَلَاث وَهَلَكَ سَائِرهمْ" وَذَكَرَ نَحْو مَا تَقَدَّمَ وَفِيهِ " فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرهمْ " هُمْ الَّذِينَ آمَنُوا بِي وَصَدَّقُونِي " وَكَثِير
مِنْهُمْ فَاسِقُونَ " وَهُمْ الَّذِينَ كَذَّبُونِي وَخَالَفُونِي وَلَا يُقْدَح فِي هَذِهِ الْمُتَابَعَة لِحَالِ دَاوُد بْن الْمُحَبَّر فَإِنَّهُ أَحَد الْوَضَّاعِينَ لِلْحَدِيثِ وَلَكِنْ قَدْ أَسْنَدَهُ أَبُو يَعْلَى عَنْ شَيْبَان بْن فَرُّوخ عَنْ الصَّعْق بْن حَزْن بِهِ مِثْل ذَلِكَ فَقَوِيَ الْحَدِيث مِنْ هَذَا الْوَجْه وَقَالَ اِبْن جَرِير وَأَبُو عَبْد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ وَاللَّفْظ لَهُ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن بْن حُرَيْث حَدَّثَنَا الْفَضْل بْن مُوسَى عَنْ سُفْيَان بْن سَعِيد عَنْ عَطَاء اِبْن السَّائِب عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَ كَانَ مُلُوك بَعْد عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام بَدَّلَتْ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل فَكَانَ مِنْهُمْ مُؤْمِنُونَ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل فَقِيلَ لِمُلُوكِهِمْ مَا نَجِد شَيْئًا أَشَدّ مِنْ شَتْم يَشْتُمُونَاهُ هَؤُلَاءِ إِنَّهُمْ يَقْرَءُونَ " وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ" هَذِهِ الْآيَات مَعَ مَا يَعِيبُونَنَا بِهِ مِنْ أَعْمَالنَا فِي قِرَاءَتهمْ فَادْعُهُمْ فَلْيَقْرَءُوا كَمَا نَقْرَأ وَلْيُؤْمِنُوا كَمَا آمَنَّا فَدَعَاهُمْ فَجَمَعَهُمْ وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ الْقَتْل أَوْ يَتْرُكُوا قِرَاءَة التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل إِلَّا مَا بَدَّلُوا مِنْهَا فَقَالُوا مَا تُرِيدُونَ إِلَى ذَلِكَ دَعُونَا فَقَالَتْ طَائِفَة مِنْهُمْ اِبْنُوا لَنَا أُسْطُوَانَة ثُمَّ اِرْفَعُونَا إِلَيْهَا ثُمَّ أَعْطُونَا شَيْئًا نَرْفَع بِهِ طَعَامنَا وَشَرَابنَا فَلَا نَرُدّ عَلَيْكُمْ وَقَالَتْ طَائِفَة دَعُونَا نَسِيح فِي الْأَرْض وَنَهِيم وَنَشْرَب كَمَا يَشْرَب الْوَحْش فَإِنْ قَدَرْتُمْ عَلَيْنَا فِي أَرْضكُمْ فَاقْتُلُونَا وَقَالَتْ طَائِفَة اِبْنُوا لَنَا دُورًا فِي الْفَيَافِي وَنَحْتَفِر الْآبَار وَنَحْرُث الْبُقُول فَلَا نَرُدّ عَلَيْكُمْ وَلَا نَمُرّ بِكُمْ وَلَيْسَ أَحَد مِنْ الْقَبَائِل إِلَّا لَهُ حَمِيم فِيهِمْ فَفَعَلُوا ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى " وَرَهْبَانِيَّة اِبْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا اِبْتِغَاء رِضْوَان اللَّه فَمَا رَعَوْهَا حَقّ رِعَايَتهَا " وَالْآخَرُونَ قَالُوا نَتَعَبَّد كَمَا تَعَبَّدَ فُلَان وَنَسِيح كَمَا سَاحَ فُلَان وَنَتَّخِذ دُورًا كَمَا اِتَّخَذَ فُلَان وَهُمْ عَلَى شِرْكهمْ لَا عِلْم لَهُمْ بِإِيمَانِ الَّذِينَ اِقْتَدُوا بِهَا فَلَمَّا بَعَثَ اللَّه النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيل اِنْحَطَّ مِنْهُمْ رَجُل مِنْ صَوْمَعَته وَجَاءَ سَائِح مِنْ سِيَاحَته وَصَاحِب الدَّيْر مِنْ دَيْره فَآمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوهُ فَقَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اللَّه وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَته " أَجْرَيْنِ بِإِيمَانِهِمْ بِعِيسَى ابْن مَرْيَم وَنَصْب أَنْفُسهمْ وَالتَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَبِإِيمَانِهِمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَصْدِيقهمْ قَالَ " وَيَجْعَل لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ " الْقُرْآن وَاتِّبَاعهمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لِئَلَّا يَعْلَم أَهْل الْكِتَاب " الَّذِينَ يَتَشَبَّهُونَ بِكُمْ " أَنْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْء مِنْ فَضْل اللَّه وَأَنَّ الْفَضْل بِيَدِ اللَّه يُؤْتِيه مَنْ يَشَاء وَاَللَّه ذُو
الْفَضْل الْعَظِيم " هَذَا السِّيَاق فِيهِ غَرَابَة وَسَيَأْتِي تَفْسِير هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ عَلَى غَيْر هَذَا وَاَللَّه أَعْلَم . وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيّ حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عِيسَى حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن وَهْب حَدَّثَنِي سَعِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الْعَمْيَاء أَنَّ سَهْل بْن أَبِي أُمَامَة حَدَّثَهُ أَنَّهُ دَخَلَ هُوَ وَأَبُوهُ عَلَى أُبَيّ بْن مَالِك بِالْمَدِينَةِ زَمَان عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز وَهُوَ أَمِير وَهُوَ يُصَلِّي صَلَاة خَفِيفَة وَقْعَة كَأَنَّهَا صَلَاة مُسَافِر أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ يَرْحَمك اللَّه أَرَأَيْت هَذِهِ الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة أَمْ شَيْء تَنَفَّلْته ؟ قَالَ إِنَّهَا الْمَكْتُوبَة وَإِنَّهَا صَلَاة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَخْطَأْت إِلَّا شَيْئًا سَهَوْت عَنْهُ إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول " لَا تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسكُمْ فَيُشَدِّد اللَّه عَلَيْكُمْ فَإِنَّ قَوْمًا شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسهمْ فَشَدَّدَ اللَّه عَلَيْهِمْ فَتِلْكَ بَقَايَاهُمْ فِي الصَّوَامِع وَالدِّيَارَات رَهْبَانِيَّة اِبْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ " ثُمَّ غَدَوْا مِنْ الْغَد فَقَالُوا نَرْكَب فَنَنْظُر وَنَعْتَبِر قَالَ نَعَمْ فَرَكِبُوا جَمِيعًا فَإِذَا هُمْ بِدِيَارٍ قَفْر قَدْ بَادَ أَهْلهَا وَانْقَرَضُوا وَفَنُوا خَاوِيَة عَلَى عُرُوشهَا فَقَالُوا أَتَعْرِفُ هَذِهِ الدِّيَار ؟ قَالَ مَا أَعْرَفنِي بِهَا وَبِأَهْلِهَا هَؤُلَاءِ أَهْل الدِّيَار أَهْلَكَهُمْ الْبَغْي وَالْحَسَد إِنَّ الْحَسَد يُطْفِئ نُور الْحَسَنَات وَالْبَغْي يُصَدِّق ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبهُ وَالْعَيْن تَزْنِي وَالْكَفّ وَالْقَدَم وَالْجَسَد وَاللِّسَان وَالْفَرْج يُصَدِّق ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبهُ وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا مَعْمَر حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه أَخْبَرَنَا سُفْيَان عَنْ زَيْد الْعِمِّيّ عَنْ أَبِي إِيَاس عَنْ أَنَس بْن مَالِك أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لِكُلِّ نَبِيّ رَهْبَانِيَّة وَرَهْبَانِيَّة هَذِهِ الْأُمَّة الْجِهَاد فِي سَبِيل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " وَرَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو يَعْلَى عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَسْمَاء عَنْ عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك بِهِ وَلَفْظه " لِكُلِّ أُمَّة رَهْبَانِيَّة وَرَهْبَانِيَّة هَذِهِ الْأُمَّة الْجِهَاد فِي سَبِيل اللَّه " . وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا حُسَيْن - هُوَ اِبْن مُحَمَّد - حَدَّثَنَا عَيَّاش يَعْنِي إِسْمَاعِيل عَنْ الْحَجَّاج بْن هَارُون الْكُلَاعِيّ وَعُقَيْل بْن مُدْرِك السُّلَمِيّ عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا جَاءَهُ فَقَالَ أَوْصِنِي فَقَالَ سَأَلْت عَمَّا سَأَلْت عَنْهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَبْلك أُوصِيك بِتَقْوَى اللَّه فَإِنَّهُ رَأْس كُلّ شَيْء وَعَلَيْك بِالْجِهَادِ فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّة الْإِسْلَام وَعَلَيْك بِذِكْرِ اللَّه وَتِلَاوَة الْقُرْآن فَإِنَّهُ رُوحك فِي السَّمَاء وَذِكْرك فِي الْأَرْض . تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَد وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم .

نسايم ليل
10 -08- 2011, 10:22 PM
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ
قَدْ تَقَدَّمَ فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ حَمَلَ هَذِهِ الْآيَة عَلَى مُؤْمِنِي أَهْل الْكِتَاب وَأَنَّهُمْ يُؤْتَوْنَ أَجْرهمْ مَرَّتَيْنِ كَمَا فِي الْآيَة الَّتِي فِي الْقَصَص وَكَمَا فِي حَدِيث الشَّعْبِيّ عَنْ أَبِي بُرْدَة عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ثَلَاثَة يُؤْتَوْنَ أَجْرهمْ مَرَّتَيْنِ : رَجُل مِنْ أَهْل الْكِتَاب آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِي فَلَهُ أَجْرَانِ وَعَبْد مَمْلُوك أَدَّى حَقّ اللَّه وَحَقّ مَوَالِيه فَلَهُ أَجْرَانِ وَرَجُل أَدَّبَ أَمَته فَأَحْسَن تَأْدِيبهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ " أَخْرَجَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَوَافَقَ اِبْن عَبَّاس عَلَى هَذَا التَّفْسِير الضَّحَّاك وَعُتْبَة بْن أَبِي حَكِيم وَغَيْرهمَا وَهُوَ اِخْتِيَار اِبْن جَرِير وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر لَمَّا اِفْتَخَرَ أَهْل الْكِتَاب بِأَنَّهُمْ يُؤْتَوْنَ أَجْرهمْ مَرَّتَيْنِ أَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَة فِي حَقّ هَذِهِ الْأُمَّة " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اللَّه وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ" أَيْ ضِعْفَيْنِ " مِنْ رَحْمَته " وَزَادَهُمْ " وَيَجْعَل لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ " يَعْنِي هُدًى يُتَبَصَّر بِهِ مِنْ الْعَمَى وَالْجَهَالَة وَيَغْفِر لَكُمْ فَفَضَّلَهُمْ بِالنُّورِ وَالْمَغْفِرَة رَوَاهُ اِبْن جَرِير عَنْهُ وَهَذِهِ الْآيَة كَقَوْلِهِ تَعَالَى " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّه يَجْعَل لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ وَيَغْفِر لَكُمْ وَاَللَّه ذُو الْفَضْل الْعَظِيم " وَقَالَ سَعِيد بْن عَبْد الْعَزِيز سَأَلَ عُمَر بْن الْخَطَّاب حَبْرًا مِنْ أَحْبَار يَهُود أَفْضَل مَا ضُعِّفَ لَكُمْ حَسَنَة قَالَ كِفْل ثَلَاثمِائَةِ وَخَمْسِينَ حَسَنَة قَالَ فَحَمِدَ اللَّه عُمَر عَلَى أَنَّهُ أَعْطَانَا كِفْلَيْنِ ثُمَّ ذَكَرَ سَعِيد قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَته" قَالَ سَعِيد : وَالْكِفْلَانِ فِي الْجُمُعَة مِثْل ذَلِكَ رَوَاهُ اِبْن جَرِير وَمِمَّا يُؤَيِّد هَذَا الْقَوْل مَا رَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل حَدَّثَنَا أَيُّوب عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" مَثَلكُمْ وَمَثَل الْيَهُود وَالنَّصَارَى كَمَثَلِ رَجُل اِسْتَعْمَلَ عُمَّالًا فَقَالَ مَنْ يَعْمَل لِي مِنْ صَلَاة الصُّبْح إِلَى نِصْف النَّهَار عَلَى قِيرَاط قِيرَاط ؟ أَلَا فَعَمِلَتْ الْيَهُود ثُمَّ قَالَ مَنْ يَعْمَل لِي مِنْ صَلَاة الظُّهْر إِلَى صَلَاة الْعَصْر عَلَى قِيرَاط ؟ قِيرَاط ؟ أَلَا فَعَمِلَتْ النَّصَارَى ثُمَّ قَالَ مَنْ يَعْمَل لِي مِنْ صَلَاة الْعَصْر إِلَى غُرُوب الشَّمْس عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ ؟ أَلَا فَأَنْتُمْ الَّذِينَ عَمِلْتُمْ فَغَضِبَتْ النَّصَارَى وَالْيَهُود وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَر عَمَلًا وَأَقَلّ عَطَاء قَالَ هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ أَجْركُمْ شَيْئًا ؟ قَالُوا لَا قَالَ فَإِنَّمَا هُوَ فَضْلِي أُوتِيه مَنْ أَشَاء " قَالَ أَحْمَد وَحَدَّثَنَاهُ مُؤَمِّل عَنْ سُفْيَان عَنْ عَبْد اللَّه بْن دِينَار عَنْ اِبْن عُمَر نَحْو حَدِيث نَافِع عَنْهُ اِنْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ الْبُخَارِيّ فَرَوَاهُ عَنْ سُلَيْمَان بْن حَرْب عَنْ حَمَّاد عَنْ
نَافِع بِهِ وَعَنْ قُتَيْبَة عَنْ اللَّيْث عَنْ نَافِع بِمِثْلِهِ وَقَالَ الْبُخَارِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَلَاء حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَة عَنْ يَزِيد عَنْ أَبِي بُرْدَة عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَثَل الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُود وَالنَّصَارَى كَمَثَلِ رَجُل اِسْتَعْمَلَ قَوْمًا يَعْمَلُونَ لَهُ عَمَلًا يَوْمًا إِلَى اللَّيْل عَلَى أَجْر مَعْلُوم فَعَمِلُوا إِلَى نِصْف النَّهَار فَقَالُوا لَا حَاجَة لَنَا فِي أَجْرك الَّذِي شَرَطْت لَنَا وَمَا عَمِلْنَا بَاطِل فَقَالَ لَهُمْ لَا تَفْعَلُوا أَكْمِلُوا بَقِيَّة عَمَلكُمْ وَخُذُوا أَجْركُمْ كَامِلًا فَأَبَوْا وَتَرَكُوا وَاسْتَأْجَرَ آخَرِينَ بَعْدهمْ فَقَالَ أَكْمِلُوا بَقِيَّة يَوْمكُمْ وَلَكُمْ الَّذِي شَرَطْت لَهُمْ مِنْ الْأَجْر فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا كَانَ حِين صَلَّوْا الْعَصْر قَالُوا مَا عَمِلْنَا بَاطِل وَلَك الْأَجْر الَّذِي جَعَلْت لَنَا فِيهِ فَقَالَ أَكْمِلُوا بَقِيَّة عَمَلكُمْ فَإِنَّمَا بَقِيَ مِنْ النَّهَار يَسِيرًا فَأَبَوْا فَاسْتَأْجَرَ قَوْمًا أَنْ يَعْمَلُوا لَهُ بَقِيَّة يَوْمهمْ فَعَمِلُوا بَقِيَّة يَوْمهمْ حَتَّى غَابَتْ الشَّمْس فَاسْتَكْمَلُوا أَجْر الْفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا فَذَلِكَ مَثَلهمْ وَمَثَل مَا قَبِلُوا مِنْ هَذَا النُّور" اِنْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيّ .

نسايم ليل
10 -08- 2011, 10:23 PM
لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)

لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ
قَالَ اللَّه تَعَالَى " لِئَلَّا يَعْلَم أَهْل الْكِتَاب أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْء مِنْ فَضْل اللَّه " أَيْ لِيَتَحَقَّقُوا أَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى رَدّ مَا أَعْطَاهُ اللَّه وَلَا إِعْطَاء مَا مَنَعَ اللَّه " وَأَنَّ الْفَضْل بِيَدِ اللَّه يُؤْتِيه مَنْ يَشَاء وَاَللَّه ذُو الْفَضْل الْعَظِيم" قَالَ اِبْن جَرِير " لِئَلَّا يَعْلَم أَهْل الْكِتَاب " أَيْ لِيَعْلَم وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ اِبْن مَسْعُود أَنَّهُ قَرَأَهَا لِكَيْ يَعْلَم وَكَذَا عَطَاء بْن عَبْد اللَّه وَسَعِيد بْن جُبَيْر قَالَ اِبْن جَرِير : لِأَنَّ الْعَرَب تَجْعَل لَا صِلَة فِي كُلّ كَلَام دَخَلَ فِي أَوَّله وَآخِره جَحْد غَيْر مُصَرَّح فَالسَّابِق كَقَوْلِهِ " مَا مَنَعَك أَلَّا تَسْجُد " " وَمَا يُشْعِركُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ" بِاَللَّهِ " وَحَرَام عَلَى قَرْيَة أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ " . آخِر تَفْسِير سُورَة الْحَدِيد وَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة .

أبوعدولي
11 -08- 2011, 01:30 AM
(http://www.samtah.net/vb/member.php?u=37282)نسايم ليل (http://www.samtah.net/vb/member.php?u=37282)
http://www.samtah.net/vb/images/23.gif
المنتديات الإسلامية
http://www.samtah.net/vb/images/star/star6.gif
(http://www.samtah.net/vb/member.php?u=37282) (http://www.samtah.net/vb/member.php?u=37282)

(http://www.samtah.net/vb/member.php?u=37282)

الله يجزاك كل خير أختي الكريمة
على هذا المجهود الرائع والمميزالذي قمت
به في حلقة الليلة والحلقات الماضية
جعلها الله في ميزان حسناتك
(http://www.samtah.net/vb/member.php?u=37282)

مثابره
11 -08- 2011, 06:56 AM
http://www.youtube.com/watch?v=yGmRMaQH9Q0


بارك الله فيك أبوعدولي وبارك الله للإخوة والأخوات في إضافاتهم وجزاكم الله خيرا

مبروك لك الفوز ابو عدولي وتاهلك للسحب النهائي في سباق الأعضاء
موفق ..

الحسين بن علي
11 -08- 2011, 07:20 AM
جزاااااااااااااااك الله ألف خير

أبوعدولي
12 -08- 2011, 02:03 AM
http://upload.7ozn.com/files16/13131031201.gif

http://gallery.egyptsons.com/data/media/5/tealscrollroses.gifhttp://gallery.egyptsons.com/data/media/5/tealscrollroses.gif
التعريف بالسورة :
1) سورة مكية .
2) من المفصل .
3) آياتها 62 .
4) ترتيبها الثالثة والخمسون .
5) نزلت بعد الإخلاص .
6) بدأت باسلوب قسم " والنجم " ،السورة بها سجدة في الآية
الاخيرة من السورة .
7) الجزء ( 27 ) ، الحزب ( 53 ) ، الربع ( 2، 3 )
http://gallery.egyptsons.com/data/media/5/tealscrollroses.gifhttp://gallery.egyptsons.com/data/media/5/tealscrollroses.gif
محور مواضيع السورة :
سورة النجم مكية وهى تبحث عن موضوع الرسالة في إطارها العام ،
وعن موضوع الإيمان بالبعث والنشور شأن سائر السور المكية .
http://gallery.egyptsons.com/data/media/5/tealscrollroses.gifhttp://gallery.egyptsons.com/data/media/5/tealscrollroses.gif
سبب نزول السورة :
(1 عن ثابت بن الحرث الأنصاري قال : كانت اليهود تقول إذا هلك لهم
صبي صغير " هو صدّيق " . فبلغ ذلك النبي فقال : " كذبت يهود ما من
نسمة يخلقها الله في بطن أمه إلا أنه شقى أو سعيد " فأنزل الله تعالى
عند ذلك هذه الآية ( هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ في
بُطُونِ أُمَّهَاتِك إلى آخرها) .
2) قال ابن عباس والسدي والكلبي والمسيب بن شريك نزلت في عثمان بن
عفان كان يتصدق وينفق في الخير ، فقال له أخوه من الرضاعة عبد الله
بن أبي سرح : ما هذا الذي تصنع يوشك أن لا يبقى لك شيئا . فقال عثمان :
" إن لي ذنوبا وخطايا وإني أطلب بما أصنع رضا الله ـ سبحانه وتعالى ـ
وأرجو عفوه " فقال له عبد الله : أعطني ناقتك برحلها وأنا أتحمل عنك
ذنوبك كلها فأعطاه وأشهد عليه وأمسك عن بعض ما كان يصنع من الصدقة
فأنزل الله تبارك وتعالى ( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلىَّ وَأَعْطَى قَلِيلا وَأَكْدَى ) فعاد
عثمان إلى أحسن ذلك وأجمله . وقال مجاهد وابن زيد : نزلت في الوليد بن
المغيرة ، وكان قد اتبع رسول الله على دينه فَعَيَّرَهُ بعض المشركين ، وقال :
لم تركت دين الأشياخ وضللتهم وزعمت أنهم في النار ؟ قال : إني خشيت عذاب
الله فضمن له إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه أن يتحمل عنه عذاب
الله سبحانه وتعالى ، فأعطى الذي عاتبه بعض ما كان ضمن له ثم بخل ومنعه ،
فأنزل الله تعالى هذه الآية .
3) حدثتنا الصهباء عن عائشة قالت : مر رسول الله بقوم يضحكون فقال :
" لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا " . فنزل عليه جبريل بقوله
( وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَ أبْكَى ) فرجع إليهم فقال ما خطوت أربعين خطوة حتى
أتانى جبريلفقال : ائت هؤلاء وقل لهم إن الله ـ عز وجل ـ يقول وإنه هو
أضحك وأبكى
http://gallery.egyptsons.com/data/media/5/tealscrollroses.gifhttp://gallery.egyptsons.com/data/media/5/tealscrollroses.gif
تقبل الله صالح أعمالكم

مثابره
12 -08- 2011, 02:09 AM
http://www.youtube.com/watch?v=IfyPmYRGXEE



جزاك الله خير ووفقك لكل خير ابو عدولي

أبوعدولي
12 -08- 2011, 02:15 AM
نعتذر عن التأخير لظروف قاهره .. وأتمنى تواجدكم في :
الحلقة الحادية عشربين يدي سورة النجم على الرابط التالي :

http://www.samtah.net/vb/showthread.php?p=1345525#post1345525

أبوعدولي
12 -08- 2011, 02:20 AM
تفسيرسورة النجم
قال البخاري: حدثنا نصر بن علي, أخبرني أبو أحمد ـ يعني الزبيدي ـ حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق, عن الأسود بن يزيد عن عبد الله قال: أول سورة أنزلت فيها سجدة «والنجم» قال: فسجد النبي صلى الله عليه وسلم وسجد من خلفه, إلا رجلاً رأيته أخذ كفاً من تراب فسجد عليه, فرأيته بعد ذلك قتل كافراً وهو أمية بن خلف, وقد رواه البخاري أيضاً في مواضع ومسلم وأبو داود والنسائي من طرق عن أبي إسحاق به, وقوله في الممتنع إنه أمية بن خلف في هذه الرواية مشكل, فإنه قد جاء من غير هذه الطريق أنه عتبة بن ربيعة.

بِسْمِ اللّهِ الرّحْمـَنِ الرّحِيمِ


** وَالنّجْمِ إِذَا هَوَىَ * مَا ضَلّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىَ * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىَ * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَىَ
قال الشعبي وغيره: الخالق يقسم بما شاء من خلقه, والمخلوق لا ينبغي له أن يقسم إلا بالخالق, رواه ابن أبي حاتم: واختلف المفسرون في معنى قوله: {والنجم إذا هوى} فقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: يعني بالنجم الثريا إذا سقط مع الفجر, وكذا روي عن ابن عباس وسفيان الثوري واختاره ابن جرير, وزعم السدي أنها الزهرة, وقال الضحاك {والنجم إذا هوى} إذا رمي به الشياطين وهذا القول له اتجاه. وروى الأعمش عن مجاهدفي قوله تعالى: {والنجم إذا هوى} يعني القرآن إذا نزل, وهذه الاَية كقوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النجوم * وإنه لقسم لو تعلمون عظيم * إنه لقرآن كريم * في كتاب مكنون * لا يمسه إلا المطهرون * تنزيل من رب العالمين} وقوله تعالى: {ما ضل صاحبكم وما غوى} هذا هو المقسم عليه, وهو الشهادة للرسول صلى الله عليه وسلم بأنه راشد تابع للحق ليس بضال, وهو الجاهل الذي يسلك على غير طريق بغير علم, والغاوي هو العالم بالحق, العادل عنه قصداً إلى غيره, فنزه الله رسوله وشرعه, عن مشابهة أهل الضلال كالنصارى وطرائق اليهود. وهي علم الشيء وكتمانه, والعمل بخلافه, بل هو صلاة الله وسلامه عليه وما بعثه به من الشرع العظيم في غاية الاستقامة والاعتدال والسداد, ولهذا قال تعالى: {وما ينطق عن الهوى} أي ما يقول قولاً عن هوى وغرض {إن هو إلا وحي يوحى} أي إنما يقول ما أمر به يبلغه إلى الناس كاملاً موفوراً من غير زيادة ولا نقصان كما رواه الإمام أحمد: حدثنا يزيد, حدثنا جرير بن عثمان عن عبد الرحمن بن ميسرة عن أبي أمامة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليدخلنّ الجنة بشفاعة رجل ليس بنبي مثل الحيين ـ أو مثل أحد الحيين ـ ربيعة ومضر» فقال رجل: يا رسول الله أو ما ربيعة من مضر ؟ قال: «إنما أقول ما أقول».
وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن الأخنس, أخبرنا الوليد بن عبد الله عن يوسف بن ماهك عن عبد الله بن عمرو قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه, فنهتني قريش فقالوا: إنك تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم, ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب. فأمسكت عن الكتاب فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «اكتب فو الذي نفسي بيده ما خرج مني إلا الحق» ورواه أبو داود عن مسدد وأبي بكر بن أبي شيبة, كلاهما عن يحيى بن سعيد القطان به. وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا أحمد بن منصور, حدثنا عبد الله بن صالح, حدثنا الليث عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أخبرتكم أنه من عند الله فهو الذي لا شك فيه» ثم قال: لا نعلمه يروى إلا بهذا الإسناد وقال الإمام أحمد: حدثنا يونس, حدثنا ليث عن محمد بن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا أقول إلا حقاً قال بعض أصحابه: فإنك تداعبنا يا رسول الله ؟ قال: «إني لا أقول إلا حقاً».


** عَلّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىَ * ذُو مِرّةٍ فَاسْتَوَىَ * وَهُوَ بِالاُفُقِ الأعْلَىَ * ثُمّ دَنَا فَتَدَلّىَ * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىَ * فَأَوْحَىَ إِلَىَ عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىَ * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىَ * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىَ مَا يَرَىَ * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىَ * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىَ * عِندَهَا جَنّةُ الْمَأْوَىَ * إِذْ يَغْشَىَ السّدْرَةَ مَا يَغْشَىَ * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىَ * لَقَدْ رَأَىَ مِنْ آيَاتِ رَبّهِ الْكُبْرَىَ
يقول تعالى مخبراً عن عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم أنه علمه الذي جاء به إلى الناس {شديد القوى} وهو جبريل عليه الصلاة والسلام, كما قال تعالى:{إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين} وقال ههنا {ذو مرة} أي ذو قوة, قاله مجاهد والحسن وابن زيد. وقال ابن عباس: ذو منظر حسن, وقال قتادة: ذو خلق طويل حسن. ولا منافاة بين القولين فإنه عليه السلام ذو منظر حسن وقوة شديدة. وقد ورد في الحديث الصحيح من رواية ابن عمر وأبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي» وقوله تعالى: {فاستوى} يعني جبريل عليه السلام, قاله الحسن ومجاهد وقتادة والربيع بن أنس {وهو بالأفق الأعلى} يعني جبريل استوى في الأفق الأعلى, قاله عكرمة وغير واحد. قال عكرمة: والأفق الأعلى الذي يأتي منه الصبح. وقال مجاهد هو مطلع الشمس. وقال قتادة: هو الذي يأتي منه النهار, وكذا قال ابن زيد وغيرهم.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة, حدثنا مصرف بن عمرو اليامي أبو القاسم, حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن طلحة بن مصرف, حدثني أبي عن الوليد هو ابن قيس عن إسحاق بن أبي الكهتلة, أظنه ذكره عن عبد الله بن مسعود, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ير جبريل في صورته إلا مرتين: أما واحدة فإنه سأله أن يراه في صورته فسد الأفق. وأما الثانية فإنه كان معه حيث صعد فذلك قوله: {وهو بالأفق الأعلى} وقد قال ابن جرير ههنا قولاً لم أره لغيره, ولا حكاه هو عن أحد وحاصله أنه ذهب إلى أن المعنى فاستوى أي هذا الشديد القوي ذو المرة هو ومحمد صلى الله عليه وسلم بالأفق الأعلى, أي استويا جميعاً بالأفق الأعلى وذلك ليلة الإسراء, كذا قال ولم يوافقه أحد على ذلك, ثم شرع يوجه ما قاله من حيث العربية فقال وهو كقوله: {أئذا كنا تراباً وآباؤنا} فعطف بالاَباء على المكنى في كنا من غير إظهار نحن فكذلك قوله فاستوى وهو, قال وذكر الفراء عن بعض العرب أنه أنشده:
ألم تر أن النبع يصلب عودهولا يستوي والخروع المتقصف
وهذا الذي قاله من جهة العربية متجه, ولكن لا يساعده المعنى على ذلك, فإن هذه الرؤية لجبريل لم تكن ليلة الإسراء بل قبلها, ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض, فهبط عليه جبريل عليه السلام وتدلى إليه فاقترب منه وهو على الصورة التي خلقه الله عليها, له ستمائة جناح ثم رآه بعد ذلك نزلة أخرى عند سدرة المنتهى يعني ليلة الإسراء, وكانت هذه الرؤية الأولى في أوائل البعثة بعدما جاءه جبريل عليه السلام أول مرة, فأوحى الله إليه صدر سورة اقرأ, ثم فتر الوحي فترة ذهب النبي صلى الله عليه وسلم فيها مراراً ليتردى من رؤوس الجبال. فكلما هم بذلك ناداه جبريل من الهواء, يا محمد أنت رسول الله حقاً وأنا جبريل, فيسكن لذلك جأشه وتقر عينه, وكلما طال عليه الأمر عاد لمثلها حتى تبدى له جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبطح في صورته التي خلقه الله عليها, له ستمائة جناح قد سد عظم خلقه الأفق, فاقترب منه وأوحى إليه عن الله عز وجل ما أمره به, فعرف عند ذلك عظمة الملك الذي جاءه بالرسالة وجلالة قدره وعلو مكانته عند خالقه الذي بعثه إليه.
فأما الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البزار في مسنده حيث قال: حدثنا سلمة بن شبيب, حدثنا سعيد بن منصور, حدثنا الحارث بن عبيد عن أبي عمران الجوني عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بينا أنا قاعد إذ جاء جبريل عليه السلام فوكز بين كتفي, فقمت إلى شجرة فيها كوكري الطير فقعد في أحدهما وقعدت في الاَخر. فسمت وارتفعت حتى سدت الخافقين, وأنا أقلب طرفي, ولو شئت أن أمس السماء لمسست, فالتفت إلي جبريل كأنه جلس لاطىء فعرفت فضل علمه بالله علي. وفتح لي باب من أبواب السماء ورأيت النور الأعظم, وإذا دون الحجاب رفرفة الدر والياقوت. وأوحي إلي ما شاء الله أن يوحي» ثم قال البزار: «لا يرويه إلا الحارث بن عبيد, وكان رجلاً مشهوراً من أهل البصرة.
(قلت) الحارث بن عبيد هذا هو أبو قدامة الأيادي أخرج له مسلم في صحيحه إلا أن ابن معين ضعفه, وقال: ليس هو بشيء, وقال الإمام أحمد: مضطرب الحديث. وقال أبو حاتم الرازي: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال ابن حيان: كثر وهمه فلا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد, فهذا الحديث من غرائب رواياته, فإن فيه نكارة وغرابة ألفاظ وسياقاً عجيباً ولعله منام, والله أعلم. وقال الإمام أحمد: حدثنا حجاج, حدثنا شريك عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله أنه قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل في صورته وله ستمائة جناح, كل جناح منها قد سد الأفق, يسقط من جناحه من التهاويل والدر والياقوت ما الله به عليم. انفرد به أحمد. وقال أحمد: حدثنا يحيى بن آدم, حدثنا أبو بكر بن عياش عن إدريس بن منبه عن وهب بن منبه عن ابن عباس قال: سأل النبي صلى الله عليه وسلم جبريل أن يراه في صورته فقال: ادع ربك, فدعا ربه عز وجل فطلع عليه سواد من قبل المشرق فجعل يرتفع وينتشر, فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم صعق فأتاه فنعشه ومسح البزاق عن شدقه, تفرد به أحمد.
وقد رواه ابن عساكر في ترجمة عتبة بن أبي لهب من طريق محمد بن إسحاق عن عثمان بن عروة بن الزبير عن أبيه عن هبار بن الأسود قال: كان أبو لهب وابنه عتبة قد تجهزا إلى الشام فتجهزت معهما, فقال ابنه عتبة: والله لأنطلقن إلى محمد ولاَذينه في ربه سبحانه وتعالى, فانطلق حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد هو يكفر بالذي دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم سلط عليه كلباً من كلابك» ثم انصرف عنه فرجع إلى أبيه فقال: يا بني ما قلت له, فذكر له ما قاله, فقال: فما قال لك ؟ قال: قال: «اللهم سلط عليه كلباً من كلابك» قال: يا بني والله ما آمن عليك دعاءه, فسرنا حتى نزلنا الشراة وهي مأسدة ونزلنا إلى صومعة راهب فقال الراهب: يا معشر العرب, ما أنزلكم هذه البلاد فإنها يسرح الأسد فيها كما تسرح الغنم. فقال لنا أبو لهب: إنكم قدعرفتم كبر سني وحقي, وإن هذا الرجل قد دعا على ابني دعوة, والله ما آمنها عليه, فاجمعوا متاعكم إلى هذه الصومعة وافرشوا لابني عليها ثم افرشوا حولها, ففعلنا فجاء الأسد فشم وجوهنا فلما لم يجد ما يريد تقبض فوثب وثبة فإذا هو فوق المتاع, فشم وجهه ثم هزمه هزمةً ففسخ رأسه فقال أبو لهب: قد عرفت أنه لا ينفلت عن دعوة محمد.

يتبع ..

أبوعدولي
12 -08- 2011, 02:21 AM
وقوله تعالى: {فكان قاب قوسين أو أدنى} أي فاقترب جبريل إلى محمد لما هبط عليه إلى الأرض حتى كان بينه وبين محمد صلى الله عليه وسلم قاب قوسين, أي بقدرهما إذا مدا, قاله مجاهد وقتادة وقد قيل إن المراد بذلك بعد ما بين وتر القوس إلى كبدها. وقوله تعالى: {أو أدنى} قد تقدم أن هذه الصيغة تستعمل في اللغة لإثبات المخبر عنه ونفي ما زاد عليه كقوله تعالى: {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة} أي ما هي بألين من الحجارة, بل هي مثلها أو تزيد عليها في الشدة والقسوة وكذا قوله: {يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية} وقوله: {وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون} أي ليسوا أقل منها بل هم مائة ألف حقيقة أو يزيدون عليها. فهذا تحقيق للمخبر به لا شك ولا تردد فإن هذا ممتنع وهكذا ههنا هذه الاَية {فكان قاب قوسين أو أدنى} وهذا الذي قلناه من أن هذا المقترب الداني الذي صار بينه وبين محمد صلى الله تعالى عليه وسلم إنما هو جبريل عليه السلام, وهو قول أم المؤمنين عائشة وابن مسعود وأبي ذر وأبي هريرة, كما سنورد أحاديثهم قريباً إن شاء الله تعالى.
وروى مسلم في صحيحه عن ابن عباس أنه قال: رأى محمد ربه بفؤاده مرتين فجعل هذه إحداهما, وجاء في حديث شريك بن أبي نمر عن أنس في حديث الإسراء: ثم دنا الجبار رب العزة فتدلى, ولهذا قد تكلم كثير من الناس في متن هذه الرواية وذكروا أشياء فيها من الغرابة, فإن صح فهو محمول على وقت آخر وقصة أخرى, لا أنها تفسير لهذه الاَية فإن هذه كانت ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض لا ليلة الإسراء, ولهذا قال بعده: {ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى} فهذه هي ليلة الإسراء والأولى كانت في الأرض.
وقد قال ابن جرير: حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب, حدثنا عبد الواحد بن زياد, حدثنا سليمان الشيباني, حدثنا زر بن حبيش قال: قال عبد الله بن مسعود في هذه الاَية {فكان قاب قوسين أو أدنى} قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رأيت جبريل له ستمائة جناح».
وقال ابن وهب: حدثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان أول شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى في منامه جبريل بأجياد, ثم إنه خرج ليقضي حاجته فصرخ به جبريل: يا محمد يا محمد! فنظر رسول الله يميناً وشمالاً فلم ير أحداً ثلاثاً, ثم رفع بصره فإذا هو ثاني إحدى رجليه مع الأخرى على أفق السماء فقال يا محمد جبريل يسكنه. فهرب النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخل في الناس, فنظر فلم ير شيئاً, ثم خرج من الناس ثم نظر فرآه فدخل في الناس فلم ير شيئاً, ثم خرج فنظر فرآه, فذلك قول الله عز وجل {والنجم إذا هوى ـ إلى قوله ـ ثم دنا فتدلى} يعني جبريل إلى محمد عليهما الصلاة والسلام {فكان قاب قوسين أو أدنى} ويقولون: القاب نصف أصبع, وقال بعضهم: ذراعين كان بينهما, رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من حديث ابن وهب به وفي حديث الزهري عن أبي سلمة عن جابر شاهداً لهذا. وروى البخاري عن طلق بن غنام عن زائدة عن الشيباني قال: سألت زراً عن قوله: {فكان قاب قوسين أو أدنى * فأوحى * إلى عبده ما أوحى} قال: حدثنا عبد الله أن محمداً صلى الله عليه وسلم رأى جبريل له ستمائة جناح.
وقال ابن جرير: حدثني ابن بزيع البغدادي, حدثنا إسحاق بن منصور, حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله {ما كذب الفؤاد ما رأى} قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه حلتا رفرف قد ملأ ما بين السماء والأرض, فعلى ما ذكرناه يكون قوله: {فأوحى إلى عبده ما أوحى} معناه فأوحى جبريل إلى عبد الله محمد ما أوحى, أو فأوحى الله إلى عبده محمد ما أوحى بواسطة جبريل, وكلا المعنيين صحيح. وقد ذكر عن سعيد بن جبير في قوله: {فأوحى إلى عبده ما أوحى} قال: أوحى الله إليه{ألم يجدك يتيماً ـ ورفعنا لك ذكرك} وقال غيره: أوحى الله إليه أن الجنة محرمة على الأنبياء حتى تدخلها, وعلى الأمم حتى تدخلها أمتك.
وقوله تعالى: {ما كذب الفؤاد ما رأى * أفتمارونه على ما يرى} قال مسلم: حدثنا أبو سعيد الأشج, حدثنا وكيع, حدثنا الأعمش عن زياد بن حصين عن أبي العالية عن ابن عباس {ما كذب الفؤاد ما رأى} {ولقد رآه نزلة أخرى} قال: رآه بفؤاده مرتين, وكذا رواه سماك عن عكرمة عن ابن عباس مثله, وكذا قال أبوصالح والسدي وغيرهما: إنه رآه بفؤاده مرتين, وقد خالفه ابن مسعود وغيره. وفي رواية عنه أنه أطلق الرؤية وهي محمولة على المقيدة بالفؤاد, ومن روى عنه بالبصر فقد أغرب فإنه لا يصح في ذلك شيء عن الصحابة رضي الله عنهم, وقول البغوي في تفسيره وذهب جماعة إلى أنه رآه بعينه وهو قول أنس والحسن وعكرمة فيه نظر والله أعلم.
وقال الترمذي: حدثنا محمد بن عمرو بن المنهال بن صفوان, حدثنا يحيى بن كثير العنبري عن سلمة بن جعفر عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس قال: رأى محمد ربه, قلت: أليس الله يقول: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار} قال: ويحك ذاك إذا تجلى بنوره الذي هو نوره, وقد رأى ربه مرتين. ثم قال: حسن غريب. وقال أيضاً: حدثنا ابن أبي عمر, حدثنا سفيان عن مجالد عن الشعبي قال: لقي ابن عباس كعباً بعرفة فسأله عن شيء فكبر حتى جاوبته الجبال, فقال ابن عباس: إنا بنو هاشم, فقال كعب: إن الله قسم رؤيته وكلامه بين محمد وموسى, فكلم موسى مرتين ورآه محمد مرتين, وقال مسروق: دخلت على عائشة فقلت: هل رأى محمد ربه, فقالت: لقد تكلمت بشيء قفّ له شعري فقلت: رويداً, ثم قرأت {لقد رأى من آيات ربه الكبرى} فقالت: أين يذهب بك إنما هو جبريل, من أخبرك أن محمداً رأى ربه أو كتم شيئاً مما أمر به أو يعلم الخمس التي قال الله تعالى: {إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث} فقد أعظم على الله الفرية ولكنه رأى جبريل, لم يره في صورته إلا مرتين: مرة عند سدرة المنتهى, ومرة في أجياد وله ستمائة جناح قد سد الأفق.
وقال النسائي: حدثنا إسحاق بن إبراهيم, حدثنا معاذ بن هشام, حدثني أبي عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال: أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم والكلام لموسى والرؤية لمحمد عليهم الصلاة والسلام ؟ وفي صحيح مسلم عن أبي ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: هل رأيت ربك ؟ فقال: «نور أنى أراه» وفي رواية «رأيت نوراً» وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج, حدثنا أبو خالد عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب قال: قالوا: يا رسول الله رأيت ربك ؟ قال: «رأيته بفؤادي مرتين» ثم قرأ {ما كذب الفؤاد ما رأى} ورواه ابن جرير عن ابن حميد عن مهران عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قلنا يا رسول الله هل رأيت ربك ؟ قال: «لم أره بعيني ورأيته بفؤادي مرتين» ثم تلا {ثم دنا فتدلى}.
ثم قال ابن أبي حاتم: وحدثنا الحسن بن محمد بن الصباح, حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري, أخبرني عباد بن منصور قال: سألت عكرمة عن قوله: {ما كذب الفؤاد ما رأى} فقال عكرمة: تريد أن أخبرك أنه قد رآه, قلت نعم, قال: قد رآه ثم قد رآه, قال: فسألت عنه الحسن فقال: قد رأى جلاله وعظمته ورداءه, وحدثنا أبي, حدثنا محمد بن مجاهد, حدثنا أبو عامر العقدي, أخبرنا أبو خلدة عن أبي العالية قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل رأيت ربك ؟ قال: «رأيت نهراً ورأيت وراء النهر حجاباً, ورأيت وراء الحجاب نوراً لم أر غيره» وذلك غريب جداً, فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا أسود بن عامر, حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رأيت ربي عز وجل» فإنه حديث إسناده على شرط الصحيح, لكنه مختصر من حديث المنام كما رواه الإمام أحمد أيضاً: حدثنا عبد الرزاق, حدثنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أتاني ربي الليلة في أحسن صورة ـ أحسبه يعني في النوم ـ فقال: يا محمد أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى, قال: قلت لا, فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي ـ أو قال نحري ـ فعلمت ما في السموات وما في الأرض. ثم قال: يا محمد, هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى, قال: قلت نعم, يختصمون في الكفارات والدرجات, قال: وما الكفارات ؟ قال: قلت المكث في المساجد بعد الصلوات, والمشي على الأقدام إلى الجماعات, وإبلاغ الوضوء في المكاره, من فعل ذلك عاش بخير ومات بخير, وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه, وقال: قل يا محمد إذا صليت اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين, وإذا أردت بعبادك فتنة أن تقبضني إليك غير مفتون قال: والدرجات بذل الطعام وإفشاء السلام, والصلاة بالليل والناس نيام» وقد تقدم في آخر سورة ص عن معاذ نحوه.
وقد رواه ابن جرير من وجه آخر عن ابن عباس وفيه سياق آخر وزيادة غريبة فقال: حدثني أحمد بن عيسى التميمي, حدثني سليمان بن عمر بن سيار, حدثني أبي عن سعيد بن زربي عن عمر بن سليمان, عن عطاء عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «رأيت ربي في أحسن صورة فقال لي: يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ فقلت لا يارب, فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي, فعلمت ما في السموات والأرض فقلت يا رب في الدرجات والكفارات, ونقل الأقدام إلى الجماعات, وانتظار الصلاة بعد الصلاة, فقلت يا رب إنك اتخذت إبراهيم خليلاً وكلمت موسى تكليماً وفعلت وفعلت فقال ألم أشرح لك صدرك ؟ ألم أضع عنك وزرك ؟ ألم أفعل بك ألم أفعل بك ؟ قال فأفضى إلي بأشياء لم يؤذن لي أن أحدثكموها قال فذاك قوله في كتابه: {ثم دنا فتدلى * فكان قاب قوسين أو أدنى * فأوحى إلى عبده ما أوحى * ما كذب الفؤاد ما رأى} فجعل نور بصري في فؤادي فنظرت إليه بفؤادي» إسناده ضعيف وقد ذكر الحافظ ابن عساكر بسنده إلى هبار بن الأسود رضي الله عنه أن عتبة بن أبي لهب لما خرج في تجارة إلى الشام قال لأهل مكة اعلموا أني كافر بالذي دنا فتدلى, فبلغ قوله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: سلط الله عليه كلباً من كلابه. قال هبار: فكنت معهم فنزلنا بأرض كثيرة الأسد, قال فلقد رأيت الأسد جاء فجعل يشم رؤوس القوم واحداً واحداً حتى تخطى إلى عتبة فاقتطع رأسه من بينهم. وذكر ابن إسحاق وغيره في السيرة أن ذلك كان بأرض الزرقاء وقيل بالسراة, وأنه خالف ليلتئذ, وأنهم جعلوه بينهم وناموا من حوله فجاء الأسد فجعل يزأر ثم تخطاهم إليه فضغم رأسه لعنه الله.

يتبع ..

أبوعدولي
12 -08- 2011, 02:22 AM
وقوله تعالى: {ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى} هذه هي المرة الثانية التي رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها جبريل على صورته التي خلقه الله عليها وكانت ليلة الإسراء. وقد قدمنا الأحاديث الواردة في الإسراء بطرقها وألفاظها في أول سورة سبحان بما أغنى عن إعادته ههنا, وتقدم أن ابن عباس رضي الله عنهما كان يثبت الرؤية ليلة الإسراء ويستشهد بهذه الاَية, وتابعه جماعة من السلف والخلف, وقد خالفه جماعات من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين وغيرهم, وقال الإمام أحمد: حدثنا حسن بن موسى, حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عنزر بن حبيش عن ابن مسعود في هذه الاَية {ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى} قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «رأيت جبريل وله ستمائة جناح ينتثر منه ريش التهاويل من الدر والياقوت» وهذا إسناد جيد قوي, وقال أحمد أيضاً: حدثنا يحيى بن آدم, حدثنا شريك عن جامع بن أبي راشد عن أبي وائل عن عبد الله قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل في صورته وله ستمائة جناح, كل جناح منها قد سد الأفق, يسقط من جناحه من التهاويل من الدر والياقوت ما الله به أعلم. إسناده حسن أيضاً.
وقال الإمام أحمد أيضاً: حدثنا زيد بن الحباب, حدثني حسين, حدثني عاصم بن بهدلة قال, سمعت شقيق بن سلمة يقول: سمعت ابن مسعود يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رأيت جبريل على سدرة المنتهى وله ستمائة جناح» سألت عاصماً عن الأجنحة فأبى أن يخبرني, قال فأخبرني بعض أصحابه أن الجناح ما بين المشرق والمغرب, وهذا أيضاً إسناد جيد. وقال أحمد: حدثنا زيد بن الحباب, حدثنا حسين, حدثنا عاصم بن بهدلة حدثني شقيق بن سلمة قال: سمعت ابن مسعود يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاني جبريل عليه السلام في خضر معلق به الدر» إسناده جيد أيضاً. وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى عن إسماعيل, حدثنا عامر قال: أتى مسروق عائشة فقال يا أم المؤمنين هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل ؟ قالت: سبحان الله لقد قفّ شعري لما قلت, أين أنت من ثلاث من حدثكهن فقد كذب: من حدثك أن محمداً رأى ربه فقد كذب ثم قرأت {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار} {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب} ومن أخبرك أنه يعلم ما في غد فقد كذب ثم قرأت {إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام} الاَية. ومن أخبرك أن محمداً قد كتم فقد كذب, ثم قرأت {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} ولكنه رأى جبريل في صورته مرتين.
وقال الإمام أحمد أيضاً: حدثنا محمد بن أبي عدي عن داود عن الشعبي عن مسروق قال: كنت عند عائشة فقلت: أليس الله يقول: {ولقد رآه بالأفق المبين} {ولقد رآه نزلة أخرى} فقالت: أنا أول هذه الأمة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها فقال: «إنما ذاك جبريل» لم يره في صورته التي خلق عليها إلا مرتين, رآه منهبطاً من السماء إلى الأرض ساداً عظم خلقه ما بين السماء والأرض, أخرجاه في الصحيحين من حديث الشعبي به.
(رواية أبي ذر) قال الإمام أحمد: حدثنا عفان حدثنا همام: حدثنا قتادة عن عبد الله بن شقيق قال: قلت لأبي ذر لو رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لسألته. قال: وما كنت تسأله ؟ قال: كنت أسأله هل رأى ربه عز وجل ؟ فقال: إني قد سألته فقال: «قد رأيته نوراً أنى أراه» هكذا وقع في رواية الإمام أحمد وقد أخرجه مسلم من طريقين بلفظين فقال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة, حدثنا وكيع عن يزيد بن إبراهيم عن قتادة عن عبد الله بن شقيق عن أبي ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك ؟ فقال: «نور أنى أراه». وقال حدثنا محمد بن بشار, حدثنا معاذ بن هشام, حدثنا أبي عن قتادة عن عبد الله بن شقيق قال قلت لأبي ذر: لو رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لسألته. فقال: عن أي شيء تسأله ؟ قال: كنت أسأله هل رأيت ربك ؟ قال أبو ذر: قد سألته فقال «رأيت نوراً» وقد حكى الخلال في علله أن الإمام أحمد سئل عن هذا الحديث فقال: مازلت منكراً له وما أدري ما وجهه.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا عمرو بن عون الواسطي, أخبرنا هشيم عن منصور عن الحكم عن إبراهيم عن أبيه عن أبي ذر قال: رآه بقلبه ولم يره بعينه, وحاول ابن خزيمة أن يدعي انقطاعه بين عبد الله بن شقيق وبين أبي ذر, وأما ابن الجوزي فتأوله على أن أبا ذر لعله سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الإسراء فأجابه بما أجابه به, ولو سأله بعد الإسراء لأجابه بالإثبات, وهذا ضعيف جداً, فإن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قد سألت عن ذلك بعد الإسراء ولم يثبت لها الرؤية, ومن قال إنه خاطبها على قدر عقلها أو حاول تخطئتها فيما ذهبت إليه كابن خزيمة في كتاب التوحيد, فإنه هو المخطىء والله أعلم. وقال النسائي: حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا هشام عن منصور عن الحكم عن يزيد بن شريك عن أبي ذر قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه بقلبه ولم يره ببصره. وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن علي بن مسهر, عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال في قوله تعالى: {ولقد رآه نزلة أخرى} قال رأى جبريل عليه السلام.
وقال مجاهد في قوله: {ولقد رآه نزلة أخرى} قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل في صورته مرتين, وكذا قال قتادة والربيع بن أنس وغيرهم. وقوله تعالى: {إذ يغشى السدرة ما يغشى} قد تقدم في أحاديث الإسراء أنه غشيتها الملائكة مثل الغربان وغشيها نور الرب وغشيتها ألوان ما أدري ما هي ؟ وقال الإمام أحمد: حدثنا مالك بن مغول, حدثنا الزبير بن عدي عن طلحة عن مرة عن عبد الله هو ابن مسعود قال: لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى سدرة المنتهى وهي في السماء السابعة إليها ينتهي ما يعرج به من الأرض, فيقبض منها وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها {إذ يغشى السدرة ما يغشى} قال فراش من ذهب, قال: وأعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً: أعطي الصلوات الخمس, وأعطي خواتيم سورة البقرة, وغفر لمن لا يشرك بالله شيئاً من أمته المقحمات. انفرد به مسلم. وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية عن أبي هريرة أو غيره ـ شك أبو جعفر ـ قال: لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى إلى السدرة, فقيل له إن هذه السدرة, فغشيها نور الخلاق وغشيتها الملائكة مثل الغربان حين يقعن على الشجر, وقال فكلمه عند ذلك فقال له سل. وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد {إذ يغشى السدرة ما يغشى} قال كان أغصان السدرة لؤلؤاً وياقوتاً وزبرجداً, فرآها النبي صلى الله عليه وسلم ورأى ربه بقلبه, وقال ابن زيد قيل: يا رسول الله أي شيء رأيت يغشى تلك السدرة ؟ قال: «رأيت يغشاها فراش من ذهب, ورأيت على كل ورقة من ورقها ملكاً قائماً يسبح الله عز وجل».

يتبع ..

أبوعدولي
12 -08- 2011, 02:23 AM
وقوله تعالى: {ما زاغ البصر وما طغى} قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما ذهب يميناً ولا شمالاً {وما طغى} ما جاوز ما أمر به, وهذه صفة عظيمة في الثبات والطاعة فإنه ما فعل إلا ما أمر به ولا سأل فوق ما أعطي, وما أحسن ما قال الناظم:
رأى جنة المأوى وما فوقها ولورأى غيره ما قد رآه لتاها
وقوله تعالى: {لقد رأى من آيات ربه الكبرى} كقوله: {لنريك من آياتنا الكبرى} أي الدالة على قدرتنا وعظمتنا, وبهاتين الاَيتين استدل من ذهب من أهل السنة أن الرؤية تلك الليلة لم تقع لأنه قال: {لقد رأى من آيات ربه الكبرى} ولو كان رأى ربه لأخبر بذلك ولقال ذلك للناس, وقد تقدم تقرير ذلك في سورة سبحان. وقد قال الإمام أحمد: حدثنا أبو النضر, حدثنا محمد بن طلحة عن الوليد بن قيس عن إسحاق بن أبي الكهتلة قال محمد أظنه عن ابن مسعود أنه قال: إن محمداً لم ير جبريل في صورته إلا مرتين: أما مرة فإنه سأله أن يريه نفسه في صورته فأراه صورته فسد الأفق, وأما الأخرى فإنه صعد معه حين صعد به, وقوله: {وهو بالأفق الأعلى * ثم دنا فتدلى * فكان قاب قوسين أو أدنى * فأوحى إلى عبده ما أوحى} فلما أحَسّ جبريل ربه عز وجل عاد في صورته وسجد, فقوله: {ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى * إذ يغشى السدرة ما يغشى * ما زاغ البصر وما طغى * لقد رأى من آيات ربه الكبرى} قال: خلق جبريل عليه السلام, وهكذا رواه أحمد وهو غريب.


** أَفَرَأَيْتُمُ اللاّتَ وَالْعُزّىَ * وَمَنَاةَ الثّالِثَةَ الاُخْرَىَ * أَلَكُمُ الذّكَرُ وَلَهُ الاُنْثَىَ * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىَ * إِنْ هِيَ إِلاّ أَسْمَآءٌ سَمّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مّآ أَنَزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتّبِعُونَ إِلاّ الظّنّ وَمَا تَهْوَى الأنفُسُ وَلَقَدْ جَآءَهُم مّن رّبّهِمُ الْهُدَىَ * أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنّىَ * فَلِلّهِ الاَخِرَةُ والاُولَىَ * وَكَمْ مّن مّلَكٍ فِي السّمَاوَاتِ لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرْضَىَ
يقول تعالى مقرعاً للمشركين في عبادتهم الأصنام والأنداد والأوثان, واتخاذهم البيوت لها مضاهاة للكعبة التي بناها خليل الرحمن عليه السلام {أفرأيتم اللات ؟} وكانت اللات صخرة بيضاء منقوشة وعليها بيت بالطائف, له أستار وسدنة وحوله فناء معظم عند أهل الطائف, وهم ثقيف ومن تابعها, يفتخرون بها على من عداهم من أحياء العرب بعد قريش, قال ابن جرير: وكانوا قد اشتقوا اسمها من اسم الله فقالوا اللات, يعنون مؤنثة منه, تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً, وحكي عن ابن عباس ومجاهد والربيع بن أنس أنهم قرأوا اللات بتشديد التاء وفسروه بأنه كان رجلاً يلت للحجيج في الجاهلية السويق, فلما مات عكفوا على قبره فعبدوه. وقال البخاري: حدثنا مسلم هو ابن إبراهيم, حدثنا أبو الأشهب, حدثنا أبو الجوزاء عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {اللات والعزى} قال: كان اللات رجلاً يلت السويق سويق الحجاج, قال ابن جرير: وكذا العزى من العزيز, وكانت شجرة عليها بناء وأستار بنخلة, وهي بين مكة والطائف, وكانت قريش يعظمونها كما قال أبو سفيان يوم أحد: لنا العزى ولا عزى لكم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قولوا الله مولانا ولا مولى لكم».
وروى البخاري من حديث الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حلف فقال في حلفه واللات والعزى فليقل لا إله إلا الله, ومن قال لصاحبه تعالَ أقامرك فليتصدق» فهذا محمول على من سبق لسانه في ذلك كما كانت ألسنتهم قد اعتادته في زمن الجاهلية, كما قال النسائي: أخبرنا أحمد بن بكار, وعبد الحميد بن محمد قالا: حدثنا مخلد, حدثنا يونس عن أبيه, حدثني مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: حلفت باللات والعزى, فقال لي أصحابي: بئس ما قلت! قلت هجراً. فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال: «قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير, وانفث عن شمالك ثلاثاً, وتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثم لا تعد». وأما مناة فكانت بالمشلل عند قديد بين مكة والمدينة, وكانت خزاعة والأوس والخزرج في جاهليتها يعظمونها ويهلون منها للحج إلى الكعبة. وروى البخاري عن عائشة نحوه, وقد كان بجزيرة العرب وغيرها طواغيت أخر تعظمها العرب كتعظيم الكعبة. غير هذه الثلاثة التي نص عليها في كتابه العزيز, وإنما أفرد هذه بالذكر لأنها أشهر من غيرها.
قال ابن إسحاق في السيرة: وقد كانت العرب اتخذت مع الكعبة طواغيت وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة. لها سدنة وحجاب وتهدى لها كما يهدى للكعبة, وتطوف بها كطوافها بها, وتنحر عندها, وهي تعرف فضل الكعبة عليها لأنها كانت قد عرفت أنها بيت إبراهيم عليه السلام ومسجده: فكانت لقريش ولبني كنانة العزى بنخلة, وكان سدنتها وحجابها بني شيبان من سليم, حلفاء بني هاشم, قلت: بعث إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فهدمها وجعل يقول:
يا عزى كفرانك لا سبحانكإني رأيت الله قد أهانك
وقال النسائي: أخبرنا علي بن المنذر, أخبرنا ابن فضيل, حدثنا الوليد بن جميع عن أبي الطفيل قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة بعث خالد بن الوليد إلى نخلة, وكانت بها العزى فأتاها خالد وكانت على ثلاث سمرات, فقطع السمرات وهدم البيت الذي كان عليها, ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: «ارجع فإنك لم تصنع شيئاً» فرجع خالد, فلما أبصرته السدنة وهم حجبتها أمعنوا في الحيل وهم يقولون: يا عزى, يا عزى, فأتاها خالد فإذا امرأة عريانة ناشرة شعرها تحثو التراب على رأسها, فغمسها بالسيف حتى قتلها, ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال «تلك العزى!».
قال ابن إسحاق: وكانت اللات لثقيف بالطائف, وكان سدنتها وحجابها بني معتب. قلت: وقد بعث إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم المغيرة بن شعبة, وأبا سفيان صخر بن حرب, فهدماها وجعلا مكانها مسجداً بالطائف. قال ابن إسحاق: كانت مناة للأوس والخزرج ومن دان بدينهم من أهل يثرب على ساحل البحر من ناحية المشلل بقديد, فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها أبا سفيان صخر بن حرب فهدمها, ويقال علي بن أبي طالب قال: وكانت ذو الخلصة لدوس وخثعم وبجيلة, ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة. قلت: وكان يقال لها الكعبة اليمانية, وللكعبة التي بمكة الكعبة الشامية, فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم جرير بن عبد الله البجلي فهدمه, قال: وكانت فَلْس لطيء ومن يليها بجبل طيء من سلمى وأجا, قال ابن هشام: فحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليه علي بن أبي طالب فهدمه, واصطفى منه سيفين: الرسوب والمخذْم, فنفله إياهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فهما سيفا علي. قال ابن إسحاق: وكان لحمير وأهل اليمن بيت بصنعاء يقال له ريام, وذكر أنه كان به كلب أسود وأن الحبرين اللذين ذهبا مع تبع استخرجاه وقتلاه وهدما البيت. قال ابن إسحاق: وكانت رضاء بيتاً لبني ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم, ولها يقول المستوغر بن ربيعة بن كعب بن سعد حين هدمها في الإسلام:
ولقد شددت على رضاء شدةقتركتها قفراً بقاع أسمحا
قال ابن هشام: إنه عاش ثلاثمائة وثلاثين سنة وهو القائل:
ولقد سئمت من الحياة وطولهاوعمرت من عدد السنين مئينامائة حدتها بعدها مائتان ليوعمرت من عدد الشهور سنيناهل ما بقي إلا كما قد فاتنايوم يمر وليلة تحدونا
وقال ابن إسحاق: وكان ذو الكعبات لبكر وتغلب ابني وائل وإياد بسنداد, وله يقول أعشى بن قيس بن ثعلبة:
بين الخورنق والسدير وبارقوالبيت ذو الكعبات من سنداد
ولهذا قال تعالى: {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ؟} ثم قال تعالى: {ألكم الذكر وله الأنثى ؟} أي أتجعلون له ولداً وتجعلون ولده أنثى, وتختارون لأنفسكم الذكور, فلو اقتسمتم أنتم ومخلوق مثلكم هذه القسمة لكانت {قسمة ضيزى} أي جوراً باطلة, فكيف تقاسمون ربكم هذه القسمة التي لو كانت بين مخلوقين كانت جوراً وسفهاً, وقال تعالى منكراً عليهم فيما ابتدعوه وأحدثوه من الكذب والافتراء والكفر من عبادة الأصنام وتسميتها آلهة: {إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم} أي من تلقاء أنفسكم {ما أنزل الله بها من سلطان} أي من حجة {إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس} أي ليس لهم مستند إلا حسن ظنهم بآبائهم الذين سلكوا هذا المسلك الباطل قبلهم, وإلا حظ نفوسهم في رياستهم وتعظيم آبائهم الأقدمين. {ولقد جاءهم من ربهم الهدى} أي ولقد أرسل الله إليهم الرسل بالحق المنير والحجة القاطعة, ومع هذا ما اتبعوا ما جاءوهم به ولا انقادوا له.

يتبع ..

أبوعدولي
12 -08- 2011, 02:25 AM
ثم قال تعالى: {أم للإنسان ما تمنى} أي ليس كل من تمنى خيراً حصل له {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب} ما كل من زعم أنه مهتد يكون كما قال, ولا كل من ود شيئاً يحصل له. قال الإمام أحمد: حدثنا إسحاق حدثنا أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا تمنى أحدكم فلينظر ما يتمنى, فإنه لا يدري ما يكتب له من أمنيته» تفرد به أحمد. وقوله: {فلله الاَخرة والأولى} أي إنما الأمر كله لله مالك الدنيا والاَخرة والمتصرف في الدنيا والاَخرة, فهو الذي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. وقوله تعالى: {وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى} كقوله: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له} فإذا كان هذا في حق الملائكة المقربين, فكيف ترجون أيها الجاهلون شفاعة هذه الأصنام والأنداد عند الله, وهو تعالى لم يشرع عبادتها ولا أذن فيها, بل قد نهى عنها على ألسنة جميع رسله وأنزل بالنهي عن ذلك جميع كتبه ؟)


** إِنّ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ لَيُسَمّونَ الْمَلاَئِكَةَ تَسْمِيَةَ الاُنْثَىَ * وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتّبِعُونَ إِلاّ الظّنّ وَإِنّ الظّنّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقّ شَيْئاً * فَأَعْرِضْ عَن مّن تَوَلّىَ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاّ الْحَيَاةَ الدّنْيَا * ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مّنَ الْعِلْمِ إِنّ رَبّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَىَ
يقول تعالى منكراً على المشركين في تسميتهم الملائكة تسمية الأنثى, وجعلهم لها أنها بنات الله تعالى الله عن ذلك كما قال تعالى: {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون} ولهذا قال تعالى: {وما لهم به من علم} أي ليس لهم علم صحيح يُصَدّق ما قالوه, بل هو كذب وزور وافتراء وكفر شنيع.{إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً} أي لا يجدي شيئاً ولا يقوم أبداً مقام الحق, وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث».
وقوله تعالى: {فأعرض عمن تولى عن ذكرنا} أي أعرض عن الذي أعرض عن الحق واهجره. وقوله: {ولم يرد إلا الحياة الدنيا} أي وإنما أكثر همه ومبلغ علمه الدنيا, فذاك هو غاية ما لا خير فيه, ولهذا قال تعالى: {ذلك مبلغهم من العلم} أي طلب الدنيا والسعي لها هو غاية ما وصلوا إليه. وقد روى الإمام أحمد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدنيا دار من لا دار له, ومال من لا مال له, ولها يجمع من لا عقل له» وفي الدعاء المأثور «اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا, ولا مبلغ عملنا» وقوله تعالى: {إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى} أي هو الخالق لجميع المخلوقات والعالم بمصالح عباده, وهو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء, وذلك كله عن قدرته وعلمه وحكمته وهو العادل الذي لا يجور أبداً لا في شرعه ولا في قدره.


** وَلِلّهِ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ لِيَجْزِيَ الّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيِجْزِيَ الّذِينَ أَحْسَنُواْ بِالْحُسْنَى * الّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاّ اللّمَمَ إِنّ رَبّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مّنَ الأرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنّةٌ فِي بُطُونِ أُمّهَاتِكُمْ فَلاَ تُزَكّوَاْ أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتّقَىَ
يخبر تعالى أنه مالك السموات والأرض, وأنه الغني عما سواه الحاكم في خلقه بالعدل وخلق الخلق بالحق {ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى} أي يجازي كلاً بعمله إن خيراً فخير وإن شراً فشر, ثم فسر المحسنين بأنهم الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش, أي لا يتعاطون المحرمات الكبائر وإن وقع منهم بعض الصغائر فإنه يغفر لهم ويستر عليهم كما قال في الاَية الأخرى {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريماً} وقال ههنا: {الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم} وهذا استثناء منقطع, لأن اللمم من صغائر الذنوب ومحقرات الأعمال. قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق, حدثنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال: ما رأيت شيئاً أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تعالى كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة فزنا العين النظر, وزنا اللسان النطق, والنفس تتمنى وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه» أخرجاه في الصحيحين من حديث عبد الرزاق به.
وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن عبد الأعلى, أخبرنا ابن ثور, حدثنا معمر عن الأعمش عن أبي الضحى أن ابن مسعود قال: زنا العينين النظر, وزنا الشفتين التقبيل, وزنا اليدين البطش, وزنا الرجلين المشي, ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه, فإن تقدم بفرجه كان زانياً وإلا فهو اللمم, وكذا قال مسروق والشعبي. وقال عبد الرحمن بن نافع الذي يقال له: ابن لبابة الطائفي قال: سألت أبا هريرة عن قول الله: {إلا اللمم} قال: القبلة والغمزة والنظرة والمباشرة, فإذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل, وهو الزنا. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {إلا اللمم} إلا ما سلف وكذا قال زيد بن أسلم. وقال ابن جرير: حدثنا ابن المثنى, حدثنا محمد بن جعفر, حدثنا شعبة عن منصور عن مجاهد أنه قال في هذه الاَية: {إلا اللمم} قال: الذي يلم بالذنب ثم يدعه, قال الشاعر:
إن تغفر اللهم تغفر جماوأي عبد لك ما ألما ؟
وقال ابن جرير: حدثنا ابن حميد, حدثنا جرير عن منصور عن مجاهد في قول الله تعالى: {إلا اللمم} قال: الرجل يلم بالذنب ثم ينزع عنه. قال: وكان أهل الجاهلية يطوفون بالبيت وهم يقولون:
إن تغفر اللهم تغفر جماوأي عبد لك ما ألما ؟
وقد رواه ابن جرير وغيره مرفوعاً قال ابن جرير: حدثني سليمان بن عبد الجبار, حدثنا أبو عاصم, حدثنا زكريا بن إسحاق عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس {الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم} قال: هو الرجل الذي يلم بالفاحشة ثم يتوب وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إن تغفر اللهم تغفر جماوأي عبد لك ما ألما ؟
وهكذا رواه الترمذي عن أحمد بن عثمان أبي عثمان البصري عن أبي عاصم النبيل ثم قال: هذا حديث صحيح حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث زكريا بن إسحاق, وكذا قال البزار: لا نعلمه يروى متصلاً إلا من هذا الوجه, وساقه ابن أبي حاتم والبغوي من حديث أبي عاصم النبيل, وإنما ذكره البغوي في تفسير سورة تنزيل, وفي صحته مرفوعاً نظر. ثم قال ابن جرير: حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيغ, حدثنا يزيد بن زريع, حدثنا يونس عن الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه أراه رفعه في: {الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم} قال: اللمم من الزنا ثم يتوب ولا يعود. واللمم من السرقة ثم يتوب ولا يعود, واللمم من شرب الخمر ثم يتوب ولا يعود, قال: فذلك الإلمام, وحدثنا ابن بشار, حدثنا ابن أبي عدي عن عوف عن الحسن في قوله تعالى: {الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم} قال: اللمم من الزنا أو السرقة أو شرب الخمر ثم لا يعود إليه.
وحدثني يعقوب, حدثنا ابن علية عن أبي رجاء عن الحسن في قول الله: {الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم} قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: هو الرجل يصيب اللمة من الزنا واللمة من شرب الخمر فيجتنبها ويتوب منها. وقال ابن جرير عن عطاء عن ابن عباس {إلا اللمم} يلم بها في الحين قلت: الزنا ؟ قال: الزنا ثم يتوب. وقال ابن جرير أيضاً: حدثنا أبو كريب, حدثنا ابن عيينة عن عمرو عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنه قال: اللمم, الذي يلم المرة. وقال السدي: قال أبو صالح سئلت عن اللمم فقلت: هو الرجل يصيب الذنب ثم يتوب, وأخبرت بذلك ابن عباس فقال: لقد أعانك عليها ملك كريم, حكاه البغوي وروى ابن جرير من طريق المثنى بن الصباح ـ وهو ضعيف ـ عن عمرو بن شعيب أن عبد الله بن عمرو قال: اللمم ما دون الشرك, وقال سفيان الثوري عن جابر الجعفي عن عطاء عن ابن الزبير {إلا اللمم} قال: ما بين الحدين حد الدنيا وعذاب الاَخرة, وكذا رواه شعبة عن الحكم عن ابن عباس مثله سواء. وقال العوفي عن ابن عباس في قوله: {إلا اللمم} كل شيء بين الحدين حد الدنيا وحد الاَخرة, تكفره الصلوات فهو اللمم, وهو دون كل موجب, فأما حد الدنيا فكل حد فرض الله عقوبته في الدنيا, وأما حد الاَخرة فكل شيء ختمه الله بالنار وأخر عقوبته إلى الاَخرة. وكذا قال عكرمة وقتادة والضحاك.

يتبع ..

أبوعدولي
12 -08- 2011, 02:25 AM
وقوله تعالى: {إن ربك واسع المغفرة} أي رحمته وسعت كل شيء ومغفرته تسع الذنوب كلها لمن تاب منها كقوله تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم} وقوله تعالى: {هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض} أي هو بصير بكم عليم بأحوالكم وأفعالكم وأقوالكم التي ستصدر عنكم, وتقع منكم حين أنشأ أباكم من الأرض, واستخرج ذريته من صلبه أمثال الذر ثم قسمهم فريقين: فريقاً للجنة وفريقاً للسعير. وكذا قوله: {وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم} قد كتب الملك الذي يوكل به رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد ؟ قال مكحول: كنا أجنة في بطون أمهاتنا فسقط منا من سقط, وكنا فيمن بقي ثم كنا مراضع فهلك منا من هلك, وكنا فيمن بقي ثم صرنا يفعة فهلك منا من هلك, وكنا فيمن بقي ثم صرنا شباباً فهلك منا من هلك, وكنا فيمن بقي ثم صرنا شيوخاً لا أبالك فماذا بعد هذا ننتظر ؟ رواه ابن أبي حاتم عنه.
وقوله تعالى: {فلا تزكوا أنفسكم} أي تمدحوها وتشكروها وتمنوا بأعمالكم {هو أعلم بمن اتقى} كما قال تعالى: {ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلاً}. وقال مسلم في صحيحه: حدثنا عمرو الناقد, حدثنا هاشم بن القاسم, حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن عمرو بن عطاء قال: سميت ابنتي برة فقالت لي زينب بنت أبي سلمة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا الاسم وسميت برة, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزكوا أنفسكم إن الله أعلم بأهل البر منكم» فقالوا: بمَ نسميها ؟ قال: «سموها زينب» وقد ثبت أيضاً في الحديث الذي رواه الإمام أحمد حيث قال: حدثنا عفان, حدثنا وهيب, حدثنا خالد الحذاء عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال: مدح رجل رجلاً عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ويلك قطعت عنق صاحبك ـ مراراً ـ إذا كان أحدكم مادحاً صاحبه لا محالة فليقل أحسب فلاناً والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً, أحسبه كذا وكذا إن كان يعلم ذلك» ثم رواه عن غندر عن شعبة عن خالد الحذاء به, وكذا رواه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه من طرق عن خالد الحذاء به.
وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع وعبد الرحمن قالا: أخبرنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن همام بن الحارث قال: جاء رجل إلى عثمان فأثنى عليه في وجهه قال: فجعل المقداد بن الأسود يحثو في وجهه التراب ويقول: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لقينا المداحين أن نحثو في وجوههم التراب. ورواه مسلم وأبو داوود من حديث الثوري عن منصور به.


** أَفَرَأَيْتَ الّذِي تَوَلّىَ * وَأَعْطَىَ قَلِيلاً وَأَكْدَىَ * أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىَ * أَمْ لَمْ يُنَبّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىَ * وَإِبْرَاهِيمَ الّذِي وَفّىَ * أَلاّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىَ * وَأَن لّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاّ مَا سَعَىَ * وَأَنّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىَ * ثُمّ يُجْزَاهُ الْجَزَآءَ الأوْفَىَ
يقول تعالى ذاماً لمن تولى عن طاعة الله: {فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى} {وأعطى قليلاً وأكدى} قال ابن عباس: أطاع قليلاً ثم قطعه, وكذا قال مجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة وقتادة وغير واحد. قال عكرمة وسعيد: كمثل القوم إذا كانوا يحفرون بئراً, فيجدون في أثناء الحفر صخرة تمنعهم من تمام العمل فيقولون أكدينا ويتركون العمل.
وقوله تعالى: {أعنده علم الغيب فهو يرى ؟} أي أعند هذا الذي قد أمسك يده خشية الإنفاق وقطع معروفه, أعنده علم الغيب أنه سينفد ما في يده حتى قد أمسك عن معروفه فهو يرى ذلك عياناً ؟ أي ليس الأمر كذلك. وإنما أمسك عن الصدقة والمعروف والبر والصلة بخلاً وشحاً وهلعاً, ولهذا جاء في الحديث «أنفق بلالاً ولا تخشَ من ذي العرش إقلالاً» وقد قال الله تعالى {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين}

يتبع ..

أبوعدولي
12 -08- 2011, 02:26 AM
وقوله تعالى: {أم لم ينبأ بما في صحف موسى * وإبراهيم الذي وفى ؟} قال سعيد بن جبير والثوري: أي بلغ جميع ما أمر به, وقال ابن عباس {وفى} لله بالبلاغ, وقال سعيد بن جبير {وفى} ما أمر به, وقال قتادة {وفى} طاعة الله وأدى رسالته إلى خلقه وهذا القول هو اختيار ابن جرير, وهو يشمل الذي قبله ويشهد له قوله تعالى: {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماماً} فقام بجميع الأوامر وترك جميع النواهي وبلغ الرسالة على التمام والكمال, فاستحق بهذا أن يكون للناس إماماً يقتدى به في جميع أحواله وأقواله وأفعاله. قال الله تعالى: {ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين} وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عوف الحمصي, حدثنا آدم بن أبي إياس العسقلاني, حدثنا حماد بن سلمة, حدثنا جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الاَية {وإبراهيم الذي وفى} قال «أتدري ما وفى ؟} قلت: الله ورسوله أعلم. قال «وفى عمل يومه بأربع ركعات من أول النهار» ورواه ابن جرير من حديث جعفر بن الزبير وهو ضعيف.
وقال الترمذي في جامعه: حدثنا أبو جعفر السمناني, حدثنا أبو مسهر, حدثنا إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير, عن أبي الدرداء وأبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل أنه قال: «ابن آدم اركع لي أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره} قال ابن أبي حاتم رحمه الله: وحدثنا أبي, حدثنا الربيع بن سليمان, حدثنا أسد بن موسى, حدثنا ابن لهيعة, حدثنا زبان بن فائد عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ألا أخبركم لمَ سمى الله تعالى إبراهيم خليله الذي وفى ؟ إنه كان يقول كلما أصبح وأمسى: {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون} حتى ختم الاَية.
ورواه ابن جرير عن أبي كريب عن رشدين بن سعد عن زبان به, ثم شرع تعالى يبين ما كان أوحاه في صحف إبراهيم وموسى فقال: {أن لا تزر وازرة وزر أخرى} أي كل نفس ظلمت نفسها بكفر أو شيء من الذنوب فإنما عليها وزرها لا يحمله عنها أحد كما قال: {وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى} {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} أي كما لا يحمل عليه وزر غيره, كذلك لا يحصل من الأجر إلا ما كسب هو لنفسه, ومن هذه الاَية الكريمة استنبط الشافعي رحمه الله ومن اتبعه, أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الموتى, لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم ولهذا لم يندب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته ولا حثهم عليه ولا أرشدهم إليه بنص ولا إيماء, ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم, ولو كان خيراً لسبقونا إليه, وباب القربات يقتصر فيه على النصوص ولا يتصرف فيه بأنواع الأقيسة والاَراء, فأما الدعاء والصدقة فذاك مجمع على وصولهما ومنصوص من الشارع عليهما.
وأما الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: من ولد صالح يدعو له, أو صدقة جارية من بعده, أو علم ينتفع به» فهذه الثلاثة في الحقيقة هي من سعيه وكده وعمله, كما جاء في الحديث «إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه» والصدقة الجارية كالوقف ونحوه هي من آثار عمله ووقفه, وقد قال تعالى: {إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم} الاَية. والعلم الذي نشره في الناس فاقتدى به الناس بعده هو أيضاً من سعيه وعمله, وثبت في الصحيح «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً». وقوله تعالى: {وأن سعيه سوف يرى} أي يوم القيامة كقوله تعالى: {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون} أي فيخبركم به ويجزيكم عليه أتم الجزاء إن خيراً فخير وإن شراً فشر, وهكذا قال ههنا: {ثم يجزاه الجزاء الأوفى} أي الأوفر.


** وَأَنّ إِلَىَ رَبّكَ الْمُنتَهَىَ * وَأَنّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىَ * وَأَنّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا * وَأَنّهُ خَلَقَ الزّوْجَيْنِ الذّكَرَ وَالاُنثَىَ * مِن نّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىَ * وَأَنّ عَلَيْهِ النّشْأَةَ الاُخْرَىَ * وَأَنّهُ هُوَ أَغْنَىَ وَأَقْنَىَ * وَأَنّهُ هُوَ رَبّ الشّعْرَىَ * وَأَنّهُ أَهْلَكَ عَاداً الاُولَىَ * وَثَمُودَ فَمَآ أَبْقَىَ * وَقَوْمَ نُوحٍ مّن قَبْلُ إِنّهُمْ كَانُواْ هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَىَ * وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىَ * فَغَشّاهَا مَا غَشّىَ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكَ تَتَمَارَىَ يقول تعالى: {وأن إلى ربك المنتهى} أي المعاد يوم القيامة. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا سويد بن سعيد, حدثنا مسلم بن خالد عن عبد الرحمن بن سابط عن عمرو بن ميمون الأودي قال: قام فينا معاذ بن جبل فقال: يا بني أود إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم, تعلمون أن المعاد إلى الله إلى الجنة أو النار, وذكر البغوي من رواية أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {وأن إلى ربك المنتهى} قال: لا فكرة في الرب. قال البغوي: وهذا مثل ما روي عن أبي هريرة مرفوعاً «تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق فإنه لا تحيط به الفكرة» وكذا أورده وليس بمحفوظ بهذا اللفظ, وإنما الذي في الصحيح «يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا من خلق كذا ؟ حتى يقول: من خلق ربك ؟ فإذا بلغ أحدكم ذلك فليستعذ بالله ولينته» وفي الحديث الاَخر الذي في السنن «تفكروا في مخلوقات الله ولا تفكروا في ذات الله تعالى فإن الله خلق ملكاً ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة ثلاثمائة سنة» أو كما قال: وقوله تعالى: {وأنه هو أضحك وأبكى} أي خلق في عباده الضحك والبكاء وسببهما وهما مختلفان {وأنه هو أمات وأحيا} كقوله: {الذي خلق الموت والحياة} {وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى * من نطفة إذا تمنى} كقوله: {أيحسب الإنسان أن يترك سدى ؟ * ألم يك نطفة من مني يمنى! * ثم كان علقة فخلق فسوى * فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى * أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ؟}.
وقوله تعالى: {وأن عليه النشأة الأخرى} أي كما خلق البداءة هو قادر على الإعادة وهي النشأة الأخرى يوم القيامة {وأنه هو أغنى وأقنى} أي ملك عباده المال وجعله لهم قنية مقيماً عندهم لا يحتاجون إلى بيعه, فهذا تمام النعمة عليهم, وعلى هذا يدور كلام كثير من المفسرين, منهم أبو صالح وابن جرير وغيرهما, وعن مجاهد {أغنى} موّل {وأقنى} أخدم, وكذا قال قتادة, وقال ابن عباس ومجاهد أيضاً {أغنى} أعطى {وأقنى} رضى. وقيل: معناه أغنى نفسه وأفقر الخلائق إليه, قاله الحضرمي بن لاحق, وقيل: أغنى من شاء من خلقه, وأقنى أي أفقر من شاء منهم, قال ابن زيد, حكاهما ابن جرير وهما بعيدان من حيث اللفظ. وقوله: {وأنه هو رب الشعرى} قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن زيد وغيرهم: هو هذا النجم الوقاد الذي يقال له مرزم الجوزاء كانت طائفة من العرب يعبدونه {وأنه أهلك عاداً الأولى} وهم قوم هود ويقال لهم عاد بن إرم بن سام بن نوح كما قال تعالى: {ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد ؟} فكانوا من أشد الناس وأقواهم وأعتاهم على الله تعالى وعلى رسوله فأهلكهم الله {بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوماً} أي متتابعة.

يتبع ..

أبوعدولي
12 -08- 2011, 02:27 AM
وقوله تعالى: {وثمود فما أبقى} أي دمرهم فلم يبق منهم أحداً {وقوم نوح من قبل} أي من قبل هؤلاء {إنهم كانوا هم أظلم وأطغى} أي أشد تمرداً من الذين من بعدهم {والمؤتفكة أهوى} يعني مدائن لوط قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها, وأمطر عليهم حجارة من سجيل منضود, ولهذا قال: فغشاها ما غشى يعني من الحجارة التي أرسلها عليهم {وأمطرنا عليهم مطراً فساء مطر المنذرين} قال قتادة, كان في مدائن لوط أربعة آلاف ألف إنسان, فانضرم عليهم الوادي شيئاً فشيئاً من نار ونفط وقطران كفم الأتون. ورواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن محمد بن وهب بن عطية عن الوليد بن مسلم عن خليد عنه به, وهو غريب جداً {فبأي آلاء ربك تتمارى ؟} أي ففي أي نعم الله عليك أيها الإنسان تمتري ؟ قاله قتادة وقال ابن جريج {فبأي آلاء ربك تتمارى ؟} يا محمد والأول أولى, وهو اختيار ابن جرير.


** هَـَذَا نَذِيرٌ مّنَ النّذُرِ الاُوْلَىَ * أَزِفَتِ الاَزِفَةُ * لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللّهِ كَاشِفَةٌ * أَفَمِنْ هَـَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ * وَأَنتُمْ سَامِدُونَ * فَاسْجُدُواْ لِلّهِ وَاعْبُدُواْ
{هذا نذير} يعني محمداً صلى الله عليه وسلم {من النذر الأولى} أي من جنسهم أرسل كما أرسلوا كما قال تعالى: {قل ما كنت بدعا من الرسل} {أزفت الاَزفة} أي اقتربت القريبة وهي القيامة {ليس لها من دون الله كاشفة} أي لا يدفعها إذاً من دون الله أحد ولا يطلع على علمها سواه, والنذير الحذر لما يعاين من الشر الذي يخشى وقوعه فيمن أنذرهم كما قال: {إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد} وفي الحديث: «أنا النذير العريان» أي الذي أعجله شدة ما عاين من الشر عن أن يلبس عليه شيئاً, بل بادر إلى إنذار قومه قبل ذلك فجاءهم عرياناً مسرعاً, وهو مناسب لقوله: {أزفت الاَزفة} أي اقتربت القريبة يعني يوم القيامة. كما قال في أول السورة التي بعدها: {اقتربت الساعة} وقال الإمام أحمد: حدثنا أنس بن عياض, حدثني أبو حاتم لا أعلم إلا عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم ومحقرات الذنوب, فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا ببطن واد, فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى أنضجوا خبزتهم, وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه» وقال أبو حازم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو نضرة: لا أعلم إلا عن سهل بن سعد قال: «مثلي ومثل الساعة كهاتين» وفرق بين أصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام ثم قال: «مثلي ومثل الساعة كمثل فرسي رهان» ثم قال: «مثلي ومثل الساعة كمثل رجل بعثه قومه طليعة, فلما خشي أن يسبق ألاح بثوبه أتيتم أتيتم» ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا ذلك» وله شواهد من وجوه أخر من صحاح وحسان. ثم قال تعالى منكراً على المشركين في استماعهم القرآن وإعراضهم عنه وتلهيهم {تعجبون} من أن يكون صحيحاً {وتضحكون} منه استهزاء وسخرية {ولا تبكون} أي كما يفعل الموقنون به كما أخبر عنهم {ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً}.
وقوله تعالى: {وأنتم سامدون} قال سفيان الثوري عن أبيه عن ابن عباس قال: الغناء هي يمانية أسمد لنا غن لنا, وكذا قال عكرمة, وفي رواية عن ابن عباس {سامدون} معرضون, وكذا قال مجاهد وعكرمة, وقال الحسن غافلون, وهو رواية عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب, وفي رواية عن ابن عباس تستكبرون, وبه يقول السدي, ثم قال تعالى آمراً لعباده بالسجود له والعبادة المتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم والتوحيد والإخلاص {فاسجدوا لله واعبدوا} أي فاخضعوا له وأخلصوا ووحدوه. قال البخاري: حدثنا أبو معمر, حدثنا عبد الوارث, حدثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال: سجد النبي صلى الله عليه وسلم بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس. انفرد به دون مسلم, وقال الإمام أحمد: حدثنا إبراهيم بن خالد, حدثنا رباح عن معمر عن ابن طاوس عن عكرمة بن خالد عن جعفر بن المطلب بن أبي وداعة عن أبيه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة سورة النجم فسجد وسجد من عنده فرفعت رأسي فأبيت أن أسجد, ولم يكن أسلم يومئذ المطلب فكان بعد ذلك لا يسمع أحداً يقرؤها إلا سجد معه. وقد رواه النسائي في الصلاة عن عبد الملك بن عبد الحميد عن أحمد بن حنبل به.

أبوعدولي
12 -08- 2011, 02:29 AM
[align=center]

جزاك الله خير ووفقك لكل خير ابو عدولي



ويجزاك الله كل خير على هذه المشاركة أختي مثابرة
ونعتذر للجميع على التأخير .. الغير مقصود .. وننتظر مشاركة الجميع

أبوعدولي
12 -08- 2011, 08:51 PM
http://upload.7ozn.com/files16/13131710071.gif


http://www.al-wed.com/pic-vb/4.gif (http://vb.maas1.com/t98209.html)
سبب التسمية :
سُميت ‏‏" ‏سورة ‏الشورى ‏‏" ‏تنويها ‏بمكانة ‏الشورى ‏في ‏الإسلام ‏وتعليما
‏للمؤمنين ‏أن ‏يقيموا ‏حياتهم ‏على ‏هذا ‏المنهج ‏الأمثل ‏الأكمل ‏منهج ‏الشورى
‏لما ‏له ‏من ‏أثر ‏عظيم ‏جليل ‏في ‏حياة ‏الفرد ‏والمجتمع ‏‏، ‏كما ‏قال ‏الله
‏تعالى ‏‏(وَأَمْرُهُمْ ‏شُورَى ‏بَيْنَهُمْ ‏‏) ‏‏.
http://www.al-wed.com/pic-vb/4.gif (http://vb.maas1.com/t98209.html)
التعريف بالسورة :
1) مكية .ماعدا الآيات 23،24،25،27، فمدنية .
2) من المثاني .
3) آياتها 53 .
4) ترتيبها الثانية والأربعون .
5) نزلت بعد فصلت .
6) بدأت السورة بحروف مقطعة . السورة من الحواميم بدأت " حم "
الآية الثانية تتكون من ثلاث حروف من حروف الهجاء " عسق "
7) الجزء "25" الحزب "49" الربع "1،2،3،4" .
http://www.al-wed.com/pic-vb/4.gif (http://vb.maas1.com/t98209.html)
محور مواضيع السورة :
هذه السورة الكريمة مكية وموضوعها نفس موضوعات السور المكية
التي تعالج أمور العقيدة " الوحدانية ، الرسالة ، البعث والجزاء
" والمحور الذي تدور عليه السورة هو " الوحي والرسالة "
وهو الهدف الأساسي للسورة الكريمة .
http://www.al-wed.com/pic-vb/4.gif (http://vb.maas1.com/t98209.html)
سبب نزول السورة :
عن عكرمة رضي الله عنه قال : لما نزلت " إذا جاء نصر الله والفتح
" قال المشركون بمكة لمن بين أظهرهم من المؤمنين :قد دخل النا
في دين الله أفواجا فاخرجوا من بين أظهرنا ؛ فنزلت " والذين يحاجون
في الله من بعد ما استجيب له " .
2) عن أنس قال : نزلت في اليهود .
3) قال ابن عباس : لما قدم رسول الله المدينة كانت تنوبه نوائب وحقوق
وليس في يده لذلك سعة فقال الأنصار : إن هذا الرجل قد هداكم الله
تعالى به وهو ابن أختكم وتنوبه نوائب وحقوق وليس في يده لذلك سعة
فاجمعوا له من أموالكم ما لا يضركم فأتوه به ليعينه على ما ينوبه،
ففعلوا ثم أتوا به فقالوا : يا رسول الله إنك ابن أختنا وقد هدانا
الله تعالى على يديك وتنوبك نوائب وحقوق وليست لك عندنا سعة
فرأينا أن نجمع لك من أموالنا فنأتيك به فتستعين على ما ينوبك
وهو هذا ؛ فنزلت هذه الآية وقال قتادة : اجتمع المشركون في مجمع
لهم فقال بعضهم لبعض :أترون محمدايسأل على ما يتعاطاه أجرا ؟
، فَنَزَّلَ الله تعالى هذه الآية
http://www.al-wed.com/pic-vb/4.gif (http://vb.maas1.com/t98209.html)


أهلاًبكم .. وتقبل الله صيامكم

أبوعدولي
12 -08- 2011, 08:53 PM
الحلقة الثانية عشر بين يدي سورة الشورى على الرابط التالي :

http://samtah.net/vb/showthread.php?p=1346168#post1346168

مثابره
12 -08- 2011, 09:09 PM
http://www.youtube.com/watch?v=AAzhdi09Ffs&feature=related

أبوعدولي
13 -08- 2011, 01:56 AM
1/5


{حم (1) عسق (2)}: ذكر الله هذه الأحرف للتنبيه على إعجاز القرآن المؤلف من هذه الحروف وغيرها من حروف الهجاء التي يتكلم بها الناس، ولكن عجزهم عن الإتيان بمثل هذا القرآن دليل على أنه وحي إلهي.
{كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ}: يا محمد من الدعوة إلى توحيد الله وعبادته والدعوة إلى الهدى والحق
{وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ}: من الرسل
{اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)}: أي القوي الغالب، الحكيم في أفعاله وتدبيره
{لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ}: من أجرام مرئية وغير مرئية
{وَمَا فِي الأَرْضِ}: من سهول وجبال وأنهار وكائنات
{وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (4)}: المتفرد بعلو الشأن والكبرياء على جميع خلقه
{تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ}: يَتَفَطَّرْنَ: يتشققن من عظمة الله
{وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}: ينزهون ربهم عما لا يليق بجلاله متلبسين بحمده
{وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ}: يسألون ربهم المغفرة لذنوب من في الأرض من أهل الإيمان
{أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (5)}: فالله واسع المغفرة, كثير الرحمة
{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءَ}: هي الأصنام التي كان المشركون يعبدونها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وقبله
{اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ}: الله رقيب على أعمالهم
{وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (6)}: أمرهم ليس موكولاً إليك
{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا}: وَكَذَلِكَ: أي وكما أوحينا إلى الأنبياء من قبلك أوحينا إليك
{لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا}: أُمَّ الْقُرَى: مكة المكرمة
{وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ}: يَوْمَ الْجَمْعِ: يوم القيامة
{لا رَيْبَ فِيهِ}: لا شك في وقوعه
{فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7)}: السَّعِيرِ: النار المستعرة
{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (8)}: وَلِيٍّ: محب وصديق وناصر
{أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (9) وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (10)}: أُنِيبُ: أرجع
{فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}: خالق السماوات والأرض ومبدعهما
{جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا}: جعل من جنسكم أصنافاً ذكوراً وإناثاً
{وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا}: الأَنْعَامِ: الإبل والبقر والغنم
{يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ}: يَذْرَؤُكُمْ: يكثركم بسبب هذا الإزدواج
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}: أي أن الله في عظمته وكبريائه وملكوته وأفعاله وصفاته لا يشبهه شئ من مخلوقاته
{وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)}: سميع لأقوال العباد, بصير بأفعالهم
{لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}: مَقَالِيد: خزائن
{يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ}: يَبْسُطُ: يوسّع
{وَيَقْدِرُ}: يضيّق
{إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (12)}: سبحانه يعلم الذي يصلحه توسعة الرزق عليه أو يفسده, كما يعلم من يصلحه التقتير عليه أو يفسده

أبوعدولي
13 -08- 2011, 01:57 AM
2/5

{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ}: شَرَعَ لَكُمْ: بيّن وسنّ لكم طريقاً واضحاً
{مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى}: وَصَّى بِهِ: أمر به وألزم
{أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}: أَقِيمُوا الدِّينَ: اتبعوا دين الإسلام, ووفوه حقه من علم وعمل
{كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ}: كَبُرَ: عظم وشقّ
{اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ}: يَجْتَبِي: يختار ويصطفي
{وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13)}: يُنِيبُ: يرجع إليه بالتوبة ويقبل على طاعته
{وَمَا تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ}: بَغْيًا بَيْنَهُمْ: ظلماً وحسداً وميلاً عن الحق
{وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ}: أي ولولا الكلمة السابقة من الله بتأخير حسابهم وعذابهم
{إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}: هو يوم القيامة
{لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ}: لأُنزِل العذاب بالمكذبين في الدنيا
{وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ}: هم اليهود والنصارى
{مِنْ بَعْدِهِمْ}: من بعد أسلافهم الذين تفرقوا في دينهم
{لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (14)}: لفي شك من صحة التوراة والإنجيل
{فَلِذَلِكَ فَادْعُ}: أي فادع يا محمد إلى دين الإسلام الذي أوحاه الله إليك
{وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}: اثبت على الدين الذي أُمرت به
{وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ}: حُجَّةَ: خصومة
{اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (15)}: الْمَصِيرُ: المرجع يوم القيامة
{وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ}: والذين يخاصمون في دين الله
{مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ}: اسْتُجِيبَ لَهُ: استجاب له الناس وأذعنوا لأحكامه
{حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (16)}: حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ: خصومتهم باطلة
{اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ}: الْكِتَابَ: القرآن وسائر الكتب الآلهية المنزلة
{وَالْمِيزَانَ}: المراد به العدل
{وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17)}:وأي شئ يعلمك يا محمد لعل الساعة التي تقوم فيها القيامة قريبة الوقوع
{يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ}: مُشْفِقُونَ: خائفون
{أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (18)}: يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ: يجادلون في القيامة, شاكين بها
التوقيع

http://www.elhandasa.net/awards/award.png

أبوعدولي
13 -08- 2011, 01:57 AM
3/5
{اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ}: رفيق بهم يحسن إليهم وينجيهم من الشدائد
{يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (19)}: الْقَوِيُّ: الباهر القدرة الغالب على كل شي, الْعَزِيزُ: أي المنيع الذي لا يُغْلَب
{مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآَخِرَةِ}: حَرْثَ الآَخِرَةِ: ثواب الآخرة
{نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ}: أي نضاعف له ثوابه
{وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا}: من كان يريد متاع الدنيا وطيباتها فقط مؤثرا إياها على الآخرة يؤته الله ما قسم له منها
{وَمَا لَهُ فِي الآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (20)}: مِنْ نَصِيبٍ: حظ من النعيم
{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ}: أَمْ: بمعنى "بل", وشركاؤهم: هم شياطينهم من الإنس والجن
{شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ}: ابتدعوا لهم من الدين
{مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}: ما لم يبح الله لهم ابتداعه
{وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21)}: كَلِمَةُ الْفَصْلِ: الحكم بتأخير العذاب لآخرة
{تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا}: مِمَّا كَسَبُوا: في الدنيا من أعمالهم السيئة
{وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ}:أي أن عقاب الله نازل بهم وهم ذائقوه لا محالة
{وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}: والذين صدقوا بوجود الله ووحدانيته وأطاعوه فيما أمر به ونهى عنه
{فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ}: رَوْضَاتِ: جمع روضة وهي الأرض ذات الخضرة والبستان الحسن, والمكان الذي يجتمع فيه الماء ويكثر نبته ويعجب زهره, وهي هنا البساتين في الآخرة - جعلنا الله وإياكم من ساكنيها -
{لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ}: يَشَاءُونَ: يعطي معنى الانفتاح على إطلاقه بلا حدود, وهو يصور بذلك نعيماً لا يحده وصف
{ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (22)}: أي الفوز العظيم والنعمة التامة
{ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}: الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى: أن تودوني لقرابتي منكم
{وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً}: يعمل طاعة لله
{نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا}: نضاعف له الثواب
{إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23)}: إن الله غفور لذنوب عباده, شكور لحسناتهم وطاعتهم إياه
{أَمْ يَقُولُونَ}: أَمْ: بمعنى بل, والاستفهام للتوبيخ والتقريع
{افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا}: افْتَرَى: اختلق وكذب
{فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (24)}: يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ: يطبع على قلبك فينسيك القرآن
{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (26)}: وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آَمَنُوا: أي يستجيب الله دعاءهم إذا دعوه
{وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ}: بَسَطَ: وسّع
{لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ}: لَبَغَوْا: لطغوا وتكبروا وظلموا
{وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ}: يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ: حدد مقداره حسب تدبيره
{إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27)}: فالله سبحانه قد قسّم الأرزاق بين عباده لحكمة يدركها وحده
{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ}: الْغَيْثَ: المطر
{مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا}: قَنَطُوا: يئسوا
{وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ}: يبسط خيراته وبركاته على العباد
{وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28)}: وهو الذي يتولى عباده بإحسانه, وهو المحمود على كل حال

أبوعدولي
13 -08- 2011, 01:59 AM
3/5


{اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ}: رفيق بهم يحسن إليهم وينجيهم من الشدائد
{يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (19)}: الْقَوِيُّ: الباهر القدرة الغالب على كل شي, الْعَزِيزُ: أي المنيع الذي لا يُغْلَب

{مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآَخِرَةِ}: حَرْثَ الآَخِرَةِ: ثواب الآخرة

{نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ}: أي نضاعف له ثوابه

{وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا}: من كان يريد متاع الدنيا وطيباتها فقط مؤثرا إياها على الآخرة يؤته الله ما قسم له منها
{وَمَا لَهُ فِي الآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (20)}: مِنْ نَصِيبٍ: حظ من النعيم
{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ}: أَمْ: بمعنى "بل", وشركاؤهم: هم شياطينهم من الإنس والجن
{شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ}: ابتدعوا لهم من الدين
{مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}: ما لم يبح الله لهم ابتداعه
{وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21)}: كَلِمَةُ الْفَصْلِ: الحكم بتأخير العذاب لآخرة
{تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا}: مِمَّا كَسَبُوا: في الدنيا من أعمالهم السيئة
{وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ}:أي أن عقاب الله نازل بهم وهم ذائقوه لا محالة
{وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}: والذين صدقوا بوجود الله ووحدانيته وأطاعوه فيما أمر به ونهى عنه
{فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ}: رَوْضَاتِ: جمع روضة وهي الأرض ذات الخضرة والبستان الحسن, والمكان الذي يجتمع فيه الماء ويكثر نبته ويعجب زهره, وهي هنا البساتين في الآخرة - جعلنا الله وإياكم من ساكنيها -
{لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ}: يَشَاءُونَ: يعطي معنى الانفتاح على إطلاقه بلا حدود, وهو يصور بذلك نعيماً لا يحده وصف
{ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (22)}: أي الفوز العظيم والنعمة التامة
{ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}: الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى: أن تودوني لقرابتي منكم
{وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً}: يعمل طاعة لله
{نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا}: نضاعف له الثواب
{إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23)}: إن الله غفور لذنوب عباده, شكور لحسناتهم وطاعتهم إياه
{أَمْ يَقُولُونَ}: أَمْ: بمعنى بل, والاستفهام للتوبيخ والتقريع
{افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا}: افْتَرَى: اختلق وكذب
{فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (24)}: يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ: يطبع على قلبك فينسيك القرآن
{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (26)}: وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آَمَنُوا: أي يستجيب الله دعاءهم إذا دعوه
{وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ}: بَسَطَ: وسّع
{لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ}: لَبَغَوْا: لطغوا وتكبروا وظلموا
{وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ}: يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ: حدد مقداره حسب تدبيره
{إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27)}: فالله سبحانه قد قسّم الأرزاق بين عباده لحكمة يدركها وحده
{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ}: الْغَيْثَ: المطر
{مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا}: قَنَطُوا: يئسوا

{وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ}: يبسط خيراته وبركاته على العباد



{وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28)}: وهو الذي يتولى عباده بإحسانه, وهو المحمود على كل حال

أبوعدولي
13 -08- 2011, 02:01 AM
4/5

{وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (29)}: بَثَّ: فرّق ونشر
{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)}: فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ: بسبب ما اقترفتم من الآثام
{وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (31)}: بِمُعْجِزِينَ: لا تستطيعون أن تفلتوا من العقاب
{وَمِنْ آَيَاتِهِ الْجَوَارِي فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ (32)}: الْجَوَارِي: السفن الجارية, كَالأَعْلامِ: كالجبال
{إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ}: فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ: فتبقى السفن سواكن
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33)}: صَبَّارٍ: كل ذي صبر على طاعة الله, شَكُورٍ: لنعمه وأياديه عنده
{أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (34)}: يُوبِقْهُنَّ: يغرقهن ويهلك من فيهن
{وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِنَا}: يُجَادِلُونَ: يخاصمون
{مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (35)}: مَحِيصٍ: مهرب من العذاب
{فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37)}: الْفَوَاحِشَ: جمع فاحشة وهي ما يشتد قبحه من الذنوب, وكثيراً ما يراد بالفاحشة: الزنا
{وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38)}: اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ: أجابوه إلى ما دعاهم إليه من طاعته
{وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ}: الْبَغْيُ: الظلم
{هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39)}: ينتقمون من ظالمهم
{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}: مقابلة المسئ بالمثل
{فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}: ترغيب في العفو بعد الدعوة إلى مقابلة الإساءة بمثلها
{إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40)}: أي لا يحب الله المعتدين البادئين بالسيئة
{وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ}: أي ولمن انتصر لنفسه بعد ظلم الظالم إياه وعاقبه بمثل ما عُوقِب به
{فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41)}: أي ليس عليهم حرج ولا مؤاخذة ولا لوم
{إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ}: أي إنما الحرج والمؤاخذة واللوم على المعتدين الذين يبدأون الناس بالظلم
{وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}: أي ويتكبرون في الأرض ويفسدون فيها ويعتدون على الناس بغير الحق
{أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42)}: أي لهم عذاب شديد موجع في الآخرة وهو عذاب النار
{وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ}: َغَفَرَ: تجاوز عن ظالمه
{إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (43)}: "العزم" هو الصبر أو الجِد أو إرادة الفعل

نسايم ليل
13 -08- 2011, 02:02 AM
جزاك الله خير

وبارك الله فيك

ورزقك الجنة بلا حساب

أبوعدولي
13 -08- 2011, 02:02 AM
5/5

{وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (44)}: هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ: هل من طريق للرجوع إلى الدنيا لطاعة الله
{وَتَرَاهُمْ}: يا محمّد
{يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا}: على النّار - وقانا الله وإياكم منها -
{خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ}: خاضعين من الذل
{يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ}: يسارقون النظر إلى النار خوفاً منها
{وَقَالَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ (45)}: مُقِيمٍ: دائم لا ينقطع
{وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ}: وما كان لهؤلاء الكفار من أعوان وأنصار
{وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ (46)}: أي ومن يخذله الله عن طريق الحق بسبب كفره فليس له من طريق للوصول إليه وليس له طريق ينجيه من سوء المصير
{اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ}: لا مَرَدَّ: لا شئ يرد مجيئه
{مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ}: يومها ليس لكم من ملجأ ينجيكم من العذاب إذا ظللتم على الكفر
{وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ (47)}: لا تقدرون أن تنكروا شيئاً من أعمالكم
{فَإِنْ أَعْرَضُوا}: عن الإيمان الذي جئتهم به يا محمّد
{فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}: حَفِيظًا: رقيباً ومهيمناً
{إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ}: ما عليك إلا أن تبلّغ قومك ما أُرسلت به من الهدى
{وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الإِنْسَانَ كَفُورٌ (48)}: كَفُورٌ: جحود لنعم ربه, والكفور الذي يكون مبالغاً في الكفران
{لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا}: يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا: يخص البعض بالإناث
{وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49)}: يخص البعض بالذكور
{أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا}: التزويج هنا معناه: الجمع بين البنين والبنات, أي يعطي سبحانه من يشاء الصنفين معاً ذكوراً وإناثاً
{وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا}: العقيم الذي لا يولد له ولد
{إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50)}: إنه سبحانه ذو علم بما يخلق وعلمه محيط بكل شئ, وهو القادر على خلق ما يشاء
{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا}: وَحْيًا: إلهاماً, أو قذفاً في القلب, أو رؤيا في المنام
{أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}: أي يسمع كلام الله دون أن يراه
{أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ}: رَسُولاً: ملكا من الملائكة
{إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51)}: إنه سبحانه ذو عُلو على كل شئ ومتعال عن صفات النقص, حكيم في كل أفعاله
{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا}: رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا: هو القرآن الذي هو للقلوب بمنزلة الأرواح للأبدان
{مَا كُنْتَ تَدْرِي}: الخطاب لسيدنا محمّد صلى الله عليه وسلّم
{مَا الْكِتَابُ}: ما هو القرآن
{وَلا الإِيـمَانُ}: وما هي أسس الإيمان و صفات الله
{وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52)}: صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ: دين قويم وهو دين الإسلام
{صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ}: أي طريق الله الذي له وحده ملك السموات والأرض خلقاً وتدبيراً
{أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ (53)}: ألا إلى الله تصير أموركم في الآخرة فيقضي بينكم بالعدل ويكافئ المحسن بإحسانه والمسئ على إساءته

نسايم ليل
13 -08- 2011, 02:03 AM
http://www.youtube.com/watch?v=XZ_vC1ruf8w

أبوعدولي
13 -08- 2011, 02:04 AM
جزاك الله خير

وبارك الله فيك

ورزقك الجنة بلا حساب

أهلاً بك نسايم .. وجزاك الله الجنة يارب

أبوعدولي
13 -08- 2011, 02:11 AM
الإعجاز العلمي
﴿وَمِنْ آَيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ* إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾.
سورة الشورى {32-33}


قال الله تعالى:
﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ﴾
سورة إبراهيم {32}


فتحت هذه الكلمات الربانية كتاب الكون على مصراعيه، وتضمنت سطوره امتنان الله علينا بنعم لا تعد ولا تحصى، لتجعلنا نقف مذهولين قائلين:
الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماءاً فأنبت به الأشجار، وأنزل الحديد وسائر الآلات، وأرسل الرياح رحمةً منه وزودها بالحركات القوية وجعلها آية لأولي النهى والأبصار، ووسع الأنهار، وجعل عمقها وحالها مقدراً بمقدار، تجري بها الفلك بأمره، وننتفع من كل هذه النعم، فنشكر المنعم وندعوه آناء الليل وأطراف النهار.

أول من صنع السفن

http://pic.ksb7.com/images/2lz9xvt9h8idsyjry3.jpg

كان أول من صنع السفن نبي الله نوح عليه السلام، فقال الله جلَّ وعلا:
﴿وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ﴾
سورة هود {38}

فسخر منه قومه لأنه بالأمس كان نبياً يدعوهم لدين الله وبعد ذلك يصبح نجاراً يصنع السفن التي لم تكن مألوفةً لهم، وكانت هذه التجربة بأمرٍ من الله تعالى ووحي منه، فعُلِّمَ صناعتها والشروط التي تضمن لها الطفو، فقال الله سبحانه وتعالى:
﴿وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ﴾
سورة هود {37}

وكانت أفضل مادة لصناعتها الخشب، لأنه أخف من الماء، ويجب أن تُنشر على شكل ألواح ليزداد سطحها وبالتالي تزداد القوة الضاغطة عليها ( دافعة أرخميدس)، وأن تثبت بالمسامير وتطلى بمادة عازلة تمنع تسرب الماء إليها مما يجعلها قادرة على ركوب البحر ولا تغرق، فقال سبحانه:
﴿وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ﴾
سورة القمر {13}

لماذا لا تغرق السفن؟

http://pic.ksb7.com/images/cx05ia1vtfee7fc5rabc.jpg

كثيراً ما يتبادر إلى الذهن سؤال مفاده، كيف تطفو السفن ولا تغرق رغم أنها مصنوعة من معادن كثافتها أعلى من كثافة ماء البحر ورغم حجمها الكبير؟ ولماذا تغرق قطعة صغيرة من الحديد؟
لا تغرق السفن لأنها تبنى ضمن شروط يحددها البحر، فيجب أن يكون الجزء المغمور منها ضخم الحجم وأجوف لذا فإن قوة دفع مياه البحر تزداد بزيادة الحجم، ولذلك جاءت كلمة (سخَّر) والتي تعني: ذلَّل وأخضع. فسخر الله سبحانه البحار وجعلها تتمتع بقوة تؤثر على السفن، وفق قانون ( دافعة) أرخميدس: وهي قوة شاقولية تتجه إلى الأعلى وتؤثر على الأجسام غير الذوابة في السائل، وتساوي أيضاً وزن السائل المزاح، وتعطى بالعلاقات التالية:
قوة ضغط السوائل (قوة أرخميدس) = كثافة السائل (الماء) × حجم الجسم المغمور في السائل × تسارع الجاذبية الأرضية

حاجة السفن إلى الجسم المغمور
نلاحظ من القانون:
أن دافعة أرخميدس تزداد بزيادة حجم الجسم المغمور في الماء، لذلك يكون حجم السفينة كبير، وهو شرط من شروط توازنها، فشبَّه القرآن الكريم السفن في البحر بالجبال، وهنا نجد دقة اللفظ القرآني من الناحية العلمية، فقال سبحانه:
﴿وَمِنْ آَيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ﴾
سورة الشورى {32}

فالجبال مثل الأوتاد التي نرى قسماً منها ظاهراً فوق الأرض والآخر يكون أسفلها، فقال الله تعالى:
﴿وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا﴾
سورة النبأ {7}

ويتبين لنا أن الجبال في الأرض تحفظ لها التوازن والاستقرار وتمنعها من الاضطراب، من خلال أوتادها، فكذلك السفن تحتاج مثل الجبال إلى الجزء المغمور في الماء ليحفظ لها التوازن ويمنعها من الغرق والاضطراب، وهذا ما يدل عليه قول الله تعالى:
﴿خَلَقَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ﴾
سورة لقمان {10}

الحجم: تزداد دافعة أرخميدس بزيادة الحجم ويزداد الحجم بزيادة السطح وبالتالي تزداد قوة الضغط لأن الضغط يتناسب عكسياً مع السطح وفق العلاقة:
الضغط = القوة الضاغطة / سطح الجسم الذي تؤثر عليه القوة

كثافة السائل في البحار
تزداد دافعة أرخميدس بزيادة كثافة السائل، وهنا تجدر الإشارة إلى دور ملوحة البحار في هذه القوة، لأنه كلما كبرت نسبة الملوحة كبرت الكثافة، فمثلاً البحر الميت نسبة ملوحته أكبر بكثير من غيره، ودافعة أرخميدس فيه أكبر، لذا سماه علماء الفيزياء (البحر الذي لا يغرق فيه أحد)، وبالتالي تطفو السفينة عندما يكون الوزن الحجمي للسائل أكبر من الوزن الحجمي لها، أي: (أن يكون وزن نفس حجم الجسم من السائل أكبر من وزن الجسم).

كثافة السائل في الأنهار
تتمتع مياه الأنهار بكثافة أقل من كثافة ماء البحار لأنها عذبة ونسبة ملوحتها أقل من ملوحة البحار، لذا فكثافة ماء البحار أكبر، والنهر في اللغة: الأنهار من السعة، ولا تسمى الساقية نهراً، بل العظيم منها هو النهر، ومنه جاء في قول الله تعالى:
﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ﴾
نجد الأنهار معطوفة على البحار، ولكي تجري السفن فيها يجب أن تكون الأنهار واسعة وعميقة، لتزداد قوة الضغط، ونزيد حجم السفينة بما يتلائم مع الكثافة، لتحقق شروط الطفو.
ويجب أن يكون أجوف: وهذا سِرٌ من أسرار الله سبحانه وتعالى في مخلوقاته ولمعرفة هذا السر فلننظر إلى الكيس الهوائي في جسم السمكة، فعندما يمتلئ بالهواء يزداد حجمها وبالتالي تقل كثافتها عن كثافة الماء فتطفوا، (وهذا هو الغرض من وجود كيس هوائي في جسم السمكة)، فمن أجل هذا تصنع السفينة مجوفة.

كيف تجري السفن؟
العلم الذي يدرس هذا النوع من الحركة يسمى علم التحريك: وهو يدرس الحركة من حيث مسبباتها، أي القوى المؤثرة عليها، فحركة السفن في البحار تخضع لمبدأ العطالة (قانون نيوتن الأول)، ونميز حالتين:
1 - الجسم الساكن يبقى ساكناً ما لم تؤثر عليه قوة خارجية تؤدي لتحريكه.
2 – يبقى الجسم محافظاً على سرعته ما لم تؤثر عليه قوة خارجية تغيرها.
والقوة : هي كل ما يؤثر على الأجسام فتغير من شكلها أو سرعتها أو طبيعتها.

العلاقة بين الرياح وحركة السفن
السفن القديمة ومنها (الشراعية) تسير تحت تأثير قوة الرياح، وهي القوة التي كانت معتمدة في زمن رسول الهة صلى الله عليه وسلم، وللرياح دور كبير في تحريك السفن وهذا واضح في قول الله تعالى:
﴿وَمِنْ آَيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ* إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾.
سورة الشورى {32-33}

فتبقى السفينة ساكنة ما لم تؤثر عليها قوة تحركها وقوة الرياح هي المسؤولة عن إعطاءها قوة الدفع والتي تجعلها تتحرك بسرعة متناسبة مع هذه القوة، فإذا كانت هذه القوة معدومة سكنت، أما السفن الحديثة فتجري تحت تأثير قوة تقدمها محركاتها، فإذا انعدمت ركدت. فسبحان الذي سخر لنا الفلك وما كنا لها مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون.

وجه الإعجاز

الإعجاز التاريخي
أخبرنا الله تعالى عن العصر الذي صنعت فيه السفن، معلناً اسم النبي الذي صنعها وأعدها لتجري في البحر ضمن شروط تحفظها من الغرق.

الإعجاز العلمي
1 – تجلى إعجاز القرآن الكريم في أن السفن تبقى ساكنة، ما لم تؤثر عليها قوة تحركها.
2 – تشبيه السفن بالجبال، والجبال أوتاد، فمنها قسم لا نراه يسكن في باطن الأرض، يحفظ لها التوازن وتمنعها من الاضطراب، كذلك السفن فمنها قسم مغمور في الماء لا نراه، يؤمن لها التوازن ويحفظها من الغرق.
3 – تسخير مياه البحار والأنهار وجعلها ذات كثافات مناسبة لتحمل على ظهرها السفن.
4 – استخدام الخشب لصناعة السفن لأنه أخف من الماء، ومسامير لتثبيت الألواح الخشبية ذات السطح الكبير، مما يزيد من القوة الضاغطة، ويمنع تسرب الماء إلى داخلها.

وأخيراً:
فإن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم النبي الأمي، ما كان ينطق عن الهوى، بل وحي من الله سبحانه وتعالى الذي يُعَلِّمُ من يشاء من عباده ويصطفي من ارتضى.

أبوعدولي
13 -08- 2011, 08:44 PM
http://upload.7ozn.com/files16/13132571471.gif
http://www.m5znk.com/up3/uploads/images/m5znk-c04f2285a2.gifhttp://www.m5znk.com/up3/uploads/images/m5znk-c04f2285a2.gif
التعريف بالسورة :
1) سورة مكية إلا الآية 38 فمدنية .
2) من المفصل .
3) آياتها 45 .
4) ترتيبها الخمسون .
5) نزلت بعد المرسلات .
6) أول سورة حزب المفصل . بدأت السورة باسلوب قسم " ق والقرآن المجيد ".
7) الجزء "26" الحزب "52" الربع "7،8" .
http://www.m5znk.com/up3/uploads/images/m5znk-c04f2285a2.gifhttp://www.m5znk.com/up3/uploads/images/m5znk-c04f2285a2.gif
محور مواضيع السورة :
تعالج السورة أصول العقيدة الإسلامية " الوحدانية ، الرسالة ، البعث
" ولكن المحور الذي تدور حوله هو موضوع " البعث والنشور " حتى
ليكاد يكون هو الطابع الخاص للسورة الكريمة وقد عالجه القرآن بالبرهان
الناصع والحجة الدامغة وهذه السورة رهيبة شديدة الوقع على الحس تهز
القلب هزًا وترج النفس رجًا وتثير فيها روعة الإعجاب ورعشة الخوف
بما فيها من الترغيب والترهيب .
http://www.m5znk.com/up3/uploads/images/m5znk-c04f2285a2.gifhttp://www.m5znk.com/up3/uploads/images/m5znk-c04f2285a2.gif
سبب نزول السورة :
عن ابن عباس أن اليهود أتت النبي فسألت عن خلق السموات والارض
فقال: خلق الله الأرض يوم الاحد والاثنين وخلق الجبال يوم الثلاثاء
وخلق السموات يوم الاربعاء والخميس وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس
والقمر ، قالت اليهود : ثم ماذا يا محمد قال : ثم استوى على العرش قالوا :
قد أصبت لو تممت ثم استراح ،فغضب رسول الله غضبا شديدا فنزلت
(وَلَقَد خلقنا السموات والارض وما بينهما في ستة ايام وما مسَّنا من
لغوب فاصبر على ما يقولون ).
http://www.m5znk.com/up3/uploads/images/m5znk-c04f2285a2.gifhttp://www.m5znk.com/up3/uploads/images/m5znk-c04f2285a2.gif
تقبل الله صالح طاعتكم

أبوعدولي
13 -08- 2011, 08:48 PM
الحلقة الثالثة عشر بين يدي سورة ق على الرابط التالي :


http://samtah.net/vb/showthread.php?p=1347139#post1347139

مثابره
13 -08- 2011, 08:52 PM
http://www.youtube.com/watch?v=JI6SypMxDzs

^زائر^
13 -08- 2011, 08:57 PM
ما شاء الله تبارك الله

شكرا الف يا ابو عدولي وكتبه الله في ميزان حسناتك

نقاء الروح
13 -08- 2011, 08:58 PM
سبقتني مثابره لكني أجب أسمعها بصوت الشيخ علي جابر يرحمه الله

http://www.youtube.com/watch?v=kC1LbX7r4QY


جزاك الله خيرا أخـي أبو عدولي

نسايم ليل
13 -08- 2011, 11:54 PM
- تفسير سورة ق عدد آياتها 45 ( آية 1-22 (http://www.imadislam.com/tafsir/050_01.htm) )
وهي مكية
{ 1-4 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ * بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ * قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ }
يقسم تعالى بالقرآن المجيد أي: وسيع المعاني عظيمها، كثير الوجوه كثير البركات، جزيل المبرات. والمجد: سعة الأوصاف وعظمتها، وأحق كلام يوصف بهذا، هذا القرآن، الذي قد احتوى على علوم الأولين والآخرين، الذي حوى من الفصاحة أكملها، ومن الألفاظ أجزلها، ومن المعاني أعمها وأحسنها، وهذا موجب لكمال اتباعه، و [سرعة] الانقياد له، وشكر الله على المنة به.
ولكن أكثر الناس، لا يقدر نعم الله قدرها، ولهذا قال تعالى: { بَلْ عَجِبُوا } أي: المكذبون للرسول صلى الله عليه وسلم، { أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ منهم } أي: ينذرهم ما يضرهم، ويأمرهم بما ينفعهم، وهو من جنسهم، يمكنهم التلقي عنه، ومعرفة أحواله وصدقه.
فتعجبوا من أمر، لا ينبغي لهم التعجب منه، بل يتعجب من عقل من تعجب منه.
{ فَقَالَ الْكَافِرُونَ } الذين حملهم كفرهم وتكذيبهم، لا نقص بذكائهم وآرائهم
{ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ } أي: مستغرب، وهم في هذا الاستغراب بين أمرين:
إما صادقون في [استغرابهم و] تعجبهم، فهذا يدل على غاية جهلهم، وضعف عقولهم، بمنزلة المجنون، الذي يستغرب كلام العاقل، وبمنزلة الجبان الذي يتعجب من لقاء الفارس للفرسان، وبمنزلة البخيل، الذي يستغرب سخاء أهل السخاء، فأي ضرر يلحق من تعجب من هذه حاله ؟ وهل تعجبه، إلا دليل على زيادة وظلمه وجهله؟ وإما أن يكونوا متعجبين، على وجه يعلمون خطأهم فيه، فهذا من أعظم الظلم وأشنعه.
ثم ذكر وجه تعجبهم فقال: { أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ } فقاسوا قدرة من هو على كل شيء قدير، الكامل من كل وجه، بقدرة العبد الفقير العاجز من جميع الوجوه، وقاسوا الجاهل، الذي لا علم له، بمن هو بكل شيء عليم، الذي يعلم ما تنقص الأرض من أجسادهم مدة مقامهم في برزخهم، وقد أحصى في كتابه الذي هو عنده محفوظ عن التغيير والتبديل، كل ما يجري عليهم في حياتهم، ومماتهم، وهذا الاستدلال، بكمال علمه، وسعته التي لا يحيط بها إلا هو، على قدرته على إحياء الموتى.

{ 5 } { بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ }
أي: { بَلْ } كلامهم الذي صدر منهم، إنما هو عناد وتكذيب للحق الذي هو أعلى أنواع الصدق { لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ } أي: مختلط مشتبه، لا يثبتون على شيء، ولا يستقر لهم قرار، فتارة يقولون عنك: إنك ساحر، وتارة مجنون، وتارة شاعر، وكذلك جعلوا القرآن عضين، كل قال فيه، ما اقتضاه رأيه الفاسد، وهكذا، كل من كذب بالحق، فإنه في أمر مختلط، لا يدرى له وجهة ولا قرار، [فترى أموره متناقضة مؤتفكة] كما أن من اتبع الحق وصدق به، قد استقام أمره، واعتدل سبيله، وصدق فعله قيله.

{ 6-11 } { أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ * وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ * وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ * رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ }
لما ذكر تعالى حالة المكذبين، وما ذمهم به، دعاهم إلى النظر في آياته الأفقية، كي يعتبروا، ويستدلوا بها، على ما جعلت أدلة عليه فقال: { أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ } أي: لا يحتاج ذلك النظر إلى كلفة وشد رحل، بل هو في غاية السهولة، فينظرون { كَيْفَ بَنَيْنَاهَا } قبة مستوية الأرجاء، ثابتة البناء، مزينة بالنجوم الخنس، والجوار الكنس، التي ضربت من الأفق إلى الأفق في غاية الحسن والملاحة، لا ترى فيها عيبًا، ولا فروجًا، ولا خلالًا، ولا إخلالاً.
قد جعلها الله سقفًا لأهل الأرض، وأودع فيها من مصالحهم الضرورية ما أودع.
{ و } إلى { الأرض كيف مَدَدْنَاهَا } ووسعناها، حتى أمكن كل حيوان السكون فيها والاستقرار والاستعداد لجميع مصالحه، وأرساها بالجبال، لتستقر من التزلزل، والتموج، { وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } أي: من كل صنف من أصناف النبات، التي تسر ناظرها، وتعجب مبصرها، وتقر عين رامقها، لأكل بني آدم، وأكل بهائمهم ومنافعهم، وخص من تلك المنافع بالذكر، الجنات المشتملة على الفواكه اللذيذة، من العنب والرمان والأترج والتفاح، وغير ذلك، من أصناف الفواكه، ومن النخيل الباسقات، أي: الطوال، التي يطول نفعها، وترتفع إلى السماء، حتى تبلغ مبلغًا، لا يبلغه كثير من الأشجار، فتخرج من الطلع النضيد، في قنوانها، ما هو رزق للعباد، قوتًا وأدمًا وفاكهة، يأكلون منه ويدخرون، هم ومواشيهم وكذلك ما يخرج الله بالمطر، وما هو أثره من الأنهار، التي على وجه الأرض، والتي تحتها من حب الحصيد، أي: من الزرع المحصود، من بر وشعير، وذرة، وأرز، ودخن وغيره.
فإن في النظر في هذه الأشياء { تَبْصِرَةً } يتبصر بها، من عمى الجهل، { وَذِكْرَى } يتذكر بها، ما ينفع في الدين والدنيا، ويتذكر بها ما أخبر الله به، وأخبرت به رسله، وليس ذلك لكل أحد، بل { لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ } إلى الله أي: مقبل عليه بالحب والخوف والرجاء، وإجابة داعيه، وأما المكذب والمعرض، فما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون.
وحاصل هذا، أن ما فيها من الخلق الباهر، والشدة والقوة، دليل على كمال قدرة الله تعالى، وما فيها من الحسن والإتقان، وبديع الصنعة، وبديع الخلقة دليل على أن الله أحكم الحاكمين، وأنه بكل شيء عليم، وما فيها من المنافع والمصالح للعباد، دليل على رحمة الله، التي وسعت كل شيء، وجوده، الذي عم كل حي، وما فيها من عظم الخلقة، وبديع النظام، دليل على أن الله تعالى، هو الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا، ولم يكن له كفوًا أحد، وأنه الذي لا تنبغي العبادة، والذل [والحب] إلا له تعالى.
وما فيها من إحياء الأرض بعد موتها، دليل على إحياء الله الموتى، ليجازيهم بأعمالهم، ولهذا قال: { وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ }
ولما ذكرهم بهذه الآيات السماوية والأرضية، خوفهم أخذات الأمم، وألا يستمروا على ما هم عليه من التكذيب، فيصيبهم ما أصاب إخوانهم من المكذبين، فقال:

{ 12-15 } { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ * أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ }
أي: كذب الذين من قبلهم من الأمم، رسلهم الكرام، وأنبياءهم العظام، كـ "نوح" كذبه قومه، [وثمود كذبوا صالحًا] وعاد، كذبوا "هودًا " وإخوان لوط كذبوا "لوطًا " وأصحاب الأيكة كذبوا "شعيبًا " وقوم تبع، وتبع كل ملك ملك اليمن في الزمان السابق قبل الإسلام فقوم تبع كذبوا الرسول، الذي أرسله الله إليهم، ولم يخبرنا الله من هو ذلك الرسول، وأي تبع من التبابعة، لأنه -والله أعلم- كان مشهورًا عند العرب لكونهم من العرب العرباء، الذين لا تخفى ماجرياتهم على العرب خصوصًا مثل هذه الحادثة العظيمة.

فهؤلاء كلهم كذبوا الرسل، الذين أرسلهم الله إليهم، فحق عليهم وعيد الله وعقوبته، ولستم أيها المكذبون لمحمد صلى الله عليه وسلم، خيرًا منهم، ولا رسلهم أكرم على الله من رسولكم، فاحذروا جرمهم، لئلا يصيبكم ما أصابهم.
ثم استدل تعالى بالخلق الأول -وهو المنشأ الأول - على الخلق الآخر، وهو النشأة الآخرة.
فكما أنه الذي أوجدهم بعد العدم، كذلك يعيدهم بعد موتهم وصيرورتهم إلى [الرفات] والرمم، فقال: { أَفَعَيِينَا } أي: أفعجزنا وضعفت قدرتنا { بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ } ؟ ليس الأمر كذلك، فلم نعجز ونعي عن ذلك، وليسوا في شك من ذلك، وإنما هم في لبس من خلق جديد هذا الذي شكوا فيه، والتبس عليهم أمره، مع أنه لا محل للبس فيه، لأن الإعادة، أهون من الابتداء كما قال تعالى: { وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ }

نسايم ليل
13 -08- 2011, 11:55 PM
{ 16-18 } { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }
يخبر تعالى، أنه المتفرد بخلق جنس الإنسان، ذكورهم وإناثهم، وأنه يعلم أحواله، وما يسره، ويوسوس في صدره وأنه أقرب إليه من حبل الوريد، الذي هو أقرب شيء إلى الإنسان، وهوالعرق المكتنف لثغرة النحر، وهذا مما يدعو الإنسان إلى مراقبة خالقه، المطلع على ضميره وباطنه، القريب منه في جميع أحواله، فيستحي منه أن يراه، حيث نهاه، أو يفقده، حيث أمره، وكذلك ينبغي له أن يجعل الملائكة الكرام الكاتبين منه على بال، فيجلهم ويوقرهم، ويحذر أن يفعل أو يقول ما يكتب عنه، مما لا يرضي رب العالمين، ولهذا قال: { إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ } أي: يتلقيان عن العبد أعماله كلها، واحد { عَنِ الْيَمِينِ } يكتب الحسنات { و } الآخر { عن الشِّمَالِ } يكتب السيئات، وكل منهما { قَعِيدٌ } بذلك متهيئ لعمله الذي أعد له، ملازم له
{ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ } خير أو شر { إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } أي: مراقب له، حاضر لحاله، كما قال تعالى: { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ }

{ 19-22 } { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ }
أي { وَجَاءَتْ } هذا الغافل المكذب بآيات الله { سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ } الذي لا مرد له ولا مناص، { ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ } أي: تتأخر وتنكص عنه.
{ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ } أي: اليوم الذي يلحق الظالمين ما أوعدهم الله به من العقاب، والمؤمنين ما وعدهم به من الثواب.
{ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ } يسوقها إلى موقف القيامة، فلا يمكنها أن تتأخر عنه، { وَشَهِيدٌ } يشهد عليها بأعمالها، خيرها وشرها، وهذا يدل على اعتناء الله بالعباد، وحفظه لأعمالهم، ومجازاته لهم بالعدل، فهذا الأمر، مما يجب أن يجعله العبد منه على بال، ولكن أكثر الناس غافلون، ولهذا قال: { لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا } أي: يقال للمعرض المكذب يوم القيامة هذا الكلام، توبيخًا، ولومًا وتعنيفًا أي: لقد كنت مكذبًا بهذا، تاركًا للعمل له فالآن { كشفنا عَنْكَ غِطَاءَكَ } الذي غطى قلبك، فكثر نومك، واستمر إعراضك، { فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ } ينظر ما يزعجه ويروعه، من أنواع العذاب والنكال.
أو هذا خطاب من الله للعبد، فإنه في الدنيا، في غفلة عما خلق له، ولكنه يوم القيامة، ينتبه ويزول عنه وسنه، ولكنه في وقت لا يمكنه أن يتدارك الفارط، ولا يستدرك الفائت، وهذا كله تخويف من الله للعباد، وترهيب، بذكر ما يكون على المكذبين، في ذلك اليوم العظيم.

نسايم ليل
13 -08- 2011, 11:55 PM
- تفسير سورة ق عدد آياتها 45 ( آية 23-45 (http://www.imadislam.com/tafsir/050_02.htm) )
وهي مكية
{ 23-29 } { وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ * أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ * الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ * قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ * قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ * مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ }
يقول تعالى: { وَقَالَ قَرِينُهُ } أي: قرين هذا المكذب المعرض، من الملائكة، الذين وكلهم الله على حفظه، وحفظ أعماله، فيحضره يوم القيامة ويحضر أعماله ويقول: { هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ } أي: قد أحضرت ما جعلت عليه، من حفظه، وحفظ عمله، فيجازى بعمله.
ويقال لمن استحق النار: { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } أي: كثير الكفر والعناد لآيات الله، المكثر من المعاصي، المجترئ على المحارم والمآثم.
{ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ } أي: يمنع الخير الذي عنده الذي أعظمه، الإيمان بالله [وملائكته] وتبه، ورسله مناع، لنفع ماله وبدنه، { مُعْتَدٍ } على عباد الله، وعلى حدوده { مُرِيبٍ } أي: شاك في وعد الله ووعيده، فلا إيمان ولا إحسان ولكن وصفه الكفر والعدوان، والشك والريب، والشح، واتخاذ الآلهة من دون الرحمن، ولهذا قال: { الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ } أي: عبد معه غيره، ممن لا يملك لنفسه نفعًا، ولا ضرًا، ولا موتًا ولا حياة، ولا نشورًا، { فَأَلْقِيَاهُ } أيها الملكان القرينان { فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ } الذي هو معظمها وأشدها وأشنعها.
{ قَالَ قَرِينُهُ } الشيطان، متبرئًا منه، حاملاً عليه إثمه: { رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ } لأني لم يكن لي عليه سلطان، ولا حجة ولا برهان، ولكن كان في الضلال البعيد، فهو الذي ضل وأبعد عن الحق باختياره، كما قال في الآية الأخرى: { وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم } الآية
قال الله تعالى مجيبًا لاختصامهم: { لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ } أي: لا فائدة في اختصامكم عندي، { و } الحال أني قد { قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ } أي: جاءتكم رسلي بالآيات البينات، والحجج الواضحات، والبراهين الساطعات، فقامت عليكم حجتي، وانقطعت حجتكم، وقدمتم علي بما أسلفتم من الأعمال التي وجب جزاؤها.
{ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ } أي: لا يمكن أن يخلف ما قاله الله وأخبر به، لأنه لا أصدق من الله قيلاً، ولا أصدق حديثًا.
{ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ } بل أجزيهم بما عملوا من خير وشر، فلا يزاد في سيئاتهم، ولا ينقص من حسناتهم.

{ 30-35 } { يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ * وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ }
يقول تعالى، مخوفًا لعباده: { يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ } وذلك من كثرة ما ألقي فيها، { وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ } أي: لا تزال تطلب الزيادة، من المجرمين العاصين، غضبًا لربها، وغيظًا على الكافرين.
وقد وعدها الله ملأها، كما قال تعالى { لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } حتى يضع رب العزة عليها قدمه الكريمة المنزهة عن التشبيه، فينزوي بعضها على بعض، وتقول: قط قط، قد اكتفيت وامتلأت.
{ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ } أي: قربت بحيث تشاهد وينظر ما فيها، من النعيم المقيم، والحبرة والسرور، وإنما أزلفت وقربت، لأجل المتقين لربهم، التاركين للشرك، صغيره وكبيره ، الممتثلين لأوامر ربهم، المنقادين له، ويقال لهم على وجه التهنئة: { هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ } أي: هذه الجنة وما فيها، مما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، هي التي وعد الله كل أواب أي: رجاع إلى الله، في جميع الأوقات، بذكره وحبه، والاستعانة به، ودعائه، وخوفه، ورجائه.
{ حَفِيظٍ } أي: يحافظ على ما أمر الله به، بامتثاله على وجه الإخلاص والإكمال له، على أكمل الوجوه، حفيظ لحدوده.
{ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ } أي: خافه على وجه المعرفة بربه، والرجاء لرحمته ولازم على خشية الله في حال غيبه أي: مغيبه عن أعين الناس، وهذه هي الخشية الحقيقية، وأما خشيته في حال نظر الناس وحضورهم، فقد تكون رياء وسمعة، فلا تدل على الخشية، وإنما الخشية النافعة، خشية الله في الغيب والشهادة ويحتمل أن المراد بخشية الله بالغيب كالمراد بالإيمان بالغيب وأن هذا مقابل للشهادة حيث يكون الإيمان والخشية ضروريًا لا اختياريًا حيث يعاين العذاب وتأتي آيات الله وهذا هو الظاهر
{ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ } أي: وصفه الإنابة إلى مولاه، وانجذاب دواعيه إلى مراضيه، ويقال لهؤلاء الأتقياء الأبرار: { ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ } أي: دخولًا مقرونًا بالسلامة من الآفات والشرور، مأمونًا فيه جميع مكاره الأمور، فلا انقطاع لنعيمهم، ولا كدر ولا تنغيص، { ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ } الذي لا زوال له ولا موت، ولا شيء من المكدرات.
{ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا } أي: كل ما تعلقت به مشيئتهم، فهو حاصل فيها ولهم فوق ذلك { مَزِيدٌ } أي: ثواب يمدهم به الرحمن الرحيم، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وأعظم ذلك، وأجله، وأفضله، النظر إلى وجه الله الكريم، والتمتع بسماع كلامه، والتنعم بقربه، نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم.
{ 36-37 } { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ }
يقول تعالى -مخوفًا للمشركين المكذبين للرسول:- { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ } أي: أمما كثيرة هم أشد من هؤلاء بطشًا أي: قوة وآثارًا في الأرض.
ولهذا قال: { فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ } أي: بنوا الحصون المنيعة والمنازل الرفيعة، وغرسوا الأشجار، وأجروا الأنهار، وزرعوا، وعمروا، ودمروا، فلما كذبوا رسل الله، وجحدوا آيات الله، أخذهم الله بالعقاب الأليم، والعذاب الشديد، فـ { هَلْ مِنْ مَحِيصٍ } أي: لا مفر لهم من عذاب الله، حين نزل بهم، ولا منقذ، فلم تغن عنهم قوتهم، ولا أموالهم، ولا أولادهم.
{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ } أي: قلب عظيم حي، ذكي، زكي، فهذا إذا ورد عليه شيء من آيات الله، تذكر بها، وانتفع، فارتفع وكذلك من ألقى سمعه إلى آيات الله، واستمعها، استماعًا يسترشد به، وقلبه { شَهِيدٌ } أي: حاضر، فهذا له أيضا ذكرى وموعظة، وشفاء وهدى.
وأما المعرض، الذي لم يلق سمعه إلى الآيات، فهذا لا تفيده شيئًا، لأنه لا قبول عنده، ولا تقتضي حكمة الله هداية من هذا وصفه ونعته.

{ 38-40 } { وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ * فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ * وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ }
وهذا إخبار منه تعالى عن قدرته العظيمة، ومشيئته النافذة، التي أوجد بها أعظم المخلوقات { السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } أولها يوم الأحد، وآخرها يوم الجمعة، من غير تعب، ولا نصب، ولا لغوب، ولا إعياء، فالذي أوجدها -على كبرها وعظمتها- قادر على إحياء الموتى، من باب أولى وأحرى.
{ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ } من الذم لك والتكذيب بما جئت به، واشتغل عنهم واله بطاعة ربك وتسبيحه، أول النهار وآخره، وفي أوقات الليل، وأدبار الصلوات. فإن ذكر الله تعالى، مسل للنفس، مؤنس لها، مهون للصبر.

{ 41-45 } { وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ * إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ * يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ }
أي: { وَاسْتَمِعْ } بقلبك نداء المنادي وهو إسرافيل عليه السلام، حين ينفخ في الصور { مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ } من الخلق

نسايم ليل
13 -08- 2011, 11:57 PM
{ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ } أي: كل الخلائق يسمعون تلك الصيحة المزعجة المهولة { بالحق } الذي لا شك فيه ولا امتراء.
{ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ } من القبور، الذي انفرد به القادر على كل شيء، ولهذا قال: { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ } أي: عن الأموات
{ سِرَاعًا } أي: يسرعون لإجابة الداعي لهم، إلى موقف القيامة، { ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ } أي: هين على الله يسير لا تعب فيه ولا كلفة.
{ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ } لك، مما يحزنك، من الأذى، وإذا كنا أعلم بذلك، فقد علمت كيف اعتناؤنا بك، وتيسيرنا لأمورك، ونصرنا لك على أعدائك، فليفرح قلبك، ولتطمئن نفسك، ولتعلم أننا أرحم بك وأرأف، من نفسك، فلم يبق لك إلا انتظار وعد الله، والتأسي بأولي العزم، من رسل الله، { وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ } أي: مسلط عليهم { إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } ولهذا قال: { فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ } والتذكير، [هو] تذكير ما تقرر في العقول والفطر، من محبة الخير وإيثاره، وفعله، ومن بغض الشر ومجانبته، وإنما يتذكر بالتذكير، من يخاف وعيد الله، وأما من لم يخف الوعيد، ولم يؤمن به، فهذا فائدة تذكيره، إقامة الحجة عليه، لئلا يقول: { ما جاءنا من بشير ولا نذير }
آخر تفسير سورة (ق) والحمد لله أولاً وآخرًا وظاهرًا وباطنًا

نسايم ليل
13 -08- 2011, 11:59 PM
http://www.youtube.com/watch?v=pevenLGJZCM

ابن الطوال
14 -08- 2011, 01:45 AM
يعافيكم ربي والف شكر لكم على الجهود المبذوله

أبوعدولي
14 -08- 2011, 08:37 PM
http://upload.7ozn.com/files16/13133311901.gif
http://jewelsuae.com/gallery/data/media/5/2flwsw1.gif
سبب التسمية :
سُميت ‏بهذا ‏الاسم ‏لبيان ‏شأن ‏التحريم ‏الذي ‏حرمه ‏النبي ‏ ‏على ‏نفسه ‏من ‏غير ‏أن ‏يحرمه ‏الله‎
التعريف بالسورة :
1) مدنية .
2) من المفصل .
3) آياتها 12 .
4) ترتيبها السادسة والستون .
5) نزلت بعد الحجرات .
6) بدأت باسلوب النداء " يا أيها النبي " اسم السورة " التحريم " .
7) الجزء 28 ) الحزب ( 56 ) الربع ( 8 ) .
http://jewelsuae.com/gallery/data/media/5/2flwsw1.gif
محور مواضيع السورة :
تناولت السورة الشئون التشريعية وهي هنا تعالج قضايا وأحكاما تتعلق " بيت النبوة " وبأمهات المؤمنين أزواج رسول الله الطاهرات وذلك في إطار تهيئة البيت المسلم والنموذج الأكمل للأسرة السعيدة .
http://jewelsuae.com/gallery/data/media/5/2flwsw1.gif
سبب نزول السورة :
عن ابن عباس عن عمر قال دخل رسول الله بأم ولده مارية في بيت حفصة ، فوجدته حفصة معها ، فقالت : لم تدخلها بيتي ؟ ما صنعت بي هذا من بين نسائك إلا من هواني عليك . فقال لها : لا تذكري هذا لعائشة هي على حرام إن قربتها . قالت حفصة : وكيف تحرم عليك وهى جاريتك ؟ فحلف لها لا يقربها . وقال لها: لا تذكريه لأحد . فذكرته لعائشة ، فأبى أن لا يدخل على نسائه شهرا واعتزلهن تسعا وعشرين ليلة ، فأنزل الله تبارك وتعالى ( لم تحرم ما أحل الله لك ) الآية .
2) عن عائشة قالت : كان رسول الله يحب الحلواء والعسل ، وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه ، فدخل على حفصة بنت عمرواحتبس عندها أكثر مما كان يحتبس ، فعرفت ، فسألت عن ذلك، فقيل لى : أهدت امرأة من قومها عكة عسل فسقت منه النبي شربة . قلت : أما والله لنحتال له . فقلت لسودة بنت زمعة : إنه سيدنو منك إذا دخل عليك فقولى له يا رسول الله أكلت مغافير ؟ فإنه سيقول لك : سقتنى حفصة شربة عسل . فقولى " جرست نحلة العرفط " وسأقول ذلك ، وقولى أنت يا صفية ذلك . قالت : تقول سودة : " فوالله ما هو إلا أن قام على الباب فكدت أن أبادئه بما أمرتني به ، فلما دنا منها قالت له سودة : يا رسول الله أكلت مغافير ؟ قال : لا . قالت : فما هذه الريح التي أجد منك ؟ قال: سقتني حفصة شربة عسل . قالت : جرست نحلة العرفط . قالت : فلما دخل على قلت له مثل ذلك ، فلما دار إلى صفية قالت له مثل ذلك ، فلما دار إلى حفصة قالت : يا رسول الله أسقيك منه ؟ قال : لا حاجة لي فيه . تقول سودة ، لقد حرمناه . قالت لها : اسكتي .( رواه البخاري عن فرقد ورواه مسلم عن سويد ابن سعيد كلاهما عن على بن مسهر ).
2) لما حلف أبو بكر أن لا ينفق على مسطح أنزل الله هذه الآية .
3) عن ابن عباس قال وجدت حفصة رسول الله مع أم إبراهيم في يوم عائشة ، فقالت :لأخبرنها . فقال رسول الله هى على حرام إن قربتها . فأخبرت عائشة بذلك ، فأعلم الله رسولَه ذلك ، فعرف حفصة بعض ما قالت، فقالت له : من أخبرك ؟ قال : نبأني العليم الخبير . فآلى رسول الله من نسائه شهرا ، فأنزل الله تبارك وتعالى( إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما الآية ).
2) عن ابن عباس وابن عمر في قوله تعالى ( وصالح المؤمنين ) قالا : نزلت في أبي بكر وعمر .
http://jewelsuae.com/gallery/data/media/5/2flwsw1.gif
أهلاً بمشاركاتكم بين يدي سورة التحريم

^زائر^
14 -08- 2011, 09:04 PM
شكرا للمواضيع الجميلة ومعلوماتها القيمه

شكرا للجهد الذي تضعه لنا هنا علما يستفاد منه

ضياء القمر
15 -08- 2011, 12:51 AM
بارك الله فيك أبوعدولي والله يفقك ويجزاك كل خير على مجهودك الرائع والمميز والمفيد في ميزان حسناتك إنشاء الله.

مثابره
15 -08- 2011, 01:47 AM
http://www.youtube.com/watch?v=-lxgKP549HI

أبوعدولي
15 -08- 2011, 02:31 AM
شكرا للمواضيع الجميلة ومعلوماتها القيمه

شكرا للجهد الذي تضعه لنا هنا علما يستفاد منه

أهلابك هنا أخي الكريم

أبوعدولي
15 -08- 2011, 02:32 AM
بارك الله فيك أبوعدولي والله يفقك ويجزاك كل خير على مجهودك الرائع والمميز والمفيد في ميزان حسناتك إنشاء الله.

شكراً لكم ولتواجدكم
ونسأل الله ألا يحرمنا وإياكم الأجر

أبوعدولي
15 -08- 2011, 02:34 AM
شكر لك أختي مثابره
على المتابعة الدائمة
أسأل الله لكم التوفيق في الدارين

أبوعدولي
15 -08- 2011, 02:44 AM
مختصر تفسير سورة التحريم



تمهيد :
هذه السورة الكريمة تعرض في مجملها صورة من الحياة البيتية لرسول الله محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وصورة من الإنفعالات النفسية بين بعض نسائه، وبينهن وبينه، كما تأمر نساء النبي صلّى الله عليه وسلّم بالتوبة مبيّنة عواقبها الطيّبة، كما تبيّن أن القرابة التي تجمعهن بالنبي صلّى الله عليه وسلّم لن تنفعهن يوم القيامة إذا عصين الله ونبيّه الكريم صلوات ربّي عليه وسلّم.

تفسير الآيات :

بسم الله الرحمن الرحيم



{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} : تُحَرِّمُ: تمتنع عن
{تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)} : تَبْتَغِي: تطلب
{قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ} : فَرَضَ: شرّع وبيّن
{تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} : تحليل القسم بالكفّارة
{وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ} : الله ناصركم ومتولّي أمركم
{وَهُوَ الْعَلِيمُ} : بأحوالكم
{الْحَكِيمُ (2)} : في تشريعه
{وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ} : أَسَرَّ: هو حديث أمر بكتمانه
{إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ} : هي السيدة حفصة بنت عمر رضى الله عنه
{حَدِيثًا} : كلاماً
{فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ} : أخبرت به غيرها
{وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ} : أطلعه الله على خبر إفشائه
{عَرَّفَ بَعْضَهُ} : أخبر زوجته ببعض ما عرفه تكرّماً
{وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ} : ترك بعضه الآخر فلم يخبرها به
{فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ} : أعلمها به
{قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا} : من أخبرك بهذا؟
{قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3)} : بكل ما يفعله النّاس ويحاولون إخفاءه
{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} : صَغَتْ: عدلت ومالت عن الحق
{وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} : تتعاونا عليه بما يسوءه
{فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ} : مَوْلاهُ: ناصره ومعينه
{وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} : خيار المؤمنين والمخلصين منهم
{وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4)} : ظَهِيرٌ: أعوان له ينصرونه
{عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ} : مُسْلِمَاتٍ: خاضعات لله
{مُؤْمِنَاتٍ} : مصدّقات بوجود الله و وحدانيته
{قَانِتَاتٍ} : مطيعات لله، وقيل: مصلّيات
{تَائِبَاتٍ} : من التوبة وهي لزوم الطاعة لله والرجوع عن المعصية
{عَابِدَاتٍ} : كثيرات العبادة
{سَائِحَاتٍ} : صائمات، وقيل: مهاجرات
{ثَيِّبَاتٍ} : سبق أن تزوّجن
{وَأَبْكَارًا (5)} : عذارى لم يتزوّجن
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} : قُوا: من الوقاية وبمعنى: احفظوا، أو جنبوها بالطّاعات
{عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)} : غِلاظٌ شِدَادٌ: قساة أقوياء وهم (الزبانية)
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ} : لا تَعْتَذِرُوا: لا عذر لكم
{إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (7)} : في الحياة الدنيا
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ} : عودوا إلى طاعة الله وارجعوا عن ذنوبكم
{تَوْبَةً نَصُوحًا} : خالصة، أو صادقة، أو مقبولة
{عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} : يُكَفِّرَ: يمحو
{وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ} : لا يُخْزِي: لا يذله بلْ يعزّه ويكرمه
{نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)} : يَسْعَى: يسير
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} : بالسيف
{وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} : شدد عليهم واستعمل الخشونة في أمرهم
{وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} : مصيرهم إلى النّار
{وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9)} : بئس المرجع الذي ينتهون إليه
{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ} : ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً: ذكر الله مثلاً للموعظة والعبرة
{كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ} : كانتا زوجتين لعبدين من عباد الله وهما نبي الله (نوح) ونبي الله (لوط) عليهما السلام
{فَخَانَتَاهُمَا} : بالكفر والتآمر وإفشاء السر للقوم
{فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} : فلم ينفعهما أنهما زوجتان لنبيين
{وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10)} : وَقِيلَ: لهما
{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11)} : َنَجِّنِي: أنقذني
{وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} : أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا: عفّت عن إرتكاب الفاحشة
{فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا} : روحاً من خلق الله بلا واسطة أب وهو نبي الله (عيسى) عليه السلام
{وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ} : بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا: الصُحُف المنزلة من الله على أنبيائه
{وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)} : الْقَانِتِينَ: المواظبين على طاعة الله سبحانه وتعالى - جعلني الله وإياكم منهم -

أبوعدولي
15 -08- 2011, 08:32 PM
http://upload.7ozn.com/files17/13134299821.gif


http://www.mamarocks.com/ovf26.gif (http://forum.jro7i.com/t1113.html)http://www.mamarocks.com/ovf26.gif (http://forum.jro7i.com/t1113.html)
التعريف بالسورة :
1) سورة مدنية إلا الآية 13 نزلت في الطريق أثناء الهجرة .
2) من المثاني .
3) آياتها 38 .
4) ترتيبها السابعة والأربعون .
5) نزلت بعد الحديد .
6) بدأت السورة باسم موصول ذكر اسم الرسول محمد في الآية الثانية .
7) الجزء " 26 " الحزب " 51 " الربع " 2،3،4، " .
http://www.mamarocks.com/ovf26.gif (http://forum.jro7i.com/t1113.html)http://www.mamarocks.com/ovf26.gif (http://forum.jro7i.com/t1113.html)
محور مواضيع السورة :
تتناول السورة أحكام القتال والأسرى والغنائم
وأحوال المنافقين ولكن المحور الذي تدور عليه السورة
هو موضوع " الجهاد في سبيل الله " .
http://www.mamarocks.com/ovf26.gif (http://forum.jro7i.com/t1113.html)http://www.mamarocks.com/ovf26.gif (http://forum.jro7i.com/t1113.html)
سبب نزول السورة :
عن ابن جريج في قوله تعالى " وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أعْمَالَهُم "
قَالَ : نَزَلَتْ فِيمَنْ قُتِلَ مِن أصحاب النبي يوم أُحُدْ .
http://www.mamarocks.com/ovf26.gif (http://forum.jro7i.com/t1113.html)http://www.mamarocks.com/ovf26.gif (http://forum.jro7i.com/t1113.html)


تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

أبوعدولي
15 -08- 2011, 08:35 PM
{ مختصر تفسير سورة محمّد }


تمهيد:
أبرز المواضيع التي تعالجها هذه السورة الكريمة هي الحث على القتال دفاعاً عن العقيدة، ولهذا تسمى أيضاً سورة "القتال"، فهي تبين الحكمة منه مع تكريم الاستشهاد والشهداء، ووعد بنصر المؤمنين، وإنذار بهلاك الكافرين مع بيان حال الفريقين في الآخرة، بالإضافة إلى ذلك تكشف السورة حقيقة المنافقين وخصالهم، وتنذرهم بعذاب من الله، وفيها أيضاً دعوة للمؤمنين لإعتماد العقل والعلم عند الأخذ بالعقيدة، مع الدعوة لتدبر القرآن الكريم وفهمه، كما أن فيها حثاً على الإنفاق في سبيل الله ..

تفسير الآيات:

بسم الله الرحمن الرحيم



{الَّذِينَ كَفَرُوا}: أي جحدوا وجود الله -عز و جل-
{وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}: أعرضوا عن الإسلام، أو صرفوا غيرهم عن الدخول فيه
{أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1)}: أبطل الله كيدهم
{وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}: هم الذين صدّقوا بوجود الله وعملوا بطاعته، واتبعوا أمره ونهيه
{وَآَمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ}: أي صدّقوا بالقرآن الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم
{وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ}: وهو الدين الحق الباقي على مرّ العصور
{كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ}: التكفير: الستر والتغطية، والمقصود: محا الله ما عملوا من السيئات
{وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2)}: أي أصلح حالهم وأمورهم بالتأييد والتوفيق
{ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ}: اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ: أي الشيطان، فأطاعوه
{وَأَنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ}: الحق الذي جاء به محمّد صلى الله عليه وسلم من ربهم
{كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (3)}: أي كذلك يبين الله للناس أحوال الفريقين: المؤمنين، والكافرين
{فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ}: فَضَرْبَ الرِّقَابِ: قاتلوهم بضرب رقابهم ليكون الموت أسرع لهم
{حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ}: أضعفتموهم وأوهنتموهم بالجراح
{فَشُدُّوا الْوَثَاقَ}: فأسروهم وشدّوا ربطهم بالحبل وغيره
{فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ}: فَإِمَّا مَنًّا: فإما أن تطلقوا الأسرى بغير فدية
{وَإِمَّا فِدَاءً}: وإما إطلاق سراحهم في مقابل مال أو نحوه
{حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا}: َ أَوْزَارَهَا: آلاتها وأثقالها من السلاح وغيره، والمقصود: يضع المحاربون أسلحتهم، وتنقضي الحرب
{ذَلِكَ}: أي هذا ما أمركم به من الجهاد
{وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ}: ولو شاء الله لأهلك الكافرين وانتقم منهم بدون قتالكم لهم أيها المؤمنون
{وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ}: لِيَبْلُوَ : ليختبر
{وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}: فِي سَبِيلِ اللَّهِ: دفاعاً عن دين الله
{فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4)}: فلن يضيع ثواب أعمالهم
{سَيَهْدِيهِمْ}: إلى الجنّة
{وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5)}: يصلح حالهم بالمغفرة والعفو عن سيئاتهم
{وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6)}: عَرَّفَهَا لَهُمْ: أي عرّفهم منازلهم فيها فلا يستدلون عليها ولا يخطئونها، وقيل: بمعنى طيّبها لهم لأن العرف هو الرائحة الزكيّة
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ}: نصرة الله بنصرة دينه، فهو القوي الغني عن العالمين
{وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7)}: أي النصر والمعونة في موطن الحرب، والمراد بالأقدام: المحاربون أنفسهم وعبر بذلك لأن الثبات والضعف يظهران فيها
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ}: تَعْسًا: هلاكاً، أو شرّاً، أو خيبةً
{وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8)}: أي جعل الله أعمالهم على غير هدى ولا رشاد ولا فائدة
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ}: هو القرآن الذي يحتوي على التوحيد والشرائع والأحكام التي تخالف ما ألف الكفار من عقائد وتقاليد
{فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9)}: أي أبطل الله ثواب أعمالهم فلم تحقق ثمرتها المرجوة
{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}: دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ: أطبق الهلاك عليهم
{وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا (10)}: أي وللكافرين من قريش المكذبين رسول الله محمداً صلى الله عليه وسلم لهم من العذاب العاجل أمثال ما حصل للأمم السابقة الذين كذّبوا رسل الله تعالى
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ (11)}: مَوْلَى: ناصر ومعين
{إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ}: يَتَمَتَّعُونَ: ينتفعون بمتاع الحياة الدنيا
{وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (12)}: مَثْوًى: مسكن، ومأوى
يتبع ..

أبوعدولي
15 -08- 2011, 08:36 PM
{وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ}: كثير من القرى
{هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ}: قَرْيَتِكَ: هي مكة المكرمة
{أَهْلَكْنَاهُمْ}: أهلكهم الله جزاء كفرهم
{فَلا نَاصِرَ لَهُمْ (13)}: ينقذهم من عذاب الله
{أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ}: بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ: برهان وحجة وبيان من أمر ربه وهو القرآن الكريم
{كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ}: كمن حسن له عمله من الشرك بالله وسائر المعاصي
{وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (14)}: إتبعوا ما دعتهم إليه أنفسهم من معصية الله
{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ}: وصف نعيم الجنة
{فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ}: غَيْرِ آَسِنٍ: غير متغير الطعم والرائحة
{وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ}: لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ: أي لم يحمض لطول المقام
{وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ}: ليست كخمر الدنيا أي لا تؤذي الإنسان وتضره
{وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى}: أي لم يخالطه الشمع وفضلات النحل وغيرها من الشوائب
{وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ
أَمْعَاءَهُمْ (15)}: حَمِيمًا: الشديد الحرارة، والمقصود: فهل من يقيم في هذا النعيم يشابه من هو خالد في النار وإضافة إلى ذلك شربهم للماء الشديد الحرارة فيقطع أمعائهم.
{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ}: من المنافقون من يستمعون لرسول الله صلى الله عليه وسلم كالمسلمين
{حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ}: ولكن ما أن يخرجوا من مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم
{قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آَنِفًا}: أي ماذا قال النبي هذه الساعة، يقولون ذلك على سبيل الاستهزاء
{أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ}: طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ: ختم الله على قلوبهم وأغلقها فلا تعي خيراً لعدم توجههم نحو الخير أصلاً
{وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (16)}: أي اتبعوا ما دعتهم إليه أهواؤهم من الباطل
{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا}: هم المؤمنون
{زَادَهُمْ هُدًى}: زادهم الله إيماناً على إيمانهم
{وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (17)}: أي أعانهم على تقواهم
{فَهَلْ يَنْظُرُونَ}: فهل ينتظرون
{إِلاَّ السَّاعَةَ}: الساعة في اللغة جزء من الليل أو النهار، وأطلقت الساعة معرفة بالألف واللام في القرآن الكريم على يوم القيامة
{أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً}: أن تأتيهم فجأة تباغتهم
{فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا}: أَشْرَاطُهَا: جمع شرط بمعنى العلامة، أي جاءت علامات تدل على قربها
{فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ (18)}: أي من أين لهم أن يتذكروا ويتوبوا إذا جاءت القيامة
{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ}: مُتَقَلَّبَكُمْ: تصرفكم في حياتكم
{وَمَثْوَاكُمْ (19)}: إلى مضاجعكم بالليل، أو مصيركم في الآخرة إلى الجنّة أو النّار
يتبع ..

أبوعدولي
15 -08- 2011, 08:37 PM
{وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ}: سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ: سورة ذكر فيها الجهاد بنص صريح غير قابل للتأويل
{رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}: هم المنافقون
{يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ}: أي إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
{نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ}: تشخص أبصارهم جبناً وهلعاً كمن أصابته سكرة الموت
{فَأَوْلَى لَهُمْ (20)}: فويلٌ لهم لما أساءوا
{طَاعَةٌ}: لله تعالى
{وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ}: قول مستحسن
{فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ}: جد الأمر ولزمهم الجهاد
{فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ}: في الإيمان
{لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (21)}: في الدنيا والآخرة
{فَهَلْ عَسَيْتُمْ}: فهل يتوقع منكم
{إِنْ تَوَلَّيْتُمْ}: أي توليتم الحكم وصرتم حكاماً، أو أعرضتم عن دين الله
{أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22)}: وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ: تقطعوا صلة القرابة والرحم
{أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ}: لَعَنَهُمُ اللَّهُ: أي طردهم عن رحمته
{فَأَصَمَّهُمْ}: أي أصابهم بالصمم عن سماع الحق ومواعظ الله
{وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23)}: عن رؤية الخير فلا يتبينون حجج الله
{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ}: يقرأون القرآن قراءة تفهم وتفكر
{أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24)}: أم يتلقون القرآن بقلوب مقفلة بالكفر والعناد
{إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ}: ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ: رجعوا إلى الكفر
{مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى}: من بعد ما ظهر لهم الحق بالدلائل الظاهرة
{الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ}: سَوَّلَ لَهُمْ: زين لهم القبيح حتى رأوه حسناً
{وَأَمْلَى لَهُمْ (25)}: غرهم وخدعهم ومد لهم في الأماني والآمال الكاذبة
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ}: لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ: هم اليهود الكارهين لنزول القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حسداً من عند أنفسهم
{سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ}: أي سنطيعكم في بعض أموركم وأحوالكم، وليس في كل الأمور
{وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26)}: أي يعلم كل ما يسرونه ويخفونه عن المسلمين
{فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ}: أي فكيف يكون حال هؤلاء المنافقين عندما يتوفاهم ملك الموت وأعوانه
{يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27)}: الملائكة عنئذ تضرب وجوههم وأقفيتهم إذلالاً لهم
{ذَلِكَ}: أي ذلك الهوان والذل الذي سيلاقونه
{بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ}: هو بسبب كفرهم ومعاصيهم التي تغضب الله
{وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ}: كرهوا ما يرضاه الله لهم من الإيمان والطاعة
{فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28)}: فأبطل أعمالهم وحرمهم من ثوابها
{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29)}: الضغن: الحقد الشديد
{وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ}: أي لو شاء الله لعرّفك بهم يا محمد وأعلمك بحالهم
{فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ}: سِيمَاهُمْ: علاماتهم التي يتميزون بها
{وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ}: أي نبرات أصواتهم
{وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30)}: لا يخفى عليه شيئاً منها
{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ}: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ: لنختبركم بالتكاليف الشاقة
{وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31)}: نختبر أعمالكم فنعلم حسنها من قبحها
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا}: أما الذين كفروا بوجود الله أو أنكروا وحدانيته ونبوة رسوله صلى الله عليه وسلم
{وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}: أي منعوا الناس عن دين الله
{وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى}: شَاقُّوا: خالفوا وعادوا
{لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا}: لن يضروا دين الله ولا منهجه، ولا القائمين على دعوته
{وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (32)}: أي سيبطل كل مكايدهم ومؤامراتهم ضد الإسلام
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33)}:لا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ : أي لا تبطلوا الأعمال الصالحة بالأعمال السيئة
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (34) فَلا تَهِنُوا}: فَلا تَهِنُوا: فلا تضعفوا
{وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ}: وتدعوا إلى السلام والصلح
{وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ}: الفائزون الغالبون
{وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35)}: لَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ: لن ينقصكم شيئاً من ثواب أعمالكم
{إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (36)}: لا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ: أي لا يطلب منكم إخراج أموالكم كلها في سبيل الله
{إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا}: أي إن يسألكم ربكم إنفاق أموالكم كلها
{فَيُحْفِكُمْ}: فيجهدكم بطلب الكل
{تَبْخَلُوا}: بالمال فلا تنفقوه في سبيل الله
{وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ (37)}: أي يظهر أحقادكم لهذا الدين
{هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُواأَمْثَالَكُمْ (38)}:لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ : في البخل بل يستجيبون إلى ما أمرهم الله به من النفقة في سبيل الله، الذي هو سبيل الحق والخير .

البحار الكبير
15 -08- 2011, 08:42 PM
الاخ الكريم ابو عدولي
ترددت في نقل بعض الشروح في معنى (المثاني)
وخوفا من الخطا والزلل
فكرما لو وضحت لنا معنى المثاني حتى تعم الفائدة
وفقك الله ورعاك وإلى الخير سدد خطاك
ولك تقديري واحترامي

أبوعدولي
15 -08- 2011, 08:55 PM
الاخ الكريم ابو عدولي
ترددت في نقل بعض الشروح في معنى (المثاني)
وخوفا من الخطا والزلل
فكرما لو وضحت لنا معنى المثاني حتى تعم الفائدة
وفقك الله ورعاك وإلى الخير سدد خطاك
ولك تقديري واحترامي


أهلاً بك أخي القدير.. البحار الكبير
سأل أحد طلاب العلم سماحة الشيخ بن باز رحمه الله عن السبع المثاني في القرآن الكريم فقال :
السبع المثاني بينها النبي -صلى الله عليه وسلم- هي الفاتحة قال -صلى الله عليه وسلم-: (الفاتحة هي أم القرآن, وهي أفضل سور القرآن) وقال: (إنها السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته). هكذا قال -عليه الصلاة والسلام- كما رواه البخاري في الصحيح, فالسبع المثاني هي الفاتحة: (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) سبع آيات أولها (الحمد لله) وآخرها(غير المغضوب عليهم ولا الضالين). والتسمية ليست منها التسمية مستقلة قبل كل سورة, إلا سورة براءة فإنه لا تسمية قبلها, والبقية كل سورة قبلها بسملة مشروعة مستحبة, ومنها الفاتحة (بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) هذه آية مستقلة, أما الفاتحة فأولها: (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) الثانية: (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) الثالثة: (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) الرابعة: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) الخامسة: (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) السادسة" (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ) السابعة: (غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ). جزاكم الله خيراً.
ولك كل الود والتقدير للمتابعة

ميدوزة الأورليا
15 -08- 2011, 09:00 PM
http://www.youtube.com/watch?v=PcbPCH8KpjY

مثابره
15 -08- 2011, 09:39 PM
جزاكم الله خيرا وجعل ما تقدمون بموازين الحسنات

ضياء القمر
15 -08- 2011, 11:33 PM
ماشاء الله عليك أبو عدولى الله لا يحرمنا منك ومن مواضيعك والله لايحرمك الاجر وجعل كل ما عملت في ميزان حسناتك وشاهدا لك يوم القيامه .

أبوعدولي
16 -08- 2011, 08:44 PM
http://upload.7ozn.com/files17/13135055771.gif

http://upload.arabia4serv.com/images/09jpcc9lnvvfd4s1p1hf.gifhttp://upload.arabia4serv.com/images/09jpcc9lnvvfd4s1p1hf.gif
سبب التسمية :
سُميت ‏بهذا ‏الاسم ‏لأن ‏الله ‏تعالى ‏ذكر ‏فيها ‏زمرة ‏السعداء ‏من ‏آهل ‏الجنة ‏‏،وزمرة ‏الأشقياء ‏من ‏آهل ‏النار، ‏أولئك ‏مع ‏الإجلال ‏والإكرام ‏‏، ‏وهؤلاء ‏مع ‏الهوان ‏والصغار
http://upload.arabia4serv.com/images/09jpcc9lnvvfd4s1p1hf.gifhttp://upload.arabia4serv.com/images/09jpcc9lnvvfd4s1p1hf.gif
التعريف بالسورة :
1) مكية .ماعدا الآيات " 52،53،54" فمدنية .
2) من المثاني .
3) آياتها 75 .
4) ترتيبها التاسعة والثلاثون .
5) نزلت بعد سبأ .
7) الجزء "42" الحزب "46،47" الربع "1،2" .
http://upload.arabia4serv.com/images/09jpcc9lnvvfd4s1p1hf.gifhttp://upload.arabia4serv.com/images/09jpcc9lnvvfd4s1p1hf.gif
محور مواضيع السورة :
سورة الزمر مكية وقد تحدثت عن " عقيدة التوحيد " بالإسهاب حتى لتكاد تكون هى المحور الرئيسي للسورة الكريمة لأنها أصل الإيمان وأساس العقيدة السليمة وأصل كل عمل صالح .
http://upload.arabia4serv.com/images/09jpcc9lnvvfd4s1p1hf.gifhttp://upload.arabia4serv.com/images/09jpcc9lnvvfd4s1p1hf.gif
سبب نزول السورة :
1) قال ابن عباسنزلت في أهل مكة قالوا : يزعم محمد أن من عبد الاوثان وقتل النفس التي حرَّم الله لم يُغْفَر له فكيف نهاجر ونسلم وقد عبدنا مع الله إلها أخر وقتلنا النفس التي حرَّم الله ؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وقال ابن عمر نزلت هذه الآية في عياش بن ربيعة والوليد بن الوليد ونفر من المسلمين كانوا أسلموا ثم فُتِنُوا وعُذِّبوا فافتنوا وكنا نقول لا يقبل الله من هؤلاء صرفا ولا عدلا أبدًا قوم أسلموا ثم تركوا دينهم بعذابٍ عُذِّبوا به! فنزلت هذه الآيات وكان عمر كاتبا فكتبها إلى عياش بن أبي ربيعة والوليد واولئك النفر فأسلموا وهاجروا .
2) عن ابن عباسأن ناسا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا فأكثروا وزنوا فأكثروا ثم أتوا محمد فقالوا : إن الذي تدعوا اليه لحسن أن تخبرنا لما عملناه كفارة ؛ فنزلت هذه الآية ( يَا عِبَاديَ الَّذين أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِم ) رواه البخاري .
3) أخبرنا نافع عن عمر أنه قال : لمَّا اجتمعنا إلى الهجرة انبعثتُ أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص بن وائل فقلنا الميعاد بيننا المناصف ميقات بني غفار فمن حُبِسَ منكم لرآياتها فقد حبس فليمض صاحبه فأصبح عندها أنا وعياش وحُبِسَ عنا هشام وفُتِنَ وافتن فقدمنا المدينة فكنا نقول ما الله بقابل من هؤلاء توبة قوم عرفوا الله ورسوله رجعوا عن ذلك لبلاء أصابهم من الدنيا ؛ فأنزل الله تعالى ( يا عبادي الذين أسرفوا إلى قوله أليس في جهنم مثوى للمتكبرين ) قال عمر : فكتبتها بيدي ثم بعثت بها فقال هشام : فلما قَدِمَت عليَّ خرجت بها إلى ذي طوى فقلت : اللهم فهمنيها فعرفت أنَّها أُنزِلَتْ فينا فرجعت فجلست على بعيري فلحقت رسول الله ، ويروى أن هذه الآية نزلت في وحشي قاتل حمزة رحمة الله عليه ورضوانه وذكرنا ذلك في آخر سورة الفرقان .
4) عن عبد الله قال أتى النبي رجل من أهل الكتاب فقال : يا أبا القاسم بلغك أن الله يحمل الخلائق على إصبع والأرضين على إصبع والشجر على إصبع والثرى على إصبع ؛ فضحك رسول الله حتى بدت نواجذه فأنزل الله تعالى ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ )الآية ومعنى هذا أن الله تعالى يقدر على قبض الأرض وجميع ما فيها من الخلائق والشجر قدرة أحدنا ما يحمله بإصبعه فخوطبنا بما نتخاطب فيما بيننا لنفهم ، ألا ترى أن الله تعالى قال (والأرض جميعا قبضته يوم القيامة ) ؟ أي يقبضها بقدرته
http://upload.arabia4serv.com/images/09jpcc9lnvvfd4s1p1hf.gifhttp://upload.arabia4serv.com/images/09jpcc9lnvvfd4s1p1hf.gif
صوماً مقبولاً وإفطاراً شهياً

مثابره
16 -08- 2011, 09:29 PM
http://www.youtube.com/watch?v=ngdgH8gjj6Y

نسايم ليل
16 -08- 2011, 10:22 PM
قال النسائي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=15397) : حدثنا محمد بن النضر بن مساور ، حدثنا حماد ، عن مروان أبي لبابة ، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم حتى نقول : ما يريد أن يفطر . ويفطر حتى نقول : ما يريد أن يصوم . وكان يقرأ في كل ليلة بني إسرائيل والزمر .

بسم الله الرحمن الرحيم

( تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1611&idto=1636&bk_no=49&ID=1651#docu) ( 1 ) إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1611&idto=1636&bk_no=49&ID=1651#docu) ( 2 ) ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1611&idto=1636&bk_no=49&ID=1651#docu) ( 3 ) لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1611&idto=1636&bk_no=49&ID=1651#docu) ( 4 ) ) .

يخبر تعالى أن تنزيل هذا الكتاب - وهو القرآن العظيم - من عنده ، تبارك وتعالى ، فهو الحق الذي لا مرية فيه ولا شك ، كما قال تعالى : ( وإنه لتنزيل رب العالمين . نزل به الروح الأمين . على قلبك لتكون من المنذرين . بلسان عربي مبين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1611&idto=1636&bk_no=49&ID=1651#docu) ) [ الشعراء : 192 - 195 ] .

وقال : ( وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1611&idto=1636&bk_no=49&ID=1651#docu) ) [ فصلت : 42 ، 41 ] . وقال هاهنا : ( تنزيل الكتاب من الله العزيز (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1611&idto=1636&bk_no=49&ID=1651#docu) ) أي : المنيع الجناب ، ( الحكيم ) أي : في أقواله وأفعاله ، وشرعه ، وقدره .

( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1611&idto=1636&bk_no=49&ID=1651#docu) ) أي : فاعبد الله وحده لا شريك له ، وادع الخلق إلى ذلك ، وأعلمهم أنه لا تصلح العبادة إلا له [ وحده ] ، وأنه ليس له شريك ولا عديل ولا نديد ; ولهذا قال : ( ألا لله الدين الخالص (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1611&idto=1636&bk_no=49&ID=1651#docu) ) أي : لا يقبل من العمل إلا ما أخلص فيه العامل لله ، وحده لا شريك له .

نسايم ليل
16 -08- 2011, 10:23 PM
وقال قتادة في قوله : ( ألا لله الدين الخالص (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1611&idto=1636&bk_no=49&ID=1651#docu) ) شهادة أن لا إله إلا الله . ثم أخبر تعالى عن عباد الأصنام من المشركين أنهم يقولون : ( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1611&idto=1636&bk_no=49&ID=1651#docu) ) أي : إنما يحملهم على عبادتهم لهم أنهم عمدوا إلى أصنام اتخذوها على صور الملائكة المقربين في زعمهم ، فعبدوا تلك الصور تنزيلا لذلك منزلة عبادتهم الملائكة ; ليشفعوا لهم عند الله في [ ص: 85 ] نصرهم ورزقهم ، وما ينوبهم من أمر الدنيا ، فأما المعاد فكانوا جاحدين له كافرين به .

قال قتادة ، والسدي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14468)، ومالك (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16867)عن زيد بن أسلم (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=15944)، وابن زيد : ( إلا ليقربونا إلى الله زلفى (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1611&idto=1636&bk_no=49&ID=1651#docu) ) أي : ليشفعوا لنا ، ويقربونا عنده منزلة .

ولهذا كانوا يقولون في تلبيتهم إذا حجوا في جاهليتهم : " لبيك لا شريك لك ، إلا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك " . وهذه الشبهة هي التي اعتمدها المشركون في قديم الدهر وحديثه ، وجاءتهم الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، بردها والنهي عنها ، والدعوة إلى إفراد العبادة لله وحده لا شريك له ، وأن هذا شيء اخترعه المشركون من عند أنفسهم ، لم يأذن الله فيه ولا رضي به ، بل أبغضه ونهى عنه : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1611&idto=1636&bk_no=49&ID=1651#docu) ) [ النحل : 36 ] ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1611&idto=1636&bk_no=49&ID=1651#docu) ) [ الأنبياء : 25 ] .

وأخبر أن الملائكة التي في السماوات من المقربين وغيرهم ، كلهم عبيد خاضعون لله ، لا يشفعون عنده إلا بإذنه لمن ارتضى ، وليسوا عنده كالأمراء عند ملوكهم ، يشفعون عندهم بغير إذنهم فيما أحبه الملوك وأبوه ، ( فلا تضربوا لله الأمثال (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1611&idto=1636&bk_no=49&ID=1651#docu) ) [ النحل : 74 ] ، تعالى الله عن ذلك .

وقوله : ( إن الله يحكم بينهم (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1611&idto=1636&bk_no=49&ID=1651#docu) ) أي : يوم القيامة ، ( في ما هم فيه يختلفون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1611&idto=1636&bk_no=49&ID=1651#docu) ) أي : سيفصل بين الخلائق يوم معادهم ، ويجزي كل عامل بعمله ، ( ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1611&idto=1636&bk_no=49&ID=1651#docu) ) [ سبأ : 41 ، 40 ] .

وقوله : ( إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1611&idto=1636&bk_no=49&ID=1651#docu) ) أي : لا يرشد إلى الهداية من قصده الكذب والافتراء على الله ، وقلبه كفار يجحد بآياته [ وحججه ] وبراهينه .

ثم بين تعالى أنه لا ولد له كما يزعمه جهلة المشركين في الملائكة ، والمعاندون من اليهود والنصارى في العزير ، وعيسى فقال : ( لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1611&idto=1636&bk_no=49&ID=1651#docu) ) أي : لكان الأمر على خلاف ما يزعمون . وهذا شرط لا يلزم وقوعه ولا جوازه ، بل هو محال ، وإنما قصد تجهيلهم فيما ادعوه وزعموه ، كما قال : ( لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1611&idto=1636&bk_no=49&ID=1651#docu) ) [ الأنبياء : 17 ] ( قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1611&idto=1636&bk_no=49&ID=1651#docu) ) [ الزخرف : 81 ] ، كل هذا من باب الشرط ، ويجوز تعليق الشرط على المستحيل لقصد المتكلم .

وقوله : ( سبحانه هو الله الواحد القهار (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1611&idto=1636&bk_no=49&ID=1651#docu) ) أي : تعالى وتنزه وتقدس عن أن يكون له ولد ، فإنه الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي كل شيء عبد لديه ، فقير إليه ، وهو الغني عما سواه الذي قد قهر الأشياء فدانت له وذلت وخضعت .

نسايم ليل
16 -08- 2011, 10:27 PM
[ ص: 86 ] ( خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ألا هو العزيز الغفار (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ( 5 ) )

( خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ( 6 ) )

يخبر تعالى أنه الخالق لما في السماوات والأرض ، وما بين ذلك من الأشياء ، وأنه مالك الملك المتصرف ، فيه يقلب ليله ونهاره ، ( يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أي : سخرهما يجريان متعاقبين لا يقران ، كل منهما يطلب الآخر طلبا حثيثا ، كقوله : ( يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) [ الأعراف : 54 ] هذا معنى ما روي عن ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والسدي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14468)، وغيرهم .

وقوله : ( وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أي : إلى مدة معلومة عند الله ثم تنقضي يوم القيامة . ( ألا هو العزيز الغفار (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أي : مع عزته وعظمته وكبريائه هو غفار لمن عصاه ثم تاب وأناب إليه .

وقوله : ( خلقكم من نفس واحدة (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أي : خلقكم مع اختلاف أجناسكم وأصنافكم وألسنتكم وألوانكم من نفس واحدة ، وهو آدم - عليه السلام - ( ثم جعل منها زوجها (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) ، وهي حواء ، عليهما السلام ، كقوله : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) [ النساء : 1 ] .

وقوله : ( وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أي : وخلق لكم من ظهور الأنعام ثمانية ، أزواج وهي المذكورة في سورة الأنعام : ( ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) [ الأنعام : 143 ] ، ( ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) [ الأنعام : 144 ] .

وقوله : ( يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أي : قدركم في بطون أمهاتكم ( خلقا من بعد خلق (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أي : يكون أحدكم أولا نطفة ، ثم يكون علقة ، ثم يكون مضغة ، ثم يخلق فيكون لحما وعظما وعصبا وعروقا ، وينفخ فيه الروح فيصير خلقا آخر ، ( فتبارك الله أحسن الخالقين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) [ المؤمنون : 14 ] .

وقوله : ( في ظلمات ثلاث (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) يعني : ظلمة الرحم ، وظلمة المشيمة - التي هي كالغشاوة والوقاية على الولد - وظلمة البطن . كذا قال ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وأبو مالك ، والضحاك ، وقتادة ، والسدي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14468)، وابن زيد [ وغيرهم ] .

وقوله : ( ذلكم الله ربكم (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أي : هذا الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما وخلقكم وخلق آباءكم ، هو الرب له الملك والتصرف في جميع ذلك ، ( لا إله إلا هو (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أي : الذي لا تنبغي [ ص: 87 ] العبادة إلا له وحده ، ( فأنى تصرفون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أي : فكيف تعبدون معه غيره ؟ أين يذهب بعقولكم ؟ ! .

مسألة: الجزء السابع التحليل الموضوعي [ ص: 86 ] ( خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ( 5 ) )

( خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ( 6 ) )

يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ الْخَالِقُ لِمَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاءِ ، وَأَنَّهُ مَالِكُ الْمُلْكِ الْمُتَصَرِّفُ ، فِيهِ يُقَلِّبُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ ، ( يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أَيْ : سَخَّرَهُمَا يَجْرِيَانِ مُتَعَاقِبَيْنَ لَا يَقِرَّانِ ، كُلٌّ مِنْهُمَا يَطْلُبُ الْآخَرَ طَلَبًا حَثِيثًا ، كَقَوْلِهِ : ( يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) [ الْأَعْرَافِ : 54 ] هَذَا مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَمُجَاهِدٍ ، وَقَتَادَةَ ، وَالسُّدِّيِّ (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14468)، وَغَيْرِهِمْ .

وَقَوْلُهُ : ( وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أَيْ : إِلَى مُدَّةِ مَعْلُومَةٍ عِنْدَ اللَّهِ ثُمَّ تَنْقَضِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ . ( أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أَيْ : مَعَ عِزَّتِهِ وَعَظَمَتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ هُوَ غَفَّارٌ لِمَنْ عَصَاهُ ثُمَّ تَابَ وَأَنَابَ إِلَيْهِ .

وَقَوْلُهُ : ( خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أَيْ : خَلَقَكُمْ مَعَ اخْتِلَافِ أَجْنَاسِكُمْ وَأَصْنَافِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ، وَهُوَ آدَمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ( ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) ، وَهِيَ حَوَّاءُ ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ، كَقَوْلِهِ : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) [ النِّسَاءِ : 1 ] .

وَقَوْلُهُ : ( وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أَيْ : وَخَلَقَ لَكُمْ مِنْ ظُهُورِ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ ، أَزْوَاجٍ وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ : ( ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) [ الْأَنْعَامِ : 143 ] ، ( وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) [ الْأَنْعَامِ : 144 ] .

وَقَوْلُهُ : ( يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أَيْ : قَدَّرَكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ ( خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أَيْ : يَكُونُ أَحَدُكُمْ أَوَّلًا نُطْفَةً ، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً ، ثُمَّ يُخْلَقُ فَيَكُونُ لَحْمًا وَعَظْمًا وَعَصَبًا وَعُرُوقًا ، وَيُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ فَيَصِيرُ خَلْقًا آخَرَ ، ( فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) [ الْمُؤْمِنُونَ : 14 ] .

وَقَوْلُهُ : ( فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) يَعْنِي : ظُلْمَةَ الرَّحِمِ ، وَظُلْمَةَ الْمَشِيمَةِ - الَّتِي هِيَ كَالْغِشَاوَةِ وَالْوِقَايَةِ عَلَى الْوَلَدِ - وَظُلْمَةَ الْبَطْنِ . كَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَمُجَاهِدٌ ، وَعِكْرِمَةُ ، وَأَبُو مَالِكٍ ، وَالضَّحَّاكُ ، وَقَتَادَةُ ، وَالسُّدِّيُّ (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14468)، وَابْنُ زَيْدٍ [ وَغَيْرُهُمْ ] .

وَقَوْلُهُ : ( ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أَيْ : هَذَا الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا وَخَلَقَكُمْ وَخَلَقَ آبَاءَكُمْ ، هُوَ الرَّبُّ لَهُ الْمُلْكُ وَالتَّصَرُّفُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ ، ( لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أَيِ : الَّذِي لَا تَنْبَغِي [ ص: 87 ] الْعِبَادَةُ إِلَّا لَهُ وَحْدَهُ ، ( فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أَيْ : فَكَيْفَ تَعْبُدُونَ مَعَهُ غَيْرَهُ ؟ أَيْنَ يُذْهَبُ بِعُقُولِكُمْ ؟ ! .


مسألة: الجزء السابع التحليل الموضوعي [ ص: 86 ] ( خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ألا هو العزيز الغفار (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ( 5 ) )

( خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ( 6 ) )

يخبر تعالى أنه الخالق لما في السماوات والأرض ، وما بين ذلك من الأشياء ، وأنه مالك الملك المتصرف ، فيه يقلب ليله ونهاره ، ( يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أي : سخرهما يجريان متعاقبين لا يقران ، كل منهما يطلب الآخر طلبا حثيثا ، كقوله : ( يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) [ الأعراف : 54 ] هذا معنى ما روي عن ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والسدي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14468)، وغيرهم .

وقوله : ( وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أي : إلى مدة معلومة عند الله ثم تنقضي يوم القيامة . ( ألا هو العزيز الغفار (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أي : مع عزته وعظمته وكبريائه هو غفار لمن عصاه ثم تاب وأناب إليه .

وقوله : ( خلقكم من نفس واحدة (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أي : خلقكم مع اختلاف أجناسكم وأصنافكم وألسنتكم وألوانكم من نفس واحدة ، وهو آدم - عليه السلام - ( ثم جعل منها زوجها (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) ، وهي حواء ، عليهما السلام ، كقوله : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) [ النساء : 1 ] .

وقوله : ( وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أي : وخلق لكم من ظهور الأنعام ثمانية ، أزواج وهي المذكورة في سورة الأنعام : ( ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) [ الأنعام : 143 ] ، ( ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) [ الأنعام : 144 ] .

وقوله : ( يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أي : قدركم في بطون أمهاتكم ( خلقا من بعد خلق (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أي : يكون أحدكم أولا نطفة ، ثم يكون علقة ، ثم يكون مضغة ، ثم يخلق فيكون لحما وعظما وعصبا وعروقا ، وينفخ فيه الروح فيصير خلقا آخر ، ( فتبارك الله أحسن الخالقين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) [ المؤمنون : 14 ] .

وقوله : ( في ظلمات ثلاث (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) يعني : ظلمة الرحم ، وظلمة المشيمة - التي هي كالغشاوة والوقاية على الولد - وظلمة البطن . كذا قال ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وأبو مالك ، والضحاك ، وقتادة ، والسدي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14468)، وابن زيد [ وغيرهم ] .

وقوله : ( ذلكم الله ربكم (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أي : هذا الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما وخلقكم وخلق آباءكم ، هو الرب له الملك والتصرف في جميع ذلك ، ( لا إله إلا هو (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أي : الذي لا تنبغي [ ص: 87 ] العبادة إلا له وحده ، ( فأنى تصرفون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=1#docu) ) أي : فكيف تعبدون معه غيره ؟ أين يذهب بعقولكم ؟ ! .

نسايم ليل
16 -08- 2011, 10:29 PM
( إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ( 7 ) وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ( 8 ) )

يقول تعالى مخبرا عن نفسه تعالى : أنه الغني عما سواه من المخلوقات ، كما قال موسى : ( إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) [ إبراهيم : 8 ] .

وفي صحيح مسلم : " يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم ، كانوا على أفجر قلب رجل منكم ، ما نقص ذلك من ملكي شيئا " .

وقوله ( ولا يرضى لعباده الكفر (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) أي : لا يحبه ولا يأمر به ، ( وإن تشكروا يرضه لكم (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) أي : يحبه منكم ويزدكم من فضله .

( ولا تزر وازرة وزر أخرى (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) أي : لا تحمل نفس عن نفس شيئا ، بل كل مطالب بأمر نفسه ، ( ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) أي : فلا تخفى عليه خافية .

وقوله : ( وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) أي : عند الحاجة يضرع ويستغيث بالله وحده لا شريك له ، كما قال تعالى : ( وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) [ الإسراء : 67 ] . ولهذا قال : ( ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) أي : في حال الرفاهية ينسى ذلك الدعاء والتضرع ، كما قال تعالى : ( وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) [ يونس : 12 ] .

( وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) أي : في حال العافية يشرك بالله ، ويجعل له أندادا . ( قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) أي : قل لمن هذه حاله وطريقته ومسلكه : تمتع بكفرك قليلا . وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد ، كقوله : ( قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) [ إبراهيم : 30 ] ، وقوله : ( نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) [ لقمان : 24 ] .

مسألة: التحليل الموضوعي ( إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ( 7 ) وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ( 8 ) )

يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ نَفْسِهِ تَعَالَى : أَنَّهُ الْغَنِيُّ عَمَّا سِوَاهُ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ ، كَمَا قَالَ مُوسَى : ( إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) [ إِبْرَاهِيمَ : 8 ] .

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ : " يَا عِبَادِي ، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ ، كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ مِنْكُمْ ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا " .

وَقَوْلُهُ ( وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) أَيْ : لَا يُحِبُّهُ وَلَا يَأْمُرُ بِهِ ، ( وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) أَيْ : يُحِبُّهُ مِنْكُمْ وَيَزِدْكُمْ مِنْ فَضْلِهِ .

( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) أَيْ : لَا تَحْمِلُ نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا ، بَلْ كُلٌّ مُطَالَبٌ بِأَمْرِ نَفْسِهِ ، ( ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) أَيْ : فَلَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ .

وَقَوْلُهُ : ( وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) أَيْ : عِنْدَ الْحَاجَةِ يَضْرَعُ وَيَسْتَغِيثُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) [ الْإِسْرَاءِ : 67 ] . وَلِهَذَا قَالَ : ( ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) أَيْ : فِي حَالِ الرَّفَاهِيَةِ يَنْسَى ذَلِكَ الدُّعَاءَ وَالتَّضَرُّعَ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) [ يُونُسَ : 12 ] .

( وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) أَيْ : فِي حَالِ الْعَافِيَةِ يُشْرِكُ بِاللَّهِ ، وَيَجْعَلُ لَهُ أَنْدَادًا . ( قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) أَيْ : قُلْ لِمَنْ هَذِهِ حَالُهُ وَطَرِيقَتُهُ وَمَسْلَكُهُ : تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا . وَهَذَا تَهْدِيدٌ شَدِيدٌ وَوَعِيدٌ أَكِيدٌ ، كَقَوْلِهِ : ( قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) [ إِبْرَاهِيمَ : 30 ] ، وَقَوْلُهُ : ( نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) [ لُقْمَانَ : 24 ] .


مسألة: التحليل الموضوعي ( إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ( 7 ) وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ( 8 ) )

يقول تعالى مخبرا عن نفسه تعالى : أنه الغني عما سواه من المخلوقات ، كما قال موسى : ( إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) [ إبراهيم : 8 ] .

وفي صحيح مسلم : " يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم ، كانوا على أفجر قلب رجل منكم ، ما نقص ذلك من ملكي شيئا " .

وقوله ( ولا يرضى لعباده الكفر (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) أي : لا يحبه ولا يأمر به ، ( وإن تشكروا يرضه لكم (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) أي : يحبه منكم ويزدكم من فضله .

( ولا تزر وازرة وزر أخرى (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) أي : لا تحمل نفس عن نفس شيئا ، بل كل مطالب بأمر نفسه ، ( ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) أي : فلا تخفى عليه خافية .

وقوله : ( وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) أي : عند الحاجة يضرع ويستغيث بالله وحده لا شريك له ، كما قال تعالى : ( وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) [ الإسراء : 67 ] . ولهذا قال : ( ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) أي : في حال الرفاهية ينسى ذلك الدعاء والتضرع ، كما قال تعالى : ( وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) [ يونس : 12 ] .

( وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) أي : في حال العافية يشرك بالله ، ويجعل له أندادا . ( قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) أي : قل لمن هذه حاله وطريقته ومسلكه : تمتع بكفرك قليلا . وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد ، كقوله : ( قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) [ إبراهيم : 30 ] ، وقوله : ( نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=2#docu) ) [ لقمان : 24 ] .

نسايم ليل
16 -08- 2011, 10:31 PM
[ ص: 88 ] ( أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=3#docu) ( 9 ) )

يقول تعالى : أمن هذه صفته كمن أشرك بالله وجعل له أندادا ؟ لا يستوون عند الله ، كما قال تعالى : ( ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=3#docu) ) [ آل عمران : 113 ] ، وقال هاهنا : ( أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=3#docu) ) أي : في حال سجوده وفي حال قيامه ; ولهذا استدل بهذه الآية من ذهب إلى أن القنوت هو الخشوع في الصلاة ، ليس هو القيام وحده كما ، ذهب إليه آخرون .

قال الثوري ، عن فراس ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن ابن مسعود أنه قال : القانت المطيع لله ولرسوله .

وقال ابن عباس ، والحسن ، والسدي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14468)، وابن زيد : ( آناء الليل (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=3#docu) ) : جوف الليل . وقال الثوري ، عن منصور : بلغنا أن ذلك بين المغرب والعشاء .

وقال الحسن ، وقتادة : ( آناء الليل (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=3#docu) ) : أوله وأوسطه وآخره .

وقوله : ( يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=3#docu) ) أي : في حال عبادته خائف راج ، ولا بد في العبادة من هذا وهذا ، وأن يكون الخوف في مدة الحياة هو الغالب ; ولهذا قال : ( يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=3#docu) ) ، فإذا كان عند الاحتضار فليكن الرجاء هو الغالب عليه ، كما قال الإمام عبد بن حميد في مسنده .

حدثنا يحيى بن عبد الحميد ، حدثنا جعفر بن سليمان ، حدثنا ثابت عن أنس قال : دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رجل وهو في الموت ، فقال له : " كيف تجدك ؟ " قال : أرجو وأخاف . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله - عز وجل - الذي يرجو ، وأمنه الذي يخافه " .

ورواه الترمذي والنسائي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=15397)في " اليوم والليلة " ، وابن ماجه (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13478)، من حديث سيار بن حاتم ، عن جعفر بن سليمان ، به . وقال الترمذي : " غريب . وقد رواه بعضهم عن ثابت ، عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلا " .

وقال ابن أبي حاتم ، حدثنا عمر بن شبة ، عن عبيدة النميري ، حدثنا أبو خلف عبد الله بن عيسى الخزاز ، حدثنا يحيى البكاء ، أنه سمع ابن عمر قرأ : ( أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=3#docu) ) ; قال ابن عمر : ذاك عثمان بن عفان (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=7)، رضي الله عنه .

وإنما قال ابن عمر ذلك ; لكثرة صلاة أمير المؤمنين عثمان بالليل وقراءته ، حتى إنه ربما قرأ القرآن في ركعة ، كما روى ذلك أبو عبيدة عنه - رضي الله عنه - وقال الشاعر .

[ ص: 89 ]



ضحوا بأشمط عنوان السجود به يقطع الليل تسبيحا وقرآنا


وقال الإمام أحمد (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12251) : كتب إلي الربيع بن نافع : حدثنا الهيثم بن حميد ، عن زيد بن واقد ، عن سليمان بن موسى (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16047)، عن كثير بن مرة ، عن تميم الداري (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=155)قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من قرأ بمائة آية في ليلة كتب له قنوت ليلة " .

وكذا رواه النسائي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=15397)في " اليوم والليلة " عن إبراهيم بن يعقوب ، عن عبد الله بن يوسف والربيع بن نافع ، كلاهما عن الهيثم بن حميد ، به .

وقوله : ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=3#docu) ) أي : هل يستوي هذا والذي قبله ممن جعل لله أندادا ليضل عن سبيله ؟ ! ( إنما يتذكر أولو الألباب (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=3#docu) ) أي : إنما يعلم الفرق بين هذا وهذا من له لب وهو العقل .

نسايم ليل
16 -08- 2011, 10:32 PM
( قل ياعبادي الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ( 10 ) )

( قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ( 11 ) وأمرت لأن أكون أول المسلمين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ( 12 ) ) .

يقول تعالى آمرا عباده المؤمنين بالاستمرار على طاعته وتقواه ( قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ) أي : لمن أحسن العمل في هذه الدنيا حسنة في دنياهم وأخراهم .

وقوله : ( وأرض الله واسعة (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ) قال مجاهد : فهاجروا فيها ، وجاهدوا ، واعتزلوا الأوثان .

وقال شريك ، عن منصور ، عن عطاء في قوله : ( وأرض الله واسعة (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ) قال : إذا دعيتم إلى المعصية فاهربوا ، ثم قرأ : ( ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ) [ النساء : 97 ] .

وقوله : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ) قال الأوزاعي : ليس يوزن لهم ولا يكال ، إنما يغرف لهم غرفا .

وقال ابن جريج (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13036) : بلغني أنه لا يحسب عليهم ثواب عملهم قط ، ولكن يزادون على ذلك .

وقال السدي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14468) : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ) يعني : في الجنة .

وقوله : ( قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ) أي : إنما أمرت بإخلاص العبادة لله وحده لا شريك له ، .

( وأمرت لأن أكون أول المسلمين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ) قال السدي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14468) : يعني من أمته - صلى الله عليه وسلم - .

مسألة: التحليل الموضوعي ( قُلْ يَاعِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ( 10 ) )

( قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ( 11 ) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ( 12 ) ) .

يَقُولُ تَعَالَى آمِرًا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالِاسْتِمْرَارِ عَلَى طَاعَتِهِ وَتَقْوَاهُ ( قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ) أَيْ : لِمَنْ أَحَسَنَ الْعَمَلَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ فِي دُنْيَاهُمْ وَأُخْرَاهُمْ .

وَقَوْلُهُ : ( وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ) قَالَ مُجَاهِدٌ : فَهَاجِرُوا فِيهَا ، وَجَاهِدُوا ، وَاعْتَزِلُوا الْأَوْثَانَ .

وَقَالَ شَرِيكٌ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ عَطَاءٍ فِي قَوْلِهِ : ( وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ) قَالَ : إِذَا دُعِيتُمْ إِلَى الْمَعْصِيَةِ فَاهْرُبُوا ، ثُمَّ قَرَأَ : ( أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ) [ النِّسَاءِ : 97 ] .

وَقَوْلُهُ : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ) قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ : لَيْسَ يُوزَنُ لَهُمْ وَلَا يُكَالُ ، إِنَّمَا يُغْرَفُ لَهُمْ غَرْفًا .

وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13036) : بَلَغَنِي أَنَّهُ لَا يَحْسِبُ عَلَيْهِمْ ثَوَابَ عَمَلِهِمْ قَطُّ ، وَلَكِنَّ يُزَادُونَ عَلَى ذَلِكَ .

وَقَالَ السُّدِّيُّ (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14468) : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ) يَعْنِي : فِي الْجَنَّةِ .

وَقَوْلُهُ : ( قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ) أَيْ : إِنَّمَا أُمِرْتُ بِإِخْلَاصِ الْعِبَادَةِ لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، .

( وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ) قَالَ السُّدِّيُّ (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14468) : يَعْنِي مِنْ أُمَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .


مسألة: التحليل الموضوعي ( قل ياعبادي الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ( 10 ) )

( قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ( 11 ) وأمرت لأن أكون أول المسلمين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ( 12 ) ) .

يقول تعالى آمرا عباده المؤمنين بالاستمرار على طاعته وتقواه ( قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ) أي : لمن أحسن العمل في هذه الدنيا حسنة في دنياهم وأخراهم .

وقوله : ( وأرض الله واسعة (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ) قال مجاهد : فهاجروا فيها ، وجاهدوا ، واعتزلوا الأوثان .

وقال شريك ، عن منصور ، عن عطاء في قوله : ( وأرض الله واسعة (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ) قال : إذا دعيتم إلى المعصية فاهربوا ، ثم قرأ : ( ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ) [ النساء : 97 ] .

وقوله : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ) قال الأوزاعي : ليس يوزن لهم ولا يكال ، إنما يغرف لهم غرفا .

وقال ابن جريج (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13036) : بلغني أنه لا يحسب عليهم ثواب عملهم قط ، ولكن يزادون على ذلك .

وقال السدي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14468) : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ) يعني : في الجنة .

وقوله : ( قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ) أي : إنما أمرت بإخلاص العبادة لله وحده لا شريك له ، .

( وأمرت لأن أكون أول المسلمين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=4#docu) ) قال السدي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14468) : يعني من أمته - صلى الله عليه وسلم - .

نسايم ليل
16 -08- 2011, 10:33 PM
[ ص: 90 ] ( قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=5#docu) ( 13 ) قل الله أعبد مخلصا له ديني (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=5#docu) ( 14 ) فاعبدوا ما شئتم من دونه قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=5#docu) ( 15 ) لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده يا عباد فاتقون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=5#docu) ( 16 ) ) .

يقول تعالى : قل يا محمد وأنت رسول الله : ( إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=5#docu) ) ، وهو يوم القيامة . وهذا شرط ، ومعناه التعريض بغيره بطريق الأولى والأحرى ، ( قل الله أعبد مخلصا له ديني فاعبدوا ما شئتم من دونه (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=5#docu) ) وهذا أيضا تهديد وتبر منهم ، ( قل إن الخاسرين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=5#docu) ) أي : إنما الخاسرون كل الخسران ( الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=5#docu) ) أي : تفارقوا فلا التقاء لهم أبدا ، سواء ذهب أهلوهم إلى الجنة وقد ذهبوا هم إلى النار ، أو أن الجميع أسكنوا النار ، ولكن لا اجتماع لهم ولا سرور ، ( ذلك هو الخسران المبين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=5#docu) ) أي : هذا هو الخسار البين الظاهر الواضح .

ثم وصف حالهم في النار فقال : ( لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=5#docu) ) كما قال : ( لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=5#docu) ) [ الأعراف : 41 ] ، وقال : ( يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=5#docu) ) [ العنكبوت : 55 ] .

وقوله : ( ذلك يخوف الله به عباده (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=5#docu) ) أي : إنما يقص خبر هذا الكائن لا محالة ليخوف به عباده ، لينزجروا عن المحارم والمآثم .

وقوله : ( يا عباد فاتقون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=5#docu) ) أي : اخشوا بأسي وسطوتي ، وعذابي ونقمتي .

نسايم ليل
16 -08- 2011, 10:35 PM
( والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عبادي (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=6#docu) ( 17 ) الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=6#docu) ( 18 ) )

قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه : ( والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=6#docu) ) نزلت في زيد بن عمرو بن نفيل ، وأبي ذر ، وسلمان الفارسي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=23) .

والصحيح أنها شاملة لهم ولغيرهم ، ممن اجتنب عبادة الأوثان ، وأناب إلى عبادة الرحمن . فهؤلاء هم الذين لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة .

ثم قال : ( فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=6#docu) ) أي : يفهمونه ويعملون بما فيه ، كقوله تعالى لموسى حين آتاه التوراة : ( فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=6#docu) ) [ الأعراف : 145 ] .

( أولئك الذين هداهم الله (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=6#docu) ) أي : المتصفون بهذه الصفة هم الذين هداهم الله في الدنيا والآخرة ، أي : ذوو العقول الصحيحة ، والفطر المستقيمة .

نسايم ليل
16 -08- 2011, 10:35 PM
[ ص: 91 ] ( أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=7#docu) ( 19 ) لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=7#docu) ( 20 ) ) .

يقول تعالى : أفمن كتب الله أنه شقي تقدر تنقذه مما هو فيه من الضلال والهلاك ؟ أي : لا يهديه أحد من بعد الله ; لأنه من يضلل الله فلا هادي له ، ومن يهده فلا مضل له .

ثم أخبر عن عباده السعداء أنهم لهم غرف في الجنة ، وهي القصور الشاهقة ( من فوقها غرف مبنية (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=7#docu) ) ، أي : طباق فوق طباق ، مبنيات محكمات مزخرفات عاليات .

قال عبد الله بن الإمام أحمد (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16408) : حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14392)، حدثنا محمد بن فضيل (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=17011)، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن النعمان بن سعد ، عن علي ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن في الجنة لغرفا يرى بطونها من ظهورها ، وظهورها من بطونها " فقال أعرابي : لمن هي يا رسول الله ؟ قال : " لمن أطاب الكلام ، وأطعم الطعام ، وصلى لله بالليل والناس نيام " .

ورواه الترمذي من حديث عبد الرحمن بن إسحاق ، وقال : " حسن غريب ، وقد تكلم بعض أهل العلم فيه من قبل حفظه " .

وقال الإمام أحمد (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12251) : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن يحيى بن أبي كثير (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=17298)، عن ابن معانق - أو : أبي معانق - عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن في الجنة لغرفة يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، أعدها الله لمن أطعم الطعام ، وألان الكلام ، وتابع الصيام ، وصلى والناس نيام " .

تفرد به أحمد من حديث عبد الله بن معانق الأشعري ، عن أبي مالك ، به .

وقال الإمام أحمد (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12251) : حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن أهل الجنة ليتراءون الغرفة في الجنة كما تراءون الكوكب في السماء " . قال : فحدثت بذلك النعمان بن أبي عياش ، فقال : سمعت أبا سعيد الخدري يقول : " كما تراءون الكوكب الدري في الأفق الشرقي أو الغربي " .

أخرجاه في الصحيحين ، من حديث أبي حازم ، وأخرجاه أيضا في الصحيحين من حديث مالك ، عن صفوان بن سليم ، عن عطاء بن يسار (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16572)، عن أبي سعيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

وقال الإمام أحمد (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12251) : حدثنا فزارة ، أخبرني فليح ، عن هلال بن علي ، عن عطاء بن يسار (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16572)، عن أبي هريرة (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=3)، رضي الله عنه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن أهل الجنة ليتراءون في الجنة أهل الغرف ، كما تراءون الكوكب الدري الغارب في الأفق الطالع ، في تفاضل أهل الدرجات " . فقالوا : يا رسول الله ، أولئك النبيون ؟ فقال : " بلى ، والذي نفسي بيده ، وأقوام آمنوا بالله وصدقوا الرسل " .

[ ص: 92 ]

ورواه الترمذي عن سويد ، عن ابن المبارك عن فليح به وقال : حسن صحيح .

وقال الإمام أحمد (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12251) : حدثنا أبو النضر وأبو كامل (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12547)قالا حدثنا زهير ، حدثنا سعد الطائي ، حدثنا أبو المدلة - مولى أم المؤمنين - أنه سمع أبا هريرة (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=3)يقول : قلنا : يا رسول الله ، إنا إذا رأيناك رقت قلوبنا ، وكنا من أهل الآخرة ، فإذا فارقناك أعجبتنا الدنيا وشممنا النساء والأولاد . قال : " لو أنكم تكونون على كل حال على الحال التي أنتم عليها عندي ، لصافحتكم الملائكة بأكفهم ، ولزارتكم في بيوتكم . ولو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون كي يغفر لهم " قلنا : يا رسول الله ، حدثنا عن الجنة ، ما بناؤها ؟ قال : " لبنة ذهب ولبنة فضة ، وملاطها المسك الأذفر ، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت ، وترابها الزعفران ، من يدخلها ينعم ولا يبأس ، ويخلد ولا يموت ، لا تبلى ثيابه ، ولا يفنى شبابه . ثلاثة لا ترد دعوتهم : الإمام العادل ، والصائم حتى يفطر ، ودعوة المظلوم تحمل على الغمام ، وتفتح لها أبواب السماوات ، ويقول الرب : وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين " .

وروى الترمذي ، وابن ماجه (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13478)بعضه ، من حديث سعد أبي مجاهد الطائي - وكان ثقة - عن أبي المدلة - وكان ثقة - به .

وقوله : ( تجري من تحتها الأنهار (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=7#docu) ) أي : تسلك الأنهار بين خلال ذلك ، كما يشاءوا وأين أرادوا ، ( وعد الله ) أي : هذا الذي ذكرناه وعد وعده الله عباده المؤمنين ( إن الله لا يخلف الميعاد (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=7#docu) )

نسايم ليل
16 -08- 2011, 10:37 PM
( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ( 21 ) )

( أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ( 22 ) ) .

يخبر تعالى : أن أصل الماء في الأرض من السماء كما قال تعالى : ( وأنزلنا من السماء ماء طهورا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) [ الفرقان : 48 ] ، فإذا أنزل الماء من السماء كمن في الأرض ، ثم يصرفه تعالى في أجزاء الأرض كما يشاء ، وينبعه عيونا ما بين صغار وكبار ، بحسب الحاجة إليها ; ولهذا قال : ( فسلكه ينابيع في الأرض (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) .

قال ابن أبي حاتم - رحمه الله - : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا أبو قتيبة عتبة بن يقظان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله تعالى : ( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) ، قال : ليس في الأرض ماء إلا نزل من السماء ، ولكن عروق في الأرض [ ص: 93 ] تغيره ، فذلك قوله تعالى : ( فسلكه ينابيع في الأرض (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) ، فمن سره أن يعود الملح عذبا فليصعده .

وكذا قال سعيد بن جبير ، وعامر الشعبي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14577) : أن كل ماء في الأرض فأصله من السماء .

وقال سعيد بن جبير : أصله من الثلج يعني : أن الثلج يتراكم على الجبال ، فيسكن في قرارها ، فتنبع العيون من أسافلها .

وقوله : ( ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) أي : ثم يخرج بالماء النازل من السماء والنابع من الأرض زرعا ( مختلفا ألوانه (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) أي : أشكاله وطعومه وروائحه ومنافعه ، ( ثم يهيج (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) أي : بعد نضارته وشبابه يكتهل ( فتراه مصفرا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) ، قد خالطه اليبس ، ( ثم يجعله حطاما (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) أي : ثم يعود يابسا يتحطم ، ( إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) أي : الذين يتذكرون بهذا فيعتبرون إلى أن الدنيا هكذا ، تكون خضرة نضرة حسناء ، ثم تعود عجوزا شوهاء ، والشاب يعود شيخا هرما كبيرا ضعيفا [ قد خالطه اليبس ] ، وبعد ذلك كله الموت . فالسعيد من كان حاله بعده إلى خير ، وكثيرا ما يضرب الله تعالى مثل الحياة الدنيا بما ينزل الله من السماء من ماء ، وينبت به زروعا وثمارا ، ثم يكون بعد ذلك حطاما ، كما قال تعالى : ( واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) [ الكهف : 45 ] .

وقوله : ( أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) أي : هل يستوي هذا ومن هو قاسي القلب بعيد من الحق ؟ ! كقوله تعالى : ( أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) [ الأنعام : 122 ] ; ولهذا قال : ( فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) أي : فلا تلين عند ذكره ، ولا تخشع ولا تعي ولا تفهم ، ( أولئك في ضلال مبين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) )

مسألة: الجزء السابع التحليل الموضوعي ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ( 21 ) )

( أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ( 22 ) ) .

يُخْبِرُ تَعَالَى : أَنَّ أَصْلَ الْمَاءِ فِي الْأَرْضِ مِنَ السَّمَاءِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) [ الْفُرْقَانِ : 48 ] ، فَإِذَا أَنْزَلَ الْمَاءَ مِنَ السَّمَاءِ كَمَنَ فِي الْأَرْضِ ، ثُمَّ يَصْرِفُهُ تَعَالَى فِي أَجْزَاءِ الْأَرْضِ كَمَا يَشَاءُ ، وَيُنْبِعُهُ عُيُونًا مَا بَيْنَ صِغَارٍ وَكِبَارٍ ، بِحَسْبِ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا ; وَلِهَذَا قَالَ : ( فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) .

قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ عُتْبَةُ بْنُ يَقْظَانَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) ، قَالَ : لَيْسَ فِي الْأَرْضِ مَاءٌ إِلَّا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ ، وَلَكِنْ عُرُوقٌ فِي الْأَرْضِ [ ص: 93 ] تُغَيِّرُهُ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : ( فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) ، فَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يَعُودَ الْمِلْحُ عَذْبًا فَلْيُصَعِّدْهُ .

وَكَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، وَعَامِرٌ الشَّعْبِيُّ (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14577) : أَنَّ كُلَّ مَاءٍ فِي الْأَرْضِ فَأَصْلُهُ مِنَ السَّمَاءِ .

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : أَصْلُهُ مِنَ الثَّلْجِ يَعْنِي : أَنَّ الثَّلْجَ يَتَرَاكَمُ عَلَى الْجِبَالِ ، فَيَسْكُنُ فِي قَرَارِهَا ، فَتَنْبُعُ الْعُيُونُ مِنْ أَسَافِلِهَا .

وَقَوْلُهُ : ( ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) أَيْ : ثُمَّ يُخْرِجُ بِالْمَاءِ النَّازِلِ مِنَ السَّمَاءِ وَالنَّابِعِ مِنَ الْأَرْضِ زَرْعًا ( مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) أَيْ : أَشْكَالُهُ وَطُعُومُهُ وَرَوَائِحُهُ وَمَنَافِعُهُ ، ( ثُمَّ يَهِيجُ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) أَيْ : بَعْدَ نَضَارَتِهِ وَشَبَابِهِ يَكْتَهِلُ ( فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) ، قَدْ خَالَطَهُ الْيُبْسُ ، ( ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) أَيْ : ثُمَّ يَعُودُ يَابِسًا يَتَحَطَّمُ ، ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) أَيِ : الَّذِينَ يَتَذَكَّرُونَ بِهَذَا فَيَعْتَبِرُونَ إِلَى أَنَّ الدُّنْيَا هَكَذَا ، تَكُونُ خَضِرَةً نَضِرَةً حَسْنَاءَ ، ثُمَّ تَعُودُ عَجُوزًا شَوْهَاءَ ، وَالشَّابُّ يَعُودُ شَيْخًا هَرِمًا كَبِيرًا ضَعِيفًا [ قَدْ خَالَطَهُ الْيُبْسُ ] ، وَبَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ الْمَوْتُ . فَالسَّعِيدُ مَنْ كَانَ حَالُهُ بَعْدَهُ إِلَى خَيْرٍ ، وَكَثِيرًا مَا يَضْرِبُ اللَّهُ تَعَالَى مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا بِمَا يُنَزِّلُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ ، وَيُنْبِتُ بِهِ زُرُوعًا وَثِمَارًا ، ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ حُطَامًا ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) [ الْكَهْفِ : 45 ] .

وَقَوْلُهُ : ( أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) أَيْ : هَلْ يَسْتَوِي هَذَا وَمَنْ هُوَ قَاسِي الْقَلْبِ بِعِيدٌ مِنَ الْحَقِّ ؟ ! كَقَوْلِهِ تَعَالَى : ( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) [ الْأَنْعَامِ : 122 ] ; وَلِهَذَا قَالَ : ( فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) أَيْ : فَلَا تَلِينُ عِنْدَ ذِكْرِهِ ، وَلَا تَخْشَعُ وَلَا تَعِي وَلَا تَفْهَمُ ، ( أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) )


مسألة: الجزء السابع التحليل الموضوعي ( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ( 21 ) )

( أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ( 22 ) ) .

يخبر تعالى : أن أصل الماء في الأرض من السماء كما قال تعالى : ( وأنزلنا من السماء ماء طهورا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) [ الفرقان : 48 ] ، فإذا أنزل الماء من السماء كمن في الأرض ، ثم يصرفه تعالى في أجزاء الأرض كما يشاء ، وينبعه عيونا ما بين صغار وكبار ، بحسب الحاجة إليها ; ولهذا قال : ( فسلكه ينابيع في الأرض (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) .

قال ابن أبي حاتم - رحمه الله - : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا أبو قتيبة عتبة بن يقظان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله تعالى : ( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) ، قال : ليس في الأرض ماء إلا نزل من السماء ، ولكن عروق في الأرض [ ص: 93 ] تغيره ، فذلك قوله تعالى : ( فسلكه ينابيع في الأرض (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) ، فمن سره أن يعود الملح عذبا فليصعده .

وكذا قال سعيد بن جبير ، وعامر الشعبي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14577) : أن كل ماء في الأرض فأصله من السماء .

وقال سعيد بن جبير : أصله من الثلج يعني : أن الثلج يتراكم على الجبال ، فيسكن في قرارها ، فتنبع العيون من أسافلها .

وقوله : ( ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) أي : ثم يخرج بالماء النازل من السماء والنابع من الأرض زرعا ( مختلفا ألوانه (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) أي : أشكاله وطعومه وروائحه ومنافعه ، ( ثم يهيج (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) أي : بعد نضارته وشبابه يكتهل ( فتراه مصفرا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) ، قد خالطه اليبس ، ( ثم يجعله حطاما (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) أي : ثم يعود يابسا يتحطم ، ( إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) أي : الذين يتذكرون بهذا فيعتبرون إلى أن الدنيا هكذا ، تكون خضرة نضرة حسناء ، ثم تعود عجوزا شوهاء ، والشاب يعود شيخا هرما كبيرا ضعيفا [ قد خالطه اليبس ] ، وبعد ذلك كله الموت . فالسعيد من كان حاله بعده إلى خير ، وكثيرا ما يضرب الله تعالى مثل الحياة الدنيا بما ينزل الله من السماء من ماء ، وينبت به زروعا وثمارا ، ثم يكون بعد ذلك حطاما ، كما قال تعالى : ( واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) [ الكهف : 45 ] .

وقوله : ( أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) أي : هل يستوي هذا ومن هو قاسي القلب بعيد من الحق ؟ ! كقوله تعالى : ( أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) [ الأنعام : 122 ] ; ولهذا قال : ( فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) ) أي : فلا تلين عند ذكره ، ولا تخشع ولا تعي ولا تفهم ، ( أولئك في ضلال مبين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=8#docu) )

نسايم ليل
16 -08- 2011, 10:40 PM
( الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=9#docu) ( 23 ) )

هذا مدح من الله - عز وجل - لكتابه القرآن العظيم المنزل على رسوله الكريم ، قال الله تعالى : ( الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=9#docu) ) قال مجاهد : يعني القرآن كله متشابه مثاني .

وقال قتادة : الآية تشبه الآية ، والحرف يشبه الحرف .

وقال الضحاك : ( مثاني ) ترديد القول ليفهموا عن ربهم - عز وجل - .

وقال عكرمة ، والحسن : ثنى الله فيه القضاء - زاد الحسن : تكون السورة فيها آية ، وفي السورة الأخرى آية تشبهها .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ( مثاني ) مردد ، ردد موسى في القرآن ، وصالح وهود [ ص: 94 ] والأنبياء ، عليهم السلام ، في أمكنة كثيرة .

وقال سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( مثاني ) قال : القرآن يشبه بعضه بعضا ، ويرد بعضه على بعض .

وقال بعض العلماء : ويروى عن سفيان بن عيينة معنى قوله : ( متشابها مثاني (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=9#docu) ) أن سياقات القرآن تارة تكون في معنى واحد ، فهذا من المتشابه ، وتارة تكون بذكر الشيء وضده ، كذكر المؤمنين ثم الكافرين ، وكصفة الجنة ثم صفة النار ، وما أشبه هذا ، فهذا من المثاني ، كقوله تعالى : ( إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=9#docu) ) [ الانفطار : 14 ، 13 ] ، وكقوله ( كلا إن كتاب الفجار لفي سجين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=9#docu) ) [ المطففين : 7 ] ، إلى أن قال : ( كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=9#docu) ) [ المطففين : 18 ] ، ( هذا ذكر وإن للمتقين لحسن مآب (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=9#docu) ) [ ص : 49 ] ، إلى أن قال : ( هذا وإن للطاغين لشر مآب (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=9#docu) ) [ ص : 55 ] ، ونحو هذا من السياقات فهذا كله من المثاني ، أي : في معنيين اثنين ، وأما إذا كان السياق كله في معنى واحد يشبه بعضه بعضا ، فهو المتشابه وليس هذا من المتشابه المذكور في قوله : ( منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=9#docu) ) [ آل عمران : 7 ] ، ذاك معنى آخر .

وقوله : ( تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=9#docu) ) أي هذه صفة الأبرار ، عند سماع كلام الجبار ، المهيمن العزيز الغفار ، لما يفهمون منه من الوعد والوعيد . والتخويف والتهديد ، تقشعر منه جلودهم من الخشية والخوف ، ( ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=9#docu) ) لما يرجون ويؤملون من رحمته ولطفه ، فهم مخالفون لغيرهم من الكفار من وجوه :

أحدها : أن سماع هؤلاء هو تلاوة الآيات ، وسماع أولئك نغمات لأبيات ، من أصوات القينات .

الثاني : أنهم إذا تليت عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا ، بأدب وخشية ، ورجاء ومحبة ، وفهم وعلم ، كما قال : ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=9#docu) ) [ الأنفال : 2 - 4 ] وقال تعالى : ( والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=9#docu) ) [ الفرقان : 73 ] أي : لم يكونوا عند سماعها متشاغلين لاهين عنها ، بل مصغين إليها ، فاهمين بصيرين بمعانيها ; فلهذا إنما يعملون بها ، ويسجدون عندها عن بصيرة لا عن جهل ومتابعة لغيرهم [ أي يرون غيرهم قد سجد فيسجدون تبعا له ] . .

الثالث : أنهم يلزمون الأدب عند سماعها ، كما كان الصحابة ، رضي الله عنهم عند سماعهم كلام الله من تلاوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تقشعر جلودهم ، ثم تلين مع قلوبهم إلى ذكر الله . لم يكونوا يتصارخون ولا يتكلفون ما ليس فيهم ، بل عندهم من الثبات والسكون والأدب والخشية ما لا يلحقهم أحد في ذلك ; ولهذا فازوا بالقدح المعلى في الدنيا والآخرة .

قال عبد الرزاق : حدثنا معمر قال : تلا قتادة ، رحمه الله : ( تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=9#docu) ) [ ص: 95 ] قال : هذا نعت أولياء الله ، نعتهم الله بأن تقشعر جلودهم ، وتبكي أعينهم ، وتطمئن قلوبهم إلى ذكر الله ، ولم ينعتهم بذهاب عقولهم والغشيان عليهم ، إنما هذا في أهل البدع ، وهذا من الشيطان .

وقال السدي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14468) : ( ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=9#docu) ) أي : إلى وعد الله . وقوله : ( ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=9#docu) ) أي : هذه صفة من هداه الله ، ومن كان على خلاف ذلك فهو ممن أضله الله ، ( ومن يضلل الله فما له من هاد (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=9#docu) ) [ الرعد : 33 ] .

نسايم ليل
16 -08- 2011, 10:41 PM
( أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=10#docu) ( 24 ) كذب الذين من قبلهم فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=10#docu) ( 25 ) فأذاقهم الله الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=10#docu) ( 26 ) ) .

يقول تعالى : ( أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=10#docu) ) ، ويقرع فيقال له ولأمثاله من الظالمين : ( ذوقوا ما كنتم تكسبون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=10#docu) ) ، كمن يأتي آمنا يوم القيامة ؟ ! كما قال تعالى : ( أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=10#docu) ) [ الملك : 22 ] ، وقال : ( يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=10#docu) ) [ القمر : 48 ] ، وقال [ تعالى ] ( أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=10#docu) ) [ فصلت : 40 ] ، واكتفى في هذه الآية بأحد القسمين عن الآخر ، كقول الشاعر .



فما أدري إذا يممت أرضا أريد الخير : أيهما يليني ؟


يعني : الخير أو الشر .

وقوله : ( كذب الذين من قبلهم فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=10#docu) ) يعني : القرون الماضية المكذبة للرسل ، أهلكهم الله بذنوبهم ، وما كان لهم من الله من واق .

وقوله : ( فأذاقهم الله الخزي في الحياة الدنيا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=10#docu) ) أي : بما أنزل بهم من العذاب والنكال وتشفي المؤمنين بهم ، فليحذر المخاطبون من ذلك ، فإنهم قد كذبوا أشرف الرسل ، وخاتم الأنبياء ، والذي أعده الله لهم في الآخرة من العذاب الشديد أعظم مما أصابهم في الدنيا ; ولهذا قال : ( ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=10#docu) ) .

ابن الطوال
16 -08- 2011, 10:42 PM
الف شكر لكم جميعا وجزاكم الفردوس الاعلى

نسايم ليل
16 -08- 2011, 10:45 PM
[ ص: 96 ] ( ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ( 27 ) قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ( 28 ) ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ( 29 ) إنك ميت وإنهم ميتون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ( 30 ) ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ( 31 ) ) .

يقول تعالى : ( ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) أي : بينا للناس فيه بضرب الأمثال ، ( لعلهم يتذكرون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) ، فإن المثل يقرب المعنى إلى الأذهان ، كما قال تعالى : ( ضرب لكم مثلا من أنفسكم (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) [ الروم : 28 ] أي : تعلمونه من أنفسكم ، وقال : ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) [ العنكبوت : 43 ] .

وقوله : ( قرءانا عربيا غير ذي عوج (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) أي : هو قرآن بلسان عربي مبين ، لا اعوجاج فيه ولا انحراف ولا لبس ، بل هو بيان ووضوح وبرهان ، وإنما جعله الله [ عز وجل ] كذلك ، وأنزله بذلك ( لعلهم يتقون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) أي : يحذرون ما فيه من الوعيد ، ويعملون بما فيه من الوعد .

ثم قال : ( ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) أي : يتنازعون في ذلك العبد المشترك بينهم ، ( ورجلا سلما لرجل (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) أي : خالصا لرجل ، لا يملكه أحد غيره ، ( هل يستويان مثلا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) أي : لا يستوي هذا وهذا . كذلك لا يستوي المشرك الذي يعبد آلهة مع الله ، والمؤمن المخلص الذي لا يعبد إلا الله وحده لا شريك له . فأين هذا من هذا ؟

قال ابن عباس ، ومجاهد ، وغير واحد : هذه الآية ضربت مثلا للمشرك والمخلص ، ولما كان هذا المثل ظاهرا بينا جليا ، قال : ( الحمد لله ) أي : على إقامة الحجة عليهم ، ( بل أكثرهم لا يعلمون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) أي : فلهذا يشركون بالله .

وقوله : ( إنك ميت وإنهم ميتون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) هذه الآية من الآيات التي استشهد بها الصديق [ رضي الله عنه ] عند موت الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى تحقق الناس موته ، مع قوله : ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) [ آل عمران : 144 ] .

ومعنى هذه الآية : ستنقلون من هذه الدار لا محالة وستجتمعون عند الله في الدار الآخرة ، وتختصمون فيما أنتم فيه في الدنيا من التوحيد والشرك بين يدي الله - عز وجل - فيفصل بينكم ، ويفتح بالحق وهو الفتاح العليم ، فينجي المؤمنين المخلصين الموحدين ، ويعذب الكافرين الجاحدين المشركين المكذبين .

ثم إن هذه الآية - وإن كان سياقها في المؤمنين والكافرين ، وذكر الخصومة بينهم في الدار الآخرة - فإنها شاملة لكل متنازعين في الدنيا ، فإنه تعاد عليهم الخصومة في الدار الآخرة .

قال ابن أبي حاتم ، رحمه الله : حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ ، حدثنا سفيان ، عن محمد بن عمرو ، عن ابن حاطب - يعني يحيى بن عبد الرحمن - عن ابن الزبير ، عن الزبير قال : لما نزلت : ( ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) قال الزبير : يا رسول الله ، أتكرر علينا الخصومة ؟ قال : " نعم " . قال : إن الأمر إذا لشديد .

وكذا رواه الإمام أحمد (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12251)عن سفيان ، وعنده زيادة : ولما نزلت : ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) [ ص: 97 ] [ التكاثر : 8 ] قال الزبير : أي رسول الله ، أي نعيم نسأل عنه ؟ وإنما - يعني : هما الأسودان : التمر والماء - قال : " أما إن ذلك سيكون " .

وقد روى هذه الزيادة الترمذي وابن ماجه (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13478)، من حديث سفيان ، به . وقال الترمذي : حسن .

وقال الإمام أحمد (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12251)أيضا : حدثنا ابن نمير حدثنا محمد - يعني ابن عمرو - عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، عن عبد الله بن الزبير ، عن الزبير بن العوام (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=15)قال : لما نزلت هذه السورة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) قال الزبير : أي رسول الله ، أيكرر علينا ما كان بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب ؟ قال : " نعم ليكررن عليكم ، حتى يؤدى إلى كل ذي حق حقه " . قال الزبير : والله إن الأمر لشديد .

ورواه الترمذي من حديث محمد بن عمرو به وقال : حسن صحيح .

وقال الإمام أحمد (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12251) : حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا ابن لهيعة ، عن أبي عشانة ، عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أول الخصمين يوم القيامة جاران " . تفرد به أحمد .

وقال الإمام أحمد (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12251) : حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا دراج عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " والذي نفسي بيده ، إنه ليختصم ، حتى الشاتان فيما انتطحتا " تفرد به أحمد .

وفي المسند عن أبي ذر ، رضي الله عنه [ أنه ] قال : رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاتين ينتطحان ، فقال : " أتدري فيم ينتطحان يا أبا ذر ؟ " قلت : لا . قال : " لكن الله يدري وسيحكم بينهما " .

وقال الحافظ أبو بكر البزار (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13863) : حدثنا سهل بن بحر ، حدثنا حيان بن أغلب ، حدثنا أبي ، حدثنا ثابت عن أنس [ رضي الله عنه ] ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يجاء بالإمام الخائن يوم القيامة ، فتخاصمه الرعية فيفلجون عليه ، فيقال له : سد ركنا من أركان جهنم " .

ثم قال : الأغلب بن تميم ليس بالحافظ .

[ ص: 98 ]

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما ( ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) يقول : يخاصم الصادق الكاذب ، والمظلوم الظالم ، والمهدي الضال ، والضعيف المستكبر . .

وقد روى ابن منده في كتاب " الروح " ، عن ابن عباس أنه قال : يختصم الناس يوم القيامة ، حتى تختصم الروح مع الجسد ، فتقول الروح للجسد : أنت فعلت . ويقول الجسد للروح : أنت أمرت ، وأنت سولت . فيبعث الله ملكا يفصل بينهما ، فيقول [ لهما ] إن مثلكما كمثل رجل مقعد بصير والآخر ضرير ، دخلا بستانا ، فقال المقعد للضرير : إني أرى هاهنا ثمارا ، ولكن لا أصل إليها . فقال له الضرير : اركبني فتناولها ، فركبه فتناولها ، فأيهما المعتدي ؟ فيقولان : كلاهما . فيقول لهما الملك . فإنكما قد حكمتما على أنفسكما . يعني : أن الجسد للروح كالمطية ، وهو راكبه .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا جعفر بن أحمد بن عوسجة ، حدثنا ضرار ، حدثنا أبو سلمة الخزاعي منصور بن سلمة ، حدثنا القمي - يعني يعقوب بن عبد الله - عن جعفر بن المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر [ رضي الله عنهما ] قال : نزلت هذه الآية ، وما نعلم في أي شيء نزلت : ( ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) [ قال ] قلنا : من نخاصم ؟ ليس بيننا وبين أهل الكتاب خصومة ، فمن نخاصم ؟ حتى وقعت الفتنة فقال ابن عمر : هذا الذي وعدنا ربنا - عز وجل - نختصم فيه .

ورواه النسائي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=15397)عن محمد بن عامر ، عن منصور بن سلمة (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=17155)، به .

وقال أبو العالية [ في قوله ] ( ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) قال : يعني أهل القبلة .

وقال ابن زيد : يعني أهل الإسلام وأهل الكفر .

وقد قدمنا أن الصحيح العموم ، والله أعلم .

نسايم ليل
16 -08- 2011, 10:46 PM
[ ص: 96 ] ( ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ( 27 ) قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ( 28 ) ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ( 29 ) إنك ميت وإنهم ميتون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ( 30 ) ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ( 31 ) ) .

يقول تعالى : ( ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) أي : بينا للناس فيه بضرب الأمثال ، ( لعلهم يتذكرون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) ، فإن المثل يقرب المعنى إلى الأذهان ، كما قال تعالى : ( ضرب لكم مثلا من أنفسكم (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) [ الروم : 28 ] أي : تعلمونه من أنفسكم ، وقال : ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) [ العنكبوت : 43 ] .

وقوله : ( قرءانا عربيا غير ذي عوج (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) أي : هو قرآن بلسان عربي مبين ، لا اعوجاج فيه ولا انحراف ولا لبس ، بل هو بيان ووضوح وبرهان ، وإنما جعله الله [ عز وجل ] كذلك ، وأنزله بذلك ( لعلهم يتقون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) أي : يحذرون ما فيه من الوعيد ، ويعملون بما فيه من الوعد .

ثم قال : ( ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) أي : يتنازعون في ذلك العبد المشترك بينهم ، ( ورجلا سلما لرجل (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) أي : خالصا لرجل ، لا يملكه أحد غيره ، ( هل يستويان مثلا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) أي : لا يستوي هذا وهذا . كذلك لا يستوي المشرك الذي يعبد آلهة مع الله ، والمؤمن المخلص الذي لا يعبد إلا الله وحده لا شريك له . فأين هذا من هذا ؟

قال ابن عباس ، ومجاهد ، وغير واحد : هذه الآية ضربت مثلا للمشرك والمخلص ، ولما كان هذا المثل ظاهرا بينا جليا ، قال : ( الحمد لله ) أي : على إقامة الحجة عليهم ، ( بل أكثرهم لا يعلمون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) أي : فلهذا يشركون بالله .

وقوله : ( إنك ميت وإنهم ميتون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) هذه الآية من الآيات التي استشهد بها الصديق [ رضي الله عنه ] عند موت الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى تحقق الناس موته ، مع قوله : ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) [ آل عمران : 144 ] .

ومعنى هذه الآية : ستنقلون من هذه الدار لا محالة وستجتمعون عند الله في الدار الآخرة ، وتختصمون فيما أنتم فيه في الدنيا من التوحيد والشرك بين يدي الله - عز وجل - فيفصل بينكم ، ويفتح بالحق وهو الفتاح العليم ، فينجي المؤمنين المخلصين الموحدين ، ويعذب الكافرين الجاحدين المشركين المكذبين .

ثم إن هذه الآية - وإن كان سياقها في المؤمنين والكافرين ، وذكر الخصومة بينهم في الدار الآخرة - فإنها شاملة لكل متنازعين في الدنيا ، فإنه تعاد عليهم الخصومة في الدار الآخرة .

قال ابن أبي حاتم ، رحمه الله : حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ ، حدثنا سفيان ، عن محمد بن عمرو ، عن ابن حاطب - يعني يحيى بن عبد الرحمن - عن ابن الزبير ، عن الزبير قال : لما نزلت : ( ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) قال الزبير : يا رسول الله ، أتكرر علينا الخصومة ؟ قال : " نعم " . قال : إن الأمر إذا لشديد .

وكذا رواه الإمام أحمد (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12251)عن سفيان ، وعنده زيادة : ولما نزلت : ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) [ ص: 97 ] [ التكاثر : 8 ] قال الزبير : أي رسول الله ، أي نعيم نسأل عنه ؟ وإنما - يعني : هما الأسودان : التمر والماء - قال : " أما إن ذلك سيكون " .

وقد روى هذه الزيادة الترمذي وابن ماجه (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13478)، من حديث سفيان ، به . وقال الترمذي : حسن .

وقال الإمام أحمد (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12251)أيضا : حدثنا ابن نمير حدثنا محمد - يعني ابن عمرو - عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، عن عبد الله بن الزبير ، عن الزبير بن العوام (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=15)قال : لما نزلت هذه السورة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) قال الزبير : أي رسول الله ، أيكرر علينا ما كان بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب ؟ قال : " نعم ليكررن عليكم ، حتى يؤدى إلى كل ذي حق حقه " . قال الزبير : والله إن الأمر لشديد .

ورواه الترمذي من حديث محمد بن عمرو به وقال : حسن صحيح .

وقال الإمام أحمد (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12251) : حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا ابن لهيعة ، عن أبي عشانة ، عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أول الخصمين يوم القيامة جاران " . تفرد به أحمد .

وقال الإمام أحمد (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12251) : حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا دراج عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " والذي نفسي بيده ، إنه ليختصم ، حتى الشاتان فيما انتطحتا " تفرد به أحمد .

وفي المسند عن أبي ذر ، رضي الله عنه [ أنه ] قال : رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاتين ينتطحان ، فقال : " أتدري فيم ينتطحان يا أبا ذر ؟ " قلت : لا . قال : " لكن الله يدري وسيحكم بينهما " .

وقال الحافظ أبو بكر البزار (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13863) : حدثنا سهل بن بحر ، حدثنا حيان بن أغلب ، حدثنا أبي ، حدثنا ثابت عن أنس [ رضي الله عنه ] ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يجاء بالإمام الخائن يوم القيامة ، فتخاصمه الرعية فيفلجون عليه ، فيقال له : سد ركنا من أركان جهنم " .

ثم قال : الأغلب بن تميم ليس بالحافظ .

[ ص: 98 ]

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما ( ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) يقول : يخاصم الصادق الكاذب ، والمظلوم الظالم ، والمهدي الضال ، والضعيف المستكبر . .

وقد روى ابن منده في كتاب " الروح " ، عن ابن عباس أنه قال : يختصم الناس يوم القيامة ، حتى تختصم الروح مع الجسد ، فتقول الروح للجسد : أنت فعلت . ويقول الجسد للروح : أنت أمرت ، وأنت سولت . فيبعث الله ملكا يفصل بينهما ، فيقول [ لهما ] إن مثلكما كمثل رجل مقعد بصير والآخر ضرير ، دخلا بستانا ، فقال المقعد للضرير : إني أرى هاهنا ثمارا ، ولكن لا أصل إليها . فقال له الضرير : اركبني فتناولها ، فركبه فتناولها ، فأيهما المعتدي ؟ فيقولان : كلاهما . فيقول لهما الملك . فإنكما قد حكمتما على أنفسكما . يعني : أن الجسد للروح كالمطية ، وهو راكبه .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا جعفر بن أحمد بن عوسجة ، حدثنا ضرار ، حدثنا أبو سلمة الخزاعي منصور بن سلمة ، حدثنا القمي - يعني يعقوب بن عبد الله - عن جعفر بن المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر [ رضي الله عنهما ] قال : نزلت هذه الآية ، وما نعلم في أي شيء نزلت : ( ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) [ قال ] قلنا : من نخاصم ؟ ليس بيننا وبين أهل الكتاب خصومة ، فمن نخاصم ؟ حتى وقعت الفتنة فقال ابن عمر : هذا الذي وعدنا ربنا - عز وجل - نختصم فيه .

ورواه النسائي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=15397)عن محمد بن عامر ، عن منصور بن سلمة (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=17155)، به .

وقال أبو العالية [ في قوله ] ( ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=11#docu) ) قال : يعني أهل القبلة .

وقال ابن زيد : يعني أهل الإسلام وأهل الكفر .

وقد قدمنا أن الصحيح العموم ، والله أعلم .

نسايم ليل
16 -08- 2011, 10:47 PM
( فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=12#docu) ( 32 ) والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=12#docu) ( 33 ) لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=12#docu) ( 34 ) ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=12#docu) ( 35 ) ) .

يقول تعالى مخاطبا للمشركين الذين افتروا على الله ، وجعلوا معه آلهة أخرى ، وادعوا أن الملائكة بنات الله ، وجعلوا لله ولدا - تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا - ومع هذا كذبوا بالحق إذ جاءهم على ألسنة رسل الله ، صلوات الله [ وسلامه ] عليهم أجمعين ، ولهذا قال : ( فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=12#docu) ) أي : لا أحد أظلم من هذا ; لأنه جمع بين طرفي الباطل ، [ ص: 99 ] كذب على الله ، وكذب رسول الله ، قالوا الباطل وردوا الحق ; ولهذا قال متوعدا لهم : ( أليس في جهنم مثوى للكافرين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=12#docu) ) وهم الجاحدون المكذبون .

ثم قال : ( والذي جاء بالصدق وصدق به (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=12#docu) ) قال مجاهد ، وقتادة ، والربيع بن أنس (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14354)، وابن زيد : ( الذي جاء بالصدق ) هو الرسول . وقال السدي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14468) : هو جبريل - عليه السلام - ( وصدق به (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=12#docu) ) يعني : محمدا - صلى الله عليه وسلم - .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( والذي جاء بالصدق (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=12#docu) ) قال : من جاء بلا إله إلا الله ، ( وصدق به (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=12#docu) ) يعني : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

وقرأ الربيع بن أنس : " الذين جاءوا بالصدق " يعني : الأنبياء ، " وصدقوا به " يعني : الأتباع .

وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهد : ( والذي جاء بالصدق وصدق به (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=12#docu) ) قال : أصحاب القرآن المؤمنون يجيئون يوم القيامة ، فيقولون : هذا ما أعطيتمونا ، فعملنا فيه بما أمرتمونا .

وهذا القول عن مجاهد يشمل كل المؤمنين ، فإن المؤمن يقول الحق ويعمل به ، والرسول - صلى الله عليه وسلم - أولى الناس بالدخول في هذه الآية على هذا التفسير ، فإنه جاء بالصدق ، وصدق المرسلين ، وآمن بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون ، كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ( والذي جاء بالصدق (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=12#docu) ) هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( وصدق به (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=12#docu) ) المسلمون .

( أولئك هم المتقون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=12#docu) ) قال ابن عباس : اتقوا الشرك .

( لهم ما يشاءون عند ربهم (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=12#docu) ) يعني : في الجنة ، مهما طلبوا وجدوا ، ( ذلك جزاء المحسنين ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=12#docu) ) كما قال في الآية الأخرى : ( أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=12#docu) ) [ الأحقاف : 16 ] .

نسايم ليل
16 -08- 2011, 10:48 PM
[ ص: 100 ] ( أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه ومن يضلل الله فما له من هاد (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=13#docu) ( 36 ) ومن يهد الله فما له من مضل أليس الله بعزيز ذي انتقام (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=13#docu) ( 37 ) ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=13#docu) ( 38 ) قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=13#docu) ( 39 ) من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=13#docu) ( 40 ) ) .

يقول تعالى : ( أليس الله بكاف عبده (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=13#docu) ) - وقرأ بعضهم : " عباده " - يعني أنه تعالى يكفي من عبده وتوكل عليه .

وقال ابن أبي حاتم هاهنا : حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب حدثنا عمي ، حدثنا أبو هانئ ، عن أبي علي عمرو بن مالك الجنبي ، عن فضالة بن عبيد الأنصاري ; أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " أفلح من هدي إلى الإسلام ، وكان عيشه كفافا ، وقنع به " .

ورواه الترمذي والنسائي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=15397)من حديث حيوة بن شريح ، عن أبي هانئ الخولاني ، به . وقال الترمذي : صحيح .

( ويخوفونك بالذين من دونه (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=13#docu) ) يعني : المشركين يخوفون الرسول ويتوعدونه بأصنامهم وآلهتهم التي يدعونها من دونه ; جهلا منهم وضلالا ; ولهذا قال تعالى : ( ومن يضلل الله فما له من هاد ومن يهد الله فما له من مضل أليس الله بعزيز ذي انتقام (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=13#docu) ) أي : منيع الجناب لا يضام ، من استند إلى جنابه ولجأ إلى بابه ، فإنه العزيز الذي لا أعز منه ، ولا أشد انتقاما منه ، ممن كفر به وأشرك وعاند رسوله - صلى الله عليه وسلم - .

وقوله : ( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=13#docu) ) يعني : [ أن ] المشركين كانوا يعترفون بأن الله هو الخالق للأشياء كلها ، ومع هذا يعبدون معه غيره ، مما لا يملك لهم ضرا ولا نفعا ; ولهذا قال : ( قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=13#docu) ) أي : لا تستطيع شيئا من الأمر .

وذكر ابن أبي حاتم هاهنا حديث قيس بن الحجاج ، عن حنش الصنعاني ، عن ابن عباس مرفوعا : " احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يضروك ، ولو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك لم ينفعوك ، جفت الصحف ، ورفعت الأقلام ، واعمل لله بالشكر في اليقين ، واعلم أن الصبر على ما تكره خير كثير ، وأن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسر يسرا " .

( قل حسبي الله (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=13#docu) ) أي : الله كافي ، عليه توكلت وعليه يتوكل المتوكلون ، كما قال هود - عليه السلام - حين قال له قومه : ( إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=13#docu) ) [ هود : 54 - 56 ] .

[ ص: 101 ]

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن عصام الأنصاري (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12276)، حدثنا عبد الله بن بكر السهمي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16424)، حدثنا محمد بن حاتم ، عن أبي المقدام - مولى آل عثمان - عن محمد بن كعب القرظي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14980)، حدثنا ابن عباس [ رضي الله عنهما ] - رفع الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله ، ومن أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق [ منه ] بما في يديه ، ومن أحب أن يكون أكرم الناس فليتق الله " .

وقوله : ( قل يا قوم اعملوا على مكانتكم (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=13#docu) ) أي : على طريقتكم ، وهذا تهديد ووعيد . . ( إني عامل (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=13#docu) ) أي : على طريقتي ومنهجي ، ( فسوف تعلمون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=13#docu) ) أي : ستعلمون غب ذلك ووباله ( من يأتيه عذاب يخزيه (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=13#docu) ) أي : في الدنيا ، ( ويحل عليه عذاب مقيم (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=13#docu) ) أي : دائم مستمر ، لا محيد له عنه . وذلك يوم القيامة .

نسايم ليل
16 -08- 2011, 10:52 PM
( إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنت عليهم بوكيل (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ( 41 ) الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ( 42 ) ) .

يقول تعالى مخاطبا رسوله محمدا - صلى الله عليه وسلم - : ( إنا أنزلنا عليك الكتاب (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) يعني : القرآن ( للناس بالحق (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) أي : لجميع الخلق من الإنس والجن لتنذرهم به ، ( فمن اهتدى فلنفسه (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) أي : فإنما يعود نفع ذلك إلى نفسه ، ( ومن ضل فإنما يضل عليها (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) أي : إنما يرجع وبال ذلك على نفسه ، ( وما أنت عليهم بوكيل (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) أي : بموكل أن يهتدوا ، ( إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) [ هود : 12 ] ، ( فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) [ الرعد : 40 ] .

ثم قال تعالى مخبرا عن نفسه الكريمة بأنه المتصرف في الوجود بما يشاء ، وأنه يتوفى الأنفس الوفاة الكبرى ، بما يرسل من الحفظة الذين يقبضونها من الأبدان ، والوفاة الصغرى عند المنام ، كما قال تعالى : ( وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) [ الأنعام : 61 ، 60 ] ، فذكر الوفاتين : الصغرى ثم الكبرى . وفي هذه الآية ذكر الكبرى ثم الصغرى ; ولهذا قال : ( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) فيه دلالة على أنها تجتمع في الملأ الأعلى ، كما ورد بذلك الحديث المرفوع الذي رواه ابن منده وغيره . وفي صحيحي البخاري (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12070)ومسلم من حديث عبيد الله بن عمر ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن أبيه ، عن أبي هريرة (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=3) - رضي الله عنه - [ ص: 102 ] قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره ، فإنه لا يدري ما خلفه عليه ، ثم ليقل : باسمك ربي وضعت جنبي ، وبك أرفعه ، إن أمسكت نفسي فارحمها ، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين " .

وقال بعض السلف [ رحمهم الله ] يقبض أرواح الأموات إذا ماتوا ، وأرواح الأحياء إذا ناموا ، فتتعارف ما شاء الله تعالى أن تتعارف ( فيمسك التي قضى عليها الموت (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) التي قد ماتت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى .

قال السدي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14468) : إلى بقية أجلها . وقال ابن عباس : يمسك أنفس الأموات ، ويرسل أنفس الأحياء ، ولا يغلط . ( إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) )

مسألة: الجزء السابع التحليل الموضوعي ( إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ( 41 ) اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ( 42 ) ) .

يَقُولُ تَعَالَى مُخَاطِبًا رَسُولَهُ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) يَعْنِي : الْقُرْآنَ ( لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) أَيْ : لِجَمِيعِ الْخَلْقِ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ لِتُنْذِرَهُمْ بِهِ ، ( فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) أَيْ : فَإِنَّمَا يَعُودُ نَفْعُ ذَلِكَ إِلَى نَفْسِهِ ، ( وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) أَيْ : إِنَّمَا يَرْجِعُ وَبَالُ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ ، ( وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) أَيْ : بِمُوَكَّلٍ أَنْ يَهْتَدُوا ، ( إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) [ هُودٍ : 12 ] ، ( فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) [ الرَّعْدِ : 40 ] .

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ نَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ بِأَنَّهُ الْمُتَصَرِّفُ فِي الْوُجُودِ بِمَا يَشَاءُ ، وَأَنَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ الْوَفَاةَ الْكُبْرَى ، بِمَا يُرْسِلُ مِنَ الْحَفَظَةِ الَّذِينَ يَقْبِضُونَهَا مِنَ الْأَبْدَانِ ، وَالْوَفَاةَ الصُّغْرَى عِنْدَ الْمَنَامِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) [ الْأَنْعَامِ : 61 ، 60 ] ، فَذَكَرَ الْوَفَاتَيْنِ : الصُّغْرَى ثُمَّ الْكُبْرَى . وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ ذَكَرَ الْكُبْرَى ثُمَّ الصُّغْرَى ; وَلِهَذَا قَالَ : ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهَا تَجْتَمِعُ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى ، كَمَا وَرَدَ بِذَلِكَ الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ مَنْدَهْ وَغَيْرُهُ . وَفِي صَحِيحَيِ الْبُخَارِيِّ (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12070)وَمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=3) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - [ ص: 102 ] قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ لِيَقُلْ : بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبِي ، وَبِكَ أَرْفَعُهُ ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا ، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ " .

وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ [ رَحِمَهُمُ اللَّهُ ] يَقْبِضُ أَرْوَاحَ الْأَمْوَاتِ إِذَا مَاتُوا ، وَأَرْوَاحَ الْأَحْيَاءِ إِذَا نَامُوا ، فَتَتَعَارَفُ مَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ تَتَعَارَفَ ( فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) الَّتِي قَدْ مَاتَتْ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى .

قَالَ السُّدِّيُّ (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14468) : إِلَى بَقِيَّةِ أَجَلِهَا . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : يُمْسِكُ أَنْفُسَ الْأَمْوَاتِ ، وَيُرْسِلُ أَنْفُسَ الْأَحْيَاءِ ، وَلَا يَغْلَطُ . ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) )


مسألة: الجزء السابع التحليل الموضوعي ( إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنت عليهم بوكيل (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ( 41 ) الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ( 42 ) ) .

يقول تعالى مخاطبا رسوله محمدا - صلى الله عليه وسلم - : ( إنا أنزلنا عليك الكتاب (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) يعني : القرآن ( للناس بالحق (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) أي : لجميع الخلق من الإنس والجن لتنذرهم به ، ( فمن اهتدى فلنفسه (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) أي : فإنما يعود نفع ذلك إلى نفسه ، ( ومن ضل فإنما يضل عليها (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) أي : إنما يرجع وبال ذلك على نفسه ، ( وما أنت عليهم بوكيل (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) أي : بموكل أن يهتدوا ، ( إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) [ هود : 12 ] ، ( فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) [ الرعد : 40 ] .

ثم قال تعالى مخبرا عن نفسه الكريمة بأنه المتصرف في الوجود بما يشاء ، وأنه يتوفى الأنفس الوفاة الكبرى ، بما يرسل من الحفظة الذين يقبضونها من الأبدان ، والوفاة الصغرى عند المنام ، كما قال تعالى : ( وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) [ الأنعام : 61 ، 60 ] ، فذكر الوفاتين : الصغرى ثم الكبرى . وفي هذه الآية ذكر الكبرى ثم الصغرى ; ولهذا قال : ( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) فيه دلالة على أنها تجتمع في الملأ الأعلى ، كما ورد بذلك الحديث المرفوع الذي رواه ابن منده وغيره . وفي صحيحي البخاري (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12070)ومسلم من حديث عبيد الله بن عمر ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن أبيه ، عن أبي هريرة (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=3) - رضي الله عنه - [ ص: 102 ] قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره ، فإنه لا يدري ما خلفه عليه ، ثم ليقل : باسمك ربي وضعت جنبي ، وبك أرفعه ، إن أمسكت نفسي فارحمها ، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين " .

وقال بعض السلف [ رحمهم الله ] يقبض أرواح الأموات إذا ماتوا ، وأرواح الأحياء إذا ناموا ، فتتعارف ما شاء الله تعالى أن تتعارف ( فيمسك التي قضى عليها الموت (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) ) التي قد ماتت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى .

قال السدي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14468) : إلى بقية أجلها . وقال ابن عباس : يمسك أنفس الأموات ، ويرسل أنفس الأحياء ، ولا يغلط . ( إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=14#docu) )

نسايم ليل
16 -08- 2011, 10:54 PM
( أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ( 43 ) قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض ثم إليه ترجعون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ( 44 ) وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ( 45 ) ) .

يقول تعالى ذاما للمشركين في اتخاذهم شفعاء من دون الله ، وهم الأصنام والأنداد ، التي اتخذوها من تلقاء أنفسهم بلا دليل ولا برهان حداهم على ذلك ، وهي لا تملك شيئا من الأمر ، بل وليس لها عقل تعقل به ، ولا سمع تسمع به ، ولا بصر تبصر به ، بل هي جمادات أسوأ حالا من الحيوان بكثير .

ثم قال : قل : أي يا محمد لهؤلاء الزاعمين أن ما اتخذوه شفعاء لهم عند الله ، أخبرهم أن الشفاعة لا تنفع عند الله إلا لمن ارتضاه وأذن له ، فمرجعها كلها إليه ، ( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ) [ البقرة : 255 ] .

( له ملك السماوات والأرض (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ) أي : هو المتصرف في جميع ذلك . ( ثم إليه ترجعون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ) أي : يوم القيامة ، فيحكم بينكم بعدله ، ويجزي كلا بعمله .

ثم قال تعالى ذاما للمشركين أيضا : ( وإذا ذكر الله وحده (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ) أي : إذا قيل : لا إله إلا الله ( اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ) قال مجاهد : ( اشمأزت ) انقبضت .

وقال السدي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14468) : نفرت . وقال قتادة : كفرت واستكبرت . وقال مالك ، عن زيد بن أسلم (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=15944) : استكبرت . كما قال تعالى : ( إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ) [ الصافات : 35 ] ، أي : عن المتابعة والانقياد لها . فقلوبهم لا تقبل الخير ، ومن لم يقبل الخير يقبل الشر ; ولهذا قال : ( وإذا ذكر الذين من دونه (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ) أي : من الأصنام والأنداد ، قاله مجاهد ، ( إذا هم يستبشرون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ) أي : يفرحون ويسرون .

مسألة: التحليل الموضوعي ( أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ( 43 ) قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ( 44 ) وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ( 45 ) ) .

يَقُولُ تَعَالَى ذَامًّا لِلْمُشْرِكِينَ فِي اتِّخَاذِهِمْ شُفَعَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ، وَهُمُ الْأَصْنَامُ وَالْأَنْدَادُ ، الَّتِي اتَّخَذُوهَا مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ بِلَا دَلِيلٍ وَلَا بُرْهَانٍ حَدَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ ، وَهِيَ لَا تَمْلِكُ شَيْئًا مِنَ الْأَمْرِ ، بَلْ وَلَيْسَ لَهَا عَقْلٌ تَعْقِلُ بِهِ ، وَلَا سَمْعٌ تَسْمَعُ بِهِ ، وَلَا بَصَرٌ تُبْصِرُ بِهِ ، بَلْ هِيَ جَمَادَاتٌ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْحَيَوَانِ بِكَثِيرٍ .

ثُمَّ قَالَ : قُلْ : أَيْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الزَّاعِمِينَ أَنَّ مَا اتَّخَذُوهُ شُفَعَاءَ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ ، أَخْبِرْهُمْ أَنَّ الشَّفَاعَةَ لَا تَنْفَعُ عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَاهُ وَأَذِنَ لَهُ ، فَمَرْجِعُهَا كُلِّهَا إِلَيْهِ ، ( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ) [ الْبَقَرَةِ : 255 ] .

( لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ) أَيْ : هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ . ( ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ) أَيْ : يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيَحْكُمُ بَيْنَكُمْ بِعَدْلِهِ ، وَيَجْزِي كُلًّا بِعَمَلِهِ .

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى ذَامًّا لِلْمُشْرِكِينَ أَيْضًا : ( وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ) أَيْ : إِذَا قِيلَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ( اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ) قَالَ مُجَاهِدٌ : ( اشْمَأَزَّتْ ) انْقَبَضَتْ .

وَقَالَ السُّدِّيُّ (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14468) : نَفَرَتْ . وَقَالَ قَتَادَةُ : كَفَرَتْ وَاسْتَكْبَرَتْ . وَقَالَ مَالِكٌ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=15944) : اسْتَكْبَرَتْ . كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ) [ الصَّافَّاتِ : 35 ] ، أَيْ : عَنِ الْمُتَابَعَةِ وَالِانْقِيَادِ لَهَا . فَقُلُوبُهُمْ لَا تَقْبَلُ الْخَيْرَ ، وَمَنْ لَمْ يَقْبَلِ الْخَيْرَ يَقْبَلِ الشَّرَّ ; وَلِهَذَا قَالَ : ( وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ) أَيْ : مِنَ الْأَصْنَامِ وَالْأَنْدَادِ ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ ، ( إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ) أَيْ : يَفْرَحُونَ وَيُسَرُّونَ .


مسألة: التحليل الموضوعي ( أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ( 43 ) قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض ثم إليه ترجعون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ( 44 ) وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ( 45 ) ) .

يقول تعالى ذاما للمشركين في اتخاذهم شفعاء من دون الله ، وهم الأصنام والأنداد ، التي اتخذوها من تلقاء أنفسهم بلا دليل ولا برهان حداهم على ذلك ، وهي لا تملك شيئا من الأمر ، بل وليس لها عقل تعقل به ، ولا سمع تسمع به ، ولا بصر تبصر به ، بل هي جمادات أسوأ حالا من الحيوان بكثير .

ثم قال : قل : أي يا محمد لهؤلاء الزاعمين أن ما اتخذوه شفعاء لهم عند الله ، أخبرهم أن الشفاعة لا تنفع عند الله إلا لمن ارتضاه وأذن له ، فمرجعها كلها إليه ، ( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ) [ البقرة : 255 ] .

( له ملك السماوات والأرض (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ) أي : هو المتصرف في جميع ذلك . ( ثم إليه ترجعون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ) أي : يوم القيامة ، فيحكم بينكم بعدله ، ويجزي كلا بعمله .

ثم قال تعالى ذاما للمشركين أيضا : ( وإذا ذكر الله وحده (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ) أي : إذا قيل : لا إله إلا الله ( اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ) قال مجاهد : ( اشمأزت ) انقبضت .

وقال السدي (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14468) : نفرت . وقال قتادة : كفرت واستكبرت . وقال مالك ، عن زيد بن أسلم (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=15944) : استكبرت . كما قال تعالى : ( إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ) [ الصافات : 35 ] ، أي : عن المتابعة والانقياد لها . فقلوبهم لا تقبل الخير ، ومن لم يقبل الخير يقبل الشر ; ولهذا قال : ( وإذا ذكر الذين من دونه (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ) أي : من الأصنام والأنداد ، قاله مجاهد ، ( إذا هم يستبشرون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=15#docu) ) أي : يفرحون ويسرون .

نسايم ليل
16 -08- 2011, 11:07 PM
[ ص: 103 ] ( قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=16#docu) ( 46 ) ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=16#docu) ( 47 ) )

( وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=16#docu) ( 48 ) ) .

يقول تعالى بعد ما ذكر عن المشركين ما ذكر من المذمة ، لهم في حبهم الشرك ، ونفرتهم عن التوحيد ( قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=16#docu) ) أي : ادع أنت الله وحده لا شريك له ، الذي خلق السماوات والأرض وفطرها ، أي : جعلها على غير مثال سبق ، ( عالم الغيب والشهادة (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=16#docu) ) أي : السر والعلانية ، ( أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=16#docu) ) أي : في دنياهم ، ستفصل بينهم يوم معادهم ونشورهم ، وقيامهم من قبورهم .

وقال مسلم في صحيحه : حدثنا عبد بن حميد ، حدثنا عمر بن يونس ، حدثنا عكرمة بن عمار (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16585)، حدثنا يحيى بن أبي كثير (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=17298)، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن قال : سألت عائشة [ - رضي الله عنها - ] بأي شيء كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفتتح صلاته إذا قام من الليل ؟ قالت : كان إذا قام من الليل افتتح صلاته : " اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل ، فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم " وقال الإمام أحمد (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12251) : حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، وأخبرنا سهيل بن أبي صالح وعبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16735)، عن عبد الله بن مسعود (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=10)أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من قال : اللهم فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، إني أعهد إليك في هذه الدنيا أني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ، وأن محمدا عبدك ورسولك ، فإنك إن تكلني إلى نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير ، وإني لا أثق إلا برحمتك ، فاجعل لي عندك عهدا توفينيه يوم القيامة ، إنك لا تخلف الميعاد ، إلا قال الله - عز وجل - لملائكته يوم القيامة : إن عبدي قد عهد إلي عهدا فأوفوه إياه ، فيدخله الله الجنة " .

قال سهيل : فأخبرت القاسم بن عبد الرحمن أن عونا أخبر بكذا وكذا ؟ فقال : ما في أهلنا جارية إلا وهي تقول هذا في خدرها . انفرد به الإمام أحمد (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12251) .

وقال الإمام أحمد (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12251) : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثني حيي بن عبد الله ; أن [ ص: 104 ] أبا عبد الرحمن حدثه قال : أخرج لنا عبد الله بن عمرو قرطاسا وقال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا يقول : " اللهم فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، أنت رب كل شيء ، وإله كل شيء ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، وحدك لا شريك لك ، وأن محمدا عبدك ورسولك ، والملائكة يشهدون ، أعوذ بك من الشيطان وشركه ، وأعوذ بك أن أقترف على نفسي إثما ، أو أجره إلى مسلم " .

قال أبو عبد الرحمن : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمه عبد الله بن عمرو أن يقول ذلك حين يريد أن ينام . تفرد به أحمد أيضا .

وقال [ الإمام ] أحمد أيضا : حدثنا خلف بن الوليد ، حدثنا ابن عياش (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=11948)، عن محمد بن زياد الألهاني ، عن أبي راشد الحبراني قال : أتيت عبد الله بن عمرو فقلت له : حدثنا ما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فألقى بين يدي صحيفة فقال : هذا ما كتب لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنظرت فيها فإذا فيها أن أبا بكر الصديق (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=1)قال : يا رسول الله ، علمني ما أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت . فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا أبا بكر ، قل اللهم فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، لا إله إلا أنت ، رب كل شي ومليكه ، أعوذ بك من شر نفسي ، وشر الشيطان وشركه ، أو أقترف على نفسي سوءا ، أو أجره إلى مسلم " .

ورواه الترمذي ، عن الحسن بن عرفة ، عن إسماعيل بن عياش ، به ، وقال : حسن غريب من هذا الوجه .

وقال الإمام أحمد (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12251) : حدثنا هاشم ، حدثنا شيبان ، عن ليث ، عن مجاهد قال : قال أبو بكر الصديق : أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت ، وإذا أخذت مضجعي من الليل : " اللهم فاطر السماوات والأرض " إلى آخره .

وقوله : ( ولو أن للذين ظلموا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=16#docu) ) وهم المشركون ، ( ما في الأرض جميعا ومثله معه (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=16#docu) ) أي : ولو أن جميع ملك الأرض وضعفه معه ( لافتدوا به من سوء العذاب (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=16#docu) ) أي : الذي أوجبه الله لهم يوم القيامة ، ومع هذا لا يتقبل منهم الفداء ولو كان ملء الأرض ذهبا ، كما قال في الآية الأخرى : ( وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=16#docu) ) أي : وظهر لهم من الله من العذاب والنكال بهم ما لم يكن في بالهم ولا في حسابهم ، .

( وبدا لهم سيئات ما كسبوا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=16#docu) ) أي : وظهر لهم جزاء ما اكتسبوا في الدار الدنيا من المحارم والمآثم ، ( وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=49&ID=1651&idfrom=1611&idto=1636&bookid=49&startno=16#docu) ) أي : وأحاط بهم من العذاب والنكال ما كانوا يستهزئون به في الدار الدنيا .

أبوعدولي
17 -08- 2011, 06:19 PM
الحلقة الرابعة عشر بين يدي سورة التحريم على الرابط التالي :
http://vb.samtah.net/showthread.php?t=134894

أبوعدولي
17 -08- 2011, 06:22 PM
الحلقة الخامسة عشر بين يدي سورة محمد على الرابط التالي :
http://vb.samtah.net/showthread.php?t=134947 (http://vb.samtah.net/showthread.php?t=134947)

أبوعدولي
17 -08- 2011, 06:24 PM
الحلقة السادسة عشر بين يدي سورة الزمرعلى الرابط التالي :
http://vb.samtah.net/showthread.php?t=135015 (http://vb.samtah.net/showthread.php?t=135015)

أبوعدولي
17 -08- 2011, 08:35 PM
http://upload.7ozn.com/files17/13136022281.gif


http://www.ladylony.com/imgxzz12/media3.gifhttp://www.ladylony.com/imgxzz12/media3.gif
سبب التسمية :
سُميت ‏‏" ‏سورة ‏الدخان ‏‏" ‏لأن ‏الله ‏تعالى ‏جعله ‏آية ‏لتخويف ‏الكفار ‏‏، ‏حيث ‏أصيبوا ‏بالقحط ‏والمجاعة ‏بسبب ‏تكذيبهم ‏لرسول ‏ ‏ ‏ ‏‏، ‏وبعث ‏الله ‏عليهم ‏الدخان ‏حتى ‏كادوا ‏يهلكون ‏‏، ‏ثم ‏نجاهم ‏بعد ‏ذلك ‏بركة ‏دعاء ‏النبي ‏ ‏‏.
http://www.ladylony.com/imgxzz12/media3.gifhttp://www.ladylony.com/imgxzz12/media3.gif
التعريف بالسورة :
1) مكية .
2) من المثاني .
3) آياتها 59 .
4) ترتيبهالرابعةوالأربعون .
5) نزلت بعد الزخرف .
6) بدأت بحروف مقطعة ، الحروف من الحواميم ، الدخان أحد علامات يوم القيامة ، أقسم الله بالقرآن الكريم في الآية الثانية .
7) الجزء "25" الحزب "50" الربع "6،7" .
http://www.ladylony.com/imgxzz12/media3.gifhttp://www.ladylony.com/imgxzz12/media3.gif
محور مواضيع السورة :
سورة الدخان مكية ، وهي تتناول أهداف السور المكية : التوحيد ، الرسالة ، البعث ، لترسيخ العقيدة وتثبيت دعائم الإيمان .
http://www.ladylony.com/imgxzz12/media3.gifhttp://www.ladylony.com/imgxzz12/media3.gif
سبب نزول السورة :
1) عن ابن مسعود قال : إن قريشا لما استعصيت على النبي دعا عليهم بسنين كسني يوسف فأصابهم قحط وجهد حتى أكلوا العظام فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد فأنزل الله " فارتقب يوم تاتي السماء بدخان مبين " فأتى رسول الله فقيل : يا رسول الله استسق لمضر فإنها قد هلكت ؛ فاستسقى فسقوا فنزلت " إنَّا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون " فلما أصابتهم الرفاهية عادوا إلى حالهم فأنزل الله : " يوم نبطش البطشة الكبرى إنَّا منتقمون " .
2) عن عكرمة قال : لقي النبي أبا جهل فقال أبو جهل : لقد علمت أ ني أمنع أهل البطحاء وأنا العزيز الكريم ،قال : فقتله الله يوم بدر وأذله وغيره بكلمته ونزل فيه ( ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الكَرِيمُ ) .
http://www.ladylony.com/imgxzz12/media3.gifhttp://www.ladylony.com/imgxzz12/media3.gif
فضل السورة :
1) عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : " من قرأ حم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك " .
2) عن أبي إمامة قال : قال رسول الله : من قرأ " حم " الدخان في ليلة جمعة أو يوم جمعة بنى الله له بيتا في الجنة "
3) عن ابن مسعود إن رسول الله قرأ في المغرب " حم " التي يذكر فيها الدخان
http://www.ladylony.com/imgxzz12/media3.gifhttp://www.ladylony.com/imgxzz12/media3.gif
أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار

أبوعدولي
17 -08- 2011, 08:38 PM
الحلقة السابعة عشر بين يدي سورة الدخان على الرابط التالي :
http://samtah.net/vb/showthread.php?p=1350868#post1350868

أبوعدولي
17 -08- 2011, 08:42 PM
{ مختصر تفسير سورة الدُّخان }


تمهيد:
سورة الدُّخان.. سُميت بهذا الاسم لأن الله سبحانه ذكر فيها علامة من علامات القيامة وهي الدّخان الذي يظهر في العالم آخر الزمان، أو أنه علامة من علامات العذاب يُصيب الله به عباده المسيئين.

تفسير الآيات:

بسم الله الرحمن الرحيم


{حم (1)}: حرفان من حروف الهجاء العربية جاء ذكرهما في بدء السورة من باب تحدي المشركين وإظهار عجزهم عن الإتيان بمثل هذا القرآن المؤلف من الحروف التي يتكلمون بها، والله أعلم
{وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2)}: يُقْسم الله بالقرآن الكريم المُبين لطريق الهدى
{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ}: لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ: هي ليلة القدر التي تقع في شهر رمضان المبارك
{إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3)}: مُنْذِرِينَ: مخوّفين ومحذّرين من العقاب
{فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4)}: يُفْرَقُ: يبين ويفصل
{أَمْرًا}: الأمر هو القرآن أنزله الله من عنده
{مِنْ عِنْدِنَا}: للدلالة على شرفه
{إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5)}: أي أن الله - عز وجل - أرسل رسوله محمّدا صلى الله عليه وسلم إلى عباده
{رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ}: لرحمتهم وهدايتهم إلى ما فيه خير لهم
{إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (6)}: إنه سبحانه يسمع ما يقوله المشركون في القرآن من مفتريات، عليم بما تنطوي عليه ضمائرهم
{رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (7)}: مُوقِنِينَ: متأكدين
{لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ}: لا معبود لكم أيها النّاس غيره فإنه لا تصح العبادة لغيره
{يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ (8)}: الأَوَّلِينَ: الذين قضوا نحبهم
{بَلْ هُمْ}: أي مشركي مكة ومن سار على نهجهم
{فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (9)}: يلهون في معتقداتهم الباطلة، معرضون عن مواعظ ربهم
{فَارْتَقِبْ}: فانتظر يا محمد عذابهم
{يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10)}: مُبِينٍ: واضح ظاهر
{يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11)}: أي يحيط هذا العذاب بالناس من كل جانب فيقولون: هذا عذاب مؤلم أشد الألم
{رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12)}: تضرّع واستغاثة بالله
{أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى}: كيف يتذكّرون ويتّعظون
{وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (13)}: هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم
{ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ}: أعرضوا عنه وتركوه
{وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (14)}: مُعَلَّمٌ: يعلّمه بَشَر
{إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلاً}: إنّا سنرفع عنكم العذاب وقتاً قليلاً
{إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15)}: ستعودون إلى ما كنتم عليه من الضلال والبغي
{يَوْمَ نَبْطِشُ}: يوم نأخذهم بعنف وشدّة لإهلاكهم
{الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (16)}: الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى: هي يوم معركة بدر التي قُتِل فيها كثير من كفار قريش
يتبع ..

أبوعدولي
17 -08- 2011, 08:43 PM
{وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ}: فَتَنَّا: ابتلينا واختبرنا
{وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (17)}: هو موسى عليه السلام
{أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّه}: سلموا إلى بني إسرائيلِ
{إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ}: رَسُولٌ: من الله أرسلني إليكم
{أَمِينٌ (18)}: على وحيه ورسالته
{وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ}: لا تتكبروا على الله ولا تترفعوا عن طاعته
{إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (19)}: بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ: بحجة واضحة وبرهان ظاهر
{وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ}: عُذْتُ: استجرت، والتجأت
{أَنْ تَرْجُمُونِ (20)}: أن تقتلوني رجماً بالحجارة
{وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (21)}: فَاعْتَزِلُونِ: لكم شأنكم، ولي شأني
{فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (22)}: بما معناه: إن هؤلاء قوم تناهى أمرهم في الكفر إلى حد الإجرام والتعدّي فافعل بهم يا رب ما يستحقونه من عقاب
{فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً}: سر ليلاً ببني اسرائيل
{إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (23)}: ملاحقون من فرعون وجنوده
{وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا}: رَهْوًا: ساكناً أو منفرجاً
{إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (24)}: أي إن فرعون وجنوده مغرقهم الله
{كَمْ تَرَكُوا}: "كم": هي للتكثير، أي لقد ترك قوم فرعون بعد إغراقهم كثيراً من:
{مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25)}: أي بساتين ناضرة وعيون جارية
{وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26)}: مَقَامٍ كَرِيمٍ: مساكن حسنة
{وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27)}: وعيشة مترفة كانوا يتنعمون فيها
{كَذَلِكَ}: أي هكذا بمثل هذه الصورة المحزنة تمّ نزعهم من النعيم
{وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ (28)}: قَوْمًا آَخَرِينَ: هم بنو اسرائيل
{فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ}: أي أن هذه النكبة الفادحة لو حلّت بقوم غيرهم صالحين لبكى عليهم أهل السماء والأرض
{وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29)}: مُنْظَرِينَ: ممهلين بالعذاب إلى وقت آخر
يتبع ..