المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المعارك الحربيّه في الشعر الشعبي في الجنوب



شاعر وطن
04 -10- 2003, 12:56 AM
دستووووووور
المعارك الحربيه في الأدب الشعبي في الجنوب

عندما اتحدث عن الادب الشعبي في الجنوب ، فإنني اتحدث عن منطقة جازان فقط حيث تميزت بألوانها الشعبيه المتعدده .. والتي ربما اختلفت عن جاراتها من المناطق ..

وحيث ان هذه القصيده تروي مسيرة معركه من المعارك القديمه والتي لم يسجلها التاريخ الا عن طريق مثل هذه القصيده ..
اسمحوا لي ان اروي لكم القصة بكل اختصار اولا :

كانت الدوله العثمانيه تبسط نفوذها على الكثير من الأقطار الإسلاميه .... وكانت منطقة جازان خاضعه للحكم العثماني... ولكن كانت هنا وهناك حركات للإستقلال بالحكم في مناطق مختلفة من مناطق النفوذ للدوله العثمانيه ، ومن هذه الحركات حركة الإدريسي في منطقة جازان .
ولكن الدوله العثمانيه لم تسكت عن الإدريسي حيث ارسلت جيشا مزود بالعدة والعتاد التي لها القدره على التدمير بالقياس الى مايمتلكه الإدريسي أو رجال القبائل في المنطقه من وأسلحه فرديه متواضعه .


ووصل الجيش التركي عبر البحر الى ميتاء جيزان ، ودخل الى مدينة جيزان.... في الوقت الذي استثار الإدريسي نخوة كافة القبائل في المنطقه ... ودقّت طبول الحرب فاستجابت جميع القبائل للإدريسي وتجمعت في منطقه تكثر بها الأقواز وأشجار الحمض ، ويفصل بينها وبين مدينة جيزان التي يعسكر فيها الجيش التركي سبخه عريضه عاريه من الشجر أو غيره .
وكان لا بد للجيش التركي من التقدم لحرب القبائل عبر هذه السبخه المكشوفه ، خاصة وقد احتل رجال القبائل مصادر مياه جيزان (الأبار) ... فتقدم الجيش التركي بعدته وعتاده الى موقع يسمى الحفاير بالقرب من موقع تجمعات رجال القبائل الذين انهالت عليهم قذائف المدفعيه ونيران الرصاص المنطلق بغزاره .. دون أي مقاومه . مما غرر بالجيش التركي وجعله يقترب من القبائل اكثر فأكثر حتى اصبحوا بالنسبة لرجال القبائل على المرمى المناسب ، وهنا انهال رصاص من الجانبين وحمي وطيس المعركه حتى التحم الكل بالكل ... فكان السلاح الأبيض ، ورجال القبائل اخبر به فكانت مذبحه هائله وهزيمه ساحقه للجيش التركي الذي تاهت فلوله في السباخ ....... ولم يبقى منهم الا من اراد له الله النجاة.

(هذه هي القصه باختصار شديد)

وهنا كان لا بد للسان حالهم وشاعرهم الشعبي الشهير ( عبد الله امسلامي )ان يعبر بجداره واقتدار عما خالج نفوسهم من زهو واعتزاز بما احرزوه من نصر على الدوله العثمانيه ...

واناهنا وقد قمت بتلخيص القصه اجد من الواجب علي نشر القصيده مع الشرح اللازم لمعانيها والتي ربما صعب منها الكثير على الإخوه من خارج منطقة جازان ..

قال الشاعر ؛



بلغ السلطان وقول له طحت في الردى ....قام لها السيد محمد صاحب الهدى

ونجمكم غرب

المعنى : يستهل الشاعر مخاطبا المجهول بقوله (بلّغ السطان ) .. يقصد السلطان التركي . اما السيد محمد فهو محمد الإدريسي

طعت هرج الوزراء واللي مجالس .... وانت في استطنبول متفسر وجالس
وتبنّي في قصورك والمجالس .... ياهلاك السلطنه


المعنى : (طعت) طاوعت (هرج ) كلام الوزراء والمجالسين لك في اسطنبول .( متفسر ) منشرح البال . قاعد الهمه عن مواقع نفوذ سلطنتك . لا يهمك سوى بناء القصور و ... وكل ذلك لا يؤدي الا الى هلاك السلطنه .

يملك الكفار شرقا والمغارب .... شخص في صبيا صبا

المعنى : يخاطب السلطان بأنه أي السلطان على علم بما ورد في التاريخ والكتب وما تشير اليه من انه يظهر شخص من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم . وهو المهدي المنتظر وان هذا الشخص قد ظهر في مدينة صبياء ثاني مدن منطق جازان .

كلها الدنيا بشفّه ... ماحد يقدم بصفه
ذي الفقار مقبوض بكفه ... أفرق السنّين اخضر لون وصفه
نسل سيدنا علي

المعنى : كلها الدنيا تسير ب (شفّه ) رأيه ورغبته . ( ماحد يقدم بصفه ) أي لا يستطيع ان يعارضه احد. (ذي الفقار مقبوض بكفه ) أي ان سيفه هو السيف المهدى من الرسول صلى الله عليه وسلم الى علي بن ابي طالب كرم الله وجهه . (افرق السنين اخضر لون وصفه ) ذلك هو وصف السيد محمد الإدريسي نسل سيدنا علي ... ((( الأدارسه كما هو معروف من الساده ))).


دق والي السلك من والي الحديده ..... ودمشق الشام من ارض بعيده
وخرج ( مشرم) يدلي السيف بيده ..... ويقول اين البوش

المعنى : ( دق والي السلك من والي الحديده ) أي ان والي الحديده قد بعث ببرقيه الى والي دمشق ليبلغها من ثم الى اسطانبول . ( وخرج مشرم يدلي السيف بيده ) . (مشرم ) هو اسم قائد الجيش التركي المكلف بالحمله في جازان .. ويقول اين البوش أي الرعاع .. خرج مدليا السيف بيده شاتما ومتحديا ابناء القبائل ومعتبرهم مجرد رعاع ( بوش ) .


جهز السلطان يشا برا ميماني .... بالعساكر وصحيح الشيشخاني
النبابيت والموازر صف ثاني .... يحسب انه ياخذ الشافه عياني
طاح في سود الكعاش


المعنى : ان جيش السلطان خرج يريد ( براميماني ) البر اليماني ، وانه أي الجيش مجهز بكل عده وعتادالحرب ( صحيح الشيشخاني )و (النبابيت ) و (الموازر ) ويظن أي الجيش التركي انه بذلك (يأخذ الشافه عياني ) أي ياخذ الرايه او النصر باقتدار وعلى مرأى من الجميع .... ولكنه فوجيء وبوغت بالهزيمه المنكره ( طاح في سود العكاش )يقصد رجال القبائل ... والمعروف ان الشباب بصفه خاصه .. الذين يعتمد عليهم في القتال اعتادوا تربية شعر الرأس حتى يبلغ طوله الكتفين . والكعاش ومفردها ( كعشه ) وهي شعر الرأس الكثيف الأجعد !!


وردوا امزفه يشون ماء امفضايا .... والتقى من دونها قرع الغوايا
والسقايا بالعطش ظلوا دعايا ..... رب عين المسلمين


المعنى : ان رجال القبائل قد احتلوا مصادر مياه جيزان (ماء امفضايا ) وان زفة الجيش التركي كانت تقصد هذا الماء ( امفضايا ) ولكن كان من دونه ( قرع الغوايا ) رجال القبائل . . وانه حتى السقاه الذين يجلبون الماء لمدينة جيزان رغم عطشهم وقطع مصدر رزقهم يدعون لرجال القبائل بالنصر ( رب عين المسلمين ) !!


صاح صايح في العساكر يقلمنها .... الذخاير كم عتاله ينقلنها
بحر جيزان والجبل ارتاع منها .... قل لهم بكره هجوم

المعنى : ان استعداد الجيش التركي كان على اشده ( صاح صايح ) وانهم قد حصروا الجيش والذخاير ( يقلمنها ) أي يكتبوا حصرها بالقلم ....وان عدد الذين كانوا ينقلون الذخائر كان ضخما جدا ( كم عتاله ينقلنها ) ... وانه قد بلغ من ضخامتها ان ( بحر جيزان والجبل ارتاع منها )... وقد تحدد موعد الهجوم ( قل لهم بكره امهجوم ) !!

لا نشا سلم ولا نقبل مساعي .... لا حكم والي الحديده والشراعي
لهى نجعل يوم له في القاع داعي .... وانتغيّر بندقي وفــّى ذراعي
واحنا ضارين الصباح


المعنى : (لا نشا سلم ) يقول القائد التركي لانريد سلما ولا نقبل المساعي مادام قد وردت الينا الأوامر من والي الحديده .. كما يهدد بأن يجعل ذلك اليوم ترتج له الأرض ( له في القاع داعي ) ويقول اننا أي الأتراك قد تعودنا على هجوم الصباح (احنا ضارين الصباح ) !!

برّهت الترك في قوه وسلطنه .... ومن على (اممسطاح) قد هدوا مراطنه
مواجهه بالروس وبالكفين ملازمه .... متوادعه السماح


المعنى : (برهت الترك) ... خرجت صباحا ...و من على (اممسطاح ) مكان مرتفع في جيزان ( قد هدوا) أي نزلوا .. و(مراطنه ) يرطنون باللغه التركيه وانهم كانوا مصممين على الاستماته حتى النصر .. تلازموا بالاكف وتوادعوا السماح !!


وضرب مزمار يا عسكار غاره .... طنّش امشرم وولع له شقاره
ويقول اليوم ندعر به (امناره ) .... ونمسي (امواصلي)


المعنى : دقت طبول الحرب او ضرب المزمار كآمر بالغاره .. و ( طنش امشرم ) تاه القائد التركي زهوا وخيلاء بجيشه وزاد في خيلائه ان ولع (شقاره ) سيجاره ... وقال نتجه لنحتل(ندعر ) صباح اليوم (امناره ) موقع حربي وفي المساء نصل (امواصلي ) موقع آخر .. وكان ذلك مستحيلا من حيث تباعد الموقعين على الأقل . ولكنه غرور القائد التركي وتطنيشه .

لفهم مشرم طابور بعد طابور .... ويقول للمولي لازم صابور

والذخاير والجليل

المعنى : (لفهم مشرم ) أي جمعهم قائدهم التركي (مشرم ) وقال للأوائل ( الموّلي ) منهم لابد ان تصبروا .. (لازم صابور حتى تقدم خيلنل حافور بحافور ) يسخر الشاعر من لغة الترك العربيه المكسره . (صابور و حافور ) أي الصبر والحافر .. وهي سخريه لاذعه !!

حيث وان الحرب مغلوب وغالب .... ضاريين بالسوء شبان وشايب
حين ترى حمر الطرابيش والمقاصب .... كالجراد المنتشر

المعنى : يواصل القائد التركي حديثه لجنده ويثير نخوتهم بأنهم قد اعتادوا ( ضاربين السوء ) شيبهم وشبانهم ( حين ترى حمر الطرابيش والمقاصب ) .. والمقاصب هي الأحزمه التي يضعون بها الذخيره على بطونهم .. وان كثرتهم كالجراد المنتشر. !!

شل بمناظور من فوق (امطلّع ) .... كل باشه قد خرج بالخمر طلّع
ويقول اليوم ماعد به توقّع .... السما ترمج بنا والارض ترزع
نازلين به ياعرب

المعنى : (شل بمناظور ) رفع القائد التركي ناظوره واخذ ينظر منه ( من فوق امطلع) مكان مرتفع في جيزان .. وانه قد بلغ من صلف الجيش التركي ان خرج ( كل باشا ) منتشيا بالخمر ( ويقول له ما عد به توقع ) أي لم يعد بالإمكان ان يقول احد منهم لزميله ( توقع أي تريث ) .. فالسماء ترمج والأرض ترزع من هول الحرب الوشيكه النازله بالعرب .!!

وضرب مدفع من البابور لصاعد .... السما والأرض رجّت بالصواعق
مد في امسبخه صفوف

المعنى : ان الجيش التركي قد مهد لتقدمه بقصف مدفعي شديد.. ارتجت من صواقعه السماء والأرض .. وكان مصدر الضرب المدفعي (البابور) الباخره .( لصاعد) أي كان الضرب لجهة الشرق حيث تجمع القبائل . وان صفوف الجيش التركي قد امتدت وتقدمت في ( السبخه ) الفاصله بين مدينة جيزان وموقع تجمع القبائل شرقا في ( امحفاير ) !!


حين سمع وحي المكاين والمدافع .... قال لهم زلّوا بنا هذي المرافع
مادرى دون ( امحفاير ) عقم رافع .... وذرعاته مقويه كامضبع شاجع
يشربون امعنقليز

المعنى : ان القائد التركي قد اطمأن تحت ظل القصف المدفعي وهدير المكائن الى قوته فأمر جيشه بالتقدم الى المرتفعات ( قال لهم زلوا بنا هذي المرافع ) ولكنه لجهله وغروره لم يغلم ان دون الموقع الذي يريده ( امحفاير ) سدا منيعا ( عقم رافع ) وان وراء هذا العقم رجال القبائل الشجعان الأقوياء ( يشربون امعنقليز ) يصبرون على مرارة الحرب !!

يوم الاثنين كان له في الأرض دبكي .... كل باشه في امسباخ قد بات متكــي
من سلم منهم دخل جيزان يبكي .... يشرع امباحه عوام

المعنى : يذكر الشاعر ان الحرب كانت يوم الأثنين وانه قد تجاوب لذالك اليوم ( حث له) ارتجاج الأرض ( في امقاع دبكي ) وان الهزيمه التي لحقت بالأتراك في ذلك كانت الى درجة ان ( الباشوات ) انفسهم وليس عامة الجند فقط اضحوا مجندلين في السباخ .. ويهزأالشاعر بأوضاع مصارع الباشوات فيصهم صرعى قتلى بأنهم كانوا متّكئين (متكي ) وان من سلم منهم في ذلك هو الذي اندحر على عقبه و ( دخل جيزان يبكي ... وان بعظهم لذهوله وفزعه ( يشرع امباحه عوام ) دخل يعوم في عمق البحر وهو يحسب نفسه على اليابسه !!

كان اريت الترك يوم ظلوا هرابه ..... والعرب متقفّيه فيهم ضرابه
غالي امنبوت والميزر سلابه ..... كسب خيل والبغال

المعنى : يقول الشاعر ليتك رأيت الترك ( كان اريت الترك يوم ظلوا هرابه ) و العرب رجال القبائل في المنطقه يجرون خلفهم ويمعنون فيهم ضربا ( والعرب متقفيه فيهم ضرابه ) كما يمعنون فيهم سلبا لأغلى بنادقهم ( امنبابيت واميزر ) وخيلهم وبغالهم !!

طلعت لخبار لاسطنبول عشيّه ..... نكّس السلطان والدوله العليه
قال لهم هات الحقايق والدعيه ..... الف مقتول من زخيف الجامكيّه
في امسباخ ظلوا عطين

المعنى : تطايرت البرقيات عشيه ذلك اليوم بأخبار الهزيمه المنكره ... فلم يكن من السلطان الا ان نكس رأسه هو ودولته العليّه .. كما كانت توصف .. ثم افاق السلطان من ذهوله .. وزمجر في قدة جيشه قائلا ( هات الحقائق والدعيّه ) أي هات الاخبار الحقيقيه وليست المدعاة .
ثم يتساءل السلطان في استنكار شديد : ( الف مقتول من زخيف الجامكيّه ) هل يعقل ان يقتل الف ضابط وجندي بأسلحة العرب .. وان هذا العدد من الظباط والجنود قد تركوا في السباخ للعطن والعفن !!

وبعد فالقصيده طويله جدا ولكنني حاولت اختصرها بقدر الإمكان ..
فقط لأنقل لأخواننا من خارج منطقة جازان صوره من صور الشعر الشعبي في الجنوب .. ونقله لوصف شامل للمعركه ..


لا عدمتكـــــــم ..