المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الموقف الرسمي للحكومة الأمريكية من ارتفاع أسعار النفط



بن ثابت
27 -09- 2005, 05:34 PM
د. أنس بن فيصل الحجي

يختلف الموقف الرسمي للحكومة الأمريكية تجاه أسعار النفط عن مواقف وسائل الإعلام وكثير من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ الذين يتهمون دول ''أوبك''، خاصة السعودية. فالموقف الرسمي يتمثل في ثلاث نقاط جوهرية، أولاها أن ارتفاع أسعار النفط لا علاقة له بـ ''أوبك'' أو بالسعودية. والثانية أن دول ''أوبك''، خاصة السعودية، قامت بكل ما يمكنها أن تفعله وزادت الإنتاج إلى أقصاه. والثالثة أن ارتفاع أسعار النفط يؤثر سلبياً في النمو الاقتصادي ولكنه تأثير بسيط للغاية.

إن أفضل مصدر لمعرفة الموقف الرسمي للولايات المتحدة من ارتفاع أسعار النفط هو كلام رئيسها جورج وولكر بوش. فعلى إثر إعلان ''أوبك'' أنها ستجعل كل طاقتها الإنتاجية الفائضة متاحة لكل من يرغب في الشراء شكر الرئيس بوش دول ''أوبك''، وقال ''أود أن أشكر تلك الدول التي تحاول البحث عن طرق لزيادة الإمدادات إلى الأسواق لتخفف من بعض الضغط (الذي سببته الأسعار المرتفعة)''>

ولم يلق الرئيس باللوم على ''أوبك''، بل ألقاه على إعصار كاترينا ومعدلات استهلاك الفرد الأمريكي فقال عن ارتفاع أسعار البنزين ''بعض الارتفاع يعود إلى انقطاع الإمدادات بسبب كاترينا. وقمنا بالتعامل مع ذلك بتعليق متطلبات وقوانين سمحت لنا باستيراد مزيد من البنزين. وتابع بقوله ''ولكن جزءاً آخر من ارتفاع تكلفة البنزين نتج من ارتفاع أسعار النفط، وإحدى طرق التأثير على الأسعار ترشيد الاستهلاك، والطريقة الأخرى زيادة الإنتاج''.

وفي مقابلة مع التلفزيون الروسي في مايو/ أيار الماضي أجاب الرئيس الأمريكي عن سؤال يتعلق بأسعار النفط بقوله: "لا ليس هناك عصاً سحرية. سألني أحد الجنود لماذا لا تخفض أسعار البنزين؟ كما لو أن الحكومة تحدد السعر. الحكومة لا تحدد السعر في بلدنا. وقلت له: إذا كان لدي عصا سحرية فإنني سألوح بها لتخفيض السعر. ولكن ليست هذه الطريقة التي يتم فيها التحكم بالسعر. إن السعر يتحدد عالمياً لأنه يعتمد على الطلب والعرض. والطلب استمر بالزيادة مقارنة بالعرض، وهذا لمصلحة الدول المصدّرة للنفط مثل روسيا. وأنا لا أعرف ما هو السعر الصحيح. ولكن من الواضح أنه كلما انخفض كان أفضل بالنسبة إلى اقتصادنا، لأنه كلما ارتفعت الأسعار زادت كمية الأموال التي تغادر جيوب الناس. ولكن هذه هي الطريقة التي يعمل بها الاقتصاد. ونأمل أن يؤدي ارتفاع الأسعار إلى زيادة الإنتاج. زيادة الإنتاج ستساعد السعر على الوصول إلى توازن. والسوق ما هي إلا سوق: السوق تحدد الأسعار وليست الحكومة. وآمل أن تقوم روسيا بتشجيع الاستثمار بشكل كبير، وأن تفتح ما لديها من احتياطيات. علينا أن نقوم بمزيد من التنقيب هنا. وكنت قد تكلمت مع صاحب السمو الملكي السعودي (يقصد الملك عبد الله عندما كان ولياً للعهد في ذلك الوقت)، وأكد لي أنه يحاول إيجاد المزيد من النفط. وهذا بالفعل ما تفعله الأسعار المرتفعة. ولكن الناس الذين لديهم النفط عليهم أن يفهموا أنه إذا أصبحت الأسعار مرتفعة جداً فإنها قد تحطم اقتصادات عدد من الدول، ما يعني انخفاض القوة الشرائية وانخفاض الطلب على هذه السلعة (النفط)''.

إذا أراد بعض القراء مصدراً أكثر رسمية من مجرد مقابلة تلفزيونية، فإن التقرير الاقتصادي لرئيس الولايات المتحدة الذي يقدمه سنوياً لمجلس النواب (الكونجرس) في ربيع كل عام يقدم الإجابة الشافية. في تقرير هذا العام الذي صدر في فبراير/ شباط الماضي تم تخصيص مربع خاص بعنوان: أسعار النفط والاقتصاد جاء فيه: "أدى ارتفاع أسعار النفط إلى عرقلة النمو الاقتصادي. في عام 2004 ارتفعت أسعار النفط الذي تشتريه المصافي بشكل مستمر تقريباً من 29 دولارا للبرميل في ديسمبر 2003 إلى تشرين الأول (أكتوبر) 2004 عندما وصلت إلى أعلى مستوى لها وهو 46 دولارا للبرميل. ويعود هذا الارتفاع إلى قوة الطلب العالمي على النفط وتقطع الإمدادات داخلياً وخارجياً".

وجاء فيه أيضاً:
"هذه الأسعار قياسية بالأسعار الجارية ولكنها تمثل 60 في المائة فقط من الأسعار الحقيقية القياسية (في عام 1980 )".
''أسعار النفط المرتفعة رفعت تكاليف واردات النفط إلى حدود 32 مليار دولار للبرميل ''.
''هناك قاعدة عامة تقول إن ارتفاع أسعار النفط بمقدار 10 دولارات للبرميل يخفض الناتج المحلي الحقيقي بمقدار 0.4 في المائة بعد أربعة أرباع (بعد سنة). بناء على ذلك فإن ارتفاع الأسعار بمقدار تسعة دولارات عام 2004 قد يؤدي إلى تخفيض نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمقدار 0.3 في المائة إلى 4 في المائة. وإذا تحركت أسعار النفط كما هو متوقع في الأسواق المستقبلية فإن متوسط السعر في 2005 سيكون أعلى قليلاً من مستواه في 2004 لذلك فإن أسعار النفط يتوقع لها أن تكون عقبة ثانوية للنمو الاقتصادي في عام 2005 ".

ورغم وصول أسعار النفط على مستويات قياسية إلا أن التقرير يتوقع نمو الاقتصاد الأمريكي بمقدار 3.5 في المائة في عام 2005 و3.4 في المائة في عام 2006 وهذا يعود إلى ما ذكره التقرير من أن ارتفاع الأسعار يؤدي إلى انخفاض النمو الاقتصادي بنسبة صغيرة جداً.

هنا لا بد من ذكر رأي بعض المراقبين السياسيين الذين يرون أن الحكومة الأمريكية استفادت من ارتفاع أسعار النفط بعدة طرق، أهمها أن أسعار النفط المرتفعة ساعدت الحكومة الأمريكية على تمرير سياسة الطاقة الجديدة التي كان يدعو لها الرئيس الأمريكي منذ كان مرشحاً في عام 2000، وأسهمت في الضغط على معارضي التنقيب عن النفط في المحمية الطبيعية في ولاية آلاسكا، ووفرتا أموال ضخمة للحكومة العراقية.
[line]
المصدر (http://www.alarabiya.net/Articles/2005/09/27/17180.htm)