المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أَوّاهُ يا أُمَّ الحَضارَهْ



نزار
15 -07- 2003, 04:36 PM
شعر
أحممد الريماوي



الإهــــداء

إلى " الأنا " العراقية
وهي تضمّد جرح الأصالة والتّراث
في زمن الذات العربية المنهكة
وهي تلهث وراء سراب المظاهر
القابعة تحت ظلال الحداثة المزيفة
خلف أسوار جنون العصر الإمبريالي

أحمد

*********************************************


(1)
بغـدادُ تُقْصَـفُ والـرّدى يَتَوَعَّـدُ
وأخـو العـروبة - آهِ - إمّا سـادِرٌ يتـرَدّدُ
أو حائرٌ مُتَفَـرِّجٌ بمشـاهد التّلْفـازِ
يأسُـرُ لُــبّهُ ما يشهَـدُ
أو جائرٌ ورث الوَلاء لسيـّدٍ
أو ثائـرٌ في سـِجْنِهِ يتـَـقَدّدُ
بغداد تُقْصَـفُ والمدى يَتَلَبـّدُ
بغـيوم أمريكا الكريهة
وهي تُمْـطِرنا بنار غُرورها...
تَتَبَغْـدَدُ
ترْغـي تفـور وتُزْبِـدُ
بغـدادُ...
أمريكا اللّعـينة تَسْـتَبيح جَـلالكِ الشّرقِـيّ
تجتـاح النـّقاء اليَـعْرُبيّ
تعـيثُ لُؤمـاً ... تَسْـتَفِزُّ تُعَـرْبِدُ
بغـداد هل تُسْـتَبْعَدُ؟
بغـداد هل تَسْـتَشْهِدُ؟
بغـداد هل تُسْـتَقْطَبُ؟
إنّ المَصـائب والعـواقِبَ إنْ تعـالى شأنها
لا بُـدَّ يومـاً تَغْـرُبُ
إن المَكائِـدَ مـاؤها في بِئْـرِها
لا بدّ يومـاً تنضُـبُ


(2)
حَكَـمَ الإلـه الأوْحَـدُ
إنْ رُمْتُـم النّصْـرَ الأكـيد تَوحّـدوا
إنْ رُمْتُـم الحـلّ الوحيـدَ ...
تمسّـكو بِعُـرى العـقيدة تَسْـعدوا
فتعبّـدوا
وتعبّـدوا...
وتعبّـدوا...
وتعاضَـدوا...
وتعاضَـدوا...
وتعاضَـدوا...
مِن دَوْحـة التَّقْـوى اقْطُـفوا وتَـزَوّدوا
لا تُلْحِـدوا
إنّ المَـوَاليَ تصْـطَلي
تُحْـيي المَواهِبَ تُلْهِـبُ
فتَجَـلّدوا ...
وتجـلّدوا ...
وتـجلّدوا وتشـدّدوا
وتَجَنـّبوا لُغَـةَ التّـهافُتِ تَكْسَبوا
وتَقَرّبـوا وتَحابَبـوا
كي لا تُسـاقوا للحَـظائرِ...
فانـظروا وترقّبـوا مَن قلّـدوا وتَغَـرّبوا
" إنّ البُغـاةَ بأرضِـنا تَسْتأسِـدُ "
إنّ البُـغاةَ بأرضنـا تَسْـتفرِدُ
إنّي رأيتُ مُغـالِطاً..
يُلْقـي السِّـهام على العُقول ... يُسَـدِّدُ
مُتَآمِـراً... مُتَأمْركاً يَبْـني قُصـورَ خـيالِهِ
وعلى حصـير شُـكوكِهِ يَتَمَـدّدُ




(3)
بغـداد هل تُسْـتَعْبَدُ؟
لا لا وربّي...
إنّها تَـتَفَـرّدُ...
بجـلالها...
بجمـالها...
نَعْلَيْـكَ ...
إخْلَعْـها إذا اقتَـرب الرِّحـالُ بِبـابها
إنّـي لها ...
إنّـي لها...
مَهْـد الرّشـيدِ فمَنْ يشـكُّ فقد كَفَـرْ
سُـبحان مَنْ خَـصَّ العـراق
بما يُطَـرِّزُهُ القَـدَرْ
أوّاهُ يا أمّ الحَضـارَةِ
سَـيِّدُ الكُـفْرِ انتصَـرْ





(4)
بغداد تُقْطَـفُ والعـدوّ مُعَـبّأٌ
يصـْطادُ من عَـلْيائهِ يَتَرَصّـدُ
لمواقِـعٍ تتمـرّدُ
تَلِـجُ المَآثِـرَ تُرْعـِدُ
لمَواجِـعٍ تَتَعَـمّدُ...
بمنابـعٍ تتوقّـدُ
بغـداد من بَهْـرِ الضَّـنى تتوحّـدُ
بغـداد من بَهْـلِ الضِّـنى تتجـدّدُ
بغـداد تبْـذُرُ كُـل ضـاحيةٍ و حارَهْ
بنَوى الَجسَارهْ
بغداد تنشـُرُ وَعْـدَها
وإغـارةٌ تلو الإغـارَةِ
وَلـَّدَتْ مليـون غـارَهْ
أوّاهُ يا بغـداد هيّـا ...
ضَـمِّدي نَـزْفَ الصّـدارَهْ
بغداد تُسْـعِفُ ذاتها من ذاتها
قَرَأتْ سُطـورَ نَجاتِـها
كَشَـفَتْ أسـاريرَ الأمارَهْ
فالنـار أوّلُـها شَـرارَهْ
لِمَعـاوِلِ القِيَـم المُعـارَهْ
تُـدْمي نواقيـس الحضـارَهْ




(5)
بغداد تَـذْرِفُ آهـةً حَـرّى...
تُخَضِّبُـها مَـرارهْ
لِمَـطالِبٍ تَشْـوي الوُجـوهَ
مَخـالِبٍ تذوي القلـوبَ
مقالِبٍ تكـوي حشـا وُجْـدان حاضـرنا
تشِـلّ الـرّوح...
تُمْـطِرُنا بِوابِـلِها
تُجَـنْدِلُنا بأسْـواط الفضائيّاتِ
تَلْسَـعُنا بآفات العِبارَهْ
عند الصّبـاحِ...
تبُـثّ رائحـة الجريمةِ
آهِ تَحْـقنُنا بِمَصْـلِ اليأسِ
تَرْكُلُنـا...
تُمَرّغـُنا بوحْـلِ البُـؤسِ
تَعْلِكُنـا...
وتَعْجِـنُنا بطـين النّحْـسِ
تُغْرينا بسِـحر البـأسِ ...
تَمْـلأنا كَدارَهْ
باسم الطّهـارَهْ
عند الظّـهيرَةِ...
تَفْتِـكُ الشّاشـاتُ بالأذهانِ
والأبصـارُ إذْ تشـكو عَمى الألوانِ
تَسْـتَجْدي وضـوح الصوّرة البَلْهاءِ
تُزْعِـجُ سَـمْعنا بالإتّهـامات القـميئةِ
تَمْتَطي إحْساسنا
باسم الجَـدارة والمَهـارَهْ
باسم التّـحَفُّزِ والإثـارَهْ
عند المساءِ...
تَنـام قَسْـراً في مَخـادِعِنا
وتُطْلِقـُها إشارهْ
" ناموا ولا تستيقظوا
ما فاز إلاّ النـّوّمُ "
فتعلّموا...
وتعلّموا...
وتعلّموا...
نَهْـجَ الهزيـمة تَسْلَمـوا
وتَرَنّـموا بصـدى التّـهافُتِ واحْـلموا
وتَخَنّـثوا...
وتَلَـوّثوا...
وتَشَـبّثوا ...
برحـى الضّـلالة تَغْـنَموا
وتَطَعّـموا وتَعَـقّموا...
بالشّـائعات تُقَـوّموا
وتصنّموا بالهـابِطاتِ على القمـامةِ
رَمـْرِموا...
لا تَنْـدموا
وتسنّمـوا ظَـهْرَ الغِـوى تتـقدّموا
وتهَنْدَمـوا بِلِـباسِ غـشٍّ
وامـرحوا لا تسْـأموا
وتفرّقـوا ...
وتَمـزّقوا...
وتعلّـقوا بـذُرى الغِـواية وأْثَـموا
وتكبّـروا...
وتعـطّروا...
وتبـخْتروا وتبـسّموا
وتـزنّروا بالـموبقات تُعَـظَّموا
وتجبـّروا...
وتأمّـروا وترسّمـوا
وتصنّعـوا وتربّعـوا فوق العـُروشِ
تصدّعـوا وتقسّـموا



(6)
هيا العبـوا وتلاعبـوا وتكسّـبوا ...
لتُغيّـبـوا
هيا العبـوا...
هيا اشربـوا...
هيا اطربـوا...
هيا اطلُبـوا ما شئتُـمو وتطلّبـوا ...
كي تُسْلَبـوا
لبّـوا النـداء تُخـدّروا
لَبّـوا النـداء تُنَـوّموا!!
السّـرّ أن تَسْـتَسْلِموا
" ناموا ولا تستيقظوا
ما فاز إلاّ النُّـوَّمُ "




(7)
نامـوا ولا تتحـرّجوا
وتَفَرْنَجـوا...
وتَفَرْنَجـوا...
وتَفَرْنَجـوا
بيـعوا البـلاد تُتَوّجـوا
للفُسْـقِ هيا رَوِّجـوا
للعُهْـرِ هيا هرِّجـوا
وتضرّجـوا...
وتضرّجـوا...
وتضرّجـوا
وتدرّجـوا بمحـافل الماسـون لا تَتَلَجْـلَجوا
كم مـرّةٍ تَفَـلوا على أحلامـكم وتَبَـرّزوا؟
كم مرّةٍ سَكِـروا على أوهامـكم وتَلَمّـزوا
وتَمَـزّزوا...
وتَمَـزّزوا...
وتَمَـزّزوا
ياما وياما أطْعَمـوا الأعوانَ ياما لَقّمـوا
ياما وياما لَقّنـوا أشْـراطهم ... أو عَشّموا
ياما وياما قَزّمـوا...
ياما وياما حَجّمـوا
ياما وياما كَمّمـوا الأفكار ...ياما لَجّمـوا
ياما وياما سَمّمـوا الأشعار ... ياما عَلْقَمـوا
ياما وياما ألْزَمـوا...واسْـتَزْلَموا
ياما وياما كَلْبَشـوا...
ياما وياما هَمّشـوا...
ياماوياما هَدّمـوا
ياما وياما عَتّمـوا
ياما وياما أجْهَـزوا...
فتَبَرْجَـزوا...
وتَبَرْجـَزوا...
وتَبَرْجـَزوا
وعلى بسـاط المَكـْرِ هيّا نَفِّـذوا ما أوْعـَزوا
هيّا البِسـوا ما فَصـّلوا ...
هيّا الْبِسـوا ما طَـرّزوا
هـذي قَوافِلُـهم تُدَنّـسُ أرضنـا
تَلْهـو وتَعْبَـثُ في طَـوى أجـوائنا
تغْـزوا هَـديرَ بـحارنا ...
وتُعَـزِّزُ
سِـمَةُ الخُنـوعِ...
تُلـَوّثُ الجُبنـاء مهما حـاولوا وتَحـرّزوا
منـذ البِـدايةِ أُفْـرِزوا
من ذِكْرِهـم ...
قَـرِفَ الأُبـاةُ تَقَـزّزوا
صَـرَخَ الضّـميرُ تَبَلّـدوا
" نامـوا ولا تسـتيقظوا "
وتشَبّثـوا بِحَـبائل الشيطان لا تتَرَدّدوا
قُصّوا شـريط الانْغِـماسِ
وهَشِّمـوا باب الحَيـاءِ وقَـوِّدوا
هيّا افْرِضوا لُغَةَ السُّجونِ وجَهِّـزوا وتَجَهـَّزوا
لِمُخـابَراتٍ أخْرَجـوا وتَخَرّجـوا...
ياماوياما شـَرّدوا ...
ياماوياما عَقّـدوا...
ياما وياما سَلّمـوا للغاصـِبِ المُحْتَلِّ...
حتى يسْلَمـوا
ياماوياما قَلّمـوا...
ياما وياما أعْدَمـوا ...
ياما وياما يَتّمـُوا..
ياماوياما أجْرَمـوا...
ياما وياما خَطّطُـوا للقَمْـعِ ياما رَسَّمـوا





(8)
لا تسـألوا كـم عـَبّأوا
كـم هيّـأوا ...
شَحَنـوا النّفـوسَ وعَمّمُـوا
هيّا افتَحوا باب الجِهادِ
إلى المَراجِـعِ يَمِّمـوا
هيّا اعزِفـوا لـحن العـطاء وقَسِّمـوا
إنْ تَبـْدَأوا مِشـْواركم
دِِيَـمُ الشـُّروعِ تُغَيِّـمُ
فتَنَظَّمـوا...
تَتَعَظّمـوا...
وتَألَّمـوا تَتَقَدّمـوا
فإذا غَرِقْتـم في متاهـة سـِحْرِهم
نشَـروه كيمـا تُرْجَمـوا...
قد آن أن تتَعَوْلَمـوا
قد آنَ أنْ تتَبَلّمـوا
قد آنَ أنْ لا تُدْرِكـوا
باسم الـحَداثةِ نَظـَّروا كي تُنْهَـكوا
كي تُهْتَـكوا...
باسم الحَـداثةِ سارَعـوا لِتُأمْـرَكوا
باسم الرِّعـايةِ قـرَّروا أنْ يَفْتِـكوا...
هيّا انشـطوا وتَحَـرّكوا وتَبَـرّكوا
وتَـدارَكوا وتَشـارَكوا وتَمَسّـكوا ...
بالمُغْـريات تَمَسّـكوا...
لا لا عليكم سـادتي
إنْ شَكّكـوا وتَمَحّكـوا
لا لا عليكم سادتي
قد أوْشَـكوا أن يَلْهَفـوا...
ما قَـرّروا أن يَسْـفِكوا
لا لا عليكم سـادتي لا تَتْرُكـوا ما فَبْرَكـوا
فَتَأمـْرَكوا...وتَأمْـرَكوا...وتَأمـْرَكوا
لا لا عليكـم سادتـي
هيّا انْهَمـوا ما أبْـرَموا
وتَعَوْلَمـوا ...وتَعَوْلَمـوا ...وتَعَوْلَمـوا
وتَبَلّمـوا لا تَنْدَمـوا
"ما فاز إلاّ النـّوّمُ "
وتَمَرّغـوا فوق الـجرائم تَنْعَـموا
وتَحَكّمـوا كي تُحْكَمـوا
باسم التّمَـدُّنِ في البَـوادي والحـَضَرْ



(9)
ويـلاهُ يا أمّ الحضارَةِ...
من طوابـير العَـدَمْ
قَصَمَـتْ مَفاتيـح الشِّـيَمْ
دَكّتْ حُصـون اللا على مـَرْأى البشـرْ
سَلِمَـتْ نَعَـمْ
بَصَقـَتْ على الناس البرامـج
أغْرَقَتْـها بالسّمـومِ...
تُـدارُ من كـأسِ التُّـهَمْ
يلهـو بها الإسْـفافُ تَعْلِـكُها الظّـُلَمْ
وتَجَـمّلَتْ بالراجِـمات القاصِمات من الكَلِمْ
بغداد إنّ الهـولَ ما إنْ عَـمّ...
ما إنْ طَـمّ..
حتى شُوّهَـتْ كلّ الصُّـوَرْ
كَتَـبَ الضّـرَرْ...
أنّ الخَـطَرْ
سِـمَةُ الشّرَرْ
أضـحى على مَـرْمى حـجرْ
ما كان يـدرك أنّـه مـنّا انتشـرْ
ما كان يـدرك أنه أمـسى على مـدّ البصـرْ
زَحَـفَتْ هَـوامير الغَـجَرْ
صَـوْبَ البَيـاض
العَـدْلُ شَـمَّرَ وانْتَـحَرْ
عَبَـسَ المَـخاضْ
حُرِقَـتْ أزاهـير الـرّياضْ
ناحَـتْ نَوافـير السـِّيَرْ
هَبّـتْ أعاصـير الغِـوايةِ
تَحْـمِلُ الإغْـراءَ والإطْـراءَ للبـاغي الأشِـرْ
جَفَّـتْ وأجْهضـَتْ الحِيـاضْ
ضَحِكَـتْ طَراطـيرُ الأثَـرْ
فَرِحَ الضَّجَـرْ
جـاءَتْ جَنـازيرُ الغَـجَرْ!
جـاءَتْ خَنـَازيرُ الغَـجَرْ!
جـاءَتْ لِتَـخْنقَ فَرْحـةَ الطّفـل المُـدَلّلِ...
وهو يلهـو في الحـدائقْ
زَحـَفَتْ فشَـوّهَتْ الحـقائقْ




(10)
واحسـرتاهُ على المَواقِـفِ
غَرْبَلـوها
شـَوْكَةُ الأمَلِ المُجـازِفِ
كَسّـروها
أشـْعرونا أنّ رأسَ الإثْـمِ عـارفْ
أشْعَرونا أنّ جِسْـرَ الحَـقِّ زائِـفْ
واحسـرتاهُ على العـواطفِ
كَـتّفوها...
بالَغـوا في سَـحْقِها
أغْـروا بها نَـهَمَ العَـواصِفْ
_ واحرّقلبي _ سلسـبيلُ الـرّوحِ ناشِـفْ
هي ذي العواصِـف...
كَشَّـرَتْ أنيـابها
زحَـفَتْ لِتَشْـنقَ – آهِ – تاريخاً
فدَمَّـرَتْ المَتـاحِفْ
نَبَشَـتْ ربيـع قلوبنـا...
مُهَـجَ المَصاحِـفْ
زحَفَـتْ وقَـلْبُ الـخوف خائفْ
واحرَّ نُصْحي...
إنّ وَحْـشَ البَـغْيِ خاطِـفْ
أوّاهُ إنّ القلـب واجِـفْ
لا تسألوا ماذا جَـرى لَـهْ؟
إنّ الضّـلالَهْ...
بَصَقَـتْ على وجْـهِ العَـدالهْ



( تابع )

نزار
15 -07- 2003, 04:38 PM
(11)
رحماك ربّ العالمَين العالِمين...
رحماك ربّ السّابِقين اللاحِقينْ
يا من أتـى بالكَـوْنِ...
من كافٍ ونونْ
يا من أتـى للكَـوْنِ ...
بالسـّرّ المَصـونْ
يا ذا الجلالَـهْ
إنّ الجَهـالَةَ والعَـمالَهْ
عَـبثَتْ بـمَخْزون الرِّسـالَهْ
نهَبَـتْ رُؤَى جَلْجامـِش الوَلْـهى...
بأنْغـام الخُلـودْ
نَهَبَـتْ مصـابيحَ الوُجـودْ
قَلَبَـتْ مفاتيـح المُهـودِ إلى مَغاليـقِ اللُّحودْ
سَفَكَـتْ دمـاء السّـومَرِيين الأشـورِيين
حَمّـورابِ مُتَّـكِئاً على القانـونِ
يَـذْرِفُ حُـزْنَهُ حتى الثّمـالَهْ
يرْثـي مَـآلَهْ
يَرْنـو إلى الأخبـارِ مَشْـدوهاً
قُـواهُ تَخِـرُّ من هذا السـّقوطِ على عُجـالَهْ




(12)
عـُذْراً أبا وقـّاص إنْ فَـجِعَ الفـراتُ
ونـاحَ دِجْـلَةُ للمَهـانهْ
بغداد هَـدَّ جـلالها شَبَـق الخِـيانهْ
بغداد تُرْهِقُـها الإدانَـهْ
نامـت على نَكَـباتها صُـوَرُ الأمـانهْ
حَلِمَـتْ بأوهـام الحَصـانَهْ
غـرِقَتْ بكابـوسٍ تـحوَّلَ دونما إنـذارْ
غـولاً هـنا ...
غـولاً هنـاكَ وآخـراً خلْفَ السِّـتارْ
هجمـوا كما هَجَـمَ التّـتارْ
شَقّـوا الإبـاء ومَزَّقـوا شَـرَفَ البَـكارَهْ
أوّاهُ يا أمّ الحَضـارهْ
قَذَفـوكِ تحت سنـابِكِ الألغـامِ
في شَظَـفِ الزّحـامْ
عـرّوكِ وابن العَلْقَـمِيّ
يسـير بالوَجْـهِ المُلَطّـخِ بالسّـخامْ
وتَغَـوَّطوا فوق المَشـاعِرْ
قتلـوا الحَرائـرْ
هَدَمـوا المَـآذِنَ والمَنـابرْ
نَكَشـوا المَقابِـرْ
سَرَقـوا المَآثِـرَ في المجَامِـعْ






(13)
واحسـرتاه على المَجامِـعْ
لا حُـرْمَةٌ تـحْمي المَراجِعْ
لا لا ولا خُلُـقٌ يـذود عن الوَثـائق في المَواقِعْ
لا لا ولا أدَبٌ يدافِـعْ
جاءوا بهم لحـظيرة التّطبيـعِ
سيّدُهُـمْ...
على الشُّرُفـات يَرْمُقُهُـمْ
ويسْـخَرُ لا يُمـانِعْ
مَخْطـوطَةٌ تبـكي مـكالَبَة الفَنـاءِ
وتُـحْفَةٌ تشـكو ... تُنـازِعْ
أيْقـونَةٌ تَـرْوي حِكايتـها ...
لِنـايٍ بَثَّ آهـات البَيـارِقْ
في كلّ رُكْـنٍ ...
في المَـغارِبِ في المَـشارِقْ
سَـعَفُ النّـخيل يَشـيبُ من فَـزَعِ الطُّيـور...
على المَـرابِعْ
دَبّابَـةٌ تَـروي ... تُـتابِعْ
مَـزْحَ القَـنابِلِ والصّـواريخ الغَبِيّـةِ والمَـدافِعْ...
لِكُـوى الشُّـعورِ... بِـلا مُنـازِعْ
للجالِسـين على المَقاعِـدِ...
للنّـشامى في القَـواعِدِ
للسّـواعِدِ...
للشّـواهِِدِ...
للشّـوارِدِ
للنَّـزاهَةِ في تَقَـصّي البَحْثِ...
للإبـداعِ في كَنَـفِ المَعـاهِدِ
للحِـوارِ بِدارَةٍ حُبْـلى بأفْـراحِ المَـوائِدِ
للحَـوانيت الكَئيـبةِ...للبُـيوتِ... لِصـالةِ الألْعـابِ...
للرَّوْضـاتِ...
للشُّـرُفاتِ...
للقـاعاتِ...
تَهْجُـرُها دُمـى الأصْحـابِ والأحْبـابِ
للسّـاحاتِ...
للواحــاتِ...
للطُّـرُقاتِ...
تَسْـألُ عن زمان اللّهْـوِ للغُـيّابِ
للإعْـلامِ...
لِلأقْـلامِ...
لِلأفْـلامِ...
لِلأحْـلامِ يَعْصُـرُ قَلْبَـها نَـزْفُ الشَّـوارِعْ
لِمَـراكِزِ الإِسْـعافِ...
لِلأوْقـافِ...
لِلأَرْيـافِ...
يَجْـرَحُ كِبْـرَها وَجَـعُ المَـزارِعْ
واحسـرتاهُ على الـمَزارِعْ
عَطِشَـتْ وعـاثَ بها شـَقِيٌّ سـابَ...
جَرَّفَـها مُخـادِعْ






(14)
واحسـرتاه على الـجَوامِعِ والصَّـوامِعْ
الفِـقْهُ سُـخِّرَ للصَـغائرْ
والذِّكْـرُ من لُغَـةِ الكَبائـرْ
وأرى العِبـادةَ والتِّـلاوةَ هُـجِّرَتْ
سَـكَنَتْ بِـوادي المُنْحَـنى من أضْلُـعِ العُـبَّادِ...
نامت في المَهاجِعْ
واحسـرتاهُ على الشَّـرائِعْ
حُرُمـاتُها صُلِبَـتْ على عُـودِ النّـوازِعْ
ألْقـوا بها للريـحِ تَعْـوي...
والنُّهـى في الرُّكْـنِ قابِـعْ
مَن ذا يُراجِـعُ أو يُقاطِـعْ أو يُرافِـعْ؟
ألْقـوا بها في عَتْمَـةِ الفَوْضـى
لِتَخْطفـها الزَّوابِـعْ
_ واحرّقلـبي _ دون رادِعْ
مَنْ ذا يُقـارِعُ أو يُصـارِعْ؟
ألْقـوا بها في عَـتْمَةِ الجُـبِّ الرَّهـيبةِ
دَلَّلـوا...
من ذا يُبـايِعْ؟
بُحَّـتْ على الإِثْـرِ الـحَناجِرْ
زَجُّـوا بها في غَيْهَـبِ الإِبْعـادِ
في كلِّ المَهـاجِرْ




(15)
مهـلاً أبا وَقَّاص ...
يا من عَلَّـمَ الدُّنْيـا على نَبْضِ الضَّـمائِرْ
بغداد إيقـاع الشَّعائـرْ
مَنْ قال دون تَرَحُّـمٍ بغداد عاقِرْ؟
بغـداد دُرّةُ أُمَّـةٍ ...
حَـفَرَتْ شـِعارَ بَقـائها
زَرَعَـتْهُ في كلّ البَـوادي والحَـواضِرْ





(16)
عُـذْراً أبا وَقّـاص أرّقـني الخِـلافْ
عُـذْراً أبا وقّـاص عَذّبـني الرِّعـافْ
شاهَـدْتُ لابن العَلْقَـمِيِّ مُسَـلْسَلاً
يفْضـي إلى الحَتْـفِ الزُّعـافْ
يمـشي على رَهْـوِ الـخديعةِ...
بين أشـلاء القبـائلْ
يمشـي فتَجْـرفُهُ الوقيعـةُ
مثـل سَـيْلٍ ضـاق من زَخَـمِ الحَمـايِلْ
يمشـي على وَيْـلِ الفضـيحةِ
_ آهِ _ مَسْـلوب الشّـمائِلْ
شـاهَدْتُ للطّـوسِيِّ مَشْـهَدَهُ
على مَرْأى بنُ يَقْطـين المُـخاتِلْ
يُفْضـي بسِـرٍّ...
خَـطَّ هـولاكو حروفَ بُنودِهِ
بغـداد مَسْـرَحهُ المُـناوِىءْ
شـاهَدْتُهُ نَهْـماً يُـماليءْ
ما همّـهُ عبَـثُ الجحـافِلِ بالمبـادىءْ
ما همُّـهُ هـدْمُ المَنـازِلِ والمَـرافىءْ
ما همّـهُ قَصْـف القَـوافِلِ للمَجـادِلْ
ما همّـهُ رَدْم المَخـابِيءِ والمَلاجـىءْ
ما همّـهُ قَنْـص المَعاقِـلْ
شـاهَدْتُ لابنِ العـَلْقَمِيِّ مُـسَلْسَلاً
يـُفْضي بِأنّ الأمـرَ زائـلْ
شـاهدتُهُ يُفْضـي بِأنّ الأمـر طـارىءْ
شـاهدته يمشـي على زَبَـدِ الرّذائـلِ والبَدائـلْ
يخْفـي الدّلائـلْ
شـاهدته يمشـي على شَـبَكِ المَهـازِلِ والنّـوازِلْ
شـاهدته يجْثـو ...يَـبـولُ على سـنا تاريـخ بابِلْ
ما هَـمّهُ إنْ جُـزّ سُـنّـيّاً
أو بُـزَّ شـيعِيّاً
أو حُـزَّ كُـرْدِيّاً
أوغَُـلَّ صـابِىءْ
ما هـمّهُ دمـع النّـخيل على المبـاديء
ما همـهُ أمّ النّـخيل على رصـيف القـهرِ...
تَقْذِفهـا المـوانىءْ
المَـرْءُ في قامـوسِهِ عَـرَضٌ وطـارىء
ما همـه مَـرْأى حقـول النَّفْـطِ
يُكـرعُ كـأس حَـوْزَتها...
على شَـرَفِ المَصـالحْ
ما همّـه سَـيْف الوِصـاية والجِبـاية والنِّكـايةَ
كي يُتاجِـرَ...
كي يُقامـرَ...
كي يُفاخِـرَ كي يُرابِـحْ
أوّاهُ يا أمّ الحضـارةِ
يا عـروس النّخـلِ...
إنّ الجَـوّ مالِـحْ
أوّاهُ إنّ الفكْـرَ كالِـحْ
أواهُ إن الجـهل كابِـحْ
أوّاه من جُـرْحٍ يُـرَدّدُ للدُّنـى...
ثمن اغتِـراب الـرّوحِ فادحْ
ما همّـهُ نَـصٌ يُناجـي
أين بارقـة اللوائـحْ؟
ما همّـه نَغَـمٌ ينـازِعُ
لا ولا معـنى يُكافِـحْ
ما همّـهُ طـيرٌ على شَـجَرِ الأمـاني جـالسٌ
والقلـب نائِـحْ
ما همّـهُ ألـمٌ يُـراوِحْ
ما همّـهُ إنْ قـال قائِـلْ:
سَـوْرَةُ الرُّؤيـا تجلّـتْ...
مَـثَّلَتْ كلّ الشّـرائِحْ
أعْـلَنَتْ...
إنَّ الـحقيقةَ كُـبِّلَتْ ...
وَرَمُـوا بها عـبر الزّنـازين الـخفِيّةِ
عَلّقـوها فـوق أعـواد المَقاصِـلْ




(17)
مهـلاً أبا وقّـاصُ مـهلاً...
لا تَسَـلْ مَـن ذا يُقـاتِلْ؟
إنّ الأراذِلَ...
مَوّهـوا ألَـقَ البَواسِـلْ
كلّ الشِّعـارات اكْتَـوَتْ بالـزّورِ
شاخَـتْ صَـوْلَةُ التّحْـريرْ...
زَجـّوا بها على عَفَـنِ المَـزابِلْ
صـارت عِـظاتُ النُّصْـحِ تأويـلاً وتَضْلـيلا
صـارت أقاويـلا
يوم اعتلـى الدّيجـورُ قِـمّةَ نصْـرِنا
انْـكَفَأ الخِطـابُ إلى الـوَراءِ
تَقَيَّؤوا لُـغَةَ الشَّتيمَـةِ
شَـهّروا ...
خَـنَقوا القَنـاديلا
والنّـاسُ قد ذهبـوا شَـماليلا
أسْـوار بغداد انْـحَنَتْ
وتحَـَوّلَتْ لَغْـطاً وقيـلا
وأبو رُغـالُ يجـوبُ في سَـبَخاتِ فِـتْنَتِهِ
يُسَـوِّقُها ...
يُعَـلِّقُها على حبـلِ الضِّـفاف
يَطْـوي مَفـازات الصِّحـاف
يَرِفُّ في ثـوب الزّفـاف
يَحفُّـهُ بالاعتِـراف
بعبـاءةِ الإذْعـانِ أحْـضَرها الطُّـغاةْ
مَنْسـوجةٌ بحِـلَى الوَجاهَـةِ والنّجـاةْ
إنّـي أراهُ يَغُـبُّ من دمـع الفُـرات
إنّـي أراهُ يَغُـبُّ من دم دِجْـلَةَ المَسْفوحِ في الفَلَوات
إنـّي أراه يُـلِحُّ في قَمْـعِ الأُبـاةْ
إنّي أراه يُلِـحُّ في بَتْـرِ الثّبـاتِ
يجُـزُّهُ قِـطَعاً يُوَزِّعُـها هنا وهناك في كل الجهات
يختـال كالطّاووس فوق جماجم الحِكَـمِ الغـريقَهْ
مُتَشَـفِّياً بِتَسـاقُطِِ العَبَـرات في الصّـلوات
مُتَشَـفِّياً بتآكُـلِ القِيَـمِ العَتيقَـهْ
مُسْـتَهْتِراً بلـظى الدّعـاء لروضـةٍ
صُـلِبَتْ على مَتْـنِ المشـانِقْ




(18)
عـذراً أبا وقّـاص إنّ الجَـزْرَ خـانقْ
عـذراً أبا وقّـاص إنّ الجَـزْرَ ماحِـقْ
ُيلْقـي بـآلام العـوائقْ
المَـدُّ ... من هَـوْلِ المُصـيبةِ
طَـبَّ مَغْـشِيّاً علـيه من الصّـواعق
المَـدُّ في الطّـرقات يلْتَـحِفُ الرّيـاحَ
يَدَيْـهِ تسـألُ مَن يَقـي شـرّ الحرائِـقْ
تأتـي لتُجـْهِزَ في سُـعار الصّـدمة الكُـبرى
علـى شَجَـرِ الوثائِـقْ
تأتـي لتُجْهِـزَ في أتـونِ الوَهْلَـةِ الأولى
علـى ثَمَـرِ المَلاحِـقْ
الجـَزْرُ يأْكُـلُ كلّ أخْـضَرَ كلّ يابِـسْ
المَـدُّ بائِـسْ
الجَـزْرُ يَـرْكُلُ كلّ أشْـوَسَ كلّ فـارِسْ
المَـدّ يفْتَـرِشُ الهَواجِـسْ
الجـَزْرُ يَـنْـتَعِلُ الأوامِـرَ
قد يُنَـاوِرُ أو يُشاكِـسْ
ضَـجَّ الفَـوارِسُ والأشـاوِسْ
عُـذرا أبا وقّـاص إنّ المَـدّ قَـارِسْ
شـاهَدْتُهُ سَـحَراً يُمـارِسْ...
معـنى البَقـاء على الفَنـاء ... على الدّسـائِسْ
مَنْ قال : أنّ المّـدَّ يائِـسْ ؟
لا بُـدَّ من يـومٍ يكـون المَـدُّ سَيِّـدُ وَقْتِـهِ
يَـرْوي انْكِسـار الانْكِسـارْ
لا بُـدَّ من يومٍ يغيـظُ الانْحِدارْ
المَـدُّ شـاهِقْ...
لا بُدَّ من يـومٍ تُعـانِقُهُ الشَّـواهِقْ
يمْـضي ويَمْـضي لا يَنـامْ
يَطْوي الرِّهـانَ مُـرَدِّداً ...
إنّـي أعُـوذُ مِن الدِّهـانِ
من الوَنَـى...
مِـنْ كُـلّ أفّـاكٍ وفاسِـقْ
مِنْ كُـلّ مَنْ ألِـفَ القَتـامْ





(19)
شاهَـدْتُ شـاوَرَ يَفْتَـحُ الأسْـتارَ
عن وَجْـهِ العَفـاف بِـلا زِمـامْ
يَـحْميهِ رِجْـسٌ من بِـلاد العَـمِّ سَـامْ
باسـم المَحَبّـةِ والسّـلامْ
شـاهدْتُهُ يُـدْلي المَـواعِظَ والنّصـائحْ
لِذَوي الكُـروشِ...
ذوي القُـروشِ...ذَوي النُّـقوشِ
ذوي العُـروشِ على النُّعـوشِ
ذوي السّوابِقْ
من أطفَـؤوا نـورَ الكـويتِ
وَ أعْدَمـوا سُنَـنَ الخَـلائِقْ
ونَسُـوا بأنّ اللـهَ خالِـقْ
شـاهدتُهُ يُـدْلي النّصـائحْ
لذوي اليُخـوتِ...ذوي التُّخُـوتِ...
ذوي النُّعـوتِ...ذوي البُخـوتِ
ذوي الطّـوارِقِ والعَـلائِقْ
من شَـوَّهوا وَهَجَ البُشُوتِ ...
و لَـطَّخُوا عَـبَقَ الـمَشَالِحْ
من جَـذّروا نَهْـجَ العَـوائقْ
ونسـوا بأنّ اللـهَ رازِقْ
أنْ يُتْقِـنوا لُـغَةَ المَسـارِحْ
أنْ يُظْـروا لغـة التّسـامُحِ...
يُبْطِنـوا لغـة الفَضـائِحْ
كيمـا تَفـوح على مُحَــيّا الفِـعْلِ ...
جـارِفَةُ الرّوائـحْ





(20)
أنا لا أمـازِحْ
شِعْـري غُمـوضٌ زِيُّـهُ عَبِـقٌ وواضِـحْ
شِعـري على الأعـداء جـارِحْ
شِعـري كـما الإسـلام شـامِخْ
شِعـري كما الإيمـان راسِـخْ
شِعـري كما الطّـوفان عـارِمْ
شِعـري يُقـاوِمُ لا يُسـالِمْ
شِعـري عن الأوغـاد فاضِـحْ
شِعـري إذا نادى المُنـادي ...
نَبْضُـهُ خَـصْب المَلامِـحْ
فَرِحَـتْ بِـطلْعَتِهِ القَرائِـحْ
شعـري نَقِـيٌّ لا يُنـادِمُ لا يُسـاوِمْ
شِعـري يُنـافِحْ...
شعـري كما سَيْـف الـحقيقةِ ...
باتـرٌ صـَلْبٌ وصـارِمْ
شِعـري يُفـاتِحُ لا يُمـالِحْ
لا لا يُجـامِلُ لا يُسـامِحْ




(تابع )

نزار
15 -07- 2003, 04:40 PM
(21)
سَـفَكوا دِمـاء الجامعـاتِ وما اكْـتَفوا
سَلَبـوا ضيـاء المكتبـاتِ وما اكْـتَفوا
نهبـوا حِـمى المسْتَشْفَيـاتِ وما اكتفوا
عَطَبـوا رَحـيق الأُغْـنِياتِ وما اكْـتَفوا
حَبَسـوا المـُنى...نَسَـخوا النِّـظامْ
نهشـوا الجَـنى... أكَـلوا الحَـرامْ
فَرَشـوا العَـنى وتَجَـلْبَبوا بالالْـتِزامْ
جَلَبـوا السّـقامْ
كتبـوا على هـامِ الوِسـامْ
مَرْحـى لعصـر العَـمِّ سـامْ
هتفـوا بِلا خَجَـلٍ
بأنّـا سـائرون إلى الأمـامْ
هتفـوا بلا وَجَـلٍ
وقالـوا إنّـنا قـومٌ كِـرامْ





(22)
أوّاهُ يا أُمَّ الحضـارَةِ
إنّ صَـدْرَ الليـل أطْـبَقْ
أوّاهُ يا أمّ الحضـارةِ
إنّ عَـقْلَ الحـرْبِ أحْـمَقْ
أوّاهُ يا أم الحضـارَةِ
إنّ بُـرْجَ الوَهْـمِ أطْـبَقْ
أوّاهُ يا أمّ الحضـارَةِ
إنّ نَـحْسَ الشّـرّ أغْـدَقْ...
وشَـرى الضّـمائر _ آهِ _ في سـوق النِّخاسَـهْ
باسـم النّـباهة والفَراسَـهْ
باسـم الكياسَـهْ
الحَـرْبُ أوّلُـها وآخِـرُها سياسَـهْ
لا تسْـألَنّ عن السِّياسَـهْ
هي سـيّدي لُطْـفٌ تُعـاقِرُهُ الشّراسَـهْ
هي سـيّدي طُـهْرٌ تُـطَهِّرُهُ النَّجاسَـهْ
هي سـيّدي ظُلْـمٌ تُدَثِّـرُهُ القَداسَـهْ
هي ذي السِّياسَـهْ
لا هَـمَّ إلاّ هَـمَّ إغْـراءِ الرِّئاسَـهْ
هي ذي السِّياسَـةُ نجْـمُها في عصـرنا أشْـرقْ
هي ذي السياسَـةُ غَيْمُـها في عصْـرنا أبـرَقْ
هي ذي السِّياسَـةُ طَيْـرُها حَـلّقْ
أوّاهُ يا أمّ الحَضـارَةِكُنْـهُها أخْـرَقْ
أوّاهُ يا أمّ الحضـارةِإنّ جُرْحَـكِ غائِـرٌ
وجِراحُنـا في القُـدسِ أعْمَـقْ




(23)
أوّاهُ يا أمّ الحضـارةِ إنّ شِـعري خـارِقٌ
أوّاهُ شِـعْري ماحـقٌ
أوّاهُ شِـعْري صاعِـقٌ
وأنا أُشـاهِدُ مَسْـرَحاً ...
مُتَنَكِّراً بِجَـليدِ دَوْرٍ هابِـطٍ
ودمُ العُـلا يُـهْرَقْ
ومَشـاعِلٌ تَـرْنو إلى ظُلَـمِ الظّـلامِ
تَلـوبُ في وكناتِـها
لمَنـاهِلٍ تُسْـرَقْ
وأنا أُشـاغِلُ لَهْفـةَ الآتـي
أقول لوثْبَـةِ الأجـيال مُحْـتَدِماً
بغداد لن تُصْـعَقْ
وأقول للتّـاريخ مُنْتَصِـباً
بغداد لن تُسْـرَقْ



(24)
بغداد صـافِيَةٌ كعَيْـنِ الـحقِّ
فاتِنَـةٌ كروح الشّـرْقِ
واضِـحَةُ الشِّـعار
بغداد ناصِـعَةٌ كما خَـدِّ النّهارْ
بغـداد لـؤْلُؤَةُ المَحـارْ
بغداد تكـشِفُ صدرهـا
للعـابِرين العـابِثين العـازِمين على الحِصـارْ
بغـداد لن ترضـى الـهَوانْ
بغـداد قد آنَ الأوانْ
بغداد تَعـرِفُ كيف تَقْطـفُ ...
من تلابيـب القَـنا زَهْـرَ الأمـانْ
ما هَمَّها ابن العَلْقَـمِيِّ ينام في حضْـنِ الـتّـتارْ
ما همّهـا الوجـه المُعـارْ
ما همّهــا فُـجْرُ الطُّغـاةِ ...
وتُرّهـات أبي رُغـالْ
ما همّـها إنْ سـار في دَبّابـةٍ حَمْـقى...
على حُلُـمِ العِـيالْ
ما همّهـا يمشـي على شَـرَفِ العِقـالْ
ما همّـها الآثـارُ تبكيـها الرّمـالْ
لم يُبْـقِ قُطّـاع الطّـريق لها أثَـرْ
لا لا ولم تُبْـقِ الزّلازِلُ لم تَـذَر
ما هَمَّـها البَلْـوى تُذَرِّيهـا على مَـرْأى العِبَـرْ
ما همّهـا إنْ خـاف حاطِـبُ ...
إنْ عصـا...
أو خَـرَّ في جـُرْفِ الخَـوَرْ
يخفـي الـهَوانَ بشَـعْرِ عابِـرَةٍ...
ويُرْسِـلُهُ على عَجَـلٍ ليُنْقِـذَ مَن كَفَـرْ
مهـلاً عُمَـرْ
ضَـعْ سيفـكَ البَـتّارُ حاطِـبُ ما كَفَـرْ
هو يـوم بَـدْرٍ خَطَّ بالإيمانِ مَـلْحَمَةَ الظَّـفَرْ
فاغْفِـرْ لهُ...
والله أعظم مَن غَفـَرْ








(25)
بغـداد تَعْـرِفُ...
كيف تنفُـضُ عن مَهـابتها غُبـارَ الاحْتِلالْ
بغداد يصْقـلها الـنِّزالْ
بغداد تعـرف ما يُجَـدّد ما يُعيـدْ
سَبْـقَ الجُـدودْ
بغداد شـيمتها الصّمـودْ
بغداد شـيمتها الصّعـودْ
بغـداد يا الأمّ الـوَلودْ
إنّ الأسـى لا يُـنْـتَسى
لا تغْـرَقي في عُـقْمِ لو
في سُقْـمِ رُبَّ وفي عسـى
ليل القطيعـة عَسْعَسـا
بغـداد يا بغـداد يا بغـدادْ
الشّعـب شَـقّ طريقـهُ
وعلى ذُرى الإيمـان
والهَـدْيِ الرّفيـعِ تَأسّـسا
الشّعـب كان وما يـزالُ
على النّـوازِلِ أشْـوَسا
الشّعـب في زمـن المُلِمّـات العَـصِيّـبَةِ
صَـبَّ كأسَ بقـائهِ
شَـرِبَ الهِـدايةَ واحْـتَسا
فرأى على طُـرُقِ الهزيـمَةِ
أجْـنبيّاً سـام أصـناف العـذاب تَغـَطْرَسـا
ورأى رَقيعـاً مـارِقاً
سَـلَبَ الحقـوقَ...
تنفّـسَ الصّعـداءَ...
ظـنّ بأنّهُ مَـلَكَ الوجـود تَرَأّسـا
ورأى صَفيقـاً أهْوجـاً
يَهْوي بمِطْرَقَـةِ الغبـاءِ على التّـُراثِ...
وقد قسـا
ورأى وضيعـاً عاهِـراً...
لَعَـقَ الـمَذَلّةَ نَسْـنَسا
بغـداد لن تنسـى الأسـى
بغـدادُ يا بغـدادُ يا بغـداد
كم سـاقِطٍ أرْغـى وأزبَـدَ وانْـتسى؟
الشعـب أطلـق حُـكْمَهُ
من أجـل عـينيكِ اعتـلى قِـممَ الـجهادِ
تَمَرّسـا
من أجـل عينيـكِ
افتـدى الشـعب الجريـح بروحـهِ
وتَمَتْرسـا
الشعب _ آهِ _ تَلَمّـسَ الخطـر الخفيّ توجّسـا
الشّعـب _ آهِ _ تَـفَرّسـا




(26)
بغـدادُ يا بغـدادُ يا بغـدادْ
لولاكِ ما انطلـق المِـدادُ...
ولا شَـدا
لولاكِ ما سـمع الأصـمُّ...
ولا صَـدا
بغدادُ لن ترضـى الحِـدادْ
لا لا ولن ترضـى السّـوادْ
بغدادُ ليسـت لُقْمَـةً ...
بِفَـمِ العِـدا
بغدادُ ليسـت لُعْبَـةً...
بِيَـدِ الـرّدى
بغـدادُ ليسـت مثل عـادْ
لا لا ولا إرَم العِمـادْ
بغـدادُ سـطّرها المَـدى...
أُمَّ الشِّـدادْ
عَزَفَـتْ على وَتَـرِ الفِـدا
هي طائـرُ الفينيـقِ...
يُبْعَـثُ _ آهِ _
مِن تحت الرّمـادْ

============
ولكم الشكر

التاريــــــــخ
15 -07- 2003, 09:48 PM
أخي نزار

بورك فيك على هذه الرائعة
ولي قراءة متأنية لاحقاً

وفقك الله

نزار
16 -07- 2003, 12:18 PM
اسعدني مروركم
واعترف انها طويلة