المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كاترينا شعر: عبدالرحمن صالح العشماوي



أبو فهد
08 -10- 2005, 03:41 AM
كاترينا
شعر: عبدالرحمن صالح العشماوي



أقبلتْ والشِّمال تلوي اليمينا

تخلط القادمين بالرَّاحلينا

أرسلتْ طرفَها ومدَّتْ خُطاها

تَطَأ الأَرض توقظ الغافلينا

كشفتْ رأسَها، فلم تُخْفِ وجْهاً

حين سارتْ ولم تُغطِّ الجبينا

مقلتاها تحدِّ ثانِ بسر

كان قبل المجيء سرَّاً دَفينا

شفتاها تُردِّدان حروفاً

وحديثاً عمَّا تُريد مُبينا

قَدَماها تُعلِّمان الفيافي

ما يُريها انطلاقَها ويُرينا

ساقت الموجَ والبحار وساقت

خَلْفها الرِّيح تَطرد الهاربينا

وأدارتْ في كلِّ شيءٍ رحاها

فأحالت ما واجهته طحينا

وأراقت عليه ماءً أُجاجاً

صنعتْ منه للفناءِ العَجينا

لا تبالي بما تقابل مهما

كان ضخماً وكان صلباً متينا

ملأتْ دربها الطويل ضحايا

وصراخاً وادمعاً وأنينا

كيف جاءت وأين تغدو وماذا

تبتغي هذه التي تجتوينا؟!

ما اسمُها؟ ضجَّت الأعاصيرُ لمَّا

سألوها، ورددتْ (كاترينا)

(كاترينا) أما ترون يديها

كيف هزَّتْ قلاعكم والحصونا؟!

أو ما تسمعون وقْع خُطاها

أَورَثَ العقل حيرةً وجنونا؟!

مالكم - ويلكم - وقفتم حيارى

وفغرتم أفواهكم واجمينا؟!

أنتم القوَّة العظيمة هيَّا

حطّموها، وأمّنوا الخائفينا

وجِّهوا نحوها أساطيل جوّ

واملؤوا البحر للدِّفاع سفينا

أمطروها بسائل الغاز حتى

تقتلوها قتلاً فظيعاً مُهينا

حرِّ قوها بناركم، مزِّقوها

كضحايا العراقِ حتى تَلينا

عندكم خبرة القتال، رأينا

في بلاد الأَفغانِ منها فُنونا

ورأينا العراق يجري دماءً

بعد أن صار في يديكم رهينا

(كاترينا) هيَّا اسمُلوا مقلتيها

بالمسامير، أَغمِدُوا السكِّينا

عندكم خِبرَةُ السجون فهيَّا

أَسِكنُوها في (قونتنامو) السُّجونا

أجهزوا - أيها الصقور - عليها

قبل أن يَهزِمَ اليقينُ الظُّنونا

بادروها بجيشكم، واستعدُّوا

قد أتتكم (ريقا) بما تكرهونا

جَنْدِلُوا هذه وتلكَ سريعاً

أولستم بجيشكم قادرينا؟!

نحن - والله - لا نريد هلاكاً

للضحايا، ولا نريد فُتونا

غير أنا نقول قوْلَةَ حقّ

يصبح الظنُّ في مداها يقينا

يُمهل الله خلقَه ويُريهم

طُرُق الخير عَلَّهم يَسلكونا

جعل العفو واحةً وغصوناً

وارفاتٍ تظلِّل التائبينا

بابُه مُشرعٌ لكلِّ منيبٍ

بابُ خيرٍ يستوعب العالمينا

فإذا أسرف العباد وجاروا

وتمادوا وروَّعوا الآمنينا

قال: كُنْ، خالقُ العباد فكانتْ

لَمْحَةُ العينِ مُهلَةَ الظالمينا

يا ضحايا غرورهم وهواهم

كم ننادي غروركم فاسمعونا

اسمعونا فربما جاء يومٌ

مُثْقَلٌ يملأُ المسامع طينا

اخرجوا من مغارةِ الوهم إنَّا

لنراكم في ليلها غارقينا

احرسوا شعبكم بعدلٍ، وإلا

فعليكم أوزارُهم أجمعينا

ما دهاكم، أما كفى ما رأيتم

من ملايين شعبكم هائمينا؟!

لحظةٌ من إرادة الله دكَّتْ

ما بنيتم من القلاع سنينا

مَنْ رأى البحر هائجاً، وتمادَى

دوَّنتْه الأمواجُ في الهالكينا

علي أبوطالب
08 -10- 2005, 03:50 AM
رائعــــــه من روائــــع العشمــاوي ..


شكــرا / اخي صدى الوجــــــدان..

أبو فهد
08 -10- 2005, 02:42 PM
شكراً لمرورك الكريم يا أبا سامي

وكل عام وأنت بخير

صمتي سؤال
12 -10- 2005, 09:52 AM
اوكي: رائع أخي صدى الوجدان وبالفعل رائعــــــه من روائــــع العشمــاوي

وهذه رائعة اخرى اتمنى أن تعجبك:

صرخةٌ من بائسٍ عراقي

«إلى أهل البصائر والنُّهَى»

شعر عبدالرحمن صالح العشماوي

الأحد 12/9/1423هـ

ضجَّتْ نجومُ الليل من حسراتي

وشكا الفُراتُ إلىَّ من عَبَراتي

وجرتْ عليَّ عيونُ دجلةَ أَدْمُعاً

لما رأتني واهنَ الخُطواتِ

واستفظع القمرُ المنيرُ حكايتي

فبدا كسيفَ الوجه في الظلماتِ

وبكتْ عليَّ الشمس حين تهشَّمتْ

نظرات مَشْرقها على نظراتي

حتى شفاه الفجر لم تَرْسُمْ لنا

لما رأتني، ساحرَ البَسَماتِ

واستوحشتْ بغدادُ لمَّا أبصرتْ

ما خطَّت المأساةُ في قَسَماتي

بغدادُ هارون الرشيدِ تلفَّعتْ

بسوادها، وبكتْ على الحُرُماتِ

وكأنها لم ترسم التاريخَ في

أهدابها صوراً من العَزَماتِ

وكأنها لم تزدهرْ بعلومها

يوماً، ولم ترفعْ مقام دُعاةِ

وكأنَّ عينَ المجد ما اكتحلتْ بها

واستمتعتْ بزهورها النَّضِراتِ

وكأنَّ أهدابَ الرَّصافةِ ما رأتْ

سِرْبَ المها، وهوادجَ الخَفِرَاتِ

وكأنَّ فرسان المبادىء ما بنوا

قممَ الشموخ، وهم على الصَّهواتِ

يا إخوة الإسلام، يا أهل النُّهَى

في الأرض، يا من تسمعون شَكَاتي

للفقر وجهٌ يا أحبَّةُ كالحٌ

وفمٌ يردِّد أسوأ الكلماتِ

أمَّا يداه فَقُدَّتا من صخرةٍ

والصوت صوتٌ موحش النَّبَراتِ

صورٌ يحسُّ بها فقيرٌ بائسٌ

مازال يشكو من وجوهٍ قُساةِ

يا إخوةَ الإسلام، دونكم اللَّظى

مازال يحرق «دِجْلتي» و«فُراتي»

بيني وبينكم السِّياج، فما أرى

إلا طوابيراً من البَعَثاتِ

سلكوا إلى التفتيش ألفَ طريقةٍ

وأَبَوا سلوكَ مسالكِ الرَّحَماتِ

هذا الحصارُ، جريمةٌ رُسِمَتْ لنا

في شكلِ أوراقٍ ومؤتمراتِ

ما ذنبُ أرملةٍ تكفكفُ دمعَها

ودموعَ أبناءٍ لها وبنات؟؟

ماذنبُ أطفالٍ صغارٍ أصبحوا

كهياكل الأشباح في الطرقات؟

يلقون بَرْدَ شتائهم وصقيعَه

ورياحَه الهوجاءَ شِبْهَ عُراةِ

ما ذنب ُ شعبٍ جائعٍ، ولسانه

مازال يمدح قائدَ النَّزوَاتِ؟!

إنَّ الذي تستهدفون عراقنا

من أجله، يختال في الشُّرُفاتِ

حاصرتمونا باسمه، وهو الذي

بيد الحصار قضى على رغباتي

أوَّاه من جور الحصار، ومن يدٍ

تغتالني وتنام فوق رفاتي

ياغربُ يا عقلاءَه، يا من لهم

من رحمة الإنسان قَدْرُ نَوَاةِ

يا إخوةَ! الإسلام، يا أهلَ النُّهى

لا تخنقوا بسكوتكم عَبَراتي

أنسيتموا أنَّا نعاني ضعفَ ما

عانيتموا من عاشق النكَباتِ؟

أنتم ترون، وتسمعون، ونحن في

قلب اللَّظى نُصْلى بجور طُغَاةِ

نحيا على وَجَلٍ حياةَ معذَّبٍ

يحظى بماءٍ آسنٍ وفُتاتِ

يكفي بأنفسنا أكتئاباً أننا

نلقاه في الرَّوحاتِ والغدواتِ

أقلامنا يَبِسَتْ على أوراقنا

لم تكتحلْ يوماً. بحبرٍ دَوَاةِ

إنَّا نرى غَزْوَ الكويتِ جريمةً

نَكْرَاء، ساقتْنا إلى الأَزَماتِ

ونرى انتهاكَ حقوق جارٍ آمنٍ

جُرْماً يخالف مُحكمَ الآياتِ

خَطَراتُ أنفسنا، ونَبْضُ قلوبنا

لا تستجيب لهذه النَّْعَراتِ

فَعلامَ يجعلنا الحصار فريسةً

للفقر والأمراضِ والعَثَراتِ

قلبي يناديكم بصادقِ نَبْضِه:

لا تكسروا باسم العدوِّ قَنَاتي

أحبابنا لاتصرفوا نظراتكم

فستُبصرون البؤس في قسماتي

أبو فهد
14 -10- 2005, 12:17 AM
صمتي سؤال

تحياتي وتقديري لك على مرورك

والف تحية على هذه القصيدة الرائعة

والهدية المميزة

لا أملك غير أن أدعو الله لك

ان يفتح لك أبواب الخير أنى اتجهت

دمت بود


والله يحفظك ويرعاك