المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من معاني الصيام



رديمة
12 -10- 2003, 11:48 AM
غير خاف على أحد أن الله عز وجل لم يشرع العبادة ويوجبها على عباده لحاجته إليها، فهو الغني

سبحانه، وإنما شرعها لحكم ومعان عظيمة ، ومقاصد جليلة, تعود إلى نفع العبد في دينه ودنياه .

وأول هذه المعاني والتي تشترك فيها جميع العبادات , أن الصوم فيه تربية على العبودية والاستسلام

لله جل وعلا , فعندما تغرب الشمس يأكل الصائم ويشرب امتثالا لأمر الله , وإذا طلع الفجر يمسك عن الأكل

والشرب وسائر المفطرات , فهو يتعبد الله عز وجل في صيامه وفطره , فإذا أمره ربه عز وجل بالأكل في وقت

معين أكل , وإذا أمره بضد ذلك في وقت آخر امتثل، فالقضية إذا ليست قضية أذواق وأمزجة

, وإنما هي قضية طاعة واستسلام وانقياد لأمر الله . ولا يعني ذلك خلو هذه الأوامر عن الحكمة،

وإنما المراد أن قدم الإسلام لا تثبت إلا على ظهر الاستسلام لله سبحانه . ثم لا مانع بعد ذلك أن يبحث المسلم عن

حكمة الخالق الكامنة وراء أوامره ونواهيه وهو ما نبحثه في هذا المقال بخصوص الصيام .

إن الصوم يربي في النفس مراقبة الله عز وجل, وإخلاص العمل له , والبعد عن الرياء والسمعة ,

فهي عبادة بين العبد وبين ربه جل وعلا , ولهذا جاء أن الصوم عبادة السر , فإن بإمكان الإنسان ألا يصوم , وأن

يتناول أي مفطر من المفطرات من غير أن يشعر به أحد من الناس, بل إنه بمجرد تغيير النية وقطعها يفطر ولولم

يتناول شيئا من المفطرات طوال يومه, فامتناعه عن ذلك كله على الرغم من أنه يستطيع الوصول إليه خفية, دليل

على استشعاره اطلاع الله على سرائره وخفاياه, ومراقبته له, ولأجل هذا المعنى اختص الله جل وعلا عبادة الصوم

من بين سائر العبادات , ولم يجعل لها جزاء محددا ,

قال صلى الله عليه وسلم : ( كل عمل ابن آدم يضاعف ,

الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ,

قال الله عز وجل : إلا الصوم فإنه لي وأنا

أجزي به , يدع شهوته وطعامه من أجلي أخرجه مسلم

فقوله جل وعلا ( من أجلي )[/

COLOR] تأكيد لهذا المعنى العظيم .

والصوم يربي العبد على التطلع إلى الدار الآخرة, وانتظار ما عند الله عز وجل , حيث يتخلى الصائم

عن بعض شهوات النفس ومحبوباتها , تطلعا إلى ما عند الله عز وجل من الأجر والثواب , وفي ذلك توطين للنفس

على الإيمان بالآخرة , والتعلق بها , والترفع عن عاجل الملاذ الدنيوية , التي تقود إلى التثاقل إلى الأرض والإخلاد

إليها .

والصوم يربي النفس على الصبر, وقوة الإرادة والعزيمة , فإن الصبر لا يتجلى في شيء من

العبادات كما يتجلى في الصوم , فإن المقصود من الصوم إنما هو حبس النفس عن الشهوات , وفطامها عن

المألوفات , ولهذا كان نصف الصبر , [COLOR=blue]والله تعالى يقول :

{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} ( الزمر :10)

وفي الصوم كذلك تربية للمجتمع ، وتنمية للشعور بالوحدة والتكافل بين المسلمين , فالصائم حين

يرى الناس من حوله صياما كلهم , فإنه يشعر بالترابط والتلاحم مع هذا المجتمع , فالكل صائم , والكل يتذوق لذة

بالجوع في سبيل الله عز وجل. والكل يمسك ويفطر دون تفريق أو امتياز , لا يستثنى من ذلك أحد لغناه أو لجاهه أو

منصبه , فأكرمهم عند الله أتقاهم , وأفضلهم أزكاهم . فما أعظمها من صورة معبرة عن وحدة المجتمع في ظل

العبودية لله جل وعلا .

والصوم يضيّق مجاري الدم , ويخمد نيران الشهوات , ويقلل فرص إغواء الشيطان لابن آدم , فإن

الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم , ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم

كما في الصحيح : ( الصوم جنة ) أي وقاية يتقي

به العبد الشهوات والمعاصي ,

ومن معاني الصوم أن يتذكر الصائم بصومه الجائعين والمحتاجين , فيتألم لآلامهم , ويشعر

بمعاناتهم , فالذي لا يحس بالجوع والعطش قد لا يشعر بمعاناة غيره من أهل الفقر والحاجة, وإذا كان أحدنا يجد ما

يفطر عليه من الطعام والشراب , فغيرنا قد لا يجد شيئا من ذلك .

هذه بعض معاني تلك العبادة العظيمة , وقد جمعها الله عز وجل في قوله :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ

تَتَّقُونَ } ( البقرة : 183)

فالحكمة التي شرع الصوم من أجلها هي تحقيق تقوى الله عز وجل, وهي ثمرة الصوم الشرعي

ونتيجته, ومالم يكن الصوم طريقا لتحصيل هذه التقوى فقد فقد الغاية والمعنى الذي شرع لأجله , فليس المقصود من

الصيام هو مجرد الامتناع عن الطعام والشراب والجماع فقط دون أي أثر لهذا الصوم على حياة الإنسان وسلوكه ,

ولذلك قال صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري : ( من لم يدع قول الزور

والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ) وقال : ( رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ) [/

COLOR] رواه الإمام أحمد وابن ماجه بسند صحيح ,

قال جابر رضي الله عنه " [COLOR=blue]إذا صمت فليصم سمعك وبصرك

ولسانك عن الكذب والمآثم , ودع أذى الجار , وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك , ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء " .

فينبغي للمسلم أن يستحضر هذه المعاني وهو يؤدي تلك العبادة العظيمة , حتى لا تخرج العبادة

عن مقصودها , وحتى لا تتحول إلى عادة يؤديها مسايرة للبيئة والمجتمع , نسأل الله أن يوفقنا لحسن عبادته , وأن

يتقبل منا الصيام والقيام إنه جواد كريم ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين .

الصبح والليل
12 -10- 2003, 06:55 PM
مشاء الله أختي رديمه جعلها الله في موازين حسناتك

رنين الصمت
12 -10- 2003, 07:02 PM
الصيام الركن الثالث من أركان الإسلام

هذه الفريضة العظيمه لها آداب وقواعد على المسلم الإلتزام بها

الأخت رديمه بينت كل هذا في موضوعها

شكراً لك وجعل الله هذا في موازين حسناتك

رديمة
12 -10- 2003, 10:56 PM
الصبح والليل

رنين الصمت

جزاكم الله خير لمروركم وتعقيبكم

اختكم في الله
رديمه

ليده
27 -08- 2009, 05:10 AM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

ليده
27 -08- 2009, 05:13 AM
يسلمو ع الموضوع الجميل

أبو نوف
27 -08- 2009, 05:15 AM
اولاً شهرك مبارك وتقبل الله منا ومنك صالح القول والعمل