المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قمة تونس للمعلومات.. عندما تمخض الجبل



د.أعمال
30 -11- 2005, 09:20 AM
خالد البرماوي** اسلام أون لاين


تمخض الجبل فولد فأرا، وزادت معه شعوب العالم الفقيرة فقرا، هكذا خرجت نتائج المرحلة الثانية للقمة العالمية حول مجتمع المعلومات WSIS التي عُقدت بتونس نوفمبر 2005.. عفوا هذه المقدمة تتطابق تماما مع المقدمة التي جاءت في مطلع التقرير الذي سبق أن كتبته عقب المرحلة الأولى لقمة مجتمع المعلومات بجنيف ديسمبر 2003.

والآن بعد انتهاء أعمال المرحلة الثانية لم أجد حرجا من استخدام نفس المقدمة، طالما خرجت المرحلة الثانية بنفس النتائج وهي.. "لا شيء"؛ لذا نأيت بنفسي أن أكتب مقدمة جديدة لنتائج قديمة متوقعة.

ولا أعرف لماذا انتابتني حالة من الذهول ممزوجة ببعض التعجب والدهشة، وأنا أتابع أعمال المرحلة الثانية للقمة العالمية حول مجتمع المعلومات؛ فشعوري الشخصي أنه لا فائدة، ولكني انتظرت فإذا بي أرى زعماء وخبراء عالميين أكثر دراية مني –بالطبع- ليؤكدوا أن القمة نجحت، بل خرج علينا السيد المبجل يوشيو أوتوسمي رئيس الاتحاد الدولي للاتصالات ITU ليؤكد أن القمة حققت نسبة 70% من أهدافها وهذا تصريح له قبل أن تنتهي القمة من أعمالها بحجة أن مجرد نشر الوعي والاهتمام العالمي بالقضية المعلوماتية هو هدف في حد ذاته.

ونسي أوتوسمي أن هذا الهدف تحقق في مرحلة جنيف بينما قمة تونس المفترض لها أن تكون قمة الحلول -حسب تعبيره السابق- ولم لا وقد تجمع زعماء العالم وهم الذين يملكون الحل والربط في هذا الكوكب المنكوب، وعليهم أن يخرجوا بحلول وقرارات ونتائج ملموسة نرى آثارها الإيجابية على الشعوب بصورة مباشرة.

نجاح أم فشل؟

يستطيع أي مراقب للأمور أن يرى أن هناك مشكلتين أساسيتين وقفتا أمام القمة قبل أن تعقد، وهما:

- مشكلة إيجاد آلية ثابتة وإلزامية لتمويل صندوق دولي لسد الفجوة الرقمية بين دول الشمال والجنوب.

- والمشكلة الأخرى هي تدويل إدارة شبكة الإنترنت التي تسيطر عليها الولايات المتحدة منفردة.

وبالبحث في الأوراق والنتائج التي خرج بها المؤتمر "وثيقة التزام تونس" حول حرية التعبير و"أجندة تونس لمجتمع المعلومات" التي تحدد الخطوط العريضة للبرنامج التنفيذي لما بعد قمة تونس –وهذه الوثائق ستكون بالطبع عبئا إضافيا على طرقات منظمة الأمم المتحدة المكدسة بالفعل بمثل هذه الوثائق– وبعد تمحيص شديد في هذه الوثائق لم أجد أي كلمة تعني أن تلك المشكلتين وجدتا طريقهما للحل بطريقة أو بأخرى.

فبالنسبة للتمويل وبعد بنود كثيرة لا داعي لذكرها خرج بنتيجة مفادها أنه لا يوجد أي نوع من الالتزام –ما عدا الالتزام الأدبي– من الدول الغنية لتمويل صندوق التضامن الرقمي، وللعلم فهذا الصندوق منذ إنشائه من عامين لم يجمع أكثر من 8 ملايين يورو.

إما إدارة الإنترنت فكشرت أمريكا عن أنيابها، واستطاعت أن تحيد الموقف الأوربي ليخرج اتفاقا هزيلا بإقامة منتدى دولي يهدف إلى مناقشة المسائل الفنية المتعلقة بالإنترنت، وهذا المنتدى الذي سيدعو إلى تشكيله الأمين العام للأمم المتحدة العام المقبل في اليونان هو استشاري فقط! ولا يمكنه اتخاذ قرارات!.

وهذه النتيجة لم تأت بجديد، فقد توقعها كثيرون لحلم مجتمع معلومات عالمي تشارك فيه الدول الغنية الفقيرة مكتسباتها العلمية والتكنولوجية؛ ولأنه لا جديد في النتيجة التي خرجت بها القمة لم يكن لدي نية أن أكتب عن المرحلة الثانية، ولكن ما لفت نظري مجموعة من المشاهد توقفت عندها كثيرا.

المشهد الأول: الديمقراطية بنكهة أمريكية



الكمبيوتر الأخضر.. حلم أم كابوس

مشهد درامي محبوك وبدا قبل القمة واستمر أثناءها من خلال هجوم منظم وحملات إعلامية قوية من المرسلين الأجانب وبعض جمعيات حقوق الإنسان، على الحكومات عديمة الديمقراطية التي لا تحترم حقوق الإنسان وتفرض قيودا على شبكة الإنترنت، وتعتقل شعوبها لكي لا يتنفسوا معلوماتيا.

فرأينا عشرات التقارير والدراسات التي تدين الممارسات الديكتاتورية لتلك الحكومات وتستعرض حالات محددة، ومع اعترافي بحقيقة ما تم عرضه عن هذه الحكومات خاصة في منطقة الشرق الأوسط، ولكن التوقيت فضح أهداف القائمين على هذه الحملة.

فاعتراضهم على استضافة تونس هذه القمة مسألة مرتبة مسبقا، وكذلك هجومهم على أغلب حكومات دول العالم الثالث مثل (الصين – إيران - سوريا – مصر – السعودية – تونس – الأرجنتين... إلخ)، من خلال تقاريرهم.

وللأسف كان كل ضجيجهم هذا ليعطوا مبررا أمام الرأي العام العالمي أن هذه الحكومات لا تستحق أن تقف الدول المتقدمة بجانبها، طالما هي حكومات غير ديمقراطية، ليكون مقبولا وقتها أن تتوقف فكرة صندوق دولي لتمويل الفجوة والرقمية، وتظل شبكة الإنترنت في يد أمريكا باعتبارها واحة الحرية في العالم... وهذا ما تحقق بالفعل.

رغم أنه حسب فهمي المحدود فالديمقراطية تعني التعدد والمشاركة لا تعني بأي حال من الأحوال هيمنة الفرد والقطب الواحد دون مشاركة أو حتى مراقبة، ولا أعرف كيف تطالب أمريكا بدمقرطة العالم وهي ترفض أن يشاركها أحد في إدارة أكبر واحة للديمقراطية في العالم وهي الإنترنت.

المشهد الثاني: الذكاء قدر المتقدمين

مشهد بطولة وتأليف وإخراج أمريكي خالص وقصته تدور حول إدارة شبكة الإنترنت وبعيدا عن النتيجة التي خرجت بها القمة جاء المشهد ليظهر بشاعة الصورة التي أصبحت عليها أمريكا من الصلف والغرور فظهر كبير المفاوضين الأمريكيين "ديفيد جروس" وهو يتفاوض بعد وضع مجموعة من الشروط والخطوط الحمراء التي يجب عدم تجاوزها إذا أرادت شعوب العالم أن تتفاوض مع الكوكب الأمريكي.

مما دعا ماركوس كومر رئيس اللجنة المكلفة من قبل الأمم المتحدة بتوفير حلول لإدارة شبكة الإنترنت WGIG أن يلفت نظر المتغطرس الأمريكي لكي يسحب تحفظاته باعتبار أن منظمة الأمم المتحدة يجب أن ترعى مصلحة كل الدول الأعضاء، وبناء عليه فإن قراراتها يجب أن تتم بعد مناقشات وتشاور بين كافة الدول دون شروط مسبقة.

وما زاد من قبح هذا المشهد ما حاول أن يلفت النظر إليه المفاوض الأمريكي عندما لمح أن التقدم التكنولوجي الذي تجنيه الشعوب المتقدمة جاء نتيجة طبيعية لبيئة عمل صحية خلقت مجتمعا ذكيا يتمتع بالحرية، كأنه أراد أن يقول إن المجتمعات الغنية هي المجتمعات التي تحتكر الذكاء وغيرها من الدول قدرها الغباء لذا فهي شعوب بائسة.

المشهد الثالث: خطوة الآلة الخضراء

مشهد من نوع الكوميديا السوداء عندما ظهر السيد كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة بصحبة البروفيسور نيكولاس نيجروبونتي من معهد ماسشوسيتس للتكنولوجيا المتقدمة ليسوقا جهاز كمبيوتر محمول صغير من ابتكار علماء ماسشوسيتس باعتباره هدية لأطفال الشعوب الفقيرة، والشيء العبقري في هذا الجهاز الذي أطلق عليه "الآلة الخضراء" أن ثمنه 100 دولار فقط، وحسب قول عنان فإن هذا الكمبيوتر الصغير سيساهم في الحد من الفجوة الرقمية!.

صحيح أنه يعد المشهد الوحيد من مشاهد المرحلة الثانية من القمة الذي به بصيص من الأمل، ولكنه أمل يجب أن يوضع في حجمه الطبيعي فلا يمكن اختصار الفجوة الرقمية في جهاز كمبيوتر من الكرتون المقوى، ونقول إنه سيكون الجسر الذي سيعبر عليه أطفال الشعوب النامية ليلحقوا بأطفال الشعوب المتقدمة، نعم هو خطوة أولى ولكن لا نرى في الأفق البعيد أو القريب خطوات أخرى.

المشهد الرابع: حضور عربي خجول

أما هذا المشهد فهو عربي خالص وهو يرصد المشاركة العربية في القمة بعد العديد من المؤتمرات التحضيرية التي توقعنا بعدها مشاركة قوية أو على الأقل جماعية، لكن للأسف حضر زعيمان فقط من الزعماء العرب والباقي اكتفوا بإرسال وزراء الاتصالات وفي أحسن تقدير رئيس مجلس الوزراء.

أما المشاركة الفعلية في جلسات وفعاليات القمة فحدث ولا حرج، فتونس كانت مشغولة في التنظيم لكي توفر أقصى الاحتياطات الأمنية اللازمة، وفي نفس الوقت تحاول أن تصد الهجوم المكثف والمنظم عليها من قبل بعض المراسلين وجماعات حقوق الإنسان، كل هذا جعل هدفها أن تنتهي القمة بسلام وبأي نتيجة.

واكتفت أغلب الدول العربية بالحضور المشرف، ولم تترك جميعها أثرا يذكر سواء بصورة فردية أم جماعية، فقط ظهرت التجربة الإماراتية كنموذج جيد يمكن محاكاته في دول المنطقة وأيضا التجربة المصرية.

وبعيدا عن أي تحيز كانت المشاركة المصرية هي الأبرز وحاز اقتراحها بتطبيق نظام مبادلة الديون كآلية من آليات تمويل صندوق سد الفجوة الرقمية على ترحيب العديد من دول العالم ودخل ضمن توصيات المؤتمر.

وهكذا انتهت القمة وما زالت الفجوة الرقمية تتسع كل يوم مع اتساع العالم الجديد الآخذ في المضي قدما إلى أبعاد جديدة معتمدا على روافد المعرفة والمعلوماتية التي أصبحت حكرا على الدول المتقدمة... وعليه فسيبقى الوضع على ما هو عليه، وعلى المتضرر الانتظار لقمة جديدة ربما تكون قمة لمجتمع المعرفة في الألفية القادمة.

نايف أزيبي
30 -11- 2005, 12:06 PM
حينما يتمخض الجمل ليولد فأرا مصيبة

لكن حينما يتمخض الفأر فمن الطبيعي أن يلد فأرا


حينما تصبح القمة جملا حينها سنستغرب

أما أنا فلم استغرب تماما



د. أعمال لك الشكر

طيب الأصل
01 -12- 2005, 11:31 AM
.... أعتقد أن المسألة قصة فأر كبير .... ينتج فأر ...


د. أعمال .. مشور للخبر ..


نايف مشكور للقياس ..