شذى الحكامية
15 -02- 2013, 02:21 PM
جَزَيْنَا بَنِي شَيْبانَ صَاعًا بِصَاعِهِمْ وَعُدْنَا بِمِثْلِ البَدْءِ وَالعَوْدُ أَحْمَدُ
هذا شعر شاع بين النّاس، وأول مَن قاله مالك بن نويرة، ثم أخذه عنه غيره،
ولن يكون الحديث عنه، وإن كان العود هو غنيمة، بل هو إحدى الغنيمتين،
ولكنَّ الحديث عن قول قاله بسطام الفارس،
وكان قائد بكر بن وائل يوم الغبيط،
وهو قول يشبه في معناه قول القائل: عدنا وفي العود السلامة.
ما هو هذا القول؟ وما هذا العقل الذي به دعا أصحابه إلى السّلامة؟
فأبوا وقادوا بعضهم إلى الهلاك والخيبة، وقد حذرهم ونصح لهم، فأبوا النُّصح،
وما التفتوا إلى التحذير.
اجتمع له ثلاثمائة فارس من بكر بن وائل، وكانت الفرس تدعم قبيلة بكر بن وائل،
وهي في الأصل قوية فأصبحت ذات فرعين للدعم ذاتي وخارجي،
فجمعت إلى قوّتها معونة الفرس لها؛ حيث كانت تجهّز هذه القبيلة بالسِّلاح والعتاد.
نزل بسطام بمن معه من عين التّمر يريدون الغزو، وسار بمن معه من الفرسان الأشدّاء المجهزين، حتّى بلغ هضبة الخصي، وهناك لقي غلامًا من بني عبيد يدعى قرط بن أخبط، وكان بسطام يعرف معظم غلمانهم، حيث كان أسره عتيبة.
فقال لقرط: ما هذا السواد الذي أراه في الحديقة؟
قال: هم بنو زبيد.
وما عددهم؟
قال قرط: خمسون بيتًا.
قال بسطام: أفيهم أسيد بن حناءة؟
قال: نعم.
فقال: أين بنو عتيبة وأين بنو أزنم؟
فقال قرط: إنّهم في روضة الثّمد.
وأين سائر النّاس؟
إنّهم محتجزون بخفاف.
توجّه إلى قومه قائلاً: أطيعوني وأرى أن تقبضوا على هذا الحي من زبيد، وتصبحوا سالمين، ثارت ثائرتهم، وحاصوا حيصة حمر الوحش، وقال قائلهم: وما تغني زبيد؟ إنّها لا تعوّض رحلتنا، وقام أحد فرسانهم واسمه مغروق وقال لبسطام: انتفخ سحرك يا أبا الصّهباء.
وقام هانئ، وقال: أجبنًا؟
نُعِت الرَّجل بالجبن، وسُفِّه الرّجل في عقله من قبل فرسانه، فقال لهم: يا قوم، إنَّ السَّلامة إحدى الغنيمتين، وإنَّ أسيدًا لم يظلّه بيت لا شاتيًا ولا قائظًا، وإنَّ بيته القفر، يبيت وفي يده عنان فرسه، وإنّه إن أحسَّ بكم ركب الشَّقراء حتَّى يشرف على مليحة، فينذر بني يربوع وينادي: يا ليربوع، حتّى تأتيكم يربوع بقضِّها وقضيضها، فيلقاكم بطعنٍ ينسيكم الغنيمة، ولا يبصر أحدكم مصرع صاحبه، وإنّي أنذرتكم ما أنتم ملاقون.
قالوا: نبعث إلى أسيد هذا بفارسين فيمنعانه من الوصول إلى مليحة، ويمنعانه من أن يستغيث بيربوع، ولنلتقطنّ بني زبيد وبني عبيد وبني عتيبة كما تلتقط الكمأة.
قال بسطام: إنّما أنا واحدٌ منكم،
وقد جبنتموني وسفهتم رأيي، وغدًا تعرفون وترون ما حذرتكم.
ركب القوم رؤوسهم، وأبوا أن يستمعوا لناصحهم وعاقلهم وراشدهم،
وبعثوا إلى أسيد فارسين، فطعن أحدهما، ثم كر راجعًا حتى أشرف على مليحة،
ونادى ياليربوع: غُشيتم، فتواردت يربوع عليهم،
وحدث ما كان يخشاه بسطام على قومه،
وقُتِل في هذا اليوم يوم الغبيط الكثير من جماعته،
وقتل مغروق في ثنية سميت باسمه، وقُتل هانئ،
وقُتل الكثير من فرسان بكر، حتى إن بسطام نفسه لحقه اثنان من يربوع،
وكادا أن يصلا إليه فعمد إلى وجار ضبع، فأخفى فيها درعه،
فخفّ الحمل على فرسه، فلم يدرَك، وكان آخر الواصلين إلى قومه،
ثم عاد بعد أيام فجلب درعه من وجار الضبع.
منقول
هذا شعر شاع بين النّاس، وأول مَن قاله مالك بن نويرة، ثم أخذه عنه غيره،
ولن يكون الحديث عنه، وإن كان العود هو غنيمة، بل هو إحدى الغنيمتين،
ولكنَّ الحديث عن قول قاله بسطام الفارس،
وكان قائد بكر بن وائل يوم الغبيط،
وهو قول يشبه في معناه قول القائل: عدنا وفي العود السلامة.
ما هو هذا القول؟ وما هذا العقل الذي به دعا أصحابه إلى السّلامة؟
فأبوا وقادوا بعضهم إلى الهلاك والخيبة، وقد حذرهم ونصح لهم، فأبوا النُّصح،
وما التفتوا إلى التحذير.
اجتمع له ثلاثمائة فارس من بكر بن وائل، وكانت الفرس تدعم قبيلة بكر بن وائل،
وهي في الأصل قوية فأصبحت ذات فرعين للدعم ذاتي وخارجي،
فجمعت إلى قوّتها معونة الفرس لها؛ حيث كانت تجهّز هذه القبيلة بالسِّلاح والعتاد.
نزل بسطام بمن معه من عين التّمر يريدون الغزو، وسار بمن معه من الفرسان الأشدّاء المجهزين، حتّى بلغ هضبة الخصي، وهناك لقي غلامًا من بني عبيد يدعى قرط بن أخبط، وكان بسطام يعرف معظم غلمانهم، حيث كان أسره عتيبة.
فقال لقرط: ما هذا السواد الذي أراه في الحديقة؟
قال: هم بنو زبيد.
وما عددهم؟
قال قرط: خمسون بيتًا.
قال بسطام: أفيهم أسيد بن حناءة؟
قال: نعم.
فقال: أين بنو عتيبة وأين بنو أزنم؟
فقال قرط: إنّهم في روضة الثّمد.
وأين سائر النّاس؟
إنّهم محتجزون بخفاف.
توجّه إلى قومه قائلاً: أطيعوني وأرى أن تقبضوا على هذا الحي من زبيد، وتصبحوا سالمين، ثارت ثائرتهم، وحاصوا حيصة حمر الوحش، وقال قائلهم: وما تغني زبيد؟ إنّها لا تعوّض رحلتنا، وقام أحد فرسانهم واسمه مغروق وقال لبسطام: انتفخ سحرك يا أبا الصّهباء.
وقام هانئ، وقال: أجبنًا؟
نُعِت الرَّجل بالجبن، وسُفِّه الرّجل في عقله من قبل فرسانه، فقال لهم: يا قوم، إنَّ السَّلامة إحدى الغنيمتين، وإنَّ أسيدًا لم يظلّه بيت لا شاتيًا ولا قائظًا، وإنَّ بيته القفر، يبيت وفي يده عنان فرسه، وإنّه إن أحسَّ بكم ركب الشَّقراء حتَّى يشرف على مليحة، فينذر بني يربوع وينادي: يا ليربوع، حتّى تأتيكم يربوع بقضِّها وقضيضها، فيلقاكم بطعنٍ ينسيكم الغنيمة، ولا يبصر أحدكم مصرع صاحبه، وإنّي أنذرتكم ما أنتم ملاقون.
قالوا: نبعث إلى أسيد هذا بفارسين فيمنعانه من الوصول إلى مليحة، ويمنعانه من أن يستغيث بيربوع، ولنلتقطنّ بني زبيد وبني عبيد وبني عتيبة كما تلتقط الكمأة.
قال بسطام: إنّما أنا واحدٌ منكم،
وقد جبنتموني وسفهتم رأيي، وغدًا تعرفون وترون ما حذرتكم.
ركب القوم رؤوسهم، وأبوا أن يستمعوا لناصحهم وعاقلهم وراشدهم،
وبعثوا إلى أسيد فارسين، فطعن أحدهما، ثم كر راجعًا حتى أشرف على مليحة،
ونادى ياليربوع: غُشيتم، فتواردت يربوع عليهم،
وحدث ما كان يخشاه بسطام على قومه،
وقُتِل في هذا اليوم يوم الغبيط الكثير من جماعته،
وقتل مغروق في ثنية سميت باسمه، وقُتل هانئ،
وقُتل الكثير من فرسان بكر، حتى إن بسطام نفسه لحقه اثنان من يربوع،
وكادا أن يصلا إليه فعمد إلى وجار ضبع، فأخفى فيها درعه،
فخفّ الحمل على فرسه، فلم يدرَك، وكان آخر الواصلين إلى قومه،
ثم عاد بعد أيام فجلب درعه من وجار الضبع.
منقول