المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصوم في كافة الاديان



خزامى
11 -07- 2013, 08:43 AM
- يظهر من البحث في تاريخ الأديان ـ ـ
أن الصوم من أقدم العبادات الإنسانية وأكثرها انتشاراً، فلم يكد يخلو منه دين من الأديان، كما
لم تتجرّد منه شعائر شعب من شعوب العالم القديمة والحديثة، فهو قد جاء في ملل الطمويميين
والوثنيين والهنادكة والمجوس والصابئين والمانوية والبرهميين والبوذيين وعبدة الكواكب والنبات والحيوان،
كما جاء في شرائع اليهود والنصارى والمسلمين . وقد اختلفت أشكاله باختلاف الأمم والشرائع،
وتعددت أنواعه بتعدد الظروف المحيطة به والأسباب الداعية إليه . فمن الصيام ما يكون بالكف
عن الأكل والشرب والاتصال الجنسي والعمل والكلام، ومنه ما يكون بالكف عن واحد من هذه
الأمور أو عن بعضها ولعل الكف عن الكلام هو أغرب أنواع الصيام، ومع ذلك فهو منتشر لدى
كثير من الشعوب البدائية وغيرها،فعند السكان الأصليين لأستراليا مثلا كان يجب على كل امرأة
توفي عنها زوجها أن تظل مدة طويلة، تبلغ أحياناً عاماً كاملاً صائمة عن الكلام .ويظهر أن شيئاً
من هذا كان متّبعاً في ديانة اليهود قبل ظهور المسيح? بدليل قوله تعالى لمريم?: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ
أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً}، الآية. وقوام الصيام، كما يظهر من
ملاحظة الأشياء التي يقتضي الكف عنها، هو حرمان الجسم والنفس من بعض حاجاتهما الضرورية
المحببة . والإمساك عن الأكل والشرب في الصيام يقع على وجوه كثيرة: فمنه المطلق الذي يشمل
جميع المأكولات والمشروبات كصيام المسلمين . ومنه المقيّد الذي يتحقق بالكف عن بعض أنواع
المأكولات والمشروبات كبعض أنواع الصيام عند الصابئين والمانوية والمسيحيين والهنادكة . ومن أنواع
الصيام ما يقتضي الإمساك عن هذه الأمور اليوم كله نهاره وليله ومنه ما لا يقتضي الإمساك إلا
نهارا أو شطرا من النهار. ومنه ما يبدأ بغروب الشمس ويستغرق الليل كله أو شطرا منه . ومن أنواع
الصيام ما يكون متتابعاً يجري في أيام متتالية. ومنه ما يجري في مدة معيّنة، ولكن في أيام غير متتالية،
كأن يُصام يوم ويُفطر يوم من شهر من شهور السنة أو فصل من فصولها. وقد يجري ذلك مدى
العمر،كما فيما ورد عن صيام نبي الله داود? فعن عبد الله ابن عمر قال: رسول الله?: «أحب الصيام
إلى الله صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما»، ومنه ما يكون مقصوراً على يوم واحد أو ليلة واحدة
أو جزء من يوم أو ليلة . وأما المناسبات التي تقتضي الصوم على وجه الوجوب أو الندب في مختلف
الديانات الإنسانية فهي كثيرة متنوعة، ولكن أهم هذه المناسبات هو حلول مواقيت دوريّة كحلول فصل
من فصول السنة أو شهر من شهورها أو يوم من أيام الأسبوع أو وصول كوكب إلى منزلة خاصة من منازله .
وكثيراً ما يكون الميقات تاريخاً لحدث اجتماعي خطير وقع فيه، فيتجه الصيام أولا وبالذات إلى ذكرى هذا
الحدث أو إلى أمور تتصل به، كشهر الصيام مثلا عند المسلمين فإنه تاريخ لنزول الكتاب الكريم، وكاليوم
السابع عشر من الشهر الرابع العبري عند اليهود، وهو أحد أيام صيامهم. فإنه تاريخ لسقوط عاصمة ملكهم
القديم . ومن أشهر الديانات السابقة للإسلام التي وجهّت عناية كبيرة إلى هذا النوع من الصيام وهو الصيام
المرتبط بمواقيت دورية، ديانات الصابئين والمانوية والبوذيين والبرهميين واليهود، فقد كان الصوم عند هذه
الديانات مشروعاً ومفروضاً، فقد ذكر ابن النديم في القسم التاسع من كتابه «الفهرست» أن ديانة الصابئين،
وهي ديانة قائمة على تقديس الكواكب «تفترض عليهم من الصيام ثلاثين يوماً أولها لثمان مضين من اجتماع
آذار، وتسعة أخر أولها لتسع بقين من اجتماع كانون الأول، وسبعة أيام أخر أولها لثمان مضين من شباط.
وصيام السبعة هو أعظم أنواع الصيام لديهم. وأعيادهم، عيد يسمّى عيد فطر السبعة (وهو يعقب سبعة أيام
من الصوم) وعيد يسمّى عيد فطر الشهر أو الثلاثين (وهو يعقب صيام ثلاثين يوما)» . ويظهر مما ذكره في هذا
الصدد، أن صيام ثلاثين كان إمساكاً مطلقاً عن جميع أنواع الطعام والشراب من طلوع الشمس إلى غروبها
وكذلك كان صيام الأيام التسعة، في حين أن صيام السبعة كان مقيدا، فكانوا لا يأكلون في هذه الأيام شيئا من
الزفر ولا يشربون الخمر . وذكر في أثناء كلامه عن أشهرهم أنهم كانوا «يقدمون لصيام ثلاثين تكريماً للقمر، وبصيام
تسعة أيام تكريماً لرب البخت، وبصيام سبعة أيام تكريماً للشمس، وهما الرب العظيم ورب الخير»، ولهذا كان صيام
السبعة أهم أنواع صيامهم . فجميع أنواع صيامهم إذن كانت تكريما للكواكب ومظهراً من مظاهر عبادة الأفلاك
السماوية . وذكر المؤلف نفسه في أثناء الكلام على الثنوية الكلدانيين أو المانوية «ودياناتهم مزيج من البابلية القديمة
والمسيحية والفارسية، وفيها مظاهر كثيرة لتقديس الكواكب وهم ينسبون إلى زعيمهم ماني بن فتق»( )، ما يستفاد
منه أنه كان لهم صوم أسبوعي وصوم شهري وصوم سنوي، فكانوا يصومون الأحد والاثنين من كل أسبوع، واليومين
الأولين وسبعة أيام أخرى من كل شهر قمري، وأربعة وثلاثين يوماً سنوياً، منها يومان متتابعان عند نزول الشمس
القوس، ويومان متتابعان عند نزولها منزلة الجدي وثلاثين يوماً متتابعة عند نزولها منزلة الدلو . والظاهر مما حققه بعض
الثقاة في هذا الصدد أن جميع أنواع الصيام عند المانوية، سواء في ذلك صيامهم الأسبوعي وصيامهم الشهري وصيامهم
السنوي كانت قائمة على الاعتبارات نفسها التي كان يقوم عليها الصيام عند الصابئين، أي على تكريم الكواكب وعبادة
الأفلاك السماوية وخاصة الشمس والقمر اللذين كانوا يعتبرونهما كبرى آلهتهم . وتُقدّم لنا كذلك الديانات الهندية،
وخاصة البرهميّة والبوذيّة، أمثلة كثيرة للصيام ذي المواقيت الدوريّة المتصل بظواهر الفلك وخاصة ظواهر الشمس والقمر،
فقد فرضت شريعة البرهميين الهندية على الطبقة ـ التي يطلق على أفرادها اسم البراهمة ـ الصيام يومي الاعتدالين وهما
أول فصلي الخريف والربيع ويومي الانقلابين، وهما أول فصلي الشتاء والصيف، واليومين الأول والرابع عشر من كل
شهر قمري، أي من مبدأ ظهور الهلال وعندما يصير بدراً، وكذا أثناء كسوف الشمس فإن لهم فيها بعض العادات،
وكذا صوم ما يسمى بـ «أوس ياس» . وتوجب شرائع مانو «وهي التي تؤلف أهم قسم من شرائع الديانة البرهمية»
على طبقة السناتا Sanatakas وهم كبار الكهنة من البرهميين، أن يكفوا عن الأكل والشرب والنوم والسفر من
غروب الشمس إلى زوال الشفق الأحمر كل يوم . وقد فرضت ديانة البوذيين الصيام من شروق الشمس إلى غروبها
من أربع أيام الشهر القمري يسموها «اليوبوزاتا» Upisata وهما اليوم الأول والتاسع والخامس عشر والثاني والعشرين،
أي في مبدأ كل منزلة من منازل القمر الأربع، كما أوجبت فيها الراحة التامة، وحرمّت مزاولة أي عمل حتى إعداد
طعام الإفطار، ولذلك يعمل الصائمون على إعداد طعام إفطارهم قبل شروق الشمس من كل يوم من هذه الأيام
الأربعة( ) . وفي الديانة اليهودية أمثلة كثيرة لهذا النوع من الصيام وهو المرتبط بظواهر فلكية وبمواقيت دوريّة تتكرر كل
أسبوع أو كل شهر أو كل عام. فمن ذلك صيام اليوم العاشر من الشهر السابع العبري (يوم كبور أو يوم الكفارة) هذا
ولكنه لا يوجد في التوراة والإنجيل الموجودين عندهم حاليا ما يدل على وجوب الصوم وفرضه، بل الكتابان إنما يمدحانه
ويعظمان أمره، ومع ذلك فهم يصومون أياما معدودة من السنة إلى اليوم بأشكال مختلفة( ) .فاليهود يصومون خمسة
أيام في السنة، واحد منها فرضته شريعتهم وهو اليوم الرابع والعشرون من الشهر السابع، والأيام الأربعة الأخرى يصومونها
تذكاراً للرزايا والمصائب التي حلّت بهم بعد خراب الهيكل الأول، فالأيام هي: اليوم الرابع والعشرون من الشهر السابع،
كما جاء في الفقرة الأولى من الإصحاح التاسع بسفر «نحميا»، وهو من الأسفار التاريخية من العهد القديم . «وفي اليوم
الرابع والعشرين من الشهر السابع، اجتمع بنو إسرائيل مرتدين المسوح ومعفرين جسومهم بالرماد للاحتفال بيوم الصوم» .
واليوم التاسع من الشهر الرابع من كل سنة، وهو يوم استيلاء الكلدان على أورشليم القدس . واليوم العاشر من الشهر
الخامس، وهو يوم احتراق الهيكل والمدينة . واليوم الثالث من الشهر السابع، وهو يوم استباحة نبوخذ نصر لأورشليم.
واليوم العاشر من الشهر العاشر، وهو يوم حصار أورشليم . هذا كما في تواريخهم وزعمهم وعقائدهم، ولديهم كذلك
أنواع أخرى واجبة أو مستحبّة تقع في مواقيت دوريّة كانوا يقومون بها تخليداً لذكرى وفاة أنبيائهم وعظمائهم كموسى
وهارون والشهداء، أو لذكرى حوادث أخرى في تاريخهم ويبلغ عددها خمساً وعشرين يوماً( ) . والصوم عند اليهود هو
الإمساك عن الأكل والشرب . وأما النصارى، فقد اختلفت الطوائف المسيحية في تحديده كماً وكيفاً من حيث تحديد
أيامه وشكله إلى مذاهب متعددة، فالصوم عند الطائفة الكاثوليكيّة هو عبارة عن الإمساك عن الطعام والشراب، يوماً
وليلة، كصوم يوم الأربعاء تذكاراً للحكم على السيد المسيح، ويوم الجمعة وهو يوم صلبه بحسب اعتقادهم، والصوم في
هذين اليومين ليس فرضاً وإنما هو مستحب . وأما الصوم الواجب عندهم فهو الصوم الكبير السابق لعيد الميلاد، وهو
الذي صامه موسى وعيسى والحواريون, ثم أحدثت الكنيسة في القرن الخامس الميلادي فرضاً جديداً وهو صوم الأزمنة
الأربعة وهي: الأيام السابقة للميلاد، والعنصرة، وعيد انتقال العذراء وعيد جميع القديسين. أما الصوم عند الكنيسة
الشرقية للروم الأرثوذكس فإنه أشد صرامة وأكثر قيوداً من الكنيسة الكاثوليكيّة بحسب أحكامها . وتصوم طائفة الأرمن
والأقباط والنساطرة يوم الأربعاء والجمعة من كل أسبوع بالإضافة إلى عشرة أسابيع من كل سنة( ), وأما البروتستنت
فالصوم عندهم سنّة حسنة وليس فرضاً واجباً وإنهم يمسكون في صيامهم عن الأكل فقط( ) . هذا، وأما الصوم عند
المسلمين، فإن أكثرية الفقهاء لم يجمعوا على أن صوماً فُرض على المسلمين قبل شهر رمضان ثم نسخ به، كما لم يجمعوا
على أن الصيام قد تدرج في فريضته، وأن ما صامه المسلمون قبل شهر رمضان لم يكن طوراً من أطوار فرض الصيام،
ولكنهم أجمعوا على كون تشريع فريضة الصيام في السنة الثانية من الهجرة . فمع حلول السنة الثانية من الهجرة النبوية
الشريفة، نزل الوحي على الرسول(ص) في شهر شعبان بالمدينة المنورة، مُعلناً ببدء فرض صيام شهر رمضان المبارك على
المسلمين بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، البقرة: 138.

Fifi Maria
11 -07- 2013, 03:28 PM
مرحبا خزامى

موضوع قيّم فعلا فهنآ معلومات عن صوم مختلف الأقوام منذ القدم لم أقرأها قبل الآن ... سبحان الله كانت لهم سبل و أسباب مختلفة للصوم و أيّام معلومة


الحمد لله أن منّ علينا بالإسلام و جعل لنا شهر الصيام فرصة و راحة للقلوب و الأبدان


يعطيك الصحة غاليتي لمشاركتنا هذا المقال القيّم

خزامى
18 -07- 2013, 09:35 AM
ولمرورك رونق اخر ياغاليه لك الود ياراقية الحرف

شذى الحكامية
30 -07- 2013, 04:01 AM
يعطيك العافيه غاليتي خزامى على الطرح القيم
والمعلومات عن الصيام في كافة الأديان
دمت بخير وعافيه
تحياتي