المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ..(( في الواقع صدمات قاتلة)!!..



أميرة الوله
27 -01- 2006, 09:07 AM
لون الخريف يثير في النفس مزيجاً هادئاً من الرضى والحزن
يغريك بأن تفتح صدرك لتتساقط عليه وريقات مصفرة ذابلة عجزت أن تجد لها كفناً غير الأرض
تمسك بواحدة منها ..تتلمسها بحنان..وتتمنى لو عادت إلى الحياة من جديد
يقول لك قلبك : أنك اليوم أكثر هشاشة من هذه الورقة أو هكذا تشعر
يعجز لسانك عن إيجاد لغة حوار مشتركة بينك وبين أكثر الأشياء في هذه اللحظة شبها بك!
تتحسسها مرة أخرى فتتفتت رغم حنوك عليها .. تستحيل إلى ذرات متبعثرة لا مسمى لها الآن
تعجز أنت عن الاحتفاظ بها أكثر لأنك توقن أن مكانها ليس بين يديك
تتناثر ذرة..تلو ذرة ..تلو الأخرى وهي تهمس من حولك شاكرةً وجودك معها في أقصى لحظات الضعف
تنتشر إلى فضاء بعيد تودع في كل ذرة منها نبضاً من روحك
تبقى وحدك تشهد آلاف التجارب المريرة في خريف منكر
وتظل تسأل بذهول : من التالي الذي ينتظره شتات الأزمنة.. من التالي الذي تنتظره غربة الأرصفة؟
من ذا الذي سيغدو ريشة..في مهب الريح؟





* * *




تلك الزاوية الخشبية موغلة في الانحراف عن كل ما اعتدنا تسميته في هذه الحياة استقامة!
كل نقطة تسكنها تحكي لك رواية خرساء بفصول متحركة عن السفر دون هوية أو زاد
وكل فراغ فيها يفغر فاه عن أشباح الظلام وعن أسرار الأرض وعن أشياء نسي كثيراً منها!
الحجارة التي يسميها جداراً لا تسمح للزوار بالنفاذ ولو كان شعاعاً من ضوء
كل شيء هنا يصدأ حتى الخشب.. والجلد.. والثياب.. والذاكرة
كل المتناقضات تجدها هنا تعيش بانسجام وألفة
ذلك الطاعن في السن لا يعرف أحد من أين جاء وإلى أين ينوي الذهاب؟
هذا كل ما يعرفه عنهم أولئك الذين يسميهم ( ناس)..!
زادت حدة الزاوية في ذلك البيت.. أنبأته سريرته أنه غدا خارج الحدود
فزاد الانكسار في نفسه..وزادت الزاوية انكساراً حتى تقوقعت على نفسها ذات شتاء.. فاستحالت خطاً لا يعنيه شيئ!
والساكن هذا الذي حكمها..ظل وفياً لقوانين زاويته فانحنى قوس ظهره تضامنا معها
ومع تراكم السنين على تلك القرية ..شبت حروفها الصغيرة

كبرت المدينة
وكبر الناس
ومازال هو يشيخ ويشيخ ويشيخ..ونسي كل شيئ إلا الذاكرة القديمة التي عادت بعد رحيل
ظل يتذكر الماضي ويشيخ
ظل يتذكر الحاضر ويشيخ
القلب والأسرار الدفينة هي أيضا تشيخ
والمسكن موغل في الانحناء
حتى سقط ذات مساء ... وسقط قبله شيخ نسي كل شيئ عن الأشياء
مات ذات مساء
ووجده طفل فضولي ذات مساء
ولم يلتفت لأمره إلا عصا تفتت..ونجمة تنعيه في السماء
ودفن في مغرب يومِ منهك كذلك اليوم الذي وصل فيه القرية
وظل الناس يتحدثون عن (الغريب) المجهول كما يقصون أحاكي السندباد!
ابتسمت الزاوية الخشبية المنكسرة : من التالي المقطوع من شجرة؟


* * *

هذا المساء الكئيب له نفس الملامح التي عاشها منذ سنوات أفلت
كاد ينسى رغيف الخبز الذي نفض عنه التراب وانزوى حافة الشارع يقضمه
كان سينسى السعال الذي كتمه ليلة مرض موحشة حتى تفجر داخل رئتيه دماً وألماً ينهشه
كان سينسى الفراش المهترئ الذي أهدي إليه ليلة عيد..كان ستكفيه من العيد ومضة حلم أو غمضة جفن وفية
كان سينسى تلك السنين العجاف..وصراخ والده الجاف في ليال انتحر فيها فتيل المصباح
الأم التي اغتالها شيئ يسميه العالم فقراً ويسميه الشعر نبلاً ..تسميه الحياة تجربه
وحده كان يسميه ((الاختلاف المر))
ذلك الاختلاف الذي رضع منه طفلا
وفطمه كبيرا
رباه حتى كبر قبل أوانه
واحتضنه حتى كاد ينقطع شهيقه وزفيره
توسده ليلاً..وامتطاه نهاراً..
أكله الفقر وشربه حتى الثمالة
وأغدق عليه بكل صنوف الاختلافات البشرية..حتى غدا (جديراً بالاختلاف) عن الآخرين
حقيبة المدرسة المستعارة أنكرته ولم يفلح في التخفي خلفها!
الثوب الأصفر الذي لم يجد له مكاناً في حاوية أو مخزن..هو الآخر تبرأ منه.. وصرخ الثوب:أنتَ مختلف!
كراسة الرسم الشفافة ..كالأشعة أظهرت تفاصيل ضعفه وعجزه..واختلافه
الوجوه.. الممرات.. حارات الثمالى بطراً وغنىً..كلها تلاحقه كمخلوق من كوكب المريخ
صرحٌ حلم كثيراً بالانضمام إليه..لكنه لم يضمه
المدرسة الكبيرة تلك..! كم هي صغيرة حجراتها المختنقة..إنها لا تكفيه ولا تؤويه..لفظته كسيراً كل إحساسٍ بالاختلاف يعيشه ويعتريه!
أشباهه في العمر ..والأحلام.. والبراءة ..رموا وجه الشبه حتى أدموه
سمع دوي همساتهم: إنه فقير..أعدموه!
عرف أنهم أطفال بنفس المسافات التي تفصلهم وإياه عن الكبر..لكنهم لم يفهموه
ظلت تحرقه النظرات المتوقدة و تفر منه الوجوه المستنكرة
فأصبح وسط الساحة المهترئة جرحاً ينزف وينزف وينزف حتى تخثر الألم
وزال الأمل
وطار حلم المدرسة والرسم والقلم
فك قيد الحقيبة عنه.. وسقط الثوب الذابل منه.. وبقيت كراسة الرسم ترقبه يركض عنها بعيداً بعيداً
كان ذلك آخر عهده بالصدق والشفافية!
وآخر حرب موجعة بينه وبين ذوي الشبه الصغار
كان سينسى كل هذا وذاك..
وسينسى سنين الانحراف وشهور الرذيلة وأزمنة الانتقام الظالم للذات!
لكن الجدران مازالت تردد
وأوراق المكتب تردد
والسيارة الفارهة أيضاً تردد
إنه مختلف ..مختلف... بلغة الآخرين.. إنه فقير!!
انطوت الملفات على ذاتها..خبأها المساء في ظلماء أدراجه وهو يتمتم:
من التالي المختلف؟
.
.
..

مزوام
31 -01- 2006, 06:37 AM
تسجيل حضور اوكي:

سأعود إن شاء الله

أبو فهد
01 -02- 2006, 08:36 PM
وتظل تسأل بذهول : من التالي الذي ينتظره شتات الأزمنة.. من التالي الذي تنتظره غربة الأرصفة؟
من ذا الذي سيغدو ريشة..في مهب الريح؟

كم ممن هم في مهب الريح

دون أن يشعروا أنهم لا شيء في الحياة

مازلوا يكابرون على اثبات وجودهم في الحياة

رغم رفض الحياة لسلوكهم

هم ذرة من ذرات متناثره

وهم كريشة في مهب الريح سابحه


أميرة الوله

تسطير من الإبداع والتميز

لا يملكه سوى قلم مبدع

تحياتي لك ولإبداعك

والله يرعاك

جمال شمس الدين
02 -02- 2006, 04:47 AM
لون الخريف يثير في النفس مزيجاً هادئاً من الرضى والحزن
يغريك بأن تفتح صدرك لتتساقط عليه وريقات مصفرة ذابلة عجزت أن تجد لها كفناً غير الأرض
تمسك بواحدة منها ..تتلمسها بحنان..وتتمنى لو عادت إلى الحياة من جديد
يقول لك قلبك : أنك اليوم أكثر هشاشة من هذه الورقة أو هكذا تشعر
يعجز لسانك عن إيجاد لغة حوار مشتركة بينك وبين أكثر الأشياء في هذه اللحظة شبها بك!
تتحسسها مرة أخرى فتتفتت رغم حنوك عليها .. تستحيل إلى ذرات متبعثرة لا مسمى لها الآن
تعجز أنت عن الاحتفاظ بها أكثر لأنك توقن أن مكانها ليس بين يديك
تتناثر ذرة..تلو ذرة ..تلو الأخرى وهي تهمس من حولك شاكرةً وجودك معها في أقصى لحظات الضعف
تنتشر إلى فضاء بعيد تودع في كل ذرة منها نبضاً من روحك
تبقى وحدك تشهد آلاف التجارب المريرة في خريف منكر
وتظل تسأل بذهول : من التالي الذي ينتظره شتات الأزمنة.. من التالي الذي تنتظره غربة الأرصفة؟
من ذا الذي سيغدو ريشة..في مهب الريح؟





* * *




تلك الزاوية الخشبية موغلة في الانحراف عن كل ما اعتدنا تسميته في هذه الحياة استقامة!
كل نقطة تسكنها تحكي لك رواية خرساء بفصول متحركة عن السفر دون هوية أو زاد
وكل فراغ فيها يفغر فاه عن أشباح الظلام وعن أسرار الأرض وعن أشياء نسي كثيراً منها!
الحجارة التي يسميها جداراً لا تسمح للزوار بالنفاذ ولو كان شعاعاً من ضوء
كل شيء هنا يصدأ حتى الخشب.. والجلد.. والثياب.. والذاكرة
كل المتناقضات تجدها هنا تعيش بانسجام وألفة
ذلك الطاعن في السن لا يعرف أحد من أين جاء وإلى أين ينوي الذهاب؟
هذا كل ما يعرفه عنهم أولئك الذين يسميهم ( ناس)..!
زادت حدة الزاوية في ذلك البيت.. أنبأته سريرته أنه غدا خارج الحدود
فزاد الانكسار في نفسه..وزادت الزاوية انكساراً حتى تقوقعت على نفسها ذات شتاء.. فاستحالت خطاً لا يعنيه شيئ!
والساكن هذا الذي حكمها..ظل وفياً لقوانين زاويته فانحنى قوس ظهره تضامنا معها
ومع تراكم السنين على تلك القرية ..شبت حروفها الصغيرة

كبرت المدينة
وكبر الناس
ومازال هو يشيخ ويشيخ ويشيخ..ونسي كل شيئ إلا الذاكرة القديمة التي عادت بعد رحيل
ظل يتذكر الماضي ويشيخ
ظل يتذكر الحاضر ويشيخ
القلب والأسرار الدفينة هي أيضا تشيخ
والمسكن موغل في الانحناء
حتى سقط ذات مساء ... وسقط قبله شيخ نسي كل شيئ عن الأشياء
مات ذات مساء
ووجده طفل فضولي ذات مساء
ولم يلتفت لأمره إلا عصا تفتت..ونجمة تنعيه في السماء
ودفن في مغرب يومِ منهك كذلك اليوم الذي وصل فيه القرية
وظل الناس يتحدثون عن (الغريب) المجهول كما يقصون أحاكي السندباد!
ابتسمت الزاوية الخشبية المنكسرة : من التالي المقطوع من شجرة؟


* * *

هذا المساء الكئيب له نفس الملامح التي عاشها منذ سنوات أفلت
كاد ينسى رغيف الخبز الذي نفض عنه التراب وانزوى حافة الشارع يقضمه
كان سينسى السعال الذي كتمه ليلة مرض موحشة حتى تفجر داخل رئتيه دماً وألماً ينهشه
كان سينسى الفراش المهترئ الذي أهدي إليه ليلة عيد..كان ستكفيه من العيد ومضة حلم أو غمضة جفن وفية
كان سينسى تلك السنين العجاف..وصراخ والده الجاف في ليال انتحر فيها فتيل المصباح
الأم التي اغتالها شيئ يسميه العالم فقراً ويسميه الشعر نبلاً ..تسميه الحياة تجربه
وحده كان يسميه ((الاختلاف المر))
ذلك الاختلاف الذي رضع منه طفلا
وفطمه كبيرا
رباه حتى كبر قبل أوانه
واحتضنه حتى كاد ينقطع شهيقه وزفيره
توسده ليلاً..وامتطاه نهاراً..
أكله الفقر وشربه حتى الثمالة
وأغدق عليه بكل صنوف الاختلافات البشرية..حتى غدا (جديراً بالاختلاف) عن الآخرين
حقيبة المدرسة المستعارة أنكرته ولم يفلح في التخفي خلفها!
الثوب الأصفر الذي لم يجد له مكاناً في حاوية أو مخزن..هو الآخر تبرأ منه.. وصرخ الثوب:أنتَ مختلف!
كراسة الرسم الشفافة ..كالأشعة أظهرت تفاصيل ضعفه وعجزه..واختلافه
الوجوه.. الممرات.. حارات الثمالى بطراً وغنىً..كلها تلاحقه كمخلوق من كوكب المريخ
صرحٌ حلم كثيراً بالانضمام إليه..لكنه لم يضمه
المدرسة الكبيرة تلك..! كم هي صغيرة حجراتها المختنقة..إنها لا تكفيه ولا تؤويه..لفظته كسيراً كل إحساسٍ بالاختلاف يعيشه ويعتريه!
أشباهه في العمر ..والأحلام.. والبراءة ..رموا وجه الشبه حتى أدموه
سمع دوي همساتهم: إنه فقير..أعدموه!
عرف أنهم أطفال بنفس المسافات التي تفصلهم وإياه عن الكبر..لكنهم لم يفهموه
ظلت تحرقه النظرات المتوقدة و تفر منه الوجوه المستنكرة
فأصبح وسط الساحة المهترئة جرحاً ينزف وينزف وينزف حتى تخثر الألم
وزال الأمل
وطار حلم المدرسة والرسم والقلم
فك قيد الحقيبة عنه.. وسقط الثوب الذابل منه.. وبقيت كراسة الرسم ترقبه يركض عنها بعيداً بعيداً
كان ذلك آخر عهده بالصدق والشفافية!
وآخر حرب موجعة بينه وبين ذوي الشبه الصغار
كان سينسى كل هذا وذاك..
وسينسى سنين الانحراف وشهور الرذيلة وأزمنة الانتقام الظالم للذات!
لكن الجدران مازالت تردد
وأوراق المكتب تردد
والسيارة الفارهة أيضاً تردد
إنه مختلف ..مختلف... بلغة الآخرين.. إنه فقير!!
انطوت الملفات على ذاتها..خبأها المساء في ظلماء أدراجه وهو يتمتم:
من التالي المختلف؟
.
.
..
أختي المبدعة / أميرة الوله
إبداع حساس فيه من الوله ما يريح النفس
والتي تذكرنا دائما وأبدا بأن الإنسان يرحل وتبقى ذكراه فقط
وما أروع ما خطته أناملك يا أميرة الوله . هذه المحاكاة للجمادات والنفس فيها مايريحنا . موضوع يستحق الوقف والتريث لقراءته
أميرة الوله فعلا اسمك يليق بما كتبته أناملك.
بارك الله فيك وللأمام .
أخوك ...
وشكرا ..