الشفق
12 -01- 2014, 07:38 PM
من أسمائه سبحانه وتعالى: «الحليم»، وقد ورد في القرآن إحدى عشرة مرة، كما في قوله سبحانه: "وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ"
«الحليم»: مأخوذ من الحلم، وهو ألا يعاجل الإنسان بالأخذ والعقاب، بل يتأنّى به، فالله تعالى يتأنّى بعباده ويصبر عليهم، ولا يعاجلهم أو يؤاخذهم أو يعاقبهم، كما قال سبحانه: "وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى"
وأنت تقول عن إنسان ما: إنه حليم. إذا كان يستثار فلا يغضب، ويملك نفسه، ويحافظ على هدوئه واعتداله، وكف يده عن معاقبة الآخرين والانتقام منهم مع قدرته على ذلك لو أراد. أما حين يكون عاجزًا مقهورًا ذليلًا، ثم يتحمل الأذى والقهر والظلم، دون أن يقابله بمثله؛ فهذا لا يسمى حليمًا؛ لأنه عاجز ذليل، وإنما الحلم مع القدرة، كما قال الشاعر:
لـن يبــلـغ المجــد أقوام وإن كرموا
حـــتى يذلوا وإن عــــزوا لأقـــــوام
ويشــتمــوا فـــترى الألــوان مسفرة
لا صـفــح ذل ولــكن صــفح أحــلام
فليس صفحهم وحلمهم عن ذل أو عجز، أو أنهم قد تعودوا على الذل والرضا به؛ وإنما لأنهم حلماء حكماء، أهل صبر، يعرفون قيمة الحلم، وهذا يعني رقيًّا في خلق الإنسان وشخصيته ومكانته ومنزلته، وترفعًا عن أن يسافه السفيه، أو أن يرد عليه السيئة بمثلها؛ فيرتفع إلى درجة العفو والصفح والتواضع لله تعالى، والعفو عن عباده. فالحلم مقرون بالقدرة،
ولهذا جعل الله تعالى الحلم صفة للكثير من رسله وأنبيائه عليهم الصلاة والسلام، فهذا محمد عليه الصلاة والسلام لما أخرجه المشركون وسبوه وسخروا منه وقال قائلهم: أما وجد الله أحدًا يرسله غيرك! وقال الآخر: أنا أمزق ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك! وقال الثالث: نحو ذلك، وردوه ردًّا سيئًا، ومع ذلك قال له ملك الجبال: إن الله قد سمع قولَ قومك لك، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك، فما شئتَ، إن شئتَ أن أُطْبِقَ عليهم الأخشبين. فقال صلى الله عليه وسلم وهو في موقف من الحزن العظيم الذي غطى على روحه وقلبه: "بل أرجو أن يُخْرِجَ الله من أصلابهم من يعبدُ الله وحده لا يشـرك به شيئًا .. (2) (http://www.samtah.net/vb/#3). وجبذه أعرابي بردائه، وقال له: «مر لي من مال الله الذي عندك»!(3) (http://www.samtah.net/vb/#5). وقال آخر: «إنها لقسمة ما أريد بها وجه الله!» (4) (http://www.samtah.net/vb/#7). مع أنه صلى الله عليه وسلم ما ادخر لنفسه شيئًا، ومات وليس عنده شيء من الدنيا قط، ولا ورّث دينارًا ولا درهمًا، ولا بيتًا ولا عقارًا، ولا شيئًا من ذلك، ومع ذلك قال الأعرابي ما قال! وكان صلى الله عليه وسلم حليمًا لا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلمًا، كما جاء في صفته عليه الصلاة والسلام. فمن أحب أن يحلم الله تبارك وتعالى عليه، فعليه أن يحلم على الناس، فاحلم على زوجك، وولدك، واحلم على مرؤوسيك، واحلم على العامل الضعيف والفقير، وعلى زميلك في العمل؛ ولا تبادر الناس بالغضب، ولا تعوِّد لسانك سرعة الانطلاق في سب أو شتم أو تنقص؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القـيس: "إن فيك لخصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة" .وقد رُوي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم" . والأقرب أنه موقوف على أبي الدرداء رضي الله عنه، فيستطيع المرء أن يتدرب على الحلم حتى ولو كان غضوبًا، فإنه مع التدريب يتعلم كيف يضبط نفسه وانفعالاته ويقتبس صفة الحلم.
د. سلمان بن فهد العودة
«الحليم»: مأخوذ من الحلم، وهو ألا يعاجل الإنسان بالأخذ والعقاب، بل يتأنّى به، فالله تعالى يتأنّى بعباده ويصبر عليهم، ولا يعاجلهم أو يؤاخذهم أو يعاقبهم، كما قال سبحانه: "وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى"
وأنت تقول عن إنسان ما: إنه حليم. إذا كان يستثار فلا يغضب، ويملك نفسه، ويحافظ على هدوئه واعتداله، وكف يده عن معاقبة الآخرين والانتقام منهم مع قدرته على ذلك لو أراد. أما حين يكون عاجزًا مقهورًا ذليلًا، ثم يتحمل الأذى والقهر والظلم، دون أن يقابله بمثله؛ فهذا لا يسمى حليمًا؛ لأنه عاجز ذليل، وإنما الحلم مع القدرة، كما قال الشاعر:
لـن يبــلـغ المجــد أقوام وإن كرموا
حـــتى يذلوا وإن عــــزوا لأقـــــوام
ويشــتمــوا فـــترى الألــوان مسفرة
لا صـفــح ذل ولــكن صــفح أحــلام
فليس صفحهم وحلمهم عن ذل أو عجز، أو أنهم قد تعودوا على الذل والرضا به؛ وإنما لأنهم حلماء حكماء، أهل صبر، يعرفون قيمة الحلم، وهذا يعني رقيًّا في خلق الإنسان وشخصيته ومكانته ومنزلته، وترفعًا عن أن يسافه السفيه، أو أن يرد عليه السيئة بمثلها؛ فيرتفع إلى درجة العفو والصفح والتواضع لله تعالى، والعفو عن عباده. فالحلم مقرون بالقدرة،
ولهذا جعل الله تعالى الحلم صفة للكثير من رسله وأنبيائه عليهم الصلاة والسلام، فهذا محمد عليه الصلاة والسلام لما أخرجه المشركون وسبوه وسخروا منه وقال قائلهم: أما وجد الله أحدًا يرسله غيرك! وقال الآخر: أنا أمزق ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك! وقال الثالث: نحو ذلك، وردوه ردًّا سيئًا، ومع ذلك قال له ملك الجبال: إن الله قد سمع قولَ قومك لك، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك، فما شئتَ، إن شئتَ أن أُطْبِقَ عليهم الأخشبين. فقال صلى الله عليه وسلم وهو في موقف من الحزن العظيم الذي غطى على روحه وقلبه: "بل أرجو أن يُخْرِجَ الله من أصلابهم من يعبدُ الله وحده لا يشـرك به شيئًا .. (2) (http://www.samtah.net/vb/#3). وجبذه أعرابي بردائه، وقال له: «مر لي من مال الله الذي عندك»!(3) (http://www.samtah.net/vb/#5). وقال آخر: «إنها لقسمة ما أريد بها وجه الله!» (4) (http://www.samtah.net/vb/#7). مع أنه صلى الله عليه وسلم ما ادخر لنفسه شيئًا، ومات وليس عنده شيء من الدنيا قط، ولا ورّث دينارًا ولا درهمًا، ولا بيتًا ولا عقارًا، ولا شيئًا من ذلك، ومع ذلك قال الأعرابي ما قال! وكان صلى الله عليه وسلم حليمًا لا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلمًا، كما جاء في صفته عليه الصلاة والسلام. فمن أحب أن يحلم الله تبارك وتعالى عليه، فعليه أن يحلم على الناس، فاحلم على زوجك، وولدك، واحلم على مرؤوسيك، واحلم على العامل الضعيف والفقير، وعلى زميلك في العمل؛ ولا تبادر الناس بالغضب، ولا تعوِّد لسانك سرعة الانطلاق في سب أو شتم أو تنقص؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القـيس: "إن فيك لخصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة" .وقد رُوي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم" . والأقرب أنه موقوف على أبي الدرداء رضي الله عنه، فيستطيع المرء أن يتدرب على الحلم حتى ولو كان غضوبًا، فإنه مع التدريب يتعلم كيف يضبط نفسه وانفعالاته ويقتبس صفة الحلم.
د. سلمان بن فهد العودة