المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإخلاص درب السالكين إلى الجنة..



فجر الأمل
06 -08- 2014, 09:05 AM
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/6/62/%D8%A8%D8%B3%D9%85_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%A7 %D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%85%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%B1% D8%AD%D9%8A%D9%85.gif



الإخلاص درب السالكين إلى الجنة


الكاتب : إكرام جلال




إن تفاوت الأجور والحسنات التي رُصدت للمؤمنين، من عشرة أضعاف إلى سبعمائة ضعف.. إلى ما يشاء الله -تعالى-.. هو سر لا يفقهه إلا أصحاب الإخلاص الكامن في السرائر، ولا يطلع عليه إلا عالم السر وأخفى.

قال - تعالى -: (قُل إنِّى أُمِرتُ أَن أَعبُدَ الَّلهَ مُخلِصًا لَّهُ الدِّينَ)[الزمر: 11]، وقال - جل جلاله -: (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعبُدُوا الَّلهَ مُخلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ) [البينة: 5].

والإخلاص عمل من أعمال القلوب، بل هو الركيزة لها، فقبول الأعمال لا يتم إلا به.

ولا عجب من أن نجد جميع العلماء يستهلون كتبهم بحديث: "إنما الأعمال بالنيات" لبيان والتأكيد على أهمية الإخلاص في الأعمال؛ فقد كان الإمام الثوري يقول: "ما عالجت شيئا أشد علىَّ من نيتي أنها تتقلب عليَّ".

والإخلاص لغة يعني: خلص الشيء يخلص، والمخلص: الذي وحد الله - تعالى - خالصا، والإخلاص في الطاعة: ترك الرياء[1].

وللعلماء أقوال متعددة في معنى الإخلاص اصطلاحا منها:

قال ابن القيم - رحمه الله -: "الإخلاص هو إفراد الحق - سبحانه - بالقصد في الطاعة أي إفراد الله - عز وجل - بأن نقصده في طاعتنا وعبادتنا"، وذكر في تعريف ثاني: "الإخلاص هو تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين"[2].

والإخلاص هو: استواء أعمال العبد في الظاهر والباطن.

والإخلاص أن لا تطلب لعملك شاهدا غير الله، ولا مجازيا سواه.

وقال الفضيل - رحمه الله -: "ترك العمل من أجل الناس: رياء، والعمل من أجل الناس شرك"[3].

"وأساس إخلاص العمل": تجريد النية فيه لله - تعالى -.
يقول الإمام الغزالي - رحمه الله -: "قد انكشف لأرباب القلوب ببصيرة الإيمان، وأنوار القرآن أن لا وصول إلى السعادة، إلا بالعلم والعبادة، فالناس كلهم هلكى إلا العاملون، والعاملون كلهم هلكى إلا المخلصون، والمخلصون على خطر عظيم، فالعمل بغير نية عناء، والنية بغير إخلاص رياء، وهو للنفاق كفاء، ومع العصيان سواء، والإخلاص من غير صدق وتحقيق هباء، وقد قال الله - تعالى - في كل عمل بإرادة غير الله مشوبا مغمورا"[4] يقول - تعالى -: (وَقَدمنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِن عَمَلٍِ فَجَعَلنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا) [الفرقان: 23].

والتعريف الدقيق للإخلاص: أن يقصد المسلم بأقواله وأفعاله وجه الله تعالى-؛ فيرجو الثواب، ويخشى العقاب، ويحذر الرياء والسمعة بين الناس: (إِلَّا ابتِغَاءَ وَجهِ رَبِهِ الأَعلَى) [الليل: 20]، فلا يكون قصده إلا ابتغاء وجه الله ورضاه - سبحانه وتعالى -.

والإخلاص يورث النفس صفاء وسعادة وطمأنينة ورضا، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصا من قلبه أو نفسه))[5].

والرياء ضد الإخلاص، حينما يكون ظاهره غير باطنه وذلك عند تعمد المبالغة في إظهار أعماله.

قيل لبعض العلماء: "ما بال كلام السلف أنفع من كلامنا؟ قال: لأنهم تكلموا لعز الإسلام ونجاة النفوس ورضا الرحمن، ونحن نتكلم لعز النفس وطلب الدنيا وإرضاء الخلق".



أهمية الإخلاص

- إن العامل بدون إخلاص كادح دون ثمرة، قال الفضيل بن عياض في قوله - تعالى -: (اَلَّذِي خَلَقَ المَوتَ وَالحَيَاةَ لِيَبلُوَكُم أَيُّكُم أَحسَنُ عَمَلاً) [الملك: 2]، هو أخلصه وأصوبه قالوا: يا أبا علي: ما أخلصه وأصوبه؟ فقال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة [6]، ثم قرأ قوله - تعالى -: (فَمَن كَانَ يَرجُوا لِقَاءَ رَبِهِ فَليَعمَل عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشرِك بِعِبَادَةِ رَبِهِ أَحَدَا) [الكهف: 110].

- إن الإخلاص يُعظم العمل.. فالله - سبحانه - يُنمي ويجازي المخلص في عمله حتى يجده أمامه يوم القيامة، قال عبد الله بن المبارك: "رب عمل صغير تُكثره النية، ورب عمل كثير تُصغرُه النية" [7].

وكتب بعض الصالحين إلى صديق له: "أخلص النية في أعمالك يكفك القليل من العمل" [8].

- إن الإخلاص يجعلك بمعية الله - تعالى -، وفي ذلك كتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري - رضي الله عنهما - وكان قد ولاه البصرة: "من خلصت نيته كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن تزين للناس بغير ما يعلم الله من قلبه شانه الله... " [9].

- إن الثبات والمداومة على العمل الصالح الذي خلُص عمله لله لا ينقطع ولا يفتر؛ لأن الذي يعمل له باق وجهه وإن غابت جميع الوجوه، لهذا قال الصالحون: "ما كان لله دام واتصل وما كان لغير الله انقطع وانفصل، وهذا ما صدقه الواقع، وما رأيناه ولمسناه، ولا زلنا نراه ونلمسه في كل زمان ومكان"[10].

- تحول العادات لعبادات: إن الإخلاص هو روح الأعمال ولو وُجد في أي عمل.. تحولت العادات لعبادات، ولو نظرنا لأبسط الأعمال الاعتيادية لربة البيت نجدها تقوم بواجبها المعتاد كعادة روتينية، لكنها لو جددت النية يوميا خالصةً - لله - تعالى - ستتحول تلك العادة لعبادة تثاب عليها، وهكذا سائر الأعمال والمهن كالطبيب والطالب والمهندس والكاتب.. الخ.

وها هم قوم أرادوا الخروج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة العسرة، لكن تعسر تجنيدهم: (وَلا عَلَى الذِينَ إِذَا مَا أَتَوكَ لِتَحمِلَهُم قُلتَ لاَ أَجِدُ مَا أحمِلُكُم عَلَيهِ تَوَلَّوا وَأَعيُنُهم تَفِيضُ مِنَ الدَّمعِ حَزَنًا ألاَّ يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ) [التوبة: 92].

قال - صلى الله عليه وسلم - للجيش معه: ((إن أقواما خلفنا بالمدينة، ما سلكنا شعباً ولا وادياً إلا وهم معنا، حبسهم العذر))[11].

فالإخلاص الصادق لله - تعالى - سجل لهم ثواب المجاهدين رغم بقائهم في منازلهم.



ثمرات الإخلاص

- نصر الأمة: من أهم ثمرات الإخلاص أن به تقوم الأمم وتنهض ويعلو شأنها، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها: بدعوتهم، وصلاتهم، وإخلاصهم))[12]

- السكينة وطمأنينة القلب والشعور بالسعادة والرضا، فيتحرر الإنسان من جميع هموم الدنيا.

- قبول الدعاء واستجابة الله لعبده المخلص لذا كان عمر - رضي الله عنه - يقول: "إني لا أحمل هم الإجابة ولكن أحمل هم الدعاء، ومن كان يدعو الله بقلب خاشع يُستجاب له: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادعُونِي أَستَجِب لَكُم) [غافر: 60]".

- حب أهل السماء للمخلص وبعدها وضع القبول في الأرض، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أحب الله - تعالى - العبد نادي جبريل: إن الله - تعالى - يحب فلانا فأحبه، فيُحبه جبريل فينادي في أهل السماء إن الله يُحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء، ثُم يُوضع له القبول في الأرض))[13].

- عون الله - تعالى - في المحن وتأييده لعبده المخلص وكفايته له، قال - تعالى-: (أَلَيسَ اللُّهُ بِكَافٍ عَبدَهُ) [الزمر: 36]. ومن أقوى الأمثلة في أثر الإخلاص في المحن قصة "أصحاب الغار الثلاثة" والتي تحمل العبرة لأولي الألباب.

- التوفيق لمصاحبة أهل الإخلاص، ومن أوضح الأدلة صحبة الصحابة بعضهم لبعض.

- حسن الخاتمة ومن ذلك حديث الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفسا ثم أراد أن يتوب، وبسبب إخلاصه، قُبض وهو مُقبل على الله.

- رفع درجات المسلم في الدنيا والآخرة فالعبد المخلص يسبب الله له أسباب المحبة، والمنزلة العالية في الأرض، والأجر والمثوبة الكبيرة في الدار الباقية.


الأسباب المُعينة على الإخلاص

- ملازمة تقوى الله: (وَمَن يَتِّقِ اللَّهَ يَجعَل لَّهُ مَخرَجًا) [الطلاق: 2].

وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أكثر ما يُدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق))[14]

- الحرص على نيل الأجر من الله والإكثار من العمل الصالح: (وَلَلآَخِرَةُ خَيرٌ لَّكَ مِنَ الأُولَى)[الضحى: 4].

- الدعاء والالتجاء إلى الله - تعالى - فهو المعين والملجأ - سبحانه وتعالى - والدعاء سلاح المؤمن وعندما تُسد جميع الأبواب أمام العبد، فليس أمامه سوى باباً واحدا مفتوح بالليل والنهار لا يُغلق لحظة في وجوه جميع البشر المُخلصين الأوابين، وهو - سبحانه وتعالى - الملجأ والملاذ للجميع، وسؤال الله - تعالى - أن يرزقنا الإخلاص دائما في القول والعمل.

- العلم بأن يعرف العبد أهمية الإخلاص وثمراته دنيا وآخرة، وأنه - سبحانه وتعالى - مطلع على السرائر، وكلما قويت المعرفة ورسخ العلم يصل لليقين وتخبت القلوب. (ولَيَعلَمَ الذين أُوتُوا العِلمَ أنَّهُ الحَقُ من رَّبِّكَ فَيُؤمنُوا به فَتُخبِتَ لَهُ قُلُوبُهُم) [الحج: 54].

- المجاهدة: يسلك ذلك الطريق صاحب الإرادة القوية.. ولا شك أن مجاهدة النفس تحمل المعاناة الشديدة، خاصة في بعض المواقف التي يصعب على الإنسان مفارقة غالٍ عليه والاستغناء عنه: (الَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهدِيَنَّهُم سُبُلَنَا وَإِنَّ الَّلهَ لَمَعَ المُحسِنِينَ) [العنكبوت: 69].

- مصاحبة المخلصين والتأسي بهم والتخلق بأخلاقهم.. فهم الذين باعوا أنفسهم وأموالهم لله، هؤلاء الذين لا يجمع بينك وبينهم إلا الحب في الله تجتمعون وتفترقون عليه، الذين أمر الله - تعالى - أن يصبر نفسه معهم: (وَاصبِر نَفسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدعُونَ رَبَّهُم بِالغَداةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجهَهُ... ) [الكهف: من الآية 28].

وقال السلف: "حال رجل في ألف رجل، أبلغ من مقال ألف رجل في رجل" يعنون بحاله: سلوكه وخُلُقه وعمله.

- قراءة سير السلف ومن بعدهم من الصالحين.. فبعد توفيق الله - تعالى -.. الفائدة الكبرى في الإطلاع على سيرهم وأقوالهم ومجاهدتهم.


بعض الأقوال في الإخلاص

- قال قائل: "دلوني على عمل لا أزال به عاملا لله - تعالى -، فقيل له: أنوِ الخير، فإنك لا تزال عاملا وإن لم تعمل. فالنية تعمل وإن عدم العمل".

- إني أُحب أن يكون لي في كل شيء نية، حتى في أكلي وشربي ونومي.

- المخلص من يكتم حسناته كما يكتم سيئاته.

- تخليص النيات على العمال أشد عليهم من جميع الأعمال.

- الإخلاص يُميز العمل من العيوب كتميز اللبن من الفرث والدم.

- الإخلاص نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق فقط.

- الإخلاص فقد رؤية الإخلاص فمن شاهد في إخلاصه الإخلاص، فقد احتاج إخلاصه إلى إخلاص[15].


دلائل الإخلاص

للمخلص علامات يُعرف بها:

- حب العمل في صمت.

- الزهد في الشهرة: قال الفضيل بن العياض: "إن قدرت على ألا تُعرف فافعل، وما عليك ألا تُعرف وما عليك أن يُثنى عليك، وما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت محمودا عند الله تعالى"[16].

والشهرة في ذاتها ليست مذمومة فكم من علماء أفاضل وأصحاب مهن مشهورين، لكن ذمها في طلبها والحرص والعمل من أجلها، والدليل على ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عن الرجل يعمل العمل لله من الخير ويحمَدُه الناسُ عليه، فقال: "تلك عاجل بشرى المؤمن" [17].

-الحذر من تزكية النفس: حذر القرآن الكريم من تزكية النفس في عدة مواضع (... فَلَا تُزكُّوا أَنفُسَكُم هُوَ أَعلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) [النجم: 32].

ويجب على الإنسان ألا يغتر بنفسه عند عمل الصالحات أو التحدث بها إلا اعترافا بنعمة الله عليه أن وفقه لذلك العمل: (وَأًمَّا بِنِعمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّث) [الضحى: 11]، أو للإقتداء به.

- الفرح والترحيب بكل من يبرز في مجاله: وخاصة مجال الدعوة فالمخلص من يتنحى عند وجود من هو أفضل منه، وما أفسد زماننا أكثر من تشبث الكل بكرسيه وكأنه لم يصنع إلا له خاصة وحرام على غيره الفوز به ولو كان أقدر على القيادة وهذا وارد في جميع المهن والإدارات، ويستتبع ذلك استواء الأمر عنده في القيادة أو التبعية، وقد وصفه الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقال: "طوبى لعبد أخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مُغبرة قدماه، إن كان في الساقة كان في الساقة، وإن كان في الحراسة كان في الحراسة"[18].

- ألا يبخل بمدح من يستحق المدح والتزكية: وقد أكثر الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الاعتراف بفضائل بعض الصحابة كقوله لعلي: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى"، وعن أبي عبيدة: "أمين هذه الأمة".

وها هو عمر الفاروق يطلب رأي ابن عباس في بعض الأمور، وهو شاب صغير السن قائلا له أمام كبار الصحابة: "تكلم يا ابن عباس ولا يمنعك حداثة سنك".

- ألا يطلب المدح ولا يغتر به: فلا يطلب مدح المادحين ولا تفرح نفسه لذلك، وإذا مدحه مادح يشعر بأنه أصغر من ذلك.

قال ابن عطاء الله في حكمه: "الناس يمدحونك لما يظنونه فيك، فكن أنت ذاما لنفسك لما تعلمه منها. أجهل الناس من ترك يقين ما عنده لظن ما عند الناس! ".

وقال ابن مسعود - رضي الله عنه - لمن تبعوه وأحاطوا به: "لو علمتم ما أغلق عليه بابي ما تبعني منكم رجلان، وهو من ثُريات الصحابة".

ولا يُنكر بشر جميل ستر الله - تعالى - على عباده، فكم من عيوب وذنوب سترها - سبحانه - تعالى - بينه وبينهم.. ولو بدت لمن حوله لكان له شأن آخر بينهم.. لكنه أرحم الراحمين.. الستار.. العفو الغفار.. التواب!!

وفي ذلك يقول ابن عطاء الله: "من أكرمك فإنما أكرم فيك جميل ستره، والفضل لمن أكرمك وسترك، ليس لمن مدحك وشكرك".

- السلامة والنجاة من آفة العُجب: ويكون ذلك بعد تمام العمل، فيُفسده بالإعجاب والمن به، دون الاهتمام بالتقصير فيه وقد نبه القرآن الكريم من إتباع الصدقة بالمن أو الأذى: (قولٌ معروفٌ ومغفرةٌ خيرٌ من صَدَقَةٍ يتبعُها أذى والله غَنِيٌ حليم * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامنُوا لَا تُبطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ... ) [البقرة: 263 264].


كيف نعالج الإعجاب بالعمل؟

- أن تعلم أن حق الله - تعالى - أكبر من عملك بالكثير.. فلو وُزنت أعمالك كلها يوم القيامة فلا تساوي نعمة واحدة من نعم الله - تعالى - عليك.. مثل نعمة البصر والسمع.. فكيف بباقي النعم التي لا تُعد ولا تُحصى.. كنعمة الهداية والإيمان.

- الحياء من الله: إذا شعرت بشدة الحياء من الله - جل وعلا - عند القيام بأي عمل فستعالج العجب..

(وَالَّذِينَ يُؤتُونَ مَا ءَاتَوا وَقُلُوبُهُم وَجِلَةٌ أَنَّهُم إِلَى رَبِهِم رَاجِعُونَ) [المؤمنون: 60]، والمقصود، يُعطون العطاء وهم خائفون وجلون أن لا يُتقبل منهم، خوفا من تقصيرهم في القيام بشروط الإعطاء وهذا من باب الإشفاق والاحتياط[19].

- الثقة بأن الذي وفقك لهذا العمل الله وحده فإنما هو منة من الله، وليست منة من نفسك.. مثل نعمة البصر والسمع.. فكيف بباقي النعم التي لا تُعد ولا تُحصى.

لذا كانت كلمات أهل الجنة: (وَقَالُوا الحَمدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهتَدِيَ لَولَا أَن هَدَانَا الَّلهُ.. ) الأعراف:43].


تنبيهات

- عدم ترك الأعمال الصالحة إن خيف عليه الاختلاط، فكثير من الناس يهجر الأعمال الصالحة خشية دخول العُجب أو الرياء عليها، ومن الخطأ الجسيم ترك العمل من أجل الناس، ففي ذلك جهل.. فمن بدأ العمل خالصا لله فقد ثبت أجره.. وإنما ذلك إحدى مداخل الشيطان يوسوس له: اترك العمل كيلا يعتقد الناس فيك حب الجاه أو الشهرة أو أنك تتفضل عليهم.. أو تتظاهر بالخشوع.

- لا يضر فساد النية عند بدء العمل؛ فقد يعتقد البعض أن ذلك مبرر لترك العمل.. لكن الكيس من يصحح نيته فلا يخسر ولا يحبط عمله، وبعض السلف جرهم العلم إلى الإخلاص، قال مجاهد وغيره: "طلبنا العلم ومالنا به كبير نية ثم رزق الله النية بعد"[20].

- جواز إظهار بعض الأعمال الصالحة بنية حسنة.. وإن كان الأصل إخفائها كي يتحقق الإخلاص لله فيها، وإنما يجوز إظهاره لوجود فائدة من ذلك كالاقتداء في الأعمال الخيرة كالحث على الصدقة.. ولتعليم الناس حكم من الأحكام.

- إن للإخلاص الخالص صعوبة لا تخفى، فهو صعب المنال يخفى على الكثيرين، لذا كان السلف كثيري الدعاء في طلبه وهذا علي بن الحسين - رضي الله عنهما - يدعو فيقول: "اللهم إني أعوذ بك أن تحسن في لوائح العيون علانيتي، وتقبح في خفيات العيون سريرتي"، لوائح العيون: ما يبدو للعيون[21].

اللهم إن نواصينا بيدك تعلم متقلبنا ومثوانا.. وسرنا ونجوانا.. أنت المالك ونحن المملوكون.. أنت الرب ونحن العبيد.. أنت الغني ونحن الفقراء.. فنسألك اللهم أن ترزقنا الإخلاص في القول والعمل.. وأن تغفر لنا ما تقدم من ذنوبنا وما تأخر.. وما أعلنا وما أسررنا وما أنت أعلم به منا برحمتك يا أرحم الراحمين.

______________

[1] لسان العرب.
[2] تهذيب مدارج السالكين ص 322.
[3] المصدر السابق.
[4] مقدمة كتاب [النية والإخلاص والصدق] الإحياء ج/4 ص 362.
[5] صحيح البخاري- [كتاب العلم] 99.
[6] انظر [تهذيب مدارج السالكين]: 321.
[7] نزهة الفضلاء 2/657.
[8] إتحاف السادة المتقين للزبيدي 13/87.
[9] المصدر السابق.
[10] النية والإخلاص [الدكتور القرضاوي]103- 104.
[11] البخاري 2/838، مسلم بلفظ حبسهم المرض1911.
[12] صحيح الجامع 2388.
[13] صحيح الجامع 1705.
[14] الترمذي 2003.
[15] إحياء علوم الدين 4/381.
[16] إحياء علوم الدين3/277.
[17] نزهة المتقين 1/1623.
[18] البخاري كتاب الجهاد باب الحراسة 2887.
[19] مختصر تفسير ابن كثير.
[20] نزهة الفضلاء.
[21] نزهة الفضلاء1/407.

المصدر (http://islamselect.net/mat/92537)

نسايم ليل
07 -08- 2014, 01:39 AM
عدم ترك الأعمال الصالحة إن خيف عليه الاختلاط، فكثير من الناس يهجر الأعمال الصالحة خشية دخول العُجب أو الرياء عليها، ومن الخطأ الجسيم ترك العمل من أجل الناس، ففي ذلك جهل.. فمن بدأ العمل خالصا لله فقد ثبت أجره.. وإنما ذلك إحدى مداخل الشيطان يوسوس له: اترك العمل كيلا يعتقد الناس فيك حب الجاه أو الشهرة أو أنك تتفضل عليهم.. أو تتظاهر بالخشوع.



هذا مهم جدا



ألاحظ الكثير يترك العمل خوف من الرياء



جزاك الله خير عيوني



والله يرزقك الفردوس الأعلى

غزوله
08 -08- 2014, 04:40 PM
جزاك الله خير.
ورزقك الفردوس الاعلى

فجر الأمل
09 -08- 2014, 08:36 AM
أسعدكما الله نسايم وغزوله..
ولكما بمثل ما دعوتما وزيادة..
wr

الصدق منجاة
11 -08- 2014, 07:35 PM
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا