المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قبس من العدل النبوي



المهاجر الشمالي
21 -01- 2015, 08:29 PM
رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أعدل الناس وأبعدهم عن الظلم، فما ظلم أحدا، ولا جار في حكم أبدا، ومن أخلاقه وصفاته المعروف بها العدل في الرضا والغضب، فكان مثالا للعدل مع أهله وولده وصحابته، ووسع عدله القريب والبعيد، والصديقّ والعدو، بل وشمل الحيوان، وقد بلغ من عدله أنه كان يُنصف الناس من نفسه، فما أظلت الخضراء منذ خلق الله آدم إلى أن يرث الأرض ومن عليها أحسن خُلُقا ولا أعدل من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم -، وقد امتدحه ربه ـ عز وجل ـ على أخلاقه فقال: { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ }(القلم : 4) .








ومواقف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ التي تظهر عدله كثيرة، منها :







في غزوة بدر روى ابن هشام في السيرة النبوية وابن كثير في البداية والنهاية وغيرهما: ( أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عدَّل صفوف أصحابه يوم بدر، وفي يده قدح ( سهم ) يعدل به القوم، فمر بسواد بن غزية حليف بني عدي بن النجار وهو مستنتل ( متقدم ) من الصف، فطعن في بطنه بالقدح وقال: استوِ يا سواد، فقال: يا رسول الله أوجعتني، وقد بعثك الله بالحق والعدل فأقدني، فكشف رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن بطنه فقال: استقد ( اقتص )،قال: فاعتنقه فقبَّل بطنه، فقال: ما حملك على هذا يا سواد؟ قال: يا رسول الله حضر ما ترى، فأردتُ أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك، فدعا له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بخير ) .







وعن عبد الله بن جبير الخزاعي ـ رضي الله عنه ـ قال: ( طعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا في بطنه إما بقضيب وإما بسواك، فقال: أوجعتني فأقدني، فأعطاه العود الذي كان معه، فقال: استقد ( اقتص مني )، فقبَّل بطنه، ثم قال: بل أعفو لعلك أن تشفع لي بها يوم القيامة ) رواه الطبراني .







وفي غزوة حنين يعترض عليه بعض القوم ويخطئ في حقه أحد المنافقين، فلا يخرجه ذلك للغضب لنفسه أو الظلم، فعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: ( أتى رجلٌ رسولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالجِعْرانَةِ ـ مُنصرفَه من حُنَينٍ ـ وفي ثوب بلال فضة، ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقبضُ منها يُعطى الناس، فقال: يا محمد! إعدِلْ، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ويلَك!، ومن يعدِلْ إذا لم أكن أعدل؟، لقد خبتَ وخسِرتَ إن لم أكن أعدِلْ ) رواه البخاري .






( خِبْتَ وخَسِرْتَ ) ضبطهما الضم والفتح، على المتكلم والمخاطَب، والفتح أشهر .






قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: " قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( ومن يعدل إذا لم أكن أعدل؟، لقد خبت وخسرت ): روي بفتح التاء في ( خبتَ وخسرتَ ) وبضمهما فيهما، ومعنى الضم ظاهر، وتقدير الفتح : خبتَ أنت أيها التابع إذا كنتُ لا أعدل، لكونك تابعا ومقتديا بمن لا يعدل، والفتح أشهر . والله أعلم " .








وقال ابن القيم: " والصواب في هذا فتح التاء من ( خِبْتَ وخسِرْتَ )، والمعنى أنك إذن خائب خاسر إن كنتَ تقتدي في دينك بمن لا يعدل وتجعله بينك وبين الله، ثم تزعم أنه ظالم غير عادل، ومن رواه بضم التاء لم يفهم معناه هذا " .







وفي قصّة المرأة المخزومية التي سرقت واستعان أهلها بأسامة بن زيد ـ حب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كي يشفع لهم عنده ليعفو عنها، لم يقبل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ شفاعته، ورفض أن يحابي أحداً في حكم من أحكام الله تعالى ، ولو كان أحب الناس إليه ـ أسامة بن زيد وفاطمة بنته ـ صلى الله عليه وسلم ـ فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنّ قريشا أهمّهم شأن المرأة المخزوميّة الّتي سرقت فقالوا: ( ومن يكلّم فيها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ؟، فقالوا: ومن يجترئ عليه إلّا أسامة بن زيد حبّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فكلّمه أسامة، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أتشفع في حدّ من حدود الله؟، ثمّ قام فاختطب ثمّ قال: إنّما أهلك الّذين قبلكم أنّهم كانوا إذا سرق فيهم الشّريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضّعيف أقاموا عليه الحدّ، وايم الله لو أنّ فاطمة بنت محمّد سرقت لقطعت يدها ) رواه البخاري .







ولم ينشغل ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ بغزواته وحروبه، والدولة وقيادتها، عن العدل في نطاق أسرته وبين زوجاته، فقد كان يُقَّسم بين نسائه فيعدل بينهن حتى في حال الحرب والقتال، فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: ( كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها ) رواه البخاري .







بل كان للحيوان نصيبه من وصية النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالعدل وأمره به، فعن عبد الله بن جعفر ـ رضي الله عنه ـ قال : ( دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حائطا ( بستانا ) لرجل من الأنصار، فإذا جمل، فلما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - حنّ وذرفت عيناه، فأتاه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فمسح عليه فسكت، فقال: لمن هذا الجمل؟، فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله، فقال له: أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكى إليَّ أنك تجيعه وتدئبه (تتعبه) ) رواه أبو داوود .







إن حياة وسيرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مدرسة تربوية يستلهم منها المسلمون ـ في كلِّ زمان ومكان ـ الأحكام والأخلاق التي تصل بهم إلى السعادة في الدنيا الآخرة، ومنها موقفه بل مواقفه المشرقة في العدل، وما ذكرناه ما هو إلا قبس من عدله ـ صلى الله عليه وسلم ، فما أحوجنا إلى الاقتداء به في العدل بل في أخلاقه كلها، قال الله تعالى: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }(الأحزاب: من الآية21) ..

نسايم ليل
22 -01- 2015, 07:24 AM
بارك الله فيك

((ويحك يا أعرابي فمن يعدل إن لم أعدل ؟))

دخل عليه رجل غريب، فلما رآه اضطرب، واختلجت أعضاؤه ومن صفات النبي عليه الصلاة والسلام أنه من رآه بديهةً هابه، ومن عامله أحبه، على المعاملة، وبالاحتكاك، والقرب تزداد حباً له، أما إذا رأيته بديهةً تهابه، لشدة ما ألبسه الله من الوقار.
دخل عليه رجل غريب فاختلجت أضلاعه، واضطرب من شدة هيبته ماذا فعل النبي ؟ أعجبه ذلك ؟ رضي أن يخضع له ؟ أن ترتعد مفاصله خوفاً منه ؟ استدناه، قال اقترب مني يا فلان وربت بيده على كتفه في حنان، وفرط تواضع، وقال:
((هون عليك، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد بمكة..))
ما رضي صلى الله عليه وسلم أن يستعلي عليه، ما شعر بدغدغة في مشاعره حينما يخضع له الناس، ويعظمونه، قال:
((هون عليك، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد بمكة.))
الحقيقة أيها الإخوة ـ أن عدل النبي، وتواضع النبي ينطلقان من سِمة عميقة في شخصيته، هذه السمة هي أنه ـ مع أنه سيد الخلق وحبيب الحق، مع أنه تفوق على كل الخلق، في العلم والخلق، والفهم والإشراق، وضع نفسه مع كل الخلق جنباً إلى جنب، أصل العدالة أن لا تشعر بالتميز، أصل العدالة أن لا تشعر بالخصوصية، أصل العدالة أن يرفعك الناس لتواضعك، ولكمالك، لا أن ترفع نفسك فوقهم فيضعوك إن تواضعت لهم يرفعوك، أما إن علوت عليهم يخفضوك.

انظر إلى الأكحال وهي حجارة لانت فصار مقرها في الأعين

المهاجر الشمالي
23 -01- 2015, 12:19 AM
بارك الله فيك

((ويحك يا أعرابي فمن يعدل إن لم أعدل ؟))

دخل عليه رجل غريب، فلما رآه اضطرب، واختلجت أعضاؤه ومن صفات النبي عليه الصلاة والسلام أنه من رآه بديهةً هابه، ومن عامله أحبه، على المعاملة، وبالاحتكاك، والقرب تزداد حباً له، أما إذا رأيته بديهةً تهابه، لشدة ما ألبسه الله من الوقار.
دخل عليه رجل غريب فاختلجت أضلاعه، واضطرب من شدة هيبته ماذا فعل النبي ؟ أعجبه ذلك ؟ رضي أن يخضع له ؟ أن ترتعد مفاصله خوفاً منه ؟ استدناه، قال اقترب مني يا فلان وربت بيده على كتفه في حنان، وفرط تواضع، وقال:
((هون عليك، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد بمكة..))
ما رضي صلى الله عليه وسلم أن يستعلي عليه، ما شعر بدغدغة في مشاعره حينما يخضع له الناس، ويعظمونه، قال:
((هون عليك، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد بمكة.))
الحقيقة أيها الإخوة ـ أن عدل النبي، وتواضع النبي ينطلقان من سِمة عميقة في شخصيته، هذه السمة هي أنه ـ مع أنه سيد الخلق وحبيب الحق، مع أنه تفوق على كل الخلق، في العلم والخلق، والفهم والإشراق، وضع نفسه مع كل الخلق جنباً إلى جنب، أصل العدالة أن لا تشعر بالتميز، أصل العدالة أن لا تشعر بالخصوصية، أصل العدالة أن يرفعك الناس لتواضعك، ولكمالك، لا أن ترفع نفسك فوقهم فيضعوك إن تواضعت لهم يرفعوك، أما إن علوت عليهم يخفضوك.

انظر إلى الأكحال وهي حجارة لانت فصار مقرها في الأعين

كل الشكر لك على تواجدك الجميل وردك الرائع
اسعدني جدا مرورك ..