المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإستغفار ....يدفع الله به النقم ويأتي بالنعم



نسايم ليل
20 -06- 2015, 10:50 PM
(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ)


بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله على نعمه وإحسانه ونستغفره من ذنوبنا طمعاً في عفوه ورضوانه ونصلي ونسلم على نبينا محمد إعلاءاً لشانه وعلى آله وأصحابه ..



أما بعد:



فهموم وغموم وأحزان وآلام ومصائب تترى ، أسقام وبلايا محن ورزايا كل هذا وغيره يعيشه أهل الإسلام اليوم فهل هذا بسبب ذنوبهم ؟ فسلط عليهم عدوهم أم هو ابتلاء لرفع درجاتهم أم كلاهما ،كل هذا ممكن ولكن من مثلنا وحالنا وتديننا وعلاقتنا بربنا لا يجد إلا أن يقول إنّ مانحن فيه هو بذنوبنا(وقليل من يجيز ) وهذا بعض الجزاء فلعلنا نفيق ولعلنا نرجع ولعلنا نؤوب أو نتوب ((ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ))



فعقوبة الله ليست على كل الذنوب بل على بعضها ((وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ))



دخل على عمران بن حصين، رضي الله عنه بعض أصحابه وقد كان ابتلي في جسده، فقال له بعضهم إنا لَنَبْتَئِسُ لك لما نرى فيك. قال: فلا تبتئس بما ترى، فإن ما ترى بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر، ثم تلا هذه الآية: { وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ } (( مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ))



((قال تعالى -مخاطبًا -الرسول [صلى الله عليه وسلم] والمراد بالخطاب جنس الإنسان
ليحصل الجواب: { مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ } أي: من فضل الله ومنه ولطفه ورحمته { وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ } أي: فمن قبلك، ومن عملك أنت كما قال تعالى: { وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ } [الشورى: 30].قال السدي، والحسن البصري، وابن جُريج، وابن زيد: { فَمِنْ نَفْسِكَ } أي: بذنبك.



وقال قتادة: { مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ } عقوبة يا ابن آدم بذنبك )) تفسير ابن كثير



ومن رحمة الله بخلقه أنه لم ييئسهم منه إذا أذنبوا أو تابوا فهو الذي رغب بالتوبة وهو الذي وعد بالمغفرة بل إن الله تعالى يعفوا عن العاصين أحيانا من غير سؤال منهم تفضلاً ورحمة وهو الحكيم العليم وهو القائل ((قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ((إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ))



وقال: [وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً] وهو الذي غفر لذاك الرجل الذي قتل مائة نفس فلما تاب تاب عليه وهو التواب الرحيم فأخذته ملائكة الرحمة.



فأمة الإسلام اليوم بأمس الحاجة للرجوع إلى ربها وكثرة الإستغفار لحالها , فكم من آية أمرت بالإستغفار وكم من تحضيض في الكتاب والسنة عليه بل إن الله أمر سيد البشر وأعبد بني آدم بالإستغفار((فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْأِبْكَارِ)(فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ)




(وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً ) ، (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ) (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إنَّهُ كَانَ تَوَّاباً )



في الصحيحين عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم يقول: (والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة)



وعن ابن عمر (رضي الله عنهما) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس توبوا إلى الله ، فإني أتوب إليه في اليوم مئة مرة) رواه مسلم



و قال : (إنه ليغان على قلبي ، وإني لأستغفر الله في اليوم مئة مرة) رواه مسلم ,



فإذا كان رسول الله يستغفر مائة مرة ليزول عن قلبه الغين وهو ألطف شيء وأرقه مما يغشى القلب فماذا يفعل وكم يستغفر من كان على قلبه ران أو الذين طبع على قلوبهم وخًتم !!



فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: (إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء ، فإن هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه فإن زاد زادت فذلك الران الذي ذكره الله في كتابه((كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون))رواه النسائي وابن ماجه .



وعن ابن عباس (رضي الله عنهما) قال : (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا قام من الليل يتهجد قال : اللهم لك الحمد ، أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد ، أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد ، أنت الحق ، ووعدك حق ، وقولك حق ، ولقاؤك حق ، والجنة حق ، والنار حق ، والساعة حق ، والنبيون حق ، ومحمدٌ حق ، اللهم لك أسلمت ، وعليك توكلت ، وبك آمنت ، وإليك أنبت ، وبك خاصمت ، وإليك حاكمت ، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، أنت المقدِّم وأنت المؤخِّر ، لا إله إلا أنت)رواه البخاري



و في استفتاح الصلاة : عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال : (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسكت بين التكبير وبين القراءة إسكاتة ، قال : أحسبه قال : هنيّةً ، فقلت : بأبي وأمي يا رسول الله ، إسكاتُك بين التكبير والقراءة ، ما تقول ؟ ، قال : أقول اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، اللهم اغسل خطاياى بالماء والثلج والبَرَد)رواه الشيخان.



وفي آخر الصلاة :



عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم : (اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني ، أنت المقدم وأنت المؤخر ، لا إله إلا أنت) رواه البخاري,



بل بعد التسليم من الصلاة كان يقول :


( أستغفر الله ثلاثا ثم يقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ذا الجلال والإكرام)) رواه أحمد

وعند موته عليه الصلاة والسلام : عن عائشة (رضي الله عنها) أنها قالت : سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصغيت إليه قبل أن يموت وهو مسند إليّ ظهره يقول : (اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى)رواه مسلم.



وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري (رضي الله عنه) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو بهذا الدعاء : (اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني ، اللهم اغفر لي جِدِّي وهزلي وخطئي وعمدي ، وكل ذلك عندي ، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، وما أنت أعلم به مني ، أنت المقدِّم وأنت المؤخِّر ، وأنت على كل شيء قدير)




واستشكل البعض وقوع الاستغفار من النبي صلى الله عليه وسلم وهو معصوم ؛ فالاستغفار يستدعي وقوع المعصية ، وأجاب العلماء على ذلك بعدة أجوبة ، منها : قول ابن الجوزي : هفوات الطباع البشرية لا يسلم منها أحد .



وقال ابن بطال : الأنبياء أشد الناس اجتهاداً في العبادة لما أعطاهم الله (تعالى) من المعرفة ، فهم دائبون في شكره معترفون له بالتقصير ، فكأن الاستغفار من التقصير في أداء الحق الذي يجب لله (تعالى) .
وقال القرطبي في (المفهم) : (وقوع الخطيئة من الأنبياء جائز ؛ لأنهم مكلفون ، فيخافون وقوع ذلك ويتعوذون منه) .



وعَدّ ابن كثير أمر الله لنبيه -صلى الله عليه وسلم- بالاستغفار تهييجاً للأمة على طلب المغفرة ، إذ كيف يكون خطاب أفراد الأمة إذا أمر نبيها بالاستغفار ؟ فهو حث للأمة على الاستغفار .



وثبت في الصحيحين عن جماعة من الصحابة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : (ينزل ربنا (تبارك وتعالى) في كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير ، فيقول : هل من سائل فأعطيه ؟ ، هل من داعٍ فأستجيب له ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟



وكذلك تعليمه لخيرة أصحابه ، وصاحبه في الهجرة ،دعاءاً في الأستغفار فعن عبد الله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنهما) قال : إن أبا بكر الصديق قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- : يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي وفي بيتي . قال : (قل : اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كبيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني ، إنك أنت الغفور الرحيم)



فإذا كان أبو بكر علمه عليه الصلاة والسلام أن يقول في دعائه أنه ظلم نفسه ظلما كثيرا فما نقول نحن !! وهذا أفضل من وطأت قدمه الأرض بعد الانبياء وهو المزكى من السماء وهو المبشر بالجنة!! ترى ماذا فعل أبو بكر من ذنوب!! وهو رجل يوم الردة لكن كما قال ابن مسعود (رضي الله عنه) قال : (إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعدٌ تحت جبل يخاف أن يقع عليه ، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه ، فقال به هكذا).رواه البخاري .



ايها المسلمون إننا في واد والقوم الذين سبقونا بإحسان في واد.
فالذنب لا يفلت منه أحد ولكن من وفقه الله تعالى قد ينتفع بذنبه ويكون سببا في رفع درجاته ويكون حاله بعد الذنب أكمل مما قبل الذنب فندم المؤمن وخوفه من ذنبه واستشعار عظم مخالفته لربه وكثرة قرباته وأعماله تكون مكفرة لذنبه وزيادة لحسناته يقول شيخ الإسلام مجموع الفتاوى - (ج 14 / ص 319)



فَيَحْصُلُ لِلْمُؤْمِنِ - بِسَبَبِ الذَّنْبِ - مِنْ الْحَسَنَاتِ مَا لَمْ يَكُنْ يَحْصُلُ بِدُونِ ذَلِكَ . فَيَكُونُ هَذَا الْقَضَاءُ خَيْرًا لَهُ . فَهُوَ فِي ذُنُوبِهِ بَيْنَ أَمْرَيْنِ : إمَّا أَنْ يَتُوبَ فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَكُونُ مِنْ التَّوَّابِينَ الَّذِينَ يُحِبُّهُمْ اللَّهُ . وَإِمَّا أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ بِمَصَائِبَ ؛ تُصِيبُهُ ضَرَّاءُ فَيَصْبِرُ عَلَيْهَا . فَيُكَفِّرُ عَنْهُ السَّيِّئَاتِ بِتِلْكَ الْمَصَائِبِ وَبِالصَّبْرِ عَلَيْهَا تَرْتَفِعُ دَرَجَاتُهُ .



ومن اهتمامه عليه الصلاة والسلام بشأن الاستغفار : تعليمه للرجل حديث الإسلام دعاءً يبدأ بالاستغفار، فروى مسلم في صحيحه كان الرجل إذا أسلم علّمه النبي الصلاة ، ثم أمره أن يدعو بهؤلاء الكلمات : (اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني) ،.



ومن مظاهر حثه الأمة على الاستغفار : ترغيبه صلى الله عليه وسلم في سيد الاستغفار ، فعن شداد بن أوس (رضي الله عنه) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : (سيد الاستغفار : أن يقول : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك عليّ ، وأبوء لك بذنبي ، فاغفر لي ؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، قال : من قالها من النهار موقناً بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة))رواه البخاري.



ومن ثمرات الإستغفار ((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا))
( أي: إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه، كثر الرزق عليكم، وأسقاكم من بركات السماء، وأنبت لكم من بركات الأرض، وأنبت لكم الزرع، وَأَدَرَّ لكم الضرع، وأمدكم بأموال وبنين، أي: أعطاكم الأموال والأولاد، وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار، وخللها بالأنهار الجارية بينها.) ابن كثير



فالأمة اليوم كلها بحاجة إلى اللهج بالاستغفار ، ابتداءً من حديث العهد بالإسلام إلى خيارها وصدِّيقيها علمائها ودعاتها ،حكامها ومحكوميها رجالها ونسائها عسى الله تعالى أن يرفع عنا البلاء ويدفع عنا النقم ويعيد علينا النعم ويبدل خوفنا أمنا وضعفنا قوة وفقرنا غنى والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



أبو عبد الرحمن البغدادي

نسايم ليل
20 -06- 2015, 10:51 PM
((فى قوله تعالى : { وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [ الأنفال : 33 ] ، والكلام عليها من وجهين :
أحدهما : فى الاستغفار الدافع للعذاب .
والثانى : فى العذاب المدفوع بالاستغفار .
أما الأول، فإن العذاب إنما يكون على الذنوب، والاستغفار يوجب مغفرة الذنوب التى هى سبب العذاب، فيندفع العذاب، كما قال تعالى : { الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ } ، فبين ـ سبحانه أنهم إذا فعلوا ذلك متعوا متاعًا حسنًا إلى أجل مسمى،ثم إن كان لهم فضل أُوتوا الفضل .))تفسير ابن تيمية للحراني (4/ 22)
وذكر سيد قطب رحمه الله تعالى في تفسيره الظلال في تفسير قوله تعالى((وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ))
(( والجزاء المشروط :
{ يمتعكم متاعا حسناً إلى أجل مسمى ، ويؤت كل ذي فضل فضله } . .
والمتاع الحسن قد يكون بالنوع كما يكون بالكم في هذه الحياة الدنيا . أما في الآخرة فهو بالنوع والكم وبما لم يخطر على قلب بشر . فلننظر في المتاع الحسن في هذه الحياة .
إننا نشاهد كثيراً من الطيبين الصالحين ، المستغفرين التائبين ، العاملين في الحياة . . مضيقاً عليهم في الرزق . فأين إذن هو المتاع الحسن؟
وهو سؤال نعتقد أنه يتحرك على ألسنة الكثيرين!
ولا بد لإدراك المعنى الكبير الذي يتضمنه النص القرآني أن ننظر إلى الحياة من زاوية أوسع ، وننظر إليها في محيطها الشامل العام ، ولا نقتصر منها على مظهر عابر .
إنه ما من جماعة يسود فيها نظام صالح ، قائم على الإيمان بالله ، والدينونة له وحده ، وإفراده بالربوبية والقوامة ، وقائم على العمل الطيب المنتج في الحياة . . إلا كان لها التقدم والرخاء والحياة الطيبة بصفة عامة كجماعة؛ وإلا ساد فيها العدل بين الجهد والجزاء والرضى والطمأنينة بالقياس إلى الأفراد بصفة خاصة . فإذا شاهدنا في جماعة ما أن الطيبين العاملين المنتجين مضيق عليهم في الرزق والمتاع الطيب ، فذلك شاهد على أن هذه الجماعة لا يسودها النظام المستمد من الإيمان بالله ، القائم على العدل بين الجهد والجزاء .
على أن الأفراد الطيبين الصالحين المنتجين في هذه الجماعة يمتعون متاعاً حسناً ، حتى لو ضيق عليهم في الرزق ، وحتى لو كانت الجماعة تطاردهم وتؤذيهم ، كما كان المشركون يؤذون القلة المؤمنة ، وكما تؤذي الجاهليات القلة الداعية إلى الله . وليس هذا خيالاً وليس ادعاء . فطمأنينة القلب إلى العاقبة ، والإتصال بالله ، والرجاء في نصره وفي إحسانه وفضله . . عوض عن كثير؛ ومتاع حسن للإنسان الذي يرتفع درجة عن الحس المادي الغليظ .
ولا نقول هذا لندعو المظلومين الذين لا يجدون جزاء عادلاً على جهدهم إلى الرضى بالأوضاع المنافية للعدالة . فالإسلام لا يرضى بهذا ، والإيمان لا يسكت على مثل تلك الأوضاع . والجماعة المؤمنة مطالبة بإزالتها وكذلك الأفراد ، ليتحقق المتاع الحسن للطيبين العاملين المنتجين . إنما نقوله لأنه حق يحس به المؤمنون المتصلون بالله ، المضيق عليهم في الرزق ، وهم مع هذا يعملون ويجاهدون لتحقيق الأوضاع التي تكفل المتاع الحسن لعباد الله المستغفرين التائبين بهدى الله .
{ ويؤت كل ذي فضل فضله } . .
خصصها بعض المفسرين بجزاء الآخرة . وأرى أنها عامة في الدنيا والآخرة ، على النحو الذي فسرنا به المتاع الحسن في الدنيا؛ وهو متحقق في جميع الأحوال . وذو الفضل يلقى جزاءه في اللحظة التي يبذل فيها الفضل . يجده رضى نفسياً وارتياحاً شعورياً ، واتصالاً بالله وهو يبذل الفضل عملاً أو مالاً متجهاً به إلى الله . أما جزاء الله له بعد ذلك فهو فضل من الله وسماحة فوق الجزاء .))

نسايم ليل
20 -06- 2015, 10:51 PM
يقول شيخ الإسلام : والكلام عليها من وجهين :
أحدهما : فى الاستغفار الدافع للعذاب .
والثانى : فى العذاب المدفوع بالاستغفار .
أما الأول، فإن العذاب إنما يكون على الذنوب، والاستغفار يوجب مغفرة الذنوب التى هى سبب العذاب، فيندفع العذاب، كما قال تعالى : { الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ}،
فبين ـ سبحانه أنهم إذا فعلوا ذلك متعوا متاعًا حسنًا إلى أجل مسمى،ثم إن كان لهم فضل أُوتوا الفضل ...

وأما العذاب المدفوع فهو يعم العذاب السماوي ويعم ما يكون من العباد وذلك أن الجميع قد سماه الله عذابا كما قال تعالى في النوع الثانى [ وإذ نجينا كم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم ] وقال تعالى [قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ] وكذلك [قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا ] إذ التقدير بعذاب من عنده أو بعذاب بأيدينا كما قال تعالى [ قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم .......)) تفسير ابن تيمية

نسايم ليل
20 -06- 2015, 10:52 PM
رُوي عن الإمام " سهل بن عبد الله التستري " - رحمه الله تعالى - أنه سُئِل عما يفعله الله - جل جلاله - بعبده إذا أحبه ؟ .

فقال : ( يُلهمه الاستغفار عند التقصير ، والشكر له عند النعمة ) .

نسايم ليل
20 -06- 2015, 10:52 PM
ما أحوجنا لليوم للإستغفار ندفع به شر الأشرار وكيد الفجار ندفع به تكالب الأعداء علينا ونستجلب به نصر الله لنا .
اللهم انا نستغفرك ونتوب إليك

نسايم ليل
20 -06- 2015, 10:54 PM
قال شيخ الاسلام في شرحه لحديث ذي النون (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) بعد أن بيَّن أن الحديث شق منه فيه توحيد الله (لا إله إلا أنت) وشق منه استغفار واعتراف بالذنب ، وأن ما أصابه بما كسبت يداه ، وأن الله منزه عن ظلمه .


فقال رحمه الله :

فالاستغفار يغلق باب الشر ، ولا إله إلا الله تفتح باب الخير .

خالد معافا
30 -06- 2015, 04:43 AM
جزاكم الله خير وشهر مبارك عليكم

وجعلكم الله من العتقاء في هذا الشهر الفضيل

أبوابراهيم
30 -06- 2015, 08:20 PM
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك