المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أريـــد أن أنتحر..!



الجنرال
14 -08- 2006, 09:12 AM
أريـــد أن أنتحر..!




إذا جاء المولود اجتمع أقاربه حوله يضحكون، ويبتسمون، والمولود يبكي ويبكي ويبكي..
نعم هكذا يحدث دائماً مع كل مولود، باستثنائي أنا..!

كنت أبكي كأي مولود آخر، فأنا بشر خرجت إلى الحياة التعيسة لألقى نكالها، ولكنهم من حولي لم يكونوا يبتسمون ولا يضحكون، كانوا فقط يشمئزون ويحوقلون!
لم أرهم ولم أسمعهم حينها ولكني كنت أشعر بهم، أنا واثق من ذلك..

يا لبؤسي ويا لبؤس بطن ولدتني! لماذا خرجت إلى هذه الحياة؟!
هاأنذا أبلغ اليوم العام الثامن عشر وأتذكر أيام حياتي يوماً يوماً، لحظة بلحظة، ألماً يتلوه ألم.. لم أجد معنى للراحة ولا الاستقرار ولا الطمأنينة ولا الرحمة.. ولم أجد معنى للإنسانية!


***
في صغري كان الجميع في المنزل ينظرون إلي وأرى في أعينهم الأسى والألم لحالي..
كان ألمهم يزيد من ألمي وجرحي، يتألمون عندما ينظرون إلي وعندما يسمعون اسمي وعندما يشعرون بطيفي.. إنه مؤلم حقاً أن تكون مصدراً للألم!


***
كنت صغيراً ألهو وألعب مع أبناء الحي، وكنا نضحك ببراءة الأطفال، كنت أجد نفسي بينهم، نعم أنا طفل بريء، لدي براءة كغيري، وأريد أن ألعب وألهو..
ولكنهم كانوا أحياناً يتهامسون بينهم وينظرون إلي! ليست المرة الأولى.. لقد تكرر هذا الأمر منهم مراراً وتكراراً..
أنا أعلم أنهم يتحدثون عني، أنا أعلم أنهم يفضحون سري بينهم، أعلم ذلك لكني صغير وأريد أن ألهو قليلاً فما زال العمر مقبلاً.. والألم القاتل لم يبدأ بعد..


***
وضعت حقيبتي في الفصل ودخل الأستاذ الغليظ يحمل عصاه المخيفة، توجه نحوي مباشرة ومن عينيه ينطلق الشرر..
قال لي "أين الواجب؟" فأخرجت دفتري وقد أجبت على أكثر الأسئلة ولكن خمسة منها كانت صعبة تركتها خالية..
لقد غضب من ذلك وصرخ بوجهي وصفعني وأخرجني إلى السبورة وقال لي "غداً تأتي بوالدك"..
كان دمعي يسيل من عيني لا من ألم الصفعة، بل من ألم الطلب.. من أين سآتيه بذلك الأب؟


***

وجدت مجموعة من فتيان الحي يرحبون بي بينهم، تلك الثلة الوحيدة التي قبلت بي..إنها سيئة بل سيئة جداً وأعلم ذلك عنها..
نحن جميعاً سيئون ولهذا لا نسأل من الأسوأ فالأكثر سوء هو الأفضل، وعندما كانوا يسيئون إلي كنت لا أبالي لأنني أستطيع أن أسيئ لهم فنحن في ذلك سواء..
آه لو كان الناس من حولي سيئون كما أنا.. سأكون سعيداً للغاية فهم يريدون النسيان وأنا كذلك أريد أن أنسى..


***
سأحسب الأيام التي ضحكت فيها، يمكن أن أحسبها وأنا متأكد من عددها..
لا أنسى ذلك اليوم عندما كنت مع مجموعة من الرفاق نركب الدرجات النارية، لقد توقف الجميع وتجمع الفتية من أماكن عدة بدراجاتهم النارية المختلفة والمبهرة في شكلها وأسعارها..
كان هنالك سباق على وشك البدء، وكان الجميع يهتفون بأسماء بعض الفتية ممن عرفوا ببراعتهم في ركوب الدرجات..
أخذتني الحماسة وقلت أنا لها، فرجوت أحد الرفاق أن يعيرني دراجته فمن أين لي بواحدة؟! فوافق وركبتها وبدأ الاستعداد للانطلاق..
بدأنا وانطلقت معهم كان المتسابقون يتقدمونني ولكني أردت الفوز.. أردت أن أحقق شيئاً هذه المرة فقط.. فأسرعت وكلي عزيمة وتخطيت الأول والثاني والسيارات من حولي تخطيتها لم يبقى إلا دراجتان وسأتخطاهم ولن أرضى إلا بالمقدمة..
لقد تخطيتهم وأنا في المقدمة.. الشارع من أمامي خال تماماً فلا يوجد من يسبقني.. لقد كنت اضحك بشدة وبفرح.. فالعالم كان حينها ملكي وحدي.. كنت ملكاً بل قيصراً.. إنهم ينظرون إلي.. يسألون عن ذلك البارع الذي تجاوز الجميع.. لكن!

أنى لمثلي أن تدوم له فرحة؟ إنهم يتهامسون بينهم وينظرون إلي كما نظر الصغار إلي يوماً..!


***
المستقبل.. تلك كلمة لا أريد سماعها ولا أريد التفكير بها..
أي مستقبل ينتظر منبوذاًَ مثلي؟

هل يمكن أن أجد عملاً استرزق منه؟
من ذلك المريخيّ الذي سيقبل بتوظيفي؟

هل يمكن أن أكون في يوم من الأيام زوجاً؟
وهل هنالك فتاة تقبل بمثلي، لن تقبل إلا إذا كانت مثلي.. حينها سيجتمع البؤس على البؤس ولن ينتج إلا بؤساً..


***
لا معنى للوفاء ولا للصداقة ولا للثقة، فكل شيء من حولي يكرهني.. ينبذني.. يحتقرني، إنني ذلك الشيء الزائد على الأرض؟ فلماذا لا أعود إلى أسفلها؟
حتى الهواء لا يمنحني إلا نتن نسماته.. ولا يريد أن ينعش صدري المحروم..
إنني كأسير مقيد بالسلاسل ألقوه على قارعة الطريق، ينتظر أن يفك البطل أسره، وأن يحل قيوده.. لا بل إني أنتظر القاضي ليخبرني عن ذنبي وعن سر قيدي..
إنه ليس ذنبي أقسم لكم أنني لم أفعل الخطأ بل هما الاثنان كانا المذنبيّن المجرميّن.. المذنب الأول مات وانتهى.. والمذنب الثاني يضحك ويبتسم وليس لشقائي عنده معنى..!

لهذا أريد أن أنتحر.. نعم أنتحر.. أنتحر.. أنتحر.. أنتَ.. حُر!

انتهى..


*********** ***********


منقول

سلاغج
18 -08- 2006, 09:03 AM
كان الله في عون كل طفل
وابتسم للحياة

منصورابوطالب
18 -08- 2006, 10:10 AM
http://www.samtah.net/vb/uplooaded/3518_1155885021.gif