المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأطفال أصحاب المشاكل ( حلقات )



ضيف الله مهدي
18 -11- 2006, 12:08 AM
الحلقة الأولى ــ

الحمد لله ربّ العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، إيّاه نعبد ، وإليه نحفد ، وعليه نتوكل ، وبه نستعين ، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، وعلى آله وأزواجه وذريته وأصحابه أجمعين ، ثم أمّا بعد :
فأحييكم جميعا أيها الأخوة والأخوات بتحية الإسلام الخالدة ، السلام ، فالسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ومغفرته وطيب صلواته 00
يسعدني أن أقدم لكم دروس يومية بعنوان : ( الأطفال أصحاب المشاكل ) موزعة على عشر حلقات وأرحب بالتواصل والمداخلة والتعقيب والاستفسار
الأطفال أصحاب المشاكل :
الأطفال أصحاب المشاكل، هم الأطفال الذين نمت لديهم اتجاهات خاطئة نحو ما يحيط بهم ، نحو الأسرة أو المدرسة ، نتيجة لظروف معينة في الحياة ، أو أخطاء تربوية يقع فيها الأهل أو المربين والمشكلات السلوكية لدى الأطفال متعددة ومتنوعة ، مثل : مشكلة النظام ، والتبول اللاإرادي ، والكذب ، والسرقة ، ومص الأصابع ، وقضم الأظافر ، وبل الشفاه ، وفقدان الشهية ، والغيرة ، والعدوان ، والخجل ، والمخاوف 000 إلخ 0 وفي هذه الدورة سنتعرض للكثير مما ذكرته آنفا وسنتطرق للعديد أيضا 0 إن الكثير من المربين والمعلمين ، والعاملين بالمؤسسات التربوية الأخرى يجدون أثناء تعاملهم مع الأطفال ، أن منهم من يعيش اضطرابات ومشكلات نفسية ، وأكثر الأطفال لا يستطيع مواصلة تعليمه والسير سيرا حسنا في ذلك ، ومنهم من تسوء حالته بل ويدخل المصحات النفسية ، و بداية سوف أذكر العوامل المسببة لمشكلات الأطفال واضطراباتهم 0
• عوامل اضطرابات الأطفال وأشكالها :
1ـ العوامل الداخلية : وترتبط بسوء تكيف الفرد ، وقد تكون بسبب العاهات والأمراض العضوية عند الطفل 0 من جهة أخرى فإن لإفرازات الغدد أثر مباشر في نمو الطفل وحساسيته وتطور مزاجه 0 كما أن ما يمر به الطفل من نشاط وحيوية ، أو خمول وكسل ، يرجع إلى مدى سلامة نموه الجسمي ، وخاصة إصابته في المرحلة الجنينية ، وأمراض الأم خلال الحمل ، والالتهابات ومن جهة ثانية فإن الحاجات الأولية والحاجات الشخصية والاجتماعية ( كالطعام ، والشراب ، والراحة ، والمحبة ، والعطف ، والتقدير ) إذا لم تنل قدرا كافيا من الإشباع ، فإن الطفل يصبح ميدانا للتوتر النفسي 0 وكلما زاد التوتر والقلق ، وعدم الاتزان الانفعالي زادت مظاهر الاضطرابات في السلوك بأشكاله المتعددة ، كما أنه لا يمكن أغفال أهمية المظاهر الجسمية غير المألوفة ، كالقصر المفرط ، أو التشوه الجسمي وما تتركه من شعورعند الطفل بالنقص 0
2ـ العوامل المحيطة بالطفل : وهي كثيرة ومتنوعة ، فمنها : الأسرية ، والاجتماعية ، والتربوية ، وتشمل علاقة الطفل بالأهل ( والديه ) ، والطلاق ، والانفصال ، والخلافات ، والمشاحنات ، والسيطرة أو الإهمال ، والتربية الجنسية ، وأصول الطعام ، واللباس ، والتجارب الحياتية ، والصدمات وقد بينت الدراسات النفسية أن علاقة الطفل بوالديه وموقفهما تجاهه يؤثر كثيرا في نضجه النفسي 0 ومن النتائج التي تم التوصل إليها ما يلي:
1ـ العطف والتقبل يهيئ للطفل المحبة ، والشعور بالأمن ، وإلى نضج شخصيته 0
2ـ النفور الصريح يهيئ له الكره ، والشعور بالعداء ، وتبلد العواطف والانحراف لا حقا 0
3ـ المثالية في المعاملة تهيئ له التأنيب والأخطاء والنقد والشعور بالتهديد والقلق والنقص
4ـ الحماية تهيئ له الدلال وتأخر النضج والاتكالية 0
كما أنه من الواجب أن أذكر دور الأسرة في التربية وهو :
دور الأسـرة في التربيـة :
الأسرة هي أقدم المؤسسات التربوية ولها مكانتها وتتلخص في النقاط التالية :ـ
1ـ تقوم الأسرة بدورها في السنوات الأولى للطفل ، لأنه عاجز عن إدراك وتفهم اتجاهات المجتمع ، فتتحمل مسئولياته وتعمل على التوفيق بين تصرفاته وما يرضى المجتمع 0 والأسرة هي البيئة الأولى ، والمدرسة الأولى التي تضع القواعد الأساسية للتربية والتي يكون لها تأثير عميق ودائم لأنه قليل الخبرات ومستعد لقبول الخبرات الجديدة 0
2ـ يكن الطفل للأبوين الاحترام والتقدير لأنهما قدوة ومثل أعلى لذا يتأثر كثيرا بأخلاقهما وآرائهما 0 وتربية الأم لا يستغني عنها ، فهي تحمي طفلها من كل ما يضر جسمه وعقله ووجدانه وتزود الأسرة الطفل بالعوامل النفسية والثقافية ، كما يتأثر بالعلاقات بين أفراد الأسرة من حب أو كراهية أو تعاون أو تنافر وأنانية 0
3ـ يتأثر الطفل بعوامل وراثية عن الوالدين أو خصائص مكتسبة غير وراثية ، وتنطبق الوراثة على النواحي الخلقية ، مثل : الطول ، ولون الشعر ، والعينين ، كما يتأثر بالوراثة في استعداداته الفطرية والعصبية والنفسية مثل الاتجاه العلمي أو الأدبي 0
4ـ ويرى البعض أهمية دور المنزل ويشمل الأسرة والأصدقاء وتتوفر فيه العادات الاجتماعية الحسنة والبيئة الاجتماعية الصالحة 00 ويفضل برتراندرسل دور الأسرة على المدرسة في التربية لأن عناية الأبوين تعتمد على الغرائز ، والدوافع الفطرية التي تكفل عدم الإهمال والضرر البليغ ، أما إهمال المدرسة فله أضرار بليغة بالنسبة للطفل 0
5ـ الطفل الصغير لا يفرق بين ذاته والعالم الخارجي المحيط به ولا يفرق بين نفسه وأمه ، فهي مصدر الغذاء والوقاية والدفء 0 وعندما يكبر يتسع عالمه وخبراته وتكثر العوامل التي تؤثر في تربيته ويدرك ما هو جزء من ذاته وما هو ليس منها ، وتظهر شخصيته ، لأن الشخصية لا تنمو إلا عن طريق العلاقات الشخصية 0
6ـ للأسرة أثر كبير في غرس الفضائل الدينية 0 فللدين أثره في التربية إذ يبرز المبادىء الأخلاقية ويتميز المسلم عن غيره بفضائل أخلاقية وحسن سيرته ومثله العليا 0
ونبدأ في دراسة وطرح المشكلات 00
أولا ـ مشكلة التدريب الأخلاقي و مشكلة النظام :
1ـ مشكلات التدريب الأخلاقي :
فبينما تعمل الأسرة على توفير الظروف الضرورية لنمو الطفل فإنه يتعرض لجميع احباطاتها ، ومتطلباتها الاجتماعية ، ومعاييرها وألوان الغيرة والنزاعات بداخلها وفي الأسرة توضع الأسس لمعظم صعوبات المستقبل وانتصاراته وأنها مصدر للصراع الذي يخوضه الطفل في سبيله للنمو 0 أحد أسباب هذا الصراع يرجع إلى الرغبة الملحة في التحرر من التبعية الطفلية والاستقلال عن الأسرة وتحمل المسؤولية ، وسبب آخر للصراع هو عدم توافق المعايير المكتسبة من الأسرة مع المعايير الخارجية 0 فالأهل دائما ينتمون إلى أجيال سابقة وأكثر تحفظا وهكذا يجابه الصغار هذا التعارض ويقابلون بقوانين سلوكية صارمة في العالم المتغير خارج المنزل واتساع الهوة بين القديم والحديث يشكل أكثر من مشكلة في توافق الطفل مع المعايير الخارجية 0 وقد ينشأ الصراع نتيجة أخطاء الوالدين في ممارسة التدريب الأخلاقي لأطفالهم 0
الإفراط والتفريط في التدريب الأخلاقي :
كثيرا من مشكلات الأفراد النفسية والطبية والاجتماعية والتربوية بما فيها الأمراض العقلية والعصبية والجناح والجريمة والشذوذ تنشأ من سوء ممارسة التدريب الأخلاقي ، وهنا يوجد احتمالان وهما :
أ ـ من جهة حيث يكون التدريب الأخلاقي عنيفا وقاسيا جدا ، فإن الخطر المحتمل لهذا الإفراط هو الأمراض العصابية والاضطرابات السيكوسوماتية 0
ب ـ ومن الجهة الأخرى حيث يكون التدريب الأخلاقي لينا ومتراخيا فإن النتيجة المحتملة لهذا التفريط هو الجناح والجريمة 0
ـ الجانحون والمجرمون :
من المعروف حاليا أن الطفل الذي لا يلقى حبا وعطفا والديا يفقد أفضل أساس للنمو الأخلاقي حينما يخطيء هذا الطفل لا يكون هناك غالبا خوف من فقد الحب أو الحنان والعطف ، لأن ما
يفقده سوف يكون قليلا جدا ، إن برنامج النمو الأخلاقي هو أحد معارك العلم لمعرفة المدى الذي يمكن أن يصل إليه الطفل دون عقاب 0
سـؤال ـ هل من الممكن أن نربي الطفل دون أن ينال عقابا ؟0
الجـواب : الواقع أن الطفل الذي لا يلقى عقابا على أخطائه أو تأنيبا على ذنوبه التي اقترفها لا نجد لديه تأنيبا للضمير أو محاسبة للنفس 0 فهناك اختفاء تام لمشاعر الذنب ـ وإن وجدت لديه فهي ضئيلة ـ عندما يقترف جريمة في المستقبل 0 والشخص الذي يخلو من الصراعات الداخلية حتى بعد ارتكابه الذنوب واقترافه الجرائم يقع في صراعات متكررة مع الناس من حوله ومنبوذا في المجتمع 00 ولهذا فإن الجانح والمجرم لا يعتبران عادة من المرضى النفسيين كما يعتقد البعض 0
العـلاج :
إن أفـضل عـلاج في مثل هذه الأحوال يبدو في تعويض نقص التدريب أثناء الطفولة وذلك بما يلي :ـ
أولا ـ بناء رغبات قوية للحب والعطف و الاحترام 0
ثانيا ـ توفير الوسائل التي تشبع بها تلك الرغبات 0
وبذلك يكون الخوف من فقدان تلك الجزاءات أو المكافآت هو الوسيلة للتنظيم الذاتي الأخلاقي كما يحدث في الفرد السوي 0
2ـ مشكلة النظام :
حيث يشكو الكثير من الآباء والأمهات من أن بعض أطفالهم لا يهتمون بالنظام ولا يشعرون بالمسؤولية ، ولا يكترثون بعقاب 00 ويسألون عن أسباب ذلك ، والوسيلة التي تعلم بها الطفل النظام 0 والواقع أنه يجب على الطفل أن يكتشف أنه لا يستطيع الحصول على كل شيء ، وأن يقبل ضبط نفسه عند الحاجة ، وأن يقبل كلمة ( لا )وأن يتعلم النظام ، ويتعلم ما هو أمان وما هو خطر 0 والطفل الذي ينشأ دون نظام فغالبا ما يكون غير محبوب من قبل بعض أفراد أسرته وجيرانه وفي المدرسة ، وتنتابه ثورات الغضب ، وقد يكون أنانيا ، غير مهذب ، متمردا ، ومستهدفا للحوادث بصفة خاصة 0
إذن متى نبدأ نعلم الطفل النظام ؟
والجواب : لا يمكن أن نعلم الطفل النظام حتى يصل إلى عمر مناسب يمكنه من فهمه وإدراكه ، فالطفل العادي في عمر ثلاث سنوات يمكنه تعلم الكثير ، أما في عمر عام واحد فإنه يستحيل عليه أن يتعلم شيئا 0 ولكن الأساس يوضع في السنوات المبكرة ، لأن الطفل الذي لا خبرة له بالحب يحتمل ألا يقبل النظام بسهولة ، وأساس النظام هو الحب المتبادل والاحترام 0 فالطفل الذي يطيع لأنه يحترم والديه ويسعى إلى إرضائهما ويعلم أنه سيفقد الحب إذا عصاهما 0 وفي المدرسة يراعي الأطفال تحسين سلوكهم في وجود المعلمين الذين يحترمونهم 0 أي أنه لكي نساعد طفلا على أن يسلك سلوكا حسنا ، وأن يكون أمينا ، محبا ، عطوفا ، وأن يضبط نفسه ، ويعتذر عن أخطائه حينما يفقد أعصابه ، فعلينا مراعاة ما يلي :ـ
1ـ يجب أن نهيء له القدوة الحسنة 0
2ـ يجب أن يكون النظام ثابتا ، فمن الخطأ أن نمنع شيئا في وقت ما ، ثم نسمح به في وقت آخر ، ومن الأخطاء التربوية الذريعة أن يسمح أحد الوالدين ما يمنعه الآخر ، أو حينما يتدخل الجد أو الجدة في أمر ما ، ويسمحا للطفل بأداء شيء حاول الوالدان منعه 0
3ـ يجب أن يكون النظام معقولا ومناسبا ، وينبغي أن تكون الأوامر والنواهي قليلة فضلا عن ضرورة وجود أسباب وجيهة تبرزها بحيث يفهمها الطفل 0
4ـ إن من أكثر الأخطاء شيوعا في تعليم النظام هو الفشل في الإصرار على الطاعة 0
5ـ لا فائدة من فقد الأعصاب في تعليم الطفل ، فالضرب والشخط لا يعنيان بالنسبة له أكثر من ذلك0
ثانيا ـ مشكلة الكذب والسرقة :
ليس من اليسير تعريف الكذب حينما نتحدث عن الأطفال 00 جميع الأطفال وبعض الكبار ينغمسون في تعريف خيالي ، وهذا يعتبر سلوك طبيعي تماما 0 كثير من الخيالات توصف بأسلوب يبدو كأن الطفل يعني ما يقول ، ومن ثم يحتمل اتهامه بالكذب وهذا أمر يؤسف له لأنه مرحلة طبيعية للنمو في طفل خيالي 0 وقد يكون الكذب أيضا نتيجة تقليد للآخرين ( بما في ذلك الأهل) وبعض الأطفال يكذبون من أجل الظفر بالمديح ، ربما لأنهم لم ينالوا قسطا وافرا منه 0 البعض الآخر يكذب من أجل الهرب وهذا يشير عادة إلى الأخطاء في المعاملة ، كأسلوب الصرامة المفرطة أو القسوة الزائدة في العقاب 0 ومن الصعب أن نلوم طفلا من أجل تلك الأنواع من الأكاذيب 0 وأكثر أنواع الكذب خطورة هو الذي يهدف قصدا إلى إيقاع طفل آخر في مأزق وقد يكذب الطفل لأن الوالدين يسمحان أو يشجعان قول الكذب في البيت 0 يجب أن يفهم كل طفل أن الأقوال الكاذبة شيء غير مرغوب فيه بالمرة وأنه سوف يعاقب عليه 0 ومن الواضح أن الكذب بين الأطفال و الكبار غير مقبول 0 ولكن من الخطأ أن نتوقع أن الكثير من الصغار لا يكذبون ، فجميعهم يكذبون 0 وإذا حدثت أكذوبة مؤذية فإنه لا جدوى من معاقبة الطفل من أجلها، بل يجب أن نبحث عن السبب ونعالجه 0 والسرقة تشبه الكذب في كثير من الأوجه ، مثلما في الكذب 0 يجب أن نقرر المرحلة التي نشأت عندها المشكلة 0 كما ينبغي وجود نـموذج حسن يقتدي به الأطفال ، ويجب أن تكون لهم ممتلكاتهم الخاصة ، والتي ينبغي أن تحترم 0 كما يحدد لهم مصروف جيب مناسب دون مبالغة ومن الأهمية أن يتعلم الطفل أنه ليس في إمكانه الحصول على كل شيء يريده 0 وقد ينشأ النوع الضار من السرقة نتيجة عدم توافر الحب في البيت ، وإذا سرق الطفل من أمه فمن المؤكد أن ثمة خطأ في العلاقة بينهما ، ولذا يجب البحث عن السبب 0 وسأتحدث هنا بداية عن السرقة ثم الكذب • حالات مختلفة للسرقة يمكن تحديدها بالأنواع التالية :
1ـ السرقة فردية : أي أن يقوم الطفل أو المراهق بالسرقة بمفرده .
2ـ السرقة الجماعية : أي أن يتفق إثنان أو أكثر بعملية السرقة .
3ـ أن يكون السارق تابعاً : أي أن يتبع مجموعة من عصابات السرقة .
4ـ أن يكون السارق متبوعاً : أي أنه يقود مجموعة تشكل عصابة سرقة .
5ـ قد تكون السرقة رغبة ذاتية من قبل الطفل أو المراهق .
6ـ قد تكون السرقة بالإكراه من قبل الآخرين .
7ـ قد تكون السرقة لنوعٍ معين من الأشياء ، أو أنواعاً متعددة ولاشك أن لكل واحدة من هذه الأنواع طريقة معينة للعلاج تختلف عن الأخرى .
يرى علماء التربية وعلم النفس أن السرقة تتطلب أن يكون لدى السارق مهارات عقلية ، وجسمية هامة تمكنه من القيام بهذا العمل الخطير والضار ، وقد تم تحديدها بما يلي :
أ ـ سرعة الحركة ، وخصوصاً حركة الأصابع .
ب ـ دقة الحواس ، من سمع وبصر .
ج ـ الجرأة وقوة الأعصاب .
د ـ الذكاء .
و ـ الملاحظة الدقيقة والاستنتاج . وطبيعي أن هذه المهارات يمكن تكون أن ذات فائدة عظمى بالنسبة لأطفالنا ، إذا ما وجهت توجهاً خيراً وصحيحاً ، وإن بالإمكان أن نوجهها باتجاه إيجابي يخدم أطفالنا ، إذا اتبعنا الأساليب التربوية الصحيحة . فلو وجدنا مثلاً طفلاً يمد يده إلى شيء لا يملكه ، فيجب أن نعلمه بشكل هادئ أن عليه أن يستأذن قبل أن يأخذه ، لأن هذا الشيء لا يعود إليه ، وينبغي عدم اللجوء إلى التعنيف ، وكيل الأوصاف القاسية من لصوصية وغيرها لآن هذا الأسلوب له نتائج عكسية لما نبتغي.
• أسباب السرقة عند الأطفال :
تعتبر السرقة من الجرائم الشائعة التي تتكرر بصورة متفاوتة في كل مجتمعات العالم .. وقد كانت ولا تزال الجريمة بأنواعها من الظواهر المرتبطة بتاريخ الإنسان علي مر العصور .. ولا يكاد يخلو مجتمع في العالم من نوع أو آخر من الجرائم .. ومثال علي الحوادث اليومية للخروج علي القانون ، التي تحدث باستمرار ، وتمثل أحد الهموم التي يعاني منها الناس ومنها السرقة .. وتزدحم بأخبارها صفحات الحوادث في الصحف .. وهنا نتناول الجوانب النفسية في ظاهرة السرقة .. ونحاول التعرف علي جوانبها النفسية .. وعلي اللصوص وخصائصهم حتى يمكننا التوصل إلي الدوافع التي تجعلهم يسرقون .. وأسلوب الحل لهذه المشكلة التي تكاد تصل إلي حجم الظاهرة في بعض الأماكن .وليست الأسباب والدافع وراء جرائم السرقة واحدة في كل الحالات لكنها كثيرة ومتنوعة وتؤدى في النهاية إلى هذا السلوك غير السوي الذي يقوم فيه الشخص بالاستيلاء علي أموال وممتلكات الآخرين التي لا حق له فيها ، ويشترك الذين يرتكبون السرقة في قاسم مشترك هو وجود نزعة عدوانية قد تخفي رغبة في الانتقام من المجتمع ، أو حقداً دفيناً علي الآخرين ، وهنا يبرر السارق لنفسه الاستيلاء علي ما يملكه الآخرون . ويرتكب البعض السرقة وهم من غير معتادي الإجرام نتيجة لتعرضهم لظروف قاسية مثل الفشل في تحقيق بعض طموحاتهم ، أو حين يتردى وضعهم الاقتصادي والاجتماعي ويتدنى دخلهم ، وبعضهم يفشل في إيجاد أي عمل فلا يكون له اختيارات غير الاتجاه للسرقة للحصول علي متطلبات الحياة ، وقد يقلع بعض هؤلاء بعد تحسن ظروفهم المادية غير أن نسبة منهم يستمرون في احتراف السرقة لأنهم يجدونها الطريق الأسهل في الحصول علي المال .إنّ السرقة عمل غير مقبول عرفاً وشرعاً، ولذا فالجميع يبغضونه وينكرونه وينظرون إلى فاعله بازدراء وحقارة ? والآباء الذين يبتلون بأولاد يمارسون هذا الفعل القبيح عليهم التمييز بين الطفل الصغير ذي الثلاث سنوات وآخر يتجاوز الخمس سنوات ... فالأّول لا يميّز بين الخير والشر، ولذا نجده لا ينكر ما أخذه من الآخرين مقابل الثاني الذي يخفيه وينكر فعله ... وينبغي عدم توجيه اللوم والعتاب للطفل ذي الثلاث سنوات مادام لا يفهم معنى السرقة وانه عمل قبيح والاكتفاء بالقول له : إن صديقك الذي أخذت لعبته قد يحتاج إليها? أو : ليس من الصحيح أن نأخذ شيئاً من الآخرين دون إذن منهم ? كما إننا لا نرضى أن يأخذ أشياءنا أحد من الناس . أمّا الطفل الذي يتجاوز عمره الخمس سنوات والذي يمارس السرقة، فلا يعني انه لم يتلق التربية الحسنة أو أن والديه يبخلان عليه بالأموال، وان كان هذان العاملان يدفعان بالأولاد إلى السرقة، ولكن ليس دوماً.. فما هي يا ترى أسباب السرقة عند الأولاد إذن؟
1ـ العلاقة مع الوالدين : إنّ العلاقة الجافة بين الطفل ووالديه نتيجة عدم إشباع حاجته من الحب والحنان أو لتعرضه للعقوبة القاسية أو لشدتهما في التعامل معه في المرحلة الأولى من عمره أو لعدم تعزيز شعوره بالاستقلال في المرحلة الثانية من عمره تدفع بالطفل إلى السرقة خصوصاً في السابعة من عمره لأجل ان يغدق عليه ويكسب منهم ما فقده في الأسرة من الحنان من جهة وأخرى للانتقام من والديه بفعل يقدر عليه لشفاء غيظه من قساوة تعرض لها في مرحلة طفولته الأولى .
2ـ الشعور بالعزلة : إنّ شعور الطفل بالعزلة في المرحلة الثانية من عمره وهو الوقت الذي يؤهله لإتخاذ موقعه في المجتمع وبين أقرانه تعتبر جزء من تعاسته .. لذا يندفع إلى السرقة لإغراق أصدقائه بالشراء والهدايا في محاولة لكسب ودهم نحوه بعد أن فشل في كسبهم لضعف شخصيته أو يريد أن يتباهى أمام أقرانه بفعله البطولي في السرقة لينجذبوا نحو شخصيته القوية ? كما يتصوّر ? .
رأي التحليل النفسي لشخصية اللصوص :
من وجهة النظر النفسية فإن معظم الذين يرتكبون السرقات ويستمرون في ذلك هم من الشخصيات المنحرفة التي يطلق عليها المضادة للمجتمع أو" السيكوباتية " وعادة ما يكون الذين يقومون بالتخطيط لعمليات السطو الكبيرة والذين يتزعمون عصابات منظمة للسرقة من الشخصيات السيكوباتية التي تتمتع بذكاء وقدرة علي السيطرة علي مجموعة من الأفراد يخضعون لهم وينفذون أوامرهم ، أما الأفراد الذين يقومون بالتنفيذ فقط ولا يخططون لجرائم السرقة المعقدة فإنهم نوع آخر من الشخصية المضادة للمجتمع من محدودي الذكاء يطلق عليه النوع السلبي العدواني الذي يمكن السيطرة عليه وتوجيهه ، ويشترك هؤلاء في أنهم لا يشعرون بأي تأنيب من ضمائرهم حين يقترفون أعمالا خارجة عن القانون أو الأعراف الاجتماعية ، وكثير منهم لديه مشكلات في العمل ، واضطراب في علاقات الأسرة والزواج ، ومشكلات مالية ، وتاريخ سابق للاحتكاك بالقوانين نتيجة لأعمال إجرامية مشابهة . والعلاقة بين السرقة وإدمان المخدرات والكحوليات وثيقة حيث يقوم المدمنون بالسرقة للحصول علي المال اللازم لشراء المادة المخدرة التي يتعاطاها ، وكذلك فإن الشخص تحت تأثير المخدرات والكحول يمكن ان يقدم علي ارتكاب الجرائم ومنها السرقة بجرأة أكبر دون تقدير للنتائج .
في الطفولة تبدأ المشكلة :
إذا تتبعنا التاريخ السابق لبعض اللصوص الذين يحترفون السرقة منذ الطفولة نجد أن التنشئة في الأسرة لم تكن سليمة تماماً-البداية،فغالبية الذين يحترفون السرقة كانوا منذ طفولتهم يعانون من غياب القدوة السليمة،ونشأتهم كانت في بيئة لا تلتزم بالقيم الأخلاقية،وقد ثبت علميا ان حوالي ثلث الأطفال الذين يرتكبون السرقات الصغيرة في الطفولة وأيام الدراسة يتحولون إلي " حرامية" كبار فيما بعد... كما ثبت أن حوالي80% من محترفي السرقة قد بدأوا أولي خطواتهم في هذا الاتجاه بسرقات صغيرة وهم في مرحلة الطفولة !!وتكون الفرصة أكبر للجنوح في الأطفال عند البلوغ في مرحلة المراهقة وقد ينتظم بعض منهم في عصابات تقوم بانحرافات وأعمال خارجة علي القوانين منها السرقة والجرائم الأخرى . وتزيد احتمالات حدوث ذلك في القطاعات التي تعيش ظروفاً اقتصادية واجتماعية متدنية ، وعند حدوث انهيار في الأسرة نتيجة لانفصال الوالدين ، ويحتاج هؤلاء الأحداث الجانحون إلى أسلوب يخلط بين الحسم والرعاية حتى لا يتحول غالبيتهم إلي مجرمين محترفين فيما بعد .
ـ السرقة المرضية .. حالات غريبة وطريفة : قد يتفهم أي منا حدوث السرقة من " حرامي " محترف يعيش علي ما يسرق من أموال ... أو حين يقوم شخص تحت ضغط الحاجة بسرقة بعض الأشياء للإنفاق علي متطلباته بعد أن ضاقت به السبل لكن أي منا قد يقف في حيرة أمام بعض جرائم السرقة التي يقوم بها شخص ميسور الحال أو هو من الأغنياء فعلاً ولا يحتاج إلي ما يسرق .. علاوة علي ذلك فإن ما يقوم بسرقته شيء تافه للغاية ولا يساوى شيئا ... تلك هي حالة السرقة المرضية Kleptomania0 والمثال علي هذه الحالة الغريبة السيدة المليونيرة التي تدخل احد المحلات الراقية فتسرق منديلاً رخيص الثمن رغم أنها تملك من النقود ما تستطيع أن تشترى به كل محتويات المحل ! 0 وفي حالة السرقة المرضية لا يستطيع المريض مقاومة إغراء السرقة وغالبية من يقوم بذلك هم من السيدات ، ويكون السبب وراء هذه الحالة الغريبة عقد نفسية في صورة معاناة عاطفية وضغوط لم يتم التنفيس مخطط لها سلفا ، ولا يشترك فيها غير من يقوم بها ويكون الهدف فيها هو السرقة في حد ذاتها وليس قيمة الشيء الذي يتم الاستيلاء عليه ، وقد يعقب ذلك بعض تأنيب الضمير والقلق ، ويتم علاج هذه الحالة علي أنها احد الأمراض النفسية 0
حلول نفسية لمواجهة المشكلة :
يتطلب الأمر وضع حل لانتشار جرائم السرقة لمنع آثارها السلبية حيث يؤدى إلى افتقاد الشعور بالأمن نتيجة للقلق المرتبط باحتمال فقد الممتلكات . الحل من وجهة نظر الطب النفسي في التعامل مع ظاهرة السرقة هو الاهتمام بالوقاية قبل العقاب ، ويتم ذلك بإعلاء قيم الأمانة وغرس ذلك في نفوس الأجيال الجديدة ، كما أن خلق النموذج الجيد والقدوة الطيبة له أهمية في دعم الصفات الايجابية في نفوس الصغار ، ويقابل ذلك التقليل من شأن الذين يقومون بارتكاب المخالفات حتى لا يرتبط السلوك المنحرف في أذهان النشء بالبطولة والمغامرة بما قد يغريهم علي التقليد . ويجب أن يتم احتواء الذين يقدمون لأول مرة تحت تأثير إغراء شيء ما علي سلوك السرقة ، ويتم ذلك بمحاولة تصحيح المفاهيم لديهم بالطرق التربوية حتى لا يتحولوا إلي محترفين للسرقة فيما بعد ، وتفيد سياسة " الجزرة والعصا " ومعناه المكافأة علي السلوك السوي ، والعقاب الحازم عند الخروج علي القانون ، ومن شأن توقع العقاب ان يحد من الاتجاهات غير السوية نحو الانحراف ويبقي بعد ذلك أهمية الوازع الديني والأخلاقي في ضبط السلوك ..وحل مشكلات الإنسان صفة عامة . حيث أن الإيمان القوي بالله تعلي يتضمن الوقاية والعلاج من الإنحرافات السلوكية ومشكلات العصر .إن الطفل الذي يمارس السرقة في المرحلة الثانية من عمره بالرغم من عيشه بين أبويه اللذين لا يبخلان عليه بما أمكن من الألعاب والأمور الخاصة به .. إن طفلاً كهذا تسهل معالجته وتقويمه من خلال الوقاية من أسباب السرقة المتقدمة، إضافة إلى إشباع حاجته للحنان ? والتأكيد على استقلاليته، ومساعدته على اختيار الأصدقاء . إنّ الوالدين يجب أن يتعاملوا مع أبنائهم بعد بلوغهم الخامسة من العمر حين يمارسون السرقة بحزم وقوة .. ولا نقصد بها القسوة والشدة ? بل يكفي أن يفهم الطفل أن هذا العمل غير صحيح وغير مسموح به .. ولا بدّ من إرجاع ما أخذه إلى أصحابه والاعتذار منهم .. ويجب الإلتفات إلى نقطة مهمة ?
وهي : من الخطأ إشعار الطفل بالذل والعار لأن تصرفاً كهذا يدفع الطفل إلى السرقة وبشكل أضخم من الأول يدفعه إليه حبه في الانتقام ممن احتقره وامتهنه .

ضيف الله مهدي
18 -11- 2006, 12:09 AM
يتبع الحلقة الأولى :
الكذب :
أسباب الكذب عند الأطفال وآثاره :
إنّ الطفل في المرحلة الأولى من عمره قد يمارس الكذب بأن يختلق قصصاً لا وجود لها، مثل أن يتحدث لأقرانه عن شراء أمه لفستان جميل أو شراء أبيه لسيارة فارهة ، أو يتحدث لأمه عن الحيوان الجميل الذي رافقه في الطريق .. كما أنّ هناك نوعاً آخر من الكذب وهو إخفاء الحقيقة عن الآخرين ، مثل ادعاء الطفل أن صديقه قد كسر الزجاجة أو نكرانه لضرب أخته .
وكل هذه الأنواع من الكذب ليس من الطبيعي وجودها عند الأطفال ، لان الصدق غريزة تولد معه ولا يندفع إلى الكذب إلا لوجود عارض يئد غريزة الصدق عنده ويمكن إيجاز أسباب الكذب عند الأطفال بما يأتي :
1ـ جلب الانتباه : حين تسمع الأم طفلها في المرحلة الأولى من عمره يتحدث لها عن أمور لا واقع لها، فإنّ سببه يرجع إلى حرصه في أن يحتل موقعاً خاصاً عند والديه اللذين لا يصغيان إليه حين يتحدث إليهما كالكبار... فهو لا يفهم أن حديثه تافه لا معنى له .. وكذلك حين يتحدث للآخرين عن قضايا لا وجود لها فهو بهذه الطريقة ايضا يحاول ان يجد عندهم مكاناً لشخصيته بعد أن تجاهله الأبوين في الأسرة .
2ـ تعرضه للعقوبة : حين تسأل الأم طفلها الصغير عن حاجة قد تهشمت أو أذى أصاب أخاه أو علة اتساخ ملابسه .. فلا يقول الحقيقة ويدّعي ببراءته من هذه الأفعال، في حين أن نفسه تنزع لقول الصدق ولكن خوفه من تعرضه للعقوبة تجعله ينكر الحقيقة، وهكذا كلما يزيد الوالدين في حدّتهما وصرامتهما كلّما ازداد الكذب تجذرا في نفسه .
3ـ واقع الوالدين : إن الطفل في سنواته الأولى يتخذ من والديه مثلا أعلى له في السلوك ، وحين يسمع أمه تنكر لأبيه خروجها من المنزل في وقت اصطحبته معها لزيارة الجيران ، أو يجد أباه يحترم رئيس عمله ويقدره إذا رآه ، ثم يلعنه ويسبّه بعد غيابه...إن أمثال هذه السلوكيات وغيرها تجعل الطفل يستخدم نفس الأسلوب الذي وجد أبويه عليه .
ما هي آثار الكذب ؟
إنّ وقاية الطفل من مرض الكذب أمر ضروري لأن الكذب يختلف عن غيره من الأمراض التي تصيب النفس لأنه يفقد صاحبه المناعة من كل الأمراض وممارسة كافة الأعمال القبيحة ، تماماً مثل مرض فقدان المناعة (الإيدز) الذي يكون صاحبه معرضاً للإصابة بجميع الأمراض الجسدية .. جاء في النصوص : ( جعلت الخبائث في بيت وجعل مفتاحه الكذب ) وينبغي عدم التساهل في نوعية الكذب البسيط منه والكبير ، ولأن آثاره على النفس وفقدان مناعتها واحدة، فالطفل حين يتحدث عن الفستان الجميل الذي أشترته أمه ولا دافع لهذا الأمر في البيت ، ولم يحرك هذا النوع من الكذب والديه لإصلاح أسلوب تعاملهما معه حتى يجنبوه من الكذب ، فإنهم بذلك يمارسون جريمة لا تغتفر بحق الأبناء .. أليست جريمة أن يقدم الوالد فيروس مرض فقدان المناعة (الإيدز) لطفله ، والكذب أخطر على الإنسان من الإيدز ؟ قال الإمام علي بن الحسين رحمه الله : (اتقوا الكذب الصغير منه والكبير في كل جد وهزل ، فان الرجل إذا كذب في الصغير اجترأ على الكبير ) وفطر الإنسان على الصدق ، ولم يكتسبه من البيئة المحيطة به مثل الكذب ، وحقيقة لو تأملنا في حياة الطفل سنجد كل أفعاله وحركاته وسلوكياته وكلامه يتسم بالصدق ولا يكذب حتى تؤثر فيه البيئة المحيطة فيبدأ يكذب إما ليهرب من عقاب سيتلقاه لو هو أعترف وصدق وإما للمديح وإما ليكسب الرضا ، ولذا نجد أن الكذب مكتسب أما الصدق فهو فطري وصدق الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام الذي قال : ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تلد البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ؟!) لم يقل عليه الصلاة والسلام أو يمسلمانه لأن الدين الإسلامي دين الفطرة ولأن الدين الإسلامي يدعو إلى الصدق ، فالصدق فطري في الإنسان وقد قال الله تعالى يحث المؤمنين : ( وكونوا مع الصادقين ) وقال سيدنا الكريم صلى الله عليه وسلم : ( عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا ، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ) من منا يرغب أن يكتب عند ربه كذابا ويكون معروف في الملأ الأعلى بأنه من الكذابين 0 والحقيقة أن الناس أصبحوا لا يتورعون من الكذب رجالا ونساء شبابا وشيوخا ولا يخجلون من الكذب 0 ولقد نفى محمد بن عبد الله بن عبد المطلب عليه أفضل الصلاة والسلام أن تكون خصلة الكذب ملتصقة بالمؤمن وذلك عندما سئل : هل يكون المؤمن بخيلا ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : ( نعم ) فسئل : هل يكون المؤمن جبانا ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : ( نعم ) فسئل : هل يكون المؤمن كذابا ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : ( لا ) 0 إذن الكذب ليس من خصال أو صفات المؤمن 00 وفي الوقت الحاضر أصبحوا يحتفلون بالكذب على المستوى العالمي و هاهو شهر إبريل ونحن في أول يوم فيه وهو الشهر الذي يحتفلون فيه بالكذب وعمل المقالب في الآخرين وعندما يغضب الشخص من كذب صديقه عليه يرد عليه نحن في شهر إبريل أو هي كذبة إبريل وأصبح للكذب السلوك المذموم والمستهجن شهرا يحتفلون به فيه ، ويا للأسف أنتشر هذا حتى في المجتمعات الإسلامية التي ينهاها دينها عن الكذب بأي شكل كان أو أي لون كان 0
أنواع الكذب :
1ـ الكذب الخيالي أو الإيهامي : وهو نوع من أنواع اللعب والتسلية بالنسبة بالنسبة للطفل ، ويكثر في المرحلة بين الرابعة والخامسة من العمر ، ويرجع سببه إلى سعة خيال الطفل 0
2ـ الكذب الإلتباسي : ويرجع سببه إلى أن الطفل لا يستطيع التمييز بين ما يراه حقيقة واقعية وما يدركه هو في مخيلته ، وكثيرا ما يسمع الطفل قصة خرافية ، ولكنه سرعان ما يتحدث عنها وكأنها حدثت في الواقع 0 وهذان النوعان من الكذب يسميان بالكذب البريء ، وهما يزولان تلقائيا عندما يكبر الطفل ويصل إلى مستوى يمكنه التمييز بين الحقيقة والخيال 0 وعلى الأهل ألا يقفا موقفا سلبيا إزائهما ، ولكن يوحها الطفل إلى ما هو مناسب 0
3ـ الكذب الدفاعي : وهو من أكثر أنواع الكذب شيوعا بين الأطفال ، إذ يلجأ إليه الطفل خوفا من العقوبة التي سوف تقع عليه ، أو يلجأ إليه للتخلص من موقف محرج 0
4ـ الكذب الانتقامي : ويلجأ إليه الطفل والمراهق أيضا ليتهم غيره باتهامات كاذبة يترتب عليها عقاب الغير 0 وهذا يحدث بسبب الغيرة من طفل آخر ، أو بسبب كرهه للغير 0
5ـ الكذب الإدعائي : ويلجأ إليه الطفل بدافع إقصاء الشعور بالنقص وإبعاده عنه ، أو من أجل المفاخرة والزهو كذبا 0 وهذا النوع إما يكون بالقول ، كالذي يدعي أنه ينتمي إلى شخصية مرموقة بالمجتمع ، أو يكون بالفعل ، كمن يدعي المرض وينام في الفراش وهو ليس مريضا0
6ـ الكذب المزمن واللاشعوري : والبعض يسميه ( كذب العقدة النفسية ) ، ويرجع سببه إلى دوافع كريهة للنفس وللآخرين ، وتم كبتها في اللاشعور ، كالطفل أو المراهق الذي يكذب على مدرسية دون سبب ظاهر 0 فقد يكون ذلك أصلا بسبب عقدة الكراهية ( اللاشعورية ) للسلطة الوالدية ، مما جعله يعمم هذه الكراهية للأب ، إلى كل السلطة المدرسية ، وذلك كله في مستوى لا شعوري 0
7ـ الكذب بالعدوى والتقليد : ويقوم به الطفل تقليدا للمحيطين به الذين يتخذون من الكذب أسلوبا لهم في حياتهم 0
علاج الكذب :
1ـ التذكير الدائم بقيمنا وديننا الإسلامي وما العقاب الذي ينتظر الكاذب 0
2ـ اذا كان خصب الخيال ! شاركيه في خيالاته ودعيه يتحدث عن خيالاته أو أن يكتبها 0
3ـ الابتعاد عن الضرب لأنه يزيد من المشكلة.
4ـ كونوا قدوته ولا تكذبوا أمامه ..فكثيراً ما نكذب دون أن نعلم .. مثلاً :إذا رن جرس الهاتف وكان هناك شخص يريد التكلم معك تقولين لولدك قل له إنني لست هنا .. ففي هذه اللحظة تعلم أن الكذب شيء جائز 0
5ـ عززيه وكافئيه عندما ينطق بالصدق 0
6ـ إذا حصل موقف وكذّب فيه أحد عليك ، فعليك أن ترفضي هذه الكذبة.
وفي الختام عليك أخي وأختي أن تعلمي أن الكذب عند الأطفال دون 4 سنوات هو عبارة عن خيال ولا خوف منه .. أما بعد سن الرابعة فعليك أن تتكلمي عن الصق من خلال القصص والقيم والدين 0

ضيف الله مهدي
18 -11- 2006, 11:30 PM
الحلقة الثانية
قضم الأظافر ، ومص الأصابع ، وأحلام اليقظة 0

قضم الأظافر :
يعتبر قضم الأظافر من أساليب النشاط الشاذ الذي لا يؤدي إلى نتيجة إيجابية ، فهو سلوك إنسحابي يتميز بالشدة والقوة ، بحيث يبعد صاحبه عن الواقع ، ويساعده في السرحان وأحلام اليقظة ، وعدم القدرة على التركيز ، وقد يؤدي إلى آثار ومضاعفات جسمية تؤثر على الصحة العامة ، ويندر حدوثه قبل سن الثالثة ، ويكثر بين الثامنة والعاشرة من العمر 0 بعض الدراسات تقول أن 24% من الذكور والإناث في عمر 12ــ 14 سنة يقضمون أظافرهم في فترات الاختبارات 0 وتعتبر هذه المشكلة دليل على وجود القلق ، والشدائد النفسية Stresses ، وخاصة حين يواجه الطفل صعوبات تتحدى قدراته 0


• أسباب مشكلة قضم الأظافر :

هناك أسباب لظهور هذه المشكلة ومنها :

1ـ أنه سلوك تعويضي نفسي بديل عن قسوة الآباء إزاء عبث الأطفال بأعضائهم التناسلية في المرحلة بين 3ـ6 سنوات ، وكبت هذا العبث كما يقول علماء التحليل النفسي يؤدي إلى قضم الأظافر 0

2ـ عبارة عن عدوانية مرتدة إلى الذات لعدم قدرة الطفل الاعتداء على الآخرين 0

3ـ حيلة دفاعية لخفض القلق الناتج عن الصراع النفسي المتعلق بعقدة أوديب وعقدة إلكترا بين الثالثة والسادسة من العمر 0

4ـ بسبب القلق من قرب الاختبارات 0

5ـ طاقة زائدة غير مستغلة لدى الطفل ، ينفس عنها الطفل بالانشغال بأي نشاط ليطرد الملل والسأم 0



• علاج مشكلة قضم الأظافر :

من الأساليب الجيدة لمواجهة هذه المشكلة ما يلي :

1ـ تدريب الطفل على زيادة الوعي Awarness Training ، ويتم ذلك بأن يقوم الطفل كل صباح ومساء ولمدة خمس دقائق ويجلس أمام المرآة ويقوم ببطء بتمثيل حركات قضم أظافره كما لو كان يقضمها فعلا وعند قيامه بتمثيل الدور يقول بأعلى صوته ( لن أقضم أظافري بعد اليوم ) 0

2ـ تعليم الطفل طريقة الاسترخاء Relaxtion والابتعاد عن العقاب والتوبيخ ، والحرمان 0

3ـ مساعدة الطفل في توكيد ذاته Self – assertiveness ، والتعبير عن نفسه وانفعاله بأسلوب تكيفي 0



.


• مص الإبهام :

تظهر هذه العادة في السنتين الأوليين من العمر ، إلا أنها تتضاءل تدريجيا 0 ونجد أن حوالي 40% ممن هم في عمر سنة واحدة ، وحوالي 20% ممن هم في عمر خمس سنوات ، وحوالي 5% ممن هم في عمر 10 سنوات ، يمصون أصابعهم بشكل نشط في الولايات المتحدة الأمريكية 0

ونجد أن الطفل عندما يدس إبهامه في فمه ، وتنغلق عليه الشفتان ويتلو ذلك مص الشفتين والوجنتين واللسان ، ويكون ظفر الإبهام عادة إلى أسفل ، وفي أثناء ذلك غالبا ما يحك الطفل بيده الأخرى جزءً من جسمه ، مثل أذنيه أو شعره 0

إن الخطورة تكمن في استمرارها مع التقدم في السن ، وضررها يكمن في آثارها التي تظهر ، مثل :
تشوه الأسنان ، وصعوبة المضغ ، والتنفس ، وتشوه الوجه ، وضغط في أعلى سقف الحلق ، فتندفع الأسنان العلوية للخارج ، والسفلية للداخل ، مما يجعل سقف الحلق ضعيفا جدا، وهذا يؤدي لما يسمى تشوه الإطباق Malocclusion ، والأسنان الناتئة Buek Teeth وتكون آثار مص الإبهام ضئيلة إذا توقف المص قبل ظهور الأسنان الدائمة 0



وعندما تزول هذه العادة في سن الخامسة وقبل ظهور الأسنان الدائمة ، فإن تشوه الإطباق ينصلح لوحده ، أما إذا استمرت العادة بعد سقوط الأسنان اللبنية ، زاد خطر تشوه الإطباق الدائم ، وذلك لأن المص يشوه عظام فك الطفل الطرية ، ويعمل عمل العتلة في إحداث عدم توازن دائم في عضلات الفك 0 إن الطفل في الغالب يمص إصبعه حين يخلد إلى النوم ، حيث تعتبر عاملا مساعدا في الإغراق في النوم 0

• الأسباب التي تجعل عادة مص الإصبع عادة سلوكية وبحاجة لعلاج :

1ـ عدم تحقيق رغبات وحاجات الطفل 0
2ـ عدم رغبته في النوم 0
3ـ بدء ظهور الأسنان 0
4ـ تعرض الطفل للجوع والتعب والخجل والقلق 0



• صفات الطفل الذي يمص إصبعه :

1ـ العزلة والخجل 0
2ـ قلة الجرأة الاجتماعية أثناء حديثه عن حقوقه وحاجاته 0
3ـ عدم الصراحة وشدة الميل للتكلم 0
4ـ ضعف روح المخاطرة 0



• علاج مشكلة مص الإصبع :

1ـ التجاهل من قبل المحيطين بالطفل 0
2ـ استخدام أسلوب التوجيه والإرشاد 0
3ـ استخدام مبدأ الثواب والعقاب 0
4ـ التدريب على الوعي 0



أحلام اليقظة Day Dreaming :

أحلام اليقظة مثل دوحة خضراء أستظل تحتها الفرد بضعا من الوقت ريثما انخفضت درجة الحرارة ثم نهض وسار في سبيله ودربه ، وهي مجموعة من التمنيات والأفكار الجميلة السعيدة ، وهي كثيرة وشائعة عند الأطفال ، وحتى عند المراهقين والشباب 0

لكن هذه الأحلام كمشكلة نفسية تعني : انغماس الفرد في الأحلام في وقت غير مناسب ، مع عدم مقدرته على التركيز والإنجاز 0

والمؤشر الأساسي لاعتبار أحلام اليقظة مشكلة عند الفرد ، وعند الطفل إذا تكررت بشكل مستمر ، وأعاقته عن آداء عمله وتفاعله الاجتماعي ، ولا ينتبه لآداء واجباته ولا يكملها ، ولا يختلط بالآخرين 0 وزيادة الفترة التي يقضيها الطفل في هذه الأحلام يعد مؤشرا على تفاقم المشكلة 0


العوامل المسببة لأحلام اليقظة :

هناك عدد كبير من العوامل التي تسبب هذه المشكلة النفسية عند الأطفال ومنها ما يلي :

1ـ عندما يفشل الطفل في إشباع حاجاته ، ويخفق في تحقيق رغباته الواقعية ، وهنا يلجأ إلى أحلام اليقظة والخيال لإشباعها وهميا 0 فأحلام اليقظة مهربا ممتعا 0
والأماني يتم تحقيقها بالخيال ، والخيال يعطي شعورا بالرضا ، وأكثر سهولة من حل المشكلات الاجتماعية والدراسية 0


2ـ في بعض الحالات تعتبر أحلام اليقظة بمثابة ( عادة Habit ) قد تشكلت عند الأطفال من خلال الإشراط والتعزيز ، وأصبحت سلوكا مألوفا 0 وبعض الأطفال يظهر هذا السرحان أثناء تفاعلهم مع الآخرين ، وبعضهم يحلم ويسرح عندما لا يجدون ما يشغلهم أو يفعلونه 0


3ـ قد تكون أحلام اليقظة عبارة عن ( تعويض ) لإعاقة حقيقية ، سواء جسمية أو عقلية 0 فمثلا الأطفال الذين يعانون من صعوبات في التعلم يبدون طبيعيين ، مع أنهم يعانون إعاقة حقيقية في عدم قدرتهم على التكيف مع محيطهم التعليمي ، ويؤدي ذلك إلى أحلام اليقظة كوسيلة هروب 0

وقد تكون أحلام اليقظة بسبب عدم قدرتهم على التفكير المجرد ، أو بسبب الاحباط لعدم قدرتهم على القراءة للتعبير عن أنفسهم شفهيا أو كتابيا 0


4ـ قد تكون أحلام اليقظة ناتجة أو بسبب الخجل الذي يعاني منه الطفل 0 فالطفل الذي لا يجد حماية من الأم ودعم يشعر بالخجل في المواقف الاجتماعية ، وهنا يمدهم الخيال بمتعة خيالية كبيرة من الأحاسيس السالبة 0 وتلاحظهم وهم يقضون أوقاتا في الأحلام الممتعة ، والابتسامة قد ارتسمت على وجوههم 0



علاج مشكلة أحلام اليقظة :

هناك بعض الأساليب الإرشادية والعلاجية التي تساعد الطفل على التخلص من مشكلة أحلام اليقظة ومنها ما يلي :

1ـ تنمية الإحساس بالكفاءة ، والتأكيد على الشعور بالرضا في الحياة اليومية 0

2ـ تعزيز عمله الإنتاجي والمثمر 0

3ـ شغل أوقات الفراغ عند الطفل ، وذلك بإشراكه في الأنشطة المفضلة لديه ، وتنمية هواياته0

ضيف الله مهدي
18 -11- 2006, 11:41 PM
الحلقة الثالثة :
اليوم ستكون الحلقة عن مشكلات التغذية 00 وعن اضطرابات النوم
أولا ـ اضطرابات التغذية ومشكلاتها Eeating Disorders :

تعتبر التغذية عملية حيوية ، وهامة للطفل ، وهي التي تشغله في الأشهر الأولى من حياته ، ويرجع أثرها إلى تكرارها عدة مرات في اليوم ، وارتباطها في ذهن الطفل بالأم 0 وهناك الكثير من مشكلات السلوك الناتجة عن مناسبات تناول الطعام 0 فهناك الأثر الناتج عن إجابة الطفل إلى كل ما يطلبه من طعام وبأسرع طريقة ممكنة ، وإجابته إلى بعض ما يطلب وبشيء من عدم الهلع في الإجابة 0 ويترتب على مثل هذه المواقف ومنذ اللحظة الأولى أساليب للسلوك يوجهنا بها الطفل 0

ومن هذه الأساليب :

العنف ، والإلحاح ، والتحايل ، والخضوع أو التسليم 0

• مشكلات التغذية :

1ـ فقدان الشهية :
وهي عدم الرغبة في تناول الطعام ، أو البطء الشديد في تناوله ، أو التأفف منه 0 وقد يكون فقدان الشهية دائما أو مؤقتا 0 ويرجع فقدان الشهية المؤقت إلى عوامل طارئة مثل :

تغير حرارة الجسم ، أو بسبب الاضطرابات المعوية والهضمية ، أو بسبب بعض الحالات النفسية ، كالغضب أو الحزن 0 أما فقدان الشهية الدائم والعام فيكون لجميع المأكولات وفي جميع الأوقات ، أو قد يكون خاصا لبعض المأكولات المعينة 0


وتلعب نوعية التغذية دورا هاما في هذه المشكلة ، حيث نلاحظ أن كثيرا من الأطفال لا يجوعون في الموعد المحدد بسبب كثرة أكلهم للمواد الدسمة التي يحتاج هضمها لوقت طويل ، أو بسبب تناول الأطفال للحلوى أو الأطعمة السكرية ، أو بسبب عدم انتظام المواعيد ، أو نقص الفيتامينات 0 كما أن نوعية العمل وفترات الراحة تلعب دورها 0

فطلاب المدارس يأكلون في الإجازات الصيفية أكثر مما يأكلون أثناء الدوام المدرسي وفي فصل الشتاء ، مع أن حاجتهم للغذاء في فصل الشتاء أكثر من فصل الصيف 0

كما أن لقلة النوم والانهاك العصبي وسوء التهوية وقلة الرياضة دور في قلة تناول الأطفال للطعام 0 كما أن سوء معاملة الطفل لها دور هام ، كما أن عدم تناول بعض الأمهات للطعام لأي سبب كان كتخفيف الوزن ، ويخطيء بعض الآباء عندما يجبرون الطفل أو يغرونه بتناول الطعام 0

2ـ البطء في تناول الطعام :
بعض الأطفال يتناولون الطعام ببطء شديد ، وذلك لعدة أسباب ومنها : أن بعض الأطفال يرى أن تناول الطعام نوع من اللعب فيصرف ما يشاء من الوقت أثناء تناوله ، وبعضهم بسبب صعوبة المضغ وينشأ بسبب خلل أو ألم في الأسنان أو الفكين ، أو بسبب التعب والانهاك 0

وقد يكون السبب بسبب أحلام اليقظة وانشغال الذهن ، وقد تكون الأسباب عدم الرغبة في تناول أنواع معينة من الطعام ، وقد يكون بسبب ملاحظة الكبار له أثناء الأكل ، وقد يكون السبب هو تعبير عن معاكسته لأمه وإغاظتها 0
3ـ الشراهة :
وهي عبارة عن تناول الطفل لكميات كبيرة من الطعام أكثر مما يحتاجه ، أو أكثر مما يحتمل ، أو ابتلاعه دون مضغ 0 وهذا بسبب التربية الخاطئة والتعود على آداب الطعام ، أو بسبب التدليل للطفل من قبل والديه 0 أو يكون بسبب عدم الاستقرار ، أو بسبب شهية شاذة Pice تتعلق بأمراض الجهاز الهضمي والغددي 0

وبعض علماء النفس يرون أن الأسباب تتعلق بالعوامل الانفعالية في اضطراب الشراهة عند الأطفال ، وخاصة التدليل الزائد ، أو الحرمان ، والنزعات العدوانية ، أو الغضب الكتوم ، وفقدان الشعور بالأمن ، والملل 0


4ـ القيء أو الشعور بالغثيان :
وقد يكون هذا متكرر الحدوث أو بشكل عرضي ، كالقيء المرتبط بمناسبة معينة 0 كما أنه لا بد من التأكد من العوامل العضوية ، وفي حالة نفيها ، فنركز على الحالة النفسية للطفل 0 ويحدث القيء بأسباب عدة ومنها : إرغام الطفل على تناول أطعمة لا يحبها فيكون القيء بمثابة سلوك يعبر عن شعور مكبوت 0

كما أن الإيحاء قد يؤثر على الطفل فبعض الأطعمة توحي للطفل بمواد معينة تشمئز منها نفسه 0 وقد يتقيأ الطفل لأنه يرى أو يسمع غيره قد تقيأ 0
• علاج مشكلات التغذية عند الأطفال :ويكون العلاج لهذه المشكلة بعدة طرق وهي :


1ـ التخلص من قلق الكبار على الأطفال 0

2ـ التقليل من مراقبة الطفل أثناء تغذيته 0

3ـ أن يكون الطفل أثناء تناول غذائه منشرحا هادئا ، غير متهيج أو مشغول الذهن 0

4ـ عدم إرغام الطفل على تناول طعام معين ، وعدم إرغامه على الطعام بصفة عامة 0

5ـ إذا امتنع الطفل عن الطعام ، فليقابل ذلك بالهدوء والسكينة 0

6ـ أن يقدم الطعام للطفل بطريقة جذابة ، وفيها تنويع 0

7ـ تشجيع الطفل على يتناول طعامه بمفرده ودون مساعدة في أول مناسبة ممكنة ، حتى يكسب الطفل ثقة بنفسه 0

8ـ أن يتناول الطفل طعامه مع آخرين ، حتى يثير ذلك شهيته 0








ثانيا ـ اضطرابات النوم :

حقائق النوم :

إن للنوم قيمة هامة بالنسبة للطفل ، ليس فقط من أجل قيام أجهزة الجسم المختلفة بعملها بشكل صحيح ، ولكن من أجل صحته النفسية 0 والنوم بالتعريف هو : وظيفة حيوية يقوم بها الكائن الحي ليقي نفسه من حلول التعب ، فالنوم هو صمام الأمان 0 إن اضطرابات النوم البسيطة تعتبر شائعة جدا في الأعمار من 2حتى 5 سنوات 0 وهي ردود فعل طبيعية ، وتعبير عن عدم الشعور بالأمن خلال عملية النوم ، وأكثرها شيوعا الأحلام المزعجة والنوم القلق 0

وتظهر الأحلام المزعجة عند ثلث الأطفال ما بين 3ـــ10 سنوات ، وتبلغ ذروتها في سن عشر سنوات 0


وتتظاهر اضطرابات النوم من الناحية السريرية في الأعراض التالية :ـ

1ـ الإنقباض ونوبات الغضب والكسل 0
2ـ ضعف القدرة على التركيز 0
3ـ عدم الإستقرار وكثرة الوقوع بالخطأ 0
4ـ فقدان الإتزان الحركي 0


5ـ إزدياد الاضطرابات السلوكية مثل :
مص الأصابع وقضم الأظافر 0 وقبل أن أبدأ في بحث أشكال اضطرابات النوم عند الأطفال ، يجب أن أذكر مدى حاجة الطفل للنوم 0 ففي الأسابيع والأشهر الأولى من عمر الطفل يتطلب نموه السريع حاجة متزايدة للنوم ، تقل تدريجيا مع تقدمه بالسن ، ففي الشهر الأول ينام الطفل عشرين ساعة تقريبا ، ثم ينخفض حتى يصل إلى 12 ساعة في سن الرابعة ، وإلى 9 ساعات في المراهقة ، و8 ساعات عند اكتمال النمو في سن الرشد 0

ويتوقف عدد ساعات النوم عند الفرد على عوامل عدة منها :ـ

حالة الفرد الجسمية ، وصحته العامة ، والتغذية ، وحالته النفسية من هدوء أو اضطراب ، والظروف التي ينام فيها من تهوية ورطوبة وحرارة 0
أشكال اضطرابات النوم : تأخذ اضطرابات النوم أشكالا عديدة تتعلق بمواعيده وأمكنته وحالة الشخص الجسمية والنفسية 0 ومن أهم هذه الأشكال ما يلي :ـ

1ـ مقاومة الذهاب إلى النوم : Resistance to going to Sleep يمر جميع الأطفال تقريبا بفترة يقاومون فيها الذهاب إلى النوم 0 فإذا أظهر الوالدون اهتماما متزايدا وقلقا أو عدم قدرة على مواصلة السيطرة على المواقف ، فإن مقاومة الطفل تزداد سوءا 0 وقد يقاوم بعض الأطفال الذهاب للنوم بسبب القلق والإثارة 0 ويظهر هذا السلوك بشكل خاص عند الأطفال دون سن الثالثة 0 وتبلغ ذروة حدوث مقاومة الطفل للنوم بين العمرين من 4 ــ 6 سنوات ، حيث يرفض الطفل فيها الابتعاد عن والديه والبقاء لوحده ، أو قد يكون بسبب الشعور بالتعب والأصوات والقلق والألآم 0

2ـ النوم القلق Restlessness : وهو عدم الارتياح الجسدي والعقلي أثناء النوم ، ويكثر حدوثه عند الأطفال ، ويأخذ مظاهر مثل الحركة والتقلب وقذف الأرجل وركل الغطاء ، وصرير الأسنان ، وضرب الرأس ، والاستيقاظ نتيجة سماع الأصوات 0

إن النوم القلق لفترة قصيرة يظهر بين الحين والآخر عند جميع الأطفال ، ولكنه قد يكون مستمرا ومتكررا بحيث يصبح مشكلة 0 وقد تبين لبعض العلماء أن النوم القلق أثناء الليل في عمر 21 شهرا يعتبر مشكلة لحوالي 38% من الذكور ولـ 27% من الإناث ، كما أن التكرارات المناظرة لها عمر 11سنة تتناقض إلى 32 % و16% ، وفي عمر 14 سنة فإن 11% من الذكور يظهرون نوما قلقا أثناء الليل في حين يختفي بشكل فعلي لدى الإناث 0 ومعظم الأطفال يظهرون النوم القلق في الليل ، متميزون بعدم الارتياح أثناء النهار ، والنشاط الزائد ، وبالاستثارة المفرطة ، فهو امتداد للميول النهارية 0 كما أن صرير الأسنان يحدث عند 14% من الأطفال العاديين ، وهو قد يحدث بشكل مفرط وقوي يسمعونه من في الغرف الأخرى ويؤدي إلى تأكل الأسنان ويشعر الطفل في فكيه عند إستيقاظه صباحا 0


ويجب تعليم الطفل الإسترخاء والراحة ليتخلص من توتر النهار قبل موعد النوم مباشرة 0

3ـ الكوابيس Nightmares :
والكابوس استجابة خوف أو رعب ليلي تحدث أثناء النوم وهي نتيجة حلم مخيف 0 إن الأحلام المزعجة بدرجة بسيطة يبدأ الأطفال بتذكرها عادة في سن الثالثة ، ولكنها لا تكون مزعجة لهم حيث يصرخ الطفل ثم يهدأ بسهولة 0 وفي عمر أربع سنوات وحتى الخمس تزداد الأحلام المزعجة في تكرارها وغالبا ما تصحبها أعراض قلق حاد ( تعرق ، إتساع البؤبؤ ، صعوبة التنفس ) ويشعر وكأنه يختنق أو وزنا ثقيلا فوق صدره 0


ويمكن للطفل في هذه السن وصف محتوى الحلم المخيف بتفصيل ، وقد يخاف من التحدث عنها بسبب خشيته من أن تصبح واقعية 0 وتتنوع أسباب الكوابيس متضمنة القلق العابر أو الطويل الأمد أو الخوف من العقاب العائد إلى مشاعر الغضب الموجه نحو الأبوين ، والصراعات 0

وهذه المشاعر قد يتم كبتها خلال النهار ، إلا أنها تظهر عندما تقل مقاومة الطفل أثناء النوم 0 ويزداد قلق الطفل سوءا إذا لم يتوفر له الحب والأمان ، أو إذا كان يعاني من أمراض هضمية 0 إن قمة حدوث الكوابيس بين 4ــ 6 سنوات وتستمر لدى حوالي 28% من الأطفال بين السادسة والثانية عشرة 0

وتحدث الكوابيس في هذه الأعمار حيث تحدث أحلام مزعجة مرتبطة بصعوبات شخصية أو التهديد من قبل الآخرين الذي يتعرض له الطفل 0
4ـ اضطرابات الإستيقاظ Arousal Disorders : وتظهر في أوقات مختلفة وغالبا ما يكون لها تاريخ عائلي وتكون مرتبطة بالأحلام المزعجة وعدم الراحة 0 ويحدث بشكل مفاجيء ويكون غير مستجيب للمحيط ولا يتذكر الطفل أي شيء من هذه الاضطرابات في صباح اليوم التالي 0


ولاضطرابات الإستيقاظ علاقة بميل الطفل للتخيل ، فقد وجد أن الذين يمشون أثناء النوم ميالون للنشاطات الحركية والألعاب الرياضية في حين الذين لديهم حالات رعب ليلي ميالون للتخيلات البصرية 0


5ـ المشي أثناء النوم Sleep Walking :
ويحدث عادة بعد ساعتين أو ثلاث من استغراق الطفل بالنوم 0 ويكون فيه ضعف وانخفاض في مستوى الوعي والاستجابة للمحيط ، وتكون مشية الطفل غير ثابتة ومتعثرة ، ولكنه قادر على تجنب الأشياء بحيث لا يؤذي نفسه 0 وتكون عيونه جامدة كالزجاج إلا أنها مفتوحة وقد يتجول الطفل في غرفة أو خارج المنزل 0

وفي الصباح التالي لا يتذكر إلا القليل أو لا يتذكر إطلاقا مما فعله 0 ويستمر المشي أثناء النوم بين بضع دقائق ونصف ساعة 0 وهناك أدلة متزايدة على أن المشي أثناء النوم يرافقه تأخر في نضج الجهاز العصبي المركزي 0 ويمكن للمرء أن يحدث المشي أثناء النوم عند طفل بإيقافه على قدميه وهو في مرحلة النوم العميق ( بعد ساعتين تقريبا من الاستغراق في النوم ) إن حوالي 15% من الناس يظهرون هذه المشكلة النفسية وخاصة في
مستهل المراهقة 0


6ـ الحديث أثناء النوم Sleep Talking : يعيش معظم الأطفال خبرة التكلم أثناء النوم من وقت لآخر ، وقد يقتصر ذلك على التمتمة ببضع كلمات أو يتضمن مقاطع واضحة يمكن تمييزها ، تعكس أفكار ونشاطات اليوم السابق 0 وقد تدل على الانشغال التام بموقف يثير القلق مثل الرسوب بالامتحان ولتجاوز هذه الحالة يجب جعل الفترة السابقة للنوم مباشرة هادئة للتقليل من آثار الصراخ والتكلم في الليل 0


7ـ وهناك اضطرابات أخرى في النوم : وهو النوم الزائد : Increased Sleep الناتج عن أسباب نفسية كالهروب من توتراتوضغوط يومية أو مشكلات كامنة ، أو عن أسباب عضوية كالإرهاق الجسدي أو قلة الفيتامينات أو المنبهات التي قد تناولها الفرد لفترة طويلة وخاصة أثناء الاختبار والدراسة ) 0

الأرق Insomnia وهو عدم الحصول على القسط الكافي من النوم ، وقد يكون صعوبة البدء في النوم ، أو صعوبة الاستمرارية أو الإستيقاظ المبكر جدا 0
الإرشادات العلاجية الضرورية لحالات إضطرابات النوم :

1ـ لا تدع الطفل يطور عادة القدوم إلى سرير الأبوين ليلا ، ويجب تعليمه الإستقلالية 0 والبدء بصرامة في هذا الأمر منذ البداية 0 ورافق الطفل إلى غرفته واعمل على راحته 0

2ـ كافيء تناقص مقاومة الذهاب للنوم : يمكننا وضع نجوم ومكافأة للطفل عند كل ليلة يذهب فيها للنوم بسهولة 0

3ـ يجب أن تكون الفترة السابقة لدخول الطفل إلى السرير هادئة وخالية من الإثارة والنشاط الجسدي 0

4ـ يجب أن يترك ضوءا خفيفا في الغرفة أو الردهة ، وأن يترك باب غرفة الطفل مفتوحا 0 وطمئن الطفل بأنك قريب منه 0

5ـ لا تتحدث للطفل بقصص وأحاديث مخيفة ومزعجة خلال اليوم وقبل نومه ( وإذا استيقظ الطفل في الليل بسبب حلم مزعج وكوابيس قل له :

لا بأس يا حبيبي ، ماما هنا ، لقد خفت أثناء نومك ، ولكنك آمن في سريرك ، وكل شيء على ما يرام ، ولن نسمح بأي مكروه يمسك ) 0

6ـ التنفيس عن مكبوتات الطفل من خلال اللعب والرياضة والهوايات ، وأن يكون أكله باعتدال ، وليس فيه وجبات ثقيلة ، وأن تكون بيئة النوم جيدة ومريحة 0

ضيف الله مهدي
20 -11- 2006, 02:16 AM
الحلقة الرابعة :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 00

الحلقة اليوم عن التبول اللاإرادي عند الأطفال ، آمل من الأخوة القراءة جيدا 00 وأهلا وسهلا بأسئلتكم


• التبول اللاإرادي أو السلس الليلي Enuresis Bedwetting :
يشكو كثير من الآباء والأمهات من مشكلة التبول اللاإرادي عند أبنائهم , ويمثل ذلك مشكلة منزلية تلقي بظلالها السلبية على الأبناء وتكيّفهم النفسي والعصبي والوجداني ، وكثير من الآباء والأمهات يسيئون التصرف حيال تلك المشكلة ويضعون أبناءهم موضع التأنيب المستمر أو الضغط الشديد مما يفاقم من الأزمة ويخرجها عن نطاقها إلى نطاق أشد سوءاً وأكثر ضرراً0و نلاحظ في بعض الحالات أن الطفل لا يستطيع أن يتحكم في التبول حتى يصل أحيانا إلى سن التاسعة ، وأحيانا حتى سن المراهقة ، وهذه تعتبر مشكلة وأيضا سلوكية ، وهي بحاجة إلى علاج نفسي 0

أما بالنسبة للطفل دون سن الرابعة فلا يعتبر التبول اللاإرادي لديه مشكلة 0 علما أن الطفل العادي تكتمل قدرته على التحكم في عملية التبول في النهار وهو في سن عام ونصف تقريبا ، أما التحكم في التبول خلال الليل فيكون في الفترة بين العامين والنصف حتى سن ثلاثة أعوام 0 كما أن سن ضبط الجهاز البولي يختلف من طفل إلى آخر ، وذلك حسب اختلاف حساسية الجهاز البولي وحجم المثانة وسعتها 0


• معلومات لابد منها:

1ـ التبول اللاإرادي من أكثر المشكلات شيوعاً في مرحلة الطفولة , وهو يظهر بعدم قدرة الطفل على السيطرة أو التحكم في مثانته , وأسبابه قد تكون وراثية, أو بسبب أمراض في الجهاز البولي أو اضطرابات في النوم, أو اضطرابات في الجهاز العصبي, أو لعوامل نفسية أخرى كثيرة.

2ـ تعد مشكلة التبول اللاإرادي مشكلة أسرية في المقام الأول ، لأنها حالة تؤثر سلباً على الطفل وعلى والديه ، بل قد تصيب الوالدين بنوع من الشعور بالإحباط ، كما تصيب الطفل بنوع من الخجل أمام الآخرين 0 كما تسبب له شعوراً بالنقص والميل إلى الانزواء وغير ذلك، وتؤدي هذه المشكلة بالطفل إلى العناد والتخريب والميل إلى الانتقام في محاولة للثأر من نفسه وسرعة الغضب 0

3ـ التبول اللاإرادي أنواع ، هناك التبول اللاإرادي الليلي ، وهناك التبول اللاإرادي في الليل والنهار ، كما أن التبول اللاإرادي الليلي ينقسم إلى قسمين :

تبول ليلي ابتدائي ، أي أن الطفل لم يتمكن من التحكم في البول في الليل منذ ولد وإلى الآن، وهي الحالة الأكثر شيوعاً وانتشاراً، وتمثل نسبة تزيد عن ثلاثة أرباع الشكاوى في موضوع التبول اللاإرادي ،

أما القسم الثاني فهو التبول الليلي اللاإردي الثانوي ، وهو عدم التحكم في التبول فجأة بعد أن كان الطفل قادراً على التحكم في البول لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر , ويمثل ذلك نسبة قد تقترب من خمُس الحالات أو أقل..


4ـ التبول اللاإرادي في الليل فقط غالبه حميد وهو عبارة عن تأخر نضوج ، وهذا في غالبه عائلي ، وغالباً ما يكون أحد الأبوين قد عانى من هذه المشكلة 0

5ـ يجب أن يكون الطفل قادراً على التحكم في التبول نهاراً في سن الرابعة من عمره على أكثر تقدير , ومعظم الأطفال يستطيعون التحكم في ذلك ابتداء من سن الثالثة ، أما ليلاً فمعظم الأطفال يستطيعون التحكم في التبول في سن السادسة، وعادة لا يوصى بالعلاج إلا بعد هذه السن 0 وهذه الحالة تتحسن تلقائياً مع اكتمال النضوج ، إلا أن هناك ظروفاً يُفضل معها العلاج المبكر 0
يُذكر أن بحثاً نُشر في الدورية العلمية التابعة للأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال ، قد وجد أن أغلب الأطفال لا يتقنون السيطرة على عمليتي التبرز والتبول إلا بعد تجاوزهم السنة الثانية من عمرهم ، كما أثبت ما تعرفه الكثير من الأمهات من تمكن البنات من إتقان جميع المهارات الخاصة بذلك قبل الأولاد 0 وقد حدد البحث متوسط عمر الأطفال الذي يتم فيه عملية التحكم بين سن 24 إلى 30 شهرا 0

وحسب الإحصائيات المرصودة فإن التبول اللاإرادي يختفي في الأطفال بعد سن الخامسة بمعدل 15% من الحالات كل عام 0 وذلك حيث يعاني 10% من الأطفال في سن الخامسة من التبول اللاإرادي بشكل طبيعي وفي بعض الإحصائيات تصل تلك النسبة إلى 20% ثم 5% من الأطفال في سن العاشرة و1% من الشباب في سن الثامنة عشرة. يُذكر أيضا أن التبول اللاإرادي منتشر بين الأولاد بمعدل مرتين عنه في البنات..

6ـ التاريخ الأسري في هذه الحالات له أهمية كبرى فإننا نجد أن 30% من الآباء و20% من الأمهات قد حدث لهم تبول لاإرادي في أثناء الطفولة كما أن الأخوة الأكبر سنا لديهم بالنسبة نفسها تبول لاإرادي عند الطفولة, وأكدت الدراسات أن مرض التبول اللاإرادي له علاقة وراثية, وأنه ينتقل من الآباء لأطفالهم, وما يزيد على %70 من الأطفال الذين يعانون من هذه المشكلة كان آباؤهم يعانون منها في طفولتهم أيضاً 0

7ـ تختلف حالات التبول اللاإرادي من طفل إلى آخر ولكن غالبا ما يحدث التبول يومياً في معظم الحالات وقد تسوء الحالة نتيجة عقوبة الوالدين للطفل أو إهانته، ومن الناحية الأخرى فإن تفهم الحالة ومحاولة مساعدة الطفل وتشجيعه قد تساعد في تخفيف الحالة.

8ـ التبول اللاإرادي قد يكون مرضاً ويخفي حالة مرضية يجب اكتشافها وعلاجها مبكراً مثل التبول اللاإرادي في الليل والنهار معاً، وينشأ عن حالات مثل أمراض عدم تركيز التبول في الكلى وأمراض التشوهات الخِلْقية.
9ـ جميع حالات التبول اللاإرادي يسهل علاجها، إلا أن هناك حالات تتطلب تدخلَ أكثر من تخصّص طبيّ واحد مثل:

حالات التبول والتبرز اللاإرادي معاً، وهذه المشكلة تنطوي على حالة نفسية معقدة تتطلب تدخل طبيب الأمراض النفسية إلى جانب طبيب الأطفال.

10ـ معظم أطباء الأطفال لا ينظرون الى التبول الليلي وكأنه مشكلة حتى إذا استمر ما بعد الست سنوات حيث يعتقدون أنه يصبح مشكلة فقط لأنه يسبب انزعاجاً اجتماعياً لدى الطفل وأسرته، وكل الأولاد الذين عانوا من التبول اللاإرادي شفوا من دون أي تدخل طبي.

11ـ يتم التقييم عن طريق الفحص العام من نواح كثيرة مثل الحالة العقلية والنمو العقلي، كما يجب ملاحظة الطفل أثناء التبول لاكتشاف أية مشكلة بالمسالك البولية مثل ضعف سريان التبول واعوجاجه أو حدوث آلام أو تنقيط أثناء التبول فقد يكون هناك ضيق بعنق المثانة أو بمجرى التبول أو التهاب بولي.

ومن أجل تحديد السن المناسبة للبداية يجب أن يكون الطفل مستعداً من الناحية الفسيولوجية والسيكولوجية لذلك. فمن الناحية الفسيولوجية، حين يبلغ الطفل الثمانية عشر شهراً من عمره بحيث يستطيع الطفل بداية التمرين على السيطرة على تلك العضلات. إذن فمحاولة تدريب الطفل على التبول والتبرز الإرادي قبل سن الثمانية عشر شهراً يكون ذا أثر ضعيف حيث إن الطفل قبل هذه السن لم يكتمل جهازه العصبي بعد.

12ـ أهم نصيحة لأي أم هي عدم القلق من وجود هذه الحالة والتعامل مع الطفل بلطف وحب؛ لأن استعداد الأسرة لخوض هذه التجربة لا يقل أهمية عن استعداد الطفل نفسه؛ حيث لا بد أن تكون الأسرة مستعدة لتحمل عناء التنظيف وراء الطفل حين يسهو عن إبلاغهم برغبته دون إظهار علامات الضيق والعصبية. فلا بد من توفير جو مريح ومشجع للطفل في هذه المرحلة. وينصح أطباء الأطفال الأمهات أن يتراجعن عن عملية التدريب لمدة قد تتراوح بين الشهر والثلاثة أشهر إذا اتضح عدم استعداد الطفل بعد أسبوع كامل من المحاولة معه... حيث إن زيادة التوتر قد ينتج عنها زيادة تفاقم.


• تعريف التبول اللاإرادي :

هو عملية تكرار نزول البول اللاإرادي في الفراش من قبل طفل في عمر الرابعة أو الخامسة فما فوق 0

• تشخيص المشكلة: يشخص اضطراب البول بالآتي :
1ـ تكرار إفراغ البول نهاراً أو ليلاً في الفراش أو الملابس سواء كان لاإرادياً أو مقصوداً0

2ـ أن يتكرر ذلك مرتين أسبوعيا لمدة ثلاثة اشهر على الأقل ويسبب قلقاً أو خللاً اجتماعياً أو وظيفياً 0

3ـ أن لا يقل العمر الزمني عن خمس سنوات 0

4ـ ألا يكون سببه تأثيرات فسيولوجية مباشرة لمادة (مدرة للبول) أو اضطراب جسماني أو غيره 0

وهناك عوامل مؤثرة يجب مراعاتها بالنظر أثناء التشخيص مثل:

1ـ الإهمال في تدريب الطفل على استخدام المرحاض لكي تتكون لديه عادة التحكم في البول 0

2ـ التدريب المبكر على عملية التحكم مما يسبب قلقاً لدى الطفل 0

• أسباب التبول اللاإرادي :

هناك عدة نظريات لم تثبت أي منها بشكل حاسم أسباب التبول اللاإرادي ، ويمكن القول أنه هناك عدد من العوامل وهي :

1ـ العوامل العضوية :
فقد تكون هناك حصوة موجودة في إحدى الكليتين ، أو الحالب ، أو المثانة ، أو إلتهاب في مجرى البول ، وكذلك مرض السكر ، والديدان المعوية ، وسوء الهضم والانهاك العصبي ، ونقص الفيتامينات 0

2ـ العوامل النفسية :
ومنها ، الخوف الشديد ( كالخوف من الظلام ، أو من الوالدين ، وقسوتهم ، وتهديدهم للطفل ) ، الغيرة الشديدة ( كالغيرة من المولود الجديد ، وإهمال الوالدين للطفل ) 0 الغضب المكبوت تجاه الوالدين ، ويكون التبول انتقاما وتنفيسا عن الغضب ، العلاقات الأسرية المضطربة والخلافات 0

إن أول عمل يجب إجراؤه حين فحص الحالة من أسباب التبول اللاإرادي 0 فحين تنتقي تلك تلك العوامل العضوية السابقة الذكر ، فيجب التركيز مباشرة على العوامل النفسية ، ويجب وضع خطة العلاج استنادا لهذا التشخيص 0
3ـ العوامل الوراثية : اكتشف علماء هولنديون عام 1995 موقعاً على الكروموسوم 13 أتضح أنه مسئول جزئيا عن التبول اللاإرادي الليلي. وتوصل فريق العلماء إلى أن الطفل الذي عانى أحد أبويه من التبول اللاإرادي الليلي يكون احتمال إصابة الطفل بنفس المشكلة 44%. أما إذا عانى الأبوان معا منه فاحتمال إصابة الطفل تصل إلى 80%. 0


وقد أكد بعض علماء النفس السيكوديناميين ، الخصائص المفسرة لهذه الاضطرابات بالنقاط التالية :

1ـ اضطرابات التبول ، تعبير خاص عن قلق عام 0
2ـ تعبير لكراهية لا شعورية مكبوتة تجاه أحد الوالدين أو كلاهما 0
3ـ إزاحة الإشباع الجنسي المرتبط بتخيلات جنسية مكبوتة 0
4ـ استمرار لأنماط سلوكية تهدف إلى جذب الانتباه ( اعتماد الطفل على أمه وحاجته للإلتجاء إليها) 0
5ـ تدريب خاطيء وغير ملائم على العادة نفسها بالتبول ، وعدم مبالاة الوالدين 0
6ـ أسلوب نكوصي Regression ورغبة لا شعورية في الرجوع لحالة طفولة سابقة ، وما فيها من عطف 0


أسباب عامة:

3ـ مشكلات التنفس: الذي قد ينتج عن تضخم اللوز أو الزائدة الأنفية وفي هذه الحالة يكون التبول اللاإرادي الليلي عرض من أعراض الحالة.

4ـ هناك عدة عوامل نفسية قد تؤثر في الطفل ولكن يلاحط أن أكثر الأطفال الذين يعانون من التبول اللاإرادي لأسباب نفسية يتحسنون كلما تقدموا في السن، مع العلاج أو بدونه، وفي حالات قليلة قد تستمر الحالة لمرحلة البلوغ.
من خلال عرض الأسباب يتبين لنا أنه يجب الأخذ بنظر الاعتبار عدم التعامل مع جميع الحالات بنفس الطريقة والأسلوب، فكل حالة تتطلب دراسة خاصة لمعرفة أسبابها ومعالجتها من خلال الأسباب. وهذه أول خطوة في العلاج، وهي معرفة السبب

• أنواع التبول اللاإرادي :
1ـ التبول اللاإرادي المتصل : وهو التبول الذي ما يزال لا إراديا منذ الولادة 0
2ـ التبول اللاإرادي المتقطع : وهو التبول الذي انقطع فترة معقولة ليلا ( على الأقل ثلاثة شهور ) ثم عاد مرة ثانية 0

• علاج التبول اللاإرادي :
يبدأ العلاج بعد التأكد أن لا أسباب عضوية موجودة ، والعلاج يتضمن شرحاً للطفل وللوالدين بأن هذه حالة ليست مرضية ، وأن هناك عدداً من الأطفال الطبيعيين لديهم أيضاً هذه الحالة، ثم بعد ذلك يمكن إعطاء خيارات العلاج حسب الظروف 0

1ـ الأجهزة : هناك أجهزة توقظ الطفل أثناء النوم ، ويعتمد على مبدأ اقتران إمتلاء المثانة وتوترها مع جرس أو منبه ، مما يوقظ الشخص ويدفعه للذهاب إلى الحمام ، وهي من التقنيات الفعالة لعلاج السلس الليلي 0 كما توجد أجهزة أخرى أول ما تبتل بالبول تصدر أصواتا فيستيقظ الطفل ويذهب إلى دورة المياه 0

2ـ العلاج السلوكي : ويتضمن عددا من الاجراءات الإرشادية وهي :

أ ـ أن يقدم العشاء والماء والمشروبات ، كالعصائر للطفل قبل النوم بوقت طويل ، وأن يمنع من تناول السوائل بعد ذلك ، قبل دخوله للنوم 0

ب ـ أن يوقظ الطفل في منتصف الليل للذهاب إلى دورة المياه ، ويجب أن يتبول قبل النوم مباشرة 0

ج ـ ألا توضع له التوابل والمواد الحارة في الطعام ، لأن ذلك يجعله يشرب كثيرا من السوائل 0

د ـ تحسين البيئة التي يعيش فيها الطفل من خلال إشباع حاجاته ، وتوفير الأمن والحب له وحل مشكلاته النفسية ، مثل الغيرة ، والخوف ، والغضب 0

هـ ـ عدم استخدام العقاب البدني أو اللفظي ، لأن هذه الأساليب تفقد قدرته على ضبط مثانته 0

و ـ المواظبة والدقة في تنفيذ النظام الذي يضعه المعالج النفسي ، مع الاهتمام الكافي من جانب الطفل والأم 0

وأيضا هذه خطوات علاجية هامة يجب مراعاتها كالتالي:

1ـ دور الوالدين في تخفيف أثر المشكلة بالنسبة للطفل وتيسير الأمر عليه وإزالة الضغط النفسي عنه وتحسين الجو الأسري من حوله.

2ـ مشاركة الطفل في حل مشكلته بأسلوب عاطفي حنون ويمكن للطفل أن يشارك في كتابة ملاحظات عن أيام الجفاف وأيام البلل، أن يقوم الطفل بمناقشة طبيبه بنفسه، وأن يتعاون في التبول قبل النوم وأن يقوم بتغيير ملابسه وفراشه بنفسه 0

3ـ التشجيع بواسطة المكافآت بالنسبة لليالي الجافة ، أي ( التي لا يتبول فيها الطفل ) وقد تكون المكافأة معنوية بكلمات تشجيعية وقد تكون عينية مما يحبه الطفل 0

4ـ المساعدة في تنظيم عمل المثانة عن طريق تدريب الطفل على حبس البول فترات تزداد في طولها تدريجيا أثناء النهار وبذلك تعتاد المثانة على الاحتفاظ بكميات كبيرة من البول.

5ـ الفحص الطبي للبول للتأكد من خلوه من التهابات المجاري البولية.

6ـ تشجيع الطفل معنوياً والثناء عليه عند عدم تبوله ليلاً ، وعدم تأنيبه والسخرية منه ، إذ إن هذا أمر ليس في مقدوره ، بل تشجيعه بمكافأته حين يصحو من نومه ولم يتبول0

7ـ يمكن الاستعانة ببعض الأعشاب المحلاة بعسل النحل مثل : الحرمل والبابونج والشونيز والشمر والشكوريا والجنزبيل مع مراعاة تحليتها بعسل النحل وتفريغ المثانة قبل النوم مباشرة, وللعسل فوائد كثيرة مجربة في هذا المجال وليس له أية أضرار 0

برنامج عملي:

1ـ يطلب من الوالدين عمل جدول بالمكافآت بوضوح بحيث يفهمه الطفل ويعلق الجدول في مكان يراه الطفل جيداً 0

2ـ من المهم أن يكون في البيت بعض من الهدايا لتي يحبها الطفل ويفرح بها وأن نلوح له بها بحيث ألا نحرمه منها عموماً ولكن نكافئه بها 0

3ـ يمكننا شرح ما نريد عمله مع الطفل له بأسلوب مبسط ورقيق وفي سياق مزاح وسعادة0

4ـ يمكننا استخدام أساليب التشجيع بصورة أكثر فاعلية بحيث تشارك كل الأسرة في ذلك 0

5ـ إذا رفض الطفل أن يذهب للحمام ، لا ترغمه ولا تسخر منه ، ولا تغضب ، ولكن حثّه لفظياً، وإذا لم يستجب للحث اللفظي لا تغضب ولا تؤنب بل حاول تغيير أسلوب الدعم النفسي بأسلوب آخر 0

6ـ تدريجياً يمكننا أن نتعمد إهمال الهدايا وجعلها غير متعلقة بعدم البلل ونعمل على الدعم النفسي بشكل آخر كالخروج للنزهة أو عمل حفلة ودعوة بعض أصدقائه أو غيره..

7ـ ويمكن تقديم المدعم فوراً ويومياً في الأسبوع الأول ، وكل يومين في الأسبوع الثاني ، وكل أربعة أيام في الأسبوع الثالث.. إلى أن يتوقف المدعم المحسوس، لكن استمر لفترة طويلة في تسجيل التشجيع أمامه عن كل يوم يمر دون بلل 0 امتدح السلوك أمام أفراد الأسرة كل مرة ينجح فيها. وإذا فشل الطفل في يوم من الأيام، لا تقم بتأنيبه أو نقده ، بل دعه يضع الملابس والأغطية المبللة في المكان المعد للغسيل 0

8ـ تذكر أن الطفل سينجح في بعض الليالي وسيفشل في البعض الآخر 0 واستمر في تطبيق البرنامج حتى ينجح الطفل في المحافظة على نفسه أثناء الليل دون بلل لعدة أسابيع 0


• التبرز اللاإرادي :

وهي تشبه التبول أثناء النوم أو النهار وشائعة عند الأطفال 0 ويقوم العلاج على إعطاء ملين لمنع الإمساك والإصرار من الأهل على ذهاب الطفل للحمام مهما كانت أعذاره وتشجيعه على هذا السلوك بعد القيام به بالهدايا والكلام وغيره 0

وأيضاً تذكيره بالذهاب للحمام عدة مرات في النهار.. ويمكن مراجعة طبيب الأطفال للتأكد من النواحي الجسمية والعضوية ومن ثم المتابعة في خطة العلاج السلوكي وتعديل السلوك المزعج 0

fuad
20 -11- 2006, 01:14 PM
الله يعافيك اخوي

روز
20 -11- 2006, 10:19 PM
جزاك الله خير

والله يعطيك العافيه

همتي لأمتي
20 -11- 2006, 10:21 PM
يعطيك العافيه ماقصرت
أستفدت من مشكلة (مص الأصبع) لأن عند طفل عنده هذي المشكله

ضيف الله مهدي
21 -11- 2006, 01:28 AM
شكرا جزيلا لك أخي الفاضل / أبو محمد 0
دمت بصحة وعافية 0

ضيف الله مهدي
21 -11- 2006, 01:35 AM
شكرا جزيلا لك أختي الفاضلة / روز 0
دمت بصحة وعافية 0

ضيف الله مهدي
21 -11- 2006, 01:40 AM
شكرا جزيلا لك أختي الفاضل / همتي لأمتي 0
دمت بصحة وعافية 0

ضيف الله مهدي
21 -11- 2006, 01:43 AM
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ومغفرته وطيب صلواته ، ثم أما بعد :
نبدأ الحلقة الخامسة وهي عن :

• اضطرابات الكلام والنطق :

من أهم ما في الإنسان من قدرات يبزّ بها الكائنات الأخرى دون منازع هي قدرته على الكلام ، أي التحدث باللغة ، بحيث مكنت اللغة الإنسان من بناء وتطوير حضارته التي يلزمها السلوك والتفكير ومخاطبة من حوله من بني جنسه , وهناك لغات ولهجات متعددة بين الأجناس البشرية المختلفة 0

ومن المعروف علمياً أن الصوت في الإنسان يحدث نتيجة لاستخدامه الهواء الخارج من الرئتين في إحداث ذبذبة للحبلين الصوتيين الموجودين في صندوق الصوت أو ما يسمى بتفاحة آدم أو الحنجرة , ويلاحظ أن كل شخص له صوته المميز عند الكلام ، وذلك لأن مرور الهواء في الفم والأنف يؤثر على الصوت المنتج ، وهذا هو الذي يسبب الصوت المميز للفرد , ويعد اللسان الذي يقع في أرضية التجويف الفمي هو عضو الكلام الرئيس ، إضافة إلى وظيفته في عملية التذوق إضافة لذلك فإن هناك أجزاء أخرى لها علاقة بالنطق مثل الفكين والخدين ، والأسنان والشفتين والأنف 0

ويعرف الكلام بأنه وظيفة أو سلوك يهدف إلى نقل المعاني إلى الغير والتأثير عليه بواسطة الرموز التي قد تكون كلمات أو رموزاً رياضية أو إشارات أو نغمات أو إيماءات , وعلاوة على كون الكلام وسيلة اتصال بين الفرد وغيره فإن له علاقة كبيرة بالعمليات العقلية والفكرية والسلوكية 0 يقول الخولي ، 1976 : " إن كان الكلام وليد العقل ، وعلاقة الكلام بالعقل علاقة المعلول بالعلة لأن الكلام أداة اصطنعها العقل ، فإن للكلام واللغة أثراً في تكوين الفكر ونموه وترقبه 0


ويسمى اختلال أو اضطراب الوظيفة الكلامية عسر الكلام ، فإن امتنعت هذه الوظيفة تماماً فتسمى هذه الظاهرة بالحبسة , وليست الحبسة مجرد انعدام القدرة على النطق ، أو إخراج الصوت ، ولكنها تعطل الوظيفة أو العملية الكلامية من حيث هي قدرة على الإدراك والتعبير بالرموز سمعاً أو بصراً أو كتابة ، أو نطقاً ، أو غير ذلك ، ولو كانت الحواس سليمة وعضلات الفم واليد وغيرها سليمة 0


• مفهوم عملية النطق :

هو عبارة عن نشاط اجتماعي يصدر عن الفرد بقصد التواصل مع الغير ، وتتدخل فيه تواقعات عصبية مركبة عدة ودقيقة ، يشترك في آدائها مركز الكلام الذي يسيطر على الأعصاب ، بحيث تقوم بتحريك العضلات وإخراج الصوت 0 فالنطق أهم وسائل الاتصال الاجتماعي ، وله دور هام في نمو التفكير عند الفرد 0 وإصابة الطفل بعيوب في النطق والكلام سيؤثر على نظرة الآخرين إليه ، ويقلل من قيمته ، ويؤثر في مستقبله 0


• ما هي الأسباب التي تجعل الإنسان يتعثر في النطق ؟

هناك ثلاث حالات تجعل الإنسان يتعثر في نطقه في الأحوال العادية ، وهي :

1ـ عندما يكون الإنسان خائفا 0

2ـ عندما يكون اللفظ قاصرا عن الآداء ، مما يجعل الفرد يتعثر في النطق 0

3ـ عندما تكون حصيلته اللغوية قليلة 0

والتعثر في هذه الحالات شيء طبيعي ، ولا يعتبر حالة مرضية ، لأنه ليس صفة مستمرة 0 أما تعثر النطق الذي يصاحب الكلام دوما فهو المشكلة ، والتي غالبا ما تكون نتيجة خجل وقلق وخوف مكبوت 0


• أهم عيوب النطق والكلام :

1ـ العيوب الإبدالية الجزئية ( اللثغ ) : وفيها يستبدل المصاب حرفا واحدا من الكلمة بحرف آخر ، مثل :

استبدال حرف الغين بحرف الراء ، فيقول ( تمغين ) بدلا من ( تمرين ) ، أو حرف الثاء بحرف السين ، فيقول ( ثبورة ) بدلا من ( سبورة ) 0


2ـ العيوب الإبدالية الكلية : وفيها يستبدل المصاب الكلمة كلها بكلمة مغايرة ، مثل قوله : ( كوسة ) ويقصد ( جاموسة ) 0

3ـ اللجلجة في الكلام ( الفأفأة أو التلعثم ) : وهو تكرار حرف واحد مرات عدة دون مبرر لذلك مثل قوله لكلمة ( فول ) فيرددها ( ففففففول ) ، أو كلمة ( وردة ) فيقولها :

( وووردة ) وهكذا0 وتجد هذه المشكلة ( اللجلجة ) بنسب مختلفة باختلاف الأعمار والبيئات 0 ويرجع الكثير من علماء النفس والأطباء هذا الاضطراب ، إلى إفراط الوالدين في رعاية الطفل وتدليله الزائد ، مما يثير وغيرتهم منه وحقدهم عليه ، والشقاء العائلي 0

ويرافق اللجلجة حركات إرتعاشية ، مثل : تحريك الكفين أو اليدين ، أو الضغط بالقدمين ، أو إرتعاش رموش العين ، أو الميل بالرأس للخلف أو الجنب ، إضافة لحوث تشنج موقفي على شكل احتباس الكلام ثم سرعة وانفجار فيه 0

واللجلجة أكثر عيوب النطق شيوعاً بين الأطفال ، وأسبابها معقدة ، ولكن النظرية القائلة بأن أساسها ومنشأها يرجعان إلى عوامل نفسية هي أكثر النظريات العلمية شيوعاً وقبولا 0



ولعل أهم العوامل التي ترجع إليها الإصابة بمرض اللجلجة هو ما يشعر به المريض من قلق نفسي وانعدام الشعور بالأمن والطمأنينة منذ طفولته المبكرة ، ويمكننا أن نتبين أثر القلق وانعدام الأمن عند الطفل من الأثر الانفعالي الذي يعاني منه عندما يتكلم فلأنه يشعر بالقلق فإنه يصبح متوترا لذلك يتلعثم ويتلكأ في إخراج الكلام بصورة تامة نتيجة لتخوفه المواقف التي يخشى مواجهتها ، أو عندما يكون في صحبة أشخاص غرباء ، وبمرور الأيام يتعود الطفل اللجلجة وقد يزداد معه الشعور بالنقص وعدم الكفاءة 0


والواقع فإن الطفل الذي يعاني من اللجلجة يستطيع التكلم بطلاقة في بعض الأحيان عندما يكون هادئ البال أو أن يكون بمعزل عن الناس إن مثل هذه المواقف تخلو تماماً من الخوف والاضطرابات الانفعالية التي يعاني منها عندما يضطر إلى الكلام في مواجهة بعض الأشخاص وعلى الأخص ممن يتهيبهم 0

وقد دلت كثير من البحوث العلمية على أن الأسباب الأساسية للقلق النفسي الذي يكمن وراء اللجلجة تتلخص في إفراط الأبوين ومغالاتهم في رعاية وتدليل الطفل أو محاباته وإيثاره على إخوته ، أو العكس كأن يفتقر الطفل إلى عطف الأبوين ، أو العيش في جو عائلي يسوده الشقاق والصراع بين أفرادها أو لتضارب أساليب التربية أو لسوء التوافق والإخفاق في التحصيل المدرسي 0

وقد يكون سبب اللجلجة عند بعض الأطفال هو عدم تمكنهم من اللغة بالقدر الذي يجعلها طوع أمرهم وفي متناولهم ، فيؤدي تزاحم الأفكار بسبب قصور ذخيرتهم اللغوية واللفظية إلى اللجلجة 0 وقد يكون سبب اللجلجة أحيانا أن الطفل يتكلم في موضوع لا يهمه أو يعنيه أو لا يفهمه معتمداً على الحفظ الآلي وبذلك تكون اللجلجة وسيلته كلما ضاع منه اللفظ المناسب 0


4ـ عسر الكلام أو ( العي ) :

وفيه يستغرق المريض فترة صمت في بدء الكلام رغم ظهور محاولاته للنطق ، ثم يعقب ذلك النطق الإنفجاري السريع ، وهو حالة يعجز الفرد فيها عن النطق بأي كلمة بسبب توتر العضلات الصوتية وجمودها ، ولذلك نرى الفرد الذي يعاني من العي يبدو كأنه يبذل مجهوداً خارقاً حتى ينطق بأول كلمة في الجملة فإذا تم له ذلك يندفع كالسيل حتى تنتهي الجملة ثم يعود بعدها إلى نفس الصعوبة حتى يبدأ الجملة الثانية وهكذا 0


ومن الثابت علمياً أن أغلب حالات العي أو عسر الكلام أسبابها نفسية وإن كان بعضها تصاحبه علل جسمية كالتنفس من الفم ، أو اضطرابات في الجهاز التنفسي أو تضخم اللوزتين أو لحمية في الأنف إلى غير ذلك 0


وكثير من حالات العي تبدأ في أول الأمر في شكل لجلجة وحركات إرتعاشية متكررة تدل على المعاناة من اضطرابات انفعالية واضحة ثم يتطور الأمر بعد ذلك إلى العي الذي يظهر فيه حالات التشنج التوقفي ، ويبدو على المريض أعراض المعاناة والضغط على الشفتين وتحريك الكفين أو اليدين ، أو الضغط بالقدمين على الأرض أو الإتيان بحركات هستيرية في رموش وجفون العينين وكلها أعراض تدل على الصعوبة التي يعاني منها المريض عند محاولة الكلام خصوصاً في المواقف الاجتماعية الصعبة . وواقع الأمر فإن الحركات العشوائية وغير العشوائية والهستيرية التي يأتيها المريض إنما يهدف منها إلى أن تساعده على التخلص من عدم القدرة على الكلام والتخلص أساسا من التوتر النفسي الذي يعوقه عن إخراج الكلام 0


5ـ الخمخمة في الكلام : وهو خروج الكلام من الأنف كما يقال 0


6ـ السرعة الزائدة أثناء الكلام أو أثناء القراءة :

وهو التحدث بسرعة ، ونقص الزمن المستغرق في الكلام ، أو في القراءة عن الزمن الطبيعي ، وهذا ناتج غالبا عن اضطراب في التنفس 0

7ـ التلعثم : يقصد بالتلعثم عدم قدرة الطفل على التكلم بسهولة فتراه يتهته ، ويجد صعوبة في التعبير عن أفكاره فتارة ينتظر لحظات حتى يتغلب على خجله ، وأخرى يعجز تماما عن النطق بما يجول في خاطره 0

والتعلثم ليس ناشئاً عن عدم القدرة على الكلام فالمتلعثم يتكلم بطلاقة وسهولة في الظرف المناسب أي إذا كان يعرف الشخص الذي يكلمه ، أو إذا كان أصغر منه سناً أو مقاماً 0

وأول ما يشعر به المتلعثم هو شعور الرهبة أو الخجل ممن يكلمه فتسرع نبضات قلبه ويجف حلقه ويتصبب عرقاً ، فيتمنى لو أمكن أن يملك عواطفه ويستعيد هدوءه حتى يتابع الكلام في سهولة 0 ويبدأ التلعثم عادة في سن الطفولة ، وقد يشفى الطفل منه ولكن يعاوده من جديد إذا أصيب بصدمة نفسية حتى ولو كان مضى على شفائه سنين عديدة 0 والطفل إذا شعر بهذا النقص نشبت في نفسه حرب داخلية للتغلب عليه ، ومما يزيده بؤسا ملاحظات من حوله على طريقة كلامه أو تعمد إحراجه 0


وقد ينشأ التلعثم عن واحد أو أكثر من الأسباب التالية :

أ ـ قد تتقلص عضلات الحنجرة نتيجة خوف أو رهبة فتحجز الكلمات قبل خروجها ولا يقوى الطفل على النطق بأي كلمة أو يقول أأأ ـ ولا يستمر أكثر من ذلك حتى يزول خوفه وتتفتح حنجرته 0

ب ـ قد لا يتنفس الطفل تنفساً عميقاً قبل بدء الكلام فينطق بكلمة أو كلمتين ثم يقف ليتنفس ويستمر كذلك بين تكلم واستراحة فيكون كلامه متقطعاً 0

ج ـ قد يتنفس الطفل تنفساً عميقاً قبل الكلام ولكنه يسرف في استعمال الهواء الموجود في رئتيه فيستنفده في بضع كلمات 0

د ـ قد يكون التوازن معدوماً بين عضلات الحنجرة واللسان والشفتين فينطق بأحد الحروف قبل الآخر ، أو يدغم الحروف بعضها في بعض 0

بقى أن نشير إلى أن الطفل المتلعثم والذي لديه اضطرابات في النطق والكلام يكون في الفصل المدرسي موقفه صعب للغاية فهو يدرك عدم قدرته على التعبير بفصاحة ووضوح عما يخالج نفسه ، ويجد لذلك أمامه طريقين إما أن يصمت ولا يجيب عن أسئلة المعلم ، وإما أن يبذل جهده ليعبر عما في نفسه وهو يعلم أن أقرانه في الفصل يتغامزون عليه 0


أسباب اضطرابات النطق والكلام :

هناك العديد من العوامل التي تتسبب في حدوث هذه الاضطرابات ومنها ما يلي :

1ـ أسباب عضوية : كنقص أو اختلال الجهاز العصبى المركزى واضطراب الأعصاب المتحكمة فى الكلام أو إصابة المراكز الكلامية فى المخ بتلف أو نزيف أو ورم أو مرض عضوى 0

2ـ أسباب جسمية وعصبية : ومنها ، تشوه الأسنان ، والضعف الجسمي العام ، وإنشقاق الشفه العليا ، ووجود زوائد أنفية ، ونقص السمع الذي يجعل الطفل عاجزاً عن التقاط الأصوات الصحيحة للألفاظ ، وتضخم اللوزتين 0 ويؤكد بعض العلماء ، وخاصة ( ماس وكوب ) على أن هناك تلفا في بعض أجزاء المخ ، وخاصة في مناطق الكلام ، نتيجة لولادة متعسرة أو الإصابة ببعض الأمراض 0

3ـ سوء التغذية 0

4ـ الضعف العقلى و تأخر النمو 0

5ـ أسباب نفسية : وهي كثيرة ومتنوعة ومنها : القلق ، والخوف ، والتوتر النفسي ، والشعور بالنقص ، والصراعات النفسية اللاشعورية بسبب التربية الخاطئة ، وفقدان الثقة بالنفس نتيجة الفشل المتكرر 0

ويرى بعض علماء التحليل النفسي أن التأتأة هي قلق مكبوت مرتبط بالمخاوف المتعلقة بالمسائل *****ية 0 كما يرى ( دونلاب Dunlap ) أنها تحدث مع الألفاظ البذيئة ، وما يرتبط بها 0 و التدليل الزائد و الإستجابة لرغباته دون أن يتكلم فيكفى أن يشير أو أن يعبر بحركة ما أو بكلمة مبتورة فتلبى رغبته ، وقلق الآباء واستعجالهم مما يجعلهم يدفعونه دفعاً للكلام قبل الأوان ، والتأخر الدراسي والإخفاق في التحصيل ، والإنطوائية و الكسل وعدم التوافق بين الأبوين والشجار الدائم بينهما 0


2ـ العوامل الوراثية : حيث يؤكد العالمان ( ماس وكوب ) ، أن هذه الاضطرابات أكثر شيوعا بين الأفراد الذين عانى أحد والديهم أو أقاربهم عيوبا كلامية 0 ومن المحتمل أن تكون الوراثة عاملا ممهدا للإصابة 0

3ـ أسباب أخرى ، مثل : التحدث مع الطفل فى موضوع لا يفهمه فلا يجد ما يعبر به فتكون اللجلجة وسيلة كلما ضاع منه اللفظ المناسب ، وعدم تصويب أخطاء الطفل اللفظية بل وتشجيعه عليها ، فيقول : مرضان بدلا من رمضان ، ويقول أنا آكل لا بدلاً من :
أنا لا آكل ، نشأة الطفل بين من يعانون من عيوب النطق فتلحق به ، وتعليمه لغة أخرى غير العربية قبل سن السادسة فينشأ عنه تداخل اللغات فيفكر بلغة و يتحدث بأخرى و لا يستقيم لسانه عندما ينطق بلغته ولا يشعر بالتجاوب مع الأخرين 0 ويرى البعض أن أسبابها هو تقليد الطفل لآخرين 0


• الآثار الناتجة عن عيوب النطق والكلام :

الآثار التي تتركها الاضطرابات في النطق والكلام متنوعة وعديدة ومنها :

1ـ تعرض الطفل للسخرية والاستهزاء من الآخرين 0

2ـ ظهور ثورات من الغضب والانفعال ، كرد فعل انتقامي لسخرية الآخرين منه 0

3ـ حرمان المصاب من بعض الفرص الوظيفية والمهنية المرغوبة 0

4ـ الشعور بالنقص ، والخجل والحرمان من فرص النجاح والزواج 0

5ـ يواجه مشكلات أثناء تعليميه ، خاصة إذا كان المعلم غير مؤهل للتعامل مع طلاب لديهم مشكلات واضطرابات عيوب النطق والكلام 0

6ـ في بعض المواقف لا يستطيع أن يبدي رأيه بالشكل المطلوب ، ولا يستطيع الدفاع عن حقوقه ، وهذا قد يؤدي إلى ردود فعل عكسية 0







• علاج اضطراب النطق والكلام :

هناك عدة طرق وأساليب لعلاج هذه الاضطرابات ومنها :

1ـ العلاج النفسي : الذي يهدف إلى علاج مشكلات الطفل النفسية ، من خجل وقلق وخوف ، وصراعات لا شعورية ، وذلك لتقليل الأثر الانفعالي والتوتر النفسي للطفل ، كذلك لتنمية شخصيته ووضع حد لخجله وشعوره بالنقص ، مع تدريبه على الأخذ والعطاء حتى نقلل من ارتباكه 0

والواقع فإن العلاج النفسي للأطفال يعتمد نجاحه على مدى تعاون الآباء والأمهات لتفهمهم للهدف منه ، بل يعتمد أساسا على درجة الصحة النفسية لهم 0 وعلى الآباء معاونة الطفل الذي يعاني من هذه الاضطرابات بأن يساعدوه على ألا يكون متوتر الأعصاب أثناء الكلام حساساً لعيوبه في النطق ، بل عليهم أن يعودوه على الهدوء والتراخي وذلك بجعل جو العلاقة مع الطفل جوا يسوده الود والتفاهم والتقدير والثقة المتبادلة 0

كما يجب على الآباء والمعلمين أيضاً محاولة تفهم الصعوبات التي يعاني منها الطفل نفسياً سواء في المدرسة أو في الأسرة كالغيرة من أخ له يصغره أو الحنق على أخ له يكبره ، أو اعتداء أقران المدرسة عليه ، أو غير ذلك من الأسباب ، والعمل على معالجتها وحمايته منها لأنها قد تكون سبباً مباشراً أو غير مباشر فيما يعانيه من صعوبات في النطق 0

وقد يستدعي العلاج النفسي تغيير الوسط المدرسي بالانتقال إلى مدرسة أخرى جديدة إن كانت هناك أسباب تؤدي إلى ذلك 0 كما يراعى عدم توجيه اللوم أو السخرية للطفل الذي يعاني من أمراض الكلام سواء من الآباء أو الأمهات أو المعلمين أو الاقران 0


2ـ العلاج الكلامي : وهو علاج ضروري ومكمل للعلاج النفسي ويجب أن يلازمه في أغلب الحالات 0 ويتلخص في تدريب المريض ـ عن طريق الاسترخاء الكلامي والتمرينات الإيقاعية وتمرينات النطق ـ على التعليم الكلامي من جديد بالتدريج من الكلمات والمواقف السهلة إلى الكلمات والمواقف الصعبة ، وتدريب جهاز النطق والسمع عن طريق استخدام المسجلات الصوتية 0


ثم تدريب المريض لتقوية عضلات النطق والجهاز الكلامي بوجه عام 0 والقصد من أن يلازم العلاج النفسي العلاج الكلامي هو أن مجرد علاج اللجلجة أو العي أو غيرهما من أمراض الكلام إنما نعالج الأعراض دون أن نمس العوامل النفسية التي هي مكمن الداء ، ولذلك فإن كثيرين ممن يعالجون كلاميا دون أن يعالجوا نفسيا ينتكسون بمجرد أن يصابوا بصدمة انفعالية ، أو أنهم بعد التحسن يعودون إلى اللجلجة وتسوء حالتهم من جديد دونما سبب ظاهري ، كما أنهم عادة يكونون شخصيات هشة ليست لديهم القدرة على التنافس مع أقرانهم سواء في المدرسة أو في وسطهم العائلي 0

ونوجه نظر الآباء والمربين بعدم التعجل في طلب سلامة مخارج الحروف والمقاطع في نطق الطفل ، ذلك لأن التعجيل والإصرار على سلامة مخارج الحروف والمقاطع والكلمات من شأنه أن يزيد الطفل توتراً نفسياً وجسمياً ويجعله يتنبه لعيوب نطقه ، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة ارتباكه ويعقد الحالة النفسية ويزيد اضطراب النطق0

مع مراعاة أن سلامة مخارج الألفاظ والحروف والمقاطع في نطق أي طفل يعتمد أساساً على درجة نضجه العقلي والجسمي ، ومدى قدرته على السيطرة على عضلات الفم واللسان ، وقدرته على التفكير ، وفوق كل ذلك درجة شعوره بالأمن والطمأنينة أو مدى شعوره بالقلق النفسي 0
3ـ العلاج التقويمي : ويتم ذلك بوسائل وتمارين خاصة تستخدم فيها آلات وأجهزة توضع تحت اللسان 0


4ـ العلاج الاجتماعي : ويهدف إلى تعديل اتجاهات المصاب الخاطئة ، والمتعلقة بمشكلته ، كاتجاهه نحو والديه ، ورفاقه ، وعلاج البيئة المحيطة بالطفل ، مثل المعاملة ، وتوفير الحاجات الخاصة به 0

5ـ العلاج الجسمي : التأكد من أن المريض لا يعاني من أسباب عضوية خصوصا النواحي التكوينية والجسمية في الجهاز العصبي ، وكذلك أجهزة السمع والكلام ، وعلاج ما قد يوجد من عيوب أو أمراض سواء كان علاجاً طبياً أو جراحياً 0

6ـ العلاج البيئي : يقصد بالعلاج البيئي إدماج الطفل المريض في نشاطات اجتماعية تدريجياً حتى يتدرب على الأخذ والعطاء وتتاح له فرصة التفاعل الاجتماعي وتنمو شخصيته على نحو سوي ، ويعالج من خجله وانزوائه وانسحابه الاجتماعي ، ومما يساعد على تنمية الطفل اجتماعياً العلاج باللعب والاشتراك في الأنشطة الرياضية والفنية وغيرها 0

هذا كما يتضمن العلاج البيئي ارشادات للآباء القلقين إلى أسلوب التعامل السوي مع الطفل كي يتجنبوا إجباره على الكلام تحت ضغوط انفعالية أو في مواقف يهابها ، إنما يتركون الأمور تتدرج من المواقف السهلة إلى المواقف الصعبة مع مراعاة المرونة لأقصى حد حتى لا يعاني من الإحباط والخوف وحتى تتحقق له مشاعر الأمن والطمأنينة بكل الوسائل 0


وهذه آخر النصائح للآباء وهي :

1ـ قم بعرض الطفل على طبيب متخصص لعلاجه إن كان السبب عضوياً 0

2ـ تحفيظ الطفل القرآن الكريم وعلى الأقل السورالقصار منه كى يستقيم لسانه و يصح نطقه للحروف 0

3ـ الاهتمام بتغذية الطفل 0

4ـ التوسط بين القسوة الزائدة والتدليل الزائد 0

5ـ الانتظار حتى ينطق الطفل بما يريد و يعبر عنه بما شاء وعندما ينطق ينبغي تحمله والصبر عليه خاصة عندما يجد مشقة فى التعبير عن نفسه أو عمن حوله 0

6ـ لا سخرية ولا ضحك على كلمة غريبة ينطقها الطفل لئلا يصاب بإحباط و خوف من أن يخطئ فيكون منه بعد ذلك ألا ينطق أمام أحد بشيء و لكن ينبغي أن نبث الثقة و الطمأنينة في نفسه 0

7ـ ينبغي عدم التحدث مع الطفل في موضوع أكبر من إدراكه لا يفهمه ولا يستطيع التعبير عنه 0

8ـ مشاركة الطفل لأقران فى مثل سنه يخرجه من الانطوائية ويساعده على اكتساب مهارات النطق السليم 0

9ـ إمداد الطفل بشرائط الكاسيت التى بها أناشيد و أشعار للصغار باللغة العربية الفصحى ، وكذلك إمداده بقصص ومجلات الطفل ، ويطلب منه التعبير عما سمعه أو قرأه بطريق غير مباشر ويشجع بجائزة كلما فعل ذلك 0

10ـ الاستماع إلى الطفل باهتمام وإعطاؤه العناية الكافية حتى يعبر عن نفسه بمنطقه هو هو لا بمنطق الكبار

11ـ تدريب الطفل على الاسترخاء و التحدث ببطء 0

12ـ التوصية الدائمة من الآباء للمدرسين بالمدرسة لخلق الجو الصالح للطفل بحيث لا يشعر بالحرج سواء عند الإجابة على أسئلة المدرسين وتسميع الدروس أو عند التحدث مع زملائه0

ضيف الله مهدي
21 -11- 2006, 09:47 PM
الحلقة السادسة :
المشكلات الانفعالية :


هناك الكثير من المشكلات المتعلقة بالنمو الانفعالي للطفل ، والتي تظهر عنده خلال مراحل نموه ، بحيث تستمر وتتعقد مما يستدعي الاهتمام وعلاجها ، ومن تلك ، الغضب ، والغيرة ، والخوف والخجل 0 وسوف نذكرها هنا 0
1ـ الغضب :

عند الأطفال يظهر الغضب بمظاهر عدة ، والغضب في السنة الأولى يأخذ نشاطا غير موجه ، مثل :

الصراخ ، والارتماء على الأرض ، والرفس ، والعض ، أما في السنة الرابعة ، فيتمثل في الاجتجاج اللفظي ، والتهديد ، والقذف ، أما في التاسعة والعاشرة فيعبر الطفل عن غضبه بالمقاومة السلبية مع التمتمة ببعض الألفاظ والثورة 0

والأسباب المؤدية للغضب عند الأطفال هي :

فقد الطفل للعبه ، وعدم اهتمام الوالدين به ، وعدم تحقيق حاجاته ، واللوم له أو إغاظته ، أو تكليفه بأعمال فوق طاقته ، أو التدخل الزائد في شؤونه 0


وتعتبر ثورات الغضب شيئا شائعا بين الأطفال ، إلا أننا نجد بعض الأطفال إذا غضبوا لازمتهم الكآبة والعبوس ، وهذه الفئة من الأطفال يتعرضون لاختلال في صحتهم النفسية ، حيث يبقى غضبهم بشكل مكبوت دون ثورة أو تعبير ، ويبقى على شكل هواجس مرضية قد تدفعه للإنطواء والضيق ، والانحرافات السلوكية 0



2ـ الغيرة :

الغيـرة هي العامل المشترك فى الكثير من المشاكل النفسية عند الأطفال ويقصد بذلك الغيرة المرضية التي تكون مدمرة للطفل والتي قد تكون سبباً في إحباطه وتعرضه للكثير من المشاكل النفسية. والغيرة أحد المشاعر الطبيعية الموجودة عند الإنسان كالحب ، ويجب أن تقبلها الأسرة كحقيقة واقعة ولا تسمح في نفس الوقت بنموها ، فالقليل من الغيرة يفيد الإنسان ، فهي حافز على التفوق ، ولكن الكثير منها يفسد الحياة ، ويصيب الشخصية بضرر بالغ ، وما السلوك العدائي والأنانية والارتباك والانزواء إلا أثراً من آثار الغيرة على سلوك الأطفال .


ولا يخلو تصرف طفل من إظهار الغيرة بين الحين والحين ، وهذا لا يسبب إشكالا إذا فهمنا الموقف وعالجناه علاجاً سليماً. أما إذا أصبحت الغيرة عادة من عادات السلوك وتظهر بصور مستمرة فإنها تصبح مشكلة ، ولاسيما حين يكون التعبير عنها بطرق متعددة والغيرة من أهم العوامل التي تؤدى إلى ضعف ثقة الطفل بنفسه ، أو إلى نزوعه للعدوان والتخريب والغضب.

والغيرة شعور مؤلم يظهر في حالات كثيرة مثل ميلاد طفل جديد للأسرة ، أو شعور الطفل بخيبة أمل في الحصول على رغباته ، ونجاح طفل آخر في الحصول على تلك الرغبات ، أو الشعور بالنقص الناتج عن الإخفاق والفشل .

والواقع أن انفعال الغيرة انفعال مركب ، يجمع بين حب التملك والشعور بالغضب ، وقد يصاحب الشعور بالغيرة إحساس الشخص بالغضب من نفسه ومن إخوانه الذين تمكنوا من تحقيق مآربهم التي لم يستطع هو تحقيقها .

وقد يصحب الغيرة كثير من مظاهر أخرى كالثورة أو التشهير أو المضايقة أو التخريب أو العناد والعصيان ، وقد يصاحبها مظاهر تشبه تلك التي تصحب انفعال الغضب في حالة كبته ، كاللامبالاة أو الشعور بالخجل ، أو شدة الحساسية أو الإحساس بالعجز ، أو فقد الشهية أو فقد الرغبة في الكلام 0



الغيرة والحسد :

ومع أن هاتين الكلمتين تستخدمان غالبا بصورة متبادلة ، فهما لا يعنيان الشيء نفسه على الإطلاق ، فالحسد هو أمر بسيط يميل نسبياً إلى التطلع إلى الخارج ، يتمنى فيه المرء أن يمتلك ما يملكه غيره ، فقد يحسد الطفل صديقه على دراجته وتحسد الفتاة المراهقة صديقتها على طلعتها البهية.

فالغيرة هي ليست الرغبة في الحصول على شيء يملكه الشخص الأخر ، بل هي أن ينتاب المرء القلق بسبب عدم حصوله على شيء ما 0 فإذا كان ذلك الطفل يغار من صديقه الذي يملك الدراجة ، فذلك لا يعود فقط إلى كونه يريد دراجة كتلك لنفسه بل وإلى شعوره بأن تلك الدراجة توفر الحب رمزاً لنوع من الحب والطمأنينة اللذين يتمتع بهما الطفل الأخر بينما هو محروم منهما، وإذا كانت تلك الفتاة تغار من صديقتها تلك ذات الطلعة البهية فيعود ذلك إلى أن قوام هذه الصديقة يمثل الشعور بالسعادة والقبول الذاتي اللذين يتمتع بهما المراهق والتي حرمت منه تلك الفتاة.

فالغيرة تدور إذا حول عدم القدرة على أن نمنح الآخرين حبنا ويحبنا الآخرون بما فيه الكفاية ، وبالتالي فهي تدور حول الشعور بعدم الطمأنينة والقلق تجاه العلاقة القائمة مع الأشخاص الذين يهمنا أمرهم 0

والغيرة في الطفولة المبكرة تعتبر شيئاً طبيعيا حيث يتصف صغار الأطفال بالأنانية وحب التملك وحب الظهور ، لرغبتهم في إشباع حاجاتهم ، دون مبالاة بغيرهم ، أو بالظروف الخارجية ، وقمة الشعور بالغيرة تحدث فيما بين 3 – 4 سنوات ، وتكثر نسبتها بين البنات عنها بين البنين 0

والشعور بالغيرة أمر خطير يؤثر على حياة الفرد ويسبب له صراعات نفسية متعددة ، وهى تمثل خطراً داهما على توافقه الشخصي والاجتماعي ، بمظاهر سلوكية مختلفة منها التبول اللا إرادي أو مص الأصابع أو قضم الأظافر ، أو الرغبة في شد انتباه الآخرين ، وجلب عطفهم بشتى الطرق ، أو التظاهر بالمرض ، أو الخوف والقلق ، أو بمظاهر العدوان السافر 0


ولعلاج الغيرة أو للوقاية من آثارها السلبية يجب عمل الآتي :

1ـ التعرف على الأسباب وعلاجها 0

2ـ إشعار الطفل بقيمته ومكانته فى الأسرة والمدرسة وبين الزملاء 0

3ـ تعويد الطفل على أن يشاركه غيره فى حب الآخرين 0

4ـ تعليم الطفل على أن الحياة أخذ وعطاء منذ الصغر وأنه يجب على الإنسان أن يحترم حقوق الآخرين 0

5ـ تعويد الطفل على المنافسة الشريفة بروح رياضية تجاه الآخرين 0

6ـ بعث الثقة في نفس الطفل وتخفيف حدة الشعور بالنقص أو العجز عنده 0

7ـ توفير العلاقات القائمة على أساس المساواة والعدل ، دون تميز أو تفضيل على آخر ، مهما كان جنسه أو سنه أو قدراته ، فلا تحيز ولا امتيازات بل معاملة على قدم المساواة 0

8ـ تعويد الطفل على تقبل التفوق ، وتقبل الهزيمة ، بحيث يعمل على تحقيق النجاح ببذل الجهد المناسب ، دون غيرة من تفوق الآخرين عليه ، بالصورة التي تدفعه لفقد الثقة بنفسه0

9ـ تعويد الطفل الأناني على احترام وتقدير الجماعة ، ومشاطرتها الوجدانية، ومشاركة الأطفال في اللعب وفيما يملكه من أدوات 0

10ـ يجب على الآباء الحزم فيما يتعلق بمشاعر الغيرة لدى الطفل ، فلا يجوز إظهار القلق والاهتمام الزائد بتلك المشاعر ، كما أنه لا ينبغي إغفال الطفل الذي لا ينفعل ، ولا تظهر عليه مشاعر الغيرة مطلقاً 0

11ـ في حالة ولادة طفل جديد لا يجوز إهمال الطفل الكبير وإعطاء الصغير عناية أكثر مما يلزمه ، فلا يعط المولود من العناية إلا بقدر حاجته ، وهو لا يحتاج إلى الكثير ، والذي يضايق الطفل الأكبر عادة كثرة حمل المولود وكثرة الالتصاق الجسمي الذي يضر المولود أكثر مما يفيده. وواجب الآباء كذلك أن يهيئوا الطفل إلى حادث الولادة مع مراعاة فطامه وجدانياً تدريجياً بقدر الامكان، فلا يحرم حرماناً مفاجئاً من الامتياز الذي كان يتمتع به 0

12ـ يجب على الآباء والأمهات أن يقلعوا عن المقارنة الصريحة واعتبار كل طفل شخصية مستقلة لها استعداداتها ومزاياها الخاصة بها 0

13ـ تنمية الهوايات المختلفة بين الأخوة كالموسيقى والتصوير وجمع الطوابع والقراءة وألعاب الكمبيوتر وغير ذلك 0 وبذلك يتفوق كل في ناحيته ، ويصبح تقيمه وتقديره بلا مقارنة مع الآخرين 0

المساواة فى المعاملة بين الابن والابنة ، لآن التفرقة في المعاملة تؤدى إلى شعور الأولاد بالغرور وتنمو عند البنات غيرة تكبت وتظهر أعراضها في صور أخرى في مستقبل حياتهن مثل كراهية الرجال وعدم الثقة بهم وغير ذلك من المظاهر الضارة لحياتهن 0

14ـ عدم إغداق امتيازات كثيرة على الطفل المريض ، فأن هذا يثير الغيرة بين الأخوة الأصحاء ، وتبدو مظاهرها فى تمنى وكراهية الطفل المريض أو غير ذلك من مظاهر الغيرة الظاهرة أو المستترة 0

3ـ الخوف وضعف الثقة بالنفس : والخوف منه ما يكون طبيعيا ( عاديا ) ، ومنه ما يكون مرضيا ( الرهاب ) ، وقد ذكرت المخاوف في أثناء كلامي عن الأعصبة 0

والمخاوف تقسم حسب واقعيتها ومثيراتها إلى قسمين :

أ ـ مخاوف حسية واقعية 0
ب ـ مخاوف وهمية ذاتية 0

والمخاوف عند الأطفال مرتبطة بمثيرات محددة ، والأقسى والأشد أن يخاف الابن من والده عندما يجلس أمامه ، والابن يصرخ ، والوالد يضحك مما يترك آثارا سيئة في علاقة الأب بالإبن 0 ومما يقوي ويدعم الخوف في نفس الطفل استثارته لحفظ النظام أو لدفعه للقيام بعمل ما أو منعه من القيام باللعب والركون للهدوء ، وهذا يدفع الطفل للإقلاع عن ذلك خوفا من العقاب 0

ويظهر عند الأطفال الخوف من الموت ، ويحدث هذا عندما يعيش الطفل من كبار يخافون أو يخاف أحدهم من الموت بشكل ملفت 0 وقد يكون سببه موت طفل قريب أو صديق له ، فمثل هذا الموت يترك أثرا في نفسه ويهز ثقته بنفسه ، إضافة إلى ذلك فهناك أيضا الخوف من الظلام ، والقلق العام 0 ويرتبط بموضوع الخوف ، ضعف الثقة بالنفس عند الأطفال ، وضعف الروح الاستقلالية ، ومن مظاهرها :

التردد ، واضطراب الكلام ، والانكماش والخجل ، والعزلة 0

وينتج ضعف الثقة بالنفس وما يرتبط به من صفات نفسية ، بسبب أساليب التربية القاسية ، والأوامر والنواهي ، أو كلما قام بعمل ونشاط ما ، فلا يلاقي إلا الرفض ، فعندما يلمس أو يفحص شيء ما يجد المعارضة من الكبار ، فالمنع والزجر ، والضرب ، والتقييد تجعله في حالة قلق دائم وتفقده ثقته بنفسه 0








4ـ الخجل :

وهو شكل من أشكال الخوف الاجتماعي Social Phobia ، وتتكون بداية الخجل عند الطفل نتيجة مبالغة الأهل في تقريع الطفل وزجره ، فيعتاد الطفل بصورة لا شعورية الانزواء والإنطواء والحد من التفاعل والتواصل مع الآخرين حتى يبتعد عن التنديد واللوم 0
إن الطفل الذي لا تتاح له فرصة التفاعل الاجتماعي ، لا يكتسب المهارات الاجتماعية اللازمة مع الآخرين ، ويصبح ضعيف الثقة في علاقته بالأفراد خارج منزله حتى يتجنب القلق الناتج عن السلوك الاجتماعي بالانسحاب من تلك المواقف 0

• أسباب الخجل :
من العوامل المسببة للخجل ما يلي :

أ ـ التقليد : حيث يكتسب الطفل الخجل عن طريق تقليده للأم 0
ب ـ التعليم المباشر والمقصود للأباء : وهذا يحدث بسبب الدلال ومنع الطفل من الانخراط والتفاعل مع المواقف الاجتماعية 0
ج ـ قد يكون الخجل أسلوبا شاذا حتى يتخلص الطفل من قلق يعانيه هو0

• عناد الأطفال :

العناد ظاهرة شائعة لدى الأطفال و هي تعبير عن الرفض للقيام بعمل ما ولو كان مفيداً أو الانتهاء عن عمل ما و إن كان خاطئا ، و يتميز العناد بالإصرار و عدم التراجع حتى في حالة الإكراه و القسر يبقى الطفل محتفظاً برأيه و موقفه و لو داخلياً. و يعتبر العناد من النزعات العدوانية و هو سلوك سلبي و تمرد ضد الوالدين و انتهاكاً لحقوق الآخرين و هو محصلة للتصادم بين رغبات الطفل و طموحاته و أوامر الكبار و نواهيهم ...

من الجدير بالذكر أن العناد قد يظهر و يختفي تحت ظروف معينة و في مواقف معينة. فقد يظهر في البيت و يختفي في المدرسة و العكس صحيح 0 و هنا يكون الطفل واعياً و مرد كاص لسلوكه العنادي و لكنه يفعل ذلك لتحقيق رغبة أو هدف ما ، وحالما يحقق ما يريد فإنه يتخلى عن عناده 0

و عندما يكون العناد مستشرياً و سمة قوية للطفل فإن ذلك قد يكون نواة لاضطراب في الشخصية و هو ما نسميه اضطراب الشخصية السلبية العدوانية 0

الطفل قبل السنتين لا يملك الاستقلالية الكافية فهو يعتمد على والديه بشكل كبير جداً ، لذلك لا تظهر عليه السلوكيات العنادية بشكل واضح ، فيما عدا بعض الممانعة ،و لكن ذلك لا يعد عناداص لأن العناد موقف و سلوك ينبني على الإحساس بالاستقلالية الجزئية من جانب الطفل و نمو تصوراته الذهنية. فيقوم بممارسة هذه الاستقلالية بالرفض و الاحتجاج و الممانعة و إبداء الرأي المخالف 0


و بالرغم من أنم العناد قد يأخذ مكانه عند سن الثالثة إلا أنه قد يلازم بعض الأطفال حتى سن المراهقة 0 و في الغالب لا يتم ظهوره بعد سن المراهقة إن لم يظهر قبل ذلك. و قد وجدت الدراسات أنه ينتشر بنسبة 15-22% بين أطفال المرحلة الابتدائية و هو في هذه السن أكثر انتشاراً بسن الذكور منه بين الإناث و لكن النسبة تتساوى بعد ذلك 0

و لعل العناد يظهر بشكل جلي عند مرحلتي الانفصال (حوالي عمر سنتين و عند بلوغ سن المراهقة) 0

أشكال العناد :

أشكال العناد عبارة عن درجات غير منفصلة تظهر عند تعامل الطفل مع الكبار أو رفاقه و لكنها قد لا تظهر في جلسات التقويم النفسي و المقابلة الشخصية 0

عناد التصميم و الإرادة يعتبر نوع محمود يجب تشجيعه و دعمه و مثال ذلك عندما يحاول الطفل على إصلاح لعبته مثلاً و يصر على ذلك مهما منعه الكبار 0
لكن عندما يكون العناد ضرب من الرعونة كأن يصر الطفل على الذهاب لشراء جزمة صباح الجمعة أو يصر على زيارة صديق في وقت غير مناسب أو مشاهدة فلم تلفزيوني و قد حان وقت نومه فإن ذلك يعتبر على النقيض عناد يفتقد لتقدير الأمور و الوعي الكافي لإدراك الصح و الخطأ و لا يجب الاستسلام له 0


و قد تزيد درجة العناد لدى الطفل فيعاند نفسه لغيظه من أمه فيرفض الطعام و هو جائع و يرفض لعبة و هو يريدها و ما إلى ذلك ... هذه المكابرة تولد صراعاً بين رغبتي الطفل في الاستمرار في موقفه و بين اشتياقه لما عرض عليه 0 و هذا الصراع ينتهي بالتنازل عند محاولة الكبار في حله 0 أما حين يعتاد الطفل العناد كسلوك راسخ و صفة ثابتة في شخصيته ، فإن ذلك قد يؤدي إلى اضطراب شديد في السلوك و الانفعالات و العلاقة مع الآخرين بسبب النزوع للمشاكسة و الخلاف مع الناس من حوله بسبب او بدون سبب.


هذا الشكل من العناد درجة مرضية و تحتاج لاستشارة المختصين لعلاجها 0 و أيضاً فقد يكون سبب العناد خللاً فسيولوجيا مثل إصابات الدماغ و التخلف العقلي 0

أسباب العناد:

عندما تكون توقعات الكبار و طلباتهم من الطفل بعيدة عن الواقع و غير مناسبة لقدراته و امكاناته ينتج عن ذلك شعور بالفشل. و عندما يصر الكبار على قناعاتهم و توقعاتهم يبدأ الطفل بالرفض كسلوك عنادي. وهو في الحقيقة لا يعاند الكبار و لكنه يرفض الوقوع في الفشل الذي يصر الكبار من حوله على الوقوع فيه غير آبهين بمشاعر الخوف و الإحباط عنده. و هو في هذه الحالة أفضل منهم في تقدير إمكاناته و ما يمكنه فعله 0

و ليس من الغريب أن تختلط الحقيقة بالخيال عند الأطفال ، فيتشبث الطفل بموقف غير واقعي ضرباً عرض الحائط برأي الكبار مما ينشا عنه نوع من العناد نتيجة لهذا التصادم 0 وقد يقلد الطفل أمه أو أباه في الإصرار على رأيهم و عدم التنازل مهما حاول معهما أسلوب الإقناع و الحوار الهادئ عندما يطلبان منه شيئاً ما و ذلك ما يعرف بأسلوب التعلم بالمحاكاة 0 و هذا يستلزم منا كآباء و أمهات أن لا نعتمد الحدة و العنت على حساب الحوار المنطقي و النقاش المقنع 0

و لعل الطفل أحياناً يحاول ممارسة توكيد ذاته بالإصرار على موقفه و العناد 0 و إذا كان هذا القدر من الفعل أو رد الفعل غير مبالغ فيه فلا بأس من التساهل معه و تشجيعه لتعليم الطفل كيف يكون قوي الإرادة 0 و هناك متسع من الوقت ليتعلم الطفل أن العناد و التحدي ليس الطريقة المثلى لتحقيق المكاسب و هذه مرحلة نمائية تالية 0 و هكذا يتعلم الطفل من خلال سلسلة من المراحل الإطار الواقعي للتعامل مع النفس و مع الآخرين 0 و لعلنا نحن من يدفع الطفل للعناد أحياناً بانتهاج الأسلوب الصارم الجاف من الأوامر و النواهي 0

و هذا أسلوب ترفضه الفطرة التي تحب الرجاء و الاحترام 0 لذلك فإن الطفل يتذمر من التضييق عليه فترة من الزمن ثم ينتقل بعد ذلك إلى الرفض و التحدي كرد فعل لهذا الأسلوب من التعامل 0 و الحماية الزائدة من جهة تجعل الطفل يشعر بالعجز و الاعتمادية على والديه معطلاً قدراته هو 0 و قد يرفض ذلك بنوع من العناد للخروج من دائرة الحماية و الوصاية و الحصول على قدر أكبر من الحرية 0 وهذا الشعور بالعجز قد يكون حقيقياً نتيجة إعاقة معينة أو خبرات طفلية مر بها خلال حياته مما يولد لديه رغبة في العناد و تحدي الواقع أو الذات أو الآخرين 0 و أخيراً فإننا قد نعزز السلوك العنادي بلا إذعان له و تشجيعه بالمكاسب التي يمي لها الطفل ، إما خوفاً عليه أو لإنهاء الموقف ، و هنا يتعلم الطفل أن مزيداً من الإصرار سيجبل له التنازلات و المكاسب 0

ضيف الله مهدي
21 -11- 2006, 09:49 PM
يتبع الحلقة السادسة :
علاج العناد:

الأطفال يتسمون بالاختلاف أكثر من الكبار ، ولذلك لا بد من تقويم كل حالة على حدة و فهم الأسباب و ما عساه قد يكون مساهماً في نشوء هذا السلوك العنادي 0 ومن الأساليب المفيدة توقيع العقاب المناسب على الطفل فور عناده لأن ما يناسب طفلاً قد لا يناسب آخر و ما سيفيد في وقت ما قد لا يفيد في وقت آخر 0 المهم عدم تأجيل العقاب بهدف إعطاء فرصة يراجع فيها الطرفان نفسيهما ، ليستأنف الحوار بعد ذلك بأسلوب أكثر هدوءاً و إقناعا 0

و معاملة الطفل العنيد ليست أمراً سهلاً لذلك لا بد من التحلي بالصبر و عدم اليأس و الاستسلام للأمر الواقع بحجة أن الطفل عنيد و رأسه ناشفة 0 كذلك لا بد من الثبات في المعاملة فالاستسلام أحياناً يعلم الطفل فنيات الإصرار و العناد 0

و من المعتاد أن يقال للطفل أو يذكر أمامه انه طفل عنيد أو أن فلان شاطر فهو ليس عنيد 0 هذا النوع من القول يؤكد للطفل العناد و يرسخه فيه مهما قلنا له أن العناد سيئاً. كما انه من المهم عدم صياغة الطلب بأننا نتوقع الرفض لأن ذلك يعطيه خياراً بالرفض و يشجعه عليه 0 و على النقيض فإن إرغام الطفل على الطاعة العمياء بدلاً من دفء المعاملة و المرونة يجعله يلجأ للعناد للخلاص من العبودية والحصول على حريته. لذلك فمن المهم أن نغض الطرف عن الأمور البسيطة و نبدي التسامح أحياناً 0

و أخيراً فإن أسلوب الحوار و الإقناع بعد توقيع العقاب الناتج عن العناد أمر مهم لتعليم الطفل كيف يكون مقنعاً لا عنيداً أرعناً لا يمتلك القدرة على التعامل بهدوء و روية 0


العدوان

يعتبر السلوك العدواني أحد الخصائص التي يتصف بها كثير من الأطفال المضطربين سلوكيا وانفعاليا ، ومع أن العدوانية تعتبر سلوكا مألوفا في كل المجتمعات تقريبا ، إلا أن هناك درجات من العدوانية ، بعضها مقبول ومرغوب كالدفاع عن النفس ، والدفاع عن حقوق الآخرين وغير ذلك 0 وبعضها غير مقبول ويعتبر سلوكا هداما ومزعجا في كثير من الأحيان 0 من هذا المنطلق فقد انصب اهتمام الباحثين على دراسة هذا السلوك ، وذلك لأن النتائج المترتبة عليه تعد أكثر خطرا على المجتمع من النتائج المترتبة على نتائج السلوكيات الأخرى التي يتصف بها المضطربون سلوكيا وانفعاليا 0


تعريف السلوك العدواني :

هو أي سلوك يعبر عنه بأي رد فعل يهدف إلى إيقاع الأذى أو الألم بالذات أو بالآخرين ، أو إلى تخريب ممتلكات الذات أو ممتلكات الآخرين ، فالعدوان سلوك وليس انفعالا أو حاجة أو دافعا 0

أشار كل من ( ميلر ودنفر ) 1982 إلى أن هناك خمسة محكات أساسية نستطيع من خلالها تعريف العدوانية وتحديدها ، وهذه المحكات هي :ـ


1ـ نمط السلوك 0
2ـ شدة السلوك 0
3ـ درجة الألم أو التلف الحاصل 0
4ـ خصائص المعتدي 0
5ـ نوايا المعتدي 0


مظاهر السلوك العدواني :

يأخذ العدوان الأشكال الرئيسية التالية :

1ـ العدوان الجسدي :
ويقصد به السلوك الجسدي المؤذي الموجه نحو الذات أو الآخرين ، ويهدف إلى الإيذاء أو إلى خلق الشعور بالخوف ، ومن الأمثلة على ذلك : الضرب ، والدفع ، والركل ، وشد الشعر ، والعض 000 إلخ 0 وهذه السلوكيات ترافق غالبا نوبات الغضب الشديدة 0

2ـ العدوان اللفظي :
ويقف عند حدود الكلام الذي يرافق الغضب ، والشتم ، والسخرية ، والتهديد 000 إلخ 0 وذلك من أجل الإيذاء أو خلق جو من الخوف ، وهو كذلك يمكن أن يكون موجها للذات أو للآخرين 0

3ـ العدوان الرمزي :
ويشمل التعبير بطرق غير لفظية عن احتقار الأفراد لآخرين أو توجيه الإهانة لهم ، كالامتناع عن النظر إلى الشخص الذي يكن العداء له ، أو الامتناع عن تناول ما يقدمه له ، أو النظر بطريقة ازدراء وتحقير 0

وقد يأخذ العدوان شكلين آخرين وهما :

1ـ العدوان الاجتماعي :
ويشمل الأفعال المؤذية التي تهدف إلى ردع اعتداءات الآخرين 0

2ـ العدوان اللاجتماعي :
ويشمل الأفعال المؤذية التي يظلم بها الإنسان نفسه أو يظلم غيره 0
وقد يكون العدوان مباشر أو غير مباشر 00

فالعدوان المباشر هو : الفعل العدواني الموجه نحو الشخص الذي أغضب المعتدي فتسبب في سلوك العدوان 0

أما العدوان غير المباشر فيتضمن الاعتداء على شخص بديل ، وعدم توجيهه نحو الشخص الذي تسبب في غضب المعتدي ، وغالبا ما يطلق على هذا النوع من العدوان اسم العدوان البديل 0


وقد يكون العدوان متعمدا أو غير متعمد :

فالعدوان المتعمد :
يشير إلى الفعل الذي يقصد من ورائه إلحاق الأذى بالآخرين 0

أما العدوان غير المتعمد :
فيشير إلى الفعل الذي لم يكن الهدف منه إيقاع الأذى بالآخرين ، على الرغم من أنه قد انتهى عمليا بإيقاع الأذى أو إتلاف الممتلكات 0


ويميز علماء النفس كذلك بين نوعين من العدوان وهما :

1ـ العدوان المعادي 0
2ـ العدوان الوسيلي 0

فالعدوان المعادي :
موجه نحو الآخرين بهدف إلحاق الأذى والضرر بهم فقط 0

أما العدوان الوسيلي :
فيقوم به الطفل بدافع الحصول على شيء ما ، أو استرداد شيء ما ، وعادة ما يقوم الطفل بهذا النوع من العدوان عندما يشعر أن هناك ما يعترض سبيل تحقيقه لهدفه 0


كما يذكر البعض ثلاثة أنواع من العدوان تلاحظ لدى الطلبة وهي :ـ
1ـ عدوان ناتج عن استفزاز حيث يدافع الطالب عن نفسه ضد اعتداء أقرانه 0
2ـ عدوان ناتج عن غير استفزاز : حيث يهدف الطالب من خلاله إلى السيطرة على أقرانه أو إزعاجهم أو إغاظتهم أو التسلط عليهم 0
3ـ عدوان مصحوب بنوبة غضب ، ويلجأ الطالب من خلاله إلى تحطيم الأشياء من حوله ، ويبدو هنا كأنه لا يستطيع أن يضبط غضبه 0


وأخيرا ، لا بد أن هنا من الإشارة إلى العدوان السلبي ، وهو العدوان الناتج عن التمرد على السلطة من أهل ومعلمين ، حيث يشعر الطالب بأنهم ظالمون مستبدون ، وأنه قد أسيئت معاملته من قبل هؤلاء المتحكمين ، وهنا يخاف الطالب من الانتقام بشكل مباشر من مصادر السلطة ، فليجأ إلى إظهار هذا العدوان على شكل خداع مبطن ، كأن يتعمد إحضار الكتاب الخاطيء إلى الصف ، أو تجاهل الواجبات المدرسية ، إو إضاعة السطر أثناء القراءة ، أو مقاطعة المعلم بشكل متكرر من أجل الذهاب إلى دورة المياه 000 إلخ 0

أمّا ( باترسون وآخرون ) فقد وصفوا أشكال السلوك العدواني كالتالي :ـ

1ـ السب والاستهزاء ، كأن يذكر الفرد الوقائع أو المعلومات بلجهة سلبية 0

2ـ التحقير ، وهو إطلاق العبارات والشتائم التي تنتقص من قيمة الطرف الآخر وتجعله موضعا للسخرية والضحك 0

3ـ الاستفزاز بالحركات ، كالركض في الغرفة أو الخبط على الأرض بقوة 0

4ـ السلبية الجسدية ، كمهاجمة شخص لآخر لإلحاق الأذى به 0

5ـ التدمير ، وهو تدمير أشياء لآخرين وتخريبها 0

6ـ التزمت بالآراء وطلب الإذعان الفوري من شخص آخر دون مناقشة 0


أسباب العدوانية :

اهتم علماء النفس بالعدوان وحاولوا تفسيره رغم اختلاف مدارسهم واتجاهاتهم ، وعلى الرغم من هذا الاهتمام إلا أن تفسيرات علماء النفس حول هذا السلوك متباينة ، ويرجع هذا التباين إلى الأطر النظرية التي تعتمد عليها كل نظرية أو مدرسة من مدارس علم النفس 0

1ـ النظرية السلوكية :
تنظر إلى السلوك العدواني على أنه سلوك تتعلمه العضوية ، فإذا ضرب الولد شقيقه مثلا وحصل على ما يريد ، فإنه سوف يكرر سلوكه العدواني هذا مرة أخرى لكي يحقق هدفا جديدا 0 من هنا ، فالعدوان هو سلوك يتعلمه الطفل لكي يحصل على شيء ما 0

2ـ نظرية التحليل النفسي :
يرى فرويد صاحب هذه المدرسة ، أن سلوك العدوان ما هو إلا تعبير عن غريزة الموت ، حيث يسعى الفرد إلى التدمير سواء تجاه نفسه أو تجاه الآخرين ، حيث إن الطفل يولد بدافع عدواني ، وتتعامل هذه النظرية كذلك مع سلوك العدوان بأنه استجابة غريزية وطرق التعبير عنها متعلمة ، فهي تقول : بأنه لا يمكن إيقاف السلوك العدواني أو الحد منه من خلال الضوابط الاجتماعية أو تجنب الإحباط ، ولكن ما نستطيع عمله فقط هو تحويل العدوان وتوجيهه نحو أهداف بناءة بدلا من الأهداف التخريبية والهدامة 0


3ـ النظرية الفسيولوجية :

يعتبر ممثلو الاتجاه الفسيولوجي أن السلوك العدواني يظهر بدرجة أكبر عند الأفراد الذين لديهم تلف في الجهاز العصبي ( التلف الدماغي ) ، ويرى فريق آخر بأن هذا السلوك ناتج عن هرمون التستستيرون حيث وجدت الدراسات بأنه كلما زادت نسبة هذا الهرمون في الدم ، زادت نسبة حدوث السلوك العدواني 0

4ـ نظرية الإحباط :

ترى هذه النظرية أن سلوك العدوان ينتج عن الإحباط ، أي أن الإحباط هو السبب الذي يسبق أي سلوك عدواني ، فالإنسان عندما يريد تحقيق هدف معين ويواجه عائقا يحول دون تحقيق الهدف ، يتشكل لديه الإحباط الذي يدفعه إلى السلوك العدواني ، لكي يحاول الوصول إلى هدفه أو الهدف الذي سيخفف عنده من مقدار الإحباط ، وقد يكون هذا الإحباط ناتجا عن المعاقبة الشديدة غير الصحيحة للعدوان في المنزل ، مما يسبب ظهور خارج المنزل 0 مع هذا ، فقد تبين بشكل واضح أن هذه النظرية غير كافية لتفسير جميع السلوكيات العدوانية 0

5ـ نظرية التعلم الاجتماعي :

ترى هذه النظرية بأن الأطفال يتعلمون سلوك العدوان عن طريق ملاحظة نماذج العدوان عند والديهم ومدرسيهم ورفاقهم ، حتى النماذج التلفزيونية 00 ومن ثم يقومون بتقليدها ، وتزيد احتمالية ممارستهم للعدوان إذا توفرت لهم الفرص لذلك 0 فإذا عوقب الطفل على السلوك المقلد فإنه لا يميل إلى تقليده في المرات اللاحقة ، أما إذا كوفيء عليه فسوف يزداد عدد مرات تقليده لهذا السلوك العدواني ، هذه النظرية تعطي أهمية كبيرة لخبرات الطفل السابقة ولعوامل الدافعية المرتكزة على النتائج العدوانية المكتسبة ، والدراسات تؤيد هذه النظرية بشكل كبير ، مبينة أهمية التقليد والمحاكاة في اكتساب السلوك العدواني ، حتى وإن لم يسبق هذا السلوك أي نوع من الإحباط 0


العلاج المقترح للطفل العدواني :

1ـ اشتراكه في إحدى الرياضات التي ممكن أن تفرغ الطاقة الموجود فيه ولكن عليك اختيار مدرب يستطيع التعامل مع الأطفال ويعلمه أهمية الرياضة ومتى يستخدمها 0

2ـ حاولي أن توسعي له دائرة صداقاته ليشعر انه محبوب 0

3ـ دعيه يمارس هواياته كالرسم واستخدام الحاسوب 0

4ـ إعطاءه الوقت الكافي ليعبر عن ذاته 0

5ـ راقبي تصرفاته واعرفي الظروف التي يظهر بها العدوان 0

6ـ استخدام التدعيم الإيجابي المستمر ، لكل سلوك ليس فيه عدوان 0

7ـ افهميه على الآثار السلبية للسلوك العدواني عليه وعلى أخوته وأصحابه 0

ضيف الله مهدي
22 -11- 2006, 09:07 PM
الحلقة السابعة :
السلوك الجنسي غير الملائم Sexual Misbehavior :

للغريزة الجنسية أهمية شديدة في حياة الإنسان ، والرأي السائد يرى أن هناك دوافع كالسيطرة والتملك والوالدية ، ولما كانت الغريزة الجنسية أكثر الدوافع خضوعا للكبت والمقاومة فهي أكثرها تعرضا للشذوذ في مظاهرها 0

وقد تحدث ( فرويد ) عن مراحل النمو النفسجنسي ( الفمية ، والشرجية ، والقضيبية ، والكمون ، والبلوغ ، والجنسية ) وذكر أن الدافع الجنسي موجود عند الطفل منذ ولادته ، وأن مظاهر هذا الدافع تختلف من مرحلة إلى لأخرى 0 ومن المشكلات الجنسية أو السلوك الجنسي غير المناسب ، العادة السرية ( الاستمناء ) ، واللعب الجنسي ، وانحراف الأدوار الجنسية ، إضافة إلى الانحرافات التي ذكرتها عندما تحدثت عن السلوك اللااجتماعي 0


1ـ العادة السرية ( الاستمناء ) :
وهي من العادات أو الممارسات التي تنتشر بين المراهقين ذكورا وإناثا ، إلا أن الحساسية الجنسية عند البنين مركزة في الأعضاء التناسلية ، أما في البنات فهي عامة وموزعة على مساحة كبيرة من سطح الجسم 0 وصغار الأطفال يكتشفون في وقت مبكر أن هناك شعورا ممتعا يمكن الحصول عليه عن طريق لمسهم ومداعبتهم لأعضائهم التناسلية 0

وقد بينت دراسة ( كنزي Kinsy ) أن 94% من الذكور يمارسون هذه العادة خلال مرحلة المراهقة 0 ويظهر ضرر العادة السرية في المبالغة بممارستها بكثرة ، أو بشكل غير مناسب ، كأن يمارسها المراهق لأنه لا يملك مصادر أخرى للإستمتاع بالحياة ، أو لأنه يشعر بأنه غير مرغوب فيه أو غير محبوب من قبل الوالدين ، أو أنه يشعر بالوحدة وعدم الكفاءة بالمدرسة 0 إن الآثار النفسية التي تخلفها هذه العادة هي الصراع النفسي الذي يعانيه الفرد ، هذا الصراع بين الرغبة في الممارسة ، وتأنيب الضمير وما يترتب عليه من شعور بالخطيئة 0

وعلى العموم فالعادة السرية ليست مشكلة مستقلة بذاتها كما يذكر ( د 0 عبد الله ، 2001 ) ولا يجوز معالجتها بشكل مفرد وإنما ضمن إطار الشخصية كلها ، وما تعانيه من أعراض وانفعالية ، ويجب إتباع طرق تنمية الميول والهوايات عند الطفل والمراهق ، وصرف الانتباه باللعب المسلية والتفهم 0



2ـ اللعب الجنسي والاستكشاف الجنسي :
مظهران من مظاهر النمو الطبيعي ، مثل : العادة السرية ، وقد يؤدي حب الاستطلاع الجنسي بالأولاد والبنات إلى النظر للأجسام العارية للآخرين ولمسها وبعض الألعاب ، ويتضمن السلوك الجنسي للأطفال قبل المراهقة استجابات متنوعة ، مثل الألفاظ ، والعرض الجنسي ، وتشير دراسات ( كينزي ) إلى أن 50% من الأولاد قاموا بشكل من أشكال الألعاب الجنسية المثلية قبل البلوغ 34% ، ذكروا أنهم قاموا بألعاب جنسية غيرية ، وهي بين البنات أقل منها بين الذكور 0


ومن الأسباب المؤدية لهذا السلوك غير المناسب ، حب الاستطلاع والغموض والمنع المرتبطين بالجنس ، وضغط الرفاق ، ونشاطات الوالدين الجنسية بالمنزل 0

3ـ إنحراف الأدوار الجنسية :
حيث تظهر لدى الأولاد سلوكيات أنثوية متطرفة ، ولدى البنات سلوكيات ذكرية 0 ويقترن هذا الانحراف بارتفاع مستوى القلق وتدني اعتبار الذات ، وعدم التقبل الاجتماعي 0 إن الطفل يكتسب الهوية الجنسية Gender Identity ( الشعور بأنه ولد أو بنت ) من خلال التنشئة الاجتماعية ، وما يسمى بعملية التطبيع الجنسي Sex Typing حيث يتعلم الطفل المعايير الجنسية للدور 0


• المظاهر السلوكية التي تعبر عن إنحراف الدور الجنسي :


1ـ أن يعبر الولد عن تفضيله للجنس الآخر بقوله : أنا بنت ، وأرغب عندما أكبر أن أصبح أما ولدي طفل 0

2ـ أن يرتدي الولد الذكر ملابس الجنس الآخر ( والعكس بالنسبة للبنت ) 0

3ـ أن تظهر عند الطفل ميول كميول الجنس الآخر من حيث الألعاب والأنشطة 0

وقد بينت بعض الدراسات أن من أسباب هذا الانحراف نشأة الأولاد في مرحلة ما قبل المدرسة ببيوت بدون آباء ، أو يغيب فيها الآباء فترة طويلة ، حيث تظهر لديهم ميول واتجاهات أنثوية كما أن رغبة الآباء في الحصول على طفل ذكر إذا لم يرزق بطفل ذكر تدفع البنت أن تتصرف وكأنها ولد ، أو العكس 0

• المضاعفات والآثار السلبية للانحرافات الجنسية :

الغرائز هي قوى داخلية مجهولة تدفع الإنسان نحو سلوك معين 0 وتعتمد قوة هذه الغرائز على عدة عوامل منها ما هو مرتبط بعامل الوراثة وتركيبة الجسم كالهرمونات وإفرازات الغدد على سبيل المثال ، ومنها ما يرتبط بالمحيط الاجتماعي بما في ذلك الأساليب التربوية ومستوى الوعي والثقافة والالتزام الديني وما إلى ذلك من أمور 0
وتعتبر الغريزة الجنسية من أقوى الغرائز لدى الإنسان حيث أنها إما أن تحمل على الصحة النفسية والفكرية والجسدية ، أو تبعث على خلق حالة من الاختلال في معادلة التوازن النفسي ، وما يتبع ذلك من تأثيرات جسيمة وفكرية وغيرها . يقول دوجلاس توم :
"إن كثيرا من أنواع الصراعات العقلية والشذوذ النفسي التي نشاهدها اليوم لدى الكبار والصغار على حد سواء ترجع بصورة مباشرة إلى المواقف والخبرات السيئة في الأمور الجنسية. وليس هناك قوة في الدنيا وفي الحياة الفعلية بأجمعها أكثر من تلك القوة إلحاحا في سبيل الظهور في أي شكل من الأشكال، كما أنه ليست هناك أية قوة غيرها تلقى من عنت الجماعة والفرد والأسرة في التضييق على حريتها وإحاطتها بالقيود قدر ما تلقى الميول الجنسية من عنت وتقييد" 0



• أبرز هذه الأضرار والمضاعفات للانحرافات الجنسية :

وتتمثل في التالي :

1ـ الأضرار الصحية :
تترك الأمراض الجنسية أو تلك المتناقلة عن طريق الجنس بصمات وآثار ليست بالهينة على الجانبين الصحي والاجتماعي 0 فهي من جهة تفقد المجتمع طاقات بشرية ووحدات منتجة ، ومن جهة أخرى تؤدي إلى تهديد عملية التوازن البيئي وبقاء الكائن الإنساني لما تتسبب به من الموت المحتوم الذي لا تنجو منه حتى الأجنة والأطفال الرضع ، أو في أخف حالاتها تتسبب في حدوث عاهات وأمراض مزمنة وخطيرة 0



1ـ مرض نقص المناعة المكتسبة (الأيدز ) :

الأيدز ، أو مرض نقص المناعة المكتسبة هو وباء اكتشف للمرة الأولى في أوائل الثمانينات في أوساط الشاذين جنسيا في الولايات المتحدة الأمريكية 0 وكلمة (الأيدز) هي اختصار للاسم الكامل باللغة الإنجليزية (Acquired Immuno-Deficiency Syndrome)، كما يعرف نفس المرض في الأوساط الفرنسية باسم سيدا (SIDA) اختصارا للتسمية الفرنسية للمرض (Syndrome Immuno-Deficiency Acquise). أما المسبب لهذا المرض فهو جرثومة فيروسية تعرف بفيروس نقص المناعة البشرية (Human Immuno-Deficiency Virus – HIV)، التي تغزو الجسم بالعدوى وتحرره من جهاز مناعته المكتسبة لتجعله عرضة للأمراض التي لا يقوى على مقاومتها ، وتكون النتيجة الحتمية بالتالي هي الموت المحتوم 0

ويعود تاريخ اكتشاف الأيدز – كما أسلفنا – إلى أوائل الثمانينات من القرن الماضي ، وبالتحديد في عام 1981م عندما شُخص المرض على أنه حالة تصيب المواطنين في كليفورنيا ونيويورك 0

وفي عام 1983م تمكن علماء فرنسيون من تحديد الفيروس المسبب لهذا المرض وأطلقوا عليه اسم (LAV) في حين أطلق عليه الأمريكيون اسم (HTCV III)، ثم تحول إلى (HIV)، أي فيروس نقس المناعة المكتسبة عند الإنسان ، وهي التسمية الرسمية المستخدمة في الأوساط الطبية اليوم 0

وبالرغم من تكثيف الأبحاث لم يتمكن العلماء بعد من تحديد المصدر الحقيقي لهذا الفيروس ، إلا أن ما أمكن تأكيده هو أنه جرثومة فيروسية بدأت تصيب الإنسان بأعراضها المعروفة في السبعينات أو ربما قبل ذلك 0


وقد أظهرت أول الإحصائيات أنه منذ عام 1981م وحتى 1985م قد تم تسجيل 70 ألف حالة مرضية ، إلا أن هذا العدد أخذ في التزايد ليصبح 300 ألف حالة ما بين العام 1986م و 1988م وكان قرابة المليون ونصف حالة بنهاية 1990م. وتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 70% من حالات الأيدز تنتشر بين متعاطي الجنس المثلي (اللوطيين) يليهم متعاطو المخدرات ثم نقل الدم ، وأقلها على الإطلاق ممارسة الجنس الطبيعي المشروع
0 وتكمن خطورة هذا المرض في أنه يصيب جميع فئات الناس بدون تمييز ابتداءً من الجنين وانتهاءً بالكهل 0 وتعتبر المعاشرة الجنسية والملامسات الدموية التي من بينها نقل الدم حتى تحت الإشراف الطبي من أبرز وسائط انتشار هذا المرض0

2ـ التهاب الكبد الوبائي ـ اليرقان التناسلي:
التهاب الكبد الوبائي (Viral Hepatitis) هو عبارة عن اصفرار لون الجلد والعينين نتيجة تعطل وظيفة الكبد بسبب الالتهاب الذي يحدث في أليافه وخلاياه على أثر دخول الجرثومة الفيروسية المسببة للمرض إلى الكبد 0 وتسبب هذا المرض ثلاثة أنواع من الفيروسات تصنف المرض في ثلاث فئات هي :

أ ـ التهاب الكبد الوبائي (أ ) : والذي ينتقل عن طريق الفم واللعاب وبنسب ضئيلة جدا عن طريق الدم والجنس 0

ب ـ التهاب الكبد الوبائي (ب) : وهو أكثر أنواع هذا المرض انتشارا 0 وتلعب المعاشرة الجنسية دورا هاما في نقله وانتشاره 0 كذلك يمكن لهذا الفيروس أن ينتقل عن طريق الاتصال بالدم الملوث عند استعمال الإبر والحقن بصورة غير سليمة كما هو الحال بين متعاطي المخدرات أو حتى عن طريق نقل الدم تحت الإشراف الطبي 0 أي أنه يماثل مرض الأيدز في وسائط الانتقال 0

ج ـ التهاب الكبد الوبائي (ج) : ويعرف أيضا بالتهاب الكبد غير (أ) أو (ب ) وقد حصل هذا النوع من الالتهابات أول مرة عند المرضى الذين أجريت لهم عمليات نقل دم 0 وفي هذه الحالة تكون الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي دون وجود أي من الفيروسات السابقة الذكر( أ/ب). ولا تزال الأبحاث جارية والمعلومات قيد الجمع والترتيب حول طبيعة هذا المرض 0 والظاهر لحد الآن أن هذا النوع ينتشر من خلال المعاشرة الجنسية وملامسة الدم الملوث تماما كما يحدث في حالات التهاب الكبد (أ) و (ب ) 0


3ـ داء الزهري / السفلس:
يعود اكتشاف داء الزهري (Syphilis) إلى القرن الخامس عشر الميلادي عندما لاحظ كريستوفر كولمبوس انتشاره بين بحارته ، ثم ما لبث هذا الوباء أن انتشر في جميع أنحاء أوربا لدرجة أنه لم يترك حتى ملوك فرنسا كشارل السابع وفرانسو الأول وفيليب الثاني 0

وأول من حاول سبر أغوار هذا (السر العجيب) كان العالم الألماني شودين وزميله هوفمان ، حيث تمكنا من اكتشاف المسبب الرئيسي للزهري والذي هو عبارة عن جرثومة متناهية الصغر لولبية الشكل يمكنها العيش لأكثر من خمسين سنة في الدم 0 وقد أطلقا على هذه الجرثومة اسم اللولبيات الشاحبة (Treponema Pallidum) وتدخل الجراثيم المسببة للزهري من خلال الخدوش التي تحدث في البشرة أو في مناطق الأعضاء التناسلية مهما كانت هذه الخدوش صغيرة ، وقد أظهرت الإحصاءات أنه في 90% من الحالات كان عامل الانتقال هو المعاشرة الجنسية في حين كان 8% بسبب التقبيل و2% بسبب استخدام الفناجين والأكواب والشوك وأدوات الحلاقة ..الخ 0

وحسب الإحصائيات الرسمية لمنظمة الصحة العالمية ، يصاب في بريطانيا وحدها في كل عام شخص واحد بهذا المرض بين كل 12 ألف شخص، 90% منهم من اللوطيين 0 ويشكل الزهري خطرا كبيرا على المرأة الحامل وعلى الجنين في نفس الوقت 0

ففي فترة الحمل تنتقل اللولبيات الغازية من دم الأم إلى دم الجنين عبر المشيمة فتتسبب في إحدى الحالات التالية:

أ ـ الإجهاض الزهري (Syhilitic Abortion) 0
ب ـ حدوث الولادة قبل موعدها المحدد بشهرين أو ثلاثة بصورة غير طبيعية 0
ج ـ موت الجنين في رحم أمه في الشهر السابع أو أكثر وبالتالي ولادته متعفنا ، هذا إذا لم يسبب حالة من التسمم لأمه 0
د ـ ولادة الطفل حاملا لمرض الزهري ، وهنا قد ينجح العلاج الفوري المكثف كما أنه قد يفشل فيموت الطفل في أسابيعه أو أشهره الأولى 0 وإذا قدر له أن يبقى على قيد الحياة فإنه سيعاني من الضعف الجسمي والعقلي ويكون حاملا لعاهات أو أمراض مختلفة كالطرش أو انخراط الحاجز الأنفي أو ما إلى ذلك 0


4ـ السيلان الزهري (التعقيبة ) :
السيلان الزهري أو التعقيبة (Neiserria Gonorroeae) أو ما يعرف في المجتمع البحريني باللهجة الدارجة (الغرر) ، هو مرض تناسلي معروف منذ قديم الزمان تسببه جرثومة الغونوكوكاي (Gonococci) الشهيرة 0 ويحتل هذا المرض في الوقت الحالي من حيث الانتشار مكان الصدارة في لائحة الأمراض المتناقلة عبر المعاشرة الجنسية 0 ويعود تاريخ السيلان الزهري إلى ما قبل القرن الخامس قبل الميلاد 0

وقد تعرض لذكره ووصفه شيخ الأطباء أبقراط ووصف أعراضه وعواقبه وذلك في القرن الخامس عشر قبل الميلاد 0 كما تعرض إلى ذكره أطباء روما القديمة على أثر انتشار الإباحية الجنسية والشذوذ الجنسي في تلك الحقبة الزمنية قبيل سقوط الإمبراطورية الرومانية وانحلالها 0 ولا يزال هذا المرض يحتل قائمة الصدارة في عصرنا الحالي ليتقدم على غيره من الأمراض الزهرية من حيث الانتشار 0

جدير بالذكر أن أغلب المصابين بهذا المرض هم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15-28 سنة 0 ففي الولايات المتحدة الأمريكية يتراوح عدد الحالات المسجلة رسميا ما بين أربعة وخمسة ملايين حالة ، أما في البرازيل فتسجل يوميا حوالي 20 ألف حالة جديدة ، وفي فرنسا يقدر عدد المصابين سنويا بحوالي 500 ألف رجل وامرأة وطفل ، أما في بريطانيا فيصاب شخص واحد بين كل ألف شخص بهذا المرض الذي يحدث بانتشار أكبر بين الأشخاص الذين يمارسون المعاشرة الجنسية مع أطراف متعددة ، كما أن ثلثي المصابين هم من الذكور 0

ورغم عدم وجود إحصائيات لهذا المرض في العالم العربي إلا أن المقالات الطبية المنفردة تؤكد تضاعف حالات الإصابة وبالأخص في الربع الأخير من القرن الماضي نتيجة دخول الفكر الإباحي إلى المجتمعات العربية تأثرا بالحضارة الغربية 0

5ـ مرض العشاق ـ داء القبلة ( المونونيوكليوز) قد يكون في هذه التسمية لمرض المونونيوكليوز بعض الظلم للعشاق ولكن ليست هذه هي الفكرة في التسمية ، فلقد أطلق على هذا المرض (مرض العشاق) أو (داء القبلة) لأنه ثبت علميا أن الجرثومة الفيروسية المسببة له والمعروفة باسم (إبتساين بار Epstein-Bar) تنتقل بالعدوى من شخص لآخر عن طريق الفم واللعاب والقبلة الطويلة ، إلا أن هذا لا يعني أن القبلة وحدها هي الناقل لهذه الجرثومة 0 وتصاب نسبة كبيرة من المصابين بهذا المرض تصل إلى 85% بالالتهابات في الكبد والمخ والجهاز العصبي بشكل عام.

كما يلاحظ من خلال التحاليل المختبرية ارتفاع عدد كريات الدم البيضاء بصورة حادة حيث يصل عددها حوالي الخمسين ألفا في حين أن تعدادها الطبيعي في حدود العشرة آلاف 0

وقد يتأثر القلب والمفاصل في بعض الحالات بسبب السموم المتواجدة في الدم فيشعر المريض بآلام مختلفة في هذه المناطق 0 وتبقى الجرثومة عالقة في الفم إلى سنتين أو ثلاث حتى بعد الشفاء الظاهري لهذا المرض 0 أي أن المصاب يلعب في هذه المرحلة دور الناقل النشط إلى الآخرين إذا ما مارسوا عادة التقبيل معه 0


2ـ الأضرار النفسية والذهنية والعصابية : تصاحب المشكلات الصحية التي يتعرض لها المنحرفون جنسيا مجموعة من المشكلات النفسية والعصابية والتي يأتي على رأسها الهوس والجنون والوسواس المرضي 0 ويمكن تلخيص أبرز المشكلات النفسية التي يتعرض لها هؤلاء الأشخاص في ما يلي :


1ـ تنشأ في نفس المنحرف حالة من الصراع النفسي بين المرغوب والمحظور نتيجة إدراكه التام لكون ممارسته ممارسة غير مقبولة دينيا واجتماعيا وأخلاقيا ، فتبعث في نفسه حالة من عدم الاستقرار النفسي 0
2ـ تؤدي حالة عدم الاستقرار النفسي إلى خلق حالة من الاضطراب فتعطل قدرة الشخص عن اتخاذ القرارات السليمة، ما يعود بالضرر المباشر عليه وعلى المجتمع المحيط 0


3ـ تنشأ في نفس الشخص حالة من عدم التوازن ما يؤدي إلى حدوث حالة من القلق المستمر0

4ـ تتطبع شخصية المنحرف بضعف الثقة بالنفس وبالآخرين، الأمر الذي يعيق عملية الاندماج والتكيف الاجتماعي السليم 0


5ـ تؤدي حالة انعدام الثقة في النفس وفي الآخرين إلى ظهور وتعزز الغيرة المرضية التي تنعكس سلبا على قدرة المنحرف على إقامة علاقة زوجية طبيعية، وكذلك هو الحال بالنسبة للعلاقات الاجتماعية الأخرى0

6ـ من بين الأمراض النفسية التي تظهر على المنحرف الوسواس المرضي والخوف المستمر وغيرها من الحالات التي تعتبر مظهرا من مظاهر عدم الاستقرار أو الاختلال النفسي 0

ضيف الله مهدي
22 -11- 2006, 09:11 PM
تابع الحلقة السابعة :
3ـ الأضرار الاجتماعية :
كما هو واضح من الأضرار النفسية الآنفة الذكر ، نلاحظ أن الشخص المنحرف ونتيجة حالة عدم الاستقرار النفسي وما ينتج عن هذه الحالة من آثار ومضاعفات، يكون عاجزا عن العيش بصورة طبيعية في محيطه الاجتماعي 0

لذا فإننا نرى أن المنحرفين في الغالب يشكلون تجمعات وتكتلات تعاني من حالة الإقصاء من قبل المحيط الاجتماعي 0

وتبعث حالة الإقصاء هذه في الغالب على الاستمرار في حالة الانحراف انتقاما من المجتمع ، ما يزيد من حالة عدم القبول أو الرفض الاجتماعي لهذه الفئة 0وهكذا تدور الحلقة ، بالإضافة إلى ذلك ، فإن المجتمع الإنساني يخسر كنتيجة لهذه الممارسات المنحرفة طاقات بشرية في الغالب تكون طاقات شابة بمعنى أنها في أوج قدرتها على البذل والعطاء ، في الوقت الذي يحتاج فيه المجتمع إلى كل جزء من جزئيات هذه الطاقة 0

مظهر آخر من مظاهر الضرر الاجتماعي يتمثل في حالة انعدام الأمن الاجتماعي التي تكون متبوعة بحالة من انعدام الثقة في المحيط الاجتماعي بشكل عام ، وهو ما ينعكس بصورة مباشرة على حالة الاستقرار في المجتمع ليؤدي بذلك إلى حالة من التفكك الاجتماعي ، وخلق حالة من العزلة رغم وجود المظهر الاجتماعي على السطح 0

أي أنه يجب أن ندرك بأن سلوك المنحرف لا ينعكس سلبا عليه فقط أو على المجموعة التي يمارس انحرافه معها أو من خلالها ، وإنما يكون المجتمع بأكمله بصالحه وفاسده عرضة للتأثر بسلبيات هذا الانحراف 0 ومن هنا تبرز أهمية النهوض والمبادرة لعلاج مثل هذه الانحرافات السلوكية لحفظ حالة الطهر الاجتماعي ، وللحفاظ على الروابط الاجتماعية التي تعتبر المحرك الرئيسي لعجلة التنمية الاجتماعية 0


4ـ الأضرار الفكرية والعقائدية :
رغم أن الأضرار الفكرية والعقائدية تحتل موقعا بارزا من الأهمية بالنسبة للإنسان على اعتبار أنها أساس بناء المجتمع الإنساني السليم وبناء الحضارة والهوية الثقافية، إلا أنه قليل ما يتناولها الباحثون في مجال الانحرافات السلوكية. ولعل أكبر ضرر في هذا الجانب يتمثل في فقدان الهوية الاجتماعية والثفافية، حيث أن فكر الانحلال الخلقي وما يتبعه من تبريرات تتستر في الغالب وراء شعارات رنانة وحضارية كالحرية الشخصية وتحرير الفكر والتحضر وحرية المرأة وما إلى ذلك من الشعارات، يبدأ في أخذ حيز من المساحة الفكرية والثقافية للمجتمع، ليتحول مع مرور الزمن ومع تعاقب الأجيال إلى جزء أساسي من الثقافة التي يتبناها هذا المجتمع.

ولعلنا نشاهد اليوم كيف أن ثقافة التحرر والإباحية الجنسية قد أصبحت جزءا بارزا من الثقافة الغربية لدرجة أن نشاهد على الملأ خروج عدد من العراة في الشارع للمطالبة بحق السير في حال التعري انطلاقا من الحرية الشخصية، ومظاهرة عارمة تطالب بالاعتراف بحقوق الشواذ جنسيا. بل إنه وصل الحد لأن تكون الإباحية مكافأة على الحس الوطني، كما يحدث هذه الأيام في ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية التي تعيش أجواء انتخاب رئيس للولاية. فمن بين المترشحين للوصول لهذا المنصب الممثلة الإباحية الشهيرة في أمريكا (ماري كاري) والتي قادت حملتها لجمع السلاح وتنظيف الساحة الأمريكية من الأسلحة الخفيفة للحفاظ على المجتمع على حد زعمها، تحت شعار (هات قطعة سلاح وخذ فيلما إباحيا)، كما اشتملت الحملة على عدد من الوعود الانتخابية التي كان من بينها (تناول العشاء الرومانسي مع أي شخص يقدم أكثر من خمسة آلاف دولار لحملتها الانتخابية). وتقول كاري (ليس ورائي حزب سياسي يدعمني لذا فإنني أبتكر أساليب غير تقليدية لجمع النقود 0



التربية الجنسية :
هي إحدى مجالات التربية التي تتضمن إعطاء الطفل الخبرة الصالحة التي تؤهله لحسن التكيف في المواقف الجنسية في مستقبل حياته 0 ويترتب على إعطاء هذه الخبرة أن يكتسب إتجاها عقليا سويا إزاء الجنس والتناسل 0 وتتضمن برامج التربية الجنسية موضوعات متنوعة ، مثل : موقف الطفل من المسائل الجنسية ، أي أن يكون موقفه من المسائل الجنسية كموقفه من جميع المسائل الأخرى 0

وموقف الآباء من الأطفال في المسائل الجنسية ، فالأبناء يمتصون من آبائهم عن طريق التقليد والإيحاء ، لذلك يجب أن تكون مواقف الآباء من أسئلة الطفل ثابتة وصريحة وعلمية ودمج التربية الجنسية الصحيحة والخلقية والاجتماعية 0


• التربية الإسلامية وتحسين السلوك الجنسي :

المشرع الإسلامي يتشدد كثيراً في ضبطه ، وربما يعود ذلك إلى ارتباط النشاط الجنسي بالعفاف والحياء الفكري في التركيبة الآدميّة 0 إنّ المشرع في ضبطه لهذا النشاط خلال فترة الطفولة المتأخرة يتشدد كثيراً فيمنع كل إثارة جنسية أمام الطفل حتى الكلام ، والنَفَس اللذان يصاحبان العملية الجنسيّة نفسها بين الزوجين ، وهذا يمثل جزءً من خطته الأساسيّة في عملية التحسين البيئي للسلوك الجنسي التي يبدأ المربي المسلم بتنفيذها قبل أن يولد الطفل أحياناً ، وذلك عن طريق تغيير نظرة الكبار للمسألة الجنسية ، وأثر انعكاسات هذه النظرة على انحراف أو استقامة الطفل من هذه النّاحية 0

ومما لاشك فيه أنّ عملية تحسين السلوك الجنسي لا ينفذها المشرع الإسلامي في عالم الصغار وحدهم ، بل في حياة الكبار بالدرجة الأولى ، لأن المربي المسلم إذا نجح في تنظيم النشاط الجنسي لدى الكبار انعكس ذلك على التربية الجنسية للصغار ، حيث يقوم الكبار وبخاصة الوالدين بعملية تدريب الصغار على المواقف الجنسيّة السليمة ، فإذا كانت الثقافة الجنسيّة الإسلاميّة غائبة عن وعي الفئة التي أنيطت بها مهمة التربية ، ترتب عن ذلك فشل ذريع في اكتساب الصغار للعادات الجنسية المطلوبة حسب وجهة نظر المشرع ، ولكن سوف تكون مهمة التربية الجنسية للصغار أكثر سهولة حينما يتمتع الكبار بثقافة جنسيّة إسلاميّة ، وبالأحكام الفقهيّة المتعلقة بها
0
وعلى كل حال تكون مسئولية الكبار وبخاصة الوالدين ( مزدوجة ) تجاه أنفسهم ، وتجاه صغارهم سواءً كانوا أطفالاً مميزين أو الناشئة الأحداث ، أو حتى من المراهقين الذين بلغوا فعلاً الحُلم وفق المعايير الشرعية المحددة 0
• مفهوم تحسين السلوك الجنسي :
ويقصد به ببساطة ، مجموعة الخطوات ، والإجراءات ، والقواعد ، والأفكار الوقائية والعلاجيّة التي يتبعها المربي المسلم في تربية أجيال مسلمة جديدة خالية بفعل التعديل الإسلامي المستمر من كافة الاستعدادات الوراثية للانحراف الجنسي ، أو قادرة بفعل تدخل البيئة الإسلاميّة على تحقيق العفّة الجنسيّة والتكيف السليم في المواقف الجنسيّة في فترات البلوغ وما قبلها ، وما بعدها 0


• حاجتنا لتحسين السلوك الجنسي :

لما كانت مجموعات كبيرة من أطفال هذه الأمة ، وأحداثها ، ومراهقيها تكتوي بوهج نار الانحرافات الجنسيّة ، فإنّها بحاجة شديدة إلى هذه العملية السلوكية الحضارية للقضاء على هذه الإنحرافات الخطيرة ، وإزالة آثارها عن واقع ومستقبل الأمة ، وتعطيل طاقاتها عن أداء مسئولياتها في حمل المبادىء الإسلاميّة للآخرين ، ولكنّ الأمة لا تستطيع أن تضطلع بهذه الأمانة التاريخية إلاّ بتدمير عناصر الفساد في بنية مؤسساتها الداخليّة ، وبخاصة عوامل الانحراف في هذا المجال ، لأنّ المشكلة الجنسيّة ليست سوى أحد هذه العناصر التي تعوق أجيال الأمّة عن الفعل الحضاري الحاسم 0

ومن هنا لا تتجلى لنا أهميّة عملية التحسين الوراثي والبيئي للسلوك الجنسي بتكوين جيل نقي من عوامل الانحراف الجنسي فحسب ، وإنما تتضح حاجتنا إلى هذه الخطوة الكبيرة في مختلف مجالات المعرفة ، والتربيّة، لأن خطورة المشكلة الجنسية على الناشئة والمراهقين والشباب تمتد بآثارها السيئة إلى مدى أبعد مما نتصور ، فقد صوّر المشرع الإسلامي حتى النظرة الجنسيّة المحرّمة ، كسهم من سهام إبليس تدليلاً على قوة تأثيرها ، وبالتالي تؤثر هذه المشكلة كما تؤكد وقائع الحياة وشواهدها على اتجاهات هذه الفئات واهتماماتها بوجه أخص، لذلك لا يريد المشرع من خلال هذه العملية أن يصنع عفّة في ضبط النفس عن كل شهوة جنسيّة محرمة فحسب ، بل يستهدف تحقيق استقرار نفسي لأفراد المجتمع المسلم ، وهو دونما شك جسر حيوي يساعد هذه الفئات على ضخ نفسيّات أفرادها بموانع داخلية تصد عن ارتكاب المعاصي في مجالات السلوك بما فيها مجال السلوك الجنسي 0

• عملية تحسين سلوكنا الجنسي ( مهمة عبادية ) :

والأهم من ذلك كلّه أن يكون قيام المربين وتعاونهم على انجاز هذه المهمة الحضاريّة عملاً تعبديّاً ، فالتربية الجنسية تصون جانباً من الشخصيّة المسلمة ، وتحفظ بتعاليمها التوازن الداخلي للفرد المسلم إزاء مظاهر النشاط الجنسي ، إنّه بأمر المشرع الإسلامي يتعلم من هذه التربية الحلال والحرام ، ويتعرّف على النجاسات وأحكام التطهر منها ، ويسهم بقدر كبير في تكوين أجيال للأمّة متصلة بالله عز وجل حتى في الأمور التي تسلب وعي الإنسان لقوة تأثيرها إن عملية الانتقاء الزوجي ، واختيار المرضع ، وفهم آداب العلاقة الجنسية ، وتجنب الحالات المسببة للإنحراف الجنسي والتقيد بالحالات الأخرى المؤدية للعفاف الأخلاقي ، واضفاء الطابع الروحي على العلاقة الجنسية ، والقيام بتدريب الناشئة على القواعد الإسلامية المنظمة للسلوك الجنسي ، والتوجيه الإسلامي المستمر وتبليغ الأحكام الخاصة بذلك لهم ، وتعاون المجتمع أفراداً ومؤسسات لإنجاز هذا المشروع الحيوي ، يعكس جانباً من الوظيفة العبادية التي كلّف ـ بإنجازها ـ الفرد المسلم ، ولن يتمكن من تحقيق هذا المشروع بغير تفهم النظرة الإسلاميّة لهذا الشأن ، وهي نظرة موجودة في القرآن والسنّة 0

هكذا ليست عملية تحسين السلوك الجنسي وسيلة لتحقيق العفة فحسب ، بل هي جانباً حيوياً يراه المشرع الإسلامي لإنجاز الوظيفة العباديّة ، والبحث عن التقدير الإلهي ، وينبغي أن يتعلّم الطفل المميز، والمراهق ، وجميع البالغين أنّ قمة التوافق النفسي لا تكون بتحقيق العفة ، وضبط النفس عن الشهوة الحرام فحسب ، وإنما بحسن التكيف مع الموقف الشرعي في كل قضايا السلوك 0


• المنهج الإسلامي والتربية الجنسيّة للكبار :

كما أن المشرع الإسلامي يدعو في كثير من النصوص والروايات على ضرورة أداء مسؤولية التربية الجنسية للطفل المميز ، والمراهق تمهيداً لمواجهة تغيرات المرحلة الجنسية ، كذلك يدعو إلى البدء بالتربية الجنسية للأباء والأمهات ، والمعلمين ، والتربويين أولاً ، لأنهم وسيلة المشرع للقيام بأعباء التربية الجنسية للصغار ، لذلك نجد هذه النصوص والروايات تحث باستمرار على ضرورة تنظيم السلوك الجنسي بين الزوجين ، وبينهما وبين الأبناء ، فالعائلة كيان واحد يؤثر بعضه على بعض ، ومن المؤكد أن حسن أو سوء تنظيم العلاقة الجنسيّة بين الأبوين يترك أثره على شخصية الأبناء 0 وبحكم أن الأباء والأمهات وغيرهم من فئات الكبار ، لهم تأثير مباشر ودائم ـ أحياناً ـ على صغارهم ، حرص المشرع الإسلامي على التأكيد على مسألة استيعاب هؤلاء لوجهة النظر الإسلاميّة في المسألة الجنسيّة من الناحيتين النظرية والعملية ، حتى يعينهم ذلك على القيام بأعباء التربية الجنسيّة تجاه أنفسهم ، وتجاه أبنائهم ذكوراً وإناثاً 0

وبالرغم من أنّ البرنامج الإسلامي للتنظيم الجنسي بين الزوجين متكامل ، بل ومتفرد في بعض خصائصه ، إلاّ أن المشرع كعادته لا يمانع أبداً أن يتضمن برنامجه في تربية الكبار جنسياً ، أية اجتهادات صحيحة من قبل العلماء ، ولا يرفض بالتأكيد الحقائق العلمية ، التي توصل إليها علم التشريع ، وعلم الحياة ، وعلم النفس ، والصحة الجنسية ، والفروق الفردية بين الجنسين ، وبين الكبار والصغار ، والقواعد الأخلاقية والاجتماعية التي أدركها العقل البشري بفطنته الفكرية ، وبحياء وجدانه الأخلاقي النقي ، فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها أخذها 0

ويتم البرنامج الإسلامي في التربية الجنسيّة للكبار وبالذات "الأبوين" عن طريقين هامين هما :

أولا ـ تغيير نظرة الكبار للسلوك الجنسي :
يحدّد المشرع الإسلامي نظاماً مُتكاملاً للتربية الجنسيّة لدى الكبار ، حتى يقدم هؤلاء جيلاً نقياً من الناحية الجنسيّة ، ونظيفاً من عوامل الانحراف قدر المستطاع ، لكن هذا النظام لم يستوعبه الكثير من أفراد المجتمع المسلم أو لم يترب عليه البعض منهم لسبب ما ، وبخاصة في القرون المتأخرة التي شهدت انحطاطاً عاماً خطيراً في تفكير الأمة ، وابتعد وجدان أفرادها عن المفهوم الإسلامي في أغلب مجالات التربية الأخلاقية والعائلية ، خاصة في مجال التربية الجنسيّة التي تعتبر من أخفى الأمور وأصعبها حساسيّة لدى العائلة المسلمة 0

ولقد حشد المشرع في القرآن والسنّة والفقه الإسلامي نصوصاً تشكل منهاجاً متكاملاً للتربية الجنسية عند الكبار ، وبقيت هذه النصوص حتى الآن السياج القوي الذي يحفظ العائلة المسلمة في أستر جزء من حياتها ، ولأن هذا الجزء مستور ، وذو حساسيّة أخلاقية معقدة ، تساهل الناس ـ مع الأسف ـ في التعرف على الرؤية الإسلاميّة في موضوع العلاقة الجنسيّة بين الزوجين ، وبينهما وبين أبنائهما ، وأدى ذلك التهاون إلى غموض وجهة نظر المشرع إزاءه عند البعض منا ، وجهل البعض الآخر التام به ، وقد ظل الحال على ما هو عليه حتى بدأت موجات الغزو الثقافي الغربي تتخذ لها مواقع السيطرة على النفس المسلمة المعاصرة ، واكتشف الغربيون أن تزمت النظرة الجنسية عند الفرد المسلم يمكن أن تكون مدخلاً واسعاً لتذويب الطابع المتميّز للشخصيّة المسلمة 0


ثانيا ـ الطابع الروحي للعلاقة الجنسية :

تمتاز العلاقة الجنسية في وجهة نظر المشرع الإسلامي بطابعها الروحي ، إذ تقترن هذه العمليّة بمجموعة من المظاهر الروحيّة التي تؤكد في معانيها على الطهارة ، والعفة ، والتقوى الأخلاقيّة للمسلم ، ولمّا كانت هذه العملية تتحدد كما يرى المشرع بأوامره ونواهيه ، فإنّها وسيلة مشروعة لإنجاز المهمة العبادية ، فإن أتمّها على النحو المطلوب أجر العبد عليها ، وإن تأخر عن ذلك تمّت مساءلته بين يديه عزّ وجل ، ومما لا شك فيه أنّ ارتباط هذه العمليّة بالوظيفة العبادية ، يطبعها بالنزعة الروحانيّة ، إذ يبدأ الفرد المسلم وقت الشروع بها ، بذكر الله والتسمية ، والوضوء ، والصلاة أحياناً ، والأدعية ، وسوف نشير إلى بعض النصوص التي تقرن العملية الجنسية بطابعها العبادي الروحاني 0

ومما له دلالة بالغة في آداب هذا الفعل اعتبار ذكر الله سبحانه وتعالى كمقدمة للفعل الجنسي ، فقد ورد في الحديث أنه يستحب أن يكون على وضوء خاصة إذا أراد تكرار الجماع مرة أخرى وإذا كان الدخول في ليلة الزفاف ، فإنه يستحب أن يضع يده على ناصيتها (جبهتها) ويدعو الله أن يرزقه الله ولداً صالحاً لا سلطان للشيطان عليه ، وأن يبدأ الفعل الجنسي بالتسمية ، هذه الآداب وأمثالها تهدف إلى إضافة لون من ألوان الروحانية على الفعل الجنسي بما هو نعمة من نعم الله تعالى ، ينبغي شكره عليها وذكره بها ، وفيها إزالة للصفة الحيوانية والآلية البحتة ليكون عملاً إنسانياً إرادياً واعياً ، فهو جزء من التوجه التربوي العام الرامي إلى مزج المادة بالروح في شؤون المسلم المادية ، كي لا يقسو قلبه ويعتاد على الاغراق في المادة ولو في الأمور المحلَّلة 0

يمتد الطابع الروحي للعلاقة الجنسية إلى أكثر مما سبق ذكره ، حيث أكدت النصوص الشريفة حرمة ، وكراهة ممارسة الفعل الجنسي مع الزوجة في ظروف وحالات معينة ، مثل حرمة استقبال القبلة واستدبارها وقت المجامعة 0 وكراهة الجماع بين الأذان والإقامة ، والمجامعة من رجل احتلم ولم يغتسل من احتلامه أولاً ، ويكره الوقاع من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، ومن مغيب الشمس إلى مغيب الشفق ، وحين اصفرار الشمس ، وتحت الشجر المثمر ، وأمام صبي غير مميز ينظر لهما ، وعلى سقوف البنيان المكشوفة 0

وبمعاينة بعض الحالات التي تطبع الفعل الجنسي بمسحة روحانية ، نجد تأكيداتها واضحة على العلاقة بين الدعاء ـ كمظهر روحاني ـ وبين حالة التقوى ، فهذه الحالة النفسانية والأخلاقيّة تتضمن مجموعة من السمات الإيمانية متوفرة في الشخصية التقيّة ، كالأمانة ، وحسن الخلق ، وعفة البطن ، والفرج ، والتواضع ، وهذه السمات الشخصية ـ للتقي ـ لا سيما ( عفة الفرج ) ضمان من الانحراف ، وعوامل مساعدة على تحسين السلوك الجنسي 0

إن الذكاء ، والتقوى ، والسواء عناصر أساسيّة لنجاح عملية تحسين السلوك الجنسي ، فبواسطة العقل والإدراك يكتسب الفرد المسلم الثقافة الإسلاميّة في موضوع الجنس ، وبالتقوى تتحكم إرادة الفرد في الأهواء ، وتسيطر على الشهوات بما فيها الشهوة الجنسية وعن طريق الجسم السليم تنمو خلاياه ، وتفرز هرموناته بصورة طبيعيّة تمكنه من الفعل الجنسي السليم ، وتبعده عن كافة الأمراض ، والقابليات الوراثية المساعدة على الانحراف ، وبخاصة في الناحيّة الجنسيّة ، فالشخص السوي يتمتع بالتكيف الحسن مع المواقف الجنسيّة فيطبع بتقواه الفعل الجنسي بطابع روحاني ، ويجاهد نفسه عن الاستجابة للمثيرات الجنسية الشاذة 0

خطوات تحسين السلوك الجنسي :

يولي الشرع الإسلامي عنايته البالغة بالطفل قبل أن يولد ، وخلال الحمل ، والرضاع، والمراحل النمائية الأخرى ، باعتبار أن النمو النفسي بأكمله يتأثر بالظروف المصاحبة ، ومما لا ريب فيه أنّ هذه العناية لا تهدف لتربية مواطن صالح كما تؤكد على ذلك المناهج الوضعية ، فالمشرع همّه إعداد وتربية الإنسان المسلم الذي يتجاوز بنظرته كل الحدود التي وضعها الإنسان لتثبيت عصبيته ونوازعه العرقية ، إنه يريد إعداد الإنسان الرسالي الذي حمل على عاتقه عبء مسئولية التبليغ والدعوة ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لهذا كانت عنايته من الجذور ، ويوجه اهتمامه ـ للإنسان ـ في كل جانب ، ويرسم خطواته بدقة لضمان تكوين أجيال من الإنسانيّة قادرة على تحمل مسئولية انجاز الوظيفة العباديّة 0

ضيف الله مهدي
22 -11- 2006, 09:14 PM
تابع الحلقة السابعة :
أولا ـ خطوات التحسين الوراثي وتشمل ثلاثة مداخل :

أـ عملية الانتقاء الزوجي :
أمر المشرع بعملية الانتقاء الزوجي لأهميتها في تكوين العائلة المسلمة ، وأثرها في تحديد سمات الشخصية ، لأن المولود يتأثر بالصفات المزاجيّة ، والعقليّة ، والجسميّة للوالدين ، ولأقاربهما ، ومن هنا حرص المشرع على ألاّ تكون هذه الخطوة عملاً ارتجالياً ، غير متقن ، يخضع لنزعات شهوانية بعيدة عن التعقل 0

ويقصد من هذه العمليّة أن يختار الزوجان بعضهما وفق المحددات الإيمانيّة ، وخاصة قاعدة أن ( المؤمن كفؤ المؤمنة ) وقد صرّحت النصوص الإسلامية إلى ذلك أكثر من مرّة ، قال الرسول الكريم:

( تنكح المرأة لأربع : لمالها ، ولجمالها ، ولحسبها ، ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك )

، وأمر كذلك أولياء الأمور بضرورة اختيار الزوج الصالح ، ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ) وبالتأكيد فإنّ المشرع نهى بشدة من المتزوج بخضراء الدمن ، أو زواج المرأة لرجل سيء الخلق ، يخرج من ذنب فيدخل في ذنب آخر ، كما نهى بوجه أخص من اختيار البغي ، والمجنونة وآكلة لحم الخنزير ، وشارب الخمر ، كزوجات ، وبالعكس ، لأنّ هؤلاء الأفراد جميعاً ينقلون سماتهم إلى الأبناء عن الوراثة البيولوجيّة ، جاء في المرويات : ( تخيروا لنطفكم فإنّ العرق دسّاس ) 0 ومن أجل تحسين السلوك الجنسي نهى المشرع من الزواج بالبغي ، والمرأة المستعلنة بالزنا أو الرجل الذي يعيش في أجواء هذا الانحراف الجنسي ، والسبب في ذلك رغبة المشرع في تجنيب المولود أية استعدادات وراثية للانحراف الجنسي 0

ب ـ ملابسات الجماع :
أولاً ــ بتجنب الحالات المسببة للانحراف الجنسي وقت الجماع ، حتى لو كانت الزوجة صالحة0

ثانياً ــ بالحرص على التقيد بالحالات الجنسيّة المساعدة على العفاف في هذه الناحيّة وغيرها، كما أكد 0

ثالثاً ــ على الطابع الروحي للجماع 0

ج ـ الرِّضاعة : إن عملية الرضاعة لها الدور الكبير في نقل الخصال السيئة من الناحية الجنسية ، فإن لها أيضاً أثرها الواضح في اكتساب الطفل خصالاً طيبة تعينه في مستقبل حياته على ضبط نفسه ، وتمده بأسباب العفاف وتمنحه فرصاً كبيرة للسيطرة على نوازعه الجنسيّة وغير الجنسيّة منذ نعومة أظفاره ، وخلال دورة العمر التي يحياها بإذنه تعالى 0

ثانيا ـ خطوات التحسين البيئي للسلوك الجنسي : يتابع المربي المسلم جهده التربوي لتقوية جذور العفة الجنسية عند فئتي الأطفال المميزين ، والمراهقين ، بمجموعة من الخطوات العمليّة المتتابعة ، وهناك ملاحظات عامة على هذه القواعد ، وهي :

1ـ أول هذه الملاحظات ، أن هذه القواعد ـ صالحة دائماً ـ للتطبيق خلال فترات ما قبل التكليف ـ وبخاصة الطفولة المتأخرة ـ ولما بعد البلوغ التي يسمها المشرع بالأوامر ، والنواهي ، ويمكن للمربي تغير بعض النظرات الشرعيّة والعلمية بمنأى على التغيرات الجديدة ، المصاحبة لكل مرحلة على حدة 0


2ـ أنّ هذه القواعد صالحة في نظر المربي المسلم لدور التربية الوقائية والعلاجيّة ، فهي الطريق الصحيح لحماية الشباب المسلم من مفاجآت التغيرات الحيوية التي تتميز بها مرحلة البلوغ المبكر ، وهي في الوقت نفسه أسلوب المربي المسلم في علاج مشكلة الانحراف الجنسي عند هذه الفئة ، وإعادة تربية الفرد المسلم من الناحيّة الجنسيّة ، وفي أية مرحلة من العمر ، بحذف ما لا يناسب وتثبيت ما يناسب أية فئة عمريّة 0

3ـ أنه لا تصلح أن تأتي هذه القواعد التربوية الجنسيّة بحصاد إيجابي في بنية العائلة والمجتمع إلا إذا تضافرت جهود الجميع في تطبيقها على حياة الصغار منذ البداية ، ولكنه عندما تتخلى بعض المؤسسات عن أداء مسئولياتها في التربية الجنسية بمفهومها الإسلامي ، فلا عذر أبداً لغيرها في التحلل من أداء واجبها، بدعوى أنّ ما تبنيه مؤسسة تهدمه أخرى ، بل إن مسئولية المؤسسة البناءة تتضاعف ، ويكبر حجم الواجب الملقى على عاتق القائمين عليها ، فتتصدى للتخريب من جهة ، وتحاول من جهة أخرى عزل الناشئة قدر الإمكان عن الاتجاهات التخريبية للمؤسسات 0


4ـ يلاحظ كذلك أنّ المشرع يتشدد خلال هذه المرحلة بمنع كل إثارة جنسية ، ليضمن تكوين جيل عفيف يؤسس نشاطه الجنسي على القرآن والسنة ، وقد يضطر المربي المسلم بعد استنفاذ كل أساليب النصح والإرشاد إلى استعمال الحزم ، والعقوبة ، خاصة مع طفل مميز يعقل الأمور ويعاند 0 يقول أحد الباحثين المسلمين : "إن المشرع ـ على سبيل المثال ـ يشدد بنحو بالغ المدى في المنع من أي تعامل جنسي حتى في نطاق الظل أو الرائحة التي تنُّمُ عن ذلك ، إنه يمنع الأطفال من ممارسة التقبيل مثلاً ، حتى مع بداية المرحلة التي يتجاوزون بها السابعة من العمر 0 يقول (ع): الغلام لا يقبل المرأة : إذا جاز سبع سنين

0 أكثر من ذلك ، يمنع المشرع حتى مجرّد التجاور في المضاجع ، فيما بين الصبية أو الصبيات أو هما ، يقول (ع):
الصبي والصبي ، والصبي والصبية ، والصبية والصبية ، يفرق بينهم في المضاجع لعشر سنين 0
5ـ إن تطبيق هذه القواعد يخضع لمبدأ الفروق الفرديّة ، وبخاصة أن هذه الفروق حقيقة لا بين الفتى والفتاة ، بل بين كل فرد وآخر من جنسه ، فمثلاً أوصت الروايات بتفرقة المضاجع في سنين مختلفة ، فبعضها أشار إلى أن السادسة صالحة لهذا الفصل ، وأخرى أكدت على سن السابعة ، وغيرها في الثامنة أو العاشرة ، وعلى المربي أن يكتشف الفارقية بين الأطفال في نموهم العقلي ، والانتباه إلى سن الإدراك والتمييز لديهم حتى إذا يبادر إلى تثبيت هذه القاعدة أو تلك بناءً على فارقية سن التمييز بين الأطفال 0


• قواعد إحتياطية للتربية الجنسية للطفل :

1ـ تثقيف الطفل جنسياً وفقهياً : إنّ الطفل بحاجة منذ بدء تعقله ، وتمييزه للأمور إلى إمداده بالمعلومات الجنسية التي تلائم سنه ، وتعليمه بمختلف الأحكام الفقهية شيئاً فشيئاً ، خاصة ما يحتاج إليها من آداب التربية الجنسية ، كتدريبه على كيفية الاستنجاء ، والاستبراء إن كان ذكراً ، وضرورة إدارة وجهه ـ وقت التخلي ـ عن القبلة استقبالاً واستدباراً ، وكيفية تطهير ملابسه من البول والغائط، وغسل بقع الدم من جسمه أو ثيابه حين وقت الصلاة أو غيرها 0 إن هذا الإعداد المبكر يوفر قدرة أفضل للطفل المميز للتكيف السليم مع المواقف الجنسيّة ، ويحميه من حرج شديد قد يتعرض له مستقبلاً ، وبخاصة في فترة البلوغ 0


2ـ الاستئذان : شدّد المشرع الإسلامي على أدب الاستئذان منذ الصغر ، باعتباره مدخلاً لقاعدة الاحتشام ، وقد نصت الآيتان رقم 58 ــ 59 من سورة النور على هذا المبدأن ، وقد آن الآوان أن يعود إلى البيوت المسلمة بعد غياب طويل ، تعرضت فيه هذه البيوت إلى تجاوزات ضد أحكام العورة وآداب العلاقة الزوجيّة بأسرها 0 وبمعاينة الآيتين الشريفتين المذكور نجد المشرع يشير إلى فترتين لتطبيقه ، عملاً بمبدأ التدرج في التربية الجنسيّة للطفل ، فالفترة الأولى سمح المشرع للأرقاء والأطفال الذين لم يبلغوا الحلم ـ خاصة المميزين ـ بالدخول على غيرهم، وبالذات الأبوين ، ما عدا ثلاثة أوقات هي :


1ـ قبل صلاة الفجر 0
2ـ حين وضع الثياب من الظهيرة 0
3ـ من بعد صلاة العشاء 0

فهذه الأوقات ثلاث عورات لا ينبغي لأحد حتى الصغار الذين لم يبلغوا ، حق الدخول على غيرهم 0 ويظل هذا الأدب هو الصورة الطبيعية بين الآباء وأطفالهم الذين لم يبلغوا الحلم ، ولكن الأمر يتغيّر بأسره بدخول الطفل فترة البلوغ، والتكليف الشرعي ، والإلزام في تطبيق الأوامر والنواهي الإلهيّة ، وعندئذ يدخل مبدأ الاستئذان عهداً آخر ، ويظل هو نمط العلاقة الأسرية ، والاجتماعية في كل حين ، فلا يمكن للبالغ أن يدخل على غيره بغير استئذان في مختلف الأوقات ، صيانة لأعراض المنازل ، وحفاظاً على تماسك الروابط العائلية ، بل ترتب عن هذا المبدأ قبل البلوغ وبعد أحكام أخرى تتعلق بالنظر إلى العورة ، والعلاقة الجنسية ، وأحوال الغير 0

قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم ، والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرّات ، من قبل صلاة الفجر ، وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ، ومن بعد صلاة العشاء ، ثلاث عورات لكم ، ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن ، طوّافون عليكم بعضكم على بعض ، كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم }النور/58 0

هذا ما يخص الفترة الأولى ، استئذان في ثلاثة أوقات 0 أما ما يخص الفترة الثانية فيكون بعد البلوغ ، وبداية عهد التكليف ، يكون الاستئذان فيه شاملاً لكل الأوقات بمقتضى قوله تعالى : { وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم ، فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم ، وكذلك يبين الله لكم آياته ، والله عليم حكيم } النور/59 0

وسر الاستئذان واضح للجميع ، فبدونه يتم الاطلاع على العورات فيؤثر ذلك على نفسيّة الطفل المميز ، وربما تظل المناظر المثيرة تلاحق ذهنه حتى ما بعد بلوغه ، فيحدث له ضرراً بالغاً ، يضعه بين براثن الصراعات ، والأمراض العصابية ، فهل تمحى مثلاً من ذهنه صورة أمه ، وهي بين أحضان أبيه ، يقبلها أو يداعبها أو يجامعها ؟ 0

3ـ تعيين ضوابط النظر والتستر : تشمل هذه المسألة نقطتين هامتين هما :

1ـ ستر العورة للأبوين عن طفلهما وبخاصة المرأة 0

2ـ نوع الملابس وتأثيرها على نفسيّة الطفل 0 فأمّا بالنسبة للمسألة الأولى فيمكن القول بأنه يجب على البالغ المكلف ستر عورته عن نظر الطفل المميز ، كما يحرم على البالغ أن ينظر إلى عورة الطفل المميز أو يلمسها بشهوة ، لأن الصبي المميز يحسن وصف ما يرى ، وأكد الفقهاء بأنه :

يجب على كل من الرجل والمرأة ستر عورتهما عن الناظر البالغ ، وعن الناظر المميز غير البالغ ، وهو الصبي أو الفتاة الذي يكون على درجة من النباهة والوعي 0
بحيث يتأثر بالأشياء ويعقلها من دون تحديد للعمر 0 لكن يجوز للبالغ أن ينظر ، ويلمس كل شيء من جسد غير البالغ ولو كان مميزاً من دون شهوة سواء مع الاختلاف في الذكورة والأنوثة أو الاتفاق ، وإذا ترتب على النظر إلى غير البالغ المميز فتنة الناظر ، فإنه يحرم النظر عند ذلك على الأحوط لزوماً 0 هذا بالنسبة للنظر إلى عورة الأجنبي ، لكن المشرع تسامح في أن يرى الطفل المميز شعرها ، وذراعيها ، وساقيها ، ورقبتها عدا العورة 0 ويجوز للرجل أن ينظر إلى جسد محارمه من النساء بدون شهوة ، ويحرم عليه النظر إلى العورة ، كذلك يحرم عليه النظر إلى ما بين السرة والركبة من جسدهن على الأحوط سواء مع الشهوة أو بدونها ، ويجوز للمرأة أن تنظر إلى جسد محارمها من الرجال من دون شهوة ، ويحرم عليها النظر إلى نفس العورة ولو من دون شهوة 0

ولهذا يجب أن تخفي المرأة زينتها قدر المستطاع أمام طفلها المميز إلا ما أجازه المشرع مثل كشف شعر الرأس والرقبة والذراع ، وإظهار قلادتها ، والدملج وما دونه ، وما يوضع من أدوات الزينة في اليد والرجل وأعلى الصدر شرط أن يكون التزين غير مبالغ ، لئلا يكون سبباً للفت نظر الطفل المميز إلى أمر يضر بمستقبل تربيته الجنسية 0

والمسألة الأخرى هي الملابس ، باعتبارها عاملاً مسبباً للشهوة أو ضابطاً لها ، بالرغم من أن بعض الفقهاء أجازوا صحة التستر بالثياب الضيقة ، غير أنهم أوجبوا الستر بنحو لا يوجب بروز العورة إذا كان ذلك سبباً لفتنة الناظر فالأفضل في جميع الحالات أن تكون الثياب غير مجسمة للعورة ، ولا مبرزة لمفاتن الجسد ، فكلّما كانت الثياب واسعة فضفاضة ، كان أكمل وأحسن من الناحيّة الشرعيّة والصحيّة كالإلتزام بقواعد النظافة ، والبعد عن المهيجات الجنسيّة 0

4ـ إبعاد الطفل عن العملية الجنسية : ينعقد رأي الكثير من المربين على ضرورة إبعاد الطفل خاصة المميز ، عن رؤية العملية الجنسيّة بين الزوجين ، لخطورتها الكبيرة على استقامته مستقبلاً ، لهذا ينبغي أن يظل العمل الجنسي بينهما في نطاق السرية والكتمان ، وأن تساهلهما إزاءه يسبب مشكلات نفسيّة للأطفال المميزين ، والمراهقين ، ولعلّ أبرز هذه المشكلات الرغبة في الزنا أو اللواطية أو أي مظهر منحرف للنشاط الجنسي 0 ومن هنا فإن رأي الشرع الإسٍلامي يقوم على أساس حكمين وهما :

الأول ــ كراهة أن ينظر طفل غير مميز للأبوين في أية علاقة جنسيّة بينهما 0
الثاني ــ حرمة رؤية الطفل المميز لهذه السلوك 0

لأن الأول لا يحسن الوصف لما يراه ، والثاني يميّز فيصف لما يرى 0 جاء في بعض الروايات الشريفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله : ( والذي نفسي بيده لو أن رجلاً غشي امرأته وفي البيت صبي مستيقظ يراهما ، ويسمع كلامهما ونفسَهما ما أفلح أبداً ، إن كان غلاماً كان زانياً أو جارية كانت زانية ) 0

ضيف الله مهدي
22 -11- 2006, 09:16 PM
تابع الحلقة السابعة :
5ـ التفريق بين الأبناء في المضاجع :

هذا العزل في مضاجع الذكور والإناث ، ومضاجع أفراد كل جنس على حدة ، يعتبر قاعدة تربوية أخرى لنجاح تربيتنا الجنسية لأطفالنا ، فعن طريق التفريق ، يبعد الأولاد عن غرفة الوالدين ، ويتم عزلهم عن نطاق المكان الذي تتم فيه العملية الجنسيّة بينهما ، كما أن عزل الذكور عن الإناث ، بحيث يكون لأفراد كل جنس غرف خاصة مستقلة ، يجنب الأولاد من الجنسين أية احتكاكات بدنية يمكن أن تؤدي إلى بعض المداعبات الجنسيّة الخطرة 0

ولا يخفى أن يكون العزل في المضاجع وسيلة تربوية يشعر فيها كل عضو من الأسرة بما يمتلكه ، بحيث لا يمكن لغيره استعماله بغير موافقته ، فقد يحصل على غرفة مستقلة بأدواتها ، وليس من حق أحد أن يتدخل في كيفية تنظيمها ، وترتيب أثاثها ، واستعمال أدواتها ، وبالتالي تمكن الفرد من خلال هذا العزل تنمية شعوره بالاستقلالية ، والتفرد الخاص لكيانه 0

6ـ المسْكن الملائم :
كي يتمكن المربي المسلم من إرساء قواعد التربية الجنسية في شخصية الطفل المميز ، خاصة الاستئذان ، والتفرقة في المضاجع ، يحتاج إلى دار سكن واسعة ، ملائمة صحيّاً 0 فتوفير المنزل المناسب حق ضمنه المشرع الإسلامي لكل أفراد المجتمع المسلم 0

فالبيت الواسع الملائم يمثل مجالاً كبيراً لتربية أطفالنا المميزين على قواعد التربية الجنسيّة ، وبدونه تُعاق قدرة المربي المسلم ، وبخاصة الأب والأم ، عن تطبيق دقيق ، ومحكم لبعض هذه القواعد ، فكيف يدرب طفله على سلوك الاستئذان وهو لا يملك في بيته سوى غرفة نوم واحدة ؟ وكيف يتمكن من التفريق بين أبنائهم في المضاجع ، وبيته لا يضم سوى غرفتين للنوم ، إحداها للأبوين ، والأخرى يتكدس فيها الأبناء ذكوراً وإناثاً ؟ وهل يمكنه منع الإثارات الجنسيّة ، وهو لا يملك الظروف الصحيحة لإبعاد طفله عن هذه الإثارات ؟ 0


7ـ منع المثيرات الجنسيّة الأخرى :
إن عمليّة التثقيف والتدريب على ضبط النفس عن المثيرات الجنسية ، وتعيين ضوابط شرعيّة للنظر والتستر بين الآباء والأبناء ، والكبار والصغار ، الرجال والنساء ، إنما يهدف إلى إبعاد الطفل ، خاصة المميز ، عن كل مثير جنسي قد يوحي له بشيء ، فيقلده تأسياً بغيره 0

ومع افتراض أنّ المربي المسلم قد أتاحت له الظروف تطبيق هذه القواعد ، فإنه لا ينبغي أن يغفل عن بعض المثيرات الجنسيّة الأخرى التي تشكل فعلاً مناخاً للانحراف الجنسي عند الأحداث والمراهقين ، ومن هنا أوصى المشرع الإسلامي في تعليماته بالانتباه الجدي لخطر هذه المثيرات على شخصيّة الطفل المميز غير البالغ سواءً في نطاق الحياة العائلية أو في الأماكن العامة ، فإنّ مظهراً من هذه الإثارات لها دلالاتها ، وإيحاءاتها النفسيّة الخطيرة ، بالرغم من أن بعض المثيرات ليس واضحاً لدى الأطفال المميزين بدرجة كافية 0 وقد صرّحت النصوص الإسلاميّة بخطورة هذه المثيرات ، وكشفت عن الموقف المتشدد الذي اتخذه المشرع الإسلامي إزاءها، ومن هذه المثيرات ما يلي:

أ ـ التقبيل :
ويتخذ ثلاثة مظاهر على النحو التالي:
1ـ تقبيل الزوجين لبعضهما البعض أمام نظر الطفل المميز؛ وقد نهى المشرع بشدة هذا السلوك ليجنب الصغار مشاكله مستقبلاً ، وما دام المشرع قد جعل التقبيل بين الزوجين جزءاً من العمليّة الجنسيّة ، فإن عليهما أن يمارساه بسرية دون السماح لغيرهما أن يراقبهما، فيتأسى بسلوكهما 0
2ـ تقبيل الآخرين رجالاً ونساءً لبعضهم أمام رؤية الطفل المميز ، في الأماكن العامة 0

3ـ تقبيل الكبار من الجنسين للصغار: تقع أحياناً بعض حالات التقبيل بين البالغين وغير البالغين من الجنسين للصغار دون صلة رحم ، فقد نهى المشرع عن تقبيل المرأة للغلام الذي بلغ سبع سنين خاصة ، ولا يجوز للرجل أن يقبل فتاة أو جارية بلغت ست سنين ، وليس بينهما صلة رحم، قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : ( إذا بلغت الجارية ست سنين ، فلا يقبلها الغلام ، والغلام لا تقبله المرأة إذا جاوز سبع سنين ) 0


ب ـ وضع الفتاة في حجر الرجل الأجنبي ( غير المحرم ) : هذه حالة تحدث كثيراً في البيوت المسلمة ، والمشرع ينهي الرجل الأجنبي ( غير المحرم ) أن يضع في حجرة فتاة لها صلة رحم بينه وبينها ، وقد بلغت من العمر ست سنوات ، وهي فترة قريبة من النضج الجنسي خاصة في الحالات النادرة جداً ، فجلوسها في حجر رجل أجنبي أمر غير مرغوب فيه كما نصّت على ذلك الروايات وقد يكون هذا الجلوس ملامسة بين عضوي رجل وفتاة لا صلة رحم بينهما أو تجنباً لتعود الفتاة على الجلوس في أحضان الغير ، وقد اقتربت من سنين بلوغها من الناحية الجنسيّة 0

ج ـ النوم تحت لحاف واحد :
نهى المشرع الإسلامي عن نوم الصغار مع آبائهم وأمهاتهم تحت لحاف واحد ، إلاّ إذا كان طفلاً غير مميز ، وبالرغم من ذلك فقد نصح المشرع المؤمنين والمؤمنات بالالتزام بضوابط عملية التفريق في المضاجع ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا ينام الرجلان في لحاف واحد إلاّ أن يضطر ، فينام كل واحد منهما في إزاره ، ويكون اللحاف بعداً واحداً ، والمرأتان جميعاً كذلك ) ثم أضاف صلى الله عليه وسلم : ( ولا تنام إبنة الرجل معه في لحاف ولا أمه ) 0


8ـ مراقبة حالات النضج الجنسي المبكر :
قلنا مراراً باحتمال حدوث حالات نادرة للنضج الجنسي المبكر الذي يحدث للفتى ، والفتاة قبل الأوان المعروف للبلوغ ، ولو أخفق المربي المسلم في مراقبة هذه الحالات واكتشافها قبل أن تحدث ، اضطربت الحياة الجنسيّة عند البالغين مبكراً ، حيث لم يستعد المربي والناضجون جنسياً مبكراً للتغيرات الجنسيّة ، وبالتالي تحدث مشكلات تضر بمسألة العفاف الجنسي والأخلاقي 0

أمّا المراقبة فتعني فهماً لحالة النضج الجنسي المبكر وللعوامل التي أدّت إليها ، وإدراكاً للتغيُّرات المصاحبة ، وهذا كله يتطلب من المربي أن يبكر في عملية الاعداد الجنسي للصبي المميز ، وللصبية المميزة لتفادي المشكلات التي يحتمل بروزها على أثر النضج الجنسي المبكر 0


9ـ توجيه الطفل المميّز لاستثمار وقته : الطفل في عالمنا المسلم يعيش ، للأسف أكثر وقته في العبث ، بل هو أتعس فئات المجتمع المسلم من هذه الناحية ، فلا يشعر حتى أبواه ، ويوفرا له فرصاً مناسبة لاستثمار وقته ، ويشعر من خلالها بالانتاج الملموس ، والابداع في استعمال قدراته الذاتية الخاصة 0

ورأي المشرع حاسم إزاء قضية الوقت ، فيلح على استثماره في الخير ، وتفجير الطاقات الإنسانيّة ، والواقع أنّ الآباء والأمهات ليسوا مسئولين فقط عن إضاعة أوقاتهم الخاصة بهم ، بل هم يُسألون عن كيفية استثمار أوقات أطفالهم أو إضاعتها ، ولهم أو عليهم أجر أو وزر تدريب أطفالهم على الانتفاع بالوقت أو إضاعته 0

إن المشرع الإسلامي يأمر المربي المسلم بضرورة توجيه الأبناء الصغار نحو الخير واستثمار وقت الصغير في الأنشطة الترويحية المفيدة ، والمباحة شرعاً ، بل إنه يسعى إلى ربط عملية التوجيه للأطفال في النواحي الجنسية ، والترويحية وغيرها ، بالوظيفة العباديّة ، وتعميق هذه النظرة في ذهن الطفل ، فليس التوجيه نحو المناشط الترويحية والمطالعة والألعاب ، والتمارين الرياضية ، وتنمية المهارات الحركية غاية في ذاتها ، بل هي جميعاً وسيلة المربي لتقوية علاقة الناشئة بالله عز وجل 0

والتوجيهات التربوية لاستثمار الوقت تبدو أهميتها في النواحي التالية :
أ ـ صرف نظر الطفل ، والمميز خصوصاً ، عن الإنشغال بالمناظر المهيجة لنشاطه الجنسي 0

ب ـ تدريب جسمه على مهارات أساسيّة يحتاجها في حاضر أيامه ومستقبلها كالمهارات الحركية مثل : السباحة والرمي ، والسباق ، والتمارين الرياضية الأخرى 0

ج ـ تشغيل عقله في مناشط ترويحية تحتاج لتفكير ، وتثقيفه عن طريق المطالعة المستمرة ، وممارسة هوايات الرسم المباح وغيره من المباحات
0
د ـ إشغال الطفل المميز بمناشط ترويحية كالسفر أو الرحلات الجماعية التي تقوم المعسكرات وكذلك حلقات القرآن في المساجد ، والمؤسسات الإسلاميّة الأخرى 0

هـ ـ تعميق روح المؤاخاة والصداقة بين الأطفال ، وتأكيد الروابط الاجتماعيّة بينه وبين أقرانه ، باعتباره عضواً نشطاً منتمياً لجماعة صالحة 0

و ـ تدريبه على احترام الوقت، والانتفاع به في إبراز كافة مواهبه الإبداعيّة 0

10ـ تعيين الحلال والحرام في برامج أجهزة الأعلام : لا يستطيع الطفل المميز التمييز بين المباح والمحرّم في برامج أجهزة الإعلام وبخاصة الشاشة الصغيرة التي يتعامل معها الجميع يومياً ، فينبغي للكبار ، أباً وأماً وأختاً وأخاً ، توجيه الطفل دائماً إزاء هذه البرامج ، فيشجعونه على التفاعل مع بعضها ، والنفور من أخرى ، وذلك وفقاً للمحددات الشرعيّة 0

ومراقبة الصغار في هذه المسألة تحتاج لمتابعة خلال فترة الطفولة كلّها ، وإذا احتاج الأمر إلى الاستمرار في التوجيه خاصة في الأيام الأولى من فترة البلوغ ، والمراهقة ، فإن على المربي المسلم متابعة جهده دون كلل أو ملل حتى يشعر بالاطمئنان من انضباط المتعلم واستقامته الأخلاقية سواءً في النواحي الجنسية أو في سائر النواحي الأخرى ، غير الجنسية 0

11ـ العقوبة الجنسية : وتبدو العقوبة ضد المخالفات الجنسيّة أمر نشاز لا يحبذه كثير من رجال التربية المعاصرين ، وذلك بسبب ما يترتب عليها من نتائج عكسيّة لعملية التربية ، فهذه العملية تقوم على أساس فكرة الاقتناع الداخلي بالأفكار والعادات وليس على الخوف ، والقهر ، والعنف الذي يؤدي في النهاية إلى نشوء أمراض عصابيّة لدى الصغار ، والمراهقين ، وفئة الشباب 0

وبالرغم من إدراك المشرع الإسلامي لمخاطر استعمال العقوبة لا في مجال التربية الجنسية للطفل وتأديبه على السلوك العفيف فحسب ، بل في كل مظاهر النشاط الذي يصدر عن الفرد ، ومع ذلك فإن العقوبة أمر لا مناص منه في الحالات التي يتعذر فيها نجاح أسلوب النصح والإرشاد وفي ضبط السلوك الجنسي عند الطفل ، لأنّ بعض ، الأطفال ، يحبون العناد ويأنسون باهتياج المربي ، ولا يرتدعون عن المخالفة الجنسيّة ، فإذا أثبت أسلوب النصح عدم جدواه في التأديب ، فلا يملك المربي سوى هذا الحلَّ ، ولفترة محدودة ، لأن المشرع وإن دعا إلى ضرورة استعمال العقوبة أحياناً ، إلاّ أنّه ينصح بعدم استعماله كثيراً ، خشية مردوداته السلبيّة على الناشئة ، والمراهقين

0 ومن المؤكد أن العقوبة البدنية التي دعا إليها المشرع لتأديب الأطفال المميزين المخالفين للضوابط الإسلامية في مجال الشهوة الجنسية ، لا تكون هي آخر خطوات العقاب ، فيمكن للمربي المسلم أن يتدرج في تطبيق العقوبة ، كحرمان الطفل من بعض الامتيازات العائلية ، أو بعض حقوقه الماليّة ، أو المقاطعة لفترة قصيرة ، لإشعاره بعدم رضاه عمّا بدر منه ، وتكون العقوبة البدنية هي المحطة الأخيرة ، وهي وفقاً للمعايير الإسلاميّة تتراوح عادة بين ثلاثة وعشرة أسواط يقدرها الوالي ( الحاكم الشرعي أو وكيله ، أو الأب نيابة عنهما ) 0

وقد أثبت تاريخ التربية في المجتمع المسلم أنّ المربي لا يحتاج إلاّ نادراً لتنفيذ العقوبة ضد مخالفة الطفل الجنسية ، لأن الآباء في مثل هذه الحالات لا يتأخرون عن اعتماد النصح والتوجيه هذا من جهة ، ولا يجدون في بيئتهم مُثيرات مهيجة للشهوة الجنسية بعنف كما نجد ذلك في هذه الأيام ، وعلى كل حال فكما يؤدب الطفل المميز ، بالضرب على تساهله إزاء الصلاة أو الوضوء ، كذلك يضرب بعد النصح والإرشاد إذا صدرت عنه مخالفة جنسيّة فاضحة تنذر بإشاعة الفاحشة في المجتمع المسلم


12ـ الزواج المبكر :
وهذه الخطوة الوقائية ، ربّما تكون حلاًّ عملياً لمشكلة عدم انضباط الفرد جنسياً ، وتتم دائماً بعد بلوغه الحلم مباشرة ، إذ يلجأ إليه المربي المسلم بعد فشل التربية الجنسية للطفل خلال فترة الإعداد والتأديب ، وحين يشعر الأب بعدم الاطمئنان على مستقبل استقامة ابنه وعفته الجنسية 0 إنه يحاول قبل أن يفلت الأمر من يده ، لضمان عفته وتجنيبه نقطة من الانحراف لا عودة إليها 0

وقد اقترح علماء النفس ، والتربيّة ، والجنس باعتماد هذا الحل إذا لم تنفع في تربيته جنسياً كل أساليب التربية ، لأن الزواج المبكر حل مشروع يسمح للبالغ المراهق الذي لم يقدر على ضبط شهوته الجنسية ، أن يشبعها دون تعرضه لمخالفات قانونيّة أو نقد اجتماعي ، وضغط عائلي أو قلق نفسي ، فالزواج المبكر يزيح التوتر من داخل النفس المراهقة ، بل ويحقق له انسجاماً نفسياً ، وتقديراً اجتماعياً من الآخرين 0

فطالما غير مسموح للبالغ المراهق بتفريغ الشحنة الانفعالية لشهوته كرجل ، وهو عاجز عن ضبط اندفاعات هذه الشهوة وإلحاحها الحيواني ، فإنه يواجه حينئذ حالة شديدة من الصراع النفسي بسبب تعارض دافعين أحدهما يدفعه في طريق الشهوة ، وآخر يصده عن الإشباع ، وإذا لم يتمكن المربي المسلم من إزاحة ألم هذا الصراع ، فلا مناص من وقوعه في براثن المرض النفسي ، ويظل بعد ذلك وقوداً للانحراف الجنسي ، يطحنه ألم الضمير ، وقسوة قانون الغيب الاجتماعي . لهذا قرّر بعض خبراء التربية الاعتماد على الزواج المبكر كخطوة وقائية وعلاجية في آن واحد ، وقائية ضد عوامل الانحراف المرتقبة ، وعلاجيّة للتمرد الذي عاشه قبيل المراهقة ضد القيم التربوية 0

وكان الزواج المبكر أسلوباً تربوياً سائداً في البيئة المسلمة طوال التاريخ ، لحل المشكلة الجنسية ، ونجح في السيطرة عليها ، بالرغم من المشكلات المتعلقة أساساً بالنظام العام للزواج في المجتمع ، كتزويج الأقارب ، وبدون رضا الفتاة مثلاً 0
والمشرع إجمالاً لا يفرض هذا الحل ، لكنّه يدعو إليه خاصة في الحالات التي يترتب وضع شاذ إذا بقيت دونما زواج ، ولهذا ترك المشرع للمربي المسلم حرية اعتماد هذا الحل لمواجهة المشكلة الجنسية أو إتباع طرق أخرى مناسبة 0

ضيف الله مهدي
23 -11- 2006, 09:15 PM
الحلقة الثامنة :
اضطرابات ضعف الانتباه والنشاط الزائد :
حركة الأطفال الزائدة : ظاهرة أم مرض ؟
حركة الأطفال الزائدة ، هل هي مرض يستدعي المعالجة ؟
أم أنها ظاهرة طبيعية في الأطفال لا تلبث أن تزول ؟
فكثير من الأمهات يشتكين من حركة أطفالهن الزائدة . ويتساءلن : هل أطفالنا مرضى أم أن أمومتنا قاصرة ؟
نقول :
انه ليس كل طفل كثير الحركة من وجهة نظر والدته هو مريض 0 فحركة الأطفال قد تكون دليل الحيوية والنشاط ، خاصة لأولئك الصغار الذين بدءوا حديثا في المشي وغمرتهم السعادة في اكتساب مهارة جديدة وهي المشي والجري والوصول للأشياء ، فنرى الطفل يجري هنا وهناك ويستكشف هذا المكان أو ذاك 0
وقد تكون الحركة الكثيرة داخل الفصل الدراسي إشارة إلى ارتفاع معدل الذكاء لأولئك الصغار الذين يقيدهم منهج دراسي موجه لمتوسطي الذكاء 0 لكن !! الحركة الزائدة ربما تشير إلى انخفاض مستوى الذكاء عند بعض الأطفال فيعبر عن محدودية قدراته في التعامل مع أمور الحياة اليومية والأعباء الدراسية بزيادة في حركته 0
إن زيادة الحركة قد تشاهد عند بعض الأطفال الذين يعانون من نقص في السمع أو تأخر في اللغة لأسباب كثيرة لعل أهمها تكرار التهابات الأذن الوسطى للطفل والذي لم يلق اهتماماً مناسباً من الأهل لمعالجته و تفادي آثاره 0
وبعض الأمهات تشتكي من حركة أطفالهن الزائدة ، وحينما يتم تقييم هؤلاء الأطفال يتضح أن حركتهم لا تزال في الحدود الطبيعية ، لكن تحّمل أسرهم لهم ورحابة صدورهم تجاههم تكون ضيقة ، وقد يكون ذلك لوجود عوامل خارجية مثل ضيق المنزل وعدم وجود أماكن مناسبة ينًفس الأطفال فيهاعن نشاطهم الطبيعي وربما يرجع ذلك إلى عدم وجود وسائل تسلية وألعاب مناسبة يفرغ الأطفال فيها طاقاتهم الطبيعية 0
كما قد يعبر الأطفال عن إحساسهم بالكآبة وإحباطهم وعدم استقرارهم الأسري والعاطفي بالحركة الزائدة 0 كما أنهم قد يعبرون عن عدم توافقهم الدراسي حينما يكون العبء الدراسي فوق طاقتهم بالحركة الزائدة 0 بقي أن نقول أن هناك مرضاً يصيب نسبة ليست بالقليلة من الأطفال يسمى اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه 0
حيث تشير الدراسات العربية والأجنبية إلى أن اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه يشكل أعلى نسبة تشخيصية للأطفال الذين يرتادون العيادة النفسية للأطفال 0 وفي هذا الاضطراب تلاحظ كثرة حركة الطفل غير الطبيعية بشكل يؤثر سلباً على سلوكه وسلامته في المنزل وعلى أدائه الدراسي في المدرسة 0
ويلاحظ على هؤلاء كذلك الممارسات الاندفاعية غير المتوقعة مثل رمي الأشياء أو ضرب الأخوة أو اجتياز الطريق العام فجأة دون التفكير لما سيحدثه من خطر0 كما يلاحظ عليهم تشتت الانتباه وعدم القدرة على إتمام الواجبات الدراسية وإنجاز ما يطلب منهم من أعمال بدون انقطاعات متكررة 0
إن هذه الفئة من الأطفال بحاجة ماسة للتقييم الطبي والنفسي والاجتماعي المتكامل ، وتزويد الأهل ببرامج سلوكية وتوجيهية للحركة الزائدة وتشتت الانتباه، وما قد يصاحبها من سلوك عدواني في بعض الأحيان 0 كما أن عدداً كبيراً منهم بحاجة لبعض الأدوية والعقاقير لضبط حركتهم وتحسين تركيزهم وبالتالي تحسين استيعابهم الدراسي ومهاراتهم الاجتماعية والشخصية 0
وفرط النشاط و/ أو ضعف التركيز، قد يظهران معًا أو قد يكون كل منهما ظاهرًا على حدة، ولكن من جانب آخر هناك من يعتقد بخطأ هذا الاعتقاد ، ويعتبر فرط النشاط عرضًا لكثير من الاضطرابات المختلفة 0 هذه الحالة لا تعتبر من صعوبات التعلم و لكنها مشكلة سلوكية عند الطفل و يكون هؤلاء الأطفال عادة مفرطي النشاط و اندفاعيين و لا يستطيعون التركيز على أمر ما لأكثر من دقائق 0
ويصاب من ثلاثة إلى خمسة بالمائة من طلاب المدارس بهذه الحالة و الذكور أكثر إصابة من الإناث و يشكل وجود طفل مصاب بهذه الحالة مشكلة حقيقية أحيانا للأهل و حتى الطفل المصاب يدرك أحيانا مشكلته ولكنه لا يستطيع السيطرة على تصرفاته و يجب على الوالدين معرفة ذلك و منح الطفل المزيد من الحب و الحنان و الدعم و على الأهل كذلك التعاون مع طبيب الأطفال و المدرسين من اجل كيفية التعامل مع الطفل 0
تعريف فرط الحركة أو فرط النشاط أو النشاط الزائد :
1ـ هو اضطراب عصبي ، سلوكي ناتج عن خلل في بنية و وظائف الدماغ، يؤثر على السلوك و الأفكار و العواطف . وهو اضطراب يمكن التعامل معه و تخفيف حدة أعراضه بهدف مساعدة الطفل على التعلم و ضبط النفس مما يساهم برفع مستوى ثقته بنفسه و مواجهة قسوة الأطفال الآخرين 0
2ـ و يعرف شيفر ( 1989) النشاط الزائد بأنه :
حركات جسمية تفوق الحد الطبيعي تفوق الحد الطبيعي أو المقبول ، إنه متلازمة أو تناذر مكون من مجموعة اضطرابات سلوكية ينشأ نتيجة أسباب متعددة نفسية وعضوية معا 0 فالنشاط الزائد عبارة عن الحركات الجسمية العشوائية الغير مناسبة تظهر نتيجة أسباب عضوية أو نفسية ، وتكون مصحوبة بضعف في التركيز وقلق بالدونية 0 وكثيرا ما يرافق ما يرافق اضطراب الانتباه مع النشاط الزائد أو فرط الحركة ، لأن هذا الأخير سبب له كما بينته الدراسات السريرية والتجريبية 0
3ـ ويعرف الدكتور ( عبد الله 2001 ) " أن النشاط الزائد حركات جسمية تفوق الحد الطبيعي والمقبول " وأنه أكثر انتشار بين الذكور من الإناث ، وأن 10% من الأطفال لديهم نشاط زائد 0 وفي الحالة الطبيعية وخلال النمو يؤدي النضج إلى التناقض في النشاط والحركة خلال المراهقة 0 إلاّ أن فرط الحركة وضعف الانتباه المرافق له قد يستمر خلال سنوات المراهقة وحتى الرشد مما يتطلب معالجة نفسية متخصصة 0
4ـ ويمكن تعريفه بأنه :
اضطراب عصبي ، سلوكي ناتج عن خلل في بنية و وظائف الدماغ، يؤثر على السلوك و الأفكار و العواطف. وهو اضطراب يمكن التعامل معه و تخفيف حدة أعراضه بهدف مساعدة الطفل على التعلم و ضبط النفس مما يساهم برفع مستوى ثقته بنفسه و مواجهة قسوة الأطفال الآخرين . يتم التعرف على الطفل غالبا ما بين 5 إلى 9 سنوات و تستمر الأعراض عليه في فترة الطفولة و المراهقة . كذلك قد تستمر الأعراض أو بعضها في 30- 60% من الحالات إلى مرحلة الرشد 0
5ـ ويعرف البعض النشاط المفرط بأنه :
مرض سلوكي مزمن ويتميز بأن الشخص المصاب به زائد النشاط وقليل الانتباه ويصيب الأطفال والبالغين والكبار 0
و الكثير حتى الآن لا يعرف أسباب هذا المرض ولكن من المحتمل أن المسبب الأساسي له هو عدم توازن في كيمياء الدماغ. كما يظهر أن للجينات سبب فيه، خاصة عندما نعرف أنه مرض متوارث ضمن العائلات 0
يتم التعرف على الطفل غالبا ما بين 5 إلى 9 سنوات و تستمر الأعراض عليه في فترة الطفولة و المراهقة . كذلك قد تستمر الأعراض أو بعضها في 30- 60% من الحالات إلى مرحلة الرشد 0
كيف يتم التعرف عليه؟
يختلف الاضطراب من شخص لآخر في حدته و أعراضه و السلوكيات الناتجة عنه، ولكن غالبا ما تظهر بعض أو جميع الأعراض التالية:
1ـ عدم التركيز وتشتت الانتباه :
وجود مؤثرات صوتية أو مرئية أو السرحان بأفكار و ذكريات جميعها تؤثر على الطفل في الوقت نفسه و أحياناً في الحدة ذاتها مما يجعل الطفل سهل التشتت، لا يستمر في نشاط واحد و سريع النسيان و قليل التركيز. وفي المحصلة قد يكون هناك ضعف في الذاكرة قصيرة المدى لدى الطفل و ضعف في الأداء الدراسي 0
2ـ الاندفاعية :
قد يتكلم أو يتصرف بشكل غير لائق ووقت غير مناسب دون التفكير بالعواقب وما قد يترتب على ذلك من نتائج و كذلك قد يكون سريع الهيجان و العصبية 0
3ـ النشاط الزائد :
قد لا يشعر بارتياح داخلي أو يشعر بدافع غير منطقي بأنه يجب عليه فعل شيء فهو دائماً يبدو في حركة مستمرة لا يستطيع التحكم بها وقد يظهر ذلك على شكل اهتزاز الساق أو القدم أو تحريك القلم. أحياناً لا تبدو زيادة في النشاط الحركي وهو ما يلاحظ غالبا عند البنات فيتميزن بتشتت الانتباه و أخذ وقت طويل لإنجاز المهام دون فرط الحركة 0
4ـ عدم الإشباع :
لا يبدو على الطفل أنه يرضى بأي شيء فقد يستمر بالحديث عن الموضوع نفسه أو يسأل بشكل مستمر أو يتدخل في شأن غيره 0 كذلك قد لا يكتفي أو يمل من الأشياء المادية المحسوسة والتي لا تستدعي تركيزا ذهنياً أو تكون ممتعة له مثل اللعب، الأكل، الهدايا فهو يريد المزيد دائماً ، و قد يصر على حمل أشيائه الخاصة به بنفسه أينما يذهب 0
5ـ ضعف في المهارات الاجتماعية :
لا ينسجم مع مَنْ هم في عمره و قد يتصرف بسذاجة أو بطريقة يفرض بها نفسه على باقي المجموعة في محاولة للتحكم بهم 0
6ـ ضعف التناسق الحركي :
قد تبدو حركة جسمه غير متناسقة أو خرقاء كأن يسقط ما بيده أو يتعثر في ما يمر به 0
7ـ عدم الترتيب و الفوضى :
والتي تبدو في سلوك الطفل في تعامله مع الأشياء من حوله 0
8ـ المزاجية و العناد :
فالأطفال يكون لهم أيام جيدة من حيث السلوك و أيام صعبة أوقد يكون التغير من حال لآخر في اليوم نفسه دون تفسير أو سبب واضح، فهي مزاجية متقلبة و بدون مبرر و بشكل لا يتناسب مع سن الطفل كما و كيفاً 0
9ـ صعوبات في المدرسة :
بالرغم من أن أغلب من يعاني من هذا الاضطراب لديهم مستوى ذكاء طبيعي إلا أن معظمهم يواجه صعوبات تعلم ناتجة عن عدم القدرة على التركيز و الانتباه0 و العديد منهم لديهم صعوبات أكثر تحديداً مثل عسر القراءة أو الدسلكسيا أو مشاكل في اللغة و المحادثة 0
• فرط الحركة وتشتت الانتباه Attention Deficit Hypractivity Disorder :
هناك توجهًا حديثا في المجال النفسي والتربوي بأن هناك اضطرابًا مستقلاً يطلق عليه فرط النشاط و/ أو ضعف التركيز، أي أنهما قد يظهران معًا أو قد يكون كل منهما ظاهرًا على حدة، ولكن من جانب آخر هناك من يعتقد بخطأ هذا الاعتقاد، ويعتبر فرط النشاط عرضًا لكثير من الاضطرابات المختلفة 0
هذه الحالة لا تعتبر من صعوبات التعلم و لكنها مشكلة سلوكية عند الطفل و يكون هؤلاء الأطفال عادة مفرطي النشاط و اندفاعيين و لا يستطيعون التركيز على أمر ما لأكثر من دقائق فقط يصاب من ثلاثة إلى خمسة بالمئة من طلاب المدارس بهذه الحالة و الذكور اكثر إصابة من الإناث و يشكل وجود طفل مصاب بهذه الحالة مشكلة حقيقية أحيانا للأهل و حتى الطفل المصاب يدرك أحيانا مشكلته ولكنه لا يستطيع السيطرة على تصرفاته و يجب على الوالدين معرفة ذلك و منح الطفل المزيد من الحب و الحنان و الدعم و على الأهل كذلك التعاون مع طبيب الأطفال و المدرسين من اجل كيفية التعامل مع الطفل 0
• الأعراض :
أحيانا يكون من الصعب جدا تشخيص هذه الحالة حيث أنها تتشابه مع أمراض كثيرة أخرى و تبدأ الأعراض عادة قبل أن يبلغ الطفل سن السابعة و يجب قبل وضع التشخيص استبعاد كل الأمراض و الاضطرابات العاطفية الأخرى يجد هؤلاء الاطفال صعوبة في التركيز ويكونون عادة اندفاعيين و زائدي الحركة و بعض الاطفال يكون المرض على شكل نقص انتباه دون فرط الحركة و يجب التذكر ان اي طفل طبيعي يتصرف بهذه الطريقة احيانا اما الأطفال المصابين بكثرة الحركة ونقص الانتباه فهم دائما على نفس الحال من فرط النشاط و هذه الحالات يتم تشخيصها عن طريق اختصاصي نفسي واختصاصي تربية خاصة. ويتم التشخيص عبر التأكد من وجود عدد من الأعراض (غالبًا 12 من 1، فإذا كانت متوفرة يميل المشخّص إلى أن الطفل مصاب بما يطلق عليه متلازمة فرط النشاط و/ أو ضعف التركيز، مع ملاحظة أنه لا يمكن الجزم بوجود النشاط الحركي الزائد عند الطفل إلا إذا تكررت منه أعراضه في أكثر من مكان (في البيت أو الشارع أو عند الأصدقاء..).
وعادة تكون القدرات الذهنية لهؤلاء الأطفال طبيعية أو أقرب للطبيعية. وتكون المشكلة الأساسية لدى الأطفال المصابين بتلك المتلازمة هو أن فرط النشاط و/ أو ضعف التركيز لا يساعدهم على الاستفادة من المعلومات أو المثيرات من حولهم، فتكون استفادتهم من التعليم العادي أو بالطريقة العادية ضعيفة، حيث يحتاجون أولاً للتحكم في سلوكيات فرط الحركة وضعف التركيز؛ وذلك لأن من الأعراض المعروفة لهذا الاضطراب :
1ـ عدم إتمام نشاط، والانتقال من نشاط إلى آخر دون إتمام الأول، حيث إن درجة الإحباط عند هذا الطفل منخفضة؛ ولذا فإنه مع فشله السريع في عمل شيء ما، فإنه يتركه ولا يحاول إكماله أو التفكير في إنهائه 0
2ـ عدم القدرة على متابعة معلومة سماعية أو بصرية للنهاية، مثل: برنامج تلفزيوني أو لعبة معينة، فهو لا يستطيع أن يحدد هدفًا لحركته.. ففي طريقه لعمل شيء ما يجذبه شيء آخر 0
3ـ نسيان الأشياء الشخصية، بل تكرار النسيان 0
4ـ عدم الترتيب والفوضى 0
5ـ الحركة الزائدة المثيرة للانتباه -عدم الثبات بالمكان لفترة مناسبة، حيث يكون هذا الطفل دائم التململ مندفعًا 0
6ـ فرط أو قلة النشاط 0
7ـ عدم الالتزام بالأوامر اللفظية، فهو يفشل في اتباع الأوامر مع عدم تأثير العقاب والتهديد فيه. وهذه بعض الأمثلة فقط 0
8ـ وطبعًا يشكّل الصف المدرسي بما يتطلبه من انضباط ونظام وواجبات مهما كانت بسيطة عبئًا على هؤلاء الأطفال، ليس لأنهم لا يفهمون المطلوب، بل لأنهم لا يستطيعون التركيز والثبات في مكان والانتباه لفترة مناسبة ( لتدخل ) هذه المعلومة أو تلك إلى أذهانهم ، وبالتالي تحليلها والاستفادة منها بشكل مناسب (وهو ما نسميه التعلم)، طبعًا مع مراعاة ما يناسب كل سن على حدة 0
وتساعدك القائمة التالية لتعرف فيما إذا كان طفلك مصاب بهذه الحالة فبعد إن تستطلع هذه القائمة من الأعراض و وجدت إن قسما كبيرا منها ينطبق على حالة طفلك فيجب عليك استشارة طبيب الأطفال أو الطبيب النفسي :
ــ الأطفال ما بين سن الثلاث إلى خمس سنوات :
الطفل في حالة حركة مستمرة ولا يهدأ أبدا يجد صعوبة بالغة في البقاء جالسا حتى انتهاء وقت تناول الطعام يلعب لفترة قصيرة بلعبه و ينتقل بسرعة من عمل إلى آخر يجد صعوبة في الاستجابة للطلبات البسيطة يلعب بطريقة مزعجة اكثر من بقية الأطفال لا يتوقف عن الكلام و يقاطع الآخر يجد صعوبة كبيرة في انتظار دوره في أمر ما يأخذ الأشياء من بقية الأطفال دون الاكتراث لمشاعرهم يسيء التصرف دائما يجد صعوبة في الحفاظ على أصدقائه يصفه المدرسون بأنه صعب التعامل 0

ضيف الله مهدي
23 -11- 2006, 09:17 PM
تابع الحلقة الثامنة :
ــ الأطفال ما بين ست سنوات إلى اثني عشر سنة :
يتورط هؤلاء الأطفال عادة بأعمال خطرة دون أن يحسبوا حساب النتائج ، يكون الطفل في هذا العمر متململا كثير التلوي والحركة ولا يستطيع البقاء في مقعده ويمكن أن يخرج من مقعده أثناء الدرس ويتجول في الصف من السهل شد انتباهه لأشياء أخرى غير التي يقوم بها لا ينجز ما يطلب منه بشكل كامل يجد صعوبة في اتباع التعليمات المعطاة له يلعب بطريقة عدوانية فظة يتكلم في أوقات غير ملائمة ويجيب على الأسئلة بسرعة دون تفكير يجد صعوبة في الانتظار في الدور مشوش دائما ويضيع أشياءه الشخصية يتردى أدائه الدراسي يكون الطفل غير ناضج اجتماعيا وأصدقاءه قلائل و سمعته سيئة يصفه مدرسه بأنه غير متكيف أو غارق بأحلام اليقظة 0
الأسباب :
إن أسباب هذه الحالة غير معروفة تماما و يمكن لأي مما يلي أن يكون سببا للحالة :
1ـ اضطراب في المواد الكيماوية التي تحمل الرسائل إلى الدماغ 0
2ـ إذا كان أحد الوالدين مصابا فقد يصاب الأبناء 0
3ـ قد ينجم المرض عن التسسمات المزمنة 0
4ـ قد تترافق الحالة مع مشاكل سلوكية أخرى0
5ـ قد ينجم المرض عن أذية دماغيه قديمة 0
6ـ بعض الدراسات الحديثة تشير إلى أن قلة النوم عند الطفل على المدى الطويل قد تكون سببا في هذه الحالة كما عند الأطفال المصابين بتضخم اللوزات 0
• اللوحة السريرية للاضطراب :
إن أكثر الأساليب التشخيصية حداثة للاضطراب هو الدليل التشخيصي الذي وضعته الجمعية الأمريكية للطب النفسي في دليلها المعدل عام 1987 ، وقد تضمنت اللوحة السريرية لنقص الانتباه والنشاط الزائد المعيار التالي :
أ ـ إذا ظهر 7 أو 8 أعراض ، أو مظاهر سلوكية من الأعراض التالية خلال فترة لا تقل عن ستة أشهر :ـ
1ـ صعوبة تركيز الانتباه عندما يتطلب الأمر ذلك 0
2ـ ظهور حركات عصبية في اليدين أو الرجلين 0
3ـ صعوبة اللعب بشكل هاديء 0
4ـ التكلم بصورة سريعة جدا 0
5ـ الانتقال من نشاط إلى آخر قبل إتمام الأول 0
6ـ صعوبة الاحتفاظ بالانتباه وتركيزه ( التشتت ) وخاصة في المهمات والفعاليات والألعاب 0
7ـ سهولة صرف الانتباه وتشتته بأشياء خارجية وهامشية 0
8ـ إجابته عن الأسئلة تكون بعيدة عن المطلوب ، والسرعة في الإجابة 0
9ـ الانشغال بفعاليات خطيرة جسديا ، وبدون انتباه ، مثل : عبور الشارع بسرعة دون انتباه 0
10ـ الاتسام بالفوضى وعدم النظام والقذارة 0
11ـ غالبا ما يفقد أشياء مهمة وضرورية للمنزل وللعمل المدرسي ، ( لعبة ، أقلام ، كتب ، إهمال الواجبات ) 0
12ـ عدم الإصغاء لما يقال له 0
ب ـ البداية قبل السنة السابعة من العمر 0
ج ـ لا تحدث فقط في اضطراب الانغلاق على الذات 0
والنشاط الزائد والمتمثل في الحركات الجسمية العشوائية ، وغير المناسبة أنها تظهر نتيجة أسباب عضوية أو نفسية وتكون مصحوبة بضعف في التركيز وشعور بالدونية والشيء الهام الذي يجب الانتباه إليه هو أن النشاط الزائد من خلال النشاط غير الملائم وغير الموجه بالمقارنة مع سلوك الطفل النشط الذي تتسم فعاليته بأنها هادئة ومنتجة 0
فكثيرا ما يذكر الوالدان بأن طفلهما لا يستقر ولا يهدأ ، وأنه دائم التجوال في المكان ، حيث يتسلق الجدران ويتكرر فشله في إتمام المهمات الموكلة إليه 0 وقد ذكر في إحصائيات إنكلترا أن هناك ما يقرب من 30% من الأطفال يوصفون بفرط النشاط من قبل ذويهم 0
وأطلق على اضطراب نقص الانتباه المصحوب بنشاط زائد في الماضي ( انفعال الأطفال مفرطي الحركة أو زائدي الحركة أو أعراض تلف المخ البسيط ) 0 ومن مظاهره نقص مدى الانتباه والاندفاعية ، وفرط النشاط لدى الطفل حيث لا يكون يقظا تجاه مثير معين لفترة مناسبة ، ودائم النشاط والحركة تقريبا لدرجة تجعله موضوع شكوى في الروضة أو في المنزل أو في المدرسة 0 ومن مظاهر النشاط الزائد : كثرة الحركة ، وتسلق الجدران أو الأشياء ، والتململ من الجلوس لفترة طويلة ، وكثرة التحرك أثناء النوم 0
ويصاحب هذا الاضطراب لدى الأطفال العناد وتقلب المزاج وسرعة الشعور بالإحباط ، وانخفاض الإنجاز بالمدرسة ، وأحيانا عدم توافق حركة العين واليدين 0 ولديهم أيضا ضعف في التمييز بين اليمين واليسار ، وضعف تقدير الوقت مثل الأطفال الذين في سنه 0
إن عدم القدرة على الانتباه ، وفهم المطلوب هو مظهر مهم لتشخيص هذا الاضطراب بالإضافة إلى التهور وسرعة الانفعالات ، وكذلك الاعتدال النسبي في السمع والبصر ، وفي القدرة على الإتيان بحركات متناسقة متزنة 0 ويكون ذكاء هؤلاء الأطفال أصحاب النشاط الزائد طبيعيا مع ملاحظة الاختلاف القوي بين درجات الذكاء العملي ودرجة الذكاء اللفظي 0 كما أن لديهم ضعف في الرياضيات واللغة إذا كانوا بالمدرسة 0 وقد استنتج ذلك من خلال تطبيق اختبار وكسلر 0
وهو يعاني من الشعور بالنقص وانخفاض مفهوم الذات ومستوى مرتفع من الاكتئاب 0 وكثيرا ما تظهر هذه الأعراض للاضطرابات هذه في السنة الأولى 0 وعادة يظهر نقص الانتباه المصحوب بنشاط زائد في سن ثلاث سنوات ، ويصل إلى ذروته في الفئة العمرية من 8ـ10 سنوات 0
وعندما يلعب الطفل من هذا النوع عندما يبلغ عمره ثلاث إلى خمس سنوات يلاحظ عليه عدم قدرته في السيطرة على الجري ، ويسقط كثيرا أو يُسقط الأشياء أو الألعاب التي في يديه ، وقد لا يستطيع قذف أو تلقف الكرة بطبيعة الحال مقارنة بأقرانه في نفس العمر 0
وقد تختفي هذه المظاهر مع المراهقة ، وأحيانا تظل لدى البالغين أو تختفي كثرة الحركة ليبقى نقص الانتباه والاندفاعية لدى البالغ ويسمى ذلك ( المتبقي من نقص الانتباه ) الذي يؤثر على المستوى الدراسي أو الإصابة بالمرض النفسي ، أو الإقبال على الإجرام 0
وينتشر هذا الاضطراب بين أطفال مختلف الطبقات الاجتماعية ، ومعدل انتشاره بين 5% إلى 20% لدى أطفال المدرسة الابتدائية ، ونسبة انتشاره لدى الذكور ثلاثة أمثال انتشاره لدى الإناث ، وينتشر أكثر بين الأقارب من الدرجة الأولى 0
• الملامح الإكلينيكية لفرط النشاط وعجز الانتباه :
تظهر ملامح عجز الانتباه والنشاط الزائد في أغلب الأماكن شاملة البيت والمدرسة والعمل والمواقف الاجتماعية ، وإن كانت بدرجات متفاوتة ، وإن كانت الأعراض تزداد في المواقف التي تتطلب انتباها مستمرا ، كالانتباه للمعلم في الفصل ، أو أثناء المذاكرة ، وقد تقل علامات الاضطراب أو تختفي عندما يكون الفرد متلقيا تنبيهات متكررة أو تحت سيطرة مباشرة أو في موقف جديد ، أو وجها لوجه مع شخص آخر ويتسم سلوك هؤلاء بالاندفاعية ، كأن يجيبوا على الأسئلة قبل استكمالها ، كما يقومون ببعض السلوكيات التي تؤذي الآخرين ، أو تعرضهم هم أنفسهم للخطر دون أن يضعوا في اعتبارهم العواقب الوخيمة المترتبة على مثل هذه السلوكيات 0 كالقفز من أماكن مرتفعة أو الجري في الشارع المزدحم بالسيارات دون النظر إلى الطريق ، ويتحركون بنشاط حركي مفرط وبعشوائية في المكان الذي يوجدون فيه 0
• الاضطرابات المصاحبة :
وهـناك بعض الاضطرابات التي تصاحب اضطراب عجز الانتباه والنشاط الزائد ومنها :ـ
1ـ الاضطرابات السلوكية 0
2ـ الاضطرابات الانفعالية 0
3ـ اضطراب النوم 0
4ـ عدم التوافق الاجتماعي 0
5ـ صعوبات التعلم 0
6ـ التأخر الدراسي 0
7ـ الاستجابة الخاطئة 0
8ـ كثرة النسيان ، وهي سمة من سمات ضعف الانتباه 0
9ـ شرود الذهن 0
10ـ ضعف القدرة على التفكير 0
11ـ الكتابة الرديئة 0
12ـ تجنب الموقف التعليمي 0
ويرى المليجي وزميله ( 1973 ) أن كثرة الإغراق في النشاط الجسمي يتعب العضلات ، وكذلك العقل 0 فالإفراط في النشاط العقلي ينجم عنه ضرر جسمي واضطراب انفعالي 0
• الأسباب المحتملة للنشاط الزائد كما يراها البعض :
إن الأسباب كثيرة ومتشابكة ، ويرجع ذلك إلى عوامل وراثية ، وبيولوجية ، واجتماعية ، وسلوكية 0
1ـ العوامل الوراثية : وهي تكون :ـ
أ ـ مباشرة : من خلال نقل المورثات التي تحمل خصائص تؤدي إلى تلف أو ضعف بعض المراكز العصبية المسؤولة عن الانتباه بالمخ 0
ب ـ غير مباشرة : من خلال نقل هذه المورثات لعيوب تكوينية تؤدي إلى تلف أنسجة المخ ، والتي إلى تلف أنسجة المخ ، والتي بدورها تؤدي إلى ضعف نموه ، بما في ذلك المراكز العصبية الخاصة بالانتباه 0
2ـ العوامل البيولوجية : وهي ترجع إلى وجود خلل في وظائف المخ المسؤولة عن الانتباه ، أو اختلال التوازن الكيميائي للناقلات العصبية ولنظام التنشيط الشبكي لوظائف المخ 0
3ـ العوامل البيئية : ومن العوامل البيئية المسهمة في اضطراب عجز الانتباه والنشاط الزائد ما يلي :ـ
أ ـ عوامل قبل وأثناء الولادة ، فقد تتعرض الأم أثناء الحمل للإشعاع ، أو تناول المخدرات أو الكحوليات ، أو بعض العقاقير الطبية ، أو تعرضها وإصابتها ببعض الأمراض المعدية ، كالحصبة الألمانية ، أو الزهري ، أو الجدري ، أو غيرها ، يؤدي إلى تلف المخ بما فيه مراكز الانتباه 0
ب ـ الحوادث : فإصابة مخ الجنين أثناء الولادة ، أو بعد الميلاد ، أو في السنوات المبكرة في طفولته بارتجاج في المخ نتيجة حادث أو ضربة على رأسه ، كل هذه الحوادث يمكن أن تؤدي إلى إصابة بعض المراكز العصبية في المخ ، خاصة المسؤولة عن الانتباه والتركيز ، مما يؤدي إلى عجز الانتباه 0
ج ـ الأمراض المعدية : فتعرض الطفل لأي عدوى ميكروبية ، أو فيروسية ، كالحمى الشوكية ، أو الالتهاب السحائي ، أو الحمى القرمزية ، أو الحصبة الألمانية ، ويؤدي هذا إلى إصابة المراكز العصبية في المخ المسؤولة عن الانتباه ، خاصة الفص الجبهي ، والفصوص الخلفية للمخ 0
د ـ التسمم بالتوكسينات : كالتسمم بمادة الرصاص التي تدخل في طلاء لعب الأطفال الخشبية ، وطلاء أقلام الرصاص 0
هـ ـ الغذاء : وخاصة محسنات الطعام الصناعية ، والشكولاته ، والمواد السكرية ، وهي لا تؤدي إلى اضطراب في الانتباه ، ولكنها تؤدي إلى ارتفاع مستوى النشاط الحركي نتيجة لزيادة الطاقة لديه 0
4ـ عوامل اجتماعية ونفسية ، ومنها :ـ
أ ـ عدم الاستقرار داخل الأسرة : فعدم الاستقرار من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والنفسية ، يؤدي لاضطراب نقص الانتباه ، والنشاط الزائد ، وكذلك مرض أحد الوالدين أو كلاهما ، أو إدمان أحدهما للمخدرات ، أو الطلاق ، أو السفر ، أو الوفاة ، أو سوء الانسجام الأسري والنزاعات ، والخصومات ، والشجار ، والتصدع الأسري ، كلها عوامل لذلك الاضطراب 0
وجو المشاحنات الأسرية له تأثير على الأبناء فيقول :
( هل الخصومات والمشاحنات وتوتر العـلاقة بين الوالدين تؤثر في سلوك الأبناء وتربيتهم ؟‍ 0
الجواب :
تشير الدراسات إلى أن المشاحنات والخلافات تؤثر على سلوك الأبناء وعدم الوصول بهم إلى الطريقة المثلى في التربية 0 وتشير المشاحنات إلى الخلافات التي يمكن أن تقع بين الوالدين ، وتبدو في أشكال سلوك كلامي وحركي متعدد الأنواع ، وتخلق في البيت جوا من التوتر يؤثر في حياة الأبناء تأثيرا بالغا 0
والخلافات بين الوالدين يمكن أن تقع والأصح القول أنها كثيرا ما تقع ، ولكن بعضهم لا يذهب فيها إلى أكثر من حدود المناقشة ( المهذبة ) بحيث تنتهي المناقشة إلى بعض الحلول المنطوية على الكثير من التسامح عند الطرفين 0 ويكثر في أمثال هذه الحوادث البسيطة أن يبعد الوالدان جو مناقشتهما عن الأولاد حرصا على حسن تربيتهم 0
إن جو المشاحنات في الأسرة من أشد الأجواء تأثيرا في إيجاد صعوبات في التكيف تعرقل حسن نمو الأبناء 0 فإذا انتهت المشاحنات إلى انقطاع كامل أو ما هو قريب منه في العلاقة بين الوالدين وأصبح البيت متصدعا أو مهدما ، غدا البيت من الجحيم في نظر الأبناء ، وقد رأينا الكثير من الأمثلة عن تأثير هذا الجو في جنوح الأحداث ، وتصبح التربية للأطفال في جو مثل هذا غير صالحة وكافية ولا يأخذ الأطفال نصيبهم منها 00
وإذا انفصلا الأبوين عن بعضهما أو عاشا معا لكنهما ليست بينهما أي مودة أو اتصال أو تقارب عاش الأبناء أجواء الطلاق النفسي والذي هو أشد وقعا وتأثيرا على نفسياتهم من الطلاق والانفصال الحقيقي )0
ب ـ سوء معاملة الوالدين :
إن سوء معاملة الوالدين للطفل ينتج عنها إصابة الأطفال باضطراب عجز الانتباه ، والنشاط الزائد 0
ج ـ خبرة دخول المدرسة :
فقد تكون لهذه الخبرة الجديدة على الطفل أثر في حدوث تشتت لانتباه الطفل ، ويترسب نقص الانتباه لديه 0
• العلاج لفرط الحركة أو فرط النشاط أو النشاط الزائد :
ويحتاج هؤلاء الأطفال إضافة إلى التشخيص المناسب التدريب المناسب، فهم بحاجة لبرنامج موضوع بدقة للتعامل مع تصرفاتهم كسلوكيات يجب تعديلها(أو ما يطلق عليه تربويًّا تعديل السلوك –حيث إن كل تصرفاتنا هي في الأساس سلوكيات)، ويتم ذلك باستخدام العديد من التقنيات العلاج السلوكي .
1ـ العلاج السلوكي :
يعتمد العلاج السلوكي بالأساس على لفت نظر الطفل بشيء يحبه ويغريه على الصبر لتعديل سلوكه، وذلك بشكل تدريجي بحيث يتدرب الطفل على التركيز أولاً لمدة 10 دقائق، ثم بعد نجاحنا في جعله يركِّز لمدة 10 دقائق ننتقل إلى زيادتها إلى 15 دقيقة، وهكذا 0
ولكن يشترط لنجاح هذه الإستراتيجية في التعديل أمران :
الأول ـ الصبر عليه واحتماله إلى أقصى درجة، فلا للعنف معه؛ لأن استخدام العنف معه ممكن أن يتحول إلى عناد، ثم إلى عدوان مضاعف؛ ولهذا يجب أن يكون القائم بهذا التدريب مع الطفل على علاقة جيدة به، ويتصف بدرجة عالية من الصبر، والتحمل، والتفهم لحالته، فإذا لم تجدي ذلك في نفسك، فيمكن الاستعانة بمدرس لذوي الاحتياجات الخاصة ليقوم بذلك 0
الثاني ـ يجب أن يعلم الطفل بالحافز (الجائزة)، وأن توضع أمامه لتذكِّره كلما نسي، وأن يعطى الجائزة فور تمكنه من أداء العمل ولا يقبل منه أي تقصير في الأداء، بمعنى يكون هناك ارتباط شرطي بين الجائزة والأداء على الوجه المتفق عليه (التركيز مثلاً حسب المدة المحددة...)، وإلا فلا جائزة ويخبر صراحة بذلك 0
و فيما يلي بعض الأساليب التي يمكن أن تتبعيها في تعديل سلوك طفلك :
1ـ التدعيم الإيجابي اللفظي للسلوك المناسب، وكذلك المادي، وذلك بمنح الطفل مجموعة من النقاط عند التزامه بالتعليمات، تكون محصلتها النهائية الوصول إلى عدد من النقاط تؤهله للحصول على مكافأة، أو هدية، أو مشاركة في رحلة، أو غيرها، وهذه الأساليب لتعديل السلوك ناجحة ومجربة في كثير من السلوكيات السلبية، ومن ضمنها "النشاط الحركي الزائد"، ولكن يجب التعامل معها بجدية ووضوح حتى لا تفقد معناها وقيمتها عند الطفل، مع الأخذ في الاعتبار طبيعة الطفل، وأنه لا يمكنه الاستقرار والهدوء لفترة طويلة، ولذلك فتستخدم في الأمور التي تجاوز حد القبول إما لضررها أو لخطرها 0 مع توضيح ذلك للطفل وذكر الحدود التي لا يمكنه تجاوزها 0
2ـ جدولة المهام، والأعمال، والواجبات المطلوبة، والاهتمام بالإنجاز على مراحل مجزأة مع التدعيم والمكافأة.و ذلك بشرح المطلوب من الطفل له بشكل بسيط ومناسب لسنه واستيعابه، والاستعانة بوسائل شرح مساعدة لفظية وبصرية مثل الصور والرسومات التوضيحية والكتابة لمن يستطيعون القراءة. وعمل خطوات معينة يجب عملها تبعًا لجدول معين وفي وقت معين)، ويتم تطبيق هذا البرنامج بواسطة اختصاصي نفسي واختصاصي تربية خاصة، بالتضافر مع الأهل، والمعلم، والطبيب (إذا كان هناك حاجة مرضية مثل نقص مواد معينة بالجسم أو وجود ضرورة التحكم في فرط النشاط عن طريق أدوية معينة).
وستجدي تفاصيل تطبيق هذه التقنيات في استشارة أخرى سنوردها لك في نهاية الاستشارة. . ويمكن التعامل مع الطفل في مثل هذه الحالة عن طريق وضع برنامج يومي واضح يجب أن يطبقه بدقة، والإصرار على ذلك عن طريق ما يسمَّى بـ "تكلفة الاستجابة"، وهي إحدى فنيات تعديل السلوك، وتعني هذه الطريقة (فقدان الطفل لجزء من المعززات التي لديه نتيجة سلوكه غير المقبول، وهو ما سيؤدي إلى تقليل أو إيقاف ذلك السلوك) ومثل ذلك إلغاء بعض الألعاب، بل وسحبها مقابل كل تجاوز يقوم به الطفل خارج حدود التعليمات.
3ـ والتدريب المتكرر على القيام بنشاطات تزيد من التركيز والمثابرة، مثل تجميع الصور، وتصنيف الأشياء (حسب الشكل/ الحجم/ اللون/..)، والكتابة المتكررة، وألعاب الفك والتركيب، وغيرها .
4ـ العقود:
و يعني بذلك عقد اتفاق واضح مع الطفل على أساس قيامه بسلوكيات معينة، ويقابلها جوائز معينة، والهدف هنا تعزيز السلوك الإيجابي وتدريب الطفل عليه، ويمكننا إطالة مدة العقد مع الوقت، ويجب هنا أن تكون الجوائز المقدمة صغيرة ومباشرة، وتقدم على أساس عمل حقيقي متوافق مع الشرط والعقد المتفق عليه، ومثال ذلك العقد : (سأحصل كل يوم على ريال ، ريالان ـ مثلاً حسب الظروف ـ إضافية إذا التزَمْت بالتالي :
ــ الجلوس بشكل هادئ أثناء تناول العشاء 0
ــ ترتيب غرفتي الخاصة قبل خروجي منها 0
ــ إكمال واجباتي اليومية في الوقت المحدد لها 0
ويوقع على هذا العقد الأب والابن ، ويلتزم الطرفان بما فيه، ويمكن للأب أن يقدم للطفل أو المراهق بعض المفاجآت الأخرى في نهاية الأسبوع، كاصطحابه في نزهة أو رحلة، أو أي عمل آخر محبب للابن إذا التزم ببنود العقد بشكل كامل، وتكون هذه المفاجآت معززًا آخر يضاف لما اتفق عليه في العقد.
5ـ نظام النقطة :
ويعني به أن يضع الأب أو المعلم جدولاً يوميًّا مقسمًا إلى خانات مربعة صغيرة أمام كل يوم، ويوضع في هذه المربعات إشارة أو نقطة عن كل عمل إيجابي يقوم به الابن سواء إكماله لعمله أو جلوسه بشكل هادئ أو مشاركته لأقرانه في اللعب بلا مشاكل، ثم تحتسب له النقاط في نهاية الأسبوع ، فإذا وصلت إلى عدد معين متفق عليه مع الطفل فإنه يكافأ على ذلك مكافأة رمزية 0
ــ ويمكننا إضافة النقطة السلبية التي تسجل في نفس الجدول عن أي سلوك سلبي يقوم به، وكل نقطة سلبية تزيل واحدة إيجابية، وبالتالي تجمع النقاط الإيجابية المتبقية ويحاسب عليها0
ــ ومن المهم جدًّا أن تكون هذه اللوحة في مكان واضح ومشاهد للطفل حتى يراها في كل وقت، ونظام النقط ذلك مفيد للأطفال الذين لا يستجيبون للمديح أو الإطراء ، وهي مفيدة لأنها تتتبع للسلوك بشكل مباشر، ولكن يجب فيها المبادرة بتقديم الجوائز المتفق عليها على ألا تكون مكلفة للأسرة، وأن تقدم بشكل واضح ودقيق حسب الاتفاق حتى لا تفقد معناها
6ـ وضوح اللغة وإيصال الرسالة :
و المعنى هنا أن يعرف الطفل ما هو متوقع منه بوضوح وبدون غضب، وعلى والده أن يذكر له السلوك اللائق في ذلك الوقت، فيقول الأب مثلاً: "إن القفز من مكان إلى آخر يمنعك من إتمام رسمك لهذه اللوحة الجميلة"، أو "إن استكمالك لهذه الواجبات سيكون أمراً رائعًا". والمهم هنا هو وضوح العبارة والهدف للطفل، وتهيئته لما ينتظر منه، وتشجيعه على القيام والالتزام بذلك 0
أما إذا فشلت كل هذه الطرق في تحقيق النتيجة المأمولة ، فيمكن إعطاء الأطفال بعض الأدوية والأطعمة الخاصة المناسبة، من أجل حدوث الاسترخاء العضلي عندهم ، وتدريبهم على التنفس العميق وممارسة بعض التدريبات العضلية التي لها تأثير إيجابي على الأطفال ذوي النشاط الحركي الزائد ، ويتم ذلك عن طريق مراجعة إحدى العيادات النفسية المتخصصة 0
إلى هنا تنتهي الأساليب المقترحة ليبقى تذكرينا لك بإرسال النتائج التي طلبناها، وبضرورة التواصل مع مدرِّسيه بالمدرسة؛ ليتم التعاون فيما بينكما، نحو تحفيز الطفل على أن يخرج أحسن ما عنده بإذن الله تعالى، بالإضافة إلى ضرورة عرضه على اختصاصي تخاطب وتنمية قدرات ليسير العلاج جنبًا إلى جنب نحو الأفضل بالنسبة له 0
• العلاج الدوائي :
تفيد المنبهات العصبية وعلى عكس المتوقع كثيرا في علاج فرط النشاط الحركي عند الطفل فهي تؤدي إلى هدوء الطفل وزيادة فترة التركيز عنده ولا تعطى هذه الأدوية إلا للأطفال ممن هم في سن المدرسة و أهمها ( الريتالين و الدكسيدرين ) و هي لا تعطى ولا تصرف إلا تحت إشراف طبيب الأطفال وأهم التأثيرات الجانبية لهذه الأدوية هو الصداع والأرق وقلة الشهية ويجب إن لا يكون العلاج دوائيا لوحده وإنما مع العلاج السلوكي السابق وتعالج حالات نقص الانتباه دون فرط الحركة بنفس الطريقة 0
إذن الموضوع بحاجة إلى جهد ومتابعة، ولكن أحب أن أؤكد على ما يلي :
1ـ ضرورة اتباع البرنامج بدقة؛ لأن ذلك يسهل الحياة بشكل كبير على الطفل وعلى أهله مستقبلاً، أي بذل جهد في البداية على أمل تحقيق أفضل نتيجة ممكنة في المستقبل 0
2ـ ضرورة إدماج برنامج تعديل السلوك مع أي برنامج تعليمي أكاديمي، أو طبي (دوائي إذا كان هناك ضرورة لذلك) 0
3ـ يفضل عمل جميع الفحوصات المطلوبة للتأكد من أن هذه الأعراض ليست مظهرًا مصاحبًا لمشكلة أخرى، "فقد بينت الدراسات أن اضطراب نقص الانتباه أو فرط النشاط يترافق مع عدد من الاضطرابات النفسية الأخرى، والاضطرابات العضوية واستعمال بعض الأدوية"، وهذه الفحوصات تشمل الفحوصات الطبية، واختبار الذكاء، واختبارات صعوبات التعلم؛ وذلك لتحديد إن كان هذا عرض لمشكلة أخرى أم أنه ما يعرف بمتلازمة فرط النشاط وضعف التركيز فقط. وأؤكد لك بأن نتائج التدريب تكون ذات نتائج جيدة جدًّا إن شاء الله تعالى، مع تعاون الأهل، ووجود المدرب القدير، ومراعاة الفروق الفردية بين الأطفال 0
• الأدوية :
يمكن للأدوية أن تتحكم وتسيطر على سلوك الطفل وتزيد من القدرة على الانتباه. ومن أكثر الأدوية شيوعا المنبهات إذ أنها تزيد من نشاط بعض أجزاء الدماغ التي تبدو كسولة أو خاملة. وتشمل أدوية المنبهات ما يلي :
1ـ ميثيلفنيديت (ريتالين) Methylphenidate (Ritalin) 0
2ـ ديكستروأمفيتامين (ديكسدرين) Dextroamphetamine (Dexedrine) 0
3ـ أمفيتامين (أديرال) Amphetamine (Adderall) 0
وهناك عقاقير أخري تشمل على :
1ـ مضادات الاكتئاب لعلاج الاكتئاب والقلق 0
2ـ كلونيدين لعلاج حالات الإنفعال المفاجئ 0
وهذه وصايا عشر للمدرسين الذين يتعاملون مع الأطفال المصابين بنقص الانتباه والنشاط الزائد :
1ـ يجب إدراك أن الإصابة بنقص الانتباه والنشاط الزائد تعيق العملية التعليمية للطفل ويجب تفهم طبيعة النواقص لدى هذا الطالب.
2ـ كن حازما في تطبيق القوانين ولكن التزم الهدوء والأسلوب الإيجابي.
3ـ تكلم بوضوح في الفصل وباختصار واستخدم جملا سهلة الفهم.
4ـ أعط نتائج مباشرة وسريعة للسلوك والإنجاز الأكاديمي ولا تؤجل. استعمال التشجيع الإيجابي بقدر الإمكان.
5ـ أدر الصف بشكل منظم وحسب تسلسل متوقع من الطلاب.
6ـ لا تخيف الطالب الذي يعاني من التشتت الذهني بطلب عمل الكثير من الواجبات ويفضل التركيز على نوعية العمل بدل الكمية ويفضل أن تكون الواجبات أقل ما يمكن حتى يتمكن الطالب من إنهاءها.
7ـ اكتشف نقاط القوة لدى هذا الطفل واعمل على تحسينها.
8ـ ساعد الطالب على ترتيب طاولته وأدواته الدراسية.
9ـ راقب تصرفات الطالب عن قرب بدون إلحاح أو تدخل.
10ـ حاول الإبقاء على روح المرح 0
وللزيادة أكثر يمكنكم الدخول على الرابط

http://www.bafree.net/forum/viewtopic.php?t=49697&postdays=0&postorder=asc&start=0

ضيف الله مهدي
30 -11- 2006, 12:40 AM
الحلقة التاسعة :
السلوكيات السيئة :

• منابع السلوك السيئ عند الأطفال :

قد يتساءل الوالدان ، وهذا التساؤل له ما يبرره كل التبرير ، لماذا يلاحظ على بعض الأطفال خلال مرحلة طفولتهم بعض السلوك العابر المزعج والمسيء للأهل ، بينما يعتري البعض الآخر أنماط السلوك السيئ بحيث يخلق مثل هذا السلوك بالنسبة للوالدين مشكلة دائمة ، وأعباء تربوية مرهقة مضنية ؟

الذي لا جدال فيه أن السلوك المقبول التكيفي ، والآخر السيئ المنافي المرفوض ، إنما يتعززان بالإثابات والمكافآت التي يتلقاها الأطفال من قبل الوالدين خلال العملية التربوية 0

ففي بعض الأحيان ، وبصورة عارضة ، قد يلجأ الوالدان إلى تقوية السلوك السيئ الصادر عن أطفالهما بدون أن يعيا النتائج السلبية السلوكية لهذه التقوية أو التعزيز ، وهنا يكونان قد خلقا متاعب بأيديهما من جراء هذا الخطأ في تعزيز السلوك السيئ مثالنا على ذلك إغفال الوالدين للولد عدم التزامه بموعد ذهابه إلى الفراش الذي اعتاد عليه ، وتركه مع التلفزيون يتابع برامجه التي تجذبه 0

هذا الإغفال هو إثابة غير مباشرة من جانب الوالدين لسلوك غير مستحب ينشأ عنه نشوب صراع بين الطرفين من أجل إجباره على النوم في وقت محدد وبخاصة إذا كانت مدة النوم قليلة بالنسبة للولد ، تجعله في تعب عصبي يمنعه من القيام بواجباته المدرسية البيتية 0

لذا فالسلوك غير المستحب إذا ما تم عدم إثابته أو عوقب من أجله ، فإنه سيظل ضعيفاً غير مرسخ ولا معزز ، سهل الإزالة والمحو ، وأقل احتمالاً في استمراره أو ظهوره مستقبلاً 0 هناك ثلاث قواعد أساسية ناظمة لتربية الطفل يتعين على الوالدين مراعاتها 0

وهذه القواعد سهلة التطبيق ، غالباً ما تجنب المتاعب السلوكية التي تصد عن أولادهما ، والالتزام بهذه القواعد يستوجب الاستمرارية واتخاذها نهجا تربويا أساسياً 0 وهذه القواعد هي :


1ـ إثابة السلوك المقبول الجيد إثابة سريعة بدون تأجيل 0 فالطفل الذي التزم في المكان المألوف العادي الذي عينته له والدته ( المرحاض )، عليها أن تبادر على التو بتعزيز هذا السلوك ، إما عاطفياً وكلامياً ( المدح والتشجيع والتقبيل ) ، أو بإعطائه قطعة حلوى ، ووعده بمتابعة إثابته في كل مرة يلتزم بالتبول في المرحاض 0 والأمر كذلك عند الطفل الذي يتبول ليلاً في فراشه ، حيث يثاب عن كل ليلة جافة 0


2ـ عدم إثابة السلوك السيئ إثابة طارئة عارضة ، أو بصورة غير مباشرة 0 ومثالنا هو الذي ضربناه في البدء 0


3ـ معاقبة السلوك السيئ عقاباً لا قسوة فيه ولا عنف شديد 0
ويحسن بنا هنا أن ندخل في شيء من التفصيل لهذه القواعد الثلاث كيما نصل إلى مدركات الآباء بما يقنعهم بأهمية هذه القواعد التربوية الهامة ، التي تسهل عليهم تنشئة أطفالهم ، وتوفر عليهم متاعب سلوكية كبيرة ، وتضفي عليهم متعة تربية الولد ، وتدفع عنهم شقاوة التعامل معهم 0


أ ـ إثابة السلوك الجيد :
يتعلم الطفل الكلام ، والاعتماد على ذاته باللباس ، ومشاركة الأطفال في التسلي باللعب ، لأنه يتلقى الاهتمام ، والإثابة من قبل الوالدين وأفراد الأسرة ، والمحيط الذي يعيش في كنفه وإطاره 0

ويقع على الوالدين بالدرجة الأولى ممارسة الإثابة كنهج أساسي تربوي في تسييس الولد ، والسيطرة على سلوكه وتطويره تطويراً سليماً ومتكيفاً . وإيجابية الإثابة في تعزيز السلوك الحسن التكيفي لا تقتصر في الواقع على الأطفال ، بل هي أداة حفز هام في ترشيد الأداء الجيد ، ورفع وتيرته ، وخلق الحماس ورفع المعنويات ، وتنمية الثقة بالذات عند الكبار أيضاً، لأنها تعكس معنى القبول الاجتماعي الذي هو جزء من الصحة النفسية وعلى هذا فإن الإثابة Reward ، تؤطر السلوك وتحدد منحاه وتوجهاته عند الصغار والكبار على حد سواء 0

ثم إن الطفل الذي يثاب على سلوكه الجيد المقبول المتوافق ، فإن هذه الإثابة تحفزه على تكراره مستقبلاً 0 وهذا ما نراه عند الكبار الذين يستمرون في عملهم ، لأنهم يتقاضون أجوراً في نهاية الأسبوع أو الشهر 0 والأجور هي إثابة على عمل مقبول من قبل رب العمل بالمعنى التحليلي 0
السؤال المطروح هنا هو :

ما نوع الإثابة الواجب استخدامها ، وأي منها تبدو أكثر فعالية ؟


1ـ الإثابة الاجتماعية :

هذا النوع من الإثابة هو على درجة كبيرة من الفعالية في تعزيز السلوك التكيفي المقبول المرغوب عند الكبار والصغار معاً 0 ونعني بالإثابة الاجتماعية ، الابتسامة والتقبيل والمعانقة والربت والمديح والاهتمام ، وإيماءات الوجه وتعبيرات العين المعبرة عن الرضا والحبور والاستحسان 0 فالعناق والمديح تعبيران عاطفيان سهلا التنفيذ والأطفال عادة ميالون إلى هذا النوع من الإثابة بالإضافة إلى التقبيل ، لأن فيهما مضامين عاطفية ، وحنان وحب 0


قد يظن بعض الآباء على أولادهم إبداء الانتباه والمديح لسلوكيات مليحة مستحسنة أظهروها إما بفعل انشغالهم المفرط في أعمالهم اليومية ، فلا وقت عندهم للانتباه إلى سلوكيات أطفالهم أو لاعتقادهم ، خطأ طبعاً ، أن على أولادهم إظهار السلوك المؤدب المهذب بدون الحاجة إلى إثابة ومكافأته 0 فالطفلة التي رغبت في مساعدة والدتها بإعادة ترتيب غرف النوم أو في بعض الشؤون المنزلية ، ولكنها لم تقابل على هذا العون بأية إثابة من والدتها ، فإنها ، في أكثر الاحتمالات ، لن تكون متحمسة إلى إبداء هذا العون لوالدتها مستقبلاً تلقائياً 0


يبدو المديح فعالاً في تعزيز السلوك المرغوب للطفل 0 وهنا يتعين إثابة السلوك ذاته وليس الطفل ، لأن الهدف هو جعل هذا السلوك متكرراً مستقبلاً فالطفلة التي أعادت ترتيب غرفتها ونظمتها ، يمكن إثابة سلوكها من قبل الأم بالمقولة التالية :


" تبدو غرفتك فاخرة رائعة ، وتنظيفك لها وإعادة تنظيمها هما عمل أفتخر به يا حبيبي "

وهذه المقولة لها وقع أكبر في نفسية البنت من القول التالي : " أنت فتاة جيدة " .





2ـ الإثابة المادية :

إلى جانب الإثابات المعنوية الاجتماعية هناك المكافآت المادية ، كإعطاء الطفل أو الطفلة الحلوى ، والألعاب والدراهم ، أو إشراك الطفلة في إعداد الحلوى مع والدتها تعبيراً عن شكرها لها ، أو اصطحاب الطفل برحلة ترفيهية خاصة ( حديقة للتنزه ، حديقة حيوانات ، 00إلخ ) 0 ودلت الإحصائيات على أن الإثابة الاجتماعية تأتي بالدرجة الأولى في تعزيز السلوك المرغوب بينما تأتي الإثابة المادية بالدرجة الثانية ، ولكن هذا لا يمنع من وجود أطفال يفضلون الإثابات المادية 0 وفيما يلي الإثابات التي أتضح أن الأطفال يفضلونها :


الإثابات الاجتماعية
إثابات النشاط والامتيازات
الإثابات المادية
الابتسامات لعب الورق مع الأم
شراء بوظة

العناق
الذهاب إلى الحديقة
شراء ساعة
الربت
مشاركة الأب في تصفح كتاب شيق
إعطاء مال
الاهتمام
مساعدة الأم في تحضير الحلوى
شراء لباس
اللمس والاتصال
السماح للطفل بمشاهدة التلفاز حتى ساعة متأخرة ليلاً شراء بالونات

مصافحة اليد
اللعب بالكرة مع الوالد شراء حلوى خاصة
المديح والإطراء
تنظيم لعبة جماعية مع أفراد الأسرة
شراء حلي
اللمز والغمز
الذهاب لتناول عشاء فاخر خارجاً


وكما ذكرنا يتعين تنفيذ المكافأة تنفيذاً عاجلاً بلا تردد ولا تأخير ، وذلك بعد إظهار السلوك المرغوب ، والأداء المطلوب ، والتعجيل بإعطاء المكافأة أو الإثابة الاجتماعية هو مطلب شائع في السلوك الإنساني ، وعلى الأبوين الامتناع عن إعطاء المكافأة أو توجيه الإثابة لسلوك مشروط من قبل الطفل ، أي طلب إعطاء المكافأة قبل أداء السلوك المطلوب 0 فالإثابة تأتي بعد تنفيذ الأداء أو السلوك المطلوب وليس قبله 0


ب ـ لا تثب السلوك غير المرغوب فيه بصورة عارضة :

السلوك غير المرغوب الذي يثاب حتى ولو كان ذلك بصورة عارضة وبمحض الصدفة ، من شأنه أن يتعزز ويتكرر مستقبلاً 0
فالمشاهدات الحياتية تظهر لنا أن الآباء المنهمكين في أعمالهم ، وليست لديهم الفرص الكافية ليقضوا جانباً من وقتهم مع أولادهم بصورة منتظمة ، يقدمون إثابات عن غير قصد ولا بصيرة لأولادهم عند انخراطهم بمظاهر سلوكية منافية ومرفوضة 0

ومثل هذه الإثابة الخاطئة تخلق مستقبلاً ، متاعب لهم ولأولادهم على السواء 0 ولعل هذا الجانب من سوء التقدير وضعف الفطنة هو من أكثر الأخطاء شيوعاً في أجواء الأسر 0

مثالنا على ذلك الأم التي تساهلت مع ابنتها في ذهابها إلى النوم في وقت محدد ، بحجة عدم رغبة البنت في النوم وعدم شعورها بالتعب ، فرضخت الأم لمطالبها بعد الرفض المشفوع بالبكاء والتمتع 0 وقد سمحت لها الأم إزاء هذا التمتع والرفض بالبقاء مدة نصف ساعة أخرى ، متذرعة بعدم قدرتها على تحمل بكاء وصراخ ابنتها 0


في هذا الوقت تعلمت البنت أن بمقدورها اللجوء إلى السلوك الحرون مستقبلاً لتلبية رغبتها وإجبار والدتها على الكف عن مطالبتها بالنوم في الوقت المحدد ، بعد ما حصلت على تعزيز لهذا السلوك الرافض ، مستخدمة سلوك الصراخ والبكاء والتمرد وسيلة لتحقيق هذا المطلب 0 ومثل هذه السلوكيات تكون متعلمة تماماً على غرار السلوك المقبول0 لذا يتوجب على الوالدين عدم إثابة السلوك غير المرغوب حتى ولو بدون قصد 0


مثال آخر :

طفل عمره خمسة أعوام يرغب في شد انتباه أمه إليه ، وبخاصة عندما تكون منهمكة في شؤون تدبير المنزل ، عمد إلى البكاء بصورة ملحة ، حتى ضاقت الأم ذرعاً من بكائه المزعج ، فاضطرت إلى التوقف عن عملها ( وهذا كان مطلبه ) والتفتت إليه توبخه على بكائه غير المبرر ، ومن ثم استفسرت منه عن الشيء الذي يزعجه 0

تعلم هذا الطفل أنه عندما يرغب بشد انتباه أمه إليه ما عليه سوى اللجوء إلى البكاء وقبول التوبيخ البسيط ، حيث سيحظى في النهاية بمطلبه 0 وهكذا نجد كيف أن الإثابة غير المقصودة من جانب الأم على بكائه علمته كيف يبتزها ، فأضحى سلوكاً رابحاً عنده 0 فالأطفال والآباء يعلمون بعضهما بعضا السلوكيات غير المستحبة واللا مقبولة 0

وثمة مثال آخر عن الطفل العنيد الذي يجبر أمه على الرضوخ لمطلبه بالبكاء والمزاج الغضوب الثائر ، مما يستأثر بعطفها عليه كيما يكف عن بكائه فتعمد إلى تلبية طلبه 0 وهكذا يكون هذا الطفل القوي الإرادة هو المسيطر على والدته في تلبية كافة طلباته يجعلها منزعجة وموترة إلى أن يحصل على غرضه 0

وأعرف صديقاً لا يستطيع تبديل شريط مسجلة سيارته ، كلما كان ابنه راكباً السيارة 0 فيرغمه هذا الصبي على إبقاء شريطه المفضل طوال فترة ركوبه السيارة ، رغماً عن أنف والديه 0 فالتساهل في تلبية هذا الطلب بهدف الكف عن إلحاحه جعله يفرض إرادته عليهما ، نتيجة هذا التعزيز للسلوك غير المرغوب 0

ج ـ عليك معاقبة السلوك غير المرغوب الصادر عن أولادك : إن التربية الخالية من الألم هي تربية موجودة في الفراغ ، ومحض تصور لا معنى له على الإطلاق 0

يحمل الطفل الدوافع والغرائز التي تنحو نحو الإشباع والتلبية من جانب المحيط 0 وهذه الدوافع التي تخدم الذات كثيراً ما تتضارب في وسائل إروائها وإشباعها مع النظم والمعايير الاجتماعية والأخلاقية السائدة 0 ويصعب تصور إنساناً تمكن من تمييز ما يقبله المجتمع من سلوك يصدر عنه ، وآخر مرفوض من هذا المجتمع بدون إخضاع سلوكه منذ نعومة أظفاره إلى الترشيد الذي يقبله المجتمع 0

والعملية الترشيدية التربوية لسلوك الطفل تقوم بأساسها على تعلم السلوك المقبول اجتماعياً وتعزيزه وإكراهه على التخلي عن السلوك المجافي الذي يرفضه المجتمع 0

وهذه العملية التعليمية لابد وأن تقوم على الإثابة للسلوك المناسب ، والعقوبة للسلوك المرفوض 0 وأية عملية تربوية لا تأخذ بمبدأ الإثابة والعقاب في ترشيد السلوك بصورة متوازنة وعقلانية ، فإن الانحراف في السلوك سيكون نتاج هذه التربية ، بل إن عملية التكيف الاجتماعي برمتها هي توافق بين الحاجات الشخصية والحاجات الاجتماعية ، وتوازن بين الأخذ والعطاء في المجتمع 0 وإذا سلمنا بهذا المبدأ الجوهري ، يحتم في العملية التربوية الترشيدية للسلوك معاقبة السلوك الخاطيء غير المقبول الذي يصدر عن الطفل 0

والعقوبة يجب أن تكون مناسبة ( خفيفة ) لا قسوة فيها ، لأن الغرض منها أساسا عدم تعزيز السلوك السيئ والحيلولة دون تكراره مستقبلاً وليس إيذاء الطفل وإلحاق الضرر بجسده وبنفسيته من وراء العقوبة ، كما يتصرف بعض الآباء في تربية أولادهم 0


وعلى نقيض ذلك نجد أمهات ( بفعل عواطفهن من الأمومة الطاغية وبخاصة إذا كان الولد وحيداً في الأسرة ) يعزفن عن معاقبة أولادهن لسلوكيات خاطئة ، قد تكون خطيرة مستقبلاً على تكيفهم 0

إنهن يكافئن فقط السلوك الجيد بينما يعزفن عن معاقبة السلوك السيئ 0 فالطفل هنا أضحى في موقف لا يستطيع تقويم السلوك الخاطئ المرفوض ، لأن عدم ردعه جعله يعتقد أنه سلوك مقبول أيضاً ( السكوت هو إثابة ضمنية ) 0 إنه مستقبلاً سيكون عرضة للصراع النفسي بين صد أفراد المجتمع لما يصدر عنه من سلوك مرفوض ، وبين رغباته الاجتماعية والشخصية 0 ومثل هذا النقص في التكيف يرتد عليه بمشاعر الاضطهاد ، وفقدان اعتبار الذات والانسحاب من المجتمع والولوج في متاهات الاضطراب النفسي 0


تأخذ العقوبة مظاهر وتعابير متعددة ، ونذكر منها الأكثر نجاعة من حيث التطبيق وتحقيق الغرض وهي :

1ـ التوبيخ والتقريع 0
2ـ التنبيه لعواقب السلوك السيئ 0
3ـ الحجر لمدة معينة 0
4ـ العقوبة الجسدية 0

وعليك أن تمتنع عن العقوبة القاسية المؤذية الجسدية ، والمعنوية كالتحقير وإنقاص الذات لأن العقوبة القاسية تؤذي الشخصية ، وتخلق ردود أفعال سلبية تتمثل في الكيد ، والإمعان في عداوة الأهل من خلال التمسك بالسلوك السلبي غير المرغوب لمجرد الانخراط في صراع مع الوالدين وتحدي سلطتهما 0 وكيما يكون القارئ في سياق ما ذكرناه ، وفاهماً القصد والهدف ، ومستوعباً القواعد السلوكية في التربية التي شرحناها ، يحسن بنا أن نضرب أمثلة عن الأخطاء التي قد يرتكبها الأهل بحق أولادهم وفقاً للقواعد المذكورة :


مثال عن الخطأ المرتكب في عدم إثابة الطفل على سلوك جيد : التلميذ ، في الصف الرابع ابتدائي ، حمل سجل علاماته المدرسية الباهرة إلى والده الذي كان يقرأ الصحيفة اليومية تقدم الولد من والده وهو يبتسم قائلاً : إليك يا والدي إنجازاتي الدراسية التي حققتها هذا العام ، إنها بلا شك ستسرك جداً 0

وبدلاً من أن يقطع الوالد قراءته للصحيفة ، ويبادره بالاستحسان والإثابة 0 طلب منه الذهاب إلى والدته ليسألها عن الوقت الذي يكون فيه الطعام جاهزاً ، معتذراً من الولد لأهمية الموضوع الذي يقرأه في الصحيفة 0


مثال آخر عن الخطأ المرتكب في معاقبة الولد عقاباً عارضاً على سلوك جيد : البنت رغبت في أن تفاجئ أمها بشيء يسرها ، فعمدت إلى غسل جميع الصحون التي استعملت في فترة وجبة الغذاء ، فقالت لها : أماه ها قد غسلت جميع الصحون ، ألا يسرك هذا ؟ الأم : لقد حان الوقت لأن تقومي بعمل كهذا ، ولكن لماذا لم تنظفي الأواني الموجودة في الفرن ، هل نسيتي ذلك ؟

إن جواب الأم كان عقوبة وليس إثابة ، لأنها أولاً لم تعترف بالمبادرة الجميلة التي قدمتها البنت لها 0 وثانياً وجهت لها اللوم على تقصيرها في ترك أواني الفرن بدون تنظيف بصورة غير مباشرة 0


مثال آخر على إثابة السلوك السيئ إثابة عارضة غير مقصودة :

طفل عمره ستة أعوام ، عاد ظهراً إلى المنزل – وقت الغذاء – وأخبر والدته أنه يعتزم الذهاب إلى المسبح القريب من المنزل قبل أن يتناول غذاءه مع أفراد أسرته 0 طلبت منه والدته أن يتناول الطعام ، ويأخذ قيلولة ومن ثم يذهب للسباحة 0 رفض ماهر وأصر على تنفيذ ما خططه ، فهددها بالبكاء والامتناع عن الطعام ، إن رفضت السماح له بالسباحة في الوقت الذي يريده ، أي الآن 0 فما كان من والدته إلاّ وأذعنت لمطلبه قائلة له : أي شيء ولكن لا تبكي ولا ترفض الطعام 0اذهب للسباحة كما تشاء 0


مثال آخر على عدم معاقبة سلوك سيئ :

بينما كان الأم والأب جالسين مساء في غرفة الجلوس لاحظا كيف اندفع الابن الأكبر وبعدوانية يصفع أخاه الأصغر على أذنه خلال شجار وقع بينهما وهما يلعبان 0 التفتت الأم وقالت لزوجها : هلا عمدت إلى تأديبه على هذه العدوانية السيئة 0 أجابها الزوج : الأولاد يظلوا أولاد ، يقتتلون لفترة ومن ثم يعودون إلى الوئام 0

وناحية هامة نلفت النظر إليها ، ترتبط بالمشكلات والمتاعب السلوكية عند الأولاد ، هي أن للحالة الفسيولوجية دورها في السلوك غير المرغوب 0 فالطفل الجائع ، المتعب ، تنخفض قدرته في السيطرة على ذاته انخفاضاً مؤقتاً عابراً ، فتقوي هذه الحالة الفسيولوجية المضطربة من سلوكه المضطرب 0 كما أن بعض الحالات المرضية أيضاً تزيد من المشكلات السلوكية عند الأولاد عموماً 0 وهنا يتعين على الآباء التبصر في المشكلات السلوكية بعلاج أسبابها المرضية البدنية مستعينين بالمشورة الطبية 0 ومهما كانت الأسباب التي تسهم في زيغ سلوك الأطفال واضطرابه ، فإن القواعد الثلاث الجوهرية التي ذكرناها تظل الدعامة الأساسية في ترشيد السلوك نحو الوجهة السليمة ، والوسيلة السيكولوجية الفعالة في تربية الطفل تربية اجتماعية سوية وتكيفية 0

ضيف الله مهدي
30 -11- 2006, 12:44 AM
الحلقة العاشرة والأخيرة وهي عبارة عن حلقتين في حلقة
الأولى ـ قواعد الصحة النفسية للطفل وهي للدكتور / محمد المهدي
الثانية ـ نصائح تربوية 0



الأولى ـ قواعد الصحة النفسية للطفل دكتور / محمد المهدي استشاري الطب النفسي


إشكالية العلاقة بين الآباء والأبناء :
من خلال الجلسات النفسية الفردية وجلسات العلاج النفسي الجمعي ينكشف الستار عن اضطراب العلاقة بين الأبناء والآباء , ويكون هذا الاضطراب من أهم العوامل المهيأة والمرسبة للإضطرابات النفسية لدى الطرفين . وفى أغلب الحالات تضطرب هذه العلاقة دون قصد فالوالدين بدافع فطرى يريدان السعادة والنجاح لأبنائهما ولكنهما أحيانا يفقدان الطريق الصحيح عن غير قصد فيتورطان في الإفراط أو التفريط وتكون النتيجة في الحالتين اضطرابا نفسيا في الطفل الذي أحباه ودفعا حياتهما ثمنا ليكون سعيدا .


ومما يزيد الأمر صعوبة في بيئتنا الشرقية أن اضطراب العلاقة بين الآباء والأبناء يظل تحت غطاء ساتر طوال الوقت ولا ينكشف إلا في ظروف شديدة الخصوصية كالعلاج النفسي الفردي أو الجمعي أو العائلي , أما في غير هذه الظروف فإن الأبناء - غالبا - لا يجرؤن على الاقتراب من هذه المنطقة الحساسة وهم في حالة الوعي العادي , أما الآباء فإن لديهم اعتقاد بأنهم قدموا أفضل ما عندهم لأطفالهم ولكن تمرد الأطفال وعصيانهم للأوامر هو الذي جعلهم في حالة اضطراب .



مفهوم الصحة النفسية :


تراكمت في السنوات الأخيرة معلومات مفيدة حول أفضل الوسائل للوصول إلى الصحة النفسية للطفل وعلاج الإضطرابات النفسية لديه , وقد حاولنا - بعون من الله - أن ننتقى من المعلومات المتوافرة ما يتمشى مع ثقافتنا ويساعدنا في تربية أبنائنا وبناتنا بشكل صحيح . ولا يعتقد أحد أن عملية التربية عملية سهلة , وإنما هي دائما تحتاج إلى جهد وتواجه مشكلات وصعوبات , ونحن هنا نحاول أن يكون الجهد المبذول على الطريق الصحيح . ونحن لن ندخل في عرض نظريات تربوية ترهق القارئ وربما لا تعنيه كثيراً وإنما سنتكلم بشكل عملي من خلال الرسائل التي تصلنا كل يوم أثناء الجلسات النفسية العميقة سواء كانت فردية أو جماعية مع الأطفال والكبار . وفي هذا الصدد نواجه سؤالاً بالغ الأهمية ، ما هي الصحة النفسية؟
وكيف يصبح الإنسان صحيحاً نفسياً ؟


قد تكون الإجابة ببساطة هي أن الإنسان الخالي من الأمراض النفسية هو الإنسان الصحيح نفسياً ، لكن هذا التعريف للصحة النفسية مختزل جداً ، ولا يؤدي الغرض ، لأن هناك بعض الأشخاص لا يعانون من أي مرض نفسي لكن أداؤهم في الحياة أقل مما هو متوقع لأمثالهم ، فحركتهم في الحياة وتكيفهم الاجتماعي وإبداعاتهم أقل مما هو متوقع ، فلا نستطيع أن نقول أن شخصاً ما صحيح نفسياً لمجرد كونه خالي من الأمراض النفسية بالمعنى الإكلينيكي لها ، إذاً فهنالك تعريف أكبر وأشمل وأوسع للصحة النفسية . واختصاراً لجهود كثيرة ، وصل العلماء إلى أن الصحة النفسية هي مفهوم إيجابي متعدد المستويات يكون فيه الإنسان صحيحاً على المستوى الجسدي ثم على المستوى النفسي ثم على المستوى الاجتماعي ، ثم على المستوى الروحي ، إذاً فهو مفهوم متعدد المستويات لابد أن يكون في حالة توازن ما بين إشباع هذه المستويات وتنشيطها ، فلو بالغ أحدهم في إشباع الجانب الجسماني على حساب الجانب النفسي أو على حساب الجانب الروحي ، فبالتالي يكون قد أخل بالتوازن ، ويصبح غير صحيح نفسياً .



قواعد الصحة النفسية للطفل :


وإذا انتقلنا من العام إلى الخاص وحاولنا الإجابة على تساؤل أحد الأمهات ( أو الآباء ) : كيف أتعامل مع ابني لكي يصبح صحيح نفسيا ؟



والإجابة على هذا التساؤل الهام تتمثل في إتباع القواعد التالية :


1- التوازن بين التطور والتكيف :


هناك قاعدة تربوية هامة يمكننا اعتبارها قاعدة ذهبية في هذا المجال ، وهي أن الطفل كائن نامي ، ينمو كل يوم ، ينمو في جسده وفي تفكيره وفي طاقاته وفي إدراكه وفي كل شيء ، فهذا الطفل النامي يتغير من لحظة لأخرى ومن يوم لآخر ، وفي ذات الوقت يحتاج مع هذا التغيير المستمر وهذا النمو المطرد أن يكون في حالة تكيف وانضباط وسلام مع البيئة والمجتمع المحيط به ، وبهذا سنقول أن هذا الطفل لكي يكون صحيح نفسياً ونطمئن عليه ، فلابد أن يكون هناك توازن بين متطلبات نموه وتطوره ومتطلبات تكيفه مع المجتمع والحياة .


ولكي نرى هذا المفهوم بشكل أوضح ، سنفترض أن هناك كفتين ، الأولى كفة التطور والثانية كفة التكيف ، ولكي يكون الطفل صحيح نفسياً ، لابد من حدوث توازن ما بين هاتين الكفتين ، فلو تخيلنا أن كفة التطور زائدة عن كفة التكيف أو أصبحت هي الحائزة على الاهتمام فسيتطور الطفل وينمو بسرعة في جسمه وفي ذكائه وفي تفكيره وفي كل شيء يخصه ، ولكن – وبالمقابل – ليست له علاقة بالمجتمع الذي يعيش فيه ولا يتكيف معه ، فهو في حالة تطور مطلق بدون قيود ، وإذا ترك بهذا الشكل سيصبح أنانياً ولديه حالة نرجسية شديدة ولا يفكر إلا في نفسه ونموه وتطوره ، وفي النهاية سيكون مدمرا لمن حوله ولنفسه أيضاً وفي حالة صراع دائم مع البيئة التي يعيش فيها ، برغم كونه متطورا وناميا ومبدعا .


وعلى العكس ، إذا كان هناك طفل آخر متكيف بدون تطور ، بمعنى أنه مطيع جداً ، هادئ جداً ، ولا يفعل شيء إلا بأمر من الأب أو الأم ، ويحتاج لأمر آخر ليوقف هذا الفعل ، فهو مطيع تماماً لكل ما يأتي إليه من أوامر وتوجيهات وليست له أي حركة تطور أو نمو أو تفكير أو إبداع أو أي شيء . هذا الطفل في معيار الأب والأم وهو صغير طفل مريح جداً لأنه ( بيسمع الكلام ) وهذا هو هدف كل أب وأم , ولكن عندما يكبر سيدرك الأبوين أن هذا الطفل عبء شديد جداً عليهم لأنه لا يمتلك أي مبادرة ولا يمتلك أي ملكات أو قدرات ولا يستطيع عمل أي شيء بمفرده ، شخصية اعتمادية سلبية مملة .


إذاً فلكي تتحقق الصحة النفسية لأطفالنا لابد من مساعدتهم حتى يتطوروا وينموا وفي نفس الوقت نساعدهم على التكيف مع البيئة التي يعيشون فيها ، وهذا التوازن ليس توازناً جامداً أو ساكناً بحيث نزيد هذه الكفة وننقص الأخرى مرة واحدة وتنتهي المهمة ، لكن طالما كانت حركة النمو والتطور سريعة ومتغيرة فلابد من أن يواكبها تغير في حركة التكيف ، فالتوازن هنا توازن ديناميكي بمعنى أنه يتطلب قدر عالي من المرونة ، كلما زادت كفة نزيد الأخرى بمقدار مناسب وهكذا .



2 - الدوائر المتسعة :


صحة الطفل - صحة الأم - صحة الأسرة - صحة المجتمع :


وهذا التوازن ( المذكور أعلاه ) ليس فقط في دائرة الطفل ولكن هناك دوائر أخرى متتالية تحتاج للتوازن فلن ننظر للطفل على أنه كائن وحيد ، لكن سننظر إليه باعتباره دائرة تحوطها دائرة الأم تحوطها دائرة الأسرة تحوطها دائرة المجتمع ، ولهذا يجب أن تكون هناك حالة توازن بين هذه الدوائر فننظر لصحة الطفل وصحة الأم وصحة الأسرة وصحة المجتمع ، فالأم هي الحضن الأقرب للطفل ، فلا نتصور وجود ابن صحيح نفسياً وله أم مضطربة نفسياً ، والأسرة هي الحضن الأكبر الذي يحتضن الطفل والأم معاً ، فلا نتصور كون الطفل والأم صحيحين معاً في حين أن الأسرة مضطربة ، والطفل والأم والأسرة يحتضنهم المجتمع وهو الدائرة الأكبر فلا نتصور أن يبقى هؤلاء في صحة في حين أن المجتمع في حالة اضطراب .



وعندما نقوم كمعالجين بتقييم حالة طفل ننظر لهذه الدوائر ونحدد موضع الخلل , فأحياناً يأتي الطفل باضطراب معين ، وحينما نفحصه نجد أن هناك خلل في أحد هذه الدوائر أو في أكثر من دائرة ، فلابد من التفكير في إصلاح هذا الخلل ، ولا نتوقف عند الطفل فقط ، لأن الطفل هو ممثل هذا الاضطراب ، فالطفل أكثر صدقاً وأكثر براءة وأكثر شفافية ، فيظهر فيه الاضطراب بوضوح لكن لا يكون هو أصل الاضطراب فقد يكون هذا الاضطراب من أم مكتئبة أو مجهدة أو مدمنة أو الأسرة أو المجتمع فننظر إلى أصل هذا الاضطراب . أحياناً نتجه مباشرة لعلاج الأم أ ولعلاج الأسرة ، أو يكون هناك خلل اجتماعي معين ولو تم تصحيح هذا الخلل يكون هذا الطفل في حالة أفضل .



3- الصحة النفسية بين المطلق والنسبي :


وفي الواقع ، مفهوم الصحة النفسية لكل هؤلاء ( الطفل - الأم - الأسرة - المجتمع ) مفهوم نسبي وليس مفهوماً مطلقاً ، بمعنى أنه يختلف من بيئة لأخرى ومن مجتمع لمجتمع ومن أسرة لأسرة وما يمكن اعتباره صحياً في مكان ، يمكن اعتباره اضطراباً في مكان آخر . ولتقريب الفكرة ، سنحكي حكاية صغيرة عن شيخ قبيلة أناني جداً ، هذا الشيخ عرف بطريقة سرية أن البئر الذي تشرب منه القبيلة كلها ، سيسمم في يوم من الأيام ، ونظراً لأنانيته وحبه لنفسه ، أخذ يخزن مياه كافية من هذا البئر في منزله حتى إذا تسمم البئر ، يجد ما يشربه ، فجاء اليوم وتسمم البئر فعلا وأصيب أهل القبيلة كلهم بالجنون ولكنهم لم يموتوا ، فظل هو العاقل الوحيد بينهم ، طبعاً استغرب أهل القبيلة تصرفاته في وسطهم ولم يحتملوه بينهم وفي النهاية قتلوه. فعلى الرغم من أنه العاقل الوحيد بينهم إلا أن اختلافه جعله في أزمة معهم ، وحدث عدم تناسب بين تفكيره وتفكيرهم . إذن فلابد من أخذ هذا العامل في الاعتبار , لأن هناك اضطرابات كثيرة في الأطفال تكون مشكلتها النسبية في الصحة والزمان والمكان ، فلابد من وضع اعتبار للزمان والمكان والظروف عند تقييم هذا الطفل .


سنعطي مثالا آخر بسيط ليوضح هذه النقطة :


لو أن هناك طفل تشتكي أمه من كونه كثير الحركة ويقفز فوق الشبابيك وعلى البلكونات ويكسر الكراسي والأشياء ، وهم يعيشون في شقة غرفتين وصالة ، فهذا الطفل لو تخيلنا أنه انتقل من هذه الشقة الضيقة المحدودة الممتلئة بأشياء زجاجية وقابلة للكسر ، ووضعناه في بيت واسع حوله ساحة كبيرة وشجر ، وعاش الطفل في هذا المكان الجديد يجري في الساحة الخضراء ويقفز فوق الأشجار كما يريد ، وقتها لن تحس الأم أي شقاوة منه أو أي حركة زائدة ، وفي نهاية اليوم يعود بعد هذا الجهد المضني لينام والأم راضية وهو راض ، هنا اعتبار المكان والظروف مهم جداً .



4 - الإستقطاب بين النقيضين مقابل الحوار والتعايش :


هناك أسر تكون في حالة استقطاب ما بين نقيضين ، بمعنى أنها أسرة أحادية النظرة وأحادية التفكير ، فلا ترى الأشياء إلا بلونين ، أبيض أو أسود ، ولا تستطيع رؤية درجات الألوان البينية ما بين الأبيض والأسود ، يرون أن ما يفعلوه هو الصحيح المطلق وكل ما عداه خطأ ولا يقبل النظر ولا التفكير ولا الحوار ، فينشأ الطفل في هذا الجو وهو مستقطب استقطابا شديدا في ناحية واحدة أو اتجاه واحد ، أحادي التفكير ، لا يستطيع رؤية سوى احتمال واحد في كل شيء ولون واحد من كل الألوان . من هنا عندما يكون الاستقطاب في اتجاه ، لابد أن يتصارع مع الاتجاه الآخر أو يضاده ، ويفقد هذا الطفل القدرة على التحاور والتعايش مع الآخرين المختلفين عنه ، وبهذا الشكل يصبح الطفل دائماً في صراع مع أصحابه ، ومع الجيران ، ومع المجتمع ، وعندما يكبر ، يظهر موضوع الاستقطاب وأحادية التفكير مع الأب والأم ، لأنه تعود أن الحقيقة واحدة فقط ، الدنيا بها لون واحد ، عندما يكبر ويدخل فترة المراهقة ، يختلف عن الأب والأم ، لا يحتمل هذا الاختلاف فيبدأ بالعدوان على الأب والأم ، لأنهم لم يعودوه الاختلاف مع الآخرين ، والتحاور والتعايش معهم ، فيدفع الأب والأم ثمن هذا الاستقطاب الذي أعطوه للطفل من خلال الجو الأسري القائم على فكرة الاستقطاب أو أحادية التفكير .



5- الإحتياجات بين الإشباع والحرمان :
للإنسان عدد كبير من الاحتياجات ، وهناك عالم نفس شهير هو أبراهام ماسلو ، قام بعمل ما يسمى " هرم الاحتياجات " ، فقال إن الإنسان له احتياجات جسمانية بيولوجية عبارة عن الأكل والشرب والمسكن والملبس ، هذه الاحتياجات لابد أن تشبع أولاً ، وتمثل قاعدة الهرم ، يليها احتياج للأمن والاستقرار ، يليه احتياج للانتماء ، الانتماء لأسرة ولبلد وللإنسانية ، يليه احتياج للحب ، أن يكون الإنسان قادراً على أن يحب ويحب ، يليه احتياج للتقدير ، أن يحس بأن الناس يقدرونه كشخص ، ويقدرون ما يفعله ، وسعيدون به ، وانتهى ماسلو في آخر الهرم بالاحتياج لتحقيق الذات ، أن يحقق الإنسان ذاته في هذه الحياة ، وتوقف عند هذه النقطة ، لأنه كان يتبع المدرسة الإنسانية ، التي كانت تنظر للإنسان على أنه هو نهاية المطاف , لكننا نضيف إلى هذه الاحتياجات احتياج مهم جداً هو التواصل الروحي ، فالإنسان لديه احتياج للتواصل الروحي مع الله ، مع الكون ، مع السماء ، مع الغيب ، وهذا الاحتياج يمكن فهمه بشكل عملي وعلمي موضوعي من المعابد المنتشرة في كل أنحاء العالم تمثل مراحل التاريخ المختلفة ، وكيف أن الإنسان كان محتاجا لأن يكون على علاقة بالسماء وبالله سبحانه وتعالى , فأنشئت المعابد في كل الحضارات لتمثل هذا الاحتياج الحيوي المهم عند الإنسان .


و هذه الاحتياجات لابد من أن تشبع بتوازن ، بمعنى أن نبدأ أولاً بالاحتياجات الأساسية ، الأكل والشرب والمسكن والملبس ، ثم الأمان ، والانتماء ، ثم الحب ، وهكذا .. كل حاجة من هذه الحاجات تشبع وتأخذ حقها ، ولا تطغى إحداها على الأخرى ، ومع هذا هناك قاعدة مهمة وهي أن إشباع الاحتياجات لدرجة التخمة يؤدي إلى حالة من الترهل والضعف والمرض ، فلابد من وجود توازن بين درجة الإشباع ودرجة الحرمان ، فالإنسان محتاج أن يشبع وفي نفس الوقت أن يحرم من بعض الحاجات .. لماذا؟ لأن الحرمان ينشط الدوافع ، ويجعل الإنسان يتحرك ويعمل ويكون عنده أمل ، ويسعى وراء هدف .....


لو أشبعت كل حاجة ، فسيتوقف الإنسان عن السعي والحركة والتفكير والإبداع ..... إذن لابد من وجود أشياء يحتاجها .. أشياء يحرم منها ويسعى إليها ويحلم بها .. إذن فهناك توازن ما بين الإشباع والحرمان ، فالطفل لو أخذ كل احتياجاته فلن يكون صحيحا ، ولو حرم حرماناً شديداً ، ستصبح عنده مشاعر حقد وكراهية وحرمان وكره لمن حوله ، لأن كل الذي يحتاجه لا يجده . وقد وضع علماء النفس معادلة يمكن تجربتها ، وهي في الحقيقة مفيدة ، قالوا أنه يكفى تلبية 70% من احتياجات الطفل ، بمعني : لو الطفل طلب مائة حاجة ، يلبى له منها 70 فقط ، حتى لو كان ال 100 حاجة منطقيين وهو يحتاجهم فعلاً ، لكن تلبية ال 100 حاجة لن تؤدي إلى سلامة هذا الطفل ، فلابد من وجود شيء ينقصه .. يسعى إليه ويحلم به ، ويكون عنده الأمل أن يحصل عليها في وقت من الأوقات ، ونشجعه أن يعمل ويسعى للحصول عليه .



6 - مواكبة مراحل النمو :


غالباً ما تأتي الأم وتقول أن أولادها عندما كانوا صغاراً كانت تحبهم وتحس بأنهم جزء منها ، وكانوا منسجمين جداً معها ، لكن عندما كبروا ، أصبحت تحس بغربة معهم ، كأنهم لم يعودوا أولادها ، ولم تعد منسجمة معهم كما كانت ، فهي عاجزة عن فهمهم ، وهم بالمثل غير قادرين على فهمها ، لا تعرف بالضبط من المخطئ هي أم هم ..... هذه الأم نقول لها أنها كانت متفقة مع أولادها في مرحلة معينة وهم أطفال ، لكن أولادها يكبرون ويتطورون في تفكيرهم وفي عاداتهم وفي تقاليدهم وفي تطلعاتهم , لكن للأسف هي لم تتمكن من مواكبة هذه المراحل ، وقفت عند مرحلة معينة وثبتت عندها فى حين أن أولادها مستمرين في النمو والتطور ، فهنا نشأت فجوة ما بين الاثنين ، فتكون الغربة واختلاف اللغة ، فهي لا تفهم دنياهم ولا حياتهم ولا طبيعة المجتمع الذي يعيشون فيه ، وطريقة التعامل بينهم .....


وهكذا نقول لها أنها هي والأب لابد وأن يواكبوا مراحل النمو ، بمعنى أن يعيشوا معهم مرحلة مرحلة . وهذه المواكبة مفيدة ليس فقط للأبناء ، بل للأب والأم لأنهما أيضاً محتاجين لأن يعيدوا هذه المراحل مرة أخرى لأنفسهم ، فمثلاً هناك أب لم يعش مرحلة طفولته جيداً ، ولم يعش مرحلة مراهقته جيداً ، لأي سبب من الأسباب ، فيعيد التجربة مرة أخرى مع أولاده في هذه المرحلة ، وكأنه يعيش المرحلة التي فقدها أو التي أفلتت منه بدون ذنب منه ، أو لأي ظروف حدثت ، هذا يفيد نفسياً ، لأن الأشياء التي لم يتمكن من فعلها ، سيعود لمعايشتها مرة أخرى ، فيكمل النقص أو الأماكن التي كانت مؤلمة نتيجة للحرمان في مرحلة معينة ، وفي نفس الوقت سيكون على نفس الموجة مع أبنائه ، فتعطي فائدة مزدوجة للطرفين ، وتجدد دائماً طفولة ومراهقة وشباب الأب والأم وتقوم بعمل حالة من التكامل في شخصيتهما .

ضيف الله مهدي
30 -11- 2006, 12:47 AM
تابع الحلقة العاشرة والأخيرة 0
7ـ احترام إرادة الطفل :


كثير من الآباء والأمهات يظنون أن الطفل ليست له إرادة أو أنها تنمو عندما يكبر ويصبح شاباً أو رجلاً ، لكن الطفل له إرادة من وقت مبكر جداً ( ويمكن أن تلاحظ الأم هذا من خلال رفضه لأشياء وتمسكه بأشياء ) وليس مسلوب الإرادة ويتحرك بريموت كونترول كما يريد الأب والأم ، وحتى وهما معترفين بوجود هذه الإرادة ، يريدون أن يلغوها ، لأنهما يعتقدان أن عندهم خبرة وعندهم معرفة بالحياة أكثر من هذا الطفل فلابد من أن يختاروا له طريقته في التفكير وفي الحياة وفي تحديد الأهداف والأساليب وكل شيء ، وكثير من الآباء والأمهات يصلون إلى درجة أن يحاولوا جعل هذا الطفل صورة طبق الأصل منهم ، وهم يعتقدون - واهمين - أنهم أفضل صورة إنسانية ممكنة أو أفضل نموذج ممكن ، وعندما يواجه الطفل بمحاولة إلغاء إرادته يبدأ في هذه اللحظة في إتباع سلوك العناد ، وهذه مشكلة كثير من الآباء والأمهات يشكون منها ويقولون أن ابنهم عنيدا ، ويحاولون علاجه من هذا المرض ، العناد ‍‍! ، ويحضرون هذا الابن لكي يقوم الطبيب النفسي أو المعالج بترويضه لكي يسمع الكلام ويقوم بتنفيذ كل ما يريدونه ، طبعاً هذا غير ممكن عملياً , وإرادة الله أعطت لهذا الطفل هذه الملكة ...... أن تكون له إرادة مستقلة ، خلقه الله صاحب إرادة ، فلماذا نحاول أن نغير خلق الله ،


وهذا لا يعني أن نتركه تماماً ليفعل كل ما يشاء بناءاً على كونه لديه إرادة مستقلة . وقد قام العلماء بتقسيم الهداية ، وهي نوع من التربية والتوجيه ، فقالوا إن الهداية نوعان : النوع الأول " هداية إبلاغ " ، والثاني " هداية فعل " . هداية الإبلاغ هذه أن نقول للطفل هذا صواب وهذا خطأ ، لابد لكي يكون عنده قانون يتكيف به مع الحياة والبيئة ومع الكون كله ، فلابد أن يبلغ الأب والأم هذا القانون للطفل ، ولكن لا يتوقعوا الامتثال التام لهذا القانون بمجرد إبلاغه ، لأن هناك هداية أخرى هي هداية الفعل ، أن يستجيب الطفل للرسالة التي وصلته لا يعني بالضرورة أن يستجيب لها كلها ، يستجيب لأشياء ويؤدي أشياء ويغير أشياء ويعدل أشياء ، لأن الله خلق له إرادة ورؤية , وله فكر حتى وهو صغير ، لابد أن نتأكد من هذا تماماً ، فسيبدأ في الاختيار ، وسيبدأ بالتجريب . الأب والأم وصلوا لما هما فيه حالياً بعد مراحل كثيرة من التجارب والأخطاء والنضج والتعلم ، ويريدون أن يأخذ الطفل أو الطفلة نفس النمط الذي وصلوا إليه في هذه المرحلة من العمر ، مثلاًَ هما في الأربعين أو الخمسين ، يريدون أن يكون لطفل أو طفلة في عمر خمس سنوات أو عشر سنوات نفس آرائهم وتوجهاتهم ، وهذا ضد الفطرة ، وضد طبيعة الإنسان ، وضد إرادته واختياره ومسئوليته التي خلقه الله عليها ، ولو أصر الأب والأم على هذا تحدث المشكلة التي نراها دائماً ويشتكي منها الكثير من الآباء والأمهات ، أن الطفل عنيد أو الطفلة عنيدة ، لا يسمعون الكلام ، لا يريدون تنفيذ سوى ما يرونه ، الحقيقة أن ما خلق هذا الموقف المعاند ، هو أن الأب والأم دخلوا في شرنقة الماضي ، ولم يتمكنوا من رؤية احتياجات الطفل وضروراته ومجتمعه وظروفه والدنيا التي يعيش فيها ، فهو يعيش في دنيا مختلفة كثيراً عن دنياهم ، وبما أن لديهم سلطة على هذا الطفل فإنهم يحاولون التحكم فيه ، وجعله يمشي على شريط القطار الذي حددوه له ، النتيجة ستكون شيئاً من اثنين ،


إما أن يستسلم الطفل تحت هذا الضغط والقهر من الأبوين ، فيكون طفلا سلبيا واعتماديا ليس له إرادة ولا اختيار ولا مبادرة ولا تلقائية ولا أي شيء على الإطلاق ، هو أسلم كل شيء للأب والأم ، وفي نفس الوقت يقوم بعمل شيء يسمى العدوان السلبي ، ( مش انتوا تريدوني هكذا ؟. شوفوا إيه الذي سيحصل ) ، من الممكن أن يفشل دراسياً ، أو اجتماعياً ، أو أخلاقياً ، هو قد سلم نفسه ، ويريد أن يحمل نتيجة هذا الفشل للأب والأم اللذان أصرا على التحكم في خط سيره وعلى جعله صورة طبق الأصل من الذي يريدونه ومن الممكن أن يتمرد الطفل ، أن يرفض عمل أي شيء ، ويصبح عدوانيا ، يفعل ضد كل ما يقولونه له ، ويصبح عنيفا جداً ، ( تريدني أذاكر ، لا مش هذاكر ، تريدني أنجح ، لا مش هنجح ، تريدني أبقى أخلاقي كويسة ، لأ همشي مع أسوأ ناس واعمل كل اللي انتوا بتكرهوه ) ، لأن هناك صراع إرادات ، إما أن أكسب أنا أو أنتم ، وطالما لدي شيء أستطيع عمله ، فسأقوم به ، وسنرى في النهاية من سيكسب ..


وتكون رحلة صراع مؤلمة وضارة للطرفين ويتراكم فيها ، مشاعر سلبية عند الطفل تجاه الأبوين ، وعند الأبوين تجاه الطفل ، ويدخل الجميع في أزمة ، لا يستطيعون الخروج منها ، إلا لو دخل طرف ثالث ، يفك هذا الاشتباك ، ويبدأ في إخراج هذه المشاعر السلبية التي تراكمت ومشاعر الصراع والعداء التي تكونت نتيجة لإصرار كل طرف على إلغاء إرادة الطرف الآخر . وهناك أمثلة عظيمة جداً من سلوك بعض الأنبياء في هذه المسألة لأن بعض الناس يظنون أحياناً أن واجبهم الديني أن يحموا أولادهم من الخطأ , وهذا صحيح ، قال تعالى :


" يأيها الذين آمنوا ، قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة "


، لابد من توعية الابن للشيء الذي يمكن أن يؤدي لهلاكه في الدنيا وفي الآخرة ،وهذه وظيفة الأب بسبب خوفه على الابن ، ولأنه أغلى شيء بالنسبة له , ووظيفة الأم أيضا . لكن سنقول أن ما علينا هو هداية التبليغ ، لكن هداية الفعل نترك أمرها لله سبحانه وتعالى ، وندعوا أن يوفق الله الابن لها ، لأننا لا نملكها . فأنت أيها المربى تقوم بعمل ما عليك لكن في النهاية ستحترم إرادة الابن أو البنت واختياره ، حتى لو كان هذا ضد اختيارك أو عكسه ، الكثير من الناس لن يحتمل هذه الفكرة وسيدخلون في صراع مع الأبناء ،
سنعطي مثلاً لاثنين من الأنبياء الكرام الأول :


نوح عليه السلام ، وابنه ، نوح جهز السفينة ، ويعرف بمجيء الطوفان ، فنادى لابنه ، ولم يكن ابنه على نفس الطريق ، فقال :


" يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين "


، وهذه كانت إرادة نوح عليه السلام ، ورؤيته ، بناءاً على خبرته ومعرفته والوحي الذي ينزل عليه ، وهو نبي ، ويخاف على ابنه ، لكن تظهر إرادة الابن ورؤيته واختياره :
" سآوي إلى جبل يعصمني من الماء "


، فرد الأب :


" لا عاصم اليوم من أمر الله "


، اليوم مختلف عن كل الأيام السابقة ، هذا خطر مختلف تماماً ، ربما كان من الممكن السماح في الاختيار قديماً ، لكن اختيار اليوم مهلك في الدنيا وفي الآخرة ، ستموت على الكفر ، ومع صعوبة الموقف ، نوح يرى ابنه سيموت بعد لحظات على الكفر ، يصر الابن على أن يأخذ هذا الموقف الرافض لموقف الأب ، وكان متوقعا أن سيدنا نوح لو كان يفكر مثلنا ، أن يرسل له أتباعه ليحضروه إلى السفينة بالقوة ، لكن هذا لم يحدث ، سيدنا نوح أدى البلاغ ، وهو يعرف أن هداية الفعل بيد الله سبحانه وتعالى ، ونجا الأب بما رأى وهلك الابن بما رأى وفعل , لكن الله خلق الإنسان بهذه الإرادة ولحكمته أراد لها أن تعمل ، وكان هذا مثلاً في العصيان ، سنأخذ مثلاً آخر في الطاعة ، ونرى أنه أيضاً في حالة الطاعة لا تلغى الإرادة عند الطفل أو عند الابن . سيدنا إبراهيم ، عندما رأى في المنام أنه يذبح ابنه إسماعيل ، وهو يعرف أن رؤيا الأنبياء حق ، وأنها واجبة التنفيذ ، المتوقع - حسب ما نفهم - أن أمر الله لابد من أن ينفذ ، ويذبحه فوراً ، لكن سيدنا إبراهيم لم يفعل هذا احتراماً لإرادة ابنه إسماعيل فذهب إليه بمنتهى المودة والرحمة والعطف :


" يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى "


، نرى كيف قال له سيدنا إبراهيم : " يا بني " ، و" إني أرى في المنام " ،لأنه لو كان قال له إن الأمر من الله مباشرة ، لما كان من الممكن أن يختار ، لكنه أعطى فرصة لإسماعيل ليقول رأيه ، مثلاً ، هذا منام ويمكن تأجيله أو التفكير فيه ، فانظر ماذا ترى ؟ ، مع أن سيدنا إبراهيم يعرف أنه لا رأي هنالك ، هذا أمر إلهي ، يقول سيدنا إسماعيل عليه السلام :


" يا أبتي افعل ما تؤمر ، ستجدني إن شاء الله من الصابرين "



، هنا اختار وكان له فضل الاختيار يثاب عليه ، ولم يذبحه مباشرة بدون اختيار ، حتى لا يكون قد ذبح غدراً ، دون إرادة ، ولكن ترك له فضل الاختيار . وهذا درس يعلمنا أن الطفل له إرادة وأننا كآباء وأمهات ليست وظيفتنا أن تلغي هذه الإرادة عند الطفل ، ولكن أن نوجه و نهذب ، أن نقول ونبلغ ونوضح ونبين ، لكن في النهاية ، سنسلم ، لأن هذا الطفل له إرادة وأن الله شاء بحكمته أن تكون هذه الإرادة موجودة ، وتأتي آية مهمة تحسم هذا الموضوع تقول :


" ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس أن يكونوا مؤمنين "


، فاحترام إرادة الإنسان حتى في الإيمان والكفر " لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي " ، لا يوجد إكراه حتى في الأشياء شديدة الأهمية ، إذن فمن باب أولى أن ألأشياء الأقل أهمية لا يوجد فيها إكراه . ولكي يؤكد لنا ربنا هذه الحقيقة ضرب أمثلة لاستحالة إكراه البشر على شيء وكانت الأمثلة تمثل غالبية العلاقات بين البشر , فهذا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم لم يستطع هداية عمه أبو طالب رغم كل ما بذله معه من جهد , ولذلك قال له الله تعالى : { إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء } , وسيدنا إبراهيم لم يقدر على هداية أبيه , وسيدنا لوط لم يقدر على هداية زوجته , وسيدنا نوح لم يقدر على هداية ابنه .......



وهكذا تتعدد النماذج في علاقات مختلفة لتثبت في النهاية أن هداية الفعل لا يملكها إلا الله سبحانه وتعالى , لذلك حين يفعل الأب ما عليه أو تفعل الأم ما عليها فلا يبقى إلا أن يدعوا لابنهما بالهداية والتوفيق , ولا يحاولان قهره أو إلغاء إرادته . وهذه النقطة تسبب صراعاً شديداً ما بين الآباء والأمهات من ناحية والأبناء من ناحية أخرى ، وتداعياتها السلوكية كثيرة جداً ، إما سلبية واستسلام و شخصية اعتمادية وإما عناد وتمرد ومكايدة وصراع ومشاكل ليس لها أول من آخر .



8 - مراعاة مشاعر الطفل :


ففي مجتمعاتنا - كما قال أحد العلماء - عندنا أمية تربوية وعندنا أمية نفسية ، وعندنا أمية وجدانية . الأمية التربوية هي أننا محتارون في كيفية تربية الأولاد ، ولدينا أخطاء كثيرة ، كلنا بلا استثناء بما فيهم من يحاضر في التربية ، والذين يقومون بأبحاث كبيرة جداً في التربية ، عندهم أخطاء في تربية أولادهم ، لأن موضوع التربية هذا لم يأخذ منا اهتماماً كثيراً ، أحياناً نربيهم بطرق محفوظة وأنماط جامدة غير مرنة ، ونصمم عليها ، ولا نغيرها مع الوقت ، رغم أن الطفل كما قلنا يتغير وينمو ، واحتياجاته تختلف من وقت لآخر ، لكننا توقفنا عند أنماط جامدة وقواعد صلبة وصممنا عليها فهنا ، حتى رغم أن هذه القواعد من الممكن أن تكون صحيحة إلا أن عدم تغييرها وعدم مواكبتها لتطور الطفل ونموه يجعلها غير صحيحة ، وتحتاج إلى تعديل وتغيير من وقت لآخر ، فعندنا أمية تربوية بلا شك ، وكلنا نحتار في كيفية تربية الأولاد ، وما نقدمه الآن لن يحل المشكلة ، لكنه سيسهل الأمور كثيراً على الأب والأم ، ويكون كمصابيح تنير بعض المناطق ، وليست لدينا خبرة كافية لنفوسنا ولنفوس الآخرين ، لهذا نحس بعدم الراحة ، وعلاقاتنا مضطربة ، وهناك الكثير من الصدامات والاحتكاكات بسبب الأمية النفسية ، فنحن لم نعطي لهذا الجانب أهمية ، بأن نفهم أنفسنا ونفهم الآخرين .


أما الأمية الوجدانية فهى أمية المشاعر ، بمعنى أننا لا نعطي للمشاعر اهتماماً كبيراً ولا نراعي مشاعر بعضنا بشكل كاف ، ولا يهمنا الكلمة التي نقولها إن كانت تؤثر في هذا أو تغضب ذاك ، فكثيراً ما نقوم بعمل أشياء لا نحس بها ولكنها تسبب آثاراً كبيرة على الناس ، والطفل - على وجه الخصوص - كائن رقيق بريء ناعم ولطيف ، تكون له مشاعر مرهفة جداً وتحتاج للتعامل بدقة وحساسية لأن هذا الطفل كيان بريء يحتاج أن تكون في غاية الحرص والحذر في التعامل معه ، فإذا انتهكت هذه البراءة بتعامل فظ غليظ خشن لا يقدر أن لهذا الطفل مشاعر وأحاسيس فإنك تؤذيه غاية الإيذاء دون أن تدرى ودون أن يستطيع هو التعبير لفظيا عما حدث له , فالطفل لم يتعود بعد التعبير عن مشاعره بلغتنا المعتادة لذلك حين يتأزم وجدانيا ربما يظهر عليه ذلك في صورة اضطراب في الشهية أو اضطراب في النوم أو اضطراب في السلوك . والحقيقة أننا لا ندرك هذه المشاعر بدرجة كبيرة وأن مشاعر هذا الطفل مختلفة عن مشاعرنا ولا تظهر بالشكل الذي اعتدناه لأنها لم تأخذ الشكل المميز لكنها موجودة ، ونحن في حاجة لقراءتها بلغتها البسيطة دون تعقيد .



9 - رعاية مواهب الطفل واحترام الفروق الفردية بين الأطفال :


كثير من الآباء والأمهات يريدون للأطفال أن يصبحوا قالباً واحداً ، يريدونهم بنفس السلوك ، ( الولد هذا طيب ومطيع يبقوا كلهم يطلعوا هكذا ، الولد هذا شاطر في المدرسة يبقوا لازم كلهم يكونوا شاطرين في المدرسة ، الولد هذا يعرف يرسم يبقوا لازم كلهم يعرفوا يرسموا ، الولد هذا حفظ القرآن في سن صغير يبقوا لازم كلهم يحفظوا القرآن في سن صغير ) . إهدار الفوارق الفردية يسبب مشكلة كبيرة ، أو عدة مشاكل ، أولاً :


ينكر فطرة خلقها الله في الإنسان ، وهي أن كل إنسان في هذه الدنيا يؤدي رسالة معينة ويضيف للحياة شيئاً مختلفاً عما يضيفه باقي الناس ، فكيف نريد منهم أن يكونوا كلهم شيئاً واحداً ، نفس الطريقة ونفس الأسلوب وكما نريد لا كما يريدون ، هنا كل فرد سيفقد القدرة الخاصة التي وهبه الله إياها ، حيث أن كل إنسان وهبه الله قدرة خاصة ليضيف بها إلى هذه الحياة ، فبإنكارنا لهذه الموهبة ، تضيع الموهبة وفي نفس الوقت لن نتمكن من إجبار الطفل على التميز في مجال ليس موهوباً فيه ، كما يجعل الأولاد يغارون من بعضهم ، لأن كل طفل يريد أن يصبح مثل أخيه ، ولا يستطيع ، يبدأ في كرهه لأنه يشعر بأنه يقوم بعمل شيء يعجب الأب والأم وهو لا يستطيع عمل هذا الشيء الذي يحوز رضا وإعجاب الأبوين ، وينظرون إليه على أنه أقل من أخيه ، فيغار منه ، ويكرهه .


لكن لو أحس كل طفل بأنه محبوب لذاته ولإمكانياته , وأننا لا نقارنه بأخيه ، ولكن نقول له أنه متميز في كذا ، وأخوه متميز في كذا ، وأننا نحترم قدراتهم ومواهبهم وفروقهم الفردية فإن ذلك يؤثر إيجابيا عليهم جميعا . لو عرفنا هذه الحقيقة وعرفنا أن الله سبحانه وتعالى أعطى كل إنسان قدرة وملكة وموهبة ، يقوم بعمل شيء معين بها في هذه الدنيا ، فستختلف أحوالنا بكل تأكيد مع أطفالنا ، سننظر إليهم بعطف ورعاية لكل موهبة عند كل طفل ، بالشكل الذي تظهر به ، وننميها ونهذبها ونكبرها ونوجهها ، لكن لا نطفئها ، فنحن في مجتمع - للأسف الشديد - يقتل كل المواهب ، لأن لدينا تصور أن النجاح نمطي ، وتصور يكاد يكون أحاديا ، أن الطفل لابد من أن يقوم بعمل أشياء معينة ، ولكن هناك ألوان كثيرة من النجاح والإبداع والعطاء وألون كثيرة من تعمير هذه الحياة ، كل شخص يقوم بعملها بطريقته ، وبالموهبة التي منحه الله إياها ، فلا نشوه هذه الفطرة .



والرسول صلى الله عليه وسلم ، كان حوله نخبة ممتازة من الصحابة ، كل واحد منهم لديه خلفية ثقافية معينة ، منهم العبد ، ومنهم السيد ، ومنهم التاجر ، ومنهم الصانع ، ومنهم السياسي و العالم والعسكري ، فلم يفرض الرسول صلى الله عليه وسلم عليهم أنماطاً معينة وثابتة ولم يضعهم في قوالب محددة وإنما نمى كل شخصية لتعطي أفضل ما عندها ، فمن لديه ملكة الحفظ حفظ الأحاديث ( كأبي هريرة رضي الله عنه ) ، ومن لديه ملكة القيادة صار قائداً عسكرياً ( كخالد بن الوليد رضي الله عنه ) ، ومن كان لديه ملكة الصوت الندى صار مؤذناً ( كبلال بن رباح رضي الله عنه ) ، ومن لديه ملكة التجارة أصبح تاجراً عظيماً ( كعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه) ، وهكذا ، كل شخص وضع في المكان المناسب له ليعطي أفضل ما عنده ، وفي النهاية ، تكون لديه باقة من القدرات والملكات تتكامل وتعطي مجتمع قوي مبدع ومبتكر ، وهذا ما نفتقده في مجتمعنا الحالي ، أننا نفتقد ملكات الإبداع والابتكار في كل المجالات ، في العلم والأدب والدين والفن وكل شيء ، لأننا لا نرى هذه المواهب ولا نحترمها . وفى الآونة الأخيرة كثر الحديث عن ما يسمى ب " الذكاءات المتعددة " مثل الذكاء اللفظي اللغوي , والذكاء المنطقي الحسابي والذكاء البصري الفراغي والذكاء الحركي والذكاء الفني والذكاء الاجتماعي والذكاء الوجداني والذكاء الروحي .



وللأسف الشديد نحن لا نقيّم في أبنائنا غير عدد قليل من هذه الذكاءات غالبا الذكاء اللفظي اللغوي والذكاء المنطقي الحسابي , وهذا يهدر بقية ملكاتهم التي أودعهم الله إياها ويتركهم في حيرة ويجعلهم يشعرون بالدونية لأن ملكاتهم ليست لها قيمة عند الناس الذين يحبونهم ويرعونهم . وهذه النظرة المختزلة للأبناء لا تتوقف عند حدود البيت وإنما تمتد أيضا إلى المدرسة ( بل ربما يكون مصدرها الأساسي في المدرسة ) حيث يقوم النظام التعليمي على تقدير ملكات محدودة لدى الطالب ( غالبا اللفظية اللغوية والمنطقية الحسابية ) ويهمل بقية الملكات والذكاءات , ولهذا نجد الطلاب لا يحبون مدارسهم لأنهم لا يجدون أنفسهم فيها , وقد زاد من هذه المشكلة الانتشار الوبائي للدروس الخصوصية والتي كانت في فترة من الفترات بمثابة التعليم الموازى والآن أصبحت تمثل التعليم البديل , والتعليم في الدروس الخصوصية يقوم على فكرة إعداد كائن امتحاني يحصد أكبر عدد من الدرجات ولا شيء غير ذلك , وهكذا يختزل الطالب كإنسان ويتحول لأداة تجمع الدرجات , فضلا عن اكتسابه صفات الاعتمادية والإنتهازية والإستسهال والمسايرة والنمطية وكلها صفات تخر ج لنا جيلا هزيلا لا يعتمد عليه .



10 - مراعاة الترتيب والتكامل فى وسائل التربية :


قرر علماء التربية أن الوسائل التربوية تتبع حسب الترتيب التالي :
• القدوة
• الثواب
• العقاب


ومع هذا نجد المربين لايولون القدوة أهمية كبيرة ولايولون الثواب اهتماما أو عناية , وربما تختزل العملية التربوية برمتها في العقاب ويختزل العقاب في الضرب . وأذكر أنني كنت أزور عددا من المدارس ووجدت انزعاجا شديدا من المدرسين بسبب القانون الذي منع ضرب الطلاب في المدارس , وكان هؤلاء المدرسون يتساءلون :
" إذا كنا سلبنا هذه الوسيلة التربوية الأساسية فكيف نتحكم في هؤلاء الطلاب وكيف نستطيع تعليمهم ؟"


, وكان يبدو جليا أن لديهم اعتقاد راسخ أن العملية التربوية تسقط تماما في حالة انتفاء عقوبة الضرب , وربما يعود ذلك إلى الثقافة السائدة لدينا منذ سنوات طويلة والتي اختزلت التربية في العقاب واختزلت العقاب في الضرب وأهملت سائر الوسائل التربوية الأكثر أهمية وتأثيرا مثل القدوة والثواب والوسائل الأخرى من العقاب كالعتاب والتوبيخ والحرمان ........ الخ . ولكي تسير العملية التربوية بشكل صحيح لابد وأن تتوازن وتتكامل فيها كل الوسائل التربوية مع مراعاة الفروق الفردية بين الأطفال , فهناك من تكفيه الإشارة وهناك من تكفيه نظرة العتاب وهناك من ينصلح بالقدوة وهناك من يحفزه الثواب وهناك من يحتاج للعقاب . والمربى الناجح هو الذي يعرف متى وأين وكيف يستخدم هذه الوسائل .



الثانية ـ نصائح تربوية إلى كل أم و أب :


1ـ احترام شخصية الطفل في كل المواقف ومحاولة أخذ رأيه في كل اختيار حاجياته وأشياءه الخاصة بقدر الامكان 0


2ـ في حالة إذا ما أخطأ الطفل في عمل فالأفضل الإشارة إليه بدلاً من لومه وإحراجه أمام أصدقائه 0


3ـ الطفل في حاجة كبيرة إلى الإحساس بالحب وذلك بامتداحه وذكر صفاته الحميدة على مسمع من الأقارب والضيوف .


• شعور الطفل بتقدير الكبار من أفراد أسرته بما يفعل ينبه فيه خير ما عنده ويبعث فيه الحماس للقيام بخير ما يستطيع 0


4ـ قدرات الطفل تتغذى وتنمو على التشجيع ولكنها تضمر وتموت على التقريع والتثبيط والإهمال 0


5ـ إن قوة الشخصية والثقة بالنفس والرغبة في أن يكون الإنسان خيراً إنما تنبعث كلها من شعور الطفل بدفء الجو الذي يعيش فيه ومن إحساسه بأنه موضع الحب والثقة والاحترام وبأن أعماله تلقى من والديه المساندة والتشجيع ثم الثناء والتقدير ما يستحقه 0


6ـ لقد أثبتت البحوث والإحصاءات أن معظم الأطفال أصحاب المشاكل يأتون من منازل تكثر فيها الاحتكاكات الزوجية أكثر مما يأتون من منازل فيها علاقات سليمة 0


7ـ من أشد الأمور خطراً على الطفل التقلب في المعاملة بين اللين والشدة فيثاب على عمل مرة ويعاقب على نفس العمل مرة أخرى ، مما يجعل الطفل في حالة قلق وحيرة وتهتز ثقته بوالديه وقد يدفعه ذلك إلى الكذب والنفاق 0


8ـ الإسراف في التدليل له عواقب متعددة منها الشعور بالنقص وفقد الثقة وقتل روح الاستقلال وتحمل المسئولية ويجب التفرقة بين التدليل والعطف .. ففي العطف أخذ وعطاء أما في التدليل فالطفل يأخذ دون أن يعطي 0


9ـ على الأب أن يدعو أبناءه يشاركونه حياته فلا يجعل من حياته سراً ولغزاً مغلقاً بل يحدثهم عن نفسه ويقص عليهم بعض خبراته فإن ذلك تدريب على معنى المشاركة وعون لهم على أسلوب المحاورة والنقاش 0


10ـ الأم الحكيمة تستطيع أن تجعل من أبسط الأمور مجالا للتطبيق في تربية أبنائها فهي مثلاً تستطيع أن تعودهم على النظام وعلى قضاء حوائجهم بأنفسهم مثل لبس وخلع الملابس ووضعها في مكانها المخصص وترتيب فراش النوم وهكذا رويدا رويدا هذه الأعمال البسيطة في مظهرها لها نفعها وأثرها في نفس الطفل إذ عن طريق الممارسة تتكون شخصية الإنسان وتظهر كفاءته 0



11ـ إن الهدف الرئيسي الذي ينبغي أن يضعه الوالدان اللذان يستهدفان مصلحة أبنائهم حقاً نصب أعينهم هو أن لا يجبروا الطفل على إتباع سلوك معين عن طريق العقاب ولكن عليهم أن يساعدوه على أن يقرر لنفسه ما ينبغي ومالا ينبغي أن يفعله وأن يسلك طريقه وفقا لذلك 0


12ـ بعض الآباء يقول كلمة " لا " أكثر مما ينبغي حتى تكاد تكون هي الكلمة الغالية التي يسمعها الطفل ، فلا يكاد يمد يده إلى شيء ما أو يسعى لعمل شيء ما يراه الوالدين أنه مضر أو غير مفيد حتى يسمع كلمة " لا " ولذلك لا يترك مجال لعمل شيء ، فكلمة " لا " لا ينبغي أن تقال وحدها ولكن ينبغي معها أن يعطي الطفل شيئاً يمكن أن يجذب انتباهه ويشغل نفسه به0



13ـ الطفل يولد خامة طبيعية يسهل تشكيلها كيفما شاء الأهل وشاءت الظروف ومن هذه الخامة يخرج الرجل الشريف والمجرم الخطير .. ولكن توجد عدة أشياء تؤثر على هذه الخامة منها :



ـ القدوة الحسنة من الوالدين في الأفعال والأقوال 0
ـ الحب الذي يمنحه الوالدان لطفلهما ومصاحبتهم وتدريبهم على المسئولية 0
ـ الإرشاد إلى الأخلاق الطيبة والسلوك السليم البعيد عن العقاب والضرب 0
ـ التشدد يكون نتيجة سيئة على نمو الطفل النفسي فهو قد يحول ابنك إلى طفل جبان لا يرغب في عمل شيء حتى لا يتعرض للعقاب إذا أخطأ وإما أن يصبح طفلاً شديد التمرد والعصيان يفعل كل ما يخطر على باله ولا يبالي إذا كان خطأ أم صواباً متحملاً أي عقاب ينزله به الأهل 0


وهكذا أخوتي وأخواتي ننتهي من هذه الدوروس ( أصحاب المشاكل ) أتمنى أنكم أستفدتم منها 0
كما أنني سأتابع وسأعلق بمواضيع ومقالات لنفس المشاكل التي قدمتها هنا 0
دمتم جميعا بصحة وعافية 0

malik_1406
28 -05- 2007, 04:20 PM
جزاك الله خير

والله يعطيك العافيه

ضيف الله مهدي
06 -06- 2007, 03:19 AM
شكرا جزيلا لك أخي الفاضل / malik_1406
دمت بصحة وعافية 0