المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تــــــــاريخ الخـط الاســلامي



أبوإسماعيل
03 -12- 2003, 07:57 PM
http://www.samtah.net/abuesmail/basmala-nash.gif




تــــــــاريخ الخـط الاســلامي



http://almaraawarld.jeeran.com/1.bmp

نشأ الخط العربي في شمال جزيرة العرب بتأثير من الخطوط السائدة في العراق في بلدتَيْ الحيرة والأنبار المركزين الرئيسيين اللذين انبعث منهما تعليم الكتابة الخطِّية للجزيرة العربية، ثم انتقل إلى مكة، والمدينة، والطائف، وغيرها من المراكز المتقدمة حضارياً، وقد كان العرب قبل الإسلام يهتمون بالكتابة فاستعملوها في شؤون حياتهم كتدوين العقود، والوثائق السياسية والتجارية، وشؤون الأدب والشعر، وكل جوانب الحياة، فلم تكن الأمة أُميَّة بمعنى أنها تجهل القراءة والكتابة؛ فإنّ نُزول القرآن العظيم عليها بهذا العُمْق الفكري، وبهذا الأسلوب البليغ يعني أن هناك أمة لديها القدرة على فهمه وحَمْل رسالته وتبليغها للناس أجمعين


http://almaraawarld.jeeran.com/2.bmp

وعندما دخلت الكتابة الحِجاز، وانتشرت الكتابة في مكة المكرمة، وتعلّمه بعض الرجال الذين أصبحوا من كبار الصحابة، وبعدما حدَث له نوع من التعديل يتناسب مع البيئة الجديدة، فكتبوا القرآن الكريم بعد نزوله من الوحْي بأمر من النبيّ صلَّى الله عليه وسلم، وهو يُمْلِيهِ عليهم فتَأنَّقُوا في الكتابة، واعتنوا في التَّدوين إكراماً وإجلالاً للكلام المُنَزَّل من ربِّ العالمين، وصارت الكِتابة المكية ذات أسلوب جديد وشكل مُعَدّل وحرف متطوّر، وأصبح لهذا الخطّ الجديد الشرف الأكبر والفضل العظيم بأنه دَوّن القرآن الكريم.

ولما أنشأ عمر بن الخطاب مدينة الكوفة سنة 18هـ انتقل النشاط السياسي إليها وإلى البصرة فكثُرت الكتابة تبعاً لهذا النشاط وأصبح صنعةً تحتاج إلى الاهتمام والتَّنْميق، فأطلقوا في الكوفة والبصرة على الخطّ المكيّ الخطَّ الحجازيّ.


http://almaraawarld.jeeran.com/3.bmp

وأخيراً .. فإنّ مسيرة الخط العربي مسيرة لتاريخ المسلمين تُبيّن بامتداداتها وتشعباتها المراحل التي عاشها المسلمون على مدى فترات تاريخها الطويل، فالخط العربي يُمثِّل الركيزة الكبرى للفنون الإسلامية ولا يكاد يوجد عمل فنيٌّ ثم سُمِّيت الكتابة الحجازية التي نالت كثيرًا من العناية في الكوفة بالخطّ الكوفيّ، وفي البصرة سُمّيت بالخطّ البصريّ، ثم أُطلق الخطّ الكوفيّ على (الخطّ الكوفيّ أو البصريّ).

ولما كانت الكتابة تستخدم في الدَّواوين والتأليف والمُراسلة والأغراض اليومية، وكلها في حاجة إلى خطّ يغلب عليه طابع المُرونة والسرعة في الأداء، والانتقال بها في يُسْرٍ ودون عَناء، فلزم أن تتطوّر الكتابة لهذه الأغراض إلى كتابة ليّنة مُخففة أكثر من قبل لتسمّى فيما بعد بالكتابة الليّنة، أو خط التحرير، أو خط نسخ الكتب، ولما بدأت الكتابة على الأحجار في المساجد، وعلى الجدران والمحاريب؛ وُجِد أن الكتابة اللينة لا تصلح لذلك؛ فأَخذ الخط طابعاً مغايراً للكتابة الليّنة فرضته طبيعة تنفيذه، فسُمّي الخط الجاف أو الخط اليابس أو الخط التّذكاري، وظلت صورته هذه تُحفر في المواد الصلبة كأحجار المَباني وشواهد القبور وخشب المنابر ونحاس الصّواني وغيره.


http://almaraawarld.jeeran.com/4.bmp

والحق أن هناك أسلوبين رئيسيين سيطرا على فن الكتابة في العالم الإسلامي:

1- الأسلوب الجاف، وحروفه مستقيمة ذات زوايا حادة، وأشهر خطوطه الخط الكوفي .

2- الأسلوب اللين، وحروفه مقوسة، وأشهر خطوطه خط النسخ.

( أدوات الخـط )

(القــــلم )
هو عميد الأشياء ورئيسها ، وكان يصنع عادة من البوص أو السّعف أو الغاب أو القصب، ويركب في صفيحة تسمى المقطع حيث يثبته أخدود مرتفع لكيما يشحذ السن، وقد تكون من اللؤلؤ أو العاج أو من صدف السلحفاة، وكان صاحبه يحرص دائما في النقش عليه، أما بالنسبة إلى طول القلم فيختلف حسب الاستخدام ، ومن أهم أسماء القلم: الطومار، والجليل، والمجموع، والمسلسل، وغُبار الحلبة، والمحدث، والمدمج، والمحقّق .


( قـراب القـــلم )
وهو عبارة عن أسطوانة تصنع من العاج وغيره، وهي مصمتة إلا من تجويف مركزي ضيق مصمم لحمل قلم بوص أو أكثر، وهو كغيره من أدوات الكتابة يُتأنق في صناعته وزخرفته، وكان الهدف منه الحفاظ علي القلم من التلف.



( المُـــدَى " السكاكين" )
تستخدم لبري القلم، وهي تصنع من المعدن أو الفولاذ المطعم بالذهب، وهي تحتوي في داخلها على مدية أصغر لشق السن ، وكان أساطين هذه الصنعة يطبعون ختمهم على الفولاذ لنصولهم التي كان يجب أن تكون حادة كالشفرة .


http://almaraawarld.jeeran.com/5.bmp

( المــداد و المحابر )
كان العرب يكتبون بمداد مجلوب من الصين، ثم أنتجته العرب من الدخان والصمغ وغيره .أما المحبرة فقد كانت تملأ بالحبر لاستخدامه أثناء الكتابة، وكانت تصنع من الزجاج أو الخزف أو أي مادة أخرى، وكان الصانع يَتأنق في صناعتها مستخدمًا فيها الألوان الجميلة رغم أن استخدام لونين يقتضي مهارة فائقة حيث يتعين نفخ كل قسم على حدة ولحامه مع الآخر ، كما كانت المحبرة تعبأ بطبقات من حرير لامتصاص الحبر والحيلولة دون الإغراق في تشريب السن.




http://www.samtah.net/abuesmail/KALEMTAN.gif

أبوإسماعيل
03 -12- 2003, 08:01 PM
http://www.samtah.net/abuesmail/basmala-nash.gif


تكملة
=====



( صنـــدوق المحبرة )
عبارة عن صندوق أسطواني يصنع من الأبنوس أو غيره مع ترصيعات من الفضة أو الذهب، ومهمته تثبيت المحبرة لولبيًّا في القاعدة.



( الـــرق )
كان العرب يكتبون على أكتاف الإبل، واللخاف ( الحجارة البيضاء العريضة الرقيقة) وعسيب النخل، والجلود، وعلى ورق البردي الوافد من الصين، ثم على الورق الخرساني الذي كان يعمل من الكتّان على مثال الورق الصيني الذي كان يُصنع من الحشيش، واستخدم الخطاطون في بداية الأمر الرق وهو جلد رقيق كانوا يكتبون عليه، وظهرت فيه الملامح الأولى لفن الكتابة الإسلامية، وظل الرق مستعملا في المغرب حتى بعد تركه، والإقبال على الورق في مناطق أخرى، وتوجد هذه الرقاق منثورة في المتاحف العالمية والإسلامية.



( تشكيل الخـــط )
ظل الناس في مختلف الأمصار الإسلامية يقرأون القرآن في مصحف عثمان إلى ما يقرب من أربعين سنة بدون تنقيط الحروف أو تشكيلها ، وعندما دخل الإسلام أممٌ غير عربية نتيجة للفتوحات الإسلامية، اختلطوا بالمسلمين العرب فأدى إلى ظهور اللحن والتصحيف ( القراءة المغلوطة)، حتى أصبحت الحاجة ملحة لوضع تشكيل للحروف، وتم ذلك على يد أبي الأسود الدؤلي ثم تبعه تلاميذه من بعده، ثم وضع النقط على الحروف غير المنقوطة تلميذاه نصر بن عاصم ويحيى بن يعمر في عهد الحجاج المتوفى عام 95 هـ ، ثم وضع تشكيل الحديث الخليل ابن أحمد المتوفى عام 170 هـ، فالتشكيل بالنقط وإعجام الحروف بالنقط تمّ في النصف الثاني في القرن الأول الهجري، وتشكيل الحديث تم في القرن الثاني الهجري.



اما انـواع الخــطوط


http://almaraawarld.jeeran.com/11.bmp

( الخط الكوفي )
وهو من أجود الخطوط شكلا ومنظراً وتنسيقاً وتنظيماً، فأشكال الحروف فيه متشابهة، وزاد من حلاوته وجماله أن تزين بالتنقيط ، وقد بدأت كتابته من القرن الثاني الهجري، ثم ابتكر الإيرانيون الخط الكوفي الإيراني وهو نوع من الخط الكوفي العباسي تظهر فيه المدات أكثر وضوحًا، ثم ظهر الخط الكوفي المزهر وفيه تزدان الحروف بمراوح نخيلية تشبه زخارف التوريق، وشاع استعمال هذا النوع في إيران في عهد السلاجقة، وفي مصر في العهد الفاطمي.


http://almaraawarld.jeeran.com/22.bmp


( خــط النسخ )
وضع قواعده الوزير ابن مقلة، وأُطلق عليه النسخ لكثرة استعماله في نسخ الكتب ونقلها، لأنه يساعد الكاتب على السير بقلمه بسرعة أكثر من غيره، ثم كتبت به المصاحف في العصور الوسطى الإسلامية، وامتاز بإيضاح الحروف وإظهار جمالها وروعتها.


http://almaraawarld.jeeran.com/33.bmp
( خــط الثلث )
من أروع الخطوط منظرا وجمالاً وأصعبها كتابة وإتقانا، يمتاز عن غيره بكثرة المرونة إذ تتعدد أشكال معظم الحروف فيه ؛ لذلك يمكن كتابة جملة واحدة عدة مرات بأشكال مختلفة، ويطمس أحيانا شكل الميم للتجميل، ويقل استعمال هذا النوع في كتابة المصاحف، ويقتصر على العناوين وبعض الآيات والجمل لصعوبة كتابته، ولأنه يأخذ وقتاً طويلاً في الكتابة.


http://almaraawarld.jeeran.com/44.bmp

( الخــط المصحفي )
كتبت المصاحف بحروف خط الثلث، وبعد العناية والاهتمام به وتجويده سُمي بالمحقق، ثم تطورت الكتابة لتكون على صورة أخرى سميت بالخط المصحفي جمعت بين خط النسخ والثلث.



http://almaraawarld.jeeran.com/55.bmp
( الخـط الديواني )
هو الخط الرسمي الذي كان يستخدم في كتاب الدواوين، وكان سرًا من أسرار القصور السلطانية في الخلافة العثمانية، ثم انتشر بعد ذلك، وتوجد في كتابته مذاهب كثيرة ويمتاز بأنه يكتب على سطر واحد وله مرونة في كتابة جميع حروفه.


http://almaraawarld.jeeran.com/66.bmp

( الخـط الأندلسي - المغربي )
مشتق من الخط الكوفي، وكان يسمى خط القيروان نسبة إلى القيروان عاصمة المغرب ، ونجده في نسخ القرآن المكتوبة في الأندلس وشمال إفريقيا، ويمتاز هذا الخط باستدارة حروفه استدارة كبيرة، وبمتحف المتروبوليتان عدة أوراق من مصاحف مكتوبة بالخط الأندلسي.


http://almaraawarld.jeeran.com/77.bmp

( خـط الرقعة )
يمتاز هذا النوع بأنه يكتب بسرعة وسهولة، وهو من الخطوط المعتادة التي تكتب في معظم الدول العربية، والملاحظ فيه أن جميع حروفه مطموسة عدا الفاء والقاف الوسطية .



http://almaraawarld.jeeran.com/88.bmp

( الخــط الفارسي )
يعد من أجمل الخطوط التي لها طابع خاص يتميز به عن غيره، إذ يتميز بالرشاقة في حروفه فتبدو وكأنها تنحدر في اتجاه واحد، وتزيد من جماله الخطوط اللينة والمدورة فيه، لأنها أطوع في الرسم وأكثر مرونة لاسيما إذا رسمت بدقة وأناقة وحسن توزيع ، وقد يعمد الخطاط في استعماله إلى الزخرفة للوصول إلى القوة في التعبير بالإفادة من التقويسات والدوائر، فضلاً عن رشاقة الرسم، فقد يربط الفنان بين حروف الكلمة الواحدة والكلمتين ليصل إلى تأليف إطار أو خطوط منحنية وملتفة يُظهر فيها عبقريته في الخيال والإبداع


أرجو الفـائدة للجميع






http://www.samtah.net/abuesmail/KALEMTAN.gif

مجاهد اليامي
03 -12- 2003, 11:07 PM
تسلم يا ابو اسماعيل
كلك ذوق وفن
لاتحرمنا من مشاركاتك الفنية

القرش
05 -12- 2003, 01:23 AM
شكرا الأخ أبو إسماعيل على هذا الموضوع التوثيقي الرائع

وأبغى أسأل في أي عهد نقطت الحروف العربي والقرآن ومن أمر بذلك ومن نفذه

ولي عوده

جرح الزمان
05 -12- 2003, 02:05 AM
مشكور اخوي على الموضوع الرائع
النيزك

أبوإسماعيل
07 -12- 2003, 02:40 AM
http://www.samtah.net/abuesmail/Basmala....a.gif




الإخوين جحفان والنيزك
أشكرلكما تعقيبكما
وأتمنى لكما الفائدة

أخي القرش
سألت عن العهد الذي نقطت فيه الحروف العربية
والقرآن الكريم ومن أمر بذلك ومن نفذه
والإجابة موجودة في رأس الموضوع :

( تشكيل الخـــط )
ظل الناس في مختلف الأمصار الإسلامية يقرأون القرآن في مصحف عثمان إلى ما يقرب من أربعين سنة بدون تنقيط الحروف أو تشكيلها ، وعندما دخل الإسلام أممٌ غير عربية نتيجة للفتوحات الإسلامية، اختلطوا بالمسلمين العرب فأدى إلى ظهور اللحن والتصحيف ( القراءة المغلوطة)، حتى أصبحت الحاجة ملحة لوضع تشكيل للحروف، وتم ذلك على يد أبي الأسود الدؤلي ثم تبعه تلاميذه من بعده، ثم وضع النقط على الحروف غير المنقوطة تلميذاه نصر بن عاصم ويحيى بن يعمر في عهد الحجاج المتوفى عام 95 هـ ، ثم وضع تشكيل الحديث الخليل ابن أحمد المتوفى عام 170 هـ، فالتشكيل بالنقط وإعجام الحروف بالنقط تمّ في النصف الثاني في القرن الأول الهجري، وتشكيل الحديث تم في القرن الثاني الهجري.

والله يحفظكم
____________





width = 200 height = 200

الخارش
07 -12- 2003, 08:05 PM
مشكور أخي أبو إسماعيل

وأقول أن الذي أمر بتنقيط الحروف هو (الحجاج بن يوسف الثقفي) وهذي واحده

من حسناته

والله أعلم

القرش
24 -12- 2003, 07:40 PM
الأخ أبو إسماعيل أعود للموضوع لأهميته وشكر للمعلومة أخي الخارش

وسأضيف بعض المعلومات التي حصلت عليها لتكون الفائدة أكثر
الخـط العـربي
هو من أبرز الفنون العربية التي شكلت الإبداع الفني الإسلامي، حمل ذاته وله اتجاهاته ومدارسه وخصوصيته الحضارية والإنسانية، بدأ وانطلق من الجذور الأولى للكتابة العربية، وعبر "الفن الإسلامي" برزت قيمة "الكتابة" كحامل أساس للنص، والميراث الكبير الذي صاغه الإسلام في الحياة العربية، وتحديداً في شبه الجزيرة العربية، حيث انطلق إلى العالم.
علينا أن نعود إلى أنماط الكتابات والخطوط العربية لنرى دورها في جعل هذا الفن (فن الخط) من أغنى مظاهر الإبداع، أو كما يقول د. عفيف بهنسي في كتابه "فن الخط العربي" الصادر عام 1984م: لسنا نرى في فن التصوير ما يضاهي الخط العربي في تنوع أساليبه وأشكاله، فلقد استوعب، أنماط التصوير من واقعية واتباعية وتعبيرية ورمزية وتجاوزها إلى أشكال أخرى جعلته يدخل مباشرة في بنية فنون أخرى، كالعمارة والرقش والموسيقى والفنون الشعبية، ويضيف: إن شيئاً من أواصر الفنون يتجلى في الخط العربي، بل نستطيع القول أن "جميع الفنون الإسلامية خط".
وعموماً، كثيرة هي البحوث والدراسات الوثائقية، المدعمة بالأدلة والمصادر (نقوش ونصوص آثارية ومقتنيات المتاحف… الخ) التي تثبت أن الخط العربي انحدر من الخط النبطي ثم تطورت أشكال حروفه إلى أن أصبحت بالشكل الذي يتناسب وحاجات الثقافة والمجتمع العربي وبالتالي أصبح خطهم المعتمد.
مثل هذه المصادر الوثائقية تشير إلى أن الأنباط هم أول من وضع "الإشارات والنقوش" الأولى للكتابة والخط. وذلك ضمن حدود دولتهم التي استمرت ثلاثة قرون ما بين القرن الثاني قبل الميلاد وحتى القرن الثاني للميلاد. وقد تطور الخط الحرفي النبطي من الجذور الأولى للخط الآرامي الذي ظهر في القرن الثاني قبل الميلاد. وتعود غالبية النقوش التي كشفت إلى سنة (33 ق.م) ومنها (نقش النمارة الذي كشف عام (328م)، وقد وجد على شاهد قبر الملك العربي امرئ القيس في مدينة النمارة من مدن سهل حوران … والنقش محفوظ حاليا في متحف اللوفر في باريس.

* تطور الخط العربي.

وقد عرف الخط العربي قبل عصر الرسول بالخط النبطي. كما عرف بالحيري والأنباري لأنه جاء إلى الجزيرة العربية مع تجارة إقليم السواد عن طريق دومة الجندل. وعند وصول الخط إلى مكة والمدينة عرف باسميهما أي الخط المكي والخط المدني.
وكان العرب قبل الإسلام يعنون بتسجيل الأحداث اليومية كتثبيت الصكوك في المعاملات التجارية وكتابة المواثيق وتثبيت الأحلاف. وكانت لهم رسائل متبادلة فيما بينهم. وكان هناك من يجيد الكتابة والقراءة عند ظهور الإسلام وأشهرهم سبعة عشر رجلا: منهم عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبى طالب ومعاوية بن أبى سفيان.
وعندما انتقل مركز النشاط السياسي إلى العراق في زمن عمر بن الخطاب وعلي بن أبى طالب انتقلت الخطوط المكية والمدنية إلى البصرة والكوفة وعرفت هناك بالخط الحجازي، وفي الكوفة تهندست أشكاله واستقامت حروفه وتميز عن الخط الحجازي في أن غلب عليه الجفاف وأطلق عليه اسم الخط الكوفي. ومن الكوفة انتشر هذا الخط إلى أرجاء العالم الإسلامي حيث تكتب فيه المصاحف وتحلى به المباني والنقود، في حيث ظل الخط الحجازي اللين في خدمة الدواوين لمرونته وسرعة كتابته.
وهناك ثلاثة أنواع من الخط الكوفي وهي: الخط التذكاري الذي يستخدم في التسجيل على المواد الصلبة كالأحجار والأخشاب لتثبيت الآيات القرآنية والدعائية وتاريخ الوفيات… الخ، ويتميز هذا النوع بجماله وخلوه من النقاط وبترابط حروفه والإسراف في زخرفته وصعوبة قراءته.
والنوع الثاني: الخط الكوفي المصحفي الذي تجمع حروفه بين الجفاف والليونة، واستخدم في كتابة المصاحف طوال القرون الثلاثة الهجرية الأولى. أما النوع الثالث وهو خط التحرير، فحروفه لينة مخففة ومطواعة في يد الكاتب، استخدم في الأغراض اليومية والعلمية.
استمر تطور الخط العربي في العصر الأموي فاستخدمت الكتابة كجزء من الزخرفة على العمائر والمسكوكات والتحف. وفي ذلك العصر تم إعجام القرآن حيث كثر الخطأ في قراءته بعد دخول الأعاجم إلى الإسلام؛ فأوعز زياد بن أبيه والي البصرة آنذاك إلى أبى الأسود الدؤلي للقيام بتشكيله فتم له ذلك.
وقد فرضت لغة القرآن نفسها في البلاد المفتوحة وأصبح البعض منها يكتب لغته بحروف عربية كما في الهند وتركيا وإيران. وانتشر الخط في أرجاء العالم الإسلامي وأصبحت له مدارس وأساليب، خاصة في بعض الأقاليم الإسلامية، ومن أشهر خطاطي العصر الأموي: ابن الهياج ومالك بن دينار وقطبة الذي يعزى إليه استخراج الأقلام الأربعة: الجليل، الطومار، الثلث والثلثين واشتقاق بعضهما من بعض.

* مدرسة بغداد:

إن ما قدمه العصر الأموي للكتابة العربية لا يقاس بغزارة عطاء المدرسة العباسية في هذا المضمار، فقد ازدهرت بغداد ووصلت عصرها الذهبي في العصر العباسي وأصبحت قبلة العلماء ورجال المعرفة والفن، واحتل الخطاطون المقام الرفيع فيها. ومن بغداد انتشرت أصول الخط البديع المنسوب، الذي تميز فيها بجماله ورونقه.
ثم جاء بعد قطبة الضحاك بن عجلان الكاتب في زمن "أبو العباس" (أول الخلفاء العباسيين) الذي زاد على قطبة. ثم جاء بعده إسحاق بن حماد الكاتب في عصري المنصور والمهدي وكانا يخطان (الجليل) وهو الطومار أو قريب منه.
وأخذ إبراهيم الشجري عن إسحاق الخط الجليل واخترع منه قلماً أخف منه أسماه (قلم الثلثين) ثم اخترع من الثلثين قلماً أسماه "الثلث". وأخوه يوسف الشجري الذي اخترع من الجليل خطاً في عصر المأمون سمي "الرياسي".
وفي ذلك العصر أخذ الكتاب يتفاخرون بتحرير خطوطهم فظهر "الأحول المحرر الذي جعل الخط العراقي الذي كانت تكتب به المصاحف أنواعا منها قلم الطومار. ثم انتهت إجادة الخط وتحريره في القرن التاسع الميلادي إلى ابن مقلة وهو أبو علي محمد بن علي بن مقلة (وكان وزيراً في عصور المقتدر والقاهر والراضي) وإلى أخيه عبد الله الحسن، وقد كان والدهما خطاطاً.
ولد ابن مقلة في بغداد سنة 889م وعاش فيها. كان ميالا للأدب واللغة وله إلمام واسع بالهندسة مما ساعده على تطوير خطه فهندس الحروف وأجاد في تحريرها، وعنه انتشر الخط في مشارق الأرض ومغاربها ووضع القوانين لكل حرف من حروف الخط العربي. وقد برع في نوع من الخط عرف بالدرج، كما أجاد أخوه خطا عرف بالنسخ.
ومن تلاميذ ابن مقلة البارزين، محمد بن السمسماني ومحمد بن أسد الذي أخذ عنهما أبو الحسن علي بن هلال المعروف بابن البواب، وقد جمع ابن البواب خطوط ابن مقلة في النسخ والثلث اللذين قلبهما من الخط الكوفي ونقحهما وصححهما ووجههما فاستقام بفضله أسلوب ابن مقلة من كل الوجوه، وخلد اسمه. وقد عد أكبر كتاب الخط بعد ابن مقلة وإليه ينسب ابتداع الخط الريحاني، وأنشأ مدرسة للخط عملت حتى زمن ياقوت المستعصي آخر خطاطي المدرسة البغدادية. يعرف هذا الخطاط بقبلة الكتاب وهو الشيخ جمال الدين ياقوت المستعصمي وهو من مماليك الخليفة المستعصم آخر خلفاء بني العباس.
لقد كان ياقوت خازناً بدار الكتب في المدرسة المستنصرية بإشراف المؤرخ الكبير ابن القوطي وكان يجتمع بالأدباء والعلماء والوزراء ونال تشجيعاً ورعاية من قبلهم. وبرع في تجويد الخط وهذب أوضاع الحروف وبلغ بالخط إلى أوج جماله والإبداع في تراكيبه. وكان لمدرسة بغداد بفضله السيادة في العالم الإسلامي حيث سعى الخطاطون إليها يقلدون خطوط المستعصمي ويسيرون على نهجه حتى ظهر الحافظ عثمان بن علي التركي فبرز ياقوت في كتابة النسخ. واشتهر المصحف المعروف باسمه مصحف حافظ عثمان. وتوفي المستعصمي في بغداد سنة 698هـ تاركاً أعمالا جليلة ومصاحف في غاية الروعة.
وبعد الغزو المغولي سنة 1258 لبغداد وسقوطها على أيديهم انتهى دور هذه المدينة العظيمة في القيادة الحضارية الإسلامية فانتقلت مراكز النشاط العلمي والفني إلى أماكن أخرى، وكانت مصر وتركيا من المراكز التي اهتمت بتجويد الخط العربي بعد بغداد.

* المدرسة المصرية:

امتد تأثير مدرسة بغداد إلى مصر بحملها خطاط هو الحسن بن علي الجويني المعروف بالبغدادي وكان يلقب بفخر الكتاب.
أن اقدم مصحف في مصر من جامع عمرو بن العاص كتب بالخط الكوفي على الرق وهو خال من الشكل والتنقيط. ومصحف آخر مكتوب على الرق أيضاً بقلم أبي سعيد الحسن البصري سنة 696م وهو مضبوط بالشكل على طريقة أبي الأسود الدؤلي.
وتقدم الخط والزخرفة تقدما ملموساً في مصر في العصر الطولوني، فقد ذاعت شهرة الخطاط طبطب الذي كان يكتب بأسلوب معاصريه في العراق وخطاط آخر عرف بابن الكاتب.
كما أن الخطوط العربية كانت تشكل أشرطة في الجوامع منذ هذا العصر كالموجودة في جامع ابن طولون واستمر استخدامها في العصر الفاطمي. ففي هذا العصر نافست مصر العراق في الإنتاجيات الفنية للخط والزخرفة وكان أصحاب الأقلام يتمتعون بحظوة كبيرة لدى الخليفة الفاطمي، ولا عجب فإن الدولة الفاطمية اهتمت بالترف والزينة حيث زينت القصور والمساجد والأثاث بالأعمال الخطية إلى جانب الزخرفة.
واستمرت الخطوط في العصور الإسلامية في مصر تنفذ على الخشب وأدخلت الخطوط اللينة في تحشية الأعمال الخشبية رائعة التصميم التي تميزت بها.
ومنذ أوائل القرن الثالث عشر للميلاد، بطل استخدام الخط الكوفي في كتابة المصاحف وحل محله النسخ المملوكي في مصر والخط النسخي الأتابكي في بلاد الجزيرة وآسيا الصغرى. وقد تأثرت مصر في العصر الأيوبي بمؤثرات سلجوقية، ومن أقدم هذه المؤثرات، الكتابات النسخية واحدة باسم محمود بن زنكي، وأخرى باسم صلاح الدين يوسف بالقدس.
واستخدم المماليك أشكالا من الخطوط الكوفية للزخرفة كما هو موجود في مسجد الغوري والسلطان قلاوون ومدرسة السلطان حسن، ولكن كادت أن تنقرض منذ أواخر العصر المملوكي. كما استخدم المماليك الزخارف الخطية الهندسية وأكثروا من استخدامها في مبانيهم. واهتموا بالتأليف وتدوين المخطوطات وكان من مشاهير خطاطيهم شمس الدين بن أبي رقية محتسب الفسطاط. ووصل عندهم الخط المدور الذي استخدم في كتابة المخطوطات منزلة متطورة وخاصة في المصاحف. وما أحدثه التطور في الخط والزخرفة في عصر المماليك كان له أثره الفني في بلاد الشام والأندلس التي عبر عن طريقها إلى أوروبا.

* الخط في المغرب والأندلس:

إن الخط في هذا الجانب من العالم الإسلامي يقسم من حيث وظيفته إلى: خط تذكاري وهو لا يختلف عن الخطوط التذكارية في الشرق الإسلامي، وخط التدوين والتحرير. واستخدم المغاربة نوعا منه أقرب ما يكون إلى الكوفي البسيط في أمورهم الدينية والقضائية. وعليه فقد نشأت للخط المغربي سلالتان: الأولى دينية والأخرى مدنية. والمدنية تفرعت منها سلالات محلية هي القيرواني والأندلسي والفاسي والسوداني.
ويتميز الخط الفاسي باستدارة حروفه وهو الخط الذي تكتب به مراكش، والخط السوداني تمتاز حروفه بأنها غليظة وذات زوايا حادة وكبيرة وقد اشتق من الخط التكروني نسبة إلى مدينة تكرون السودانية ويستعمل حالياً في الحجاز ويسمى التمبكي.
وفي تدوين القرآن استخدم الخط الكوفي المغربي وهو أقرب إلى الثلث والنسخ منه إلى الخط الكوفي المعروف. كما أن الخط المغربي المستدير أقرب إلى الخط الكوفي اليابس وذلك لأن المغرب العربي بقي طويلا يرى أن هذا الخط هو الخط العربي الأصيل، ويتميز بقلة الاستقامة في أصابعه وبحروفه المدورة ويبدو نحيفاً وليناً في مجموعه.
وكتابات الأندلس منذ القرن الرابع الهجري تغلب عليها البساطة وإن استخدمت فيها بعض الزخارف التي عرفت في مصر قبل ذلك وبقيت كذلك حتى آخر عهد الأندلس بالكتابة الكوفية. وسمي الخط الأندلسي بالقرطبي أيضا وشكل حروفه مستديرة بعكس حروف الخط القيرواني التونسي المستطيلة، أما الخط الجزائري فهو ذو زوايا حادة وصعب القراءة.

* المدرسة التركية للخط العربي:

بلغت تركيا ذروة عظمتها بعد أن استولى السلطان محمد الفاتح على القسطنطينية عام (1453م) فأصبحت عاصمة للإمبراطورية العثمانية. وأخذ الفن بعد ذلك مظهراً جديداً تميز باستقطاب الفنانين من شتى أنحاء العالم الإسلامي فانصهرت الأساليب الفنية جميعها لتعطي للفن التركي طابعاً جديدا مميزاً، وتجلى في أبهى صورة في فن الخط العربي.
وأبدع الخطاطون الأتراك بتعلم الأقلام العربية التي كانت معروفة وطوروها. ثم ابتكروا خطوطاً جديدة مثل الخط الهمايوني والطغرائي وخط السياقت.
وكان للخطاطين الأوائل دور فعال بنقل مدرسة بغداد إلى تركيا وعلى رأسهم حمد الله الأماسي في القرن الخامس عشر. وقد نهج على طريقة الخطاط البغدادي ياقوت المستعصمي. وأتقنوا تقليد الأقلام الستة التي كانت شائعة في العراق وهي النسخ والمحقق والثلث وخط الرقاع والريحاني والرقعة. كما أخذوا عن مصر خط الثلثين والثلث اللذين كتب بهما المماليك، وبدأ الخطاط العثماني يتجاوز تقليد الخطوط السابقة إلى تحسينها وتطويرها، ومنها خط الجلي الذي ابتكره ياقوت فكتبوه بلوحات كبيرة على العمائر، وعلى لوحات صغيرة تتجلى فيها الآيات القرآنية والأحاديث والأقوال المأثورة.
وابتكر العثمانيون خط الغبار وهو صورة مصغرة لخط النسخ، ولكن حروفه غاية في الدقة والصغر كأنه الغبار. واستخدم في كتابة المصاحف الصغيرة جدا التي توضع في علب ذهبية أو فضية وتلبس كحلي. كذلك ابتكروا الخط المثني أو الكتابة المنعكسة حيث تكتب العبارة بشكلين يمكن قراءتها من اليمين إلى اليسار وبالعكس. وتخصص بخط الطغراء من الخطاطين في هذا العصر مصطفى الراقم وإسماعيل حقي وسامي. وقد عرف هذا النوع من الزخرفة في العصر السلجوقي في آسيا الصغرى كما عرفها المماليك. ولكن العثمانيين اتخذوا فيها صورة جديدة تختلف عن العصور السابقة. وفي القرن 16م ذاعت شهرة الخطاط أحمد قرة حصاري الذي تتلمذ لأحمد الأماسي. وقد أتقن خط الجلي والمحقق والريحاني.
ثم تربع على عرش الشهرة الخطاط حافظ القرآن عثمان في القرن 17 الميلادي وأوائل القرن 18 الميلادي. وقد اختير لتعليم أصول الخط العربي للسلطان مصطفى الثاني وللأمير أحمد الذي أصبح فيما بعد السلطان أحمد الثالث ولا تزال المصاحف التي نسخها عثمان تعد المثل الأعلى في خط النسخ أو المحقق


ومن القلب تحية[/c][/COLOR][/FONT][/SIZE]

أبوإسماعيل
25 -12- 2003, 12:55 AM
http://www.samtah.net/abuesmail/basmala-nash.gif





أشكرك أخي الخارش
على إضافتك الرائعة
والغنية بالفائدة






http://alshabi.jeeran.com/asmaa%20allah-h.gif

محمد حسين صميلي
03 -05- 2004, 04:50 AM
أخي / أبو إسماعيل

جهد جبار وكبير في موضوعك الذي أرى أنه يغني عن عناء البحث في منتديات أخرى حول نفس الموضوع

ماشاء الله تبارك الله

اقترح تثبيته لتعم الفائدة
تحياتي

هلال الفجر
05 -05- 2004, 08:25 AM
أخي ابو اسماعيل

موضوع مهم جدا في حياة الفن ( فن الخطوط )!

جزاك الله خيرا .. وبارك فيك ولك ولأعمالك الطيبة !


وأرى أنني أؤيد ماقاله الأخ الفاضل / محمد حسين صميلي.

لأهمية الموضوع فإنه يستحق التثبيت حتى يستفيد الكل منه!


عظيم التحايا والاحترام والتقدير لمقامكم أخي الفاضل ابو اسماعيل.

هلال الفجـــــــــــر