المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأسرة ( الحياة الزوجية ) والصحة النفسية



ضيف الله مهدي
17 -03- 2007, 12:10 AM
الأسرة ( الحياة الزوجية ) والصحة النفسية :

الأسرة هي إحدى لبنات المجتمع التي يقوم عليها ويتكون منها ، وتقوم الحياة الزوجية على علاقات وتترتب عليها مسؤوليات هامة ، والزواج هو الخطة الأولى في تكوين الأسرة 0 والزواج قد يحالفه التوفيق إذا تحقق التوافق بين الزوجين ، وقد يصيبه الفشل إذا لم يكن هناك توافق بين الزوجين وهو الشرط الأساسي 0
• الدين الإسلامي يحث على الزواج :
يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) وفي بعض الروايات فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج يعني الزواج 0
والباءة تتمثل في ثلاثة أمور :
1ـ القدرة المالية ، حيث يستطيع دفع المهر والصرف على الأسرة وفتح بيت وجميع التكاليف 0
2ـ القدرة النفسية ، حيث يستطيع فتح بيت وتكوين أسرة ورعايتها وحمايتها والتصرف السليم تجاهها وتحمل الطواريء التي تطرأ 0
3ـ القدرة الجنسية والجسمية حيث يستطيع الزوج القيام بمهامه تجاه زوجته وإشباع غرائزها 0 فإذا توافرت جميع تلك الأمور من الباءة فتأخير الشخص زواجه غير مناسب وغير جيد وربما يؤدي تأخيره للزواج إلى أمر لا تحمد عقباه وربما يدخل في أمور تضره هو 0 أما إذا توفر الأمر الأول ولم يتوفر الأمر الثاني والثالث فالأفضل له ألا يتزوج 0 وإن توفر الأمران الثاني والثالث ولم يتحقق الأمر الأول فعليه بالصبر والصوم حتى يحصل على المال ثم يتزوج 0 ولعل مما يؤخر زواج الشباب عدة أمور ومنها : غلاء المهور وكثرة تكاليف الزواج وعدم توفر المال 0 فالكثير من الشباب يتخرجون في الجامعات ثم لا يحصلون على وظائف فيتأخر زواجه ، أو يجد وظيفة ولكن الراتب قليل لا يفي بمستلزمات ومطالب الزواج وبذلك يتأخر زواجه 0 والقليل جدا من يتأخر زواجه بسبب أنه يريد أن يبقى حرا طليقا ولا يربط نفسه بزوجة وأسرة ويريد أن يشبع رغباته بالسفريات والسياحة وغير ذلك 0 وللزواج المبكر فوائد كثيرة دينية وصحية ونفسية ، وإذا رزقه الله بأبناء ففي يوم من الأيام سيشاهد ابنه البكر وسنه قريبا من سنه وكأنه أخ له وليس ابنا وفي هذا راحة نفسية ونعمة وفضل 0
• المقومات النفسية للحياة الزوجية :
سنويا هناك الآف من الزيجات التي تتم ، فالزواج ليس من الأمور العسيرة ــ وإن كان البعض يتحجج بالمهر والتكاليف والمسكن ـ والكثير من الأزواج يعتقدون أنهم سوف يحققون حياة زواجية سعيدة ، فالحب يربط بين الطرفين ، ولكن الحب وحده لا يكفي ، فالزواج في الواقع عملية قبول وإيجاب بين الطرفين ، وجهود مشتركة يبذلها الزوجان في مواجهة الضغوطات وصعوبات الحياة ، ولا يمكن أن يعتبر الزواج ناجحا إلا إذا توفرت فيه عوامل التماسك والاستمرارية 0 والزواج يقوم على الأخذ والعطاء ، وتتخذ فيه القرارات المشتركة ، وقد بينت الدراسات أن التوافق بين الزوجين أكثر نجاحا في الحالات التالية :
1ـ إنتماء الزوجين إلى ثقافة اجتماعية متماثلة : فالحياة الزوجية تتضمن تكوين أساليب مشتركة للحياة في الأكل والنوم والإنفاق والكسب والحب 0 وعندما ينتمي الزوجان إلى أسر متماثلة تسود فيها عادات سلوكية متشابهة تصبح الحياة المشتركة سهلة ، أما إذا كان كل من الزوج أو الزوجة ينتمي إلى بيئة اجتماعية متباينة كل التباين ، فإن عملية التكيف تصبح أكثر صعوبة 0
2ـ الخبرات النفسية للزوجين : إن الجو النفسي للأسرة الذي يعيش فيه كل من الشريكين قبل الزواج من العوامل المؤثرة في سعادة الزوجين 0 فالشخص الذي يمر في طفولته وحياته السابقة بخبرات سارة توفر له الأمن والحب يمكنه النجاح في إقامة علاقات زوجية سعيدة 0 ويؤكد علماء النفس أن الطفل المحروم من الحب أو المنبوذ لا بد أن يصبح أباً قاسيا أو زوجا سيئاً 0
3ـ النضج الانفعالي : إن أفضل الزيجات هي تلك التي تقوم أو تتم بين شخصين يقدران على الزواج ويرغبان فيه ويتوفر لهما درجة من النضج يحكمان العقل والمنطق 0 إن النضج الانفعالي لا يتحدد بعدد السنوات التي بلغها كل من الزوجين ، فكم من رجل لا يتعدى إتزانه الانفعالي مستوى طفل صغير 0 وهناك من الشباب الصغار من يصل إلى سن الرشد والتكامل النفسي ، وإن كان من النادر أن يتحقق النضج النفسي قبل سن العشرين ، وعلى العموم فإن الشباب في سن الخامسة والعشرين ، والشابات في مطلع العشرينات أكثر إستعدادا لتحمل مسؤوليات وتبعات الزواج 0
4ـ الاشتراك في أهداف عامة : من العبث أن نشاهد رجلا وإمرأة يحاولان إنشاء حياة زواجية ولديهما ميول وقيم متصارعة 0 وعندما يشترك الزوجان في الأهداف ويتفقان في الميول والقيم يستطيعان تحقيق التكيف المتبادل بالرغم من تعارض وجهات النظر 0
5ـ التعارف العميق : لا يمكن للزواج أن ينجح بدون فترة مناسبة من التعارف 0 فقد تبين أن أكثر الزيجات الفاشلة هي تلك التي تمت بالسرعة والصدفة ودون تعارف مسبق 0 ولكن قد شاهدنا الكثير من الزيجات قد تمت من دون تعارف مسبق أو فترة خطوبة طويلة ، وكتب لها النجاح ، وعلى العكس فإن الكثير من حالات الزواج التي تمت عن طريق حب وتعارف مسبق قد انتهت بالفشل ، لأن في فترة الخطوبة والحب ، قد رسم كل من الزوج والزوجة صورة مثالية لنفسه وحبب نفسه بشكل لم يتم معه بعد ذلك الاستمرار وتغير الزوج أو الزوجة وظهر كل منهما على حقيقته الأمر الذي أدى إلى نشوء الخصومات والخلافات المستمرة التي انتهت بالفشل 0
للموضوع بقية 00 وغدا أكمل إن شاء الله تعالى 0

أبوإسماعيل
17 -03- 2007, 01:00 AM
موضوع مهم وعقلاني جدا

ومن أهم نقاطه : تعريف الباءة التي يسمع البعض عنها ويجهل معناها

أو أنه يفسرها بمعنى واحد فقط .

وإنما هي شاملة لكل ما ذكر .


وفقك الله يا دكتور ضيف الله .

ضيف الله مهدي
17 -03- 2007, 11:24 PM
شكرا جزيلا لك أخي الفاضل / أبو إسماعيل 0
دمت بصحة وعافية 0

ضيف الله مهدي
17 -03- 2007, 11:25 PM
الحب والزواج :
يلعب الحب دورا هاما في حياة الإنسان فهو أساس الحياة الزوجية وتكوين الأسرة ورعاية الأبناء وهو أساس التآلف بين الناس وتكوين العلاقات الإنسانية الحميمة وهو الرباط الوثيق الذي يربط الإنسان بربه ويجعله يخلص في عبادته وفي اتباع منهجه والتمسك بشريعته ويظهر الحب في حياة الانسان في صور مختلفة فقد يحب الانسان ذاته ويحب الناس ويحب زوجته وأولاده ويحب المال ويحب الله والرسول صلى الله عليه وسلم ، ونجد في القران الكريم ذكرا لهذه الأنواع المختلفة من الحب 0 وتنتشر كثير من الأفكار الوهمية والقصص الرومانتيكية حول الحب والزواج ، وتدور الفكرة التقليدية القديمة عن الحب والزواج حول أسطورة وجود رجل واحد معين من نصيب إمرأة معينة ، وعندما يجود القدر بأن يلتقيا ، يقعان في حب عميق ، وأن الشخص لا يقع في الحب إلا مرة واحدة مع الشخص الموعود 0 وعندما يقع الشخص في الحب ويشعر به يسيطر على حياته ويشغل تفكيره ، وأنه ينبغي على المحب إن كان مخلصا في حبه حقا أن يسعى وراء الزواج بمن يحب مهما كلفه هذا السعي من صعوبات ، وعندما يتزوج الشخص بمن يحبه ينتهي شقاؤه ويركن إلى حياة سعيدة طوال حياته 0وحقيقة فالواقع ينفي هذه الأفكار الأسطورية الوهمية ، فكثير من الأشخاص يمكن أن يقيم حياة ودية سعيدة ويتزوج زواجا موفقا يوفر الكثير من الإشباع ، وغيرهم قد يقيم حبا ويتزوج ، ولكن يفشل زواجه لاعتبارات كثيرة ومنها ما قد سبق ذكره 0 إن الكثير من الأشخاص ومنذ الطفولة وحتى سن الكهولة يمارس ألوانا مختلفة من الحب مع كثير من الناس ، وتختلف هذه العلاقات عن بعضها البعض وتتمايز في نوعيتها ، ومع ذلك تجمعها صفة مشتركة هي الحب 0 إن الحب الرومانسي ، أو الحب الذي يسبق الزواج ويستمر خلال الحياة الزوجية يختلف عن أنواع الحب الأخرى كما يختلف عن الحب الأبوي أو الأخوي أو البنوي ، ويتميز عنها جميعا 0 ونعرفه بأنه : ينشأ عن إدراك الشخص للفروق الجنسية والاستجابة لها ، ويتركز هذا الحب حول شخص من الجنس الآخر يثير في الفرد الدوافع الجنسية ويعتبر هدفا لتحقيق آماله الزواجية ويؤدي إلى نوع من المشاركة العميقة في العلاقات الزوجية 0
• أنواع الأشخاص في الحب :
1ـ الشخص ضحية قلق أحد والديه : وهذا الشخص يكون ضحية قلق شديد لأحد والديه ، ولا يكون لديه الاستعداد التام لحب شخص آخر طالما كان يحب والده بطريقة طفلية ، ويبدو له أنه يحب شخصا شبيها بالوالد أو يحل محله 0
2ـ الشخص النرجسي : وهو مثل الشخص الأول ، ولكنه يركز حبه على نفسه ، فيتعذر عليه أن يوجه حبه لشخص آخر 0
3ـ الشخص العدواني : وهو الشخص ذو الميول العدوانية والاستغلالية تجاه الجنس الآخر ، فإنه من الصعوبة بمكان أن يحب الحب الصادق 0
• صفات الحب الصادق :
1ـ أنه ينشأ نتيجة مواقف عديدة ، وليس موقف واحد مفاجئ ، أو إتصال آني 0
2ـ أن فيه تقدير شامل وكامل لكامل جوانب شخصية الآخر ، وليس لبعض الصفات 0
3ـ فيه ثقة وشعور بالأمن ، مع الفهم الكامل والقبول لشخصية المحبوب بكل محاسنها ومساوئها 0
وينمو الحب بين الزوجين بتقدم الزواج ، وينشأ من خلال الألفة والعلاقة المتبادلة ويحل الحب الزوجي محل الحب الرومانسي بزيادة التعارف والمعاشرة ، ويستطيع الشخص أن يتأكد من الميل الذي يشعر به يكفي لأن يقبل الزواج بالإجابة على الأسئلة التالية :
س ـ هل ترغب في سعادة شريك حياتك ؟ وهل تساعده في القيام بالأشياء التي يميل إليها ؟
س ـ هل أنت مستعد لعلاج الصعوبات التي تعترض حياتك الزوجية ؟ وهل تستطيع أن تتغاضى عن إعتبارات الكرامة في حياتك الزوجية والعمل على تفهم الطرف الآخر مهما اختلفت وجهات النظر ؟ 0
س ـ هل تفكر بأسلوب جماعي عندما تقوم بالتخطيط ؟ وهل تخطط لمستقبلكما معا ؟ هل ناقشت أمالك ورغباتك مع الطرف الآخر ؟ هل تشعران بأنكما شركاء في هدف عام ؟ وهل يقدر كل منكما أهداف الطرف الآخر ؟ 0
إن الحب كالنبات يجب تزويده بالغذاء والعناية حتى يظل على حيويته وإزدهاره 0 ويعتبر تقديم الهدايا البسيطة ، وتذكر المناسبات الخاصة ، والاهتمام ، والنظرات الودية ، وإبداء التقدير والتشجيع لجهود الطرف الآخر ، والإصغاء وإبداء الرأي والمشاركة ، كلها من الأمور التي تثري الحياة الزوجية 0
غدا أكمل إن شاء الله تعالى 0

ضيف الله مهدي
12 -04- 2007, 02:43 AM
سؤال ـ هل الخوف من الحمل هو أساس عدم ممارسة الجنس قبل الزواج؟ :
جواب : ينبغي ألا نبتعد عن ممارسة الجنس قبل الزواج لمجرد الخوف من الحمل و إلا لكانت حبوب منع الحمل هي الإجابة لهذا الخوف 0 فليست الخطورة في الحمل بقدر ما هي في انتهاك قانون الله الطبيعي الذي يحكم العلاقات بين الجنسين 0 تشير الإحصاءات إلى تزايد عدد المصابين بالأمراض الجنسية من إيدز وزهري وسيلان ..الخ 0 وكلها نتيجة العلاقة الجنسية قبل الزواج0 ولا نقصد هنا أن هذه الأمراض لا وجود لها في المتزوجين 0 ولكن احتمال وجودها يكون أكبر في الذين يمارسون الجنس مع آخرين قبل الزواج 0 لأن هذه الأمراض تنتقل من شخص لآخر عن طريق الممارسة الجنسية 0 وقد تبدو هذه الإحصاءات غير واقعية بالنسبة لك إلى أن يصاب بتلك الأمراض أحد أصدقائك أو أحبائك 0
6ـ العلاقة الجنسية قبل الزواج تولد عدم الثقة : فالشاب الذي استهوى فتاة ومارس الجنس معها سرعان ما يستفيق لنفسه ويتساءل ترى كم من شاب آخر سلمت هذه الفتاة نفسها له قبلي؟ ومن ثم يعتبر الشاب أنه في نظر حبيبته لا يختلف كثيرا عن بقية الشباب الذين أوقعوها في شراكهم من قبل 0 والفتاة أيضا تراودها أفكار عدم الثقة والشك في حبيبها الذي استهواها وتتساءل ترى كم من فتاة سلمت نفسها له قبلي؟ و إذا كان قد مارس الجنس مع أخريات قبل الزواج فما الذي يمنعه عن ذلك بعد الزواج؟ هذه الشكوك تتزايد في عقول الذين يمارسون الجنس قبل الزواج وتستمر بعد أن يتزوجوا فتصبح العلاقة الجنسية مجرد روتين ممل 0
7ـ العلاقة الجنسية قبل الزواج غالبا ما يكون منشأها البواعث المريضة : فهناك الشاب الذي يود أن يثبت رجولته ، والفتاة التي تسعى لشراء الاكتفاء العاطفي بتقديم جسدها 0 آخرون يسعون نحو الإثارة بدافع الشهوة 0 والذي يتخاذل أمام شهواته وانفعالاته الغريزية سيقع فريسة الزاني 0 فالعلاقة الجنسية قبل الزواج تجمع رفقاء السوء وتحطم الصداقات الحقيقية بين الشباب 0 ومخطئ من يظن انه عن طريق الجنس يستطيع الاحتفاظ بالطرف الآخر حتى يتزوجا 0
8ـ التجربة لا تفيد في هذا المجال : يوجد اعتقاد خاطئ مفاده على الذين يزعمون الزواج أن يمارسوا الجنس حتى يقرروا فيما إذا كانوا يتلاءمون مع بعضهم جنسيا أم لا 0 ولكن هذا الاعتقاد خاطئ من أساسه 0 فهل سيمارس الشاب الجنس مع كل الفتيات حتى يرى التي تناسبه قبل أن يتزوجها؟ 0 والخطأ الفادح الذي يقع فيه هؤلاء المفكرون السقماء هو اعتقادهم بأن الانسجام الجنسي يجب اكتشافه قبل الزواج 0 وهذا ليس حقيقيا ، فالتوافق والانسجام الجنسي يتولد في نطاق الرابطة الزوجية المقدسة التي تجد الحماية والأمن في ظل القانون والعرف الذي يصادق على علاقتهما الشرعية 0 فالتقدير الكامل الواعي لعطية المحبة هذه التي حبانا بها الخالق المحب لا يتم اكتشافه أو اختباره إلا في نطاق الرابطة الزوجية 0
9ـ العلاقة الجنسية قبل الزواج تعرقل قدرتك على التمتع بجمال تلك العلاقة بعد الزواج:
اكبر حجة في صالح إبقاء العلاقة الجنسية إلى ما بعد الزواج هي أن تلك العلاقة لا يمكن اكتشاف جمالها التام إلا في الزواج ففي اختبارات البشرية لا يوجد ما هو أعمق وأجمل من الوحدة الجنسية المتكاملة والصحية بين الزوج وزوجته 0 ففي رابطة الزواج يجتمع شخصان ترعرعا في بيئات مختلفة ولم يعرف أحدهما الآخر من قبل ويتحدا في علاقة وثيقة وشركة متبادلة 0 هذا الاختبار الرائع أساسه إعطاء الذات بكاملها للآخر 0 فالزوج لا يطالب بشيء لنفسه بل يعطي ذاته 0 والزوجة تكون لها مطلق الحرية أن تقدم ذاتها أيضا في محبة مشتركة ومتبادلة دون أن يكون لها أدنى شك في أنها قد أجبرت على شيء أو قد استغلت 0 في هذه العلاقة يتعهد الاثنان بالإخلاص لبعضهما فيعطي كل واحد نفسه للآخر 0 وبموجب هذا الوعد يكون كل طرف حرا من المنافسة أو من طلب أية ميزات لنفسه على حساب رفيقه 0 الممارسات الجنسية قبل الزواج تعكر صفو هذه العلاقة بعد الزواج لأنها تسلب من يمارسها القدرة على التمتع بجمالها الحقيقي ومعناها السامي 0 وهي في الوقت ذاته تسلب الزواج إحدى ركائزه التي توجد بين الطرفين وهكذا تضعف رابطة الزواج. المؤمن الحقيقي يدرك أن الله قصد أن يكون الزواج جميلا ودائما دوام حياة من يقدمون عليه 0 ولهذا فمن حق الله علينا أن يطلب منا الامتناع عن كل ما من شأنه أن يعكر صفو هذه العلاقة الوثيقة ، إذ أنه يأمرنا بإبقاء العلاقة الجنسية مقصورة على الزواج 0

ضيف الله مهدي
12 -04- 2007, 02:43 AM
الزواج في الإسلام :
قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم : { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون } سورة الروم 0
فالزواج في الإسلام هو : نعمة أنعمها الله على عباده ، وهو السد المنيع من الفساد والانحراف ، وهو المودة والرحمة ، وهو السعادة والألفة ، وهو الستر والعفاف للرجل والمرأة وهو ضد الرذيلة والفوضوية والجنسية الحيوانية ، وهو ضد انهيار الأسرة والأخلاق ، وهو لإقامة مجتمع نظيف طاهر ، وهو إنجاب ذرية صالحة يعمرون لا يهدمون 0 ومن أطلع على التاريخ يعلم أن الزواج قبل الإسلام كان مجرد صفقة تجارية بين شريكين في المعيشة أو المتعة أو كوسيلة من وسائل الضرورة لإرضاء مطالب الجسد والاستراحة من غوايته وضغطه 0 ولكن الزواج في الإسلام هو زواج إنساني في وضعه الصحيح من وجهة المجتمع ومن وجهة الأفراد ، فهو واجب اجتماعي من وجهة المجتمع للمحافظة على النوع الإنساني وسكن نفساني من وجهة الفرد وسبيل مودة ورحمة بين الرجال والنساء ، ولهذا يحسن أن نقف عند كل نقطة من هذه النقاط على حدة لنبين ميزات الزواج الإسلامي 0
1ـ الزواج فطرة إنسانية : من الأمور البديهية في مبادئ الشريعة الإسلامية أن الشريعة حاربت الرهبانية لكونها تتصادم مع فطرة الإنسان وتتعارض مع ميوله وأشواقه وغرائزه ، فقد روى البيهقي في حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : ( أن الله أبدلنا بالرهبانية الحنيفية السمحة ) 0 وروى الطبراني والبيهقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من كان موسراً لأن ينكح ثم لم ينكح فليس مني ) فأنت ترى في هذه الأحاديث وغيرها أن شريعة الإسلام تحرم على المسلم أن يمتنع عن الزواج تقرباً إلى الله تعالى ويزهد فيه بنية الرهبانية والتفرغ للعبادة والتقرب إلى الله ولا سيما إذا كان المسلم قادراً عليه متيسراً له أسبابه ووسائله 0 ونحن إذا تأملنا مواقف رسول الله صلى الله عليه وسلم في مراقبته أفراد المجتمع ومعالجة النفس الإنسانية ازددنا يقيناً بأن هذه المراقبة وتلك المعالجة مبنيتان على إدراك حقيقة الإنسان وراميتان إلى تلبية أشواقه وميوله حتى لا يتجاوز أي فرد في المجتمع حدود فطرته ولا يعمل ما ليس بإمكانه واستطاعته بل يسير في الطريق السوي سيراً طبيعياً متلائماً معتدلاً لا يتعثر وقد سار الناس ولا يتقهقر وقد تقدم البشر ولا يضعف وقد قوي أبناء الحياة قال الله تعالى : { فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون } الروم0
وإليكم هذا الموقف من رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو يعد من أعظم المواقف الإصلاحية والتربوية في معالجة الطبائع السلبية وفهم حقيقة الإنسان 0 فقد روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال : جاء ثلاثة رهط إلى بيوت النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أُخبروا كأنهم تقالَّوها ، فقالوا وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فقال أحدهم : أما أنا فإني أصلي الليل أبداً ولا أنام ، وقال الآخر : وأنا أصوم الدهر ولا أفطر ، وقال آخر : أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( أنتم الذين قلتم كذا وكذا ، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ولكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد و أتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ) 0 فمن هذه النصوص يتبن لكل ذي عقل وبصيرة أن الزواج في الإسلام فطرة إنسانية ليحمل المسلم في نفسه أمانة المسؤولية الكبرى تجاه من له في عنقه حق التربية والرعاية حينما يلبي نداء هذه الفطرة ويستجيب لأشواق هذه الغريزة ويساير سنن الحياة 0
2ـ الزواج مصلحة اجتماعية : من المعلوم أن للزواج فوائد عامة ومصالح اجتماعية وعن طريقه يتكاثر الإنسان ويتسلسل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ولا يخفى ما في هذا التكاثر والتسلسل من محافظة على النوع الإنساني ومن حافز لدى المختصين لوضع المناهج التربوية والقواعد الصحيحة لأجل سلامة هذا النوع من الناحية الخَلقية والخُلُقية على السواء ، وقد نوه القرآن الكريم عن هذه الحكمة الاجتماعية والمصلحة الإنسانية حين قال : { والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة } سورة النحل 0 وقوله تعالى : { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً } سورة النساء 0
3ـ المحافظة على الأنساب : فبالزواج الذي شرعه الله لعباده يفتخر الأبناء بانتسابهم إلى آبائهم ولا يخفى ما في هذا الانتساب من اعتبارهم الذاتي واستقرارهم النفسي وكرامتهم الإنسانية ، ولو لم يكن ذلك الزواج الذي شرعه الله لعج المجتمع بأولاد لا كرامة لهم ولا أنساب لهم وفي ذلك طعنة نجلاء للأخلاق الفاضلة وانتشار مريع للفساد والإباحية الذي يؤدي إلى تحلل المجتمعات وضياع الشعوب وفناء الأمم 0
4ـ سلامة المجتمع من الانحلال الخلقي : فبالزواج يسلم المجتمع من الانحلال الخلقي ، و يأمن الأفراد من التفسخ الاجتماعي ، ولا يخفى على كل ذي إدراك وفهم أن غريزة الميل إلى الجنس الآخر حين تشبع بالزواج المشروع والاتصال الحلال تتحلى الأمة أفراداً وجماعات بأفضل الآداب وأحسن الأخلاق وتكون جديرة بأداء الرسالة وحمل المسؤولية على الوجه الذي يريده الله تعالى منها 0 وما أصدق ما قاله صلى الله عليه وسلم في إظهار حكمة الزواج الخلقية وفائدته الاجتماعية حين كان يحضّ فئة من الشباب على الزواج : ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر و أحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) رواه الجماعة0
5ـ سلامة المجتمع من الأمراض : وبالزواج يسلم المجتمع من الأمراض السارية الفتاكة التي تنتشر بين أبناء المجتمع نتيجة للزنا وشيوع الفاحشة والاتصال الحرام ومن هذه الأمراض الزهري والسيلان والإيدز وغيرها من الأمراض الخطيرة التي تقضي على النسل وتوهن الجسم وتنشر الوباء وتفتك بصحة الأولاد 0
6ـ السكن الروحاني والنفساني : وبالزواج تنمو روح المودة والرحمة والألفة ما بين الزوجين فالزوج حين يفرغ آخر النهار من عمله ويركن عند المساء إلى بيته ويجتمع بأهله وأولاده ينسى الهموم التي اعترته في نهاره ويتلاشى التعب الذي كابده في سعيه وجهاده وكذلك المرأة حين تجتمع مع زوجها وتستقبل عند المساء رفيق حياتها ، وهكذا يجد كل واحد منهما في ظل الآخر مسكنه النفسي وسعادته الروحية ، وصدق الله العظيم عندما صور هذه الظاهرة بأبلغ بيان وأجمل تعبير ، قال تعالى : { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون }سورة الروم 0 فهذه الآية تنبه الرجل والمرأة إلى أن من أعظم دلائل قدرة الله تعالى وآيات كرمه أن خلق للرجل زوجة من جنسه ليسكن إليها ، والسكون النفسي المذكور في هذه الآية هو تعبير بليغ عن شعور الرغبة والشوق والحب الذي يشعر به كل منهما نحو الآخر والذي يزول به أعظم اضطراب فطري في القلب والعقل ، لا ترتاح النفس وتطمئن في سريرتها بدونه ، كذلك من دلائل كرمه التي حدثتنا به الآية أنه جعل بين الزوجين مودة حب ورحمة عطف ثابتتين لا تبليان كما تبلى مودة غير الزوجين ممن ألفت بينهما الشهوات 0
7ـ الزواج ستر وحماية : ورد في القرآن ، قوله تعالى : { هن لباس لكم وأنتم لباس لهن } فهذه الآية شبهت كلاً من الزوجين باللباس لأن كلاً منهما يستر الآخر فحاجة كل منهما إلى صاحبه كحاجته إلى الملبس ، فإن يكن الملبس لستر معايب الجسم ولحفظه من عاديات الأذى وللتجمل والزينة ، فكل من الزوجين لصاحبه كذلك يستر ويحفظ عليه شرفه ويصون عرضه ويوفر راحته وصحته 0
8ـ الزواج عهد وميثاق : الزواج في الإسلام عهد وميثاق بين الزوجين كما قال تعالى :{ وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً } سورة النساء 0 فهذه الآية تدل على أن النساء أخذن من الرجال ميثاقاً غليظاً وهو ميثاق الزواج الذي هو عهد بين الرجل والمرأة يلتزم كل منهما بموجبه بواجبات تجاه الآخر ، ولهذا التعبير ( ميثاقاً غليظاً ) قيمة في الإيحاء بمعاني الحفظ والمودة والرحمة فهو ليس عقد تمليك كعقد البيع أو الإجارة ، أو نوعاً من الاسترقاق ، وإنما هو التزام من الطرفين تجاه الآخر 0
9ـ الزواج تعاون في البناء : حيث يتعاون الزوجان على بناء الأسرة وتحمل المسؤولية وكل منهما يكمل عمل الآخر ، فالمرأة تعمل ضمن اختصاصها وما يتفق مع طبيعتها وأنوثتها وذلك في الإشراف على إدارة البيت والقيام بتربية الأولاد 0 والرجل كذالك يعمل ضمن اختصاصه وما يتفق مع طبيعته ورجولته وذلك في السعي وراء العيال والقيام بأشق الأعمال وحماية الأسرة من عوادي الزمن ومصائب الأيام وفي هذا تكمل روح التعاون بين الزوجين ويصلان إلى أفضل النتائج وأطيب الثمرات في إعداد أولاد صالحين ، وتربية جيل مؤمن يحمل في قلبه عزم الإيمان وفي نفسه روح الإسلام بل ينعم البيت بأجمعه ويرتع ويهنأ في ظلال المحبة والسلام والاستقرار 0
10ـ الزواج تأجيج لعاطفة الأبوة والأمومة : حيث تتأجج بالزواج العواطف في نفس الأبوين وتفيض من قلبيهما ينابيع الأحاسيس والمشاعر النبيلة ، ولا يخفى ما في هذه الأحاسيس والعواطف من أثر كريم ونتائج طيبة في رعاية الأبناء والسهر على مصالحهم والنهوض بهم نحو حياة مستقرة هانئة ومستقبل فاضل باسم 0
هذه هي أهم المصالح الاجتماعية التي تنجم عن الزواج الإسلامي وهي ترتبط بتربية الولد وإصلاح الأسرة وتنشئة الجيل ارتباطاً وثيقاً ، فلا عجب أن نرى الشريعة الإسلامية قد أمرت بالزواج وحضت عليه ورغبت فيه ودعت أفراد الأمة إلى تيسير سبله ، كما قال تعالى :{ وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله } سورة النور 0 فهذه الآية خطاب للأولياء ـ وتعم غيرهم أيضاً ـ بأن يزوجوا العزاب من النساء والرجال وأن لا يكون فقرهم داعياً للحيلولة دون تزويجهم لأن الله قد تكفل بإغنائهم من فضله ، أما الفقير المدقع العاجز عن الإنفاق فإن الآية التالية تأمره بالعفة إلى أن يرزقه الله المال الذي يمكنه من الزواج وهو قوله تعالى : { وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله } سورة النور 0

ضيف الله مهدي
12 -04- 2007, 02:45 AM
• القواعد الإسلامية في اختيار الزوجة :
1ـ الاختيار على أساس الدين : ونقصد بالدين الفهم الحقيقي للإسلام والتطبيق العملي والسلوكي لكل فضائله السامية وآدابه الرفيعة ، ونقصد كذلك الالتزام الكامل بمناهج الشريعة ومبادئها وخاصة ما يتعلق بمهمة ووظيفة كل طرف منهما ، فعندما يكون الخاطب أو المخطوبة على هذا المستوى من الفهم والتطبيق والالتزام يمكن أن نطلق على أحدهما أنه ذو دين وذو خلق ، وعندما يكون الواحد منهما على غير هذا المستوى من الفهم والتطبيق والالتزام فمن البديهي أن نحكم عليه بانحراف السلوك وفساد الخلق والبعد عن الإسلام مهما ظهر للناس بمظهر الصلاح والتقوى وزعم أنه مسلم متمسك ، وما أدق ما سنه الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما وضع الموازين الصحيحة لمعرفة الأشخاص وإظهار حقائق الرجال وذلك حينما جاء رجل يشهد لرجل آخر في قضية ، فقال له عمر : أتعرف هذا الرجل ، فأجاب نعم قال : هل أنت جاره الذي يعرف مدخله ومخرجه فأجاب الرجل : لا. قال عمر: هل صاحبته في السفر الذي تعرف به مكارم الأخلاق؟ فأجاب الرجل :لا ، قال عمر : هل عاملته بالدينار والدرهم الذي يعرف به ورع الرجل ؟ فأجاب الرجل: لا ، فصاح به عمر: لعلك رأيته قائماً قاعداً يصلي في المسجد يرفع رأسه تارة ويخفضه تارة أخرى ؟ فرد الرجل : نعم ، فقال عمر : اذهب فإنك لا تعرفه 0 والتفت إلى الرجل وقال له : ائتني بمن يعرفك 0 فعمر رضي الله عنه لم ينخدع بشكل الرجل ولا بمظهره ولكن عرف الحقيقة بموازين صحيحة كشفت عن حاله ودلت على تدينه وأخلاقه ، وهذا الدين وهذا الخلق وهذا الورع الذي تمسك به عمر هو المقصود بالدين لا غيره ، وهو الذي أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله في الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه : ( إن الله لا ينظر الى صوركم وأجسادكم وإنما ينظر الى قلوبكم وأعمالكم ) 0 وإلا فما أسهل الدين إذا كان مجرد شكليات ومظاهر وشعارات لهذا كله ولضرورة الاختيار على أساس الدين يقول الله تعالى : { الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات } سورة النور 0 فالقسم الأول من الآية معناه أن الخبيثات من النساء لا يستأهلن من الأزواج إلا الخبيثين الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك فمن كرمت نفسه من الرجال وضن بمروءته عن مواطن الزلل والإثم فبعيد عليه أن يجنح الى خبيثة ساقطة يتخذها زوجة له ، وكذلك الخبيثون من الرجال لا يستحقون إلا خبائث النساء ، الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة فمن سمت بها العزة وامتزج بها الشمم تحاشت أن تجعل نفسها زوجاً لرجل ساقط المروءة ، فإذا امتنع كل ذي كرامة من الجانبين عن الاتصال بالخبيث تهيأ له أن يكون مع من يدانيه شرفاً وطهراً ، ويناسبه أدباً وخلقاً وهذا ما ذكرته الآية :{ والطيبــات للطيـبين والطيبون للطيبات } 0 وهذا ما دفع النبي صلى الله عليه وسلم الى أن ينصح الطيبين من أبناء أمته الراغبين في الزواج بأن يظفروا بذات الدين ليحصل تكافئ وتناسب بين الزوجين ، وليقوم كل منهما بأداء حق البيت على النحو الذي أمر به الإسلام وحض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم 0 فبالنسبة للأزواج قال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه : ( تنكح المرأة لأربع ، لمالها ، ولحسبها ، ولجمالها ، ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك ) 0 وأشار الى عكس هذه الحالة فيما أخرجه الطبراني في الأوسط عن أنس رضي الله عنه : ( من تزوج امرأة لعزها لم يزده الله إلا ذلاً ، ومن تزوجها لمالها لم يزده الله إلا فقراً ، ومن تزوجها لحسبها لم يزده الله إلا دناءة ، ومن تزوج امرأة لم يرد بها إلا أن يغض بصره ويحصن فرجه أو يصل رحمه بارك الله له فيها وبارك لها منه ) 0 وبالمقابل أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أولياء المخطوبة بأن يبحثوا عن الخاطب ذي الدين والخلق ليقوم بالواجب الأكمل في رعاية الأسرة وأداء حقوق الزوجية وتربية الأولاد والقوامة الصحيحة في الغيرة على الشرف وتأمين حاجات البيت بالبذل والإنفاق ، فقد أخرج الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله : ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) 0 وأية فتنة أعظم على الدين والتربية والأخلاق من أن تقع الفتاة المؤمنة بين براثن خاطب متحلل ، أو زوج ملحد لا يرقب في مؤمنة إلاً ولا ذمة ، ولا يقيم للشرف والغيرة والعرض وزناً ولا اعتباراً 0 وأية فتنة أعظم على المرأة الصالحة من أن تقع في عصمة زوج إباحي فاجر يكرهها على السفور والاختلاط ويجبرها على احتساء الخمرة ومراقصة الرجال ويقسرها على التفلت من ربقة الدين والأخلاق 0 فكم من فتاة ويا للأسف كانت في بيت أهلها مثالاً للعفة والطهر فلما انتقلت إلى بيتٍ إباحي وزوج متحلل فاجر انقلبت إلى امرأة متهتكة مستهترة لا تقيم لمبادئ الفضيلة أية قيمة ولا لمفهومات العفة والشرف أي اعتبار 0 ومما لا شك فيه أن الأولاد حين ينشئون في مثل هذا البيت المتحلل الماجن الآثم فإنهم سينشؤون لا محالة على الانحراف والاباحية ، ويتربون على الفساد والمنكر كما قال صلى الله عليه وسلم : ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودنه أو ينصرانه أو يمجسانه ) 0إذاً فالاختيار على أساس الدين والأخلاق من أهم ما يحقق للزوجين سعادتهما الكاملة المؤمنة و للأولاد تربيتهم الإسلامية الفاضلة ، وللأسرة شرفها الثابت واستقرارها المنشود ، يشهد لذلك قصة الثابت ابن النعمان والد أبي حنيفة 0
2ـ الاختيار على أساس الأصل والشرف : من القواعد التي وضعها الإسلام في اختيار أحد الزوجين للآخر أن يكون الانتقاء لشريك الحياة من أسرة عريقة في الصلاح والتقوى والأخلاق والشرف والأصل ، أي أن لا يكون التدين طفرة بل شيئاً عريقاً متأصلاً متجذراً في الأسرة لكون الناس معادن يتفاوتون فيما بينهم وضاعة وشرفاً ، ويتفاضلون فساداً وصلاحاً ، ولقد نوه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه الطيالسي وابن منيع والعسكري عن أبي هريرة رضي الله عنه : ( الناس معادن في الخير والشر ، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ) 0 ويقول الشاعر :
إذا طاب أصل المرء طابت فروعه
ومن عجب جادت يد الشوك بالورد
وقد يخبث الفرع الذي طاب أصله
ليظهر فعل الله في العكس والطرد
وليس النبت ينبت في جنان
كمثل النبت ينبت في الفلاة
وهل يرجى لأطفال كمال
إذا ارتضعوا ثدي الناقصات

ضيف الله مهدي
12 -04- 2007, 02:46 AM
لهذا حض النبي صلى الله عليه وسلم كل راغب في الزواج أن يكون الانتقاء على أساس الصلاح العريق والطيب المتأصل. وإليكم باقة من أقواله صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن أخرج ابن ماجة والديلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس ) 0 وعن عائشة مرفوعاً رضي الله عنها : ( تخيروا لنطفكم فإن النساء يلدن أشباه إخوانهن وأخواتهن ) 0 وفي رواية اطلبوا مواضع الأكفاء لنطفكم فإن الرجل ربما أشبه أخواله) 0 وعكسه كقوله : ( إياكم وخضراء الدمن ، قالوا يا رسول الله وما خضراء الدمن ؟ قال : المرأة الحسناء في المنبت السوء )0 فهذه الأحاديث بمجموعها ترشد راغبي الزواج الى أن يختاروا زوجات ترعرعن في بيئة صالحة ونشأن في بيت عريق في الشرف والطيب وتناسلن من نطفة انحدرت من أصل كريم وجدود أمجاد ، ولعل السر في هذا حتى ينجب الرجل أولاداً مفطورين على معالي الأمور ومتطبعين بعادات أصيلة وأخلاق إسلامية قويمة ، يرضعون منهن لبان المكارم والفضائل ويكتسبون بشكل عفوي خصال الخير ومكارم الأخلاق ، وانطلاقاً من هذا المبدأ أوصى عثمان بن أبي العاص الثقفي أولاده في تخير النطف وتجنب عرق السوء ، وإليكم ما قاله لهم : يا بني الناكح مغترس ، فلينظر امرؤ حيث يضع غرسه ، والعرق السوء قلما ينجب ، فتخيروا ولو بعد حين 0 وتحقيقاً لهذا الاختيار أجاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن سؤال لأحد الأبناء لما سأله ، ما حق الولد على أبيه بقوله :" أن ينتقي أمه ويحسن اسمه ويعلمه القرآن " 0 وهذا الانتقاء الذي وجه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعد من اعظم الحقائق العلمية والنظريات التربوية في العصر الحديث ، فعلم الوراثة أثبت أن الطفل يكتسب صفات أبويه الخلقية والجسمية والعقلية منذ الولادة ، فعندما يكون انتقاء الزوج واختيار الزوجة على أساس الأصل والشرف والصلاح فلا شك أن الأولاد ينشؤن على خير ما ينشئون من العفة والطهر والاستقامة ، وعندما يجتمع في الولد عامل الوراثة الصالحة وعامل التربية الفاضلة يصل الولد الى القمة في الدين والأخلاق ويكون مضرب المثل في التقوى والفضيلة وحسن المعاملة ومكارم الأخلاق ، فما على راغبي الزواج إلا أن يحسنوا الاختيار ويُحكموا في رفيق الحياة الانتقاء إن أرادوا أن تكون لهم ذرية صالحة وسلالة طاهرة وابناء مؤمنون 0
3ـ الاغتراب في الزواج : ومن توجيهات الإسلام الحكيمة في اختيار الزوجة تفضيل المرأة الأجنبية عن الأسرة على النساء ذات القرابة واللصيقة بالزوج حرصاً على نجابة الولد وضماناً لسلامة جسمه من الأمراض السارية والعاهات الوراثية ، وتوسيعاً لدائرة التعارف الأسرية ، وتمتياً للروابط الاجتماعية ، حيث تزداد أجسامهم قوة ، ووحدتهم تماسكاً وصلابةً ، وتعارفهم سعة وانتشاراً 0 فلا عجب أن نرى النبي صلى الله عليه وسلم قد حذر من الزواج بذوات النسب والقرابة ، حتى لا ينشأ الولد ضعيفاً ، وتنحدر إليه عاهات أبويه وأمراض جدوده ، حيث ورد : ( لا تنكحوا القرابة فإن الولد يخلق ضاوياً ) وورد أيضاً : ( اغتربوا ولا تضووا ) 0 وإذا حث النبي صلى الله عليه وسلم على الاغتراب من أجل سلامة النسل فإن كل ما من شأنه أن يحقق هذا الهدف يكون مطلوباً ، كتحاليل السلامة للخاطبين ، وحقنات المناعة لهما ولأولادهما تحقيقاً لنفس الهدف 0
4ـ تفضيل ذوات الأبكار : ومن توجيهات الإسلام الرشيدة في اختيار الزوجة تفضيل المرأة البكر على الثيب لحكم بالغة وفوائد عظيمة 0 فمن هذه الفوائد حماية الأسرة مما ينغص عيشها ويوقعها في حبائل الخصومات وينشر في أجوائها ضباب المشكلات والعدوات ، وفي نفس الوقت تمتين لأواصر المحبة الزوجية ، لكون البكر مجبولة على الأنس والألفة بأول إنسان تكون في عصمته وتلتقي معه وتتعرف عليه ، بعكس المرأة الثيب فقد لا تجد في الزواج الثاني الألفة التامة والمحبة المتبادلة والتعلق القلبي الصادق للفرق الكبير بين أخلاق الأول ومعاملة الثاني 0 فلا غرابة أن نرى عائشة رضي الله عنها قد وضحت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كل هذه المعاني لما قالت للرسول صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري : ( يا رسول الله أرأيت لو نزلت وادياً وفيه شجرة قد أكل منها وشجرة لم يؤكل منها ، في أي منها كنت تُرتِع بعيرك ؟ قال عليه الصلاة والسلام في التي لم يُرتع منها ، قالت رضي الله عنها فأنا هي ) تقصد بيان فضلها على باقي الزوجات باعتبار أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكراً غيرها وقد ألمح صلى الله عليه وسلم الى بعض الحكم للزواج بذوات الأبكار حيث قال : ( عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواهاً وانتق أرحاماً وأقل حِبَّاً وأرضى باليسير ) 0 وحتى لا تغضب الثيب ولا تغار أقول ن ثمة حالات نشجع الرجل أو على الأقل نقره على الزواج من الثيب فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( لجابر وهو راجع من غزوة ذات الرقاع : يا جابر هل تزوجت بعد ؟ قلت نعم يا رسول الله ، قال : ثيباً أم بكرا، قلت لا بل ثيباً ، قال : أفلا جارية تلاعبها وتلاعبك ، قلت يا رسول الله إن أبي أصيب يوم أحد وترك لنا بنات سبعاً فنكحت امرأة جامعة تجمع رؤوسهن وتقوم عليهن ، قال صلى الله عليه وسلم : أصبت إن شاء الله ) 0وهذا الرضا منه صلى الله عليه وسلم إشارة الى أن الزواج بالأبكار قد يكون مفضولاً إذا كانت هناك مصلحة أخرى ترجح الزواج بغيرها 0
5ـ تفضيل الزواج بالمرأة الولود : ومن توجيهات الإسلام في اختيار الزوجة ، انتقاء المرأة الولود ، وتعرف بشيئين :
الأول ـ سلامة جسمها من الأمراض التي تمنع من الحمل ويستعان لمعرفة ذلك بالمختصين0 الثاني ـ النظر في حال أمها وأخواتها وخالاتها المتزوجات ، فإن كن من الصنف الولود فعلى الغالب هي تكون كذلك 0
ومن المعلوم أن المرأة حينما تكون من الصنف الولود تكون في الغالب في صحة جيدة وجسم قوي سليم ، والتي تتوافر فيها هذه الظاهرة تستطيع أن تنهض بأعبائها المنزلية وواجباتها التربوية وحقوقها الزوجية على أكمل وجه وأنبل معنى 0

ضيف الله مهدي
12 -04- 2007, 02:46 AM
• الأسرة والعلاقات بين أعضائها

• تعريف الأسرة وسعادتها العامة :
تُعرف بأنها علاقة زاوج قائمة على أسس وروابط اجتماعية مقبولة ، وأنها وحدة مكونة من أشخاص متفاعلين يمارس كل منهم دوره الذي حدده المجتمع له 0 وهذا التفاعل مصحوب بإشباع الحاجات الجسمية والاقتصادية والاجتماعية 0
وتعرف أيضا بأنها : جماعة من شخصين أو أكثر يرتبطون معا برباط الدم أو الزواج أو التبني ويعيشون معا 0
• السمات العامة للأسرة :
1ـ تتكون الأسرة من أشخاص تربطهم روابط الزواج أو الدم أو التبني 0
2ـ ينتظم أعضاء الأسرة عادة في مكان واحد للمعيشة ويكونون بيتا واحدا 0
3ـ تعتبر الأسرة وحدة التفاعل المتبادل بين الأشخاص ، ويقوم أعضاؤها بالعديد من الأدوار ، كأدوار الزوج والزوجة ، والأب ، والأم ، والابن ، والابنة ، والأخ ، والأخت 0
4ـ تنسجم الأسرة وتلتزم بالمعايير الخاصة بالمجتمع الذي تعيش فيه 0
5ـ تعتبر الأسرة الإطار الذي يحدد تصرفات وسلوكيات أفرادها وتكيفهم 0
6ـ تؤثر الأسرة في غيرها من النظم الاجتماعية الأخرى ، كما تتأثر بها أيضا 0
7ـ تلقي مسؤوليات مستمرة على أعضائها من أية جماعة أخرى 0

• مراحل تكوين الأسرة :
تمر الأسرة أثناء تكوينها بعدة مراحل وهي :
1ـ مرحلة الخطوبة : وهي المرحلة التمهيدية التي تسبق عقد القِران ، وتساعد في إنجاح الحياة الزوجية للتعرف بين الطرفين 0 وعادة تكون الخطوبة إما عن طريق خاطبة محترفة ، أو عن طريق الأم أو الأخت أو الخالة أو إحدى القريبات 0
2ـ مرحلة التعاقد والزواج : وهي المرحلة التي يتم فيها عقد القِران ، والإنتقال إلى مسكن الزوجية لتبدأ رحلة الحياة الزوجية 0
3ـ مرحلة الإنجاب : وهي مرحلة الإستقرار ، والسعي من أجل رعاية الأبناء 0
4ـ مرحلة السكون والإستقرار : وفيها تخفف الأسرة من أعبائها ، نتيجة إنتهاء الأبناء من مراحل التعليم ، وإشتغالهم ثم إستقلالهم 0
• وظائف الأسرة :
للأسرة عدة وظائف ، وهي متعددة ومنها :
1ـ إشباع الدافع الجنسي 0
2ـ الإنجاب ، وهي من أهم وظائف الأسرة ، ولها شروطها وظروفها أيضا 0
3ـ إشباع الحاجات الأساسية للأبناء 0
4ـ التنشئة الاجتماعية ، وفيها يتم إكساب الطفل العادات والمعايير والاتجاهات للوالدين والمجتمع 0
5ـ الوظيفة الاقتصادية ، ومنها الأنشطة والأعمال 0
6ـ صقل ونقل التراث الحضاري للأبناء ، أي الأساليب العامة للحياة المعرفية ، والأنماط السلوكية 0
• دور الأسرة في بناء المجتمع :
للأسرة دور كبير في بناء المجتمع وعندما تبني الأسرة المجتمع فإنما تقدم لنفسها خدمة ولباقي الأسر0 فللأسرة أهمية بالغة وقصوى وذلك لأنها أول نظام اجتماعي عرفه الإنسان له خصائصه ووظائفه التي تؤثر في المجتمع ويؤثر هو بدوره فيها وفي نظمها ، وهي في تفاعل مستمر مع النظم الاجتماعية المختلفة 0 وتقوم الأسرة بتطبيع الفرد في اتجاهاته وميوله وتميز شخصيته وتحدد تصرفاته العامة ، وهي أول من يعرفه بدينه وعادات مجتمعه ولغة وطنه ومكتسباته وثقافته وخيراته وحضارته وكيفية المحافظة عليها والاستفادة منها 0 كما تكون أفكاره الأول وتعلمه كيفية التفاعل الاجتماعي وتدربهم على الحياة الاجتماعية0
يقول الشاعر:
وينشأ ناشي ء الفتيان فينا
على ما كان عوده أبوه
كما أن للأب وللأم دور مهم في غرس الفضائل والشمائل والصفات الحسنة عند الأبناء حتى ينشأ هؤلاء الأبناء وهم في صحة نفسية وجسدية واجتماعية وأخلاقية 0 وعندما تقدم الأسرة أبناء بهذه المواصفات فإنما هي تقدم وتسدي للمجتمع أهم خدمة وأهم شيء ، فلولا الأفراد الأصحاء بدنيا وعقليا واجتماعيا ودينيا وأخلاقيا لما نهض المجتمع ولما أصبح مجتمعا قويا منتجا معتمدا على سواعد أبنائه وقدراتهم 0 إذن تبدأ المسؤولية والأهمية من الأسرة ، فالأسرة التي تربي أبنائها وتنمي قدراتهم وتغرس في نفوسهم حب الخير وحب الناس وحب العمل وحب الوطن والتمسك بالأخلاق والشمائل الاسلامية ، والدفاع عن الوطن من الأعداء والحاسدين إنما هي تقوم ببناء هذا المجتمع 00أما تلك الأسرة التي لا تهتم بأبنائها وتترك لهم الحبل على الغارب ولا تنشئهم تنشئة اجتماعية سليمة إنما هي تهدم المجتمع 0 فنقول إن الاهتمام ببناء الأسر وبناء المجتمع يبدأ من الاهتمام بالأطفال وتربيتهم وتنشئتهم تنشئة سليمة الذكور والإناث 0
يقول الشاعر :
الأم مـدرسـة إذا أعددتها
أعددت شعبا طيب الأعـراق
فمهام ووظائف وأدوار الأسر تبدأ مبكرا منذ نشأتها الأولى ومنذ انجابها لأول طفل 0 ويقاس مدى رقي المجتمع بما لديه من ثقافة متنوعة ومتقدمة وبالتربية الصالحة 0 والاسلام يهتم بتربية الفرد 0 والمجتمع يرعى أفراده ويعمل على رفع شأنهم 0 والمجتمع كما قلت من البداية ما هو إلا عبارة عن عدد من الأفراد والأسر0 والطفل يحتاج إلى رعاية والديه والأسرة وهو يكتسب منهم وممن يحيطون به الخبرات والمهارات والعادات وقواعد السلوك التي تجعله يتلاءم مع مجتمعه ، والأسرة التي لا تهتم بأطفالها فهي لا تقدم للمجتمع إلا الشر والضرر ، فمعظم المخربين والجانحين والمجرمين هم من الذين لم تهتم بهم أسرهم وتنشئهم تنشئة سليمة وتربيهم تربية صالحة حميدة،وهي تلك الأسر التي جرت خلف المادة وخلف المشاكل والخلافات فلم تهتم بأبنائها وبالتالي أفرزت وأخرجت إلى المجتمع رجالا مخربين ومجرمين وجانحين وشواذ ومنحرفين 0أما تلك الأسر التي اهتمت بأبنائها وربتهم وعلمتهم وحرصت عليهم فقد أخرجت وأهدت المجتمع رجالا أكفاء منهم الطبيب والمهندس والمعلم ورجل الأمن والصحافي والقاضي والمهني وغيرهم ممن نهضوا بالمجتمع وبنوه ووصلوا به إلى العلياء0
• دور الأسرة في حياة الطفل :
الأسرة هي أقدم المؤسسات التربوية ولها مكانتها وتتلخص في النقاط التالية :
1ـ تقوم الأسرة بدورها في السنوات الأولى للطفل ، لأنه عاجز عن إدراك وتفهم اتجاهات المجتمع ، فتتحمل مسئولياته وتعمل على التوفيق بين تصرفاته وما يرضى المجتمع 0 والأسرة هي البيئة الأولى ، والمدرسة الأولى التي تضع القواعد الأساسية للتربية والتي يكون لها تأثير عميق ودائم لأنه قليل الخبرات ومستعد لقبول الخبرات الجديدة 0
2ـ يكن الطفل للأبوين الاحترام والتقدير لأنهما قدوة ومثل أعلى لذا يتأثر كثيرا بأخلاقهما وآرائهما 0 وتربية الأم لا يستغني عنها ، فهي تحمي طفلها من كل ما يضر جسمه وعقله ووجدانه وتزود الأسرة الطفل بالعوامل النفسية والثقافية ، كما يتأثر بالعلاقات بين أفراد الأسرة من حب أو كراهية أو تعاون أو تنافر وأنانية 0
3ـ يتأثر الطفل بعوامل وراثية عن الوالدين أو خصائص مكتسبة غير وراثية ، وتنطبق الوراثة على النواحي الخلقية ، مثل : الطول ، ولون الشعر ، والعينين ، كما يتأثر بالوراثة في استعداداته الفطرية والعصبية والنفسية مثل الاتجاه العلمي أو الأدبي 0
4ـ ويرى البعض أهمية دور المنزل ويشمل الأسرة والأصدقاء وتتوفر فيه العادات الاجتماعية الحسنة والبيئة الاجتماعية الصالحة 00 ويفضل برتراندرسل دور الأسرة على المدرسة في التربية لأن عناية الأبوين تعتمد على الغرائز ، والدوافع الفطرية التي تكفل عدم الإهمال والضرر البليغ ، أما إهمال المدرسة فله أضرار بليغة بالنسبة للطفل 0
5ـ الطفل الصغير لا يفرق بين ذاته والعالم الخارجي المحيط به ولا يفرق بين نفسه وأمه ، فهي مصدر الغذاء والوقاية والدفء 0 وعندما يكبر يتسع عالمه وخبراته وتكثر العوامل التي تؤثر في تربيته ويدرك ما هو جزء من ذاته وما هو ليس منها ، وتظهر شخصيته ، لأن الشخصية لا تنمو إلا عن طريق العلاقات الشخصية 0
6ـ للأسرة أثر كبير في غرس الفضائل الدينية 0 فللدين أثره في التربية إذ يبرز المبادىء الأخلاقية ويتميز المسلم عن غيره بفضائل أخلاقية وحسن سيرته ومثله العليا 0

ضيف الله مهدي
12 -04- 2007, 02:47 AM
• طموح الآباء وتربية الأطفال :
كثيرا ما يُربى الطفل وفي ذهن الوالدين مخطط خاص موضوع لأجله من قبل وكثيرا ما يكون المخطط متأثر بالنجاح الشخصي أو الفشل الذي أصاب أحد الوالدين أو كليهما قبل الزواج وقدوم المولود الجديد 0 فهذا أب يريد ابنه طبيبا بعد أن فشل هو في الوصول إلى هذا النوع من المستوى الثقافي والمهني لأسباب مختلفة ، وبعد أن مرّ على مشاعر مختلفة ومزعجة بسبب ذلك الفشل 00 وهذا أب آخر يريد من ابنته أن تعمل من أجل التفوق على ابنة فلان في المنافسة داخل المدرسة بعد أن فشل هو من قبل في مثل هذه المنافسة مع أب تلك البنت حين كان وإياه سويا في المدرسة 0 وهذه أم تريد أن تكون ابنتها الأولى بين البنات في الصف اجتهادا وأناقة ، ولم يكن لها هي ذلك حين كانت طالبة في المدرسة ، وهذا أب يريد ابنه مزارعا ناجحا مثله يتابع التراث الذي نشأ عليه هو ، ويعنى بالأرض عنايته هو بـها 0 وبهذه الأشكال يؤدي الضغط على الأبناء إلى الإجهاد أحيانا ليصلوا إلى مستوى طموح الوالدين ، وإلى الشعور بالإحباط أحيانا أخرى 0 وكثيرا ما يصبح الخوف من المنافسة مع الآخرين في المدرسة مصدر نزوع إلى الهرب عن طريق الخداع أو عن طريق أشكال غير مقبولة ومرغوبة من التكيف 0 فإذا عرفنا أن الطفل يعجز غالبا عن الوصول إلى أفضل ما يستطيع الوصول إليه إذا كان يعمل وفق مخطط موضوع له من قبل ، وعرفنا أنه لا يستطيع أن ينمو إلى أفضل درجات نموه إن لم يكن شاعرا بذاته وقيمة ذاته وحدودها ، أدركنا كيف تؤدي تربية من هذا النوع أحيانا إلى شقاء الطفل وتأخره بدلا من سعادته وحسن تقدمه 0 وقد لمسنا مثل هذه الحالات من الطلاب الذين يعملون وفق مخطط الوالدين ، وسعيا وراء تنفيذ طموحهما ، وقد انقلب في النهاية الأمر في غير مصلحة الأبناء ومصلحة الوالدين على السواء واتجه إلى أشكال من الانهيار والثورات العارمة المفاجئة الموجهة نحو الوالدين والدراسة والمجتمع 0 وقد انقطع أولئك الطلاب عن الدراسة ومنهم من تأخر في دراسته لعدة سنوات ، ومنهم من حالفه النجاح لكن بتقدير غير مرضي 0
• أساليب معاملة الوالدين للطفل وأثرهما في تكيفه :
تعتبر أساليب الوالدين أنواعا من السلوك لها دور هام في شخصية الطفل وتكيفه ، وقد أجريت دراسات متعددة حولها 0 وتتراوح هذه المعاملة بين القسوة والتسلط الزائد ، إلى التسامح والدلال الزائد 0 و من بين هذه الدراسات ، البحث الذي قام به ( بولدوين ورفاقه ) والتي درست بعدا من هذه الأبعاد يتراوح بين درجتين أو طرفين ، فالأول يتراوح بين القبول التام في الطرف الأول ( الإيجابي ) والنبذ التام في الطرف الثاني ( السلبي ) 00 وهكذا 0 وقد حددت خصائص خصائص كل بُعد من هذه الأبعاد ، ووضعت في إختبار أستعمل لتقويم المعاملة في عدد من الأسر 0 وقد كشفت هذه الدراسة عن أشكال مختلفة من درجات الترابط بين أساليب المعاملة ، وجعلت من الممكن وضع أسرة ما في صنف بالنسبة لواحد من الأبعاد ، وفي غيره بالنسبة لبعد آخر ، في حين ركزت بعض الدراسات على الأم لما لها من مكانة في تكوين شخصية الطفل وإشباع حاجاته وشعوره بالأمن والطمأنينة ، وركزت بعضها الأخرى على الأب والذي تأتي خدماته بعد السنة الأولى من حياة الطفل ، لأنه يمثل السلطة في أكثر الأحيان ، والممول والراعي 0 ولقد تبين أن الحرمان من الأم سواء جزئيا أم كليا يترك آثارا متنوعة في الطفل ، مثل : تعطيل النمو الجسمي والعقلي والاجتماعي ، واضطراب تكوين الأنا ، والأنا الأعلى 0 أما شعور الطفل بأنه منبوذ ومهمل فيخلق عنده ما يلي :
قلقا زائدا ، تعلق الابن بالوالدين ، نشاطا زائدا ، كثرة الشكاوي والتذمر ، والتخريب وحتى السرقة 0 إضافة إلى أنه يصبح أكثر تعرضا للإصابة والجروح ، واضطرابات الأكل والنوم 0 أما إفراط الأبوين في التسامح والدلال فيترتب عليه عدم النضج الانفعالي عند الطفل ، وقلق الانفصال ، والتبعية ، والاتكالية ، وعدم تحمل المسؤولية ، وعدم القدرة على مواجهة الاحباط إضافة إلى غضطرابات السلوك والعادات ، مثل : قضم الأظافر ، والتبول اللاإرادي ، وثورات الغضب 0 في حين الصرامة والقسوة في المعاملة تدفع الطفل إلى المغالاة في الأدب والخضوع للسلطة ، والخنوع ، والاعتمادية ، وعدم القدرة على التمتع بالحياة ، وفقدان الثقة بالنفس 0 إن سوء معاملة الوالدين للولد من الأمور التي يكاد يجمع علماء التربية عليها، أن الولد إذا عومل من قبل أبويه معاملة قاسية، وأدب من قبلهم بالضرب الشديد، والتوبيخ القارع، والتشهير والسخرية فإن ردود الفعل ستظهر في سلوكه وخلقه وإن ظاهرة الخوف ستبدو في تصرفاته وأفعاله، وقد يؤول به الأمر إلى الانتحار حينًا وإلى مقاتلة أبويه أحيانًا، وإلى ترك البيت نهائيًا مما يعانيه من القسوة والمعاملة الأليمة 0 كما أن معاملة الأولاد بالدلع والتدليل وعدم الاهتمام سيئة أخرى فإنها ستنتج لنا ولدًا مدلل ومعتمدًا على الآخرين لا يستطيع أن يعمل شيئًا بنفسه، ولا يستطيع تحمل أعباء الحياة، وقد تبين من خلال نتائج الدراسات الميدانية التي أجريت في الإصلاحيات ودور الملاحظة في المملكة أن نمط المعاملة الشائع لمرتكب الانحرافات والجرائم يقع بين طرفي نقيض، فإما معاملة تتسم بالقسوة والشدة أو معاملة تتسم بالدلع وعدم الاهتمام؛ فقد ذكرت نتائج بحث عن متعاطي المخدرات في المملكة أن 33.3% من أمهات المتعاطين ليس لديهن حزم كاف ويعاملن أبنائهن بدلال ، وذكرت الغالبية أن أباهم يتعاملون معهم بصرامة وحزم 33.2% وذكر دراسة أخرى شملت مرتكبي جرائم السكر، والمخدرات والزنى واللواط والسرقة والاعتداء على النفس والتزوير أن الغالبية 80.6% من آباء وأمهات المبحوثين كانوا متسامحين في معاملتهم مع أبنائهم المجرمين وأضافت الدراسة أن هناك 16.9% من المجرمين كانوا يجدون معاملة قاسية جدًا من والديهم في الصغر. وذكرت دراسة أخرى متخصصة بجرائم النساء في سجون الرياض وجدة والدمام أن 60% من النساء المحكوم عليهن يعاملهن آباؤهن بقسوة ويجبرونهن على الطاعة حتى ولو كان الأمر غير معقول 0
العــــــلاج :
الإسلام بتعاليمه القويمة الخالدة يأمر كل مم كان في عنقه مسئولية التوجيه والتربية ولاسيما الآباء والأمهات منهم، يأمرهم جميعًا بأن يتخلقوا بالأخلاق الفاضلة والمعاملة الرحيمة حتى ينشأ الأولاد على الاستقامة ويتربوا على الجرأة واستقلال الشخصية حتى يشعروا أنهم ذو تقدير واحترام وكرامة.
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ، وما لا يعطي على ما سواه) 0
وعن جرير بن عبدالله البجلي عن النبي عليه الصلاة والسلام قال : ( من يحرم الرفق يحرم الخير ) 0
وعن عبدالله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا أخبركم بمن يحرم على النار وبمن تحرم النار عليه؟ على كل هين لين قريب سهل ) 0
وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الراحمون يرحمهم الله ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) 0
كما يجب على الآباء والأمهات أن يربوا أولادهم على الخشونة وتحمل المتاعب ففي صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كتب إلى المسلمين المقيمين في بلاد فارس : " إياكم والتنعم وزي أهل الشرك "
وورد في الحديث عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن رسول الله مرفوعًا : ( إياكم والتنعم فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين ) 0
تلكم أهم التوجيهات الإسلامية في لين الجانب وحسن القول وفضيلة المعاملة فما على الآباء والأمهات إلا أن يأخذوا بها ويعملوا بمقتضى هديها إن أرادوا لأولادهم الحياة الفاضلة والاستقامة والخلق الاجتماعي النبيل 0
أما إن سلكوا معهم الطرق الملتوية والمعاملة الفظة القاسية فسيكونون قد جنوا على أولادهم وسيرون حتى انحرافهم أو عقوقهم لأنهم الذين غرسوا في نفوسهم بذور الانحراف والعقوق والتمرد 0
جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشكوا إليه عقوق ابنه، فأحضر عمر الولد وأنبه على عقوقه لأبيه، ونسيانه لحقوقه فقال الولد: يا أمير المؤمنين أليس للولد حق على أبيه؟ قال : بلى ، قال : فما هي يا أمير المؤمنين ؟ قال عمر: أن ينتقي أمه ويحسن اسمه ويعمله الكتاب أي القرآن ، قال الولد : يا أمير المؤمنين إن أبي لم يفعل شيئًا من ذلك ، أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي ، وقد سماني جعلاً (أي خنفساء) ولم يعلمني من الكتاب حرفًا واحدًا 0
فالتفت عمر إلى الرجل وقال لـه : جئت إليّ تشكو عقوق ابنك وقد عققته قبل أن يعقك ، وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك ؟ وهكذا حمَّل عمر الرجل حين أهمل تربية ابنه مسئولية عقوق ولده لـه 0

ضيف الله مهدي
12 -04- 2007, 02:48 AM
• مشكلات الحياة الزوجية :
تتخلل الحياة الزوجية مشكلات عديدة تقود إلى العديد من حالات سوء التكيف بين الزوجة والأبناء ، وسأتعرض هنا لما يسبب اضطراب في الحياة الزوجية وسوء التكيف ، وهي : الزواج التعيس والشغي ، والغيرة بين الأزواج ، وكذلك التنافس بين الزوجين ، والأنماط الزوجية المرضية أو العصابية وأنواع أخرى 0

• الزواج التعيس والشقي :
توجد عدة عوامل تجعل الحياة الزوجية جحيما لا يطاق ، وأغلبها يعود إلى عدم قدرة الطرفين على مواجهة الصعوبات 0 والعوامل هي :
1ـ تعقد طبيعة الزوج والزوجة البشرية ، ومعها تتنافر الطباع ، وهذا يؤدي إلى التهيج الانفعالي 0
2ـ عدم وجود تجاذب جنسي بين الزوجين ، ويحل محله النفور بدلا من الجاذبية 0
3ـ تدخلات خارجية في حياة الزوجين ، سواء من قبل أهل الزوج أو الزوجة ، أو بعض الأقارب ، وقد أثبتت الدراسات والتجارب أن تدخلات هؤلاء المتدخلين والمتطفلين تترك أثرا ومرارة في نفس الزوجين 0
4ـ إنعدام الصراحة والصدق بين الزوجين ، والجهل بالتبعات والمسؤوليات التي تتطلبها الحياة الزوجية 0
5ـ العبودية للأسرة ، فهناك الكثير من الرجال لا يستطيعون حزم رأيهم ، ويظلون في صحبة أهلهم وأمهاتهم 0 وحين يهرع مثل هذا الزوج إلى أحضان والده أو والدته ينشأ خلافا زوجيا 0 فالزوج الناضج عاطفيا يستطيع أن ينزع نفسه من أسرته الأولى ، ويبني لنفسه صرحا مستقلا في بيئته 0 أما الزوج غير الناضج والذي يظل تابعا لأسرته هو أنموذج سيء ، لأن الزواج عنده هو عبارة عن علاقة طفل بأمه ، يعتمد عليها ، ولا يستطيع التخلص من تبعيتها 0
6ـ الخيانة الزوجية : والخيانة آفة ولها أسبابها المميزة ، وخاصة البرود الجنسي عند المرأة ، والذي يرجع في أصوله إلى أعماق طفولتها 0 والزوج المنشغل عن زوجته يعرضها للغواية ، وكذلك الزوج الذي لا يشبع زوجته جنسيا يجعلها عرضة أيضا للخيانة ، خاصة إذا لم تكن على دين وتربية إسلامية جيدة 0
• البرود الجنسي في النساء :
يعتبرُ مفهوم البرود الجنسي مفهومًا جديدًا إلى حد ما في المجتمعات العربية ، وبالرغم من ذلك فإن استخدام هذا المفهوم يشوبه الكثيرُ من الاختلاط ، فما بينَ آراء الرجال والنساء من أفراد المجتمع البالغين على اختلاف أعمارهم، وما بينَ ساحات الحوار العربية على شبكة الإنترنت، يتضحُ للباحثِ أن المفهوم إما أن يكونَ غير محددٍ بصورةٍ دقيقةٍ من قبل المتكلمين عنه ، أو أنهُ في الأصل مفهومٌ غير محدد المعالم أو يمكنُ استخدامهُ للتعبير عن العديد من الحالات، والحقيقةُ أنني كطبيبٍ نفسي عربي أجدُ ذلك الاختلاط مبرَّرًا رغم كونه غير مرغوبٍ فيه من قبل من يريدونَ تناولَ الأمر بشكلٍ علمي، لأن الخطوةَ الأولى في البحث العلمي لابد أن تكونَ تحديد المفاهيم بدقة 0 وقارئ الأبحاث العلمية في الموضوع حتى سنة1970سيكتشفُ أن حالة الأبحاث الغربية حتى ذلك التاريخ لم تكن تختلفُ كثيرًا من ناحية اختلاط المفاهيم عن الحاصل إلى اليوم ما بينَ الناس ومعظم المتحدثين في الموضوع في البلاد العربية، فقد كان البرود الجنسي في الإناث يطلقُ على أيِّ واحدةٍ من الحالات التالية:
1ـ على المرأة التي لا تشعرُ أصلاً بالرغبة في الجنس Sexual Desire أو لا تتواردُ على خاطرها خيالاتٌ جنسيةٌ Sexual Fantasies مُحَبَّبةٌ مثيرة ، وهيَ التي تعاني من اضطرابٍ نفسي نسميه نقص أو فقدان الرغبة الجنسية ، أو ربما من اضطراب النفور الجنسي في الحالات المتطرفة الشدة ، والذي يعني نفورًا واشمئزازًا من كل ما يتعلقُ بالجنس.
2ـ على المرأةٌ التي تشعرُ بالرغبة في الجنس وتتواردُ على خاطرها خيالاتٌ جنسيةٌ مُحَبَّبةٌ مثيرة ، لكنها تفشلُ في الاستجابة لزوجها عند اللقاء الجنسي لسببٍ أو لآخر ، وهيَ التي تعاني من اضطرابٍ نفسي نسميه فشل استجابة الأعضاء الجنسية، فلا تتزلقُ قناةُ المَهْبِلِ على سبيل المثال مما يجعلُ الجماع صعبًا.
3ـ على المرأةٌ التي تشعرُ بالرغبة في الجنس وتتواردُ على خاطرها خيالاتٌ جنسيةٌ مُحَبَّبةٌ مثيرة وتستجيبُ أعضاؤها لزوجها وتتجاوبُ معهُ لكنها تفشلُ في الوصول إلى ( الإرجاز ( أي رعشة الجماع Orgasm)) ، بالرغم من الآداء الجيد للزوج ، وربما أحست بأن زوجها يتركها في منتصف الطريق ، وهيَ التي تعاني من اضطرابٍ نفسي نسميه انعدام الإرجاز، أو خللُ الأداء الجنسي في الإرجاز.
4ـ على المرأةٌ التي تشعرُ بالرغبة في الجنس وتتواردُ على خاطرها خيالاتٌ جنسيةٌ مُحَبَّبةٌ مثيرة وتستجيبُ أعضاؤها لزوجها وتتجاوبُ وتصل إلى الإرجاز أيضًا لكنها لا تحسُّ للإرجاز طعمًا! 0
ومعنى ذلك هو أن مصطلح البرود الجنسي Sexual Frigidity يمكنُ أن يطلقَ على امرأةٍ تعاني من اضطرابٍ في أي مرحلةٍ من مراحل دورة الاستجابة الجنسية التي تبدأُ بالشهوةِ ثم الفعل الجنسي أو الاستجابة لفعل الزوج وتنتهي بالإرجاز، ولذلك السبب لا نجدُ البرود الجنسي مقبولاً كاسمٍ من أسماء الاضطرابات النفسية الجنسية حيثُ تستخدمُ مصطلحاتٌ أكثرُ دقةً في وصف الاضطراب وتبينُ في أي مرحلةٍ من مراحل دورة الاستجابة الجنسية يكونُ ذلك الاضطراب 0
وهنا أقول : إن تعبير البرود الجنسي لم يعد تعبيرًا علميا بسبب كونه مفهوما مختلطا وغير محدد 0 وقبل أن ندخل في محاولة مناقشة المفهوم لابد أن نقرَّ حقيقةً علميةً يتغافلُ عنها الكثيرون من المتحدثين في هذا الموضوع ، وهيَ أننا عندما نتحدثُ عن مشاعر الأنثى الجنسية لا نتحدثُ عن شيءٍ تفهمهُ كل أنثى بنفس المعنى الذي تفهمه به الأخرى! وذلك لأن تقارير النساء عن شعورهنَّ بالإرجاز وهو أكثرُ المشاعر التي كان يظنُّ أنها متطابقة قد بينَ بما لا يدعُ مجالاً للشك تباينًا شاسعًا ما بينَ شعور واحدةٍ وأخرى بل ما بينَ شعور نفس الأنثى ما بينَ إرجازٍ وإرجاز، فبعضُ الإرجازات يكونُ ضعيفًا وبعضها قوي وبعضها يكونُ طويلاً وبعضها قصير، وأحيانًا يجيء الإرجاز منفردًا إن حدثَ بينما تتحدثُ بعض الإناث عن ما يشبهُ سلسلةً متتابعةً من الإرجازات التي تحدثُ أحيانًا وربما مع شخصٍ معينٍ وليسَ مع غيره! إذن فنحنُ نتحدثُ عن ظاهرةٍ لا نمطيةٍ بالمرة ، ولا يجوز للمتحدثِ أن يعتبرَ أنهُ يتكلمُ عن مفهومٍ تعرفهُ كل النساء 0 والإرجاز في الأنثى يختلفُ عن الإرجاز في الرجل في نقطةٍ مهمةٍ جدا وهيَ كونهُ غير مصحوبٍ دائما بالقذف إلى فتحة المبال الخارجية ، وهو بالتالي ليسَ شرطًا للعملية الجنسية الناجحة إذا اعتبرنا أنها تعني كل ما يجعل التلقيح ممكنا من الناحية البيولوجية ، فليسَ لإرجاز المرأة دور محوريٌّ في ذلك ، وبطريقةٍ أوضح فإن امرأةً قد تتزوج وتنجبُ عدةَ مراتٍ دونَ أن يحدثَ لها الإرجاز ولو مرةً واحدةً بينما يستحيل حدوثُ الإخصاب إذا لم يحدثُ إرجازُ الرجل في كل مرةٍ لينتجَ الحمل 0 كما أن علينا أن ننتبه جيدًا إلى أن المفهوم في الأصل هو مفهوم مستورد أي أن مشكلةَ البرود الجنسي هيَ مشكلةٌ برزت في المجتمعات الغربية واستوردناها ، وأنا هنا لا أقولُ أنهُ غيرُ موجودٍ في مجتمعاتنا ، فالحقيقة أنهُ موجود بالتأكيد، لكن البحثَ عن أسبابه يجبُ أن ينبعَ من نقاط أخرى غير التي يلجأ إليها الباحثون تقليديا عند بحثهم في مجتمعاتنا ، فيرجعون الأمر إلى التربية الدينية الصارمة بينما الحقيقةُ غير ذلك لعدة أسبابٍ أهمها :

ضيف الله مهدي
12 -04- 2007, 02:49 AM
1ـ أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي أقرَّ بوضوحٍ كونَ العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأةِ موضوعًا للمتعة حتى وإن لم يُقْصَدْ بها غير المتعة ولم يفرق الإسلام في حظ الذكر أو الأنثى من المتعة، ومعنى ذلك أن الأسباب التي يجبُ البحثُ عنها بعيدةٌ بالتأكيد عن شريعة الإسلام ومن يقرأُ طوق الحمامة لابن حزم الأندلسي سيعرفُ جيدًا كيفَ كان للمرأة المسلمةِ أن تعبرَ عن مشاعرها الجنسية بحريةٍ ليست أبدًا أقل من حرية الرجل 0
2ـ وأما السبب الثاني فهوَ أن الدراسات والإحصاءات التي بين أيدينا عن معدلات عدم الرضا عن النشاط الجنسي في الإناث كلها أصلاً دراساتٌ أجريت في الغرب على نساءٍ غربيات حيثُ المجتمع المتفتح جنسيا مقارنة بمجتمعاتنا ، فليست لدينا حتى الآن دراساتٌ أوإحصاءاتٌ تتعلقُ بالموضوع! 0
وإذا نظرنا إلى جزءٍ بسيطٍ من النقاش الشرعي المتعلق بموضوعٍ هو من أكثر المواضيع اتهامًا عندنا بمسئوليته عن البرود الجنسي في الإناث وهو موضوع الختان Circumcision فسنجدُ ما يلي :
يقول عبد الحليم أبو شقة رحمه الله وهذا ما أورده في موسوعته تحرير المرأة في عصر الرسالة تحت عنوان ( أوهام باطلة تحاصر الاستمتاع الطيب وتطارده ) فقال : " من هذه الأوهام وجوب ختان البنات دعما للتعفف الأخرق وتضييقا لفرص الاستمتاع , على كل من الرجل والمرأة , ساد القول بوجوب ختان البنات في بعض بلاد المسلمين قرونا طويلة وكأن ختان البنات فريضة من فرائض الإسلام , وإغفاله يعتبر نقيصة ومعرة للفتاة , كما يعتبر فعله مكرمة لها , وهذا كله وهم , وتأكيدا لهذا الوهم شاع الحديث الضعيف الآتي : عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال : قال رسول الله عليه الصلاة والسلام : ( الختان سنة للرجال ومكرمة للنساء ) 0 والحقيقة في أمر ختان البنات أنه كان عادة من عادات العرب في الجاهلية ولما جاء الإسلام وضع لها من الشروط ما يخفف أثرها على الرجل والمرأة معا ويحفظ حق كل منهما في الاستمتاع , فقد روت أم عطية الأنصارية أن امرأة كانت تختن بالمدينة فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام : ( لا تنهكي ـ أي لا تبالغي ـ فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل ) ، رواه أبو داود 0 وفي رواية للطبراني فقال لها: ( اخفضي ولا تنهكي فإنه أنضر للوجه وأحظى عند الزوج ) 0 وقال الحافظ بن حجر: قال الشافعية : " لا يجب في حق النساء , وهو الذي أورده صاحب المغنى عن أحمد 0 وذهب أكثر العلماء إلى أنه ليس بواجب , على أن الحديث : أنه سنة للرجال ومكرمة للنساء , لا يثبت لأنه من رواية حجاج بن أرطأة ولا يحتج به ، وقال الشيخ سيد سابق في فقه السنة : " أحاديث الأمر بختان المرأة ضعيفة لم يصح منها شيء "
وإذا نظرنا إلى المجتمع العربي اليوم فإننا سنجدُ أن الحديث عن الجنس عيب وحرام ، ولا يجب أن تخوض البنت فيه ، وممنوع أن تسأل ، ولا تجد أما تُعلم أو توجه ، وإذا وصلت الفتاة لسن الزواج بدأ من حولها من النساء في التأكيد على ضيقهن بهذه الممارسة ، وأنها عبء عليهن ، فيرسخ في ذهن الفتاة أن الممارسة الجنسية واجب أو مسئولية تضاف إلى مسئوليات الزواج المتعددة ، الكل ينصح بأهمية التزين للزوج وأداء حقه ، ولا وجود لمصطلحات اللذة والمتعة ، وينسى الجميع أن الرجل لا تسعده أن يعاشر ملكة جمال العالم لو كانت باردة ، وقد يسعده الوصل مع زوجة دافئة متجاوبة ، وإن كانت أقل جمالا 0
وتقول الدكتورة ( سحر طلعت ) : " عندما تتزوج هذه الفتاة يبدأ زوجها في توجيه اللوم لها على عدم تجاوبها معه ، ويطلب منها أن تشعره بأنها تستمتع بعلاقتهما معا ، ويشعر أنها لا تريد الوصل معه ، لأنها لا تشعر بلذة " 0 وهنا نلاحظ أن الزوج في هذه الحالة يتحدث بمفردات لغة لا تفهمها زوجته ، فهو يتحدث عن ، لذة ، ومتعة ، وتجاوب ، والمرأة لم تتعلم إلا لغة الاستسلام ، والتسليم ، وأداء الواجب وحق الزوج 0
ونستطيعُ تقسيم العوامل النفسية التي تقلل الرغبة الجنسية أو تتسببُ في عدم الرضا عن الخبرة الجنسية لدى المرأة إلى:
1ـ عوامل معرفية: وتتمثلُ في المعتقدات الدينية الخاطئة، وأن الجنس شيء دنس يجب التطهر منه أو ما يسمى بعقدة الذنب من الجنس ، إضافةً إلى الجهل الجنسي المطبق حتى بالتركيب التشريحي للأعضاء التناسلية ، الاعتقاد السائد بأن المبادرة في العلاقة الجنسية للرجل فقط ، وكأن الرجل هو فقط من لديه الرغبة الجنسية ، وما على الزوجة سوى أن تكون الطرف السالب التي تلبي رغبة الرجل وشهوته وكأنها ليست مثله لديها رغباتها ، وأن العلاقة الحميمة تعف بها زوجها وتعف بها نفسها أيضا ، بل ويصل هذا الاعتقاد الخاطئ لحد أن تعتبر الزوجة أن كفاءتها ونجاحها في هذه العلاقة قائم على إرضاء زوجها فقط ، فلا تحس وتتقبل مشاعرها الجنسية ، بل وقد تنكرها أيضا 0
2ـ عوامل تربوية: مثل الكبت النفسي في الطفولة ، حيث تمنع الطفلة من التعبير عن أبسط رغباتها فتكبر وهي غير قادرة عن التعبير عن نفسها ، وكذلك وجود تجربة جنسية مصحوبة بالخوف والرهبة كاغتصاب أو اعتداء جنسي خاصةً في مرحلة الطفولة ، وهناك الاعتقاد الخاطئ بأن المرأة أقل في الرغبة الجنسية من الرجل ، بل وعلى المرأة أن تظهر بمستوى فاعلية جنسية أقل من الرجل ، واعتبار أن الإثارة مقبولة لدى الرجل وغير مقبولة أو مرغوب فيها عند الأنثى ، واقتضى ذلك أن يفرض على المرأة ضرورة النهي عن الجنس أو تصعيده أو تحويله لنواح تعبيرية أخرى أو إظهاره بشكل مشوه وغير طبيعي 0
3ـ عوامل نفسجنسية: مثل وجود صعوبة في الجماع أو عدم الوصول إلى الإرجاز ، كما أن بعض النساء يخفن من فقدان التحكم بالرغبة الجنسية فيضغطنها إلى الحد الأقصى ، مما يتسببُ في تثبيط استجابتهن كليةً 0
4ـ عوامل زواجية: كاختلاف المشاعر بين الزوجين من ناحية المحبة والحاجة ، حيث يرغب طرف بالقرب دائما بينما يفضل الطرف الآخر وجود مسافة بعد أكبر، كما أنهُ يصعب على المرأة التي تشعر بالغضب من تصرفات زوجها أو بعدم محبته لها أن تكون راغبة به جنسيا 0
5ـ عوامل نفسية مرضية: وأشهرها وأكثرها شيوعًا بالطبع هو اضطراب الاكتئاب الجسيم Major Depression الذي يقلل الدافع للجنس وأنواع الاكتئاب كثيرةٌ فليسَ كل اكتئابٍ يعني أن الشخص يشعرُ في وعيه بالحزن بل إنه في الكثير من الحالات يكونُ الاكتئابُ مُـقَـنَّـعًا بمعنى أنهُ يأخذُ شكلاً جسديا ومن هذه الأشكال ما نسميه في الطب النفسي بعسر الجماع النفسي أي شعور الأنثى بالألم أثناء اللقاء الجنسي مع زوجها رغم عدم وجود أسبابٍ عضويةٍ لذلك ثم يحدثُ التحسن بعد فترةٍ من تناول عقارات علاج الاكتئاب بالرغم من عدم شكوى المريضة أصلاً إلا من ألمٍ أثناء الجماع !، ورغم أن اضطراب القلق Anxiety كثيرًا ما يتسببُ في خلل الأداء الجنسي في الذكور أكثرَ منه في الإناث ، إلا أنهُ في بعض الحالات يتسببُ قلقُ الأنثى على قدرتها على أن تكونَ مرضيةً لزوجها في خلل أدائها الجنسي ، وأما الاضطرابات الجنسية الأقل شيوعًا فهيَ الشذوذات الجنسية Paraphilias وهيَ الحالات التي يستحيل فيها الوصول إلى الإشباع الجنسي إلا من خلال ممارسةٍ معينةٍ أو تخيلٍ معينٍ غالبًا ما يكونُ بعيدًا عن الموضوع الجنسي نفسه وهذه الشذوذات في الأساس اضطرابٌ جنسي يحدثُ في الرجال ومن أشهر أمثلته السادية والمازوكية Sadomasochism، ففي حالة الرجل المصاب بالمازوكية مثلا يكون إظهار المرأة لخشونتها وتفوقها الجسدي على الرجل بضربه أو سبه أو إهانته بشكلٍ أو بآخر شرطًا لا غنى عنه لكي يتمكن الرجل من ممارسة الجنس معها والوصول إلى الإرجاز الجنسي وفي الحالة المسماة بالطفالة Infantlismعند الرجال يكون من اللازم أن يلبس الرجل حفاضةً مثلاً وأن تقوم المرأة بهدهدته وإطعامه ربما بالبزازة! فإن لم تفعل فهو لن يستطيع أن يمارس الجنس معها ولا أن يصل إلى الإرجاز ، وأما ما يحدثُ من أنواع هذه الشذوذات الجنسية في النساء فهوَ فقط المازوكية أي المرأة التي لا تستطيع أداء الفعل الجنسي بشكلٍ كاملٍ وصولاً إلى الإرجاز إلا إذا استخدم زوجها نوعًا من الخشونة أيا كانت درجة تلك الخشونة ، ووجود المازوكية في بعض النساء أمرٌ مختلفٌ عليه خاصةً وأن العلاقة التقليدية للرجل بالمرأة تحملُ بعدًا مازوكيا في الأساس 0

ضيف الله مهدي
12 -04- 2007, 02:50 AM
• الغيرة بين الأزواج :
يعتبر البعض الغيرة كالخوف فهي عاطفة دفاعية ، وليس للغيرة مبرر حين يوجد الحب الحقيقي ، والغيرة هي ضعف وقصور في طباع الشخص 0 والغيرة المبنية على شكوك كاذبة يمكن أن تنهي الزواج السعيد 0 والقليل من الناس لم يعان في بعض الأوقات من عذاب الغيرة0
• أقسام الغيرة :
يقسم العلماء الغيرة إلى قسمين وهما :
1ـ غيرة الحب الدفاعية ، وهذه لا تتسبب في الطلاق 0
2ـ الغيرة الفاسدة ، وهذه هي التي تهدم وتحطم صرح الزواج 0
• التنافس بين الزوجين :
مما لا شك فيه أن هناك تنافساً مستمراً بين المرأة والرجل في الحياة الزوجية ، والحياة الزوجية ليست كلها تعاون وتواصل إيجابي وحب وألفة ، بل هناك تنافس أيضاً 0 وأشكال التنافس تأخذ أشكالاً ظاهرة واضحة أو غامضة غير مباشرة ، وذلك وفقاً لشخصية الزوجين وظروفهما 0 وفي العلاقة الزوجية التقليدية حيث يعمل الرجل خارج المنزل وتعمل المرأة داخله يأخذ التنافس والصراع أشكالاً تختلف عنها في العلاقات الزوجية الحديثة حيث يعمل الطرفان خارج المنزل 0 ومن أمثلة التنافس في العلاقات التقليدية الخلاف حول الطبخ والطعام وجودته وإتقانه ، وتتفنن الزوجة بألوان الطعام المختلفة لإبهار الزوج بقدراتها ، كما أنها تنزعج كثيراً إذا تدخل الزوج في أمور المطبخ وإعداد الطعام 0 وهذا التدخل هو نوع من التنافس والمنافسة حيث تنشأ خلافات شديدة وحادة نتيجة لذلك 0 والرجل عندما يعطي رأيه أو يتدخل في مجال الزوجة فإنها تعتبر ذلك تقليلاً من شأنها وتنزعج وتقاوم وبأشكال يمكن أن تكون مرضية ومبالغ فيها مما يساهم في نشوء المشكلات الزوجية أو تفاقمها 0 وببساطة فإن شؤون المطبخ تمثل قيمة خاصة للزوجة تدافع عنها وتنافس الرجل فيها وتعلن تفوقها ورضاها 0 وكذلك الرجل يدافع عن قوته في مجالاته وميادينه وأي تدخل للمرأة في ذلك مثل شؤون العمل أو الإدارة أو غيرها يمكن للرجل أن يعتبره تنافساً وتدخلاً ولذلك فهو يقاوم بشدة ويحاول التفوق على منافسه وغلبته وتحطيمه في بعض الأحيان 0 وفي الأسرة الحديثة يأخذ التنافس موضوعات أخرى مثل التحصيل العلمي أو المادي أو المهني أو التفوق الثقافي والمعرفة العامة أو التخصصية وغير ذلك 0 ومما لا شك فيه أن التنافس عموماً حافز إيجابي ويساهم في الإبداع والإنتاج والتحصيل ، وهناك التنافس المقبول الإيجابي ولكن هناك التنافس المدمر والصراع الذي يمكن أن يكون عامل هدم في العلاقات الإنسانية عموماً وفي العلاقات الزوجية خصوصاً ، ولا بد من القول أن العصر الحديث وقيمه التي تشجع على الفردية والأنانية والتنافس ، لها دورها في زيادة حدة التنافس وإشعاله بين الأزواج ومن ثم ازدياد الاختلاف والصراع ، ولا يعني ذلك أن التنافس لم يكن موجوداً قديماً ولكن ربما كان بدرجات أقل أو أشكال مختلفة 0 و لا بد من تأكيد قيم التعاون والمحبة والمودة والسكن ، والوعي بالأمور النفسية الداخلية التي تدفع الناس إلى التنافس ، مما يساهم في ضبط النفس والمشكلات والصراع ، ضمن الحدود المقبولة الإيجابية و التي تساعد على البناء والازدهار بدلاً عن الهدم والهدر 0
• الأنماط الزوجية المرضية ( العصابية ) :
هناك البعض من الأزواج والزوجات لهم تكوين نفسي شاذ بسبب خبرتهم التي اكتسبوها في الطفولة ، ولهذا يتعرضون للكثير من المتاعب والمشكلات النفسية التي تهدد كيان الأسرة والزوج العصابي والزوجة العصابية غير قادرين على احتمال كل منهم ، وهم يشتركون في عدم النضج الانفعالي أو العاطفي ، وهذا أحد أهم شروط الزواج الناجح 0
• أقسام الأزواج العصابيون والزوجات العصابيات :
1ـ الزوجة المسترجلة : النوع هذا من الزوجات لديه الرغبة الجامحة في التسلط على الزوج والتحكم فيه ، وتحب الزوجة أن تكون هي المتحكمة وهي التي في مركز الصدارة في الأسرة ، وزوجها يكون في المركز الثاني 0 ونلاحظ أن زوجها عندما يتحدث تقوم بمقاطعته ، ولا تتقبل أفكاره وتعارضها ، أو تقلل من أهميتها 0 وهي دائما تظهر عيوب زوجها ، وتوجه له النقد لأي خطأ يرتكبه صغيرا أو كبيرا 0 كما أنها تتصف بالثرثرة وحب الجدل والنقاش في كل الأمور سواء أمور جادة أو تافهة ، والغالب فيها أنها أمور تافهة 0
• صفات الزوجة المسترجلة :
هي غير قادرة على إنماء وتطوير العلاقة العاطفية مع زوجها 0 لأنها ترى زوجها وجميع الرجال بشخصية والدها المتسلط غير المرغوب فيه ، والسبب نفسي هنا 0 وبالغوص في الأعماق النفسية لهؤلاء الزوجات ، سنجد أن أباءهن وهن صغار كانوا مهملين لهن وملتهين عنهن ومنشغلين بالملذات والادمان ، والمقامرة ، وكانت سلوكياتهم غير سوية وغير اجتماعية 0 وقد تكونت فكرة عند هؤلاء البنات عن آبائهم بشكل سلبي لا تتضمن الاحترام ولا التقدير وقد أخذت هذه الفكرة تتعمم Generalization بالتدرج على كل الرجال بما فيهم الأزواج 0 ومثل هؤلاء الزوجات مصدر قلق لأزواجهن وهذا يؤدي إلى سوء التكيف وعدم التوافق الأسري واضطرابات في شخصية أبنائهن 0 ويشدد علماء النفس على أن هؤلاء الزوجات قد أصبن بعقدة النقص وهن يعوضنه عن طريق إثبات قدرتهن وكفاءتهن أمام الرجال 0 وهذه الزوجة تحتقر جنسها وأفراده 0 لقد تخلصت من جنسها هذا الذي يحتقره الرجل وانضمت إلى الجنس القوي الذي يحترمه المجتمع والذي يسيطر على هذا المجتمع 0 ولذلك هي تحضر مجالس الرجال وترتدي البنطلونات وأربطة العنق مقلدة بذلك الرجال ، وتسهر حتى ساعة متأخرة من الليل ، وتعود لوحدها إلى منزلها لكي تثبت إستقلالها وقدرتها 0 ( عبد الله ، 2001) 0

2ـ الزوجة الهستيرية : الزوجة الهستيرية دائما تشتكي من سوء صحتها ، وتتردد على الأطباء لإجراء الفحوص ، وتبحث عن العلاج للألآم الكثيرة التي تشتكي منها وهي في الغالب وهمية 0 ومثل هذه الزوجات تستنفد دخل زوجها بسبب كثرة الفواتير والوصفات الطبية 0 وعند فحص هذه الحالة يتبين أنها لا تعاني من أي أمراض عضوية 0 وهي تلجأ إلى هذا الأسلوب كوسيلة للفت إنتباه المحيطين بها واهتمامهم ، والسبب النفسي في هذه الحالة أنها كانت محرومة من العطف 0 وتلجأ في أغلب الأحيان الزوجة إلى هذا الأسلوب المرضي لتنتقم من زوجها بطريقة لا شعورية لأنه يهملها 0
• صفات الزوجة الهستيرية :
هي تشبه الزوجة المسترجلة لأنها تعتبر مصدر قلق واضطراب في الحياة الزوجية ، حتى تصبح هذه الحياة جحيما لا يطاق ، ويظهر آثار ذلك في تبرم الزوج وهروبه من المنزل 0 والزوجة الهستيرية معرضة للكثير من الألآم والشكاوي والصداع والضعف ، والانهاك ، والدوار 0 ومن صفاتهن إطلاق الضحكات المدوية ، وكذلك البكاء السريع ، والاغماء كلما أردن ذلك 0 والزوجة الهستيرية لا تحاول ضبط أعصابها ، وهي بمثابة ( ممثلة ) تبحث عن متفرجين 0 وعند الغوص في أعماق نفسيتها سنجد أن والديها قد دللاها بشكل مفرط 0
3ـ الزوجة النرجسية :
وهي التي تسعى لاجتذاب الاهتمام ، وهذه الزوجة تهيم حبا بنفسها ، وتقضي معظم أوقاتها أمام المرآة وتردد على صالونات التجميل مهتمة بشعرها ووجهها وقوامها وثيابها 0 إن المرأة النرجسية تسعى لأن تكون محط أنظار الآخرين ، وتستمتع بالشهرة بين الناس ، ميالة إلى المغازلات ، ومع ذلك يضايقها أن يبدي لها زوجها الغيرة 0 أما إذا بدا من زوجها إهتمامه بإمرأة أخرى فإنها الكارثة 0 إن الزوجة المغرورة النرجسية ، كالسيارة الجميلة ذات المحرك الرديء ، تنظر إليها بإعجاب ، ولكنك لا تستطيع أن تصل بها إلى أي مكان 0
• صفات الزوجة النرجسية :
تتصف الزوجة النرجسية بأنها عدائية ، يسرها أن تغيظ الجنس الآخر 0 كما تحب نفسها لدرجة مفرطة ولا تستطيع أن تتخلى عن هذا الحب 0 وهي بدلا من أن تكون إلهاما لزوجها ليقدم على الأعمال العظيمة ، فإنها تقدر الزواج باصطلاح معين 0 باختصار فإن مثل هذه الزوجة تحتاج إلى زوج عظيم القدرات والتحمل والصبر 0

ضيف الله مهدي
12 -04- 2007, 02:51 AM
آراء في السعادة الزوجية :
السعادة الزوجية مفهوم نسبي لا يسهل قياسه وتعميمه ، وهو يعني فيما يعني رضا الزوجين عن حياتهما الزوجية بشكل عام وبدرجة عالية وتقييم العلاقات الزوجية بأنها سعيدة أو غير ذلك لابد له أن يرتبط بمرحلة زمنية معينة تمر فيها هذه العلاقة وبعض العلاقات تكون في قمة السعادة الزوجية في فترة معينة ، ثم تتغير الأمور والأحوال وهناك لحظات سعيدة جداً ، أو ساعات ، أو أيام ، أو أسابيع ، أو سنوات ، أو العمر كله وبالطبع كلما طالت المدة السعيدة كلما كان ذلك أفضل 0 وترتبط السعادة الزوجية بنجاح العلاقة الزوجية في وظائفها ومهماتها والتي تتمثل في الجوانب التالية :
تأمين العيش المشترك ، والسكن والحب ، وتلبية الرغبات النفسية والعاطفية والجنسية للطرفين ، وفي إنجاب الأطفال وتربيتهم ، وفي تلبية متطلبات المنزل والمعيشة ، وفي تحقيق المتطلبات والأدوار الاجتماعية المتنوعة ، وغير ذلك 0 وتتأثر السعادة الزوجية بالنجاح أو الفشل ( النسبي ) في تحقيق الوظائف السابقة بالنسبة للزوج أو الزوجة أو كليهما وبشكل مرض ومقنع 0 وبعض العلاقات تنجح في تحقيق عدد من الوظائف الزوجية ، ولكنها تفشل في بعضها الآخر ، ولا بد من القول بأن العلاقة الزوجية هي مشروع طويل الأمد يتطلب الإعداد والجهد والجد وفيه مسؤوليات متنوعة 0 وكلما أنجزت مهمات معينة ظهرت مهمات ومسؤوليات أخرى يجب إنجازها 0 وتتأثر السعادة الزوجية بعدد من المشكلات الحياتية مثل عدم الإنجاب ، والضعف الجنسي عند الرجل أو البرود الجنسي عند المرأة ، ويمكن لكل ذلك أن يخلق زواجاً تعيساً مضطرباً .. وأيضاً فإن الشخصية النكدية ، أو الشخصية الأنانية ، أو الشخصية العدوانية المضطربة ، أو الشخصية ضعيفة المهارات ، يمكن لها إذا كانت تنطبق على أحد الزوجين ، أن تحول الحياة الزوجية إلى جحيم وإلى مشكلات لا تنتهي ، ويلعب الملل الزوجي أو الفتور الزوجي دوراً كبيراً سلبياً في التعاسة الزوجية 0 وأسبابه متنوعة ، وبعض أسبابه ترتبط بالمجتمع وثقافته ، وتكوين الزوجين وثقافتهما وعقدهما النفسية وتاريخهما الأسري 0 وفي حالات الملل الزوجي تزداد المشكلات الزوجية ويزداد الخصام والصراخ والسلبية وابتعاد كل طرف عن الآخر في نشاطاته وأهدافه اليومية ، ويلجأ البعض إلى الاستغراق في العمل أو في هوايات أو نشاطات خاصة يهدف من خلالها أن يثبت نفسه وأن يخفف من إحباطاته وأن يعطي نفسه شيئاً من التوازن والمتعة والتجديد ، ولكنه يضيف بذلك مزيداً من الضغوط على علاقته الزوجية ويساهم بزيادة تسميم أجوائها 0 ومن الممكن أن يتورط أحد الزوجين في علاقة عاطفية فاشلة أو مزيفة أو متسرعة .. يمكنها أن تضيف إلى مشكلات العلاقة الأصلية المضطربة ، وربما تؤدي إلى مرحلة اللا عودة أو الطلاق 0 ومن الممكن بالطبع حدوث الترميم أو الإصلاح أو التجدد خلال مرحلة الملل الزوجي 0 وربما يكون الملل والروتين والجمود دافعاً طبيعياً إلى تجدد العلاقة وإلى اقتراب الزوجين من بعضهما في كثير من الحالات 0 وأخيراً ، لا بد من التأكيد على أن السعادة الزوجية والعلاقة الزوجية الناجحة ترتبط مفاتيحها بعدد من الأمور والصفات والسلوكيات ، ومنها : المسؤولية ، والتفاعل ، والتعاون ، والمشاركة ، والحوار ، و الصداقة ، والحب ، والحساسية للطرف الآخر ، وعين الرضا ، والتكيف ، والتوافق ، والتكامل ، والمرونة ، والواقعية 0 وأيضاً فإن العلاقة الزوجية تبدأ وتكبر وتنضج وتشيخ وتموت ، ولابد من التنبه لهذه الدورة الطبيعية والتدخل المستمر لرعايتها وتصحيح أخطائها ومشكلاتها وضمان حياتها لسنوات طويلة ، ولا بد من تقديم كل العون للعلاقة الزوجية ومساعدتها على الاستمرار في تحقيق أهدافها وسعادتها من قبل أطراف العلاقة أولاً ومن قبل الأهل والأصدقاء والمجتمع ثانياً ، ولابد من وجود خدمات متخصصة لرعاية الأسرة والزواج وتقديم الدعم والنصح والعلاج في حالات المشكلات الزوجية والأسرية 0 والكلمة الطيبة لها دورها دائماً 0 وكذلك الحوار والتفاهم ورفع الظلم وتعديله وأخذ كل ذي حق حقه ، وتبقى السعادة الزوجية مطلباً وحلماً يسعى الجميع نحوه 0

ضيف الله مهدي
24 -07- 2009, 01:54 AM
منذ سنة تقريبا لم يعلق إلا القليل
لماذا ؟