المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : 3 منافذ لمافيا تهريب أطفال اليمن



فراس
08 -05- 2007, 03:46 AM
«افلح الشام» تحتل المرتبة الأولى على مستوى اليمن
حرض والملاحيط والخدور مثلث مافيا تهريب الأطفال
http://www.okaz.com.sa/okaz/myfiles/2007/05/07/b90-big.jpg
طه طواشي (الحدود السعودية- اليمنية)
في الحلقة السابقة من هذه الجولة سلطنا الضوء على ظاهرة تهريب الأطفال اليمنيين عبر الحدود الى المملكة بما يصل الى -300 500 طفل شهريا مع ايراد بعض التقارير التي تؤكد وجود الظاهرة ولا تنفيها. وفي هذه الحلقة نتعرف على أكثر المناطق اليمنية تهريبا للأطفال الى الاراضي السعودية حيث تأتي «أفلح الشام» بمحافظة حجة في المرتبة الأولى على مستوى اليمن تليها محافظة المحويت (منطقة سارع بمديرية خميس بني سعد) ثم محافظة الحديدة في بعض مناطق تهامة، فمحافظة إب «العدين» ومحافظة تعز (جبل صبر والبرح) ومحافظة ذمار (عتمة وصاب) ومحافظة عمران فيما يلاحظ ان تهريب الأطفال من أفلح الشام بمحافظة حجة ومن منطقة «سارع» بمحافظة المحويت يتم بشكل مُنظم على العكس من المناطق الأخرى.
يتمركز مهربو الأطفال في مدينة حرض والملاحيط وقرية الخدور وتعتبر هذه المواقع بمثابة «مثلث مافيا» تهريب الاطفال اضافة الى قرية الشريفية والمداحشة والمبخرة وهي قرى تقع على الشريط الحدودي مباشرة لا يفصلها سوى كيلو مترات قليلة عن الاراضي السعودية وبعض القرى اليمنية الاخرى متداخلة مع القرى السعودية الامر الذي يشجع المهربين لتنفيذ عمليات التهريب.
في هذه القرى تنشط جهود عصابات تهريب واستغلال الأطفال وتعد هذه القرى من أكثر المناطق فقرا في المجالات الاقتصادية والخدمية ومن حيث التأهيل العلمي وانتشار الأمية في أوساط أبنائها وخصوصا المناطق الريفية وتتفاوت النسب من قرية لأخرى تبعا لمستوى المعيشة وارتفاع نسبة الامية والبطالة والفقر ووجود متعاونين مع تلك العصابات، اضافة الى مواقع اخرى هي : منفذ ميدى -الموسمّ- ويستخدم هذا المنفذ بجانب تهريب الاطفال في تهريب المواشي والديزل.
ومن منافذ وقرى التهريب ايضا منفذ الحارة - الخوجرة فهي قرية يستخدمها مهربو القات والمخدرات والألعاب النارية ومهربو الأطفال. وكذا قرية الزرق -المنجارة التي تعتبر من أكثر المنافذ التي يستخدمها المهربون لتهريب الأطفال بسبب سهولة الطريق وخلوه من أي معوقات. ويستخدم منفذ الحصامه -المشارحة بكثرة لتهريب القات والسلاح إلى الأراضي السعودية، ويستطيع المتسللون ومهربو الاطفال المرور بسهولة عبر منفذ الملاحيط -الخوبة أما منفذ المشنق -العارضة فيستخدم لتهريب الاطفال والسلاح.
مافيا التهريب
بداية جولتنا كانت من مدن رأس مثلث التهريب وأشهرها (مدينة حرض الحدودية)، وهي المدينة الاقرب للحدود السعودية حيث تبعد عنها بحوالى 6 كيلو مترات , تعتبر مدينة حرض المركز الرئيسي لمافيا التهريب وهي مركز لتجميع وتهريب الاطفال وتهريب كل شيء يخطر على البال هذه المدينة يعتاش أهلها وآخرون من التهريب بشكل أساسي؛ فكل شيء يمكن تهريبه ولكل سلعة مهربة وسيلة ومبلغ. إنها مدينة يعلو فيها سقف الحرية إلى حد انها لا تعترف باي معاهدات او اتفاقيات لحد أن بعض المهربين يقولون: «إن عملنا شريف»، وانهم وطنيون ويخدمون بلدهم ويوفرون للعاطلين عن العمل فرصا للرزق!
الآباء والأقارب
تؤكد المعلومات والإحصائيات الرسمية وغير الرسمية ان اغلب مهربي الأطفال هم آباؤهم وأقاربهم، وأشخاص آخرون امتهنوا عمليات التهريب نتيجة عدم وجود فرص عمل اخرى اضافة الى المكاسب المادية الهائلة التي يحصلون عليها من التهريب حيث يتفقون مع أولياء الامور على تهريب الأطفال لقاء مبالغ مالية تحدد باتفاق مكتوب وهم أطفال تتراوح أعمارهم بين (10-16) سنة.
ويقوم رجال و نساء بمهمة تهريب الاطفال على ظهور الحمير او سيرا على الاقدام مقابل تقاضيهم أجرا يصل إلى مائة ريال سعودي مقابل إيصال الطفل الواحد إلى قرية المصفق أو الخوجرة أو المجنة السعودية ويتم خلال العملية الواحدة إدخال عدد كبير من الأطفال. وهم يركزون على مدن ومحافظات المملكة نظرا لقربها من الحدود وسهولة الانتقال عبر المنافذ البرية وللتداخل والتشابه الكبير من النواحي «الديمغرافية» من حيث الأشكال والسحنات واللهجات والعادات والتقاليد ولوجود العديد من الصلات بين السكان من الناحية الاجتماعية والأسرية في كلا الدولتين.
بعد غروب الشمس
وفي هذه القرى وخاصة منفذ جمرك حرض ما ان يحل الغروب حتى تشهد عمليات التهريب ذروتها خاصة تهريب البشر وغيرهم من المهربات وتستمر حتى طلوع الشمس. ومع جود هذه التحركات الليلية النشطة تجد ان ثمة نشاطا تجاريا كبيرا يواكب حركة التهريب هذه فالمحلات التجارية مشرعة ابوابها لان هذه المحلات تعتمد اساساً على المُهربين والمرحلين الذين يمثلون أحد الأسباب الرئيسة لانتشار المحلات هناك من مطاعم ولوكندات ومحلات اتصالات وغيرها. يقول صاحب محل ملابس «ان العمل قائم على حركة الداخلين والخارجين وإذا منعت الدولة عملية التهريب ستقف العملية التجارية. وعلينا ان نرحل من هنا إلى مكان آخر فيه رزق»، ويتمنى أن لا تمنع الحكومة مصدر رزقه. بل هو يستبعد منع الحكومة للمهربين، لانها لا يمكن ان تقطع رزق شعبها!! - حسب قوله .
في بطون الأودية
ما ان تصل مشارف «حرض» حتى تلاحظ بجلاء عمليات تجميع أنشطة التهريب من أطفال وقات وغيره ولكل مجموعة من المهربين نشاط يختصون في تهريبه وما هي الا لحظات وتجد من يتوجه صوبك ويقول لك أي خدمات؟ هل تريد تهريب طفل او قات او أي مهربات أخرى فكل شيء في حرض مسموح بتهريبه فقررت أن استغل ذلك في رصد مراحل تهريب الاطفال الى الاراضي السعودية فطلبت من احد المهربين أن اقوم بمرافقته فلم يمانع وطلب مني مبلغ 200 ريال وقال لي انت مسؤول عن نفسك اذا ما حصل لك أي مكروه فقلت له موافق الرجل لم يكن يعلم اني صحفي فجهزت «كاميرا» لالتقاط بعض مراحل التهريب .
وبالفعل دقت ساعة الانطلاق وبدأت الشمس في الغروب، انطلقنا كانت المجموعة تضم قرابة 10 اطفال بالاضافة الى بعض المسنين الذين يتجاوز عددهم التسعة و3 من الشباب هم من المهربين العارفين بطرق التهريب سرت معهم قليلاً والتقطت بعض الصور لبعض المجموعات التي في طريقها إلى التسلل وصوراً للأودية التي يمرون منها فكانت أودية موحشة ذات أشجار كثيفة وكانت تحركاتهم الدقيقة تدل على خبرة مسبقة بمواقع رجال حرس الحدود فهم يقومون بالالتفاف حول بعض نقاط الحراسة بعد ان التقطت بعض الصور بشكل سري قلت لاحد المهربين الذين اتفقت معهم انني سوف اعود، فقال: لماذا هل انت خائف؟ فقلت له: نعم انا خائف وسوف اعود ادراجي.فقال لم يبق الا ساعة وندخل احدى القرى السعوية فقلت له لا انا سوف اعود فقال لي انت حر لكن لا استطيع ان ارجع لك المبلغ فقلت له لا اريد المبلغ وعدت ادراجي.
وفي طريق عودتي لم أجد وصفا شافيا لرحلة تهريب الأطفال بكل ما انطوت عليه من مخاطر وألم وضياع الا بوصفها (رحلة الموت) هكذا وصفتها ووصف أبطالها ان الناجي من هذه الرحلة مولود بسبب مخاطرها القاتلة والتي لا يكاد يتحمل مشاقها ومخاطرها سوى الرجال الاقوياء فما بال الاطفال الابرياء الذين يتم استغلالهم.
فخلال هذه الرحلة يتكبد الأطفال مشقة اجتياز عشرات الكيلوات عبر المرتفعات والأودية بعيداً عن أعين رجال الأمن على ظهور الحمير وان لم توجد فأرجلهم العارية تفي بالغرض، يحمل بعضهم القليل من الماء وكسرات الخبز ومنهم من ينجو ويصل بسلام إلى وجهته ومنهم من يقبض عليه وهو في منتصف الرحلة فيعاود الكرة مرة أخرى وآخرون يلقون حتفهم غرقاً في الأودية والسيول أو بسبب لدغة ثعبان سام أو بأنياب حيوان ضال أو على يد مغتصب متوحش لا يرحم طفولتهم!!
أطفال يفارقون الحياة
الكثير ممن التقيناهم هناك في حرض او في الملاحيط يؤكد ان الكثير من الأطفال يتعرضون للموت أثناء عمليات التهريب بسبب لدغات الثعابين وهجوم الحيوانات المفترسة والموت عطشاً في الطرقات الطويلة والصحراوية، إضافة إلى التعرض لاطلاق نار سواء من رجال حرس الحدود أو المهربين الذين يمتهنون تهريب السلاح ويمرون من نفس المواقع؟!
اعتداءات جنسية
وفقا لمصادر مطلعة فإن بعض الأطفال الذين تم تهريبهم قد تم استغلال بعضهم في أعمال غير أخلاقية، حيث يتعرضون للاغتصاب من قبل افراد عصابات التهريب الذين يقومون بنقلهم عبر الحدود مستغلين انفرادهم بالاطفال في اماكن موحشة واودية سحيقة ومن ثم الاعتداء عليهم جنسيا.
وامام حاجة هؤلاء الاطفال المنحدرين من أسر كبيرة العدد ومعدمة فانهم يستسلمون لهذا الاعتداء من اجل الوصول الى اراضي المملكة وجمع المال حيث تبلغ قيمة الريال السعودي حوالى 50 ريالا يمنيا بالإضافة إلى امتهان بعض الأعمال الهامشية كرعي الأغنام والزراعة في المناطق الريفية وبيع المياه و«المساويك» عند الإشارات المرورية وفي الأسواق إضافة إلى غسل السيارات والتسول، فيما يمتهن بعضهم السرقة وهذه الاعمال توفرها لهم عصابات يمنية في داخل الاراضي السعودية.
التهريب عبر البحر
لم يقتصر التهريب في حرض على المنافذ البرية المجاورة للسعودية فالبحر أحد المنافذ، لكنه بنشاطه يبدو مقتصراً على السلع؛ إذ تقول مصادر عديدة مطلعة وفيها من شارك وطلب عدم الكشف عن هويته، إن المهربين يستخدمون سواحل «ميدي» لتهريب القات والمخدرات والسلاح عبر سنابك (قوارب) تم تزويدها بمحركات اضافية حتى لا تتمكن سنابك الامن السعودية من الوصول إليهم. ويضيف احد المصادر أن المهربين يقومون بحشو شوالات الدقيق الفارغة بالقات بطريقة معينة بحيث يصبح شكل الشوال مستديراً تماماً، وأن المخدرات يتم حشوها في بعض الأحيان داخل شوالات القات. ويضيف المصدر وهو من الذين عمل معهم أثناء ظروفه الصعبة إن التهريب عبر البحر أكثر من التهريب براً. وعلى الرغم ان الحكومة اليمنية بذلت جهودا للتعامل مع قضايا الاتجار بالبشر خلال السنوات الماضية الا انه لا توجد نصوص قانونية صريحة تجرم التهريب وتحدد عقوبات صارمة بحق المهربين ونتيجة لذلك فان عمليات التهريب والاتجار بالاطفال ما زالت مستمرة.

المصدر عكاظ الإثنين 20/04/1428هـ ) 07/ مايو/2007