المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جوهرك يا محار لا شاكلتك



ابوفراس العربي
14 -01- 2008, 06:48 PM
قالت العرب " من راقب الناس مات هما "

من التقاليد في الجامعات الأجنبية

أن خريجيها يعودون إليها بين الحين والآخر

في لقاءات تجمعهم فيتعرفون على أحوال بعضهم البعض

من نجح وظيفيا ومن تزوج ومن أنجب.... الخ

وفي إحدى تلك الجامعات

التقى بعض خريجيها في منزل أستاذهم العجوز

بعد سنوات طويلة من مغادرة مقاعد الدراسة

وبعد أن حققوا نجاحات كبيرة في حياتهم العملية

ونالوا أرفع المناصب وحققوا الاستقرار المادي والاجتماعي

وبعد عبارات التحية والمجاملة

طفق كل منهم يتأفف من ضغوط العمل

والحياة التي تسبب لهم الكثير من التوتر







بعد ذلك بفترة غاب الأستاذ عنهم قليلا

ثم عاد وهو يحمل أبريقا كبيرا من القهوة، ومعه أكواب من كل شكل ولون



أكواب صينية فاخرة

أكواب خشبية بالية

أكواب زجاج عادي

أكواب بلاستيك

وأكواب كريستال

فبعض الأكواب كانت في منتهى الجمال

تصميماً ولوناً وبالتالي كانت باهظة الثمن

بينما كانت هناك أكواب من النوع الذي تجده في أفقر البيوت

قال الأستاذ لطلابه:

تفضلوا ، و ليصب كل واحد منكم لنفسه القهوة

وعندما بات كل واحد من الخريجين ممسكا بأحد الأكواب تكلم الأستاذ مجددا:

هل لاحظتم أن الأكواب الجميلة فقط هي التي وقع عليها اختياركم

وأنكم تجنبتم الأكواب العادية ؟؟؟

ومن الطبيعي أن يتطلع الواحد منكم إلى ما هو أفضل

وهذا بالضبط ما يسبب لكم القلق والتوتر.

يا أولادي ما كنتم بحاجة إليه فعلا هو القهوة وليس الكوب

ولكنكم تهافتم على الأكواب الجميلة الثمينة

و بعد ذلك لاحظت أن كل واحد منكم كان

مراقباً للأكواب التي في أيدي الآخرين


فلو كانت الحياة هي القهوة

فإن الوظيفة والمال والمكانة الاجتماعية هي الأكواب

وهي بالتالي مجرد أدوات ومواعين تحوي الحياة

أما نوعية الحياة (القهوة) تبقى نفسها لا تتغير

فعندما نركز فقط على الكوب فإننا نضيع بحق فرصة الاستمتاع بالقهوة

وبالتالي أنصحكم يا أولادي بعدم الاهتمام بالأكواب والفناجين

وأنصحكم بدل ذلك بالاستمتاع بالقهوة



________________________

في الحقيقة هذه آفة يعاني منها الكثيرون

فهناك نوع من الناس لا يحمد الله على ما هو فيه

مهما بلغ من نجاح

لأنه يراقب دائما ما عند الآخرين
قبل " من راقب الناس مات هما "

فنح نرى البعض يتزوج بامرأة جميلة وذات خلق

ولكنه يظل معتقدا أن غيره تزوج بنساء أفضل من زوجته

كما نراه يجلس مع مجموعة في المطعم ويطلب لنفسه نوعا

معينا من الطعام

وبدلا من الاستمتاع بما طلبه فإنه يظل مراقباً لأطباق

الآخرين ويقول :يا ليتني طلبت مثل ما طلبوه
_____________________
أبو فراس العربي