المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غلاء المهور ينذر بالخطر في غيبة التوعية الاجتماعية والإعلامي



سالم فلوس
10 -02- 2008, 01:17 PM
1.5 مليون عانس يكسرن حصار العادات بـ «نصف زوج»


البعض يطلق عليها «عانس» والبعض الآخر يطلق تعبيرا اقل قسوة «تأخرت في الزواج» وفئة تحاول تجميل صورتها فتصفها بالمضربة عن الزواج ومهما اختلفت المسميات تظل العنوسة حقيقة مرعبة وشبحا يطارد كل فتاة تقدم بها السن فضلا عن تداعياتها التي تهدد كيان وقيم المجتمع.. فما أسبابها وكيف يمكن التقليل من معدلاتها المخيفة التي تجاوزت أكثر من مليون ونصف المليون عانس في المجتمع حسب الإحصائية الرسمية التي صدرت من وزارة الشؤون الاجتماعية قبل أشهر عدة. قصص حزينة تلك التي ترويها بعض الفتيات عما أوصلهن إلى سن متأخرة (غالبا ما بعد الثلاثين) بدون زواج تنوعت أسبابها بين الجشع المالي لأحد افراد الاسرة او تقديم التعليم العالي على الزواج او (قلة البخت).
سلمى المحمدي موظفة بالقطاع الخاص منذ عدة سنوات تقول: بلغت الثلاثين منذ عدة سنوات وبالفعل دخلت مرحلة الخطر ولكنني مؤمنة بأن كل ما يحدث هو قضاء وقدر.
وتضيف ...صحيح ان والدتي اتعبتني بكلماتها الجارحة (دون قصد منها) وهي تتمنى ان يأتي عريس «لقطة» لكي ينقذني من العنوسة التي ترى بأنها مقبرة السيدات ومن جانبي فقد رفضت عدة عرسان في بداية حياتي ولكن الآن لو تقدم إلي رجل كبير في السن لانضم لقائمة زوجاته فلن اتردد للحظة في الموافقة!!!.
القصة المخيفة
سوسن المالكي معلمة بلغت الخامسة والثلاثين من عمرها دون ان تتزوج تقول: في اليوم احترق اكثر من عشرين مرة واتمنى ان يأتي العريس الذي استطيع الانجاب منه ابناء يدخلونني في الحياة السعيدة.
وتضيف قائلة ...هنالك قصة معروفة تصيبني بالرعب كلما سمعت والدتي تحكيها عن احدى الفتيات تسبب والدها في عنوستها ورفض كل من تقدم اليها ليستحوذ على راتبها بالكامل وفي احدى الليالي اشتد بها المرض وكانت الفتاة مسجاة على فراش الموت والدموع تترقرق من عينيها الفاترتين .. وأعين والديها تتشبث بفلذة كبدهما التي قد تلفظ انفاسها الاخيرة بين لحظة واخرى لكن لا أحد يجرؤ على تغيير شيء أمام الموت وفجأة تحركت شفتاها و ازدادت فسحة الأمل وصوت الفتاة يخرج ضعيفا كطائر جريح وذلك عندما أومأت الى والدها فاقترب ودنا منها كمن يريد تحقيق رغبتها الاخيرة في الحياة وهو ذات الأب الذي ظل جاثما على حقوقها طوال حياتها فكأنه في تلك اللحظات قد أحسّ بتأنيب الضمير لأول مرة في حياته فمال اليها في فراشها يستمع الى ما تريد البوح به ليحقق لها ما تريد لكنها طلبت منه ان يقول: «آمين» فقالها..
ثم اعادت الطلب عليه مرة أخرى فأجاب «آمين» وكررت ذلك للمرة الثالثة «آمين» وفي تلك اللحظة انطلقت الكلمات قوية من بين شفتيها والدموع لا تستقر بعينيها وهي تدعو عليه «حرمك الله الجنة كما حرمتني الزواج» ثم اسلمت الروح قبل ان تجفّ دموعها.؟!
وتضيف سوسن قائلة: اصدقك القول فانا منذ خمسة اعوام تقريبا دائما ما اتغيب عن المدرسة في اليوم المحدد (للأمهات) حيث اشاهد المناظر التي اتمنى ان تتحقق وتجدني في المنزل دائما ما ابكي ذلك اليوم بالكامل على حظي العاثر الذي لم يأت لي بالنصيب اسوة بصديقاتي وقريباتي.
نصف زوج يكفي
والحكايات التي ترويها الفتيات من خلال هذه القضية اكثر من ان تحصى وكلها تشير مضامينها الى بعض اسباب العنوسة ومنها قصة الطبيبة (س.ع) والتي تقول في ألم وحسرة: كنت في الخامسة عشرة من عمري وكان الخطّاب يحومون حولي من كل ناحية الا انه كلما تقدم احدهم كنت ارفضه بحجة اكمال تعليمي.
وعندما دخلت الجامعة كنت ارفض الزواج بحجة ارتداء المعطف الابيض ثم ارتديته حتى وصلت الثلاثين فاصبح الذين يتقدمون إليه من فئة المتزوجين فكنت ارفضهم الواحد تلو الآخر وانا اقول في نفسي أبعد كل هذا التعب والسهر اتزوج انسانا متزوجا.. كيف يكون ذلك وانا صاحبة الجاه والمال والشهادة العليا..
وعندما وصلت الى سنة الخامسة والاربعين اصبح لسان حالي يقول: «نصف زوج يكفيني»!!
فأل شؤم
اما عواطف التي تجاوز عمرها الثلاثين بعدة اشهر فتقول: اكذب عليك ان قلت انني لست بحالة يرثى لها بسبب العنوسة ولكن لازلت متمسكة ببصيص الامل الذي من الممكن ان يتحقق بالزواج ولو من كبير في السن.
وعن سبب عنوستها تقول....منذ ان فتحت عيني على الدنيا وانا مرتبطة باحد ابناء عمومتي وفق القوانين القبلية وتعلقت به غصبا عن نفسي فقد اصبح نصيبي الذي لا مفر منه وانتظرته حتى انهى دراسته الجامعية ولكنه توفي في حادث سيارة قبل الزواج بأشهر...
للاسف كان عمري وقتها شارف على الخامسة والعشرين واعتبرني العديد من اقاربي (فال شؤم) حتى من يرغب في التعدد اصبح يبحث عن زوجة ثانية بعيدا عن منزلنا!.
توعية الأسرة
وإزاء معاناة الكثير من العانسات في الحصول على ازواج.. كيف يمكن لنا ان نقلل من نسبة العنوسة في المجتمع؟!
الدكتور منصور الشمراني مدير التدريب والارشاد الطلابي بوزارة التربية والتعليم والمتخصص في علم الاجتماع يرى ان حل المشكلة بيد المجتمع كمؤسسة مترابطة الاجزاء يقول:
بشكل عام يمكن ان نقول ان الحل يكمن في وجوب تعاطف الاسر وتكافلها بما يكفل رفع شيء من الحصار المضروب حول البنات في سن الزواج خاصة من النواحي الاقتصادية لذا فان اجهزة الاعلام ووسائله يجب ان تشارك بشكل فاعل في توعية الاسرة لاجل سعادة ابنائنا وبناتنا.
ويضيف: ان مفاتيح الحل لهذه القضية بايدي الآباء فلابد لهم من تفهم اكبر للاوضاع الاقتصادية والاجتماعية وعدم المغالاة في المهور والطلبات والشروط المادية.
لكنه اشار الى الاوضاع الاجتماعية ووجوب تدبر الامر للالتفاف حول الكثير من العادات والتقاليد والتعامل معها بمرونة اكبر وعدم اعتبارها واجبات لا يمكن تجاوزها لمن لا يقدرون وما اكثرهم ثم يشير الى الأسس الصحيحة في عملية الزواج.
مضيفا: ان القدرة على تحمل مسؤوليات زوجة وبيت وابناء لا تكتسب بالمال ولكن الشاب المتدين والخلوق هو الاقدر على تعاطي الحياة الزوجية وتأمين اسباب العيش الكريم لاهل بيته لانه ينطلق من مبادئ وقيم لا من مجرد ارقام.
كما يشير الى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يتضمن الحض على تزويج الشباب ثم يلامس الدكتور بعض الاعمال الاجتماعية بإشارته الى ضرورة رفع درجات الوعي الاجتماعي لدى الاسر من آباء وامهات وأقارب للحد من التدخلات غير الموفقة والمفروضة في الكثير من الاحيان باختيار الزوجات للابناء دون مشاركة الابناء انفسهم.

منقول من عكاظ