المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فرضيات عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً



ديوانك وطني
18 -02- 2008, 04:45 AM
http://pics.foqaat.com/2008/01/1121.jpg

. عبدالله المسند

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. أما بعد

فسكان جزيرة العرب قديماَ وحديثاً من أعظم الناس حباً للربيع والمطر والقطر .. وما ذاك إلا أن جزيرتهم تعد من أكبر المسطحات الأرضية في العالم التي تخلو من نهر أو بحر أو زهر دائم .. عدا أمطار قليلة ومتفرقة وغير منتظمة تهطل عادة ما بين شهري أكتوبر ومايو بمتوسط يصل إلى حوالي 100 ملم سنوياً فقط .. لذا نجد أن سكان الجزيرة العربية شغوفين في تتبع السحب واتجاهه والمطر وأخباره والكلا ومكانه .. والأدبيات العربية المنظومة والمنثورة مفعمة في ذكر السحاب وأنواعه والمطر وأصنافه والسيل وأوصافه .. وفي العصر الحديث جاءت وسائل الاتصالات الحديثة ومنها : شبكة الإنترنت لتعج بالمواقع والمنتديات الإلكترونية التي ترصد وتنقل أخبار الطقس وتقلباته والأجواء وتبدلاته لرواد كُثر استرعى عددهم ومشاركاتهم الانتباه.

http://pics.foqaat.com/2008/01/1122.jpg

وفي مجالس العرب ومنتدياتهم يأتي السؤال عن المطر والقطر وعن الحر والقر بعد السؤال عن الأحوال الشخصية مباشرة خاصة في فصل الشتاء والربيع .. وهيام سكان الجزيرة بالمطر والسيل والربيع انعكس جلياً في توجه أعداد كبيرة من السكان .. بل وتتزايد عاماً بعد عامٍ لممارسة السياحة البرية المتكررة عبر رحلة اليوم الواحد أو التخييم لأيام عدة في المنتزهات البرية الصحراوية .. بل أصبحت السياحة البرية في الوقت الحاضر تجارة رائجة رابحة يجني ثمارها جهات عدة.



وفي هذه الأجواء وتفاؤل في أجواء رطبة ومطيرة تناول بعض الناس في السنوات الأخيرة حديث عودة الجزيرة مروجاً وأنهاراً بالتفسير والتحليل .. وبعضهم ربط بعض التغيرات المشاهدة على مستوى المناخ المحلي أو الإقليمي أو حتى العالمي بهذا الحديث الشريف .. ولهذا تأتي هذه المشاركة المكتوبة والمتواضعة مساهمة لإضاءة أظن أنها اجتهاد جديد في هذا السياق ليشرح هذا الحديث المعجز الذي كشف حُجُب الماضي كما كشف المستقبل في حديث واحد.

وسأتناول باقتضاب الحديث ثم شرحه عبر نافذتين زمنيتين ؛ النافذة الأولى : عرض واقع مناخ الجزيرة العربية قبل عشرات الآلاف من السنيين .. مستأنساً بما ورد في الحديث الشريف .. النافذة الثانية : الكشف عن فرضيات متوقعة وسيناريوهات مرجحة لعودة الجزيرة العربية مروجاً وأنهاراً .. والتي أتوقع أن عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً .. أو نبوء نبينا محمد (( قد )) تكون عبر بوابة إحدى هذه الفرضيات المطروحة والله وحده أعلم.

http://pics.foqaat.com/2008/01/1123.jpg

أشراط الساعة الصغرى

أشراط الساعة الصغرى تناهز السبعين شرطاً ؛ منها ما وقع في الماضي ومنها ما يقع الآن ومنها ماسيقع في المستقبل ومنها ما سيقع بين أشراط الساعة الكبرى ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .. ومن الأشراط الصغرى ما أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله : " لا تقوم الساعة .. حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً " .. ويمكن أن نصنف هذه العلامة بأنها علامة كونية مناخية .. وعند تأمل متن الحديث الصحيح نجد أن كلمة واحدة فقط ( تعود ) متكونة من أربعة حروف يكمن فيها الإعجاز والنبوءة العظيمة { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } .. حيث جاءت النبوءة مركبة ومزدوجة، فهي كاشفة لحجب الماضي البعيد والمقدر بعشرات الآلاف من السنين وفي الوقت نفسه كشفت المستقبل الغيبي .. سنتناول في هذا البحث بإذن الله تعالى شرح الحديث وفق منهج علمي متوخياً ما استطعت الدقة في التقدير والسلامة في التعبير والأصالة في التصوير.

ديوانك وطني
18 -02- 2008, 04:58 AM
http://www.al-aqidah.com/userfiles/Image/a-8-1.jpg

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد :
في الحلقة الأولى تطرقنا إلى أن شرح الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله : [ لا تقوم الساعة .. حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً ] .. سيكون من خلال نافذتين النافذة الأولى
: ( الماضي ) ملخص التاريخ المناخي لأرض العرب .. والنافذة الثانية : ( المستقبل )

فرضيات تغير المناخ في أرض العرب.

ملخص التاريخ المناخي لأرض العرب

قدر الله سبحانه وتعالى أن يكون الموقع الفلكي والجغرافي لأرض العرب في نطاق ما يُسمى بشبه المداري الجاف الصحراوي .. والذي يتصف بارتفاع درجة الحرارة معظم السنة وقلة الرطوبة الجوية وجفاف الرياح السائدة وبالتالي قلة الأمطار الهاطلة .. كل هذا رسم بإذن الله تعالى بيئة صحراوية قاحلة ومتطرفة في أرض العرب.

http://www.al-aqidah.com/userfiles/Image/a-8-2.jpg
توضح الصورة الفضائية وقوع الجزيرة العربية في النطاق الصحراوي

المناخ الجاف المسيطر على أرض العرب ليس وليد العصر الحديث بل هو قديم ومن خلال استقراء أدبيات العرب وتاريخهم القديم قبل 1400 سنة نجد أن الظروف المناخية السائدة آنذاك لا تختلف كثيراً عن الحاضر فلقد قرأنا كثيراً عن تلكم المصطلحات : قحط - جوع - جفاف - استسقاء - بئر - مورد ماء - عام الرمادة - فقر - حر شديد - الخ .. والتي تعكس بوضوح الظروف المناخية آنذاك .. بالمقابل لم ترد في تاريخ العرب هذه المصطلحات : بحيرة - نهر - شلال - ثلج - جليد - غابة - الخ .. هذا من جهة ومن جهة أخرى ومن خلال الاستقراء العلمي التاريخي الطبيعي للجزيرة العربية يوحي كذلك أن الظروف المناخية قبل 1400 سنة لم تكن تختلف كثيراً عن اليوم.
وعندما نتوغل أكثر في تاريخ الجزيرة العربية المناخي لا نجد أيضاً إشارة إلى أن الأمم السابقة من العرب العاربة والمستعربة أو حتى العرب البائدة يتقلبون في أجواء رطبة غنية بأمطارها وأنهارها وأشجارها وأزهارها بخلاف الحال في قارة أوروبا اليوم .. والاستقراء التاريخي أيضاً يشير إلى أنه قبل 2500 سنة تقريباً لم تكن الظروف المناخية في أرض العرب مروجاً وأنهاراً بل صحراءً وجفافاً وآباراً متواضعة يزدحمون عليها قال تعالى [ وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ].

وعندما نتوغل أكثر في القدم نجد الظروف المناخية السائدة ( على الأقل في غرب الجزيرة العربية ) كما وصفها إبراهيم عليه السلام [ رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ ] .. وقبل نبي الله إبراهيم صالح عليهما السلام إذ قال [ قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ ] .. وفي الأحقاف جنوب الجزيرة العربية قوم عاد كانوا يتطلعون إلى المطر والغيث قال تعالى [ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَ ] .. وقال عز وجل [ وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ ] .. والأَحْقافُ رمال بظاهر بلاد اليمن كانت عاد تنزل بها والحِقْفُ أَصْلُ الرَّمْلِ" ( لسان العرب ) .. وهذا يعكس واقع الظروف المناخية الجافة والصحراوية في أرض العرب قبل حوالي 4500 سنة والله أعلم.


ولم يذكر التاريخ القديم ( حسب علمي المتواضع ) أن سكان الجزيرة العربية من العرب البائدة ومن قبلهم أنهم كانوا ينعمون بالمروج والأنهار والسؤال هنا .. أي فترة تاريخية كان المصطفى يقصد ويشير في معرض الحديث السابق ؟ .. أحسِب أن الظروف المناخية الجافة والقاحلة والحارة للجزيرة العربية كانت هي السائدة ( والله أعلم ) منذ نزول آدم عليه السلام .. والفترة الزمنية التي كانت حافلة بالرطوبة والأمطار والأنهار في أرض العرب قديمة جداً قبل أن يستخلف الله الإنسان على الأرض والله أعلم.

لذا تكمن عظمة النبوءة في الحديث السابق والتي نحن بصددها ( تعود ) أن النبي الأمي محمد كشف للصحابة وللعالم من بعدهم سراً من أسرار تاريخ الأرض الطبيعي والمناخي قبل أن يأتي الإنسان ويستعمر الأرض .. فالنبي عليه الصلاة والسلام لم ينقل لنا خبر المروج والأنهار من كتب سماوية سابقة .. ولا حتى من أساطير الأولين الغابرة .. ولكنه وحي من خالق الأرض والسماء السابعة [ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ].

والمسلم يُصدق نبوءة نبيه عليه الصلاة والسلام الواردة بالنقل الصحيح سواءً شهد لها الحس والعقل أم لا .. وفي الوقت نفسه المسلم مأمور بالتفكر في خلق الله قال تعالى [ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ] .. السير والتفكر بكل وسائله عبر الميدان الجغرافي بعمق تاريخي والنظر من خلال العين والعينة والصورة والخريطة والمقياس والميزان والمعمل والحاسب والتحليل والتصنيف .. كل هذا للجواب عن السؤال الكبير ( كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ؟ ) .. والعلم الحديث كشف لنا في آخر القرن الماضي ما يُصدق حديث الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام عن الظروف المناخية السائدة في جزيرة العرب وغيرها قبل آلاف السنيين فماذا قال ؟.

العصور الجليدية Ice Ages

قال تعالى [ قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ] .. وقال سبحانه وتعالى [ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ] وقال عز وجل [ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ] .. وعلماء الجغرافيا والجيولوجيا والجيومورفلوجيا ساروا ونظروا وتفكروا ودرسوا وحللوا وقدروا عمر كوكب الأرض بحوالي 4.6 بليون سنة والله أعلم .. وقسّم علماء الجيولوجيا هذه السنوات الطويلة إلى عصور متمايزة .. يهمنا منها العصر الحديث ( الرابع ) وهو الأخير والذي يقدر العلماء أنه بدأ منذ 1.6 مليون سنة حتى الوقت الحاضر .. في هذا العصر اكتشف العالم السويسري لويس أجاسيز ما يُسمى بالعصور الجليدية Ice Ages التي بدأت منذ 1.6 مليون سنة وأنتهى آخرها قبل 10000 سنة تقريباً والله أعلم.

وتعريف العصور الجليدية : أنها حالة جوية دورية تتصف بالبرد القارص .. هذه الحالة تسود في شمال الكرة الأرضية وجنوبها مما يؤدي إلى تجمدها وانتشار الغطاءات الجليدية وزحفها إلى أماكن شاسعة وجديدة تفوق مساحتها الحالية بثلاثة أضعاف ( مساحة الجليد الحالي 10% من مساحة اليابس .. بينما في العصر الجليدي 30% ) .. في النصف الكرة الشمالي مثلاً تتسع الغطاءات أو القلانس الجليدية لتزحف باتجاه الجنوب لتغطي شمال أوروبا وروسيا وأمريكا الشمالية لتصبح أراضٍ متجمدة .. وبالمقابل تصبح المناطق الجنوبية منها مناطق معتدلة ورطبة وهي العروض شبه المدارية والصحراوية مثل الجزيرة العربية وشمال أفريقيا
.
http://www.al-aqidah.com/userfiles/Image/a-8-3.jpg

اللون الأبيض يمثل الغطاءات الجليدية فترة العصر الجليدي
والذي يكسو كل من كندا وشمال الولايات المتحدة وبريطانيا وشمال أوروبا وروسيا

هذه العصور الجليدية المتكررة وفق سنن إلاهية عندما تحدث بإذن الله تعالى تكون أرض العرب مروجاً وأنهاراً .. وعندما تنحسر تكون أرض العرب صحراءً وأحقافاً .. وأثبت العلماء أننا نعيش اليوم في عصر دفيء يقع بين عصرين جليديين بمعنى أن الأرض مقبلة على عصر جليدي جديد امتداداً للعصور الماضية .. فإن سألت عن وقتها ؟ .. فهذا [ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيل ] .. وآخر عصر مطير في أرض العرب حدث قبل 10000 سنة تقريباً (( وقد )) يكون هو المعني بالحديث الشريف! .. فمن علم النبي الأمي محمداً بغيب طوله 10000 سنة ؟ .. علمه الذي [ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ].

ما سلف كان شرحاً للحديث عبر النافذة الزمنية التاريخية .. أما عن المستقبل وكيف ومتى ستعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً ؟ .. هذا ما سنقرأه في الحلقات التالية إن شاء الله تعالى في موضوع فرضيات عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً.

ديوانك وطني
18 -02- 2008, 05:10 AM
http://pics.foqaat.com/2008/02/341.jpg

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

إن إعمال عبادة التدبر والنظر والتفكر أمر مأمورٌ به شرعاً قال تعالى [ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِير ] .. وقال عز وجل [ قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ] .. وقال سبحانه وتعالى [ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ] .. وقال تبارك وتعالى [ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ] .. وقال عز وجل [ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ] .. والآيات في هذا الشأن والسياق كثيرة عديدة .. لذا دعونا نمارس هذه العبادة في معرض شرح الحديث الصحيح " لا تقوم الساعة .. حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً ".

قررت في الحلقة الأولى ( المقدمة ) أن شرح الحديث سيكون من خلال نافذتين زمنيتين .. تحدثت عن النافذة الزمنية الأولى في الحلقة الثانية والمتعلقة بالتاريخ الطبيعي لأرض العرب قبل آلاف السنيين .. وفي هذه الحلقة ( الثالثة ) وما بعدها نواصل التأمل في الحديث عبر نافذة زمنية شائكة وصعبة ألا وهي المستقبل .. وهي محاولة للتصدي لسؤال صعب وكبير ومتشعب .. كيف ومتى ستعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً كما كانت قبل آلاف السنين ؟

بعد تأمل الحديث السابق لسنوات طويلة ومحاولة فك أسراره المختزلة في قوله ( تعود ) استعنت بالله الفتاح المعين في محاولة اجتهادية في تلمس فرضيات أو سيناريوهات ( العودة ) المتوقعة والمرجحة .. حتى تراكمت عندي صور العودة من خلال تأمل طويل دام عقدين من الزمن .. قادتني إلى ترشيح بضع فرضيات.

وقبل أن نتناول الفرضيات ألتمس من القارئ الكريم العذر في القصور في التصوير أو التعبير في موضوعٍ مصادره التأمل ومراجعه الاستقراء ومضانه التفكر والتدبر [ وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيل ] .. كما أن هذه محاولة اجتهادية لتفسير الحديث الشريف أسأل الكريم المنان أن يهب لي أجر الصواب كما الاجتهاد إنه جواد كريم.



الفرضية الأولى : انفجار براكين عظيمة

قال المصطفى في الحديث الصحيح " لا تقوم الساعة .. حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً " .. وقد تكون عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً نتيجة ( والله وحده أعلم ) لحدث كوني عظيم يتسبب في تغيير مجريات الأحوال الجوية العامة لكوكب الأرض .. وقد يكون ذلك بسبب انفجار البراكين الخامدة والضخمة في جزيرة العرب أو براكين جاوة أو الفلبين أو الآسكا أو غيرها من البراكين الأرضية الضخمة .. وهذه الفرضية الأولى التي قد تكون السبب في عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً .. والسؤال : كيف سيكون هذا وأين ومتى ؟ .. هذا ما سنتناوله في هذه الحلقة وما بعدها بإذن الله تعالى.



براكين الجزيرة

http://pics.foqaat.com/2008/02/342.jpg
صورة جوية تضم ثمان فوهات بركانية خامدة في حرة كشب جنوب مهد الذهب في السعودية


تجثم فوق جزيرة العرب وبالتحديد فوق الدرع العربي مئات البراكين العظيمة الخامدة منذ مئات بل وآلاف السنين حيث يقدر العلماء وقت نشوئها إبان انفصال أرض العرب عن قارة أفريقيا ونشوء البحر الأحمر قبل ما يقارب 25 مليون سنة والله أعلم .. ويبلغ عدد البراكين فقط في منطقة المدينة المنورة حوالي 400 بركان .. وعلى مستوى الحرات الواقعة في السعودية تبلغ حوالي 2000 بركان جاثمة فوق الدرع العربي .. وتقدر مساحة الحرات والمسكوبات البركانية في الجزيرة العربية بـ 180000كم2 أي مايعادل مساحة سوريا.

http://pics.foqaat.com/2008/02/343.jpg
أكبر وأعظم فوهة بركان في الجزيرة العربية فوهة الوعبه Alwahbah 2 ( مقلع طمية ) والذي يصل قطره حوالي 2كم وعمقه أكثر من 200م ويقع في حرة كشب إلى شمال شرق الطائف .. ومن شدة وقوة انفجاره الأخير فجر ودمر الفوهة والجبل من حوله وبقي منها جزء يسير يُشاهد في أسفل يسار الصورة ولله في خلقه شؤون

ويشار إلى أن آخر انفجار بركاني عظيم في الجزيرة العربية وقع إلى جنوب شرق المدينة المنورة شمال حرة رهط عام 654 هـ 1256م .. حيث استمر الحدث لعدة أيام .. وسارت اللابة ( الحمم البركانية ) Lava لمسافة 23كم! في اتجاهات جغرافية مختلفة معظمها شمالي .. وتوقف أطول لسان للحمم قبل المدينة المنورة بـ 8.2كم فقط إلى الشرق من المدينة ( أنظر إلى الصورة الفضائية آخر المقال ) .. ولقد سبق الإنفجار وتزامن معه هزات أرضية قوية مخيفة ارتجت بسببها الأسوار وقرقعت لها الأسقف وسُمع لها أصوات كأصوات الرعود القاصفات في مشهد ألقى بروعه على قاطني المدينة قاطبة .. وذكر المؤرخون أن هذا الانفجار البركاني هو المقصود بالحديث الشريف ( لا تقوم الساعة .. حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى ) البخاري ومسلم.

http://pics.foqaat.com/2008/02/344.jpg
يمثل الخط المستقيم المسافة البينية ( 985 كم ) بين نار الحجاز
عام 654هـ ومدينة بصرى جنوب دمشق

ومما ذكره ابن كثير رحمه الله في هذا السياق : "وبقيت تلك النار على حالها تلتهب التهاباً .. وهي كالجبل العظيم ارتفاعاً وكالمدينة عرضاً .. يخرج منها حصى يصعد في السماء ويهوي فيها .. ويخرج منها كالجبل العظيم نار ترمي كالرعد وبقيت كذلك أياماً .. ثم سكنت ووقفت أياماً .. ثم عادت ترمي بحجارة خلفها وأمامها حتى بنت لها جبلين .. ولها كل يوم صوت عظيم في آخر الليل إلى ضحوة .. ولها عجائب ما أقدر أن أشرحها لك على الكمال وإنما هذا طرف يكفي .. والشمس والقمر كأنهما منكسفان إلى الآن " . أ.هـ


http://pics.foqaat.com/2008/02/345.jpg
صورة اللابة المنصهرة وهي تخرج من فوهة البركان


وذكر الكاتب القدير الأستاذ فهد عامر الأحمدي في زاويته العلمية حول العالم 3 بجريدة الرياض حيث قال : فرغم ترجيح المؤرخين بأن ثوران عام 654 هو المعني في هذا الحديث .. إلا أنني لاأميل لهذا الرأي لأسباب كثيرة .. فمنطقة الدرع العربي مثلا لم تستقر حتى الآن من الناحية الجيولوجية ( بسبب الانفراج المستمر لحوض البحر الأحمر ) كما أن الحمم البركانية استمرت بالخروج قبل وبعد تلك الحادثة وبالتالي لا يوجد مايميز حادثة 654 هـ أو يضمن عدم تكرارها مستقبلا ( خصوصا بعد مرور 773 عاماً على وقوعه - أ.هـ

وفي تقديري المتواضع وبناءًً على المعاينة الميدانية لمسرح الحدث البركاني الكبير وتتبع الصور الفضائية وتأمل المساحة الجغرافية المتأثرة باللابة والحمم والمسكوبات البركانية .. وبناءً على ما وصف ونقل المؤرخون الأفاضل ( مع أخذ مبالغة بعض المؤرخين بعين الاعتبار ) أقول : أن حادثة 654 هـ ليست هي الأولى وقد لا تكون الأخيرة والله أعلم .. لذا فاحتمال أن تكون النار المذكورة قد أضاءت لها أعناق الإبل ببصرى وما دون بصرى من هولها وشدتها أمر وارد لتكون إحدى علامات الساعة الصغرى .. والسؤال المحير في هذا السياق لماذا خص المصطفى مدينة بصرى على وجه الخصوص دون مدن حولها أشهر وأكبر منها كدمشق أو القدس أو تبوك !!؟؟ .. وأحسَب أن في تخصيص واختيار ( بصرى ) إعجاز نبوي قد يتبن في قابل الأيام.

http://pics.foqaat.com/2008/02/346.jpg
تظهر على الصورة الفضائية موقع المدينة المنورة و يتضح آثار الانفجار البركاني لعام 654هـ باللون الأسود الغامق


مجرد سؤال

من المعلوم أن انفجار البراكين عادة يسبقه حدوث زلازل متكررة في محيطها وبالقرب منها .. والسؤال المطروح هنا هل يسبق عودة الجزيرة مروجاً وأنهاراً وقوع علامة أخرى للساعة ؟ .. وهي كثرة الزلازل ؟ .. تليها انفجارات بركانية هائلة تغير المناخ ؟ .. وتقود بالتالي إلى تغير أرض العرب من صحراء قاحلة إلى مروجاً ساحرة ؟ .. قال النبي ( لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل القتل .. حتى يكثر فيكم المال فيفيض ) أخرجه البخاري

أبوإسماعيل
18 -02- 2008, 06:38 AM
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله : [ لا تقوم الساعة .. حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً ]

أغلبنا سمع وقرأ هذا الحديث وتأمله وتفكر فيه

وخاصة مع التغيرات المناخية الكبيرة التي بدأت منذ سنوات

وهي مصداق لقول الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام .




هذه العصور الجليدية المتكررة وفق سنن إلاهية عندما تحدث بإذن الله تعالى تكون أرض العرب مروجاً وأنهاراً .. وعندما تنحسر تكون أرض العرب صحراءً وأحقافاً .. وأثبت العلماء أننا نعيش اليوم في عصر دفيء يقع بين عصرين جليديين بمعنى أن الأرض مقبلة على عصر جليدي جديد امتداداً للعصور الماضية .. فإن سألت عن وقتها ؟ .. فهذا [ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيل ] .. وآخر عصر مطير في أرض العرب حدث قبل 10000 سنة تقريباً (( وقد )) يكون هو المعني بالحديث الشريف! .. فمن علم النبي الأمي محمداً بغيب طوله 10000 سنة ؟ .. علمه الذي [ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ].




وبالقراءة الهادئة والمتأملة في هذا الموضوع المفصل والمميز جدا

نجد تحليلات علمية تاريخية جيلوجية عبر آلاف السنين

تصور متغيرات مناخية مستقبلية بقدرة الله تعالى

يتحقق عبرها الحديث الشريف .

لا إله إلا الله

وسبحان الله وبحمده

سبحان الله العظيم .


الله يبارك فيك أختي ديوان على هذا النقل الرائع والثمين والمعلومات الغزيرة والقيمة .

ديوانك وطني
20 -02- 2008, 02:53 AM
شكرا لمرورك وردك الجميل أخي أبو اسماعيل

تحياتي وتقديري لك

ديوانك وطني
20 -02- 2008, 03:11 AM
http://www5.0zz0.com/2008/02/16/14/427098762.jpg

الفرضية الأولى
في الحلقة السابقة (الثالثة) في سلسلة عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً ابتدأ الحديث حول الفرضية الأولى وهي احتمال حدوث انفجارات بركانية استُهلت بمقدمة عن براكين الجزيرة العربية وعن انفجار بركان عام 654هـ 1256م .. وفي هذه الحلقة نواصل الحديث عن الفرضية الأولى والتي تنص على الآتي : لو قدر الخالق عز وجل أن تنفجر ( بعض ) البراكين العظيمة في أرض العرب مثلاً وبشكل متزامن ومتتالٍ لعدة أيام وبقوة هائلة .. لنتج عن هذه الانفجارات والله أعلم آثاراً واسعة على الغلاف الجوي لشمال الكرة الأرضية على الأقل.
إذ أن البراكين تقذف بمجموعة من الغازات من أهمها ثاني أكسيد الكبريت sulfur dioxide كما تقذف برماد ash وغبار بركاني ينتشر في طبقات الجو العليا .. يؤدي إلى اختلال في عنصر الإشعاع الشمسي Solar radiation حيث يحجب أشعة الشمس أو يقلل من نفوذها إلى سطح الأرض نتيجة للرّماد البركاني العالق في الجو .. مما يؤدي بالضرورة إلى انخفاض درجة الحرارة فوق سطح الأرض وهذا بدوره يقود إلى تغير في عنصر الضغط الجوي ومن ثَم قوة واتجاه الرياح .. وهكذا حتى يعم التغيير كل عناصر المناخ بما فيها الرطوبة والمطر سلباً أو إيجاباً.
مما سلف تتوقع الفرضية تغيراً في عناصر المناخ فوق أرض العرب وغيرها كنتيجة حتمية للانفجارات البركانية العظيمة والمتتالية والتي تؤدي إلى انخفاض درجة الحرارة وارتفاع الرطوبة الجوية .. ومنها كثافة السحب والأمطار الهاطلة بإذن الله تعالى .. بل قد تتجمد قمم الجبال في أرض العرب شتاءً وتذوب صيفاً لتجري منها الأنهار وتصب بالمروج والبحيرات والغدران وترتوي منها الأزهار .. تستمر هذه الظروف المناخية الرطبة الطارئة فترة من الزمن حتى يشاء الله تعالى في عودة الجزيرة العربية مرة ثانية صحراءً وأحقافاً بعد تلاشي آثار الانفجارات البركانية بشكل تدريجي .. وربما تدوم الحالة الرطبة للجزيرة العربية فترة من الزمن يعقبها قيام الساعة والله أعلم .. وتتنبأ الفرضية إلى أن الانتقال من حال الجفاف والصحراء إلى الرطوبة والأمطار ومن ثم حالة المروج والأنهار قد تستغرق فترة قصيرة .. على سبيل المثال فصلاً واحداً فقط والله أعلم وأحكم.

http://www2.0zz0.com/2008/02/16/14/495577216.jpg
صورة فضائية توضح العديد من الفوهات البركانية الضخمة في حرة خيبر
ويظهر في الوسط فوهة بركان البيضاء الذي يبلغ قطره 1.52كم .. الألوان طبيعية !!


ويسند الفرضية السالفة شاهدان الأول بشري والثاني طبيعي :

الشاهد الأول: إحتراق آبار النفط في الكويت :

إبان حرب الخليج الثانية عام 1991م عمد الجيش العراقي إلى إحراق ما يناهز 700 بئر نفطي في أرض الكويت في واحدة تعتبر أكبر وأوسع تلوث نفطي في البر والبحر والجو على حد سواء .. استمر هذا الإفساد المتعمد عدة أسابيع حتى شكل سحباً سوداءً من السخام انتشرت في سماء وأجواء منطقة الخليج العربي وما جاورها .. تسببت في حجب أشعة الشمس كلياً وجزئياً مما أدى إلى إنخفاض درجة الحرارة فوق سطح الأرض بشكل محسوس في الكويت والمناطق المجاورة .. وأثبتت الدراسات العلمية أن درجة الحرارة انخفضت 4ْ م في منطقة الخليج 1 هذا في المعدل أما اليومي بالطبع أكثر.


http://www2.0zz0.com/2008/02/16/14/669965482.jpg
سحب السخام تنبعث من آبار النفط الكويتية
بعد إحراقها من قِبل الجيش العراقي عام 1991م


وعند التأمل والقياس نجد أن مجموع هذه الآبار لا تعادل بركاناً واحداً نشطاً ومع ذاك قلبت النهار إلى ليل وخفّضت درجة الحرارة حتى أن شهر أغسطس آب 1991م في الكويت أصبح كشهور الربيع والخريف حرارةً !! .. ولو استمرت الآبار محترقة وقتاً أطول لطالت أضرارها كل الأشهر والفصول .. فانظر وتأمل كيف تغيرت درجة الحرارة والجو بفعل بشري محدود مساحة وقوة وزمناً فكيف لو كانت 700 بركان !؟

http://www2.0zz0.com/2008/02/16/14/706759538.jpg
الرياح الشمالية الشرقية السائدة تدفع سحب السخام العظيمة
باتجاه السعودية عام 1991م إبان حرب الخليج الثانية



الشاهد الثاني : انفجار بركان بيناتوبو Pinatubo في الفلبين :

http://www2.0zz0.com/2008/02/16/14/921742385.jpg
بركان جبل بيناتوبو أثناء انفجاره التاريخي يقذف بحممه وغازه وغباره
إلى عنان السماء في مشهد لم ير العالم مثله حتى الآن
في الصورة أعلاه قارن بين ارتفاع السحب الركامية والتي يصل ارتفاعها إلى حوالي 18كم
وسحب الانفجار خلفها عندها ستدرك الحقيقة


في جزر الفلبين وخلال شهر أبريل ومايو من عام 1991م اهتزت ورجفت الأرض حول وأسفل من بركان بيناتوبو Pinatubo آلاف المرات هزات صغيرة مؤذنة بمشهد لم ير العالم مثله خلال القرن الماضي .. وفي 12 يونيو من العام نفسه وبعد سبات للبركان استمر أكثر من 500 سنة انفجر بركان بيناتوبو ويعتبر أعنف وأقوى انفجار شهده كوكب الأرض خلال القرن الماضي على الإطلاق .. هذا الانفجار العظيم خلف سحباً هائلة من الغاز والرماد ash أرسلها إلى طبقات الجو العليا.
قدر العلماء 20 مليون طن من ثاني أكسيد الكبريت وصل إلى طبقة الستراتوسفير Stratosphere وأمتدت عبر مئات الأميال .. مما ساهم في حجب الإشعاع الشمسي كلياً أو جزئياً عبر انعكاسها إلى الفضاء الخارجي مؤدياً إلى تبريد الأرض والغلاف الجوي السفلي .. كما أثر هذا الانفجار على طبقة الأوزون Ozone Layer واستمر تأثيره لعدة سنوات.
بلغت المقذوفات البركانية ارتفاعاً خيالياً 35كم في عنان السماء ( أعلى من أطول برج في العالم برج دبي بـ 60 مرة ) فقلبت النهار إلى ليل .. فلا إله إلا الله والله أكبر .. يُذكر أن هذه السحابة الملوثة غطت مساحات شاسعة من العالم امتدت إلى المحيط الهندي حيث تم متابعتها عبر الأقمار الصناعية ويشار أن آثار هذا الإنفجار العظيم من بركان واحد استمر فقط 9 ساعات .. وآثاره طوقت الكرة الأرضية لمدة ثلاثة أسابيع عبر سحابة في طبقة الستراتوسفير مما تسبب في انخفاض متوسط درجات الحرارة العالمية 0.5ْم من عام 91 - 1993 م.



[ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْف ]

http://www2.0zz0.com/2008/02/16/14/839620997.jpg
مشهد مخيف من النسف الدنيوي لجبل واحد ! .. فكيف بنسف الآخرة لكل الجبال ؟

السحب البركانية العظيمة بُعيد النسف والانفجار بدأت في إسقاط حمولتها رماداً وطيناً لعدة أيام حتى ناءت سُقف المنازل بحمولتها فانهارت .. وبعضها طمر في مشهد من مشاهد آيات الله في الأرض يقف الإنسان عندها مرعوباً مذعوراً [ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ ] .. وتجدر الإشارة إلى أن الأمطار تسقط في محيط بركان بيناتوبو بمعدل 2000 ملم سنوياً ( الرياض فقط 100 ملم سنوياً ) بينما بعد الانفجار الهائل ازدادت الأمطار لتصل 4000 ملم خلال سنة ( ما يعادل أمطار الرياض خلال 40 سنة ).

http://www2.0zz0.com/2008/02/16/14/337931281.jpg
آثار البركان غير المباشرة عبر أمطار الطين والرماد


http://www2.0zz0.com/2008/02/16/14/846471332.jpg
صورة القمر الصناعي توضح سحابة ثاني أكسيد الكبريت والغبار والرماد البركاني باللون الأحمر والأصفر
بين 14 يونيو و 26 يوليو عام 1991م حوالي 45 يوماً بعد الانفجار
ويُذكر أن هذه السحابة ساهمت في تبريد الكرة الأرضية آنذاك



[ وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّ ]

http://www2.0zz0.com/2008/02/16/14/406822068.jpg
أذن الجبار سبحانه وتعالى أن يصبح جبل بيناتوبو كالعهن المنفوش بعد دكه ونسفه في الدنيا
فكيف في الآخرة عندما تدك وتنسف كل الجبال ؟


[ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ ]

ومثال آخر يؤكد العلاقة بين الانفجارات البركانية العظيمة وتغير المناخ المحدود زمنياً ما وجده علماء الطبيعة ونقلته وكالة الفضاء الأمريكية NASA أن انفجار بركان كاتمي Katmai في الآسكا في 6 يونيو 1912م تسبب في انخفاض درجة حرارة النصف الشمالي للأرض خلال فصل الصيف كما ضعفت الرياح الموسمية في أسيا وأحدثت بعض التغييرات المناخية هنا وهناك .. هذا من جهة ومن جهة أخرى ذكرت التقارير العلمية 2 أن من ابرد السنوات خلال القرنين الماضيين السنة التي تلت انفجار بركان تامبورا Tambora volcanic عام 1815م والتي ساهمت في تبريد كوكب الأرض آنذاك .. هذه أمثلة قليلة لشواهد كثيرة .. ويكفيك من القلادة ما أحاط بالعنق.
وفي الختام دفعني حدث بركان بيناتوبو وغيره إلى ترشيح هذه الفرضية ضمن بضع فرضيات قد تعود الجزيرة العربية مروجاً وأنهاراً بصدق إحداها والله أعلم .. ويبقى ما سطرته وكتبته مجرد فرضية ونظرية قابلة للصواب وفي الوقت نفسه للخطأ أيضاً .. فلا تثريب على الكاتب ولا القارئ ..