المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ذكريات مستعارة - للكاتب احمد النوباني



همس الروح
19 -05- 2008, 08:05 AM
كنا ثلاث فتيات، وكنت السمراء الصغيرة، بيتنا على ناصية الحديقة العامة.

كم فرحنا, وكم كان اللهو بعض من عشقنا الطفولي، أذكر في تلك الليلة حين جاء .

فتحت الباب لأني الصغيرة، كانت أنفاسه كرائحة الجراب، عدت إلى غرفتي مسرعة
وكأنني الريح، أخذت أسترق السمع وأتخيل ذلك الوجه الطولي القسمات،
تذكرت ثمار البلوط فوق أسوار بيتنا القديم، وتذكرت وجه جارتنا حين عادت
من التلال بعد ان هاجمهما الذئب,
كانت تحمل من الفزع ملامح زوج أمي.

بكيت, ولم أقدر سوى أن أسترق السمع, فأخواتي كن على الأسرة كالأغلفة البيضاء،
ولم يبقى على مسمع السكون إلا أنا.

سمعته يقول:

ـ أين أنت ؟ هل اختفى صوتك ؟

خرجت مسرعة إليه.

كان الحديث يختصر حين يكون كالهمس،
لم يكن بين الكلمات معه سوى الغثيان،
ابتعد الحوار خلف الظلام, وعدت الى سريري.

أذكر جيداً كم كنت خائفة أن يعود، وأذكر أختي الوسطى.
كانت تتجرأ على البقاء دون غطاء حتى في الليالي الباردة.

في تلك الليلة, سمعت وقع خطوات تترنح على الممر الخشبي, أغمضت عيوني
وكأنني في حلم، اقترب من الباب، و أيضا من جسدها ينظر بعيون تلهث.

تحركت تلك البغيضة، اقترب أكثر، لم أستطع أن أحبس الأنفاس المتسارعة.

التفت نحوي, ثم سارع إلى وضع الغطاء الأبيض على الجسد الكاذب
وكأنه الأب الحنون، وكأنه اقترب ليكون كحلم أبيض.

أشرقت الشمس في الصباح، وذهبت إلى غرفة والدي،
وذكريات أصبحت خلف عمري الصغير.
الآن كبرت، صرت أفهم معنى اليتم.

أخرجت من خزانتي أوراق وصحف قديمة كانت لوالدي،
تصفحت ثم بكيت، أعجبتني في إحدى الصحف قصيدة
قديمة قرأتها، كانت لكاتب لا أعرفه.


"خاطرتي لم تكن سوى اعترافات صبية, وجدتها عند باب حديقتي."

قالت في نهايتها:

أجل هي ذكريات،وتكون كلمات تكتب على ورق وماء،
لكنها حقيقة تسكن في حجرات القهر.
أعرف كم محرج أن يكون البوح، لكنها العفوية.

كتب ما كان ... وإلى متى سيبقى الحزن؟

ليست قصة قصيرة، بل خاطرة تحملها ذاكرتي.

اقرأها لمن تشاء، حتى تعرف السماء،

كم حزن العيون الصغيرة

أحمد النوباني

موسى ابراهيم
19 -05- 2008, 04:31 PM
نقل رائع وممتع للكاتب الصديق أحمد النوباني
اضواء القمر ..
يزداد ابداعكِ تألقاً ..
دمتِ أيتها الرائعه

تقدير بحجم السماء