المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ومـــــاتت أمـــــــى



أبو فهد
14 -08- 2008, 08:49 PM
احبها حبا كبيرا
فلقد اصبحت جزءا من كيانه وروحة يغدو الى واحتها ساعة الهجير ويرتشف من حنان حبها ..
هى كل حياته ...
وكيف لا وهى تأويه وتحيطه بحبها وحنانها وتقف إلى جانبه فى النوائب والشدائد؟؟!!
كان دائما يردد على مسامعها ... انت بلسم الحياة يا أمى !!!
واليوم يكاد يشعر انه سيفقدها وان كان الفقد مؤقتا .
فهى تنوى السفر الى العاصمة لزيارة خاله بيد انه يعجز عن الذهاب معها .
كم كان فراقها لبضع ايام يزعجه ويؤرقه ....
ومازد من حزنه والمه انه يشعر بالعجز ...
فهو لا يستطيع ان يترك اعماله وشئؤنه ليذهب معها لا سيما وهو ما زال ينهى اعمالا متراكمة منذ عودته واياها من رحلة العمرة منذ شهرين.
لكنها كانت حقا طيبة فهى تلتمس له العذر وتهدأ من حزنه وتعده انها فقط مجرد ثلاثة ايام ثم تعود..
......
كانت لحظات وداعه اياها قاسية جد قاسية بل انه لم يشعر بمعنى القسوة الا ساعتها ..
فهو لا يفارقها ولا تفارقه ابدا منذ ان رحل والده وها هو يشعر _رغم قلة ايام الفراق_ انه سيفقدها !!!
جالت فى تلك الاثناء خواطر عديده فى نفسه واخذ ينظر اليها نظرات عميقة .... قرأ فى عيونها حنانا مفعم بالحنان.... وحبا مزدانا بالحب ..
ورأى فى تجاعيد وجهها شهادات اجلال وتقدير فكم تعبت من اجله وكم سهرت لراحته ...
تذكر ايام كانت تسهر الليل معه تقوم على خدمته ليطمئن قلبه قبل موعد الامتحان...
وكم كان يستبشر بدعواتها له وهو يقبل رأسها


فى الصباح الباكر...
مد يده اليها .... امسك بيدها فى حنان... طبع على صفحتها قبلة حب واعتراف بالجميل ..
وهنا نزلت من عينها دمعة كانت تجاهد نفسها فى كتمانها حتى لا تثير شجونه غير انه لم يكن ليحتاج اى شىء ليثير شجونه فقد اصبح كتلة من الحزن تختبىْ فى صدره الذى لم يثبت طويلا فابدى ما اخفى .
ودعها ثم عاد..
وكأنه يودعها الى مثواها الاخير ...
واخذ يدعو الله ان يرجعها اليه سريعا وان يحفظها له ويسلمها من كل شر وسوء...
وماهى الا عشر دقائق او يزيد قليلا حتى سمع صوتا مدويا ..
اعقب ذلك الصوت هرج ومرج وصياح ..
وعلت اصوات الانذار باخلاء المكان ...
شعر ساعتها بشلل فى اجزائه كلها ... لم يستطع الحركة وكأن اقدامه شدت بسلاسل فى اوتاد ..
همس الى نفسه ( هذا ما كنت اخشاه)
علت اصوات الانذار اكثر من ذى قبل ....
صراخ...عويل..... صيحات من هنا وهناك..
لقد اشتعلت النيران فى الحافلة التى تقل المسافرين الى العاصمة بعد دقائق من ركوبهم اياها ثم انفجرت اثر اشتعال نتج عن تسرب في البنزين !!!
أخذ يصرخ ويصرخ..
اماه... أهنا تتركيننى ؟؟
لا... لا تتركينى يا اماه ..
احتاج اليك يا حبيبتى ...
لاتموتى ... لا تموتى..
زاد صراخه وارتفع حتى ايقظ كل من كان معه فى البيت...
امسكت امه بيده وضمته الى صدرها الى صدرها ...
حبيبى انا معك لم امت ....
انا امك ... اهدأ ...أنا لم امت..
ناولته قليلا من الماء .... حتى استجمع قواه وسكنت روحه ..
انه كابوس مخيف يا امى..
مخيف جدا ... ايقنت منه اننى فقدتك يا حبيبة قلبى..
ابتسمت ابتسامة هادئة ثم قالت (لا تجزع يا بنى فلابد من الفراق يوما ما)
اه يا امى ... سيكون فراقك صعب على نفسى ...جد صعب!!
قبلته بين عينيه ومسحت على رأسه وكأنه طفل صغير ودعت له ثم ذهبت الى غرفتها وهى تقول له ( لا تنس ان توقظنى معك لصلاة الفجر )
هدأت نفسه تماما وحمد الله كثيرا فكم كان الكابوس مزعجا ومخيفا
كاد يوقن من شدته انه حقيقة لا مجرد احلام...
ترك مضجعه وذهب ليتوضأ ثم عاد وصلى ركعتى قيام شكر الله وحمده واثنى عليه ودعا بما تيسر ثم عاد ليخلد الى النوم.
وفى الصباح ...
قام كعادته ليصلى الفجر فى مسجد القرية القريب من منزله مما يساعده على سماع صوت المؤذن الذى يشعر فيه بروعة الايمان ..
تذكر طلب امه بايقاظها للصلاة فذهب الى غرفتها وطرق طرقات خفيفة ..
لكن يبدو انها سهرت كثيرا من خوفها عليه فزاد من طرقه لبابها علها تسمع ...
يبدو انها تغط فى نوم عميق اذن سافتح الباب واوقظها..
فتح الباب ..... اقترب من مضجعها ......
وجهها كان يمد الغرفة بشىء من النور ... هذا ما جال فى خاطرة..
امى...
استيقظى فقد اذن المؤذن ..
هيا كفى نوما واستيقظى فربما ضاعت عليك الصلاة اليوم..
لكنها لم تجبه ..
فقد نامت اخر نومة!!!!!!!!!!!

أعجبني فنقلته