المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قمم إيمانية صالحة للقدوة في گل زمان ومگان



عبدربه
26 -12- 2008, 12:46 AM
قمم إيمانية صالحة للقدوة في گل زمان ومگان:علم المنحرفين وأمية المتعلمين.. أشد وأنگى


بقلم: فضيلة الدكتور سليمان بن حمد العودة



كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول إذا قعد: ((إنكم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة، وأعمال محفوظة، والموت يأتي بغتة، ومن زرع خيراً يوشك أن يحصد رغبة، ومن زرع شراً يوشك أن يحصد ندامة، ولكن زارع مثلما زرع، ولا يسبق بطئ بخطوة، ولا يدرك حريص ما لم يقدر له، فمن أعطي خيراً فالله أعطاه، ومن وقي شراً فالله وقاه، المتقون سادة، والفقهاء قادة، ومجالستهم زيادة)).
وبصورة مصغرة - ومع الفارق - نتذكر هذه الأيام قيمة الجد والاجتهاد، ويدلف الطلبة والطالبات إلى قاعات الامتحانات، وسعيهم شتى، وهمّهم متفاوتة، وحصيلتهم متباينة، وطموحاتهم مختلفة، غاية بعضهم أن يفرغ هذه المادة من ذهنه، وأن يتجاوزها بنجاح، ولو لم يبق لها أي رصيد في معارفه، أو يستفيد منها في حياته، ويراها آخرون فواتح في حياته، تفتح أمام ناظريه مجالات العلم رحبة واسعة، وتهذب من سلوكه، وتعزز تجاربه، وتطلعه على شئ من واقع أمته في الماضي، وتترك له المقارنة بالحاضر. إن المناهج الدراسية - في عالمنا الإسلامي - يجب أن تكون مدرسة يتعلم فيها الدارس ما ينفعه في دينه، ويصلح له دنياه، ولا قيمة للعلم إذا لم يهد للإيمان، وإذا حارت العقول في تفسير عظمة هذا الكون فعقل المسلم قادر على الإجابة والبيان، أجل إن عدداً من العلوم غير الموجهة، وكما من العلماء والباحثين يزيد عجائبنا ولا يحلها، فهذا الفلكي - مثلاً - بعلمه، ودقته، وحسابه، ورصده، وآلته، ماذا صنع؟ أبان لنا بأن ملايين النجوم في السماء، بالقوة المركزية بقيت في أماكنها، أو أتمت دورتها، كما أن قوة الجاذبية حفظت توازنها، ومنعت تصادمها، كما أبان الفلكيون عن حجم الشمس والنجوم وسرعتها وبعدها عن الأرض، يزيدنا عجباً، ولكن ما الجاذبية؟ وكيف وجدت؟ وما القوة المركزية؟ وكيف نشأت؟ وهذا النظام الدقيق العجيب كيف وجد؟ أسئلة تخلى عنها الفلكي لما عجز عن حلها.
وأبان الجيولوجي لنا من قراءة الصخور كم من ملايين السنين قضتها الأرض حتى بردت .. وكيف غمرت بالماء؟ وكيف ظهر السطح؟ وأسباب البراكين المدمرة، والزلازال المهلكة .. وكذلك فعل علماء الحياة في حياة الحيوان، وعلماء النفس في نفس الإنسان، ولكن هل شرحوا إلا الظاهر، وهل زادونا إلاعجباً، وسلوهم السؤال العميق المعبر، والذي يتطلبه العقل دائماً، وهو: من مؤلف هذا الكتاب المملوء بالعجائب التى شرحتم بعضها، وعجزتم عن أكثرها، أتأليف ولا مؤلف! ونظام ولا منظم، وإبداع ولا مبدع؟ من أنشأ في هذا العالم حياة وجعلها تدب فيه؟ إنه الله تبارك الله أحسن الخالقين، وكذلك يقود العلم إلى الإيمان. ولقد شهد العلماء من غير المسلمين بالتقاء العلم والإيمان، واعترف المتأخرون منهم بقيمة الدين وأثر الإيمان في الحياة، والفضل ما شهدت به الأعداء. وانظروا مقولة (كارينجي) حين يقول: (أني لأذكر تلك الأيام التى لم يكن للناس فيها حديث سوى التنافر بين العلم والدين، ولكن هذا الجدال انتهى إلى غير رجعة، فإن أحدث العلوم وهو الطب النفسي يبشر بمبادئ الدين، لماذا؟ لأن أطباء النفس يدركون أن الإيمان القوي، والاستمساك بالدين، والصلاة كفيلة بأن تقهر القلق والمخاوف والتوتر العصبي، وأن تشفي أكثر الأمراض التى نشكوها).
ويقول الدكتور (بريل) ويعلنها صريحة: (إن المرء المتدين حقا لا يعاني مرضا نفسيا قط). ويؤكد ذلك كذلك (وليم جيمس) حين يقول: (إن أمواج المحيط المصطخبة المتقلبة لا تعكر قط هدوء القاع العميق، ولا تقلق أمنه، وكذلك المرء الذي عمق إيمانه بالله خليق بألا تعكر طمأنينته التقلبات السطحية المؤقتة، فالرجل المتدين حقا عصي على القلق، محتفظ أبداً باتزانه، مستعد دائماً، لمواجهة ما عسى أن تأتي به الأيام من صروف1(1)). إن في ذلك لعبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، أجل لقد عادت سلاطين العلم تعترف بالدين، وتقر بالعظمة لرب العالمين، وهم يحسبون أنفسهم من كبار المثقفين !.
ولا شك أن الجهل شر وبلاء، وأن الأمية ضياع وجفاء، ولكن علم المنحرفين وأمية المتعلمين أشد وأنكى، ومصيبة أن تتحول المناهج الدراسية إلى نوع من المعرفة الآلية البادرة، وأن يبقى هذا الكم من المعلومات رصيداً للثقافة العامة لا علاقة له بواقع الحياة، ولا صلة له كما ينبغي بتوجيه سلوك الفرد والإجابة عن كثير من تساؤلاته، وترى المتعلم مثلاً يقرأ قيمة الصلاة في الإسلام، ويعلم سننها وواجباتها وأركانها، ولكنه في واقعه العملي من المقصرين في المحافظة عليها، أو من المخلين في أحكامها، وربما احتاج وهو المتعلم إلى استفتاء العارفين المحافظين، وإن كانوا دونه في التعليم، وتراه يقرأ معنى التوحيد الحق، ويقف على أنواع الشرك في المنهج، ثم تجده، في حياته أو حياة أسرته المحيطه به، مخلاً بما قرأ، جاهلاً لما تعلم. فربما ذهب للسحرة والمشعوذين، وربما ذبح واستغاث، أو استعان، أو نذر لغير الله، وليس أقل خطراً من استهزأ بشيء من أمور الدين، ولربما استحيا من نفسه إن عاتبه على خطئه من لا يجيد القراءة ولا الكتابة أصلاً، لأنه كما يزعم: عارف بأحكام العقيدة والدين وترى فئة ثالثة تعي وتدرك الثقافة الإسلامية الأصلية وهم في واقعهم العملي من دعاة التغريب.
ورابعة ترى وتسمي التراث رجعية والبلاء أنهم يزعمون أنهم من المسلمين، ثم هم كلفون بالدعوة للحداثة، مغرمون بالكفار الساقطين. ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور (النور:40). هذه ضروب من أمية المتعلمين وانحراف المثقفين.
ويبقى للمناهج الدراسية قيمتها وأثرها في تنشئة أبناء المسلمين، فالتعليم فيها منذ الصغر، والدراسة فيها للذكر والأنثى، وإنما أصيبت أجيال المسلمين - أخيراً - بالخواء الروحي، والشذوذ السلوكي يوم أن طورت المناهج - في زعم المطورين - فزوحمت لغة القرآن، وقلصت مواد التربية الإسلامية أو فرغت من بعض محتوياتها المهمة، وقطعت صلة الدارسين بتاريخ الإسلام وبطولات المسملين، فتخرجت هذا الأجيال وهي لا تعلم من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه، وويل لمن خان أمته، واستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير.
أيها المعلمون: أيها المربون: وليس الامتحان للطلاب وحدهم، بل أنتم في نهاية الفصل ممتحنون ومسؤولون، فإن قلتم أنكم اعتدتم أن تمتحِنوا ولا تُمتحنوا، وتسألوا ولا تُسألوا، فدونكم هذه الأسئلة، وخليق بكم أن تعدوا للسؤال جواباً: فما هي القيم التربوية التى عنيتم بها وأوصلتموها للطلاب؟ وكم من المبادئ الإسلامية غرستموها في الناشئة ودعوتم إليها، وكم رذيلة حذرتموهم منها؟ وكم سلوك معوج نقدتموه، وكم ثقافة أصيلة رسختموها، وكم فكر منحرف حذرتم منه؟ أي ذكرى أبقيتم في ذهن الطلاب؟ وهل لا زمتكم مسؤولية المربى طوال الفصل، وما نوع الثمار التي جنيتم في نهاية الفصل؟.
تلكم وغيرها كثير من الأسئلة المهمة ينبغي أن يمتحن المربي نفسه فيها، فإن قلتم هذه أسئلة مفاجئة، وذلك امتحان جديد، ومعذرة إن لم نعد لبعض الأسئلة إجابة، فهلا عرضتم هذه الأسئلة وغيرها على أنفسكم مع مطلع العام القادم بإذن الله، ذاك هو المرجى والمؤمل منكم فالأمانة عظيمة، والمسؤولية جسيمة، والامتحان مشترك ولارسوب، والفشل - لا قدر الله - ليس حاصلاً بالطلبة وحدهم فأنتم شركاء لهم، واختاروا لأنفسكم ما تريدون.
ألا وإن من العدل والإنصاف ألا تحمل المدرسة والمعلم وحدهم مسؤولية النجاح أو الفشل، فالأسرة شريكة في المسؤولية، وهذه الامتحانات تكشف عن تفاوت الأسر في الاهتمام بمصلحة الأبناء، فالأسرة التي تهتم بأبنائها وبناتها أيام الامتحانات هي في الغالب مهتمة بهم في بقية الأوقات، والأسر التي لا تهتم بهم في مثل هذه المناسبات، هي لما سواها أضيع في بقية الأوقات. فلينتبه الغافلون، وليغتبط العاملون، وتبقي بعد ذلك كله دروس هذه الامتحانات حرياً بالتذكير بالامتحان الأكبر، وموجباً للآباء والأمهات، والبنين والبنات، بالاستعداد للعرض على رب العالمين، وهناك في أرض المحشر تبلى السرائر، وتطير القلوب، وتزيغ الأبصار، وتذهل كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى، وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد. أيها المربون والمتربون، أيها المعلمون والمتعلمون، يبقى السؤال المهم، ما هى حصيلة التربية المنظورة علماً وعملاً، تربية وسلوكاً فهماً جيداً لأحكام الدين، واستظهاراً واعياً لعلوم ومعارف المسلمين، هل نعزو ما فينا من نقص وتقصير للمنهج المقرر؟ أم للمعلم المكلف؟ أم لوسيلة التعليم أم لذات الطالب المتعلم؟ أم للوقت المتاح للتعليم إزاء الأوقات الأخرى التي تصرف لغير التعليم؟ وهل يعزى الضعف المشهود في المتعلمين إلى مؤسسات التعليم في المراحل المبكرة أم للتعليم الجامعي، كل ذلك محل دراسة التربويين، وأساتذة الجامعة المختصين … لكن سأعرض لكم نموذجاً لتربية محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وهى محل الأسوة والقدوة - وهذا النموذج لا يعد صاحبه فيمن لازم رسول الله صلى الله عليه وسلم ملازمة طويلة، بل أسلم في نهاية الفترة المكية، وله ثماني عشرة سنة، وتوفي وهو ابن ثمان وعشرين وقيل ابن اثنتين وثلاثين - وقيل أكثر من ذلك2(1).
ومع قصر هذه المدة فقد حاز علماً كثيراً، ونال فضلا عظيما، وهو أعلم الناس بالحلال والحرام3(2)، وهو محل الثقة والثناء من محمد عليه الصلاة والسلام حين يقول: ((نعم الرجل: أبو بكر، نعم الرجل: عمر، نعم الرجل: معاذ بن جبل4(3)).
ولم يكتم النبي صلى الله عليه وسلم محبته إياه فأخبره بذلك وأوصاه ((يا معاذ إني لأحبك في الله) قلت - والقائل معاذ بن جبل -: وأنا والله يا رسول الله أحبك في الله، قال: (أفلا أعلمك كلمات تقولهن دبر كل صلاة؟ رب أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك5(4)).
وعلى الرغم من صغر سن معاذ بن جبل رضي الله عنه فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم إذا تحدثوا وفيهم معاذ نظروا إليه هيبة له6(5).
وخطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالجابية فقال: ((من أراد الفقه فليأت معاذ بن جبل))، وحدث ابن مسعود ] فقال: (إن معاذ بن جبل كان أمة قانتا لله حنيفاً ولم يكن من المشركين7(6)).
ومع هذه الخلال كلها ومع هذه الرفعة والمنزلة في الدنيا، فله نصيب وافر من المنزلة في الأخرى، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن معاذاً يحشر يوم القيامة بين يدي العلماء برتوه8(7)).
فإذا كان هذا مقامه بين العلماء فلا تسأل عن مقامة من دونهم؟ ولهذا وصفه أبو نعيم فقال: معاذ بن جبل إمام الفقهاء وكنز العلماء9(8). قال أحد الرواة لأثر ابن مسعود: إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفاً ولم يكن من المشركين، فقال ابن مسعود رضي الله عنه: (عن الأمة: معلم الخير، والقانت: المطيع، وإن معاذاً رضي الله عنه كان كذلك10(9)).
أجل لقد كان معاذ رضي الله عنه أمة في علمه، وأمة في عمله، كان قارئا للقرآن، قائماً لله في الليل والناس نيام، وفى حواره مع ابى موسى الأشعري رضي الله عنه كما في البخاري وغيره - ما يكشف ذلك - قال معاذ لأبى موسى رضي الله عنهما - حين بعثا لليمن-: ((كيف تقرأ القرآن؟ قال أبو موسى: أقرؤه في صلاتي، وعلى راحلتي، وقائماً وقاعداً، أتفوقه تفوقاً، يعنى شيئاً بعد شئ، ثم قال: فكيف تقرأ أنت يا معاذ؟ قال: أما أول الليل فأقوم وقد قضيت جزئي من النوم فأقرأ ما كتب الله لي فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي. قال الراوي: وكان معاذ فضل على أبي موسى11)).
وكان زاهداً ورعاً، وقد لحقه دين فلم يبرح به غرماؤه حتى باع ماله وقسمه بينهم، فقام ولا مال له، ثم بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن ليجبره، وحين قدم من اليمن ومعه رقيق لقى عمر بمكة، ((قال له: ما هؤلاء؟ قال: أهدوا إلي، قال: دفعهم أبو بكر إليه - لمعرفته بحاله - ثم أصبح فرآهم يصلون، قال: لمن تصلون؟ قالوا: لله، قال: فأنتم لله12(11))).
وكان] واعظاً صادقاً وناصحاً حكيماً، فقد مر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم برجل، فقال: ((أوصوني، فجعلوا يوصونه، وكان معاذ في أخر القوم فقال: أوصني يرحمك الله، قال: قد أوصوك فلم يألوا، وإنى سأجمع لك أمرك: اعلم أنه لا غنى بك عن نصيبك من الدنيا وأنت إلى نصيبك إلى الآخرة أفقر، فابدأ بنصيبك من الآخرة فإنه سيمر بك على نصيبك من الدنيا فينتظمه، ثم يزول معك أينما زلت13)).
كما كان صلى الله عليه وسلم ملاذاً للناس، شأنه كشأن العالم العامل، يفزعون إليه حين الشدة، فيسليهم، ويعلمهم أزمان وظروف الفتن والمحنة، وحين اشتد الوجع بالمسلمين في طاعون عمواس صرخ الناس إلى معاذ: أدع الله أن يرفع عنا هذا الرجز، فقال: إنه ليس برجز، ولكن دعوة نبيكم وموت الصالحين قبلكم، وشهادة يخص الله بها من يشاء منكم. أيها الناس أربع خلال من استطاع ألا تدركه، قالوا: ما هي؟ يأتى زمان يظهر فيه الباطل، ويأتي زمان يقول الرجل: والله ما أدري ما أنا، ولا يعيش على بصيرة ولا يموت على بصيرة14(13).
أيها الأحبة: كيف خرجت هذه النوعية - وأمثالها كثير - كيف تعلمت، وكيف تربت، ما هى مجالات التربية التى امتازت بها، ونماذجها قمم إيمانية صالحة للقدوة في كل زمان ومكان،

هادي
26 -12- 2008, 02:10 PM
أخي عبد ربه بارك الله فيك وجزاك الله خيرا

عبدربه
26 -12- 2008, 09:15 PM
أخي عبد ربه بارك الله فيك وجزاك الله خيرا


اخي اليتيم بارك الله فيك وغفرالله لك ولوالديك . وأشكرك على مرورك