المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العلماء والدعاة:اعدل بين أولادك يتنافسوا في برّك



عبدربه
10 -01- 2009, 10:21 PM
الإسلام دين عظيم يزكي القلوب على المحبة والإيثار ويغسلها من الأحقاد والأنانية وحب الذات، يجمع الكلمة ويؤسس للمحبة والمودة سواء بين أفراد الأسرة الواحدة أو أفراد المجتمع أجمع، ومن ذلك أمره للوالدين بالعدل بين أولادهم، أمرهم بذلك أمراً إلزامياً وجعله علامة التقوى "يا أيها الناس اتقوا الله وأعدلوا بين أولادكم"، بل أوضح المصطفى صلى الله عليه وسلم أن من أسباب البر أن يتنافس الأبناء في بر والديهم بسبب عدل الوالدين بين أولادهما.
وكما أن للعدل بين الأولاد ثماره العظيمة فلا شك أن للميل مع بعض الأولاد دون الآخرين له أثره السيئ على الأولاد وعلى برهم بوالديهم.
حول هذا الموضوع تحدث مجموعة من أصحاب الفضيلة المشايخ.



بداية تحدث الشيخ أحمد بن عبدالكريم الخضير الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية فرع الرياض إمام وخطيب جامع المقيل حي المنار بالرياض فقال:
إن من أعظم نعم الله عزَّ وجلّ على الإنسان أن يرزقه الأولاد {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا }، ونحن نرى في كافة المجتمعات أولئك الذين قدر الله عزَّ وجلّ عليهم ألا يرزقوا بالأولاد تجدهم يطرقون كل السبل التي يظنونها أسباباً لإنجاب الولد، ومنهم من يفلح ومنهم من يفشل ولكن أجره على الله إذا احتسب ذلك.
لذلك فإنه يجب على من رزقه الله عزَّ وجلّ هذه النعمة أن يقدرها حق قدره وأن يشكر الله عزَّ وجلّ عليها، ومن شكر الله تعالى عليها حسن التربية لهم، والعدل بينهم، لأن هذا من أعظم حقوق الأبناء على أبنائهم. فالحيف والجحود بين الأولاد يولد العداوة بينهم، ويسوغ لبعضهم عقوق آبائهم وأمهاتهم، وقد حذر الشارع الحكيم في أشد التحذير، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكل ولدك نحلته مثل هذا، فقال: لا. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "فارجعه" وفي رواية: "فلا تشهدني إذاً فإني لا أشهد على جور" وفي رواية: "أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء"؟ قال: بلى، قال: "فلا إذاً" متفق عليه.
والعدل بينهم ليس في العطية فحسب، إنما يشمل الحب والتقدير والحنان والتسيار واللخط وكل ما يحتاج الأبناء من أمور الدين والدنيا.



ازرعوا العدل بينهم
ثم تحدث الشيخ سالم بن مبارك المحارفي المرشد والموجه التربوي وإمام وخطيب جامع ابن عساكر بالرياض فقال: من أسرع الأسباب المؤدية للعقوق من الأولاد لآبائهم عدم العدل بينهم في التعامل، والعطية، والهدية، والمصروفات اليومية.
إن أي أب أو أم ينشدان برّ أبنائهم لهم فليزرعوا ذلك فيهم من بداية حياتهم، وليشعروهم بأنهم محبوبون إليهم جميعاً، وإن كان من بين الأولاد من هو أجذب لوالديه، وأسرعهم براً بهما، وتفانياً لهما، لا يسوغ ذلك تفضيله على إخوانه في العطايا والهبات. عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، أن أمه بنت رواحة سألت أباه بعض الموهوبة من ماله لابنها فالتوى بها سنة، ثم بدا له، فقالت: لا أرضى حتى تُشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما وهبت لابني، فأخذ أبي بيدي، وأنا غلام فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إن أم هذا، بنت رواحة أعجبها أن أشهدك على الذي وهبت لابنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، فقال: "أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، قال: "فلا تشهدني إذاً، فإني لا أشهد على جور" (أخرجه مسلم). وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم يمتثل أمر ربه حين قال: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [النحل: 90].
ومن الأسباب المؤدية لتفضيل بعض الأبناء على بعض من قبل آبائهم، ما يكون مختصاً بالجنس أحياناً، فبعض الآباء يفضل البنين على البنات، فيقدمهم على أخواتهم، ويتغاضى عن هفواتهم، ويتلاطف معهم، ومع بناته سوط مسلط، وعينه مجهر على كل صغير وكبير منهن، حسابه معهن عسير، وعقابه شديد، لا يغفر لهن زلة، ولا ينسى خطيئة، عابس الوجه، مقطب الجبين، على خلاف تعامله مع بنيه، مستهل منبسط الجبين، يتبادل الحديث معهم، ويشاورهم، ويعينهم على التشديد على أخواتهم والتضييق عليهن، وسوء معاملتهن.
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم محباً لبناته، غاية في الأدب والاحترام معهن، يقوم لابنته إذا أقبلت عليه ويقول: مرحباً يا بنتي، ويقبلها بين عينيها، ولقد قال صلى الله عليه وسلم: "من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين"، وضم أصابعه (رواه مسلم).



بعض أسباب التفريق
وأحياناً يكون التفريق بين الأولاد بسبب الشكل، فهذا أبيض جميل ذو شعر ناعم، وهذا بعكسه، فيبرز ذاك للضيوف، وينال حظاً كبيراً من الاصطحاب معهم في زياراتهم للأقارب والأصدقاء، أو المراجعات للمستشفى ونحو هذا.
وأحياناً أخرى يكون التفضيل بسبب الخُلق، فهذا الابن خفيف الظل، سريع الطرفة، أو أنه يلبي حوائج أهله أسرع من إخوانه، أو بسبب هدوئه ورزانته.
وأحياناً يكون التفضيل بسبب عاهة مستتديمة بأحد الأبناء فيُراعى ويُعتنى به دون إخوانه كأنهم غير موجودين، مراعاة لنفسية المريض، فيفسدون نفسية أبنائهم الأصحاء لهذا. فهذه الأسباب وغيرها تؤدي إلى نشوب عداوة بين الإخوان، وظهور البغضاء والأحقاد فيما بينهم، والشقاق والنزاع والخصام والتقاطع، وغيرها كثير. إن التفريق بين الأولاد يولِّد هذا، ويسبب العقوق والكراهية من الأبناء لآبائهم، ويثمر شعوراً بأن الوالدين يكرهانه ولا يحبانه بدلالة التفضيل الذي يمارسه الآباء تجاهه.



أبعاد نفسية
وهذا التفريق له أبعاد نفسية شديدة في ظهور العدوانية لدى الطفل، والانطوائية، والخوف، والكره للآخرين، والعزلة والوسوسة وغير ذلك.
أختم بهذا الحديث العظيم الذي هو فصل في هذا الموضوع الطويل: روى ابن أبي الدنيا بسنده قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعدلوا بين أولادكم في النِّحل، كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف" (حديث صحيح 1271). وقال صلى الله عليه وسلم: "أعدلوا بين أبنائكم، أعدلوا بين أبنائكم" (أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي وغيرهم بسند صحيح، وصححه الألباني) وعند البخاري: "اتقوا الله وأعدلوا في أولادكم".



هذا هو الظلم
ثم تحدث الشيخ حمود بن محسن الدعجاني - عضو الجمعية الفقهية السعودية الداعية المعروف فقال: الواجب على الوالدين أن يتقيا الله ويعدلا بين أولادهما في العطية والهبة والمعاملة، امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، حيث ثبت عنه في الحديث الصحيح أنه قال: "اتقوا الله وأعدلوا بين أولادكم" ولفظ الولد يشمل الذكر والأنثى، وجاء في حديث آخر "أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء" وهذا يقتضي العدل بين الأولاد حتى يبروا آباءهم، لأن عدم العدل فيه ظلم ويؤثر على نفسية الأبناء ويزرع فيهم العقد النفسية والحقد والبغضاء على إخوانهم ويولد لديهم الانحرافات السلوكية، فليحرص الأبوان على أن يعدلا بين أبنائهما في كل شيء حسب استطاعتهما ولا يفضلا بعض الأبناء على بعض لأنه ذكر أو أنثى أو مطيع أو متفوق ونحو ذلك لما في ذلك من الظلم للأبناء ومخالفة الهدي النبوي في معاملة الأولاد.

أبو قناع
07 -02- 2009, 11:57 PM
http://www.services.malaksoft.com/lmasat/replay/replay54.gif