المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موسم ( مغبرهـ )



جحفان
07 -07- 2003, 01:41 AM
كنت قد تحدثت في مشاركة سايقة باقتراحي بمشاركة الأعضاء بابداعاتهم القصصية وهذه احدى محاولاتي بعنوان أول الموسم وقد تم نشرها في جريدة عكاظ وقد أعطى عنها الأستاذ عبد المحسن اليوسف انطباعا جيدا ونشرت مرة أخرى في جريدة المديتة بملحق الأربعاء ...........
وهذه القصة تقوم على أسلوب المدرسة الحديثة الذي يعتمد على
اللقطات السريعة المتلاحقة بأسلوب الكاميرا الجاف بعيدا عن
تدخل الكاتب حيث نجد بطل القصة هنا هو موسم الغبار ...!
تحية حارة للجميع ....

أول الموســـــــــــم

مدينة صامطة تتثاءب في صمت السحر .... قبيل الشروق تخضب الأفق بحمرة قانية مشوبة بلون أصفر باهت .....
استند حارس الأمن إلي ركن الباب ونظر للبنك ثم رفع رأسه نحو الشرق وداس عقب سيجارته متمتما: ـــ يوم سيْ حتى قبل أن تشرق الشمس
بدأت حمرة الأفق في التلاشي وانهالت أشعة الشمس على الأفق ناشرة الضياء ولكن لم تظهر الشمس !
وسعى فوق الأرض العمال وخرج طلاب مبكرين وانتشروا كالجراد وتدافع الناس عند الخباز وأكثر من صوت قال :
ـــــ ياله من يوم
وخرج أحمد من بيته مبكرا وسار في زقاق جانبي توقف وانتظر قليلا وزفر وسرعان ما التمعت عيناه حين رآها مقبلة وهمس : ــــــ صباح الخير
ــــــ .....................
ــــــ مضى شهر وأنت لا تردين
ـــــ .........................
ـــــــ حسنا هل أستطيع رؤيتك حين ترجعين من المدرسة ؟
ــــــ .............................
ــــــ السكوت علامة الرضا ؟
ثم توقف مرغما حين انتهى الزقاق وخرجت للشارع العام ....

ارتفعت الشمس وسط هالة غبار غير متحرك واستكن الهواء إيذانا بزيادة الرطوبة .....
وفي السوق الشعبي بدأ أصحاب البضائع على الإسفلت نشر ما يمكن أن يقيهم لهيب الشمس من (طرابيل) وسجاجيد وقال رجل : ــــــ فطوري يغلي في بطني
فأجابه الآخر : ـــــ نحن السابعة الآن ....!
ــــــ كيف تكون الظهيرة ؟!
وازداد الزحام وشاب الجو صفرة كئيبة وتزاحم الطلاب عند سماعهم جرس الدخول ولأول مرة يصرخ فيهم الفراش :
ـــــ ادخلوا بنظام
وفي مبنى البلدية أغلقوا الأبواب واقترب كل موظف بطاولته أكثر ما يمكن من جهاز التكييف ودخل مراجع وهو يلهث قائلا
ــــــ زادت حرارة الجو فجأة
ــــــ مؤكد أن موسم الغبار يبدأ اليوم
ونظر موظف آخر إلى القائل حانقا وكأنه لا يريد أن يسمع بدء موسم الغبار
وفي المدرسة رفع المدير عينيه المنطفئتين من مرض السكر إلى المدرسين قائلا :
ــــــ ستعودون بعد الظهر للمراجعة والرصد
ساد صمت طويل في جو الغرفة وهمس أحدهم لزميله :
ــــــ كان توقيتا سيئا بهذا اليوم .....
وفي أحد المواقف للسيارات عند السوق وقف أحدهم بجانب سيارته وهو يزفر بانتظار صاحب السيارة التي أغلقت الموقف وبعد دقائق أقبل صاحب السيارة وهو يحاول أن يجفف عرقه ثم قال برقة محاولا الاعتذار :
ـــــــ كنت مستعجلا لأخذ غرض و....
فقاطعه بحدة
ـــــــ هذه طريقة غير حضارية
فراح يحاول أن يجفف عرقه بكم ثوبه وهو يبرر :
ــــــ لم أتأخر كثيرا و..
صاح به وهو ينظر للجو الأصفر
ــــــــ أنت غير مؤدب وأخرتني كثيرا
وتماسكا بشدة وتبودلت اللكمات وتجمهر الناس وجاء عسكري المرور وهو يسب ويلعن ...
وتربعت الشمس في كبد السماء تقذف الحمم بسياط من جحيم ونزل أحمد لزقاقه الحبيب وأقبلت تسرع في طريقها على غير عادتها لاحقها وهو يلهث من شدة الحر :
ـــــ كتب علي أن أحبك دون رؤية وجهك
ــــــ .........................
ـــــــ سأذهب الليلة لبيتكم
ـــــــ .........................
ــــــــ سأخطبك .... فلن أستطيع أن أعيش بدونك
توقفت فجأة واستدارت أليه غير أنها ما لبثت أن عادت لطريقها وكأنها رأت شيئا خلفه ......
نظر خلفه فرأى عاملا وافدا متكئا على الحائط وينظر إليهما بعناد ....سمع منها ضحكة ....استدار إلى العامل الذي بدا وكأنه هواء اليوم الذي لم يتحرك إلا أنه ابتسم بفتور ....
انداحت صفرة الجو الى لون ترابي وبدا الغبار وكأنه يأتي من كل جهة وبدت صامطة كئيبة تحت رداء الغبار ونظر علي للشوارع فرآها خالية تقريبا ومنى نفسه بجو جميل داخل بيته ....وازداد الغبار قسوة والحرارة لهيبا ونظر أحمد لجهاز التكييف وصرخ بوجه إخوانه الصغار :
ــــــ يبدو الجهاز وكأنه لا يعمل
ـــــــ حرارة لا تطاق
ـــــــ و غبار يزكم الأنوف
وفجأة أظلمت الحجرة وساد صمت غريب وخرج أحمد لمفتاح الكهرباء مستطلعا واكتشف انقطاع الكهرباء
ــــــ لم يكن ينقصنا الا هذا
ـــــــ هذا شيء لا يطاق
خرج للباب الخارجي فرأى الكثير عند أبوابهم ...وسقط عم عيسى عند بابه اثر أزمة الربو لاستنشاقه الكثير من الغبار وتدافع الجيران نحوه ....
وكثر الفارون من جحيم المنازل لظلال الحوائط عند الأبواب والتصق العرق على الأوجه بغبار الجو ..... ونظر أحدهم لطفله الصغير وقال لجاره شاكيا :
ـــــــ لم يستطع النوم انه طفل كثير البكاء
ــــــ صبرا فلن تطول فترة الانقطاع
وفجأة تنامى لمسامعهم صوت مكيفات الهواء تهدر ثانية ومر العصر ثقيلا حتى توارت الشمس ولكن الجو لم يتخلص من كآبته مع انتشار رائحة الغبار وان خفت حدته ومضى الليل قصيرا وانتشر تحت المصابيح بقايا الغبار وان خفت حدته ونظر إليها حارس الأمن بالبنك فلم يرها بوضوح وأحس بالنكد يقبض قلبه داس عقب سيجارته قائلا :
ــــــ يوم سيء حتى قبل أن تشرق الشمس .


أملا أن تحوز رضائكم وابنتظار تعليقاتكم.....

تحية حارة للجميع ....

أبوإسماعيل
07 -07- 2003, 02:32 AM
.
رائع يا جحفان ما شاء الله عليك
صراحة سمعت عن كتاباتك لكن لم أكن أتوقعها بهذا الرقي
قصة اجتماعية بحتة . معبرة عن أحوال الناس ومعاناتهم

وهنا يطفو سؤال محير :
هل حالة الجو أو المناخ السائد تؤثر في نفسيات الناس
وتجعل الآخرين يحكمون عليهم بأحكام جائرة
فمثلا الرجل الذي أوقف سيارته في السوق وعندما عاد وجد أحدهم قد سد طريقه
ورغم أن الآخر قد اعتذر منه إلا أنه بادره بالإهانة والشتائم
فلو أن الآخر من مدينة أخرى سيأخذ فكرة عن أصحاب هذه البلد أنهم وقحون وسفهاء.

وكذلك الموضفون في الدوائر الحكومية هل لهم الحق في تعطيل معاملات الناس
وتأخيرها بحجة أن نفسياتهم سيئة بسسب الجو أو حالة الطقس .

أحسنت يا أخي
ونأمل منك موافاتنا بباقي إبداعك

الشايش
07 -07- 2003, 04:33 AM
أشد على يدك ي ( جحفان )
وأتمنى أن نرى المزيد من ابداعك في مشاركات لاحقة
وهي قصة تعبر عن واقع نلمسه بشكل شبه يومي
عن (الغبره ) ومتاعبها

ولك 1000 تحية....

السهلي
07 -07- 2003, 05:46 AM
اشكرك ياخي ياخي جحفان على هذه القصه وماتحتويه من معاني تحكي
لنا ما نعيشه هذه الايام في موسم الغبره....
واشيد باسلوبك الجميل الذي استقت به المعاني المعبره عن كل مايدور في هذا الموسم....

واتمنى ان تتحفنا بكل ماهو جديد لديك واتمنى للك دوام التقدم والى المزيد انشاء الله....

مع اجمل تحيه وارق سلام

التاريــــــــخ
13 -07- 2003, 01:52 PM
عزيزي جحفان

بينما وانا اقرأ روايتك الجميلة عن الغبره في وقت الظهيرة وعند وصولي للنقطة الأخيرة منها ..

تصور يجحفان .أن نافذة مجلسي الألمنيوم قد انفتحت ودخل منها غبار أرعبنيييييييي ...
وفي نفسي اقول مالقي جحفان الا انا يغبر علىّ ومن عند مطاقة حقي .

الله يعطيك العافية ياجحفان
الله لايحرمنا منك ياجحفان


لك الحب والتقدير ... لك الوفاء والله احببتك وعرفت الآن انه لا محبة الا بعد بهزه.

أبوسامي
14 -07- 2003, 05:10 AM
جحفان
بسم الله الرحمن الرحيم علينا



رائع اختيار موفق للقصة وفي نفس الموسم .. تصوير راقي وتتابع متصل في السرد ..

صح لسانك على مايقولون <--- ان كان لك لسان ..

بسم الله ..

مسكين التاريخ ... مالك عليه شليته عقله ...

بانتظار المزيد من ابداعاتك اخي ..

كل التحايا ..

جحفان
16 -07- 2003, 01:44 AM
شكرا لكم جميعا......
ولكل من تفاعل مع هذه القصة ....وهذا التشجيع والدعم المعنوي له أثركبير في النفس
في مواصلة الكتابه مع وعدي لكم بالمزيد من المشاركات ولكم من القلب 1000 تحية

القرش
17 -07- 2003, 01:21 AM
شكر لجحفان على هذه القصة الجميلة اتي جمعت بين طرحك الحديث والذي وصفته او مافهمتك منك اللقطات السريعة المتلاحقه وبين شيء نعايشه ونتدبغبه اللهم لا إعتراض على حكم الله

ابارك لمنتديات صامطه بك ومزيدا من روائعك

ومن القلب تحية

شخابيط العبيط
27 -07- 2003, 01:07 AM
اشكرك يا اخ جحفان على هذه القصه والتي عبرت عن شيء من واقع نلمسه الان واتمنى للك المزيد من الابداعات المتتاليه :cool: :cool: :cool: :cool:

فراس
27 -07- 2003, 05:24 AM
توسمت فيك اديبا ذا فصاحة وبيان
وهائنذا اصدق نفسي في ذلك التوقع
بالتوفيق يا........................
فراس

الغريب
29 -07- 2003, 03:45 AM
قصه رائعه بالفعل واشكرك اخي جحفان على هذه القصه والتي اتمنى ان ينظر اليها اصحاب المسئوليه في هذه المنطقه وان تغير فيهم والى الامام اخ جحفان.

جحفان
29 -07- 2003, 11:32 AM
الشكر القدير لكل من شارك وتفاعل مع هذه القصة
ومشاعركم الرقيقة ستكون الدفعة المعنوية التي يحناجها كل كاتب
وأنا عاجز عن شكري لكم
همسة/
شكر خاص لاستاذي القدير فراس

الحلم
20 -07- 2005, 01:57 AM
وهذا وقت مغبرهـ


للرفع..

صورة مع التحية لجحفان

عذبة الروح
20 -07- 2005, 03:02 AM
وقفت انتظر

وفي داخلي اسئله اخترقت صمتي ..وهي ,,


جحفان ؟

امغبره ؟


هل هما شيئان مرعبان ؟


حقا اريد اجابة فالصمت خلع لباسه عني ...




تحياتي عذبة

مجاهد اليامي
20 -07- 2005, 07:29 PM
عذبة الروح
المرعب حقاً
أن تخلعي رداء الصمت .....
هو ما قرأت وما شد انتباهك فالغبرة لا تبقي للدهشة مجالاً


تحياتي الجحفانية