المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أفلام الكارتون المعروضة على أطفال المسلمين لا تمثل بيئتهم



عبدربه
20 -06- 2009, 11:24 PM
أفلام الكارتون المعروضة على أطفال المسلمين لا تمثل بيئتهم بقلم: د. خالد بن سعود الحليبي

طفل يقفز على برعم نبتة كبيرة، فتعلو به بسرعة خاطفة؛ حتى تخترق به السحاب، وهناك يشاهد رجلاً مسناً يصب الماء على السحاب فينزل المطر!!
شاب كسول جداً يتضايق من كل من يكلفه بأي شيء، وفجأة يحصل على (مكنسة سحرية) تعرض عليه أن تحقق له كل ما يريد دون أي جهد منه، فتصنع له العجائب: قصراً كبيراً، ملابس فاخرة، زوجة جميلة، أموالا طائلة فيفوق كل أقرانه!!
طفلة وطفل يعقدان (صداقة بريئة)، وفي كل لقاء عناق حار، وقبلات، وقلوب وردية تنبع من بينهما في مشاهد غرامية مثيرة.
رجل مهيب يرفع دمية حجرية ويقول: هذه هي التي سوف تفتح لنا الطريق!!
كثيرة مثل هذه المشاهد التي تعرض على أطفالنا من خلال الشاشة الصغيرة التي نلتقطها من مائة قناة وقناة على مدار الساعة، مستغلة جاذبية أفلام الكرتون التي تستهوي أحباءنا الصغار، بل حتى الكبار، ومن خلالها بث الغرب إليهم كثيراً من أعرافه وثقافته الخاصة، الغريبة عن مجتمعنا الإسلامي النقي، فشوقتهم إلى رؤية السحرة والمشعوذين وألاعيبهم، وكسرت الحاجز النفسي الذي وضعه الإسلام بيننا وبين الحيوانات المحرم أكلها كالخنازير، أو المحرم اقتناؤها في المنزل كالكلاب، وجعلت منها أبطال الأفلام المحببين للمشاهد، وأصبح الصليب والسفور والاختلاط والعنف والعدوانية مناظر طبيعية أمام الطفل، حتى وصل الأمر إلى بث مفاهيم عقدية مخالفة لعقيدتنا.
غالب الأفلام الكرتونية المعروضة على أطفال المسلمين اليوم لا تمثِّل بيئاتهم، وإن أنطقت بلسانهم، يشترك في ذلك الشخصيات الكرتونية العالمية مثل (باباي)؛ المنبثق من البحرية الأمريكية، الذي يجعل صراعه مع منافسه على الاستئثار بفتاة جميلة، والقصص العالمية المدبلجة، التي تبتعد كل البعد عن قيمنا وأصالتنا وأعرافنا، في خيال لا يمكن أن يبني نفسية الطفل، بل يوقعها في بلبلة وشتات، ويحطم كل مقاييسها الواقعية، كل ذلك بحجة توسعة خيال الطفل.. فماذا جنى أطفالنا؟
إن المسؤولية منوطة بالأمة الإسلامية بأسرها من خلال مؤسساتها التعليمية والثقافية، أن تنهض بهذا الدور، وتقيم مراكز مختصة بإصدار المواد الإعلامية لتثقيف الطفل ثقافة نقية، لمواجهة هذا السيل من الثقافة الموبوءة والذي وصل إلى سمع الطفل وعينه، بل يده: ليشمل نشاطها: القصص المصور، وأشرطة الحاسب الآلي والفيديو والكاسيت الموجهة تربوياً؛ لترسيخ الوازع الديني في نفوسهم، وتقويم سلوكهم. وأفلام الرسوم المتحركة التي تنهل من أمجاد تاريخنا الماضية والحاضرة، وقصصنا الشعبي وفق الضوابط الشرعية، ولا بد من البحث عن شخصيات كارتونية من التراث العربي لمحاولة انتزاع الأثر السلبي الناتج من تعلق الطفل المسلم بالشخصيات الكارتونية العالمية.
إن التلفزيون السعودي قدم عدة تجارب ناجحة في هذا الإطار، ولعل أبرزها البرنامج المتميز (مواهب وأفكار) الذي يقدمه الأستاذ صالح العريض، موجهاً ألعاباً رياضية وأساليب ترفيهية وقصصاً مسلية تمتاز بالجدة والتنوع توجيها تربوياً تعليمياً، تغرس في نفوس الأطفال حب الخير والفضيلة، وتعطيهم ثقة في نفوسهم من خلال مشاركتهم في التعليق والحوار، كل ذلك في أسلوب فني راق جداً، وجذاب جداً.
وقدمت عدد من المؤسسات الوطنية نماذج رائعة في هذا المجال، ولعل أبرزها شركة آلاء السعودية التي أصدرت نماذج رفيعة من أفلام الرسوم المتحركة بعدد من لغات العالم الإسلامي، على أنه بقي أن تتبنى فكرتها القنوات العربية والإسلامية وتشجعها ـ وغيرها ـ على الاستمرار بعرض أعمالها على المشاهدين.
وقامت جهود هنا وهناك من عدد من الأندية الأدبية والمؤسسات العلمية والترفيهية، ينقصها أن يكون لها استمرارية وتسويق؛ لتحاول أن تقاوم هذا التيار الهادر، والذي أخاف أن يغرق ثقافة أطفالنا لا قدَّر الله.
إن التوعية الشرعية الدائمة في مساجدنا، ومناهج التعليم في بلادنا، والقيم السائدة في مجتمعنا تعد من أبرز التحصينات الدائمة لأطفالنا ضد هذه الثقافة الوافدة، ولكن التيار جارف، يحتاج إلى جهود مكثفة مستمرة، وإنتاج يمتاز بالجودة والتجدد؛ ليستطيع إقناع الطفل بتفوقه على ما عداه من غثائيات مهما كان بريقها.
برقية..
إلى كل من يحمل فكرة نقية، أو موهبة فنية أو أدبية، أو قدرة مالية.. أن يتحمَّل جزءاً من المسؤولية فيشارك بما يستطيع للإنتاج في هذا المضمار من خلال المؤسسات التعليمية أو التجارية من أجل ثقافة نقية لأطفالنا.