المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يوم في حياة محمد ..



ديوانك وطني
21 -02- 2005, 07:41 PM
كانت الساعة السابعة مساء والجو خانق .. ومحمد يتجه الى سيارته ليذهب كعادته كل يوم الى المقهى الذي يجتمع فيه مع ( شلته ) وكانوا في معظمهم مجموعة من أصدقاء العمل ..
وكان محمد غاضبا يستمع الى نشرة الاخبار عبر راديو السيارة من ام بي سي اف ام ..
وكان يقول في نفسه : متى ينتهي كل هذا ؟
هذا الشارون القذر لابد أن يوقفه أحد .. الى متى يسمحون له بذبح الناس وتشريدهم واعتقالهم وهدم منازلهم ؟
لاحول ولا قوة الا بالله ...
لابد أن يفعل المجاهدون شيئا ليخلصونا من هذا العار ..
لعنة الله على امريكا فهي سبب كل المصائب ..
وبمجرد انتهاء النشرة .. بدأت المحطة تبث احدى الاغنيات المفضلة لدى محمد .. فهدأ غضبه وراح يدندن مع الأغنية ....
لكن ذهنه لم يكن صافيا .. اذ انصرف تفكيره الى أمر آخر ..
تذكر صديقه وليد الذي ينتظره في المقهى .. وشعر بشيء من القلق والحماس معا .... فاليوم هو يوم غير عادي بالنسبة له .... اذ سيلتقي فريقه الاهلي الذي يعشق مع فريق صديقه اللدود وليد الاتحاد في أول مباراة لهم في الدوري .......
كان يخشى أن يفوز فريق وليد على فريقه عندها ستحل الكارثة .. اذ ما الذي سيخلصه من تعليقات وليد وبعض شلة العمل وسخريتهم حينذاك .......

وصل محمد الى المقهى واوقف سيارته في المواقف الخاصة به ونزل بسرعة متجها الى حيث المركاز الذي تداوم شلته على الاجتماع فيه كل يوم ..
حياهم بسرعة ونادى على النادل وهو يأخذ مكانه بينهم متجاهلا ابتسامة ساخرة متوعدة بدت على وجه وليد ....... وطلب شايا وشيشة ( أرجيلة ) كالعادة ..
لكن وليد لم يتركه في حاله وبدأ كل منهما يتبادل مع الآخر عبارات التحدي والتوعد ..
وهنا تدخل سليمان الذي لم يكن منشغلا كثيرا بأمر المباراة لأنه من أنصار فريق آخر غير هذين الفريقين وبدأ يتحدث عما يجري في فلسطين .. وخفت صوته قليلا وهو يتحدث عن أخبار تتردد عن قيام مظاهرات في كل أنحاء الوطن العربي تضامنا مع الفلسطنيين ...
فرد عليه ناصر ( وهو شخصية متشككة لاتثق بأحد )
قال بصوت مرتجف : كلام فاضي ..
ماجدوى قيام مظاهرات ؟......... نستطيع ان ندعم الفلسطنيين بطرق أخرى ..
ونظر في عينيه علي الذي كان يفهمه جيدا وقال لاحراجه : مثل ماذا ؟
فرد ناصر بصوت مرتبك لكنه حاول أن يكون صوته عاليا وكأنه يبريء نفسه من تهمة ما ...
أصلا المظاهرات حرام ... والحكومات العربية ماقصرت ..
فهاهي تمد الفلسطنيين بالمال وتحاول الضغط على امريكا لحل القضية ..
وهنا لم يتمالك سليمان نفسه وقال دون وعي ساخرا ( الضغط ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ )
وتجهم وجه ناصر وتلا ذلك صمت ثقيل فقد كان هنالك الكثير ليقال لدى كل واحد منهم لكنهم جميعا فضلوا الصمت ..
وشعر محمد بشيء من الخجل من نفسه ولم يعرف السبب .. وشعر بغضب عبر عنه بنفخ هواء الشيشة .... ولم ينقذه وينقذهم الا صوت المذيع وهو يعلن عن بداية المباراة بين الأهلي والاتحاد ... وعلا صوت المعلق الرياضي على كل صوت ........ حتى على صوت تلك الأفكار والمشاعر المضطرمة في نفس كل منهم قبل لحظات ..........
فجأة ........... اختفى العالم ......... اختفت الأزمات ........... اختفت الاحلام ......... اختفت الافراح ....... والنظريات ..
ولم يبق الا عالما واحدا هو ملعب مقسم الى جهتين ........
ولم تبق الا أزمة واحدة هي في قدم من تكون الكرة .......
ولم يبق الا حلما واحدا هو أن يفوز فريقي المفضل .........
ولم تبق الا فرحة واحدة هي فرحة يحققها هدف من قدم لاعب ....
ولم تبق الا نظرية واحدة هي مامدى تمكن اللاعبين من استيعاب خطة المدرب وما مدى قدرة المدرب على استغلال نقاط الضعف في الفريق الخصم ..........
فجأة تسطح العالم ....... بل تكور ( توجد شدة على الواو ) ..........
يتبع ...................

--------------------------------------------------------------------------------

ديوانك وطني
21 -02- 2005, 07:45 PM
المعلق يعلن عن نهاية المباراة .. ويحيي المشاهدين مودعا بينما تتابع الكاميرا بالصورة مشاهد فرحة لا عبي الاتحاد الذين يضج الملعب بصوت جمهورهم وهو يهتف فرحا .....
و وليد يكاد يقفز من مكانه من الفرحة بينما وجه محمد متجهم أسود وكأنه فقد عزيزا عليه ..
وقبل أن تبدأ تعليقات وليد يخطف محمد مفاتيح سيارته من فوق طاولة المركاز وينهض مسرعا قائلا للجميع بصوت مكتوم .. السلام عليكم ...
ويناديه وليد فلا يرد .. وقفز وراءه وليد من مقعده ولحق به الى سيارته ..........
وليد مازحا : يفترض بك ألا تغضب ياصديقي فقد تعودتم على الهزائم ...
وينظر محمد اليه نظرة ذات مغزى جمعت بين الغضب والتأنيب والعتاب والتحذير ..
فيمسك وليد بيده ويأخذ منه مفاتيح السيارة ..... حسنا لا تغضب .. ولكن لماذا تريد أن تغادر منذ الآن مازال الوقت باكرا وغدا يوم جمعة وبامكاننا أن نسهر قليلا ..
محمد متسائلا بسخرية : أسهر مع من ؟ معك أنت ؟
وليد : ولم لا ؟ هل لأنني المسكين الأعزب الوحيد فيكم تستكثر علي أن تسهر معي ..
محمد : أنت تعرف جيدا لماذا لا أريد أن أسهر معك بالذات لذا أعطني مفتاح السيارة .......
وليد : حسنا سأعقد معك صفقة .. ما رأيك في ألا أتحدث عن المباراة مطلقا وفوق ذلك سأدعوك على عشاء خفيف وبعده نذهب لباسكن روبنز لأدعوك على ايسكريمك المفضل .......
محمد وهو يضحك : هل تريد أن تحتفل معي ياخبيث ؟
وليد يشاركه الضحك : لا .. ولماذا أحتفل .. أصلا الفوز بالنسبة لنا عادي .. مناسبة طبيعية ..
ويقاطعه محمد : على ماذا اتفقنا ؟
وليد وهو يبتسم : آسف .. آسف ياصديقي ولكن أنت استدرجتني للكلام عن المباراة ... عموما أعدك ألا يتكرر هذا هذه الليلة فقط ........
محمد : اذن تعال معي في سيارتي وفي نهاية السهرة أحضرك الى هنا لتأخذ سيارتك ...
وليد : طبعا سعادتك ماتركب سيارتي التعبانة لأنها ياباني .... لازم تشخص بالكاديلاك ..
وشعر محمد بشيء من الحرج لم يعرف سببه .... ربما كان هذا الحرج لأنه يلعن ويسب في أمريكا طوال الوقت ويشجع بالقول مقاطعة البضائع والسلع الامريكية لكنه في واقعه لا يلتزم بذلك ...... فمطعمه المفضل وايسكريمه المفضل وسيارته المفضلة وعطره المفضل كلها أمريكية ..
وخيل اليه لوهلة أن صديقه وليد يقرأ مايدور في خلده وأنه يسخر منه وشعر بالخجل أكثر ....
وشعر بشيء من تأنيب الضمير وهو يركب سيارته ....
ونظر في وجه وليد فوجده في وادي آخر ... عيناه تنطقان بسعادته الغامرة وبمجرد ركوبه السيارة راح يبحث عن شريط يعجبه ليضعه في مسجل السيارة ....
واستقر رأيه على شريط لمحمد عبده ......... وسأل محمد هل نتوجه الى مطعمك الأمريكي المعتاد ... لكن محمد أسرع بالاجابة وكأن شيئا لسعه لا ....
واستغرب وليد قليلا ردة فعله لكن محمد استدرك بسرعة دعنا نغير هذه المرة ونتوجه الى مطعم صيني .....
وليد : كما تريد أنت الضيف وأنت صاحب القرار ......
وفكر محمد في أسرته لا بد وأنهم ينتظرون عودته ليتعشوا معا ... وقد تعود الاتصال بهم كل يوم في المساء في طريق عودته الى البيت ليسألهم ماذا يتعشون .....
وفكر ربما يرغبون هم أيضا في أن يحضر لهم شيئا من المطعم الصيني فاتصل بهم ...
وترد نورة على الهاتف ...
محمد : السلام عليكم
نورة : وعليكم السلام ..
محمد : لاتقلقوا ان تأخرت قليلا الليلة لأنني مدعو على العشاء ..
نورة : الله معاك .... لكن العيال ماتعشوا بانتظارك تجيب لهم عشاء .
محمد : حسنا أنا لن أتأخر .... هل أحضر لكم عشاء من المطعم الصيني ؟
نورة : لحظة أسألهم ..
وبينما تسأل نورة الأولاد عن رأيهم .. ينظر محمد الى وليد وهو يبتسم ...
محمد : والله حالة ... كل يوم على ذا الحال والعيال هم اللي يقررون وش ناكل ..... العزوبية نعمة يا أخي ..
وليد : مو بكل الأحوال ... على الأقل أنت لا تشعر بالوحدة وتجد من يأكل معك .
محمد وكأنه اكتشف فجأة حقيقة كانت غائبة عنه : وليد انت ليه ما تتزوج ؟
وليد ساخرا : مكره أخاك على العزوبية لا بطل .... عموما هذه قصة يطول الكلام فيها وفي هذه الليلة بالذات لا أرغب في الكلام عنها .
تعود نورة الى محمد ..
نورة : العيال مايبون أكل صيني .....
محمد ساخرا : أجل وش يبون تايواني ؟
نورة : يبون العشاء من مطعمك الامريكي ..
وكأن نورة طعنته بخنجر بكلمة ( مطعمك ) وكأنها تذكره بأن خيار عدم المقاطعة خياره هو
وأضافت نورة أنا بعد أبي عشاء خفيف .. ياليت تمر على بيتزا هت وتجيب لي من سلطتهم الجديدة سيزر ..
محمد يتمم على عجل وهو يشعر بأن نورة تمعن في تعذيبه : انشاء الله ... مع السلامة .
وبينما كان وليد يستمع الى شبيه الريح يبتسم بينه وبين نفسه وهو يسترجع تفاصيل الهدف السعيد ......
كان محمد يسأل نفسه : لماذا اليوم ؟
لماذا اليوم بالتحديد يشعر بالخجل ويشعر أن عائلته تعذبه وهي تصر على عشاء امريكي ....
رغم أنه تعود ممارسة هذا السلوك في حياته ....
وتذكر ......... تذكر أن الألم في أعماقه لما يجري في فلسطين ألم حقيقي .... يتراكم يوما بعد يوم ...... تذكر أنه اليوم أثناء الدوام وفي نقاش له مع الموظفين .. احتك بناصر الجبان الذي كان يتنصل من كل مسؤلياته الوطنية والقومية نتيجة مرضه بالخوف من السياسة ....
تذكر كيف تصدى لناصر حين أورد فتوى أحد الشيوخ بعدم وجوب المقاطعة ....
تذكر كيف تكلم بحماس عن دور امريكا في المؤامرة علينا وعلى ديننا ..... وتذكر كيف كان يدافع عن المجاهدين بصوت مرتفع مما جعله يشعر بالفخر ...
بل لقد شعر في ذلك الصباح بالاعتزاز بنفسه لدرجة أنه حسب نفسه على المجاهدين وتمنى لو كان منهم .......
تذكر كل ذلك وتمنى لو أنه كان شخصا آخر ... تربى بطريقة أخرى ..... وربى أولاده بطريقة مختلفة .......
كان يتألم كثيرا هذه المرة ولكن ليس بسبب خسارة المباراة ..
لقد أضيئت بصيرته في لحظات ....
وشعر براحة عجيبة وهو يقول لنفسه ....
غدا سأكون رجلا آخر ...........

--------------------------------------------------------------------------------

عبدالله الحلوي
22 -02- 2005, 07:53 PM
محمد وايام اخرى من حياته ...

محمد رتب اركان بيته على طريقة العصر الحديث
دوزن اهاته بين لحظة انصياع خلف الزمن وانجراف نحو الهاوية ....

فرض اسلوبة الجديد على كل محيطة الصغير ونسي ...ماذا نسي ...؟
اعرف انه تناسى هموم شعوب ...تتجرع مرارة هو لم يعشها . ولكن ...

مثله مثل ملايين البشر
مثله مثل الكثيرين من الذين يشترون ...

وينسون من الذي باعهم ...؟


ديوانك في انتظاري صمت يتغلغل بين احداقي ...فإقرأي بقية احداث محمد


مع حبي
القبس

علي عياشي
22 -02- 2005, 10:05 PM
محمد ، وليد ، نورة ، ناصر




الضغط ، الحكومات الع



المقاططة عفوا المقاطعة






تذكري الخوف في حياتنا امر يحتاج الى حل






تحياتي