يحيى الشعبي
11 -07- 2003, 05:45 PM
أمام المرآة…
غربت الشمس ، وألقى الليل عباءته على الوجود ، وراح البدر يشق طريقه غربا ، والرجل يتابع كل ذلك مستمتعا به ويقبع بين جنبيه كتاب عن ((النظام)) وإذا بطفله يناديه : أبي أبي . نعم يا روح أبيك . لن أذهب إلى تلك المدرسة بعد اليوم !! ولم يا بني ؟! لا أريد . ويصر الأب على معرفة السبب . إن أساتدة هذه المدرسة يغيبون ويتأخرون عن الحصص ولا يشرحون لنا الدروس ، لا أريد هذه المدرسة انقلني إلى مدرسة أخرى . فأخذه بالأحضان قائلا ما شاء الله بارك الله حماك الله من كـل عين والله لقد أدركت الذكاء فيك وأنت لا تزال في الثالثة من عمرك وكان حدسي في محله الحمد لله الحمد لله في سن السابعة ويفهم ماله وما عليه !. وتغمره متعتان متعة تأمل الكون البديع المنظَّم ، ومتعة بشائر نجابة الصبي . ويخطفه من بين يدي ابنه وعالمه تفكير عميق في المستقبل الزاهر والأمال العريضة وإذا بالصبي يقطع عليه ذلك. أبي أبي ماذا قلت ؟ نظر إليه بعين تتدفق حباً ورضا قائلا :طلبك مطلبي وغايتي غداً وليس غير الغد أنقلك إلى مدرسة حي الزهراء ففيها أساتذة متميزون وإن كانت بعيدة ولكن كل شي ( علشانك )يهون شكراً يا أبي . إذاً أنام مبكراً الليلة فلا بد أن أفي بوعدي غداً . دق جرس الساعة واستيقظ الرجل بعد عشر دقائق من سماعه إياه ثم نهض من فراشه مسرعاًوهو يقول : مع أني حرصت على أن أستيقظ مع أول دقة جرس ومع ذلك تأخرت عشر دقائق في الفراش . يالها من عشر دقائق ثمينة !. يا أم خالد جهزي الولد سأداوم به اليوم بنفسي ، وأخذ يلبس شماغه وينظر في المرآة وإذا به يسمع صوتا ينطلق من زنزانة الضمير الميت الحي ، أراك مستعجلا اليوم على غير عادة ! نعم تريد أن تذهب إلى مدرسة… لتنقله منها ؛ لأن معلميها اعتادوا الغياب مثلك ! أهذا فقط هو ابنك ؟!وطلاب مدرستك أليسوا أبناءك ؟! ألا تتقي الله في نفسك ألا… ألا… ألا…؟! فأسقط في يده وأصبح لا يدري ماذا يقول وصاحب الزنزانة يعزف على أوتار القيم والمبادئ والمثل وزوجته تناديه يا أبا خالد .. يا أبا خالد..ولا مجيب فتسأم من ذلك فتركب ابنها الحافلة وتذهب إلى مدرستها وهو مسمر أمام المرآة في موقف عصيب ! وإذ بنظرية (طُزْ ) تلوح في الأفق . إذاً طُزْ المهم ولدي وينظر في ساعته وإذ ا بالحصة الأولى قد مضت يا .. يا.. لا أحد . سأنقل الولد غداً . ويلقي كل شيء وراء ظهره ويتمدد على فراشه ويواصل بقية يومه . يا لها من عادة أخت!. يحيى الشعبي
[/list] [list]
غربت الشمس ، وألقى الليل عباءته على الوجود ، وراح البدر يشق طريقه غربا ، والرجل يتابع كل ذلك مستمتعا به ويقبع بين جنبيه كتاب عن ((النظام)) وإذا بطفله يناديه : أبي أبي . نعم يا روح أبيك . لن أذهب إلى تلك المدرسة بعد اليوم !! ولم يا بني ؟! لا أريد . ويصر الأب على معرفة السبب . إن أساتدة هذه المدرسة يغيبون ويتأخرون عن الحصص ولا يشرحون لنا الدروس ، لا أريد هذه المدرسة انقلني إلى مدرسة أخرى . فأخذه بالأحضان قائلا ما شاء الله بارك الله حماك الله من كـل عين والله لقد أدركت الذكاء فيك وأنت لا تزال في الثالثة من عمرك وكان حدسي في محله الحمد لله الحمد لله في سن السابعة ويفهم ماله وما عليه !. وتغمره متعتان متعة تأمل الكون البديع المنظَّم ، ومتعة بشائر نجابة الصبي . ويخطفه من بين يدي ابنه وعالمه تفكير عميق في المستقبل الزاهر والأمال العريضة وإذا بالصبي يقطع عليه ذلك. أبي أبي ماذا قلت ؟ نظر إليه بعين تتدفق حباً ورضا قائلا :طلبك مطلبي وغايتي غداً وليس غير الغد أنقلك إلى مدرسة حي الزهراء ففيها أساتذة متميزون وإن كانت بعيدة ولكن كل شي ( علشانك )يهون شكراً يا أبي . إذاً أنام مبكراً الليلة فلا بد أن أفي بوعدي غداً . دق جرس الساعة واستيقظ الرجل بعد عشر دقائق من سماعه إياه ثم نهض من فراشه مسرعاًوهو يقول : مع أني حرصت على أن أستيقظ مع أول دقة جرس ومع ذلك تأخرت عشر دقائق في الفراش . يالها من عشر دقائق ثمينة !. يا أم خالد جهزي الولد سأداوم به اليوم بنفسي ، وأخذ يلبس شماغه وينظر في المرآة وإذا به يسمع صوتا ينطلق من زنزانة الضمير الميت الحي ، أراك مستعجلا اليوم على غير عادة ! نعم تريد أن تذهب إلى مدرسة… لتنقله منها ؛ لأن معلميها اعتادوا الغياب مثلك ! أهذا فقط هو ابنك ؟!وطلاب مدرستك أليسوا أبناءك ؟! ألا تتقي الله في نفسك ألا… ألا… ألا…؟! فأسقط في يده وأصبح لا يدري ماذا يقول وصاحب الزنزانة يعزف على أوتار القيم والمبادئ والمثل وزوجته تناديه يا أبا خالد .. يا أبا خالد..ولا مجيب فتسأم من ذلك فتركب ابنها الحافلة وتذهب إلى مدرستها وهو مسمر أمام المرآة في موقف عصيب ! وإذ بنظرية (طُزْ ) تلوح في الأفق . إذاً طُزْ المهم ولدي وينظر في ساعته وإذ ا بالحصة الأولى قد مضت يا .. يا.. لا أحد . سأنقل الولد غداً . ويلقي كل شيء وراء ظهره ويتمدد على فراشه ويواصل بقية يومه . يا لها من عادة أخت!. يحيى الشعبي
[/list] [list]