المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فكَّر في العواقب ......!!



MR_BigHeart
30 -08- 2003, 11:50 AM
فكَّر في العواقب


خالص جلبي
الكلام في بعض اللحظات أغلى من الذهب ولم يكن غريبا أن تنقش بعض الحكم بماء الذهب, وسميت أمهات القصائد بالمعلقات السبع. وبعض النصائح في مواقف خطيرة تقرر مصير إنسان. وليس منا أحد إلا ومرت به هذه اللحظات فنجا من خطب, أو أفلت من مصيبة, أو حقق مكسبا لا يستهان به. وفي يوم كان ملك التتار يمشي مع حاشيته فمروا بجانب صوفي يكتب في ورقة بين يديه. قال له الملك ماذا تكتب؟ قال إنها حكمة بالغة يجب أن تدفع فيها مئة دينار حتى أطلعك عليها. ابتسم الملك وأمر بصرف المبلغ له فقد استثاره خبر النصيحة. ولما فتح الورقة إذا بها الكلمات التالية:
"إياك أن تقدم على أمر جلل قبل أن تفكر في عواقبه جيدا". ضحك النبلاء من حول الملك وقالوا حقا إنه حكيم عدما طلب المال سلفا. قال الملك لا تسخروا منه وكلامه هذا صحيح وقد يأتي اليوم الذي يساوي أكثر مما طلب. والكثير منا يسخر من الأطفال ليجد أحدهم وقد كبر وسبقه في العلم فعلى المرء أن لا يستخف بأي إنسان أو شيء. وكما قال الحكيم لا تزهدن في صداقة أحد وإن علمت أنه لا ينفعك ولا تحقرن عداوة أحد وإن علمت أنه لا يضرك, فإنك لا تعلم متى ينفع ولاء الصديق ويضر شنآن العدو. ثم إن الملك اهتم بنصيحة الصوفي وأمر بحفرها في آنية الفضة ونقشها بماء الذهب في أماكن يراها. ومرت الأيام حتى كان يوم تآمر فيه أحد النبلاء على الملك وأحكم خطة في القضاء على ولي نعمته فتآمر مع الجراح الذي يعالج الملك قال له يمكن أن نتخلص منه بأسرع مما ينتبه له أحد وسوف تجازى على ذلك الجزاء الأوفى. فإذا جاء يوم تعكر فيه مزاج الملك وأراد الفصادة وكانت عادة يلجأ لها أطباء ذلك الوقت فاستخدم سكينا مسمومة فإن فعلت ذلك ومات جعلتك رئيس الوزراء في عهدي. وفي يوم اشتكى الملك فطلب الجراح للمعالجة. قال له الجراح لا راحة لك مولاي الملك إلا بفصد الدم. وعندما شمر الملك عن ذراعه واقترب منه الجراح جاء الخدم فوضعوا بين يديه آنية من الفضة تجمع الدم المفصود. تقدم الجراح فوضع الآنية تحت مرفق الملك ولكنه قرأ عليها بشكل واضح: "إياك أن تقدم على أمر قبل أن تفكر في عواقبه" انجفل الجراح وارتج عليه وهو يرى فعلته المقدم عليها وقال في نفسه كيف تورطت ببلاهة في هذه المؤامرة فأقتل مليكي ولا أنال ما وعدني به فأكافأ الإحسان بالغدر والزلفى بالشر. ثم إن الخائن لا يؤتمن ويضحى به في أسرع طريقة. ولعله بعد أن يستخدمني في قتل الملك يعود فيقتلني لأنني أنا من يعرف سره. لفت نظر الملك تغير لون وجه الجراح وتردده فخاطبه: ما بالك هل من خطب ولماذا لا تؤدي عملك وتريحني؟ قال أيها الملك لن أكتمك خبري ثم روى له الخطة المرسومة بالتخلص من الملك قال له ولكن ما الذي دفعك أن تغير موقفك؟ قال هي الجملة التي قرأتها على آنية الفضة. جمع الملك النبلاء بعد أن تحقق من نية أصحاب الخطة الإجرامية وعاقبهم. قال انظروا إلى نصيحة الصوفي وكيف ضحكتم عليه يومها. أليست أغلى من مئة دينار؟ اعترف رجال الحاشية بصحة كلام الصوفي وتعلموا قاعدة تقول: لا تستخف بنصيحة فلا تعرف متى تحتاج إليها ولا تستخف بأحد مهما كان صغيرا ولا بشيء مهما كان في نظرك حقيرا وإن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم

التاريــــــــخ
30 -08- 2003, 03:24 PM
ما اجمل هذا الكلام ياصاحب القلب الكبير
وعلى المرء ان يخالق الناس بخلق حسناوكي:




تحايا عاطرة