ضيف الله مهدي
27 -03- 2010, 12:37 AM
الإنسان وخلقه وتكريم الله سبحانه وتعالى له
لقد كرم الله الإنسان وحمله في البر والبحر ورزقه من الطيبات ، وفضله على كثير من خلقه ، وأمر الملائكة أن تسجد لأبيه آدم ، وعلمه أسماء الأشياء ، وأسكنه فسيح جناته ، وجعله في الأرض خليفة ، وأرسل إليه رسله ، وأنزل عليه كتبه ، ونفخ فيه من روحه ، وجعل له السمع والأبصار والأفئدة ، وجعل له الأرض قرارا ، والسماء بناء ، والأنعام مأكلا ومركبا ، يشرب من ألبانها ، ويلبس من أوبارها وأشعارها ، ودحى الأرض بكل ما يحتاجه ، وأنزل له المطر من السماء ، ينبت به الزرع والفواكه ، ويحي به الأرض بعد موتها ، وجعل له الليل سكنا ، والنهار معاشا ، وسخر له الشمس والقمر والنجوم والأنهار والبحار وغيرها 0 وجعل عليه حفظة من الملائكة يتعاقبون عليه بالليل والنهار ، وآتاه من كل ما سأل ، فلا يمكن أن نحصي نعمه فهو الرحمن الرحيم الرؤوف بالعباد 0إن هذا الإنسان الذي خلقه الله لعبادته وابتلائه وامتحانه ، تتكون فيه صفات عجيبة متباينة ، آية من آيات عظمة الله ، فيه من العبر والحكم ما يجب على المسلم معرفتها وتأملها والتوقف عندها 0 قال تعالى : ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) الذاريات ـ 21 0 وهذا الإنسان يمرض جسديا ، ويمرض نفسيا وعقليا ، فإذا مرض هذا الإنسان توقف عن عبادة ربه ، ولهذا فإن الله قد أنزل الشفاء والدواء ، وأمر الإنسان أن يهتم بصحته الجسمية والنفسية ، وفي القرآن الكريم والإلتزام بالمنهج الإسلامي القويم تمام الصحة النفسية ، والتي إذا تأثرت ومرضت ، تعطل الإنسان 0 مراحل تخليق الإنسان كما وصفها القرآن الكريم مرحلة التراب : هذا الإنسان المخلوق العجيب والآية من آيات الله سبحانه ، كان خلقه بداية من طين أو من تراب ، فأبو البشرية هو آدم عليه الصلاة والسلام خلقه الله من تراب 0 قال تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ) 0 المؤمنون ـ 12 0 قال تعالى : ( هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ) 0 غافر ـ 67 0 قال تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون ) 0 الحجر ـ 26 0 قال تعالى : ( وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون () فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ) الحجر 28ـ29 0 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كلكم بنو آدم ، وآدم خلق من تراب ، ولينتهين قوم يفخرون بآبائهم ، أو ليكونن أهون على الله تعالى من الجعلان ) رواه أبو بكر البزار في مسنده من حديث حذيفة 0 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الناس بنو آدم ، وخلق الله آدم من تراب ) 0 رواه أحمد وأبو داود والترمذي من حديث أبي هريرة 0 وإذا أردنا أن نعرف الصلصال فهو : الطين اليابس الذي يصلصل عند نقره ، المتخذ من الطين الرطب الآشن 0 أما الحمأ المسنون ، فهو الطين الأسود المتغير 0 وعندما قال الله تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ) أي أن أصل الإنسان وأصل الحياة كلها من طين هذه الأرض ، ومن عناصره الرئيسية التي تتمثل بذاتها في تركيب الإنسان الجسدي ، وتركيب الأحياء أجمعين 0 ذكر بن كثير في كتابه تفسير القرآن العظيم عن الآية : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين 00 ) أنه تعالى يخبر عن ابتداء خلق الإنسان من سلالة وهو آدم عليه السلام ، خلقه الله من صلصال من حمإ مسنون 0 وقال الأعمش عن المنهال بن عمرو وعن أبي يحيى عن ابن عباس ( من سلالة من طين ) قال من صفوة الماء 0 وقال مجاهد من سلالة أي من مني آدم ، وقال بن جرير إنما سمي آدم لأنه مخلوق من طين ، وقال قتادة استل آدم من الطين وهذا أظهر في المعنى وأقرب إلى السياق ، فإن آدم عليه الصلاة والسلام خلق من طين لازب وهو الصلصال من الحمإ المسنون ، وذلك مخلوق من التراب كما قال تعالى : ( ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون ) 0 وقال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا أسامة بن زهير عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله خلق آدم من قبضة قبضتها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك والخبيث والطيب وبين ذلك ) 0 وجاء في ( أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ) في تفسير قوله تعالى للآية الكريمة ( منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ) أن معنى خلق الله سبحانه وتعالى للناس من تراب ، أنه خلق أباهم آدم منها ، كما قال تعالى : ( إن مثل عيسى عن الله كمثل آدم خلقه من تراب ) آل عمران ـ 59 0 ولما خلق أباهم من تراب وكانوا تبعا له في الخلق ـ صدق عليهم أنهم خلقوا من تراب 0
• كيف ارتقى هذا الطين من طبيعته العنصرية المعروفة إلى أفق الحياة العضوية أولا ، وإلى أفق الحياة الإنسانية أخيرا ؟
هذا هو السر الذي يعجز عن تعليله البشر أجمعون ، ولا يزال سر الحياة في الخلية الأولى خافيا ولا يزعم أحد أنه اهتدى إليه 0 أما سر الحياة الإنسانية العليا بما فيها من مدارك وإشراقات وطاقات متميزة على الخلائق الحيوانية جميعها تتفوق تفوقا حاسما منذ بدء ظهور الإنسان ، فهنا سر لا تزال النظريات تتخبط حوله 0 ولكن القرآن الكريم يفسر لنا ذلك التفرد ، قال تعالى : ( فإذا سويته ونفخت فيه من روحي 000الآية ) الحجر ـ 29 0 إنها روح الله ، تنقل هذا التكوين العضوي الوضيع إلى ذلك الأفق الإنساني الكريم ، منذ بدء التكوين وتجعله ذلك الخلق المتفرد الذي توكل إليه الخلافة في الأرض بحكم تفرد خصائصه منذ بدء التكوين 0 ( عبد العزيز , د0ت ) 0
مرحلة النطفة قال تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين () ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ) المؤمنون ـ 12ـ13 0 وقال تعالى : ( يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة ) الحج ـ 5 0
وقال تعالى : ( وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى () من نطفة إذا تمنى ) النجم ـ 45ـ46 0 وقال تعالى : ( أيحسب الإنسان أن يترك سدى () ألم يك نطفة من مني يمنى () ثم كان علقة فخلق فسوى ) القيامة ـ 36ـ38 0 وقال تعالى : ( قتل الإنسان ما أكفره () من أي شيء خلقه () من نطفة خلقه فقدره () ثم السبيل يسره () ثم أماته فأقبره ) عبس ـ 17ـ21 0 وقال تعالى : ( هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ) غافر ـ 67 0
وفي صحيح البخاري حدثنا مسدد قال حدثنا حماد عن عبيد الله بن أبي بكر عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل وكل بالرحم ملكا يقول يا رب نطفة يا رب علقة يا رب مضغة فإذا أراد أن يقضي خلقه قال أذكر أم أنثى شقي أم سعيد فما الرزق والأجل فيكتب في بطن أمه 0
أنواع النطف :
هناك ثلاثة أنواع من النطف وهي :
1ـ نطفة الذكر : وهي الحيوانات المنوية الموجودة في المني ، وتنتج في الخصية 0
2ـ نطفة الأنثى : وهي البويضة الموجودة في المبيض 0
3ـ نطفة الأمشاج : وهي البويضة الملقحة بالحيوان المنوي 0 قال تعالى : ( إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا ) 0 الإنسان ـ 2 0 نطفة الأمشاج : قال الله تعالى : ( هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا () إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا ) الإنسان ـ 1 0
أمشاج لفظا ومعنى : أخلاط ، جمع مشج ومشيج ، مثل شريف وأشراف 0 أمشاج يقال للشيء إذا خلط بغيره ، مشيج كخليط لفظا ومعنى 0 قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : أمشاج يعني أخلاط 0 وقال الطبري في تفسيرة للآية : إنا خلقنا ذرية آدم من نطفة ، يعني من ماء الرجل وماء المرأة ، والنطفة كل ماء قليل في وعاء كان ذلك ركية أو قربة 0 وقال الإمام ابن القيم : " ومني الرجل وحده لا يتولد منه الولد ما لم يمازجه مادة أخرى من الأنثى " ويقول أيضا " إن الأعضاء والأجزاء والصورة تكونت من مجموع المائين ، وهذا هو الصواب " 0 فالآية القرآنية الكريمة والحديث النبوي الشريف يشيران بما لا يدع مجالا للشك أن هناك اختلاطا وامتزاجا بين نطفة الرجل ونطفة المرأة ، وأن كليهما يشارك في تخليق الإنسان 0
مرحلة العلقة : قال تعالى : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق () خلق الإنسان من علق ) العلق ـ 1ـ2 0 وقال تعالى : ( هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ) غافر ـ 67 وبالبحث عن معنى لفظ العلقة لغويا في معجم اللغة وجدت الآتي : جاء في المصباح المنير " أعلقت ظفري بالشيء أنشبته ، وعلقت الشيء بغيره فتعلق ، وعلق الوحش بالحبالة علوقا ، أي تعلق ، ومنه قيل علق الخصم بخصمه وتعلق به ، وعلق الشوك بالثوب إذا أنشب به واستمسك ، وعلقت المرأة أي حبلت " 0
مرحلة المضغة : قال تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين () ثم جعلناه نطفة في قرار مكين () ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ) المؤمنون ـ 12ـ14 0 وقال تعالى : ( يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا ) الحج ـ 5 0
مرحلة المضغة في علم الأجنة والتشريح : في الأسبوع الثالث يتكون الجنين من ثلاث طبقات وهي : الأكتودرم ، والميزودرم ، والأندودرم ، أي الطبقة الخارجية ثم المتوسطة ثم الداخلية ، كما يكون اللوح الجنيني في ذلك الوقت كمثري الشكل ذو جهة رأسية عرضية وأخرى مؤخرية دقيقة 0 فطبقة الأكتودرم الخارجية تحتوي في وسطها من الجهة المؤخرية على الشريط الأولي ، أما في الجهة الأمامية منها فيظهر الحبل الظهري من العقدة الأولية 0 وطبقة الأنتودرم الداخلية هي تكوين الجهاز الهضمي والجهاز التنفسي 0 أما طبقة الميزودرم المتوسطة وهي التي ظهرت نتيجة لنشاط خلايا الشريط الأولي ، وهذه الطبقة تنمو نموا سريعا حيث يظهر ميزاب طولي على كل من جانبيها ويقسمها إلى ثلاثة أقسام وهي :
1ـ ميزودرم بجانب المحور 0
2ـ ميزودرم وسطى ومنها يخلق الله الجهاز البولي التناسلي 0
3ـ ميزودرم وحشي ومنه يخلق الله الأوعية الدموية والقلب وعضلات الجهاز الهضمي 0 أما الميزودرم الذي يلامس محور الجنين وهو القسم الأول ، فتظهر به جملة شقوق تقسمه إلى قطاعات تسمى الكتل البدنية على جانبي محور الجنين ، ويبلغ عددها عند اكتمالها 45 كتلة على كل جانب ، وذلك من القمة إلى المؤخرة ، وأول ظهور هذه الكتل هو اليوم الحادي والعشرون منذ بدء التلقيح 0
وهذه الكتل هي الأساس الذي يقوم عليه الجهاز العضلي والهيكلي ، كما يمكن معرفة عمر الجنين بمعرفة عدد الكتل البدنية 0 ويبدأ تكون هذه الكتل من منطقة الرأس للحبل الظهري ، وتمتد إلى منطقة المؤخرة ، وعند اكتمال نموها تصل إلى 42ـ 44، كما ذكرنا ويكون تفصيلها كالآتي : ــ 4ــ5 قطع تكون الجمجمة 0 ــ 8 قطع وهي : الفقرات العنقية 0 ــ 12 قطعة صدرية 0 ــ 5 قطع قطنية 0 ــ 5 قطع عجزية 0 ــ 5ــ10 قطع عصعصية 0
مخلقة وغير مخلقة : قال تعالى : ( يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة 000 ) الحج ــ 5 0 • بعضا من أقوال علماء التفسير روي عن الحسن البصري رحمه الله أنه قال : " إن المخلقة هي المصورة ، وغير المخلقة هي غير المصورة " 0 وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : " مخلقة أي تامة الخلق ، وغير مخلقة غير تامة الخلق " وروي عنه أيضا مصورة وغير مصورة 0 أما الإمام الطبري فيقول : " وأختلف أهل التأويل في مخلقة وغير مخلقة فقال بعضهم : هي من صفة النطفة ، قال : ومعنى ذلك فإنا خلقناكم من تراب ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة ، قالوا : فأما المخلقة فما كان سويا ، وأما غير المخلقة فما دفعته الأرحام من النطفة وألقته قبل أن يكون خلقا " 0
• أقوال علماء الأجنة والتشريح :
قال الدكتور محمد علي البار في كتابه ( خلق الإنسان بين الطب والقرآن ) : " في الكرة الجرثومية ( البلاستولا ) خلايا يخلق الله منها الجنين وخلايا كثيرة خارجية لا يخلق منها الجنين وإنما وظيفتها العلوق بجدار الرحم ، وتغذية الجنين ، وعلى هذا فإن تقسيم الكرة الجرثومية إلى خلايا خارجية غير مخلقة وخلايا داخلية مخلقة أولا يناقض القول بأن السياق يدل على أن ــ مخلقة وغير مخلقة ــ هي من صفة المضغة 0 ويقول الدكتور عزيز عبد العليم رئيس قسم وأستاذ جراحة الأطفال في جامعة طنطا وهو : " أن المخاطبين بهذه الآية هم عموم الناس جميعا ، وأن مخلقة وغير مخلقة تتحدث عن خلايا غير متميزة وهي خلايا عميمة ولها القدرة بأمر خالقها وبارئها على التشكل والتحول ، وهي موجودة في الجنين في مرحلة المضغة وما بعدها ، وتعرف بالخلايا الميزانيكيمية ومصدرها الطبقة المتوسطة ( الميزودرم ) وهذه الخلايا تتحول إلى خلايا متميزة عندما تكوّن العظام أو خلايا الدم الحمراء أو البيضاء أو عندما تلتئم الجروح والكسور ، ولها دور هام في الجنين في الطفل ، بل وفي البالغ الكبير 0 هذه الخلايا غير المتميزة هي الخلايا غير المخلقة ، وأما الخلايا المتميزة فهي المخلقة ، وعلى ذلك فإن مخلقة وغير مخلقة هي صفة للمضغة ، وما بعد المضغة حتى نهاية العمر 0
صفات الإنسان في القرآن الكريم :
الصفة الأولى ـ الضعف : قال تعالى : ( وخلق الإنسان ضعيفا ) النساء ــ 28 0
الصفة الثانية ـ اليأس والفرح والفخر والإسراف : قال تعالى : ( ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليؤس كفور () ولئن أذقناه نعمآء بعد ضرآء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور ) هود ـ 9ـ10 0
الصفة الثالثة ـ الظلم والكفر : قال تعالى : ( إن الإنسان لظلوم كفار ) إبراهيم ـ 14
الصفة الرابعة ـ الخصام والجدال : قال تعالى : ( وكان الإنسان أكثر شيء جدلا ) الكهف ـ 54
الصفة الخامسة ـ العجلة : قال تعالى : ( وكان الإنسان عجولا ) الإسراء ـ 11 0
الصفة السادسة ـ البخل : قال تعالى : ( قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذاً لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا ) الإسراء ـ 100 0
الصفة السابعة ـ الجهل : قال تعالى : ( إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ) الأحزاب ـ 72 0
الصفة الثامنة ـ النسيان : قال تعالى : ( ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما )
الصفة التاسعة ـ الهلع والجزع : قال تعالى : ( إن الإنسان خلق هلوعا () إذا مسه الشر جزوعا () وإذا مسه الخير منوعا () إلا المصلين ) المعرج ـ 19 0
الصفة العاشرة ـ الوسواس : قال تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) ق ـ 16 0
الصفة الحادية عشرة ـ الغرور : قال تعالى : ( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ) الانفطار ـ
الصفة الثانية عشرة ـ الكدح والمكابرة : قال تعالى : ( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ) الانشقاق ـ 6 0
الصفة الثالثة عشرة ـ الطغيان والكنود : قال تعالى : ( كلا إن الإنسان ليطغى () أن رآه استغنى ) العلق ـ 5ـ7 0 وقال تعالى : ( إن الإنسان لربه لكنود ) العاديات ـ 0
الصفة الرابعة عشرة ـ الغفلة والإعراض : قال تعالى : ( وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأ بجانبه ) فصلت ـ 51 0
الصفة الخامسة عشرة ـ الخسارة : قال تعالى : ( والعصر () إن الإنسان لفي خسر () إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) العصر 0
الصفات التي يحبها الله في الإنسان :
1ـ الصبر 0 قال تعالى : ( والله يحب الصابرين ) آل عمران ـ 146 0
2ـ جهاد أعداء الله 0 قال تعالى : ( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ) الصف ـ 4 0
3ـ القسط والعدل 0 قال تعالى : ( إن الله يحب المقسطين ) الممتحنة ـ 8 0
4ـ التوكل عليه 0 قال تعالى : ( إن الله يحب المتوكلين ) آل عمران ـ 159 0
5 ـ الإحسان 0 قال تعالى : ( إن الله يحب المحسنين ) البقرة ـ 95 0
6ـ إتقان العمل 0 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ) رواه أبو يعلى عن عائشة 0
7ـ التوبة 0 قال تعالى : ( إن الله يحب التوابين ) 0
8ـ التقوى 0 قال تعالى : ( فإن الله يحب المتقين ) آل عمران ـ 76 0
9ـ الطهارة 0 قال تعالى : ( والله يحب المطهرين ) التوبة ـ 108 0
وهناك صفات أخرى يحبها الله في الإنسان وهي : الغني الخفي ، والمؤمن المحترف ، ورؤية نعمة الله على العبد ، والغيرة ، والسماحة ، والتعفف ، ومعالي الأمور ، والعدل ، والمؤمن القوي ، والحب في الله ، والعفو ، ودوام العمل ، والنصيحة ، وحب المعروف ، وحسن الخلق 0
الصفات التي يبغضها الله في الإنسان :
1ـ الجهر بالسوء 0 قال تعالى : ( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ) النساء ـ 148 0
2ـ الاعتداء 0 قال تعالى : ( إن الله لا يحب المعتدين ) البقرة ـ 190 0
3ـ الكفر والإثم والخيانة 0 قال تعالى : ( والله لا يحب كل كفار أثيم ) 0
4ـ الظلم 0 قال تعالى : ( إنه لا يحب الظالمين ) الشورى ـ 40 0
5ـ الاختيال والفخر 0 قال تعالى : ( إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما ) النساء ـ 107 0
6ـ الإفساد 0 قال تعالى : ( إن الله لا يحب المفسدين ) المائدة ـ 145 0 7ـ التكبر 0 قال تعالى : ( إنه لا يحب المستكبرين ) 0
8ـ الفرح بأمور الدنيا 0 قال تعالى : ( إن الله لا يحب الفرحين ) القصص ـ 76 0
9ـ الإسراف 0 قال تعالى : ( إنه لا يحب المسرفين ) الأعراف ـ 31 0
10ـ عدم البشاشة في وجوه الإخوان 0 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يبغض المعبس في وجوه إخوانه ) رواه الديلمي 0
11ـ الفحش 0 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يبغض الفاحش المتفحش ) رواه أحمد 0
12ـ البذخ 0 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يبغض البذخين الفرحين ) رواه الديلمي 0
13ـ السائل الملحف 0 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يبغض السائل الملحف ) رواه أبو نعيم 0
14ـ الغني الظلوم والشيخ الجهول والعائل المختال 0 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يبغض الغني الظلوم والشيخ الجهول والعائل المختال ) رواه الطبراني 0
الإنسان في علم النفس :
علم النفس يدرس سلوك الإنسان ، ومن خلال تلك الدراسة توصل إلى العديد من النظريات ، والكثير من المعلومات عن الإنسان ، وهو يدرس النفس الإنسانية 0 والبعض لا يرى تسمية علم النفس بهذا الاسم ، وإنما الأفضل أن يكون المسمى علم السلوك 00 وعلم النفس يدرس النمو الجسمي عند الإنسان والمراحل الزمنية ، وكيفية تأثير تلك المراحل على النفس الإنسانية كما أنه يدرس كيفية تشكل الشخصية الإنسانية ، والتنشئة الاجتماعية ، والكثير عن الإنسان 0 ويمر الإنسان منذ بداية الحمل وهو في بطن أمه وخلال مراحل حياته بعد ولادته في مراحل نمو متميزة ، أمكن للعلماء في ميادين العلم المختلفة وفي علم النفس أن يحددوا خصائصها ، وبداياتها ، ونهاياتها في سنين العمر ، ويمكن تلخيص مراحل نمو الإنسان منذ الحمل به وحتى شيخوخته في مراحل النمو الزمنية التالية :
1ـ مرحلة ما قبل الولادة : وتبدأ منذ لحظة الحمل حتى الولادة ، وتمتد تسعة شهور تقريبا ، وإن كانت في بعض الحالات تقتصر على سبعة أشهر فقط 0
2ـ مرحلة المهد أو الرضاعة : وتشمل السنتين الأولى والثانية من العمر 0
3ـ مرحلة الطفولة : وتشمل السنوات من الثالثة حتى الثانية عشرة تقريبا للبنين ، ومن الثالثة إلى العاشرة أو الحادية عشرة للبنات تقريبا 0
وتنقسم هذه الفترة أيضا إلى ثلاث مراحل متميزة وهي :
أ ـ الطفولة المبكرة من 3ـ5 سنوات 0
ب ـ الطفولة المتوسطة من 6ـ8 سنوات 0
ج ـ الطفولة المتأخرة من 9ـ12 سنة عند البنين ، ومن 9ـ 10 عند البنات 0
4ـ مرحلة المراهقة :
وتشمل السنوات من الثالثة عشرة حتى العشرين تقريبا عند البنين ، ومن الحادية عشرة إلى العشرين تقريبا عند البنات 0
وتنقسم هذه المرحلة أيضا إلى أربع مراحل متميزة وهي :
أ ـ مشارف المراهقة من 13ـ14 سنة عند البنين ، ومن 11ـ12 سنة عند البنات 0
ب ـ المراهقة الأولى أو المبكرة من 15ـ16 سنة عند البنين ، ومن 13ـ14 سنة عند البنات 0
ج ـ المراهقة الوسطى من 17ـ18 سنة عند البنين ، ومن 15ـ17 سنة عند البنات 0
د ـ المراهقة المتأخرة من 19ـ20 سنة عند البنين ، ومن 18ـ20 سنة عند البنات 0
5ـ مرحلة الشباب : وتشمل السنوات من الحادية والعشرين حتى الخامسة والعشرين 0 6ـ مرحلة أواسط العمر : وتشمل السنوات من السادسة والعشرين حتى الخمسين من العمر0
7ـ مرحلة الكهولة : وتشمل السنوات من الحادية والخمسين حتى الخامسة والستين 0 8ـ مرحلة الشيخوخة : وتشمل السنوات بعد الخامسة والستين من العمر 0
كيف تتشكل الشخصية ؟
يولد الطفل كائنا حيا تنحصر علاقته مع البيئة في جوانب محدودة ، تنحصر أساسا في التغذية والإخراج 0 ولكن سرعان ما تكتسب البيئة الاجتماعية المحيطة بالطفل أهمية بالغة 0 فالأم تقدم للطفل الطعام والراحة والدفء ، فيرتبط وجودها بإرضاء حاجات الطفل ، ويصبح وجودها في حد ذاته مطلبا هاما عنده 0 كذلك الأب والراشدون المحيطون بالطفل يداعبونه ، ويعطونه الاهتمام 00 ويكتسبون أيضا مع الأم أهمية كبيرة في الحياة النفسية للطفل 0 وهذه البيئة الاجتماعية المحيطة بالطفل منذ الميلاد ، يمكن النظر إليها باعتبارها ممثلة للمجتمع الأكبر تحمل قيمه ومثله ، وتقاليده وعاداته 0 ومن خلالها يحاول المجتمع أن يشكل الطفل الوليد حسب النماذج التي يرتضيها المجتمع 0 فالطفل إذن متعلق بالبيئة المحيطة به لبقائه البيولوجي ورضائه النفسي 0
والبيئة تحاول أن تشكل هذا الطفل حسب نماذج موضوعة مسبقا النمو الاجتماعي للإنسان : التطبع الاجتماعي : يدرك الإنسان الزمان والمكان ، وهو لا يعيش اللحظة التي يمر بها فقط ، بل يعايشها وهو قادر في الآن نفسه على استحضار الماضي وتصور المستقبل 00 لذلك كونت الإنسانية تراثا حضاريا يتمثل في القيم والعادات والتقاليد ، وأساليب السلوك 0 والإنسان الفرد يولد معتمد على غيره ، متمركزا من حول نفسه ، لا يهدف إلاّ إشباع حاجاته الفسيولوجية ، ولا يستطيع إرجاء أو إبدال أو إعلاء أي منها ، وهو في سلوكه أقرب إلى الحيوان منه إلى الإنسان 0 والإنسان ينزع إلى تحقيق اللذة وتجنب الألم ، ولكنه في ضوء التنشئة الاجتماعية يكتسب سمة الخضوع للواقع ، ومن ثم فإن سلوكه يخضع لمبدأ الواقع ويسايره ، رغم سعيه للذة ، وتجنبه للألم 0 التكوين الانفعالي للطفل : تشهد هذه الفترة الطفولية نشاطا انفعاليا متزايدا يبلغ في نهاية السنة الثالثة والرابعة ، ويظهر في غضب الطفل وخوفه وفي حنانه وغيرته 0
مميزات انفعال الطفل :
1ـ التنوع : انفعالات الطفل أكثر تنوعا وأشد تعقدا من انفعال الوليد الذي يتسم بالغموض والبساطة والعموم 0
2ـ التقلب :
3ـ التطرف في الشدة والحدة 0
4ـ انفعالات قصيرة المدى 0
5ـ شفافية الحالة الانفعالية لدى الطفل 0
التكوين الانفعالي وخصائصه في الطفولة المتأخرة : تتميز طفولة هذه الفترة بالاستقرار النفسي في شتى مظاهر الانفعالات ، وهذا ما جعل العلماء النفسيين يدعون هذه الطفولة بالطفولة ، بالطفولة الهادئة الوادعة ، كما دعوا الفترة المبكرة فيها بالطفولة الثائرة الهائجة 0
وأهم خصائص الطفولة الانفعالية في هذه الفترة ما يلي :
1ـ استقرار نسبي في الانفعالات المتعددة ، وتجمعها حول انفعالات معدودة 0
2ـ اعتدال في التقلب الانفعالي 0
3ـ يبدأ الطفل خلال هذه الفترة بإنشاء استقلال ذاتي 0
4ـ قلة في التقلب الانفعالي 0
5ـ يسلك الطفل في هذه الفترة أنواعا من السلوك الانفعالي 0
6ـ استمرار دوافع الغيرة لدى الطفل في فترة متأخرة ، ولكنها تنتقل إلى زملائه في المدرسة أو اللعب 0 التكوين الانفعالي عند الشباب : يتأثر التكوين الانفعالي للإنسان بمراحل نموه العضوي ، وخاصة ما يتصل بنشاط الغدد وطبيعة هرموناتها 0 وحيث أن الشباب يعتبر مرحلة تكامل جسمي في الأجهزة الداخلية والخارجية ، وتكامل إدراكي في اتساع الحياة وتجاربها ، ونضوج جنسي ، لذا فإن التكوين الانفعالي للشباب يسير نحو اتزان الرجولة ، واستقرار العواطف والمزاج الفردي 0
وأهم ما تتميز به الحياة الانفعالية للشباب ما يلي :
1ـ تمايز تام في الانفعالات وظهور العواطف 0
2ـ تآلف عائلي ، وانسجام في حياة المنزل 0
3ـ بحث عن شريكة الحياة لإقامة خلية زوجية 0
أهم العناصر في تكوين الشخصية :
وهذه العناصر هي العناصر التي يختلف فيها الأفراد عن بعضهم البعض ، وأهم العناصر في تكوين الشخصية الإنسانية ما يلي :
1ـ الجسم : أول ما يطالعنا من شخصية أي فرد أو أي إنسان لا نعرفه من قبل هي : قامته ، وقسمات وجهه 0
وقديما قال الشاعر :
ترى الرجل النحيف فتزدريه
وفي أثوابه أسد زئير
ويعجبك الطرير فتبتليه
فيخلف ظنك الرجل الطرير
وفي قصة الإمام أبو حنيفة مع رجل جلس إلى حلقته ، فيها الدلالة على ما للجسم والهيأة من وقع في نفوس مشاهديه ، حتى ولو كانوا من ذوي الثقافة العالية والعلم ، كالإمام أبي حنيفة هذا أثر الجسم على الغير ، أما أثر الجسم على صاحبه فله دلالة أخرى 0 ويقول المثل : " العقل السليم في الجسم السليم " وهذا حق إذا فهمنا من سلامة العقل اتزانه واعتداله 0
وليس من شك في أن الجسم العليل والأعصاب الضعيفة لها كلها أثر سيء على الكيان النفسي لصاحبها 0وهناك الكثير من الخبرات التي يعاني أصحابها من شكل الجسم وحجمه ، وما حصل لهم بسبب شكل أجسامهم من معاناة ، سواء حينما كانوا على مقاعد الدراسة 0 أو عندما كبروا ورغبوا في الزواج والاستقرار ، فكم من فتاة أحجم عنها الخطاب والمتقدمون للزواج سواء بسبب قصر قاماتهن أو السمنة التي كن عليها ، أو النحافة الشديدة وكم من فتى صد الباب في وجهه ولم توافق عليه فتاة للزواج سواء بسب القصر أو اللون أو السمنة المفرطة ، وسأذكر هنا بعضا مما عرض علي 0
2ـ المزاج :
حاول الأقدمون تفسير ما كانوا يلاحظونه من فروق بين الأفراد ، فوضع جالينوس نظرية الأمزجة الأربعة التي شاعت في عالمنا العربي بعد ترجمة كتب اليونان في العصر العباسي الأول 0
وكان جالينوس قد قال أن بالجسم أربعة أمزجة غالبة ، وكل إنسان يغلب عليه مزاج ، والأمزجة التي ذكرها جالينوس هي :
أ ـ المزاج الدموي : وصاحبه مرح متفائل منبسط ، كثير النشاط وكثير التقلب 0
ب ـ المزاج الصفراوي : وصاحبه عنيد صلب وعنيف ، نشيط وثابت الانفعال 0
ج ـ المزاج السوداوي : وصاحبه ينفعل بقوة ، وصاحبه انطوائي ، ويتامل ويتخيل ويكتئب ويتشاءم 00 والآخرون ينفعلون ويتأملون ويتخيلون ويكتئبون ويتشاءمون ، ولكن صاحب المزاج السوداوي أكثر من غيره 0
د ـ المزاج البلغمي : وصاحبه سطحي خامل بليد شره 0
3ـ الذكاء : الذكاء من الأشياء التي تعلن عن نفسها بآثارها 0 فإذا رحت تسأل عن كنهها وقفت حائرا لا تدري شيئا 0 فالكهرباء مثلا ما فتئ الإنسان يتوسع في استخدامها في أغراضه الحضارية ، دون أن يدرك ماهيتها على التحقيق 0 لذلك قل أن اتفق باحثان على تعريف الذكاء ومن تعاريف العلماء للذكاء ما يلي : ـ يقول شترن :" الذكاء هو استعداد الفرد لأن يكيف تفكيره للمواقف الجديدة بصورة شعورية0 ـ ويعرفه ترمان بقوله : " يكون الشخص ذكيا بنسبة قدرته على التفكير المجرد " 0 ـ أما بينيه فيقول : " القدرة على الحكم السليم ، والفهم الصحيح ، والاستدلال الصائب هي من عناصر الذكاء الأساسية " 0 ـ أما ودرو فيعرف الذكاء فيقول : " الذكاء هو القدرة على اكتساب القدرة " ، ويقصد القدرة على التعلم 0 ـ أما جاريت فيعرف الذكاء فيقول : " الذكاء هو القدرة على النجاح في المدرسة أو الكلية " 0
ومن الصفات الأخرى التي يختلف فيها الأفراد عن بعضهم البعض ما يلي :
أ ـ القدرات الخاصة 0
ب ـ القدرات الطائفية 0
ج ـ الاستعدادات 0
د ـ المواهب 0
نهاية الإنسان الموت :
كيف يحدث الموت ؟ يجيبنا على هذا السؤال ، بينا الكريم عليه الصلاة والسلام فقد قال : ( إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا ، وإقبال على الآخرة ، نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه ، كأن وجوههم الشمس ، معهم كفن من الجنة ، وحنوط من الجنة ، حتى يجلسوا منه مد البصر ، ثم جاء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه ثم قال : اخرجي أيتها النفس المطمئنة ، اخرجي إلى رحمة من الله ورضوانه ، فتنسل نفسه كما تقطر القطرة من السقاء ) أخرجه أحمد عن البراء بن عازب 0 هل عقل الإنسان يتغير بالموت ؟ لا يتغير العقل كما دلت النصوص بالموت ، وإنما يتغير البدن والأعضاء ، فيكون الميت عاقلا ، مدركا ، عالما بالآلام واللذات كما كان ، لا يتغير من عقله شيء ،وليس العقل المدرك هو هذا العضو أو ذاك ، بل هو شيء باطن ليس له طول ولا عرض ، بل الذي لا ينقسم في نفسه هو المدرك للأشياء 0 ولو تناثرت أعضاء الإنسان كلها ، ولم يبق إلا الجزء المدرك الذي لا يتجزأ ولا ينقسم ، لكان الإنسان العاقل بكماله قائما باقيا ، وهو كذلك بعد الموت ، فإن ذلك الجزء لا يحله الموت ، ولا يطرأ عليه العدم 0 والدليل على ذلك ما رواه عطاء بن يسار ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( يا عمر : كيف بك إذا أنت مت فانطلق بك قومك ، فقاسوا لك ثلاثة أذرع في ذراع وشبر ، ثم رجعوا إليك فغسّلوك وكفنوك وحنطوك ، ثم احتملوك حتى يضعوك فيه ، ثم يهلوا عليك التراب ويدفنونك ، فإذا انصرفوا عنك أتاك فتّانا القبر : منكر ونكير ، أصواتهما كالرعد القاصف ، وأبصارهما كالبرق الخاطف ، يجران أشعارهما ، ويبحثان القبر بأنيابهما ، فتلتلاك وترتراك ، كيف بك عند ذلك يا عمر ؟ فقال عمر : ويكون معي مثل عقلي الآن ؟ قال : نعم ، قال : إذاً أكفيكهما ) رواه ابن أبي الدنيا في كتاب القبور ، والبيهقي في الاعتقاد من وجه صحيح 0 وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر فتّان القبر ، فقال عمر : أترد علينا عقولنا يا رسول ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( نعم كهيئتك اليوم ) فقال عمر : بفيه الحجر 0 صحيح الترغيب والترهيب مجلد 4 ، بسند حسن 0
ومعنى ( بفيه الحجر ) أي بفم الملك الحجر ، قالها عمر رضي الله عنه لحسن ظنه بربه على ما سيكون عنده من حسن الجواب 0
لقد كرم الله الإنسان وحمله في البر والبحر ورزقه من الطيبات ، وفضله على كثير من خلقه ، وأمر الملائكة أن تسجد لأبيه آدم ، وعلمه أسماء الأشياء ، وأسكنه فسيح جناته ، وجعله في الأرض خليفة ، وأرسل إليه رسله ، وأنزل عليه كتبه ، ونفخ فيه من روحه ، وجعل له السمع والأبصار والأفئدة ، وجعل له الأرض قرارا ، والسماء بناء ، والأنعام مأكلا ومركبا ، يشرب من ألبانها ، ويلبس من أوبارها وأشعارها ، ودحى الأرض بكل ما يحتاجه ، وأنزل له المطر من السماء ، ينبت به الزرع والفواكه ، ويحي به الأرض بعد موتها ، وجعل له الليل سكنا ، والنهار معاشا ، وسخر له الشمس والقمر والنجوم والأنهار والبحار وغيرها 0 وجعل عليه حفظة من الملائكة يتعاقبون عليه بالليل والنهار ، وآتاه من كل ما سأل ، فلا يمكن أن نحصي نعمه فهو الرحمن الرحيم الرؤوف بالعباد 0إن هذا الإنسان الذي خلقه الله لعبادته وابتلائه وامتحانه ، تتكون فيه صفات عجيبة متباينة ، آية من آيات عظمة الله ، فيه من العبر والحكم ما يجب على المسلم معرفتها وتأملها والتوقف عندها 0 قال تعالى : ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) الذاريات ـ 21 0 وهذا الإنسان يمرض جسديا ، ويمرض نفسيا وعقليا ، فإذا مرض هذا الإنسان توقف عن عبادة ربه ، ولهذا فإن الله قد أنزل الشفاء والدواء ، وأمر الإنسان أن يهتم بصحته الجسمية والنفسية ، وفي القرآن الكريم والإلتزام بالمنهج الإسلامي القويم تمام الصحة النفسية ، والتي إذا تأثرت ومرضت ، تعطل الإنسان 0 مراحل تخليق الإنسان كما وصفها القرآن الكريم مرحلة التراب : هذا الإنسان المخلوق العجيب والآية من آيات الله سبحانه ، كان خلقه بداية من طين أو من تراب ، فأبو البشرية هو آدم عليه الصلاة والسلام خلقه الله من تراب 0 قال تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ) 0 المؤمنون ـ 12 0 قال تعالى : ( هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ) 0 غافر ـ 67 0 قال تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون ) 0 الحجر ـ 26 0 قال تعالى : ( وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون () فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ) الحجر 28ـ29 0 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كلكم بنو آدم ، وآدم خلق من تراب ، ولينتهين قوم يفخرون بآبائهم ، أو ليكونن أهون على الله تعالى من الجعلان ) رواه أبو بكر البزار في مسنده من حديث حذيفة 0 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الناس بنو آدم ، وخلق الله آدم من تراب ) 0 رواه أحمد وأبو داود والترمذي من حديث أبي هريرة 0 وإذا أردنا أن نعرف الصلصال فهو : الطين اليابس الذي يصلصل عند نقره ، المتخذ من الطين الرطب الآشن 0 أما الحمأ المسنون ، فهو الطين الأسود المتغير 0 وعندما قال الله تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ) أي أن أصل الإنسان وأصل الحياة كلها من طين هذه الأرض ، ومن عناصره الرئيسية التي تتمثل بذاتها في تركيب الإنسان الجسدي ، وتركيب الأحياء أجمعين 0 ذكر بن كثير في كتابه تفسير القرآن العظيم عن الآية : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين 00 ) أنه تعالى يخبر عن ابتداء خلق الإنسان من سلالة وهو آدم عليه السلام ، خلقه الله من صلصال من حمإ مسنون 0 وقال الأعمش عن المنهال بن عمرو وعن أبي يحيى عن ابن عباس ( من سلالة من طين ) قال من صفوة الماء 0 وقال مجاهد من سلالة أي من مني آدم ، وقال بن جرير إنما سمي آدم لأنه مخلوق من طين ، وقال قتادة استل آدم من الطين وهذا أظهر في المعنى وأقرب إلى السياق ، فإن آدم عليه الصلاة والسلام خلق من طين لازب وهو الصلصال من الحمإ المسنون ، وذلك مخلوق من التراب كما قال تعالى : ( ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون ) 0 وقال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا أسامة بن زهير عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله خلق آدم من قبضة قبضتها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك والخبيث والطيب وبين ذلك ) 0 وجاء في ( أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ) في تفسير قوله تعالى للآية الكريمة ( منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ) أن معنى خلق الله سبحانه وتعالى للناس من تراب ، أنه خلق أباهم آدم منها ، كما قال تعالى : ( إن مثل عيسى عن الله كمثل آدم خلقه من تراب ) آل عمران ـ 59 0 ولما خلق أباهم من تراب وكانوا تبعا له في الخلق ـ صدق عليهم أنهم خلقوا من تراب 0
• كيف ارتقى هذا الطين من طبيعته العنصرية المعروفة إلى أفق الحياة العضوية أولا ، وإلى أفق الحياة الإنسانية أخيرا ؟
هذا هو السر الذي يعجز عن تعليله البشر أجمعون ، ولا يزال سر الحياة في الخلية الأولى خافيا ولا يزعم أحد أنه اهتدى إليه 0 أما سر الحياة الإنسانية العليا بما فيها من مدارك وإشراقات وطاقات متميزة على الخلائق الحيوانية جميعها تتفوق تفوقا حاسما منذ بدء ظهور الإنسان ، فهنا سر لا تزال النظريات تتخبط حوله 0 ولكن القرآن الكريم يفسر لنا ذلك التفرد ، قال تعالى : ( فإذا سويته ونفخت فيه من روحي 000الآية ) الحجر ـ 29 0 إنها روح الله ، تنقل هذا التكوين العضوي الوضيع إلى ذلك الأفق الإنساني الكريم ، منذ بدء التكوين وتجعله ذلك الخلق المتفرد الذي توكل إليه الخلافة في الأرض بحكم تفرد خصائصه منذ بدء التكوين 0 ( عبد العزيز , د0ت ) 0
مرحلة النطفة قال تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين () ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ) المؤمنون ـ 12ـ13 0 وقال تعالى : ( يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة ) الحج ـ 5 0
وقال تعالى : ( وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى () من نطفة إذا تمنى ) النجم ـ 45ـ46 0 وقال تعالى : ( أيحسب الإنسان أن يترك سدى () ألم يك نطفة من مني يمنى () ثم كان علقة فخلق فسوى ) القيامة ـ 36ـ38 0 وقال تعالى : ( قتل الإنسان ما أكفره () من أي شيء خلقه () من نطفة خلقه فقدره () ثم السبيل يسره () ثم أماته فأقبره ) عبس ـ 17ـ21 0 وقال تعالى : ( هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ) غافر ـ 67 0
وفي صحيح البخاري حدثنا مسدد قال حدثنا حماد عن عبيد الله بن أبي بكر عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل وكل بالرحم ملكا يقول يا رب نطفة يا رب علقة يا رب مضغة فإذا أراد أن يقضي خلقه قال أذكر أم أنثى شقي أم سعيد فما الرزق والأجل فيكتب في بطن أمه 0
أنواع النطف :
هناك ثلاثة أنواع من النطف وهي :
1ـ نطفة الذكر : وهي الحيوانات المنوية الموجودة في المني ، وتنتج في الخصية 0
2ـ نطفة الأنثى : وهي البويضة الموجودة في المبيض 0
3ـ نطفة الأمشاج : وهي البويضة الملقحة بالحيوان المنوي 0 قال تعالى : ( إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا ) 0 الإنسان ـ 2 0 نطفة الأمشاج : قال الله تعالى : ( هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا () إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا ) الإنسان ـ 1 0
أمشاج لفظا ومعنى : أخلاط ، جمع مشج ومشيج ، مثل شريف وأشراف 0 أمشاج يقال للشيء إذا خلط بغيره ، مشيج كخليط لفظا ومعنى 0 قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : أمشاج يعني أخلاط 0 وقال الطبري في تفسيرة للآية : إنا خلقنا ذرية آدم من نطفة ، يعني من ماء الرجل وماء المرأة ، والنطفة كل ماء قليل في وعاء كان ذلك ركية أو قربة 0 وقال الإمام ابن القيم : " ومني الرجل وحده لا يتولد منه الولد ما لم يمازجه مادة أخرى من الأنثى " ويقول أيضا " إن الأعضاء والأجزاء والصورة تكونت من مجموع المائين ، وهذا هو الصواب " 0 فالآية القرآنية الكريمة والحديث النبوي الشريف يشيران بما لا يدع مجالا للشك أن هناك اختلاطا وامتزاجا بين نطفة الرجل ونطفة المرأة ، وأن كليهما يشارك في تخليق الإنسان 0
مرحلة العلقة : قال تعالى : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق () خلق الإنسان من علق ) العلق ـ 1ـ2 0 وقال تعالى : ( هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ) غافر ـ 67 وبالبحث عن معنى لفظ العلقة لغويا في معجم اللغة وجدت الآتي : جاء في المصباح المنير " أعلقت ظفري بالشيء أنشبته ، وعلقت الشيء بغيره فتعلق ، وعلق الوحش بالحبالة علوقا ، أي تعلق ، ومنه قيل علق الخصم بخصمه وتعلق به ، وعلق الشوك بالثوب إذا أنشب به واستمسك ، وعلقت المرأة أي حبلت " 0
مرحلة المضغة : قال تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين () ثم جعلناه نطفة في قرار مكين () ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ) المؤمنون ـ 12ـ14 0 وقال تعالى : ( يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا ) الحج ـ 5 0
مرحلة المضغة في علم الأجنة والتشريح : في الأسبوع الثالث يتكون الجنين من ثلاث طبقات وهي : الأكتودرم ، والميزودرم ، والأندودرم ، أي الطبقة الخارجية ثم المتوسطة ثم الداخلية ، كما يكون اللوح الجنيني في ذلك الوقت كمثري الشكل ذو جهة رأسية عرضية وأخرى مؤخرية دقيقة 0 فطبقة الأكتودرم الخارجية تحتوي في وسطها من الجهة المؤخرية على الشريط الأولي ، أما في الجهة الأمامية منها فيظهر الحبل الظهري من العقدة الأولية 0 وطبقة الأنتودرم الداخلية هي تكوين الجهاز الهضمي والجهاز التنفسي 0 أما طبقة الميزودرم المتوسطة وهي التي ظهرت نتيجة لنشاط خلايا الشريط الأولي ، وهذه الطبقة تنمو نموا سريعا حيث يظهر ميزاب طولي على كل من جانبيها ويقسمها إلى ثلاثة أقسام وهي :
1ـ ميزودرم بجانب المحور 0
2ـ ميزودرم وسطى ومنها يخلق الله الجهاز البولي التناسلي 0
3ـ ميزودرم وحشي ومنه يخلق الله الأوعية الدموية والقلب وعضلات الجهاز الهضمي 0 أما الميزودرم الذي يلامس محور الجنين وهو القسم الأول ، فتظهر به جملة شقوق تقسمه إلى قطاعات تسمى الكتل البدنية على جانبي محور الجنين ، ويبلغ عددها عند اكتمالها 45 كتلة على كل جانب ، وذلك من القمة إلى المؤخرة ، وأول ظهور هذه الكتل هو اليوم الحادي والعشرون منذ بدء التلقيح 0
وهذه الكتل هي الأساس الذي يقوم عليه الجهاز العضلي والهيكلي ، كما يمكن معرفة عمر الجنين بمعرفة عدد الكتل البدنية 0 ويبدأ تكون هذه الكتل من منطقة الرأس للحبل الظهري ، وتمتد إلى منطقة المؤخرة ، وعند اكتمال نموها تصل إلى 42ـ 44، كما ذكرنا ويكون تفصيلها كالآتي : ــ 4ــ5 قطع تكون الجمجمة 0 ــ 8 قطع وهي : الفقرات العنقية 0 ــ 12 قطعة صدرية 0 ــ 5 قطع قطنية 0 ــ 5 قطع عجزية 0 ــ 5ــ10 قطع عصعصية 0
مخلقة وغير مخلقة : قال تعالى : ( يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة 000 ) الحج ــ 5 0 • بعضا من أقوال علماء التفسير روي عن الحسن البصري رحمه الله أنه قال : " إن المخلقة هي المصورة ، وغير المخلقة هي غير المصورة " 0 وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : " مخلقة أي تامة الخلق ، وغير مخلقة غير تامة الخلق " وروي عنه أيضا مصورة وغير مصورة 0 أما الإمام الطبري فيقول : " وأختلف أهل التأويل في مخلقة وغير مخلقة فقال بعضهم : هي من صفة النطفة ، قال : ومعنى ذلك فإنا خلقناكم من تراب ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة ، قالوا : فأما المخلقة فما كان سويا ، وأما غير المخلقة فما دفعته الأرحام من النطفة وألقته قبل أن يكون خلقا " 0
• أقوال علماء الأجنة والتشريح :
قال الدكتور محمد علي البار في كتابه ( خلق الإنسان بين الطب والقرآن ) : " في الكرة الجرثومية ( البلاستولا ) خلايا يخلق الله منها الجنين وخلايا كثيرة خارجية لا يخلق منها الجنين وإنما وظيفتها العلوق بجدار الرحم ، وتغذية الجنين ، وعلى هذا فإن تقسيم الكرة الجرثومية إلى خلايا خارجية غير مخلقة وخلايا داخلية مخلقة أولا يناقض القول بأن السياق يدل على أن ــ مخلقة وغير مخلقة ــ هي من صفة المضغة 0 ويقول الدكتور عزيز عبد العليم رئيس قسم وأستاذ جراحة الأطفال في جامعة طنطا وهو : " أن المخاطبين بهذه الآية هم عموم الناس جميعا ، وأن مخلقة وغير مخلقة تتحدث عن خلايا غير متميزة وهي خلايا عميمة ولها القدرة بأمر خالقها وبارئها على التشكل والتحول ، وهي موجودة في الجنين في مرحلة المضغة وما بعدها ، وتعرف بالخلايا الميزانيكيمية ومصدرها الطبقة المتوسطة ( الميزودرم ) وهذه الخلايا تتحول إلى خلايا متميزة عندما تكوّن العظام أو خلايا الدم الحمراء أو البيضاء أو عندما تلتئم الجروح والكسور ، ولها دور هام في الجنين في الطفل ، بل وفي البالغ الكبير 0 هذه الخلايا غير المتميزة هي الخلايا غير المخلقة ، وأما الخلايا المتميزة فهي المخلقة ، وعلى ذلك فإن مخلقة وغير مخلقة هي صفة للمضغة ، وما بعد المضغة حتى نهاية العمر 0
صفات الإنسان في القرآن الكريم :
الصفة الأولى ـ الضعف : قال تعالى : ( وخلق الإنسان ضعيفا ) النساء ــ 28 0
الصفة الثانية ـ اليأس والفرح والفخر والإسراف : قال تعالى : ( ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليؤس كفور () ولئن أذقناه نعمآء بعد ضرآء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور ) هود ـ 9ـ10 0
الصفة الثالثة ـ الظلم والكفر : قال تعالى : ( إن الإنسان لظلوم كفار ) إبراهيم ـ 14
الصفة الرابعة ـ الخصام والجدال : قال تعالى : ( وكان الإنسان أكثر شيء جدلا ) الكهف ـ 54
الصفة الخامسة ـ العجلة : قال تعالى : ( وكان الإنسان عجولا ) الإسراء ـ 11 0
الصفة السادسة ـ البخل : قال تعالى : ( قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذاً لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا ) الإسراء ـ 100 0
الصفة السابعة ـ الجهل : قال تعالى : ( إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ) الأحزاب ـ 72 0
الصفة الثامنة ـ النسيان : قال تعالى : ( ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما )
الصفة التاسعة ـ الهلع والجزع : قال تعالى : ( إن الإنسان خلق هلوعا () إذا مسه الشر جزوعا () وإذا مسه الخير منوعا () إلا المصلين ) المعرج ـ 19 0
الصفة العاشرة ـ الوسواس : قال تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) ق ـ 16 0
الصفة الحادية عشرة ـ الغرور : قال تعالى : ( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ) الانفطار ـ
الصفة الثانية عشرة ـ الكدح والمكابرة : قال تعالى : ( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ) الانشقاق ـ 6 0
الصفة الثالثة عشرة ـ الطغيان والكنود : قال تعالى : ( كلا إن الإنسان ليطغى () أن رآه استغنى ) العلق ـ 5ـ7 0 وقال تعالى : ( إن الإنسان لربه لكنود ) العاديات ـ 0
الصفة الرابعة عشرة ـ الغفلة والإعراض : قال تعالى : ( وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأ بجانبه ) فصلت ـ 51 0
الصفة الخامسة عشرة ـ الخسارة : قال تعالى : ( والعصر () إن الإنسان لفي خسر () إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) العصر 0
الصفات التي يحبها الله في الإنسان :
1ـ الصبر 0 قال تعالى : ( والله يحب الصابرين ) آل عمران ـ 146 0
2ـ جهاد أعداء الله 0 قال تعالى : ( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ) الصف ـ 4 0
3ـ القسط والعدل 0 قال تعالى : ( إن الله يحب المقسطين ) الممتحنة ـ 8 0
4ـ التوكل عليه 0 قال تعالى : ( إن الله يحب المتوكلين ) آل عمران ـ 159 0
5 ـ الإحسان 0 قال تعالى : ( إن الله يحب المحسنين ) البقرة ـ 95 0
6ـ إتقان العمل 0 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ) رواه أبو يعلى عن عائشة 0
7ـ التوبة 0 قال تعالى : ( إن الله يحب التوابين ) 0
8ـ التقوى 0 قال تعالى : ( فإن الله يحب المتقين ) آل عمران ـ 76 0
9ـ الطهارة 0 قال تعالى : ( والله يحب المطهرين ) التوبة ـ 108 0
وهناك صفات أخرى يحبها الله في الإنسان وهي : الغني الخفي ، والمؤمن المحترف ، ورؤية نعمة الله على العبد ، والغيرة ، والسماحة ، والتعفف ، ومعالي الأمور ، والعدل ، والمؤمن القوي ، والحب في الله ، والعفو ، ودوام العمل ، والنصيحة ، وحب المعروف ، وحسن الخلق 0
الصفات التي يبغضها الله في الإنسان :
1ـ الجهر بالسوء 0 قال تعالى : ( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ) النساء ـ 148 0
2ـ الاعتداء 0 قال تعالى : ( إن الله لا يحب المعتدين ) البقرة ـ 190 0
3ـ الكفر والإثم والخيانة 0 قال تعالى : ( والله لا يحب كل كفار أثيم ) 0
4ـ الظلم 0 قال تعالى : ( إنه لا يحب الظالمين ) الشورى ـ 40 0
5ـ الاختيال والفخر 0 قال تعالى : ( إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما ) النساء ـ 107 0
6ـ الإفساد 0 قال تعالى : ( إن الله لا يحب المفسدين ) المائدة ـ 145 0 7ـ التكبر 0 قال تعالى : ( إنه لا يحب المستكبرين ) 0
8ـ الفرح بأمور الدنيا 0 قال تعالى : ( إن الله لا يحب الفرحين ) القصص ـ 76 0
9ـ الإسراف 0 قال تعالى : ( إنه لا يحب المسرفين ) الأعراف ـ 31 0
10ـ عدم البشاشة في وجوه الإخوان 0 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يبغض المعبس في وجوه إخوانه ) رواه الديلمي 0
11ـ الفحش 0 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يبغض الفاحش المتفحش ) رواه أحمد 0
12ـ البذخ 0 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يبغض البذخين الفرحين ) رواه الديلمي 0
13ـ السائل الملحف 0 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يبغض السائل الملحف ) رواه أبو نعيم 0
14ـ الغني الظلوم والشيخ الجهول والعائل المختال 0 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يبغض الغني الظلوم والشيخ الجهول والعائل المختال ) رواه الطبراني 0
الإنسان في علم النفس :
علم النفس يدرس سلوك الإنسان ، ومن خلال تلك الدراسة توصل إلى العديد من النظريات ، والكثير من المعلومات عن الإنسان ، وهو يدرس النفس الإنسانية 0 والبعض لا يرى تسمية علم النفس بهذا الاسم ، وإنما الأفضل أن يكون المسمى علم السلوك 00 وعلم النفس يدرس النمو الجسمي عند الإنسان والمراحل الزمنية ، وكيفية تأثير تلك المراحل على النفس الإنسانية كما أنه يدرس كيفية تشكل الشخصية الإنسانية ، والتنشئة الاجتماعية ، والكثير عن الإنسان 0 ويمر الإنسان منذ بداية الحمل وهو في بطن أمه وخلال مراحل حياته بعد ولادته في مراحل نمو متميزة ، أمكن للعلماء في ميادين العلم المختلفة وفي علم النفس أن يحددوا خصائصها ، وبداياتها ، ونهاياتها في سنين العمر ، ويمكن تلخيص مراحل نمو الإنسان منذ الحمل به وحتى شيخوخته في مراحل النمو الزمنية التالية :
1ـ مرحلة ما قبل الولادة : وتبدأ منذ لحظة الحمل حتى الولادة ، وتمتد تسعة شهور تقريبا ، وإن كانت في بعض الحالات تقتصر على سبعة أشهر فقط 0
2ـ مرحلة المهد أو الرضاعة : وتشمل السنتين الأولى والثانية من العمر 0
3ـ مرحلة الطفولة : وتشمل السنوات من الثالثة حتى الثانية عشرة تقريبا للبنين ، ومن الثالثة إلى العاشرة أو الحادية عشرة للبنات تقريبا 0
وتنقسم هذه الفترة أيضا إلى ثلاث مراحل متميزة وهي :
أ ـ الطفولة المبكرة من 3ـ5 سنوات 0
ب ـ الطفولة المتوسطة من 6ـ8 سنوات 0
ج ـ الطفولة المتأخرة من 9ـ12 سنة عند البنين ، ومن 9ـ 10 عند البنات 0
4ـ مرحلة المراهقة :
وتشمل السنوات من الثالثة عشرة حتى العشرين تقريبا عند البنين ، ومن الحادية عشرة إلى العشرين تقريبا عند البنات 0
وتنقسم هذه المرحلة أيضا إلى أربع مراحل متميزة وهي :
أ ـ مشارف المراهقة من 13ـ14 سنة عند البنين ، ومن 11ـ12 سنة عند البنات 0
ب ـ المراهقة الأولى أو المبكرة من 15ـ16 سنة عند البنين ، ومن 13ـ14 سنة عند البنات 0
ج ـ المراهقة الوسطى من 17ـ18 سنة عند البنين ، ومن 15ـ17 سنة عند البنات 0
د ـ المراهقة المتأخرة من 19ـ20 سنة عند البنين ، ومن 18ـ20 سنة عند البنات 0
5ـ مرحلة الشباب : وتشمل السنوات من الحادية والعشرين حتى الخامسة والعشرين 0 6ـ مرحلة أواسط العمر : وتشمل السنوات من السادسة والعشرين حتى الخمسين من العمر0
7ـ مرحلة الكهولة : وتشمل السنوات من الحادية والخمسين حتى الخامسة والستين 0 8ـ مرحلة الشيخوخة : وتشمل السنوات بعد الخامسة والستين من العمر 0
كيف تتشكل الشخصية ؟
يولد الطفل كائنا حيا تنحصر علاقته مع البيئة في جوانب محدودة ، تنحصر أساسا في التغذية والإخراج 0 ولكن سرعان ما تكتسب البيئة الاجتماعية المحيطة بالطفل أهمية بالغة 0 فالأم تقدم للطفل الطعام والراحة والدفء ، فيرتبط وجودها بإرضاء حاجات الطفل ، ويصبح وجودها في حد ذاته مطلبا هاما عنده 0 كذلك الأب والراشدون المحيطون بالطفل يداعبونه ، ويعطونه الاهتمام 00 ويكتسبون أيضا مع الأم أهمية كبيرة في الحياة النفسية للطفل 0 وهذه البيئة الاجتماعية المحيطة بالطفل منذ الميلاد ، يمكن النظر إليها باعتبارها ممثلة للمجتمع الأكبر تحمل قيمه ومثله ، وتقاليده وعاداته 0 ومن خلالها يحاول المجتمع أن يشكل الطفل الوليد حسب النماذج التي يرتضيها المجتمع 0 فالطفل إذن متعلق بالبيئة المحيطة به لبقائه البيولوجي ورضائه النفسي 0
والبيئة تحاول أن تشكل هذا الطفل حسب نماذج موضوعة مسبقا النمو الاجتماعي للإنسان : التطبع الاجتماعي : يدرك الإنسان الزمان والمكان ، وهو لا يعيش اللحظة التي يمر بها فقط ، بل يعايشها وهو قادر في الآن نفسه على استحضار الماضي وتصور المستقبل 00 لذلك كونت الإنسانية تراثا حضاريا يتمثل في القيم والعادات والتقاليد ، وأساليب السلوك 0 والإنسان الفرد يولد معتمد على غيره ، متمركزا من حول نفسه ، لا يهدف إلاّ إشباع حاجاته الفسيولوجية ، ولا يستطيع إرجاء أو إبدال أو إعلاء أي منها ، وهو في سلوكه أقرب إلى الحيوان منه إلى الإنسان 0 والإنسان ينزع إلى تحقيق اللذة وتجنب الألم ، ولكنه في ضوء التنشئة الاجتماعية يكتسب سمة الخضوع للواقع ، ومن ثم فإن سلوكه يخضع لمبدأ الواقع ويسايره ، رغم سعيه للذة ، وتجنبه للألم 0 التكوين الانفعالي للطفل : تشهد هذه الفترة الطفولية نشاطا انفعاليا متزايدا يبلغ في نهاية السنة الثالثة والرابعة ، ويظهر في غضب الطفل وخوفه وفي حنانه وغيرته 0
مميزات انفعال الطفل :
1ـ التنوع : انفعالات الطفل أكثر تنوعا وأشد تعقدا من انفعال الوليد الذي يتسم بالغموض والبساطة والعموم 0
2ـ التقلب :
3ـ التطرف في الشدة والحدة 0
4ـ انفعالات قصيرة المدى 0
5ـ شفافية الحالة الانفعالية لدى الطفل 0
التكوين الانفعالي وخصائصه في الطفولة المتأخرة : تتميز طفولة هذه الفترة بالاستقرار النفسي في شتى مظاهر الانفعالات ، وهذا ما جعل العلماء النفسيين يدعون هذه الطفولة بالطفولة ، بالطفولة الهادئة الوادعة ، كما دعوا الفترة المبكرة فيها بالطفولة الثائرة الهائجة 0
وأهم خصائص الطفولة الانفعالية في هذه الفترة ما يلي :
1ـ استقرار نسبي في الانفعالات المتعددة ، وتجمعها حول انفعالات معدودة 0
2ـ اعتدال في التقلب الانفعالي 0
3ـ يبدأ الطفل خلال هذه الفترة بإنشاء استقلال ذاتي 0
4ـ قلة في التقلب الانفعالي 0
5ـ يسلك الطفل في هذه الفترة أنواعا من السلوك الانفعالي 0
6ـ استمرار دوافع الغيرة لدى الطفل في فترة متأخرة ، ولكنها تنتقل إلى زملائه في المدرسة أو اللعب 0 التكوين الانفعالي عند الشباب : يتأثر التكوين الانفعالي للإنسان بمراحل نموه العضوي ، وخاصة ما يتصل بنشاط الغدد وطبيعة هرموناتها 0 وحيث أن الشباب يعتبر مرحلة تكامل جسمي في الأجهزة الداخلية والخارجية ، وتكامل إدراكي في اتساع الحياة وتجاربها ، ونضوج جنسي ، لذا فإن التكوين الانفعالي للشباب يسير نحو اتزان الرجولة ، واستقرار العواطف والمزاج الفردي 0
وأهم ما تتميز به الحياة الانفعالية للشباب ما يلي :
1ـ تمايز تام في الانفعالات وظهور العواطف 0
2ـ تآلف عائلي ، وانسجام في حياة المنزل 0
3ـ بحث عن شريكة الحياة لإقامة خلية زوجية 0
أهم العناصر في تكوين الشخصية :
وهذه العناصر هي العناصر التي يختلف فيها الأفراد عن بعضهم البعض ، وأهم العناصر في تكوين الشخصية الإنسانية ما يلي :
1ـ الجسم : أول ما يطالعنا من شخصية أي فرد أو أي إنسان لا نعرفه من قبل هي : قامته ، وقسمات وجهه 0
وقديما قال الشاعر :
ترى الرجل النحيف فتزدريه
وفي أثوابه أسد زئير
ويعجبك الطرير فتبتليه
فيخلف ظنك الرجل الطرير
وفي قصة الإمام أبو حنيفة مع رجل جلس إلى حلقته ، فيها الدلالة على ما للجسم والهيأة من وقع في نفوس مشاهديه ، حتى ولو كانوا من ذوي الثقافة العالية والعلم ، كالإمام أبي حنيفة هذا أثر الجسم على الغير ، أما أثر الجسم على صاحبه فله دلالة أخرى 0 ويقول المثل : " العقل السليم في الجسم السليم " وهذا حق إذا فهمنا من سلامة العقل اتزانه واعتداله 0
وليس من شك في أن الجسم العليل والأعصاب الضعيفة لها كلها أثر سيء على الكيان النفسي لصاحبها 0وهناك الكثير من الخبرات التي يعاني أصحابها من شكل الجسم وحجمه ، وما حصل لهم بسبب شكل أجسامهم من معاناة ، سواء حينما كانوا على مقاعد الدراسة 0 أو عندما كبروا ورغبوا في الزواج والاستقرار ، فكم من فتاة أحجم عنها الخطاب والمتقدمون للزواج سواء بسبب قصر قاماتهن أو السمنة التي كن عليها ، أو النحافة الشديدة وكم من فتى صد الباب في وجهه ولم توافق عليه فتاة للزواج سواء بسب القصر أو اللون أو السمنة المفرطة ، وسأذكر هنا بعضا مما عرض علي 0
2ـ المزاج :
حاول الأقدمون تفسير ما كانوا يلاحظونه من فروق بين الأفراد ، فوضع جالينوس نظرية الأمزجة الأربعة التي شاعت في عالمنا العربي بعد ترجمة كتب اليونان في العصر العباسي الأول 0
وكان جالينوس قد قال أن بالجسم أربعة أمزجة غالبة ، وكل إنسان يغلب عليه مزاج ، والأمزجة التي ذكرها جالينوس هي :
أ ـ المزاج الدموي : وصاحبه مرح متفائل منبسط ، كثير النشاط وكثير التقلب 0
ب ـ المزاج الصفراوي : وصاحبه عنيد صلب وعنيف ، نشيط وثابت الانفعال 0
ج ـ المزاج السوداوي : وصاحبه ينفعل بقوة ، وصاحبه انطوائي ، ويتامل ويتخيل ويكتئب ويتشاءم 00 والآخرون ينفعلون ويتأملون ويتخيلون ويكتئبون ويتشاءمون ، ولكن صاحب المزاج السوداوي أكثر من غيره 0
د ـ المزاج البلغمي : وصاحبه سطحي خامل بليد شره 0
3ـ الذكاء : الذكاء من الأشياء التي تعلن عن نفسها بآثارها 0 فإذا رحت تسأل عن كنهها وقفت حائرا لا تدري شيئا 0 فالكهرباء مثلا ما فتئ الإنسان يتوسع في استخدامها في أغراضه الحضارية ، دون أن يدرك ماهيتها على التحقيق 0 لذلك قل أن اتفق باحثان على تعريف الذكاء ومن تعاريف العلماء للذكاء ما يلي : ـ يقول شترن :" الذكاء هو استعداد الفرد لأن يكيف تفكيره للمواقف الجديدة بصورة شعورية0 ـ ويعرفه ترمان بقوله : " يكون الشخص ذكيا بنسبة قدرته على التفكير المجرد " 0 ـ أما بينيه فيقول : " القدرة على الحكم السليم ، والفهم الصحيح ، والاستدلال الصائب هي من عناصر الذكاء الأساسية " 0 ـ أما ودرو فيعرف الذكاء فيقول : " الذكاء هو القدرة على اكتساب القدرة " ، ويقصد القدرة على التعلم 0 ـ أما جاريت فيعرف الذكاء فيقول : " الذكاء هو القدرة على النجاح في المدرسة أو الكلية " 0
ومن الصفات الأخرى التي يختلف فيها الأفراد عن بعضهم البعض ما يلي :
أ ـ القدرات الخاصة 0
ب ـ القدرات الطائفية 0
ج ـ الاستعدادات 0
د ـ المواهب 0
نهاية الإنسان الموت :
كيف يحدث الموت ؟ يجيبنا على هذا السؤال ، بينا الكريم عليه الصلاة والسلام فقد قال : ( إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا ، وإقبال على الآخرة ، نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه ، كأن وجوههم الشمس ، معهم كفن من الجنة ، وحنوط من الجنة ، حتى يجلسوا منه مد البصر ، ثم جاء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه ثم قال : اخرجي أيتها النفس المطمئنة ، اخرجي إلى رحمة من الله ورضوانه ، فتنسل نفسه كما تقطر القطرة من السقاء ) أخرجه أحمد عن البراء بن عازب 0 هل عقل الإنسان يتغير بالموت ؟ لا يتغير العقل كما دلت النصوص بالموت ، وإنما يتغير البدن والأعضاء ، فيكون الميت عاقلا ، مدركا ، عالما بالآلام واللذات كما كان ، لا يتغير من عقله شيء ،وليس العقل المدرك هو هذا العضو أو ذاك ، بل هو شيء باطن ليس له طول ولا عرض ، بل الذي لا ينقسم في نفسه هو المدرك للأشياء 0 ولو تناثرت أعضاء الإنسان كلها ، ولم يبق إلا الجزء المدرك الذي لا يتجزأ ولا ينقسم ، لكان الإنسان العاقل بكماله قائما باقيا ، وهو كذلك بعد الموت ، فإن ذلك الجزء لا يحله الموت ، ولا يطرأ عليه العدم 0 والدليل على ذلك ما رواه عطاء بن يسار ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( يا عمر : كيف بك إذا أنت مت فانطلق بك قومك ، فقاسوا لك ثلاثة أذرع في ذراع وشبر ، ثم رجعوا إليك فغسّلوك وكفنوك وحنطوك ، ثم احتملوك حتى يضعوك فيه ، ثم يهلوا عليك التراب ويدفنونك ، فإذا انصرفوا عنك أتاك فتّانا القبر : منكر ونكير ، أصواتهما كالرعد القاصف ، وأبصارهما كالبرق الخاطف ، يجران أشعارهما ، ويبحثان القبر بأنيابهما ، فتلتلاك وترتراك ، كيف بك عند ذلك يا عمر ؟ فقال عمر : ويكون معي مثل عقلي الآن ؟ قال : نعم ، قال : إذاً أكفيكهما ) رواه ابن أبي الدنيا في كتاب القبور ، والبيهقي في الاعتقاد من وجه صحيح 0 وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر فتّان القبر ، فقال عمر : أترد علينا عقولنا يا رسول ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( نعم كهيئتك اليوم ) فقال عمر : بفيه الحجر 0 صحيح الترغيب والترهيب مجلد 4 ، بسند حسن 0
ومعنى ( بفيه الحجر ) أي بفم الملك الحجر ، قالها عمر رضي الله عنه لحسن ظنه بربه على ما سيكون عنده من حسن الجواب 0