المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : " مذكرات ضابط سعودي " قرية القمري بجازان !



الهامس جهرا
17 -05- 2010, 04:09 PM
بسم الله الرحمن الرحيم ..

بعد أن تفاجأت العام الماضي عندما كنت أقلب الكتب في مكتبة صغيرة في دبي برواية جازانية رائعة لمؤلفها " يحي امقاسم " عنوانها " ساق الغراب " واحتفلت معكم باكتشافها ونقلت أاجزاء من فصولها :

http://samtah.net/vb/showthread.php?t=77481

تفاجات اليوم من خلال صحيفة الوطن برائعة لابن قرية القمري صاحب المقالات المميزة في صحيفة جازان الالكترونية منذ سنتين " عمرو العامري" برائعته ( ليس للإدميرال من يكاتبه ـ مذكرات ضابط سعودي) وسأسعى للحصول على نسخة من كتابه قريبا بحول الله .

مزيدا من الإبداع لأبناء المنطقة :

"ليس للأدميرال من يكاتبه".. أول مذكرات إبداعية لضابط سعودي

http://www.alwatan.com.sa/Images/newsimages/3517/32-3.jpg

http://www.alwatan.com.sa/$Common/Image/Content/share_save_171_16.png (http://www.addthis.com/bookmark.php?v=250&username=xa-4b33e25d5953aa03)
جدة: محمود تراوري
حين كتبت الروائية التشيلية إيزابيل الليندي في كتابها "حصيلة الأيام" الحوار:
- اكتبي مذكراتك يا إيزابيل.
- أسرتي لا تحب أن ترى نفسها معروضة أمام الملأ.
- لا تهتمي بشئ، إذا كان لابد من الاختيار بين كتابة قصة أو إغضاب الأقارب فإن أي كاتب محترف سيختار الخيار الأول.
لم تفكر لحظة، أن ضابطا سعوديا (متقاعدا) سيجعل من كلماتها هذه يوما ما مفتتحا لكتاب يروي فيه مذكراته، مثلما أنه لم يدر بخلد الروائي الكولومبي الشهير ماركيز أن يستلهم عمرو العامري من عنوان روايته "ليس لدى الكولونيل من يكاتبه" ليعنون كتابه بـ"ليس للأدميرال من يكاتبه". وهو العنوان الذي اختاره القاص العامري لمؤلفه مضيفا إليه عنوانا فرعيا (مذكرات ضابط سعودي) ليمضي في ما يقارب المئتي صفحة ساردا وبلغة حميمة شيئا حار في تسميته: "لقد أردت أن تكون هذه الكتابة مذكرات، ثم عدلت وقلت إنها سيرة، ثم عدت وقلت إنها سيرة لم تكتمل، وعندما اكتشفت أنها أبعد ما تكون عن المذكرات ولا تعدو أن تكون ذكريات من هنا وهناك عدت وأعطيتها اسما آخر، اسما نصف مسروق"، في إشارة منه لرواية ماركيز.
عمرو العامري المولود بقرية القمري في جازان، تدرج في وظيفته العسكرية حتى تقاعد مبكرا برتبة عميد بحري/ ركن. وصدرت له مجموعتان قصصيتان، وهو حاصل على شهادتي ماجستيير في كل من الدفاع وإستراتيجية الدفاع، ربما يكون من القلائل جدا من العسكريين السعوديين الذين خاضوا تجربة الكتابة الإبداعية، بعد تجربة القاص الراحل عبدالله السالمي صاحب (مكعبات الرطوبة) الذي كان ضابطا في القوات الجوية.
تثير مقدمة الكتاب الصادر حديثا في 183 صفحة عن "دار الرونة" قضية أدب السيرة الذاتية الذي يصفه كاتب المقدمة محمد مسعود الفيفي بأنه لون غريب وشاذ في الأدب العربي، ذاكرا أن هذا الأدب "صوب اهتمامه نحو الجماعة واعتبرها مادته الأولى ليكرس تخليد القبائل والشعوب والأعراق، مقابل التجاهل التام للتجارب الفردية المستقلة فيتخطى نجاحاتها ومكتسباتها على الصعيد الشخصي، ما لم تكن ضمن سياق المجموعة". ومن هذه الفكرة شرع العامري في تناول مقتطفات من سيرته الذاتية عبر عمل يصفه الفيفي بـ"إبداعي من طراز فريد"، ثم يضيف "... الذي يشد الانتباه ويدعو للتأمل، ما أبداه الأدميرال من عاطفة سخية ونبيلة تجاه المرأة وبوجه عام، ومكانة الأم"، إذ كان لافتا في الكتاب اعتزاز المؤلف بزوجه (وفاء العمودي) التي استأثرت بمساحة واضحة من السرد، وتوقف عند اللحظة التي ترقى فيها إلى رتبة أدميرال (عميد) حين كان في الولايات المتحدة الأمريكية ووقفت إلى جواره في حضور رسمي واشتركت في مراسم التقليد وقامت بتثبيت رتبة العميد على كتف زوجها الأيسر كتقليد أمريكي.
يقول العامري "وضع الفريق كنث الرتبة على كتفي الأيمن، ووضعت وفاء الرتبة الأخرى على كتفي الأيسر"، إلى أن يقول (وعندما تتحدث وفاء عن أجمل اللحظات في حياتها.. تقول "إن تلك اللحظة واحدة من أجمل أيامها وأظنها السعودية الوحيدة التي فعلت ذلك").
يتميز الكتاب بسرد مراوغ وتقنيات فنية ماهرة، يتكثف تداخل الأزمنة وتكسيرها ما بين طفولة بائسة متطلعة في القمري، وتشرد وجوع في حارات الرياض القديمة، وانفراجات أمل وحلم وشغف بالحب والأنثى في باكستان وفرنسا وأمريكا، وتبدو أكثر اللحظات تأملا تلك المغمورة بمياه الخليج حين يصف العامري دوريات عمله كضابط بحري في مياه الخليج إبان كل حروب الخليج الثلاثة التي عاشها رعبا وقلقا واقترابا من الألغام والموت، وقوارب الصيادين الصغيرة وهي تجوب الخطر في الملح.

الهامس جهرا
17 -05- 2010, 05:15 PM
…كان بيني وبين من احبهم ثلاث مطارات وجواز سفر..وتذكرة ذات وجهة واحد..وحاجز اللغة والجغرافيا والتاريخ…وكان عمري عشرون عاما..وربما اكثر قليلاً ولكني لا اعرف.. حقاً لا اعرف وحقيقة لم يكن ذلك مهما.
وكان العام هوالثامن والتسعين الهجري من القرن الماضي والشهر جماد الاخره والفصل آواخر الخريف..يااااااااااااااااااااااااااااه ثلاثون عاما وأكثر ..ما اسرع ما يتسرب العمر.
يقولون عن مرحلة ما بعد المرحلة الثانوية انها عنق الزجاجه..حيث الخيارات متعددة والروح متوثبة والخبرة قليله..اما بالنسبة لي انا القروي القادم الى العاصمة من اعماق الجنوب المنسي فقد كانت الضياع بمعناه الكبير.
وهو ما دفعني الى ترك مقاعد الجامعة في أشهرها الاولى بحثاً عن طريق مختصر للسفر والمال والانعتاق وتلبية ندآت الشباب ورؤية العالم العالم الي اسمع عنه.
وكانت الوجهة هي باكستان ..عبر بعثة دراسية عسكريه.
لماذا باكستان..؟ لقد كانت الخيارات في ذلك الزمن متعددة..ولكني اخترت الباكستان..دون وعود كبيره ودون مشورة من احد فقط قال لي أحده : الذين يذهبون الى أمريكا يضيعون.
ورحلت دون مودع في المطار مطار الظهران الى كراتشي عبر مطار أبوظبي.
وعندما هبطت الطائرة مطار كراتشي وخرجت بعد مكاتب الجوازات..عرفت أي عالم حنون تركته وكم هو ناء عني الآن وكم هي طائشة خطوتي تلك ولكن لم يعد هناك مجال للنكوص.
كان من المفترض ان يستقبلني شخص ما..من قبل الملحق العسكري ليأخذني الى الكليه..ولسبب لم اعرفه ايضا لم يحضر..ووجدتني وحيدا خارج بوابة المطار بثوبي وغترتي البيضاء وشنطة اليد التي امسكها بكلتا اليدين زيادة في الحرص والقلق.
لأختصر الحكايه ..فلقد وصلت اخيراً الى الكليه..في مساء حار..وكانت الشمس تدنو للغروب والطلاب يمارسون رياضة المساء..والاف الغربان تنعق في سماء تلك الجزيرة الصغيرة جنوب كراتشي.وكانت تفصلني عن القمري سنوات ضوئية.
أتذكرأني وصلت متأخرا بعد رفاقي بأربعة أشهر..وأتذكر أحدهم وهم يسألونه :
ــ كيف السعودي الجديد..؟
ــ صغييييييييييييييير..)بتشديد الياء)
وما ان غربت الشمس حتى كنت رابع ثلاثة في غرف شمالية النوافذ يصلني منها صوت البحر ويشاركني فيها طالب سعودي وآخر ليبي وباكستاني وصوت المروحة الكهربائية الصدء.
كان شعر راسي قد حلق وشاربي الصغير قد اختفى وكذلك ثيابي وغترتي..وعندما نظرت الى نفسي في مرآة الدولاب المكسورة كدت اصعق..فلم اعد أنا كما انا ..لم اعد انا بشعري الاجعد المنكوش وشاربي الصغير وبدت اذني اطول من المعتاد وأنطفأ ذلك البريق من عيني وكنت اشبه بالاسير .. واسدل على الماضي ستار من الضباب..واصبحت في خلال ساعتين فقط مشروع عسكري أو ( officer cadet ) كما يقال.
وبعد ساعتين ايضاً كنت اغمض عيني متظاهراً بالنوم..حتى لا اتلقى مزيداً من العقاب العسكري(وهو اسلوب طبيعي في الكليات العسكرية للطلاب الجدد).. وحتى اسمع ما يقول المحيطين حولي عل ذلك يمدني بمعونة ما وحتى اهرب الى مخزون ذكرياتي..والتي انهالت علي من اودية ما كنت اظني طرقتها..وبدا لي الوطن رائعاً كجنة مفتقده ومفتقداً كشىء عصي على الوصول ..وبدا لي كل شىء نائياً كالنجوم في مجراتها البعيده.
..ليلتها فقط قدرت كيف كان شعور ابونا ادم في اول ليلة له على الارض مطرودا من الجنه ..وسالت نفسي:لماذا من كل الخيارات التي كانت متاحة لي اخترت هذا الخيار الأصعب؟
وأمنت ان الحياة مصير لا اكثر وان قدري منذ الازل شاء ان اكون هنا..ولا ادري متى وكيف جرفتني سنة النوم..لكنه كان نوما مترعا بالكوابيس.
وفي فجر اليوم التالي كنت اركض مع الجميع واقف على كلمة :قف واسترح واستعد ولكن باللغة الاوروديه.
وكنت اتهجى اول خطوات حياتي الجديده..واستجلي افقاً غير واضح المعالم.
وبعد ثلاثة وعشرون عاماً عدت الى الكلية زائراً ولكن كضيف هذه المره بعد ان غدوت قائداً لمركب حربي وزائرا رسمي ..وكان في استقبالي قائد الكليه …ووجدت كل شىء كما كان الا قليلا.. المكان والسماء وسحب الغربان والبحر الخالد ً..ولكني لم اجد كلمة مناسبة املا بها الثلاثة والعشرون عاماً التي تصرمت،ولم اجد ايضاً المراهقة الجميله …شبانه .

الهامس جهرا
17 -05- 2010, 05:24 PM
هناك امكنة تحملها معك اين ما ذهبت .. تظل تسترجع تفاصيلها حتى الصغير منها وهناك امكنة تلفظها ذاكرتك بمجرد مغادرتها.
لقد ظلت السنة والنصف التي قضيتها داخل الكلية حية داخل ذاكرتي بكل تفاصيلها..واستطيع ان استرجع تفاصيل أي يوم..ليس وحدي أنا من يتذكر ذلك ، زملائي الذين كانوا معي يحتفظون ايضاً بتفاصيل مشابهه لتلك الامكنة وذلك الزمن.
وعندما اتذكر الان تلك الايام والتي كانت تبدو قاسية في حينها ..تبدو لي الآن جميلة بشكل لا يصدق..انها ايام الشباب الذي كان والذي لا يقدر بأي ثمن والذي لن يستعاد.



http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/0/07/Naval_Jack_of_Pakistan.svg/300px-Naval_Jack_of_Pakistan.svg.png (http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/0/07/Naval_Jack_of_Pakistan.svg/300px-Naval_Jack_of_Pakistan.svg.png)



شعار الكلية


كنا نقوم قبل صلاة الصبح..لنحلق ذقوننا وشواربنا..ولانه لم يكن لي شارب او ذقن احلقها فاني كنت امرر عليه بالموسى وانا تحت اللحاف لأغتنم دقائق اخرى من النوم اللذيذ..قبل ان نخرج الى حصة الرياضة الصباحيه..ثم نجري لنظفر بحصتنا من الماء قبل ان يتوقف..ثم نلبس لنلحق بوجبة الافطار قبل ان يدق الجرس..ونخرج لطابور الصباح وتحية العلم … ثم الفصل الدراسي وتفاصيل اخرى كثيره لاتهم احداً وكل الغرض من هذا التدريب العسكري الشاق هو الغاء الشق الانساني داخلنا وتحويلنا الى الات تردد نعم حاضر..امرك ..الخ..وبعد انتهاء التفتيش المسائي في نهاية اليوم ...واذا كان التفتيش مرضيا ولم يحكم علينا بعقاب او توقيف وما أكثرها .. كنت اتسلل لحضور الفلم الذي تعرضه سينماء الكليه والذي لا افهم منه شيئاً لانه باللغة الارودية في الغالب ولاني لا اتطلع اليه كثيراً في الاغلب.
كنت اقعد في الصف الاخير دائماً ..في الصف المخصص للطلاب..وبمحاذات الصف المخصص لضباط الكليه وعائلاتهم..وحيث تجلس في الغالب ابنة قائد الكليه لوحدها او مع عائلتها .
كانت مراهقة في الخامسة عشر من عمرها تقريباً وجهها ملىء بالنمش وفمها مفتوح دائماً..وكنت استرق اليها النظر طوال الفلم ..واقرض الفول السوداني الذي أشتريه من الخارج ..ولا اظن انها كانت تشعر بوجودي أو تشعر اني على جلد هذه البسيطه ..لكن ذلك الوقت الذي اجلسه على بعد متر منها يبقى اجمل اوقات اليوم كله والذي كنت انتظره طوال اليوم..ولاني لم اكن اعرف اسمها ..ولا استطيع ان اسأل عنه احداً فقد اطلقت عليها اسم ..ولاده.
وأنتشر الاسم وبسرعة بين جميع الطلاب من ليبين وكويتيين وفلسطينين وقطريين ..كان الجميع يظن ان اسمها ولاده ..واذا ما عبرت ميدان الكلية مع والديها كان زملائي يهتفون لي ان ولادة تعبر الميدان الان ..كان قلبي يتوقف ..وكنت اصنع غيمة زائفة من الاحلام ..وعندما كنا نكلف بأضاءة انوار الكلية اثناء المناوبات كنت اجري الى بيت قائد الكلية لاضىء الانوار المحيطه بذلك المكان ولعلي اظفر منها بلمحة اوخيال من بعيد.
لكن قائد الكليه ما لبث ان انتقل الى مكان آخر ..وجاء قائد اخر قائد لديه بنت أصغر كثيرا وكلب يدلله ..ورحلت ولاده الى حيث لا ادري ..لكن قصتها وذكراها بقيت تضىء وحشة المكان.
وبعد ثلاثة اعوام من ذلك الوهم المدمر..اقامت القوات البحرية الباكستانية سوقاً خيريه يشرف عليها عائلات الضباط .. ورأيتها هي هي بفمها المفتوح دائما وبالنمش الذي لم يتغير ..ولا ادي ماذا كانت تبيع ..ولم تكن وحدها كانت مع أختها الكبرى ومع أخريات ..و حييتها هذه المره وكنت ظابطا متخرجا حديث السن ..وسألتها عن اسمها ..وعرفت ان اسمها شبانه ..وكان ذلك كل ما استطعت ان اقوله لها وكان أيضا ويا للخسارة آخر عهدي بها.
وعندما استرجع الآن ذلك الوهم ومن هذا البون .. لا اعرف ان كان جنوناً ام غباء ام هاجسا انسانيا أملته وحشة المكان ؟ ..لكني اعرف انه شكل لي وهماً لذيذا وسط ذلك القفر ..وحلما من احلام ليالي الصيف. ولكن هل كان ذلك الحلم اول احلامي..لا ..لقد كانت هناك (… )ولكن بتفاصيل اخرى ولا ادري ان كنت استطيع ان اقولها بتفاصيلها ام انتظر سنوات اخرى ومساحات أكبر من التسامح ولكن هل في العمر متسع.






http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/062jpg.jpg?t=1245511983 (http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/062jpg.jpg?t=1245511983)



أو كان ذاك الصبي أنا..؟؟

الهامس جهرا
17 -05- 2010, 05:33 PM
في قرية من اقاصي الجنوب تتكأ على خاصرة الشمس وتعانق القمر وتدعى القمري كانت خطواتي الاولى ... عمتي (فاطمه) تقول اني ولدت في القاسميه ..القاسمية التي كانت ذات يوم بقعة من غيل ورمل ومرعى قبل أن يخونها الماء والعقوق وتموت.
لكننا ما لبثنا ان تحولنا الى القمري والروايات تختلق وتختلف لكن احلامي التي تسري بي كل ليل الى القاسمية حيث وجه جدي وما أتذكر من تحنان أمي تؤكد لي ان القاسمية هي مسقط الرأس ومدفن السرة وأول أرضي مسي جلدي ترابها.

http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/85220211-1.jpg?t=1245952822 (http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/85220211-1.jpg?t=1245952822)

أنا بعد التعديل


كانت القمري ..في الثمانينات من القرن الماضي ككل القرى..غارقة في البؤس والفاقه واللامكان ..لكنها عامرة بالطيبة والخضرة والغنى الذي لا يستنفذ ..كانت المزارع تحدق بها من كل جانب والوديان تجري بالمياه معظم ايام السنه والسماء قل ما تخلف وعدها ..والكل يعمل رجالا ونساء والحياة تسير على قدمين ولا مساحة للقبح أو سؤ النوايا.
كان الناس في ذلك الزمن المنسي يتوارثون الفاقة والجهل والرضى الاعمى..وكان كل شىء ثابت لا يتغير او كانه عصي على التغير
وكان هاجس الكل هو الموت والميلاد ولا شىء اكثر..ولم لا ..؟ فالقمري تحاط بالمقابر من جهات اربع..وان كان قد ازيل بعضها وسورت أخرى مع الموتى لا يرحلون.
ومالذي أتذكر من تلك الطفولة غير أمراض الحصبة والملاريا والسعال الديكي.؟
يقولون أني مت مرتين..مرة أطلقوا من فوق رأسي رصاصة وأفقت..وأخرى كويت بعود مرخ في جبهتي فأفقت أيضاً..وكلا الميتتين لم تكن سوى أغماءة الحمى وعمر الشقي بقي وها أنذا هنا.
كنت على ما أتذكر أعاني من الربو..وكنت أفيق وقد تلاشت أنفاسي..وأتذكر ضمن ما اتذكر دموعي أمي وهي تدور بي في باحة الدار ومالذي تستطيع فعله..؟ وعمر الشقي بقي.
وكبرت كما يكبر أخضر النبات ..ومن يصدق أني كنت ذاك الطفل الذي جاء دون فرحة
والطفل الثالث يأتي دائما كضيف ثقيل.
لكني أتذكر أني كنت كثير الأسئله..لا أعرف كم كان عمري عندما سألت أمي من هو الرسول؟
ـــ شخص يتكلم مع الله
ـــ ومن هو الله..؟
ـــ هذا الكبير.. وأشارت بيدها للسماء الزرقاء.
ولم يكن بالقمري مدرسه ..كانت اصغر من ان تستاثر بمدرسه..كانت المدرسة في ضمد والتي تبعد عنا اربع كم تقريباً وكانت الدراسة ترفاً ..فمن هو الأب الذي لا يحتاج ابنه في الرعي والزراعة ليرسله ليقضي جل يومه يتلقى..درس ..زرع ..حصد.. وزن ؟وكانت هذه اول الكلمات التي كنا نتعلمها في كتاب الهجاء المدرسي.
وبدأ أبي يحفظنا أنا وأخي القرآن..وربما لم أتجاوز الرابعه.
ثم ألتحق اخي الاكبر حسين بالمدرسه في ضمد بدافع الرغبه..اما انا فدخلتها بدافع الغيرة لا اكثر..فلقد بهرتني صور كتاب الهجاء والعلوم رغم فقرها..وحتى يكون لي مثلها رافقت اخي في اليوم التالي رديفين على حمارة بيضاء
روضها الزمن وماتت كأول الفقدان على درب الحرف الطويل.


http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/77a2ff52.jpg?t=1245952669 (http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/77a2ff52.jpg?t=1245952669)

شويط مع اخي حسين

أعادوني للبيت بعد يومين بحجة أني اصغر من أن أكون طالبا ..وفرحت..فالأسر لم يرق لي أبداً
لكني ابي أعادني في اليوم الثاني ..قائلا لمدير المدرسه:
ــ خله يناوس أخوه والا بطلت عليهم كلهم..:
وهكذا بدأت رحلة المعرفة والتي لم تنتهي ولن تنتهي ..لكنني كل يوم ازداد جهلاً بمفردات الحياة
لن اغرق هنا كثيراً في تفاصيل طفولتي ..وسأظل اعود اليها كلما ارهقتني تعقيدات الحياه واحسست اني بحاجة للهروب الى سنوات لم تعرف الزيف سنوات اعود اليها كلما اجتاحتني موجة الذكريات وكل ما عز العزاء في سنوات التعب.
.. استمريت في الدراسة صباحاً والعمل في الرعي والمزرعة مساء ..وفي الليل نتحلق حول فانوس
يمنحنا الضؤ والدفء في الشتاء .
..وبقيت ايضا اكبر ككل الأشياء من حولي دزن أحلام او وعودا بأي شىء.
وحصلت على الشهادة الأبتدائيه ..ربما كثاني او ثالث من نالها من القرية..وأذيع اسمي في المذياع.
كان أخي الأكبر حسين قد بدأ (يتدرم)..كان يستعجل ختانه..لكن أبي خاتله ذات صبيحة وأخذه الى مستشفى جازان العام (وكنت معه) وتم ختاننا نائمين على ظهورنا ودون طقوس ..وكانت فضيحة ..لكن الآخرين حذو حذونا بعد تردد وجزى الله والدي فقد سن سنة حسنه وتحمل بشجاعة ضريبة التغير .
اذا حققت انجازين كبيرين ..اخذت الشهادة الأبتدائية ..وختنت ...وأيضا تغير أسمي .وتلك حكاية سأقولها في غير هذا المكان.
وفي الثالثة عشر من عمري رحلت أمي...ماتت في ليلة شتائية ما زلت أذكرها..أنتظرها الموت كجبان بعد صلاة العشاء وأختطفها دون أن تلوح لنا تلويحة الوداع.
وكم كنت غبيا عندما تصنعت الشجاعة حتى لا ابكي ..كنت أظن أن البكاء خذلان حتى على الأم
ولهذا توجب علي أن أدفع فواتير حزن مؤبد.. حزن لن يموت.
وبقيت العمر كل العمر مجردا من حنان الأم ..ودعاء الأم .. وفردوس الأم وبقيت ابحث عن سلوى في وجوه تتشابه كثيرا لكنها ليست كأمي.

الهامس جهرا
17 -05- 2010, 05:45 PM
و تغير العالم بالنسبة لي ..أنقسم الى عالمين عالم قبل وفاة أمي وعالم بعد وفاة أمي والذين فقدوا أماتهم صغارا يعرفون ذلك التشظي.
و تزوج أبي بعد عامين وشعرنا نحن ألأخوة والأخوات أن ابي خان عشرته الطويله وأنه تغير وأن أخرى أقل قيمة أستولت عليه أو هكذا فسرنا الأشياء وقتها ..وبدأ يذوي فردوس جميل كنت فيه فردوس العائلة الكبيره ..وتسارعت تغيرات الجسد وكيماء الروح أيضا ..ولم يعد التراب الذي أقف عليه هو التراب الذي أعرف, لم يعد ساكناً كما كان ...وبدأت سنوات التمرد والعذابات ومحاولة تشكيل العالم وفق ما اتمنى وأحلم ..لكن المراكب ثكلى والروح عجلى والطريق طويل طويل .
وبدأت تهب على حياتي رياح التغير…وأبتدأ من القرى كل القرى موسم هجرة للشمال ..كثيرون هاجروا للشمال بحثا عن شظف عيش أقل ..عن أفق جديد في الحياة وكان عمي حسن منهم بعد أن ترك البئر والسانية والأرض الشحيحه.
وغادر اخي الاكبرن الى الرياض للدراسة والعمل والسكنى مع عمي ..وألتحقت به ايضا طالبا في ثانوية أبناء

http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/005jpg.jpg?t=1246458177 (http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/005jpg.jpg?t=1246458177)

العسكريين بعد كذبة صغيره وسكنا مع عمي في بيت من الطين أحيانا وفي بيت من الصفيح أحيانا آخرى وكان الفقر وسط الغنى مؤلما ولم نكن مجبرين على الرحيل لكن أخي كان يحتج على تبدل أبي نحونا ..وكنت أقلده لا أكثر ..وكان الثمن قاسيا قساوة الفقر المريرة التي رزحنا فيها.
كنت أصل للفصل الدراسي ماشيا بثوب وحذاء وحيد ..وكان يصل زملائي الأخرين من أبناء الضباط بل وبعض أبناء الأمراء في سيارات فارهة ووفرة مطلقه..او هكذا كنت أحكم على الأشياء .
لكني كنت متفوقا في دراستي ومشاركا في مسابقات الشعر والكتابة والخطابة ومحبوبا من مدير المدرسة ولم يتملكني أبدا شعور النقص رغم ضآلة جسمي وغرابة لهجتي ..ووجودي وحيدا وسط وجوه جديده ..وكنت أفاخر وأنافح أني من جيزان.
ونجحت بتفوق لكن عمي بدل مسكنه وتحولنا معه وأنتقلت لثانوية اليمامة قريبا من قصر الحكم القديم وسط الرياض القديمه الرياض التي كانت تتبدل.

http://www.peachmountain.com/Narayan/images/SaudiArabia/Riyadh_Sengupta02.jpg (http://www.peachmountain.com/Narayan/images/SaudiArabia/Riyadh_Sengupta02.jpg)

وكانت ثانوية اليمامة باذخة ونموذجية في كل شيء..وقرأت في مكتبتها كتبا كثيرة وأتذكر أمين مكتبتها النبيل الأستاذ محمد القرعاوي أبن العالم السلفي الشيخ عبدالله القرعاوي.
لكني رسبت في مادة الجبر وكانت الأرقام والمعادلات وما زالت معظلتي الكبرى
وعدت للقمري بعد أن هزمتني مرارة الفقد لأخوتي وهزمني الحنين الى نقاء القرى وأكلمت ما تبقى في ثانوية جازان الوحيده .
هل لي أن اقول لكم أن ثانوية الأبناء التي درست بها الأول الثانوي بكذبة صغيرة أزيلت وأقيم مكانها عمائر أنيقة للظباط القوات المسلحه أمتلكت أحداها أثناء عملي في الرياض..؟
وهل لي أن اقول أن تلك الشوراع التي كنت أقطعها ماشيا أرتجف من البرد عدت أذرعها راكبا سيارة فخمه .. وله وحده الحمد والمنه؟

http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/hhhhh.jpg?t=1246458430 (http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/hhhhh.jpg?t=1246458430)

وهل لي أن اقول أن النخل الذي يزين شارع المطار القديم وأنواره التي كنت أذاكر دروسي تحت أضوائها هي هي لم تتبدل والسماء التي فوقه هي ايضا لم تتبدل ..ما تبدل هو أنا و الزمن وغياب أخي حسين عن ذلك الفضاء بعد أن عاد للقمري وأقام.
وهل أني أقول أن الحي الذي كان يشرق بالمبرقعات بما فيهن رحمة أبنة جارنا التي لم أر وجهها الا من خلال البرقع وهمسها تبدل ايضا ..وغدى كأحد احياء كراتشي ودكا وكولمبو.
وهل لي أن اقول أن الحياة لم تكن ابدا بخيلة معي حتى وأن قست قسوة سماء الرياض.
كل هذا التبدل والتغير حدث في ثلاثين عاما وأقل..وهل الثلاثين قليل من العمر؟ وكم هي سنوات العمر..؟
وفي جازان هبت علي رياح الشباب وعذابات الحب الأول ..جازان التي تبدلت هي أيضا وفقدت أجمل ما فيها .. قلاعها القديمة وشاطئها الجميل وجبلها الأحمر ومنجم ملحها الشهير.

http://delhi4cats.files.wordpress.com/2009/05/farasan5.jpg (http://delhi4cats.files.wordpress.com/2009/05/farasan5.jpg)

ومن جازان حملت شهادة الثانوية العامة وأنطلقت مجددا الى الرياض متسلحا بأحلام أخرى وأمال أخرى...وكان المقصد جامعة الرياض ..غير ان الجامعة لم تكن أكثر من معبر لفضاء كبير.

الهامس جهرا
17 -05- 2010, 05:56 PM
( ــ أكتبي مذاكراتك يا أزابيل
ــ أسرتي لا تحب أن ترى نفسها معروضة أمام الملأ
ــ لا تهتمي بشىء, اذا كان لا بد من الأختيار بين كتابة قصة أو أغضاب ,الأقارب فأن أي كاتب محترف سيختار الخيار الأول )هذا ما تقوله ايزابيل اللندي في كتاب مذكراتها حصيلة الأيام ..ولكن تلك أزابيل وحياتها غنية بزوجين وعشاق وثلاث منافي..فما الذي في حياتي؟ وما الذي يعرض هنا أويثير..؟
غير أنه عندما لا تكون في حياتنا مكتسبات كثيره..نفضل الحديث عن ذواتنا..عن أنفسنا..نخترع حكايات ومنجزات لن توجد ونصنع من كهوف الريح مساكن للروح ونتحدث.
قلت لكم أني عدت للرياض من أجل الدراسة الجامعية هذه المره..وصلتها قاصدا كلية الهندسه..فقيل لي أن الجامعة قد أمتلأت وأني قد تاخرت ..ولم يعد من الكليات العلمية غير الزراعة والعلوم وأخترت العلوم قسم علوم الأرض ( الجيولوجيا)..وكان قد بقي على بدأ الدراسة شهر ونيف.
وأقمت في عزبة جل من فيها من القمري..جبريل حزام وسعيد عامري في البلديه..(جبريل قد مات)..أولاد عمي عبدالله سويد يعمل في المطار ومحمد سويد في شركة الزاهد. حسن أبو شهادة وأخيه أحمد في مطابع اليمامة’ علي رقيعي وعبدالله المنقري في شركة العيسى للسيارات ,اخيه محمد المنقري يعمل في مستشفى طلال الذي تحول للمستشفى الجامعي(محمد المنقري قد مات أيضا بالفشل الكلوي ) ..وأحمد شافعي يعمل في عمارة البرج ولا أعرف ماذا كان



http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/PH_96.jpg?t=1247169777 (http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/PH_96.jpg?t=1247169777)

الرياض قديما


يعمل لكنه عمه اللبناني كان يرسله أحيانا للبيت يوصل المقاضي للمدام وكان يبدو صغيراً رغم أنه قد تجاوز الثامنة عشره وكان يأتي مبهورا ببياض وجمال المدام التي كانت تعطف عليه طفل
ــــ وووووووووه يا عمرو أيدها رطيييييييييييييييييييييييه وهي بيضاء...عبله
( أحمد شافعي مات ايضا على خط الأحد وهو يهرب مجهولين وقات )..وعيسى البعيطي يعمل حارسا في المعهد المهني.
هكذا كانت الرياض في أواخر التسيعنيات من القرن الماضي .. مقصدا لغرباء لا مؤهلات لهم عدا شبابهم المتوثب وأحلامهم الخضر والبؤس الذي شردهم ..تركوا أغنامهم وأرضهم في موسم هجرة كبيرة نحو الشمال..قليل منهم بعائلاهم ..وعند هؤلا كان البعض منا يودع مدخراته القليله..لا احد يثق بالبنوك أو ربما كنا نتهيبها ..أو ويودع هويته ( التابعية الورقة الرسمية الوحيدة التي يمتلك).
لم نكن نخاف اللصوص ..لا لصوص أبدا..لكننا كنا نخاف النار..
كنا نسكن حوشا كبيرا من الورق المقوى في الملز قريبا من شركة الجفالي..حيث نحصل على الماء من خزانات العمائر التي تبنى بعد أن نغافل الحراس ..ولم نكن تعساء أبدا..للشباب ربيعه وبهجته..والمستقبل صرة مربوطة لم تفتح ..والوعي بالعذابات قليل.
وفي اليوم التالي أخذني عبدالله المنقري الى شركة العيسى لأعمل في الشركة حتى تفتتح الجامعه
لكنه أوصاني قبل أن نذهب :
ــ لا تقلهم عندي جامعه بعد شهر ..ما حيشغلوك
ــ حاضر..
وبدأت في شركة العيسى للسيارات بكذبة صغيره..ولا اعرف لم تبدأ كل مراحل حياتي بكذبات حتى وأت كانت صغيره ..؟
وأبتدأت أعمل في مستودع قطع الغيار..مع موظفين جلهم (شوام) لا اعرف أن كانوا فلسطينين أو سوريين أو حتى أردنيين.ولم يكن خزان القارة الهندية قد فتح ..ولم يهدم سد ذو القرنين وينثال الهنود والبنقال والباكستانين ..فقط كان نحن فقط عيال البلد وأخوتنا اليمنين.
ولم يكن العمل كبيرا..وكنت اقضي جل وقتي في القرآه..
سألني أحد الخبثاء منهم وكنت ( أتلقف) وأقرأ لهم ارقام وأسماء القطع باللغة الأنجليزيه
ــ وين تعلمت..؟
ــ قلت له لم أكمل المتوسطه وجئت أبحث عن عمل
وكان حجمي ووزني يوحي بأني لم أتجاوز الكفآه.
وبعد شهر وبعد أن نقدوني ثمان مئة وعشرون ريال ..ووضعتها في جيبي الداخلي ..أخبرتهم الحقيقة وكلي خجل وغادرت شركة العيسى الواقعة على شارع الملز دون ذكريات .
بدأت الدراسة الجامعيه وكان نظام الساعات قد بدأ ..والسكن الجامعي على طريق المعذر وكان نائيا وبعيدا عن الجامعة في موقعها القديم..قريبا من حديقة حيوان الملز التي كنا ندخلها رجال ونساء قبل أن يكتشف فتيان الصحوه أن دخول الرجال والنساء الى حديقة الحيوان لا يجوز.
وكان معي في السكن شاب لطيف جدا من الشرقيه..أتذكر أن اسمه علي العلي..وشاب آخر من نجران أسمه الأول سعيد وكان يدرس علم الأجتماع ويعمل في شركة أجنبية ... وكان يحضر لنا منها
مجلات (أيروتيكيه)..وكانت صادمة وملهبة للقروي أبن العشرين القادم من زمان القرى .
كانت الدراسة مرهقة .. أحيانا تكون محاضرة في الساعة التاسعة والأخرى السادسة مساء..وعدت لدراسات التفاضل والتكامل الذي لا احبه .. ولم تكن مدرجات الجامعة كما كنت أحلم ..وكان معظم المحاضرين شبابا حديثي العودة من أمريكا وأوربا..كانوا يتحدثون عنها بفتنه كفردوس ناء ..وكنت أغمض عيني وأحلم بتلك الفيافي البعيده ..ولكن كيف.؟
وأرهقتني المواصلات ..ونظام المحاضرات الموزع بين الصبح والمساء وتركت السكن بعد ثلاثة أشهر رغم بهجة مجلات سعيد السريه وروعة الرفاق
..وعدت اسكن مع شلة الأنس في عزبة الأنس والتي لا تلتئم الا في الليل وقد أحتظن كلا منهم جهاز التسجيل وأطلق أغنيته المفضله والكل يستمع للكل ..وكان تلفزيون الأسود والابيض ترفا لم يكن بأستطاعتنا أمتلاكه.
وبعد شهر أيضا وفي ساعة تجلي نادرة قررت أن أترك مقاعد الجامعة وأبحث عن وظيفه فمسار الجامعة طويل ويحتاج الى معونة أفتقدها ..وتركتها وغادرت الى مكة المكرمة بحثاً عن وظيفة وحيث يسكن أخوالي..و الذين لم يرحبوا كثيرا بفكرة الوظيفه وترك الجامعه ..لكني مكثت هناك أسابيع حيث تشكل حبا عابرا من طرف واحد طرفي أنا .. وقلبي أشبه بغصن شجرة يحركه الهواء في كل حين.
غير أني سرعان ما أنسى وهذا من لطف الله الكريم.
وبلغني أن أبي مستاء جدا لتركي الجامعه ..وكذلك أخوتي..
وقررت العودة للريا ض .. وعدت مباشرة من المطار الى كلية الملك فيصل الجويه..كنت أريد أن أكون طيارا لا أقل كنت أريد أن اصنع تميزاً يجلو عني الخيبات ..غير أني لم أتجاوز الكشف الطبي المبدئي عدا في السمع وعمى الألوان..ولم اتجاوز أختبارات النظر والطول والوزن..وكل ذلك كان كشفا مبدئي .



http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/Picture041.jpg?t=1247169351 (http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/Picture041.jpg?t=1247169351)

وأنا قديما جدا
ووقعت على عدد من مجلة اليمامه وعلى غلافه الأخير اعلان يقول: التحق بالقوات البحريه ..تحقق لك أبتعاثا خارجيا ومكافأة مجزيه..وتقدمت وقبلت في الحال..ولم يكن الوزن والطول والنظر مهما..وكان أبن عمتي سعيد قد ترك البلدية وألتحق بالشرطة العسكرية في فصيل حراسة المستشفى العسكري..وتأكد لنا خلوه من الأمراض المعديه..وهكذا فقد تبرع جزاه الله خيرا وأمدني بمستلزمات تحليل البول والبراز (أكرمكم الله) وأجتزت الكشف الطبي ..ووقعت أوراق الكفالة والتعهد من آخر.. وتقدت عمدة حي (العنوز ) مئة ريال ليختم لي بدلا عن شيخ القبيلة في قرية الواسط وهكذا قبلت ..وهكذا ايضا بدأت حياتي العسكرية بكذبه..ولكن كذبة كبيرة هذه المره.
ومن الرياض الى الدمام حيث مقر القوات البحرية الناشئة قريبا من ميناء الملك عبد العزيز أو ما كان يعرف (بالقشله)..والقشلة مفردة تركية أظن معناها الثكنة العسكريه.
ولم أكن أعرف أحدا في المنطقة الشرقة عدا شخص كان يبرح الماء معنا على البئر وكان قد تزوج بنت جيراننا..وقصدته في القطيف..وسكنت عنده داخل شرطة القطيف الواقعة قريبا من ضفاف البحر ..حتى أستخرجت تذكرة وجواز سفر..فشكرا لك يا جابر شبلي ما حييت أن قرأت يوما هذه السطور.
ومن القطيف الى مطار الظهران ..الى مطار ابو ظبي الى كراتشي الى الرفاق الذين كانوا قد سبقوني بخمسة أشهر..خمسة اشهر كانوا في ميدان الكليه وجحيمها وكنت أعاني حبا بائسا لم يسمع به أحد.

أسامة مصلح
17 -05- 2010, 06:04 PM
متابع بشغف ,

الهامس جهرا
17 -05- 2010, 06:07 PM
باكستان..باكستان..باكستان..بلاد الأساطير والسحر والنساء الجميلات وأشاوس الرجال
لم أتحدث عنها إلى الآن ..ومهما تحدثت فلن أفيها حقها..هي البلد التي جئتها بزغب على الشفتين
وجسدا تهب عليه الريح فيطفو وغادرتها بعد سنوات أربع وقد نضوت عن جسدي ريش الطفولة ولم أعد أنا الصبي الذي دخلها بعينين زائغتين وكلمات متعثره..وقناعات طفولية لم تصمد وتلاشت كسحب الدخان.




http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/081jpg.jpg?t=1247749635 (http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/081jpg.jpg?t=1247749635)

كنت


ربما سمعت بإسم باكستان أول مرة على مقاعد الصف الخامس الأبتدائي..باكستان الغربية وعاصمتها كراتشي وباكستان الشرقية وعاصمتها دكا ..وفي السنة الثالثة المتوسطة ..أصبحت عاصمة باكستان الغربية روالبندي..وفي الثانوية لم تعد سوى باكستان واحده..عاصمتها أسلام أباد ورئيسها علي بوتو..أما جناحها الشرقي فقد أنفصل وأصبح أسمه بنقلاديش ورئيسها ضياء الرحمن.
وهكذا أعيد تشكيل القارة الهندية من أمة ودولة الهند الكبرى التي عاشت الآف السنين كأمة متوحدة ..الى دول كالهند وباكستان وبنقلاديش وحدود وجيوش ضاغطة على الزناد وصواريخ نووية موجهة للمدن الكبرى ..وأديان وفرق ومذاهب وألهة وأرباب مختلفه وأنهار من الدماء ما زالت تسيل وستظل تسيل.
وعندما وصلت اليها كان الجنرال محمد ضياء الحق قد أنقلب على سيده وولي نعمته ذو الفقار علي بوتو وأطاح به ..ووضعه في السجن..ورفض كل ندآت العالم لأطلاق سراحه..قبل أن يشنقه ذات فجر في أحد السجون المنسية بمباركة قضاة مزورين وحقد أعمى وهكذا يكتب التأريخ وعربته لا تسير إلا على الرؤس والأجساد.
ولأن ضياء الحق القادم من المؤسسة العسكرية يفتقر للغطاء الشعبي في ظل غليان باكستان على فقد بوتو النبيل فأن ضياء الحق لم يجد أفضل من عبآة الدين ليلبسها ..مثله مثل كل الطغات في التأريخ وأعلن تطبيق الشريعة في بلد مسلم بالفطرة ومن هناك بدأت محنة باكستان التي نرى نتائجها الآن متلفزة لكل العالم .
..وعندما كنا نقرأ في صحف الهند أخبار تطوير المناهج والأنفاق على البحث والتعليم .وأطلاق صناعة المعلومات والأنتخابات البرلمانية وتبادل السلطات وصعود وهبوط الأحزاب عبر صناديق الأنتخاب ..كنا نقرأ في صحف باكستان ..قطع الأيادي وجلد المساكين بتهمة الزنا ..وأفتتاح المعاهد الدينيه وأنتشار الفساد.
كل شىء كان قابلا للبيع في باكستان ولكن لمن يدفع..وهكذا أنتكس بلد كان ينافس كوريا وتايوان في المداخيل والصناعة الى الى بلد يصدر أبنائه عمالة رخيصة للجهات الأربع.
وأندلعت حرب أفغانستان..وغزو أفغانستان وكانت رسالة من السماء لضياء الحق تلقفها دون تردد كحليف لأمريكا..وقاعدة للمجاهدين ضد الألحاد الروسي والغزو الروسي والدب الروسي.
وكل أدبيات الحرب البارده.
وكنت أرى أرث الحضارة الغربية يمحى في هذا البلد الجميل ..كانت النوادي الأجتماعية والترفيهية تقفل .. ودخل (الشروال قميص والبرقع الجامعه) وبدأ فصل النساء عن الرجال وخصصت مساجد للسنة وأخرى للشيعه..ثم خصصصت مساجد لجماعة التبليغ وأخرى لأهل الحديث..ولم يعد غريبا أن تسمع الأذان أربع مرات للصلاة الواحده..اذان لأهل السنة وآخر لأهل الحديث ونداء لمساجد التبليغ ونداء لطائفة الشيعه
وبدأ الفقر وسيل المهجرين يغمر المدن ..كان الريال ثلاث روبيات باكستانيه عندما وصلت باكستان..وعندما غادرتها كان الريال بخمسة عشر روبيه.
كل هذا والرئيس ضياء الحق سعيدا بهذا التشكل ..ويؤدي العمرة أربع مرات في السنه..غير الرئيس المؤمن قتل في طائرته وبأسباب غامضه بعد أدوى دوره في أفغانستان ..وأختلط دمه بثمار المانجو التي كانت معه في الطائرة ومات.
بعد سنوات وسنوات ترشحت أبنته الجميلة بنازير للمقعد الرئاسه..وأتذكر أحد خطبها وهي تقول
( أن لأبي بوتو قبرا ومزار أعرفه..اما الذي قتل أبي فلا يوجد له حتى قبر ).
لكنها هي أيضاً قتلت بحقد أسود وبئس أمة ترى في قتل النساء مفخرة.
وجاء من جاء بعد ضياء من جاء ونسيه الناس لكن باكستان لم تعد ولن تعد..وأصبحت مهددة بالتفكك الى مكوناتها العرقية والقبلية..السند والبنجاب والباشتون والهزارا ..وقبائل الشمال الغربي..وكشمير.
هذه هي باكستان التي هبطتها ذات عشية لأجد نفسي بين طلاب باكستانين وسعوديين وليبين وفلسطنيين ومن كل دول الخليج.



http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/036jpg.jpg?t=1247749528 (http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/036jpg.jpg?t=1247749528)

أفطار رمضاني ..السيفاوي وجحا من ليبيا..السبيعي من رنيه..الموسى والجبر من المبرز ..والفقير الى عفو ربه من القمري

كان الأخوة الليبين يزينون ثكناتهم بصور العقيد ويوزعون الكتاب الأخضر ويبشرون بالنظرية العالمية الثالثه عن خوف لا عن قناعه..وكان الأخوة الفلسطنيون قادمين من المخيمات ولم يكونوا طلابا غرا مثلنا..كانوا فدائيين بعضهم قام بعمليات داخل الأردن واسرائيل ..بعضهم يحمل رتباً عسكريه..وكلهم قد تلقوا تأهيلا ثقافيا ويزينون ثكناتهم بصور لينين وماركس وماو وتشي غيفار وفكرا يساريا وكانت الوقت وقت الشعارات..ولك يكن الود بيننا وبينهم متصل..كانوا لا يرون فينا نحن السعوديين غير أتباع لأمريكا لا غير..كان يصدمنا ذلك نحن الذين خرجنا من قرانا ولم نكن نعرف شيئا عن العالم.
وكانت ثقافتنا لم تتجاوز المنفلوطي وجواهر الأدب وأدبيات سيد ومحمد قطب.
وأختلفنا كثيراً..وتصالحنا ثم نمت بيننا روح الزمالة حتى افترقنا وبقينا نسمع أخبار بعضهم عبر الأذاعات .. ورسائل مالبثت أن توقفت ولم نتواصل بعدها أبدا..على أن علاقتي مع الباكستان لم تنقطع..وبقيت أزورها مرات ومرات متدربا ً وزائراً وسائحا.
وذات زيارة وبعد سبعة وعشرين عاماً طلبت من قائد الكلية أن أزورها بصحبة زوجتي..فقط لترى المكان الذي قضيت فيه سنتين من العزله..
ووصلنا عبر البحروكان الوقت عصرا ..وهو وقت ما يسمى بالحصص الأضافية او الجزآت للطلاب المقصرين او الذين أقترفوا خطأ ما أو الذين يحتاجون جرعات تدريبة أضافيه.



http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/067jpg.jpg?t=1247749929 (http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/067jpg.jpg?t=1247749929)

زياره


ورأت زوجتي العديد منهم يركض رافعا البندقيه وآخرون يزحفون على الأرض ..والبعض قد أنهك من التعب.
وتسآلت هل كان يفعل بك أنت مثل ذلك..؟
ــ بالطبع وربما أكثر
ــ آه عرفت الآن لم أنت مليئاً بالعقد..من يمضي في هذه الجزيرة عامين تحت هذا الظروف
لا يمكن ان يبقى سويا أبداً
ــ أستاهل اللي جيت أفرجك...
وضحكنا على زمن لن يستعاد

الهامس جهرا
17 -05- 2010, 06:17 PM
عدت من الباكستان وتم تعييني في مدينة الجبيل ..المدينة الحالمة على شواطىء الخليج العربي.
تلك المدينة التي عبرتها حضارات وثقافات وغزاة وحالمون وبقيت كما هي يسكنها عشائر من الخوالد والبوعينين وسواهم و رغم أن حقل ا(البري) النفطي لم يكن بعيدا عنها الا أنها بقيت كما هي وأحة صغيرة من النخيل ومراكب الصيادين والقادمين من عمق الدهناء ..لكن تلك العزلة وذلك الهدؤ كان يحتضر..وكانت الجبيل تتغير ..لتغدو بعد سنوات قليلة فقط أكير مدينة (بتروكيماوية) على خريطة هذا العالم.
كان يعبرها من الشرق للغرب شارع واحد هو شارع (جده على ما اظن ) تقوم عليها المتاجر والمطاعم ويغص بوجوه القادمين من أقاصي الأرض والباحثين عن الثراء والى الشمال منها كانت تنهض الجبيل الصناعية أو الهيئة الملكية وجنوبا منها تشكلت قاعدة الملك عبدالعزيز البحرية الحديثة حيث تم تعيني ظابطا متدربا على ظهر أحد السفن الصغيرة والتي كانت قد وصلت من أمريكا. كانت الجبيل بأختصار أرض الأحلام.
قاعدة الملك عبد العزيز البحرية هي أيضا حكاية ..حكاية التحولات الكبرى وإختصار الزمن غير أن الأنسان يظل هو الأنسان..يحتاج العمر كل العمر ليتشكل..والمال يساعد أحيانا لكنه لا يقفز على منطق الأشياء بل وربما أخل بميزان التطور الطبيعي .
ولقد كنت شاهدا على حكاية زمن يمضي وآخر يتشكل تاريخ يمحى وآخر يكتب كان العصر هو عصر الطفرة والزمن هو زمن التحولات.
بدأت حياتي بشراء سيارة صغيره.. وسكنت داخل القاعده حيث المساكن الحديثة المجهزة للعزاب والمتزوجين على السواء ..كان كل شىء جديدا وأنيقا كما في القواعد الأمريكية ..وكان هناك وفرة في كل شىء حد البذخ .. يقوم على خدمتنا جيش من العاملين من الفلبينين والباكستانيين وكنا نتشرب ثقافة جديدة وحياة جديده.. حياة حملها القادمون حديثا من أمريكا معهم ..وكنا نقضي أمسياتنا في لعب البلياردو والبولينج والفزبول ونحتسي الكابتشنو والميلك شيك والأكسبرسوا وكانت المفارقات مضحكة مبكية لنا نحن القادمين في معظمنا من العشاش وبيوت الطين ومن القرى البعيدة المعدمه...وكنا نتشرب تلك الحضارة بسرعه..ويعاد تشكلنا
ونخلع عن ذواتنا الثياب القديمة واللغة القديمة لكننا في داخلنا بقينا كما نحن حتى وأن لبسنا قشرة من حضارة
عدت ذات مساء من الخارج..وكنت أسمع خبطا في غرفة الغسيل الملحقة بالسكن..وعندما فتحت نشافة الملابس وجدت أحد الزملاء قد غسل جزمته (اعزكم الله) ووضعها في نشافة الملابس لتجف..هكذا كنا نستعجل الأشياء والحكايات تطول.
تعلمت ابجديات القيادة الاولى للسيارة وكم هي مفارقة أن اتعلم قيادة السفينة قبل قيادة السيارة وكدت أسحق مرتين وبدات اتعرف على المنطقة الشرقيه القريبة من القلب وما زالت ..العيون وغابات النخيل..القلاع التي أنشآت لصد الغزاة وآبار النفط التي تسعل لهبا في الفضاء والصحاري اللانهائية وألأسواق التي كانت جميلة .
مدن صغيرة حالمة .. الأوجام ..عنك تاروت ..سنابس ..العواميه ..سيهات ..القطيف.. المبرز ..الاحساء وما هو أكثر... وفي كل مدينة كنت دائما اجد احدا من اهل قريتنا ممن غادروها بحثاً عن أفق وحلم وعمل ..ولأنه لا مؤهلات لديهم..فقد انخرطوا جميعا في السلك العسكري ...كجنود في الأغلب ..الشرطة والامن والدفاع..وكان الجميع يحتفي بقدومي كالضابط الاول وربما الوحيد في قريتهم أو قريبا منهم ..كانوا يزدهون بذلك ويفاخرون به ..ويقدموني لزملائهم ويصرون على واجب الضيافة رغم الشح والمشقه .. لكنني أبداً لم اشعر اني مختلف عنهم ..فقد عشت طفولتهم ..وزاملتهم الرعي والحصاد وشقيت معهم وحفيت وما زالت بقايا اشوك في قدمي وهناك من كان افضل مني في كل شىء ..لكني ربما كنت أكثر حظاً منهم أو ربما أكثر تمردا ..ولكن ليس السعيد على كل حال.



http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/033jpg.jpg?t=1248306442 (http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/033jpg.jpg?t=1248306442)


كلمة راس


المؤلم أنهم أمضوا جل حياتهم هناك.. كبروا وعادوا ليتزوجوا ويحضروا عائلاتهم وبقوا حتى سرقهم العمر ..من هم من بقي وغدت هذه المدن الصغيرة هي الوطن ..وآخرون عادوا ولكنهم كلهم كانوا دون حصاد غير راتب تقاعدي لا يفي أبسط الأحتياجات.
حسن شبلي الذي ترك أغنامه قبل ثلاثين عاما ..عاد للقمري ولم يدري ماذا يفعل ببقية العمر وأشترى قطيعاً آخر وأستأنف الرعي مجددا ..كأنه غادر البارحه..كأن تلك الثلاثين عاما لم تكن أكثر من شهقة في فضاء قصي..فضاء دون سماوات.
وعندما قابلته آخر مرة خبط الأرض حتى تطاير التراب من حولنا..كان يؤدي التحية العسكرية لي كما كان يفعل منذ زمن حتى وأن التقينا في السوق.
ـــ حسن خلاص ما نسيت العسكريه..؟
وتعانقنا وضحكنا ..وحاولنا أن نستعيد حكايات الأمس ..عندما كنا صغارا نتشاطر كل شىء
ورغم أن الفضاء هو الفضاء والأرض هي الأرض وربما الهواء أيضا الا أن شيئا لم يعد هناك...شىء مضى ولن يسترجع ..لا لا ليس العمر ولا الشباب لقد أنطفأ داخلنا ......الحلم .
و ماذا بعد ذلك..؟الزواج ..نعم الزواج..وهذا ما ذكرني به الأهل وكنت نسيته أو تناسيته في غمرة الرحيل وتقدمت لقريبة لي ..بسيطة وقنوعة وتحبني..وكنت احمل لها ظلال حب غذته سنوات الغربة وخيال الشباب وروايات المنفلوطي .
لكن الحب غير الزواج..والحلم غير الواقع..وتم الزواج والطلاق في شهر لا اكثر..وكانت لطمة غير رحيمة من الحياة ربما كنت بحاجة لها لاكتشف ان للعالم وجه آخر و أن هناك آسئلة لا أجابات لها وهناك مصائر تتبدل ومات داخلي للأبد القروي البسيط الذي لم يتعلم ابدا طرح الأسئلة القروي الذي رسب يوما في أختبارات القبول الطبية في كلية الملك فيصل الجويه ولم ينجح سوى في عمى الألوان.
رحل القروي الذي عاد واكتشف وبثمن قاس أن الألوان هي أيضاً غير التي نرى ونظن.
و لم تكن هناك اسباب كبيره..كانت هناك اسباباً لكنها كانت قابلة للحل وتحدث دائما كل يوم لكن الشباب لا يقبل أنصاف الحلول والجهل بطبيعة الاشياء والعلاقات والشعور المزيف بالكرامة والانانية حطم كل شىء.
وأفترقنا ولا ذنب لها ..كان خطأي ..غلطتي انا ..انا فقط ولا أحد سواي .
والآن ومن هذا البون الشاسع من العمر ..حيث رؤية الاشياء بحيادية ممكنهِ ِ..لا اشعر نحوها بغير الأسف..وهي لا تقرأ ولن تقرأ هذا الكلام أبداً والا كنت طلبتها غفراناً لا أستحق.

مدن الأحزان
17 -05- 2010, 06:27 PM
متابع بشغف

الهامس جهرا دائما تأتي بما هو جديد وعتيق

الهربة يحيى امقاسم حصلت على نسخة منها بعد أن منعت من إكمالها
واستمتعت بها

وسأسعى جاهدا للحصول على هذه الرواية ليس للأدميرال من يكاتبه عمرو العامري

أو نتابعها معك

دمت بخير

الهامس جهرا
17 -05- 2010, 06:31 PM
يغدو الخليج في الصيف رخيا كصدر مرضع.. نبحر فيه شمالا من مدينة الجبيل باتجاه جزيرة الجريد المهجوره عدا بقايا الصيادين وقواريرالسهارىو الهاربين من العسس ..نتجه بعد أن نبلغها غربا باتجاه جزيرة القرن ثم القرين والجنة حتى نصل جزيرة حرقص شمالا قريبا من حدود الكويت البحرية ونعود نبحر جنوبا حتى مدخل قناة البحرين تضىء لنا مشاعل آبار النفط كحقل السفانية والظلوف وأبو سعفه .


في ليالي الصيف يغدو الإبحار لحظات من الفتنة اللامشروطة..تهب نسائم الخليج وتعلو وشوشة الموج ورقص الدلافين وأضواء ناقلات النفط المبحرة من رأس تنورة والجعيمة والأحمدي.
نفتح قناة الإتصالات الدولية vhf channal )) ..نسمع تعليقات البحارة البذيئة من سفن لا نعرف مواقعها من الماء ونداءات موانىء وحكايات صيادين ومهربين وهاربين وعالم افتراضي..عالم الماء.
وفي السماء آلآف النجوم التي نعرف أسماء بعضها وبعضها لا نعرف..نجوم ومجرات وشهب
وكويكبات ومذنبات وجلها (أسماء عربية ..(العيوق..الدبران..الدب الأكبر والأصغر..الجبار) وغيرها.
وفي النهار تعبرنا قوارب صيادين وناقلات نفط وأساطيل غربية وسفن تجسس روسية متخفية على شكل بواخر مدنية..لكننا نعرفها من لاقطاتها ()Antenn ) المتعدده وتحركاتها المريبة , وتعبر فوق رؤسنا الطائرات العراقية العائدة من قصف المواقع الإيرانية في جزيرة خرج وقشم في ما أصبح يخلد بحرب الخليج الأولى.
وكل شىء في البحر مباح..ولا خوف عدا الألغام الطافية على سطح الماء والمتربصة بنا
والقادرة على تحويل سفينتنا الصغيرة إلى شظايا..ألغام حرب العراق وإيران والتي لا تميز العدو من الصديق ويغير أماكنها الريح والموج كل لحظه.

http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/101jpg.jpg?t=1248933888 (http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/101jpg.jpg?t=1248933888)


أنا ومحمد العجمي ..أين أنت يا محمد ..؟

وشكرً ا لهذه الألغام التي من أجلها دخلنا ميناء البحرين.وبقينا هناك أسبوعين نتبادل تنظيف قناتها البحرية مما قد تكون جرفته ريح الشمال من ألغام مرئية أو غير مرئية.
وفي مكتبات البحرين اكتشفت كتب الغواية الأولى.. الكتب التي أسمع عنها دون أن اقرأها....فضائحية البرتو مورافيا .. ووجودية ساتر وكامو وهديجر وروايات العبث..وأناشيد مالدورور وفلاسفة اللايقين والبحث الأزلي عن الوجود والأسئلة الكبرى التى لا إجابات مريحة لها.
كنت حينها مجردا من الأمل ووحيدا من العون وخارجا من تجربة طلاق أليمة ودفنت نفسي في هذه الكتب..أقرأ وأقرأ وأقرأ ولا شىء يغري في الجبيل عدا العمل والقراءة وبضاعة الحنين .
ولكن هل وجدت عزاءات أو إجابات أو مدد.؟ بالطبع لا لكني ( أظن) أنها أمدتني بوعي مبكر.. وأفهمتني بضربة على الرأس أن الحياة هي الحياة..نهر من العذابات ولا عزاء للحالمين.
هذه الكتب وما قبلها وما سوف أقرأ هي من صنع جزءً كبيرا من ذاكرتي وتفكيري وحكمي على الحياة.
أحببت الكتب ..سافرت البلاد من أجلها وغافلت العسس في المطارات ولي في كل منفذ قصة مع الرقيب.
والكتب كالنساء بعضها ممتع وبعضها ممل.. بعضها غامض وآخر سمج ..ومنها ما يجعل الحياة رحلة متعة ومنها ما يجعلك تتخلى عنه عند أول منحنى دون شعور بالفقدان.
بعضها يعادل الذهب وأخرى لا يصلح إلا لمسح النوافذ ولف شطائر البيض والفول ولا أكثر.
الكتب كالنساء دافئة وحميمة وكلها تؤخذ بالأحضان أيضاً وتطوى وتبلى لكن معانيها لا تتبدل.
ومع الكتب أشعر بألفة المكان حتى وإن كان غريباً لا أخاف مكاناً به أطفال وكتب هذا ما أشعر به وظل شعوري لم يتغير .
صحيح أن بعض الكتب (والنساء) أيضاً أوصلني الى حافة الجنون ..وأذكى خصامي مع الحياة .لكن أكثرها ساعدني على أحتمالها وما الحياة دون كتاب ؟ .
الكتب هي خلاصة أفكار الناس ..الثقافات ..التجارب والعصور..والذين يمنعون الكتب عن الناس مهما كانت أسبابهم هم أشرار يستحقون الشنق والإعدام بالرصاص ولا أقل من ذلك .
وعندما أحاول أن أتذكر وأستحضر أسماء الكتب والكتاب الذين رافقوني رحلة العمر يتجسد أمام ناظري رتلا من الكتب وصفوفا من المفكرين وتاريخ كبير من الثقافات والوجوه المتعبة.
الروائيون الكبار..نقلوا لي الحياة كما هي لا كما أظن .. بشرورها .. بيأسها ونحسها وحتى فرحها (كزنتزاكي ) في زوربا صور الحياة على أنها فرصة تطرق الباب مرة واحدة ولا يجوز أن تضيع..لأنها إن ذهبت فقدت للأبد .. صور الحياة على أنها أغنية ذات مقطع واحد ووحيد صور الحياة على انها شهقة طويلة وممتعة ولا أكثر.
ماركيز في رواياته لون الحياة بالسحر والغموض والغرائبيه والمحال الجميل .. ازابيل اللندي ورغم البون الشاسع في الجغرافيا والتاريخ والمكان إلا أنها ابكتني من خلال المنافي والتغرب ووحشة الليالي المنسيه والحب المتعَب والرضوخ للهزيمة عندما تقفل سبل النجاة وعندما يطلب منا أن نواجه الحياة بضلوع معراة من اللحم والحلم والحماية.
..والشعراء الحقيقيون أعلنوا منذ البدء خصامهم مع الحياة كل من لا يتخاصم مع الحياة ليس بشاعر ..الحلاج في تساؤلاته..والخيام بقناعته اللامحدود في رحمة الله ..وأمل دنقل الخارج على سلطة القبيلة ..لوركا..وأرغون ونيرودا.. وبشار وآخرون.
الفلاسفة (اسبنيوزا..وهيغل..وديكارت.. وهديجر )وغيرهم .. طوحوا بي شرقا غربا ثم أعادوني للمربع الأول ..ذهبت معهم للينابيع ..لكنني عدت أكثر عطشا ..تقدمت إليهم بسؤال ورجعت مثقلا بالأسئله ..وتلك هي مزيتهم..فالكائن البشري القلق هو من يستحق الحياة لاغير ومن يدعي أنه امتلك الحقيقة فقد ظل .
لقد سافرت مع رفاقي الكتاب ..عبرت البحار مع هرمان ملفيل وهو يصارع قدره الأقوى والأحمق ..ولكنه لم ينهزم .. ولفظت أنفاسي مع همنقواي تحت ظلال جبل كلمنجاروا الاستوائي ..وعبرت مدار السرطان والجدي مع هنري ميلر وعاندت كما عاند اشتاينبك..
وحملت قلق مالرو وكامو الغريب وسخرت من الحياة كما سخر منها تشيخوف وزملائه الروس العظام في تلك البلاد الفسيحة وعرفت رعب السجون مع هنري شارير وحلقت في السماء التي غدت قبره مع سانت أكزبري وتمنيت لو غدى قبري أنا الماء أيضاً ولكن..؟ .
وحلمت مع الحالمين.. حلمت مثلهم بالثراء والاكتشاف والرحيل وبنساء جميلات لا يهرمن ولا يعبسن ..وبحب يستعصي على الذبول .
وكثيرا ما أفقت من أحلامي على تلك الضربة القاسية على الرأس والتي تقول :عمرو تذكر أن الحياة هي الحياة لا أقل ولا أقل ولا أقل.
ووجدت أيضاً ان بعض الكتب وبعض الكتاب أصناما لا أكثر..صنعها الخوف من الإتهام بالجهل .. بعضها كرسه المال ..وبعضها كرسته السلطة .. وأخرى كرسها الجهل الكبير والابتذال ..وما أكثر ما رأيت من ذلك في شرقنا العربي النائم من الماء إلى الماء.
وحاولت أن أكتب أيضاً ..ولكن كيف أكتب والقلم مكسور والدواة جافة كصحرائنا ..حيث لا مكان للتساؤل..ولا أنهار تفضي إلى البحر ولا قطارات تعبر في المساء ولا خيانات ولا حكايات ووشوشات حب ..وكل شىء لدينا قد اغتسل ثلاثا بماء طهور.
وما زلت أقتني الكتب ..رغم أني لم أعد اقرؤها إلا قليلا ..لم أعد أجد الوقت ولا الهاجس للاكتشاف..أحس أني أكبر..وأن الكتب لن تعطيني أكثر مما أعطت ..وما عدت أحمل مصباح الدهشة ..ولا حمى التساؤل ..والعالم تغير أيضاً..وأنا أنا لم أعد ذلك الشاب الصغير الذي يسكن الغرفة رقم (19) في سكن الضباط العزاب في القاعدة البحرية في مدينة الجبيل..ولا ذلك الشاب الصغير الذي كان يسهر الى ليل متأخر في

http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/061jpg.jpg?t=1248934173 (http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/061jpg.jpg?t=1248934173)
نصف العقيلي الأيمن ونصفي الأيسر والسنوسي والعواد وحسن قاضي
ومساء تهامي

نادي جازان في حي العشيماء..يقرأ القاهرة الجديدة والوسادة الخاليه وبعد الغروب ..ويحدق مبهورا في العقيلي والسنوسي وغيرهم من الرموز..ولا أظن أن العشيماء هي أيضاً كما هي ..ولا
الرفاق الذين شاطروني عزبة فقيرة بها بقوا أيضاً كما هم .. أعرف رفاق بقوا وآخرون طحنهم قطار الحياة البليد.
الذي لا ضوء أحمر ليتوقف

الهامس جهرا
17 -05- 2010, 06:43 PM
متى سمعتم بأمريكا..؟ وكيف سمعتم عنها أول مرة..؟ حالوا التذكر .. وأنا سأقول لكم ..
كنت قد بدأت وأنا في الصف الرابع الأبتدائي بكتابة أسماء المدن التي أعرف..لا أتذكر لماذا كنت أفعل ذلك ..غير أنه كان لي بالتاكيد أسبابي الخاصة والمقنعه حينئذ.
أمي كانت مصدر معرفتي الأولى ..وكانت رحمها الله كلما تذكرت أسم قرية أو مدينة قالتها لي..كانت تريد إدخال الفرح الي..أو ربما كانت هي أيضاً تشاركني حلم الأسماء البعيده..وكنت اضيف الى القائمة التي تطول : ..المعترض.سنقفوره..أفريقيا..قوز الجعافره..تركيا ..الضبيه ..الخوجره..
كلها كانت لدي أمكنة.. تتساوى القرى والمدن والقارات..وكانت القائمة تطول..وتطول
وعند ما أمتلكنا أول راديو كبر العالم علي وتوسع .. العالم الذي كان ينتهي عند حدود الأفق
حتى عندما كنت أعتلي عشتنا الطويله وأحدق في الفضاء كانت السماء تطبق على الأرض عند حدود الأفق ..ثم لا شىء, وعندما أسال من حولي ثم ماذا هناك..؟ وكان الجواب ..لا شىء
ودخلت ذاكرتي أسماء آخرى ونسيت القائمة أو ما عادت تتسع ..أصبح العالم أوسع وأقرب للتصور..وسمعت بأمريكا وصوت أمريكا وصنع في أمريكا لكنها لم تكن أكثر من مكان..مكان ربما لا يختلف كثيراً في ذاكرتي عن حرض والدرب والفجا.
هكذا كنا نحن في القرى ..بسيطة أحلامنا ونقيس الدنيا طبقاً لتصورنا ولم نكن نظن أن العالم بكل هذا الأتساع والتعقيد وربما القسوة.
وأخيرا أرتبطت أمريكا لدينا بالقوة والعظمة والغطرسه من خلال حرب السابع والستين..وهبوط الأنسان على القمر وحرب فيتنام .
وكنت أستمع الى برنامج (بدر كريم) الشهير (تحية وسلام) كل صباح جمعه والذي كان يتصل فيه بالمبتعثين في أمريكا وكندا وبريطانيا وبلاداً آخرى ثم يوصلهم بذويهم عبر الهاتف ..
ومن خلال نشيج الأباء ودموع الأمهات عرفت أمريكا أكثر..عرفت أسماء ككلفورنيا ونيوجرسي ومتشجن .. عرفت أريزونا ولويزيانا ولوس أنجلس ..وهيوستن وبوسطن وعرفت مصطلحات (كالسمستر) والكورس..وشطح بي الخيال بعيدا وتخيلت نفسي أحد أولئك المبتعثين الذين سيذهبون يوما نحو ذلك السديم , ويسُتصل بهم . بدر كريم يوما ما . بل وكنت أحفظ مالذي سأقوله .. وأي الأغنيات سأهدي لعائلتي وأسماء الأقارب الذين سأبلغهم تحياتي ...؟ كنت أحلم ..احلم كثيرا في تلك القرية المنسية إلا من النسيان ..في ذلك الزمن البعيد..رغم أنه لا هاتف لدينا ولا كهرباء ولا أم ابعث اليها تحياتي البعيده . لكنه الحلم ..يقولون لا تتنازل عن حلمك..مهما غدى نائيا..أستعمله بوصلة وشد نحوه المسير. وهكذا كان
..لكن أول رحيل لي لم يكن لأمريكا..رغم أنها كانت خيارا متاحاً ..لكن شخصا كريما قال لي
أن الذين ذهبوا الى أمريكا فشلوا..أذهب الى الباكستان ..وستذهب الى أمريكا يوما ما.
ولأني أخاف الفشل ذهبت الى باكستان وبقيت أمريكا حلما مؤجلا والعمر أيضاً يبدل أحلامنا وأولوياتنا..العمر يكتب آخرى ويمحو ..وهكذا نحن.
وأخيرا تم أختياري ضمن أثنين آخرين للذهاب الى دورة في أمريكا دورة مدتها ستة أشهر..كنت متهيبا ومترددا ولم أعد مفتونا بأمريكا كما كنت صغيراً..لكن البحارة العائدين من هناك بأطياف ذكرياتهم التي تركوا .. كانوا يقولون.لي أذهب..أذهب ..أنت هبل..؟ أحد يرفض أمريكا..؟
ومن مطار الظهران الدولي وعلى خطوط (البان أمريكا) غادرت في رحلة أستمرت ثلاث عشرة ساعه أنا وزميل آخر حتى هبطنا في مطار جون كندي وسط حرارة تبلغ درجتين تحت الصفر وأنا أخب في بدلة كنت قد أشتريتها من متاجر الخبر..بدلة صيفية بيضاء اكبر مني لأني لم أجد مقاساً ملائما لي.
وغادرنا بوابة المطار ليتلقفنا سائق أمريكي أسود ..سألنا أنا وزميلي عن مقصدنا..؟
كنت أظن أني أتحدث الأنجليزية بقدر معقول..غير أن لأمريكا أنجليزية مختلفه..لكننا أفهمناه أننا نريد فندقاً.
وأنطلق بنا في شوراع (التفاحة الكبيرة) كما يسميها أهلها..كانت المباني كئيبة والأشجار معراة من الأوراق كما تفعل في كل شتاء..حتى وقف بنا أمام أغلى فنادق المدينه في منطقة السنترال بارك.
هذا الفندق تحولت ملكيته الأن للأمير الوليد إبن طلال:
>


http://www.kingdom.com.sa/shared/images/Investments/Gallery/Ph_Plaza-Hotel.jpg (http://www.kingdom.com.sa/shared/images/Investments/Gallery/Ph_Plaza-Hotel.jpg)


خف الينا موظفي الأستقبال بلباسهم (الفكتوري) وعربات نقل الأمتعة المذهبه وبعد أنهاء أجراءات التسجيل عرج بنا المصعد في سرعة ضوئية للدور الثاني والثلاثين. وفتحت الستارة ..كانت الغرفة تطل على (ماديسون أسكوير) ..و كل شىء كان يلبس حلة الشتاء السوداء وبقايا الصقيع الذائب.
حاولت أن أنام فلم أستطيع رغم التعب ..كنت أنتظر فارق التوقيت لأتصل بقريب لي في أبو عريش أطمئنه أني وصلت أمريكا..لكن الوقت كان مبكرًاً جدا. ولبست كل ملابسي وبكل ألوانها وهبطت حذراً أتفقد المدينة..لم أبتعد كثيراً عن الفندق مخافة أن اضيع . كنت جائعاً غير أني كنت خائفا من لحم الخنزير وكان والبرد قارساً وملابسي مجتمعة لم تمدني بأي معونه ..وقررت أن أعود الى الفندق وهناك أطلب الغداء .ورفعت سماعة الهاتف ..وطلبت طعاما وكررت كلمة رز اكثر من مره ..رز
ــ please rice rice more rice
وبعد قليل فتح الباب عامل يدفع عربة كبيره مثقلة بالاطباق والشوك والملاعق والمناديل والشموع ..وفوق ذلك تمنى لي وجبة هنيئه ومضى.وبدأت برفع الاغطيه افتش عن الرز ..ووجدت قليلا من الرز الأبيض ..وقليلا من البطاطس المهروسه..وشريحة لحم كبيره وخضار السوتيه .والتهمت الرز حتى اخر حبه نائية في الطبق ..ولم استطعم البطاطا المهروس ..ولم اقرب اللحم خوفا ان يكون لحم خنزير ولا الخضار المرسومه , ولم أشبع..وتمنيت في ذلك البرد القارس قطعة خبز و فنجان شاي معطر بالشمطري و النعناع ..ولكن هيهات. هذه اذا امريكا..كذبة كبيره لا أكثر و هكذا اصدرت حكمي المتعجل كما أفعل وكما لن أتغير.وعندما تيقنت أن قريبي قد وصل مكتبه في أبو عريش..رفعت الهاتف
ـــ الووو يحي أنا عمرو في أمريكا
ـــ أنت صادق..؟ وكم الساعه عندكم..؟
ونمت..ولم أستيقظ إلا على صوت طرق الباب..أستيقظت دون أن أدري أين انا في القمري أو في الجبيل ..كان زميلي نواف على الباب يستعجلني الخروج لنرى نيورك.
ــ برد يا نواف.. برد ..وضحك مني..كان أكثر خبرة ووعيا بالحياة..وكان قد سافر الى لندن ذات صيف وكان يعرف كيف يختار ألوان ملابسه وماذا يلبس ووجدنا مطعماً هنديا أعرف أطباقه الحارقه وأكلت حتى شعرت بالعرق يطفر من جبهتي. واشتريت معطف شتائي ثقيل يمتد إلى منتصف الساقين وضحك نواف وقال أني أشبه المفتش (كولومبو) وقلت لا أني أشبه وزير خارجية جيبوتي .. وضحكنا معاً وخرجنا نستجلي مباهج الليل .. ليل مدينة نيويوك البهيج.
وفي اليوم التالي آخذنا طائرة أخرى للجنوب حيث تعقد دورتنا..وهبطنا في مطار مدينة تشارلستون الساحليه في ولاية كارولينا الجنوبيه الدافئه..حيث أستقبلنا مندوباً من البحرية الأمريكية ,اخذنا الى أحدى أكبر قواعدها البحرية على المحيط الأطلسي حيث الغواصات النووية وأحدى قواعد سفن كسح الألغام البحرية.


http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/Image0049.jpg?t=1249551508 (http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/Image0049.jpg?t=1249551508)

وكان كل شىء معد مسبقا ووجدنا زميلنا الثالث قد سبقنا وأشترى سياره..وبشرنا أن الدورة لن تبدأ قبل أسبوعين..
وقررنا الرحيل الى أصدقاء يدرسون الطيران في فلوريدا وفي مدينة (بنسكولا) تحديدا وقبل العاشرة صباحاً كنا على طريق ( HIGWAY 95 S) موغلين نحو الجنوب..عبر جورجيا .ومن مدينة (جاكسون فيل) أخذنا الطريق السريع رقم عشره غربا وكانت أمريكا كلها مباحة لنا وكل ذنوبنا مغفورة منها كسعوديين في ذلك الزمن ..حتى وصلنا مدينة بنسكولا في فلوريدا على خليج المكسيك بعد منتصف الليل. وهاتفنا صديقنا من أحد كبائن التلفون
ـــ عوض ..وصلنا..نحن عند ماكدولاند
ـــ أي ماكدولاند البلد فيه عشرين وأحد..؟ صحيح بدو
لكنه وصل الينا بعد أن أعطيناه اسم الشارع والمحطة القريبه
ـــ على فين يا عوض
ـــ طبعا للشقه العشاء جاهز
ـــ والله أنته إلا بدو مو إحنا..خذنا الى المرقص.

الهامس جهرا
17 -05- 2010, 07:07 PM
وفي أمريكا بدأت أكتشف أمريكا.. بدأت أحاول أكتشاف هذا الحلم الذي غير وجه العالم وجعله مقصد الحالمين والمغامرين والباحثين عن أمل ..الحلم الذي جعل أمريكا أرض الفرص و(الألدرادو) والذهب .. كنت أفتش عن سر المعجزه.
لكن أمريكا لا تعطيك نفسها بسهوله.. ورغم أني أستأجرت سيارة وفتحت حسابا بنكياً وأستخرجت رخصة قيادة ومع الرفاق أستأجرنا شقة وكل ذلك في يوم واحد إلا أني بقيت أفتش عن المعجزه ..لأننا نحن القادمين من الشرق نؤمن بكل المعجزات إلا طاقة الأنسان.
دائما نبحث عن المعجزة في شىء آخر..في الجن في الحظ في دعاء الوالدين في الخواق..لكني هنا لم أر شيئاً من ذلك..لم أرى سوى الأنسان.
ولكن هل كنت سعيداً وقد هبطت أمريكا..؟ لا أبداً.. لا أبداً..لم إذا..لم إذا..؟
ربما لأني رفعت سقف أحلامي كثيراً و تصورتها أمريكا فردوسا سماوياً أهبط فيه فإذا الحسان ينتظرنني وأذا الحياة هنية كحلم وأذا كل شىء كن فيكون.. لكن أمريكا غير ذلك..ولقد كانت لي أمريكا وما زالت أرضا نائية جداًُ وقاسية جداً ومتكبرة جداً على البسطاء مثلي .


http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/4fae5dfc.jpg?t=1250153766 (http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/4fae5dfc.jpg?t=1250153766)

أبريل والثلوج تذي والشجر أخضر وأنا أيضاً



لقد زرت امريكا مرة اخرة وثالثه ورابعة وعشت فيها..وعبرتها شرقا وغربا من المحيط الى المحيط شمالا وجنوباً من كندا للمكسيك ونزلت افخم فنادقها وعرفت أجمل مآثرها ودخلت قواعدها العسكرية والسياسيه .. ..لكنها بقيت لدي امريكا ولم تزل ... ارضا بعيدة لا اشعر فيها بغير الشجن والبعد ويتملكني فيها الاحساس بالنفي..وجور المسافات وفردية الأنسان,
ولقد رايت جنسيات من مشارب كثيرة من الأرض .. تكدح هناك ليل نهار ..ولو عملت بنصف ذلك الجهد في بلادها لعاشت حياة رغد وترف ولما احتاجت الى وجع الغربه..غير انها تظل هناك تعمل في المطاعم و محطات البنزين اكثر من ثمانية عشر ساعة وفي بيع الجرائد و غسل الاطباق في الشوراع الخليفية فقط لتبقى في امريكا وليقال انها في امريكا ..وبعد ان تكبر ويمضى العمر يتعذر عليها العودة الى بلادها والبدأ من جديد ..وتمضي بقية العمر في صقيع الاغتراب والندم والخوف من النكوص ...كثيرون رأيتهم وقد أحرقوا مراكبهم وخذلوا.
وعرفت أني لم أكن أول من صدمته أمريكا..الأمريكيون يعرفون ذلك عن بلادهم..يسمون ذلك بالصدمة الحضارية أو الثقافيه ( Culture shock ) ..ويدرسونه للقادمين مثلي الذين يبقون معلقين بأمسهم والذين يفتقدون سماواتهم الحنونه وصوت أذان الفجر وأصوات الباعة وجرائد الصباح وايدي الطالبات الخارجات من خلف طغيان العبآت السود ..يفتقدون ضجيج الحياة الصاخب ..حياتنا التي ألفناها كل يوم.
وهناك كتبت أول قصة في مجموعتي القصصيه (طائر الليل) بعنوان مشهد لم يتم ..بدأتها :
عندما أوليتكم ظهري بكيت فيكم الحنان والأمان ووداعة الوطن ..وخرجت كضال يبحث عن هدايه سادراً في لجة الشجن مثقلا بحلاوة الذكرى التي لا تبوح.
لكني لا استطيع أن انفي عن امريكا انها ارض الاحلام الموعوده.. ..والحرية المسؤله وصيانة كرامة الانسان.
كنت أفتش عن سر عظمتها.. الذي يلمس ولا يرى.. هو ليس سراً واحداً ..وسبباً واحد ..اسباب كثيره لعله هو روح الجماعه ..تكافؤ الفرص ..الأحساس المطلق بالكرامة ..وقدسية القانون..أعني القانون الذي لا يعرف الأستثنائات أو التمايزات أو التفسيرات .. والكل سواسية.
عندما ظبطني رجل البوليس مسرعا ...قلت له اني لا اعرف القانون ولا اجيد اللغه الانجليزيه ...وقال لي ان بلدك كان يجب ان يعلمك اللغة والنظام قبل ان يرسلك ..او ليس لديكم نظام ..؟ وتظاهرت اني لم افهم سؤاله وكان يعرف أني أعرف ..العشرات مثلي قابلهم ..وللاسف والى الان وبعد كل تلك السنوات من تلك الحادثه..أتسآل هل توجد لدينا أنظمه..؟أتمنى أن اقول نعم ..لكني ما أن أخرج الى الشارع حتى أرى القانون قتيلا..وما أن أدخل أي دائرة حكومية حتى أرى القانون يستجدي ويستجدى ..وعندما أفتش حولي لم لم ؟؟ ولا أجد الجواب.
كم أبدو مملا عندما أتحول الى واعظ.
بعد ثلاثة أشهر من الدراسة الفصلية في تلك المدينة الجنوبية والتي تقطنها وزعنا ثلاثتنا على ثلاث سفن حربية للتدريب العملي..هناك في المحيط.
نواف طار الى برتريكو القريبة من كوبا ..ثواب طار الى (كي وست) في اقصى خاصرة فلوريدا..وانا سافرت الى مدينة (نيوبورت) في ولاية (رود آيلاند) الصغيرة في الشمال القريبة من ماشسيوتس ..كانت هذه المدن قواعد بحرية كبرى أثناء ذروة الحرب البارده..عندما كانت أمريكا تمتلك أكثر من ستمئة سفينة قتالية عدا سفن الدعم والنقل والأسناد .
و من ميناء (نيو بورت) وقريبا من ميناء نيو بدفورد (NEW BEDFORD)أبحرت جنوبا في المحيط الأطلسي كما أبحر ذات يوم (آخاب) بطل روية (مولي دك) لهرمان ملفيل..لكني أبحرت لأعود بعد شهر..وليس كآخاب الذي صارع قدره الأقوى والأحمق ولم ينهزم رغم كل جراحاته.
هرمان ملفيل عمل مثلي في البحرية الأمريكيه..وها نحن أذا رفاق.


http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/mso-427.jpg?t=1250153883 (http://i469.photobucket.com/albums/rr57/umro/mso-427.jpg?t=1250153883)
في مثل هذه السفينة المختصة بكشف ونزع الألغام أبحرت



وكان الأبحار كل هذه الفترة وسط ظروف جوية قاسية تجربة آخرى..تجربة جسدت لي عظمة وقوه وأصرار هؤلاء الناس الذين ينتمون لكل زوايا الأرض ..والذين فقط بأصرارهم اكتشفوا كم هي الطاقات الكبيرة داخلنا..وكم هو عظيم ومتفرد هذا الأنسان.
ولكن هل هذه هي كل أمريكا..؟
لا أبدا..الحضارة الأمريكية شىء مختلف والحياة في المجتمع الأمريكي شىء آخر ..وهذا ما لمستة في المرة الثانية بعد أن عدت اليها بعد ستة أعوام..وهنا وجدت أمريكا أقل بطشاً وقسوة.. وأكثر وهجا وحناناً وما الذي تغير..؟ ذلك أني جئتها هذه المرة وأنا أحتمي بالوطن..جئت معي بوفاء زوجتي..والزوجة الوفية وطن شاسع وطن يقهر عنك جور المسافات ويجعل كل السماوات رحيمه .[/

الهامس جهرا
17 -05- 2010, 07:29 PM
صديقتي الأمريكية (جيكسا) وصديقة وفاء زوجتي ذهبتا يوما للغداء ..كانتا لوحديهما..جيسكا تريد تعلم ثقافة مختلفة وعادات مختلفه وأفق مختلف عن هذا الجزء من العالم .
وفاء تريد أن تتعلم اللغة الأنجليزية التي تعرف قليلا منها..وتريد أن تعرف جزء من الثقافة الأمريكيه .
جيكسا تسأل وفاء ..أن كانت تزوجت عمرو عن قصة حب..؟
تجيب وفاء بلغتها المكسره وبلغة الأشاره وتعابير الوجه..أن لا أنه زواج مرتب عن العائلة .. وتشير بيدها مرارا للسماء وبتعابير كفيها دليل العجز وقلت الحيله والتسليم المطلق بالقدر والنصيب .
تصرخ جكسا :


?what? come again please
you marry umro without knowing him ??
we American women well try even a brand new pair of shoes for a while,’ & we'll get the money back if we didn't feel comfortable in it..
how about a life time husband?? poor lady
تعود وفاء مهمومة ومشوشة ..تقول ان جيكسا تحدثت اليوم عن الزواج والرجال ولم تفهم سوى كلمة جزم وأزواج وعلامات دهشه.

يااااااااااه يبدو أن تعلم اللغة مشكلة ليس سهلة
أتصلت بجيكسا اسأها عن محور حديثها اليوم مع وفاء..؟
ضحكت جيكسا كفرس تصهل في سهوب حرة وطليقه وقالت أنها قالت بما معناه أنها فقط إذا ارادت أن تشتري زوجا من الأحذية فأنها حتما ستجربه وتمشي به وإذا لم يرق لها حتما ستعيده وتسترد نقودها..فكيف بزوج تعبر معه العمر..تتزوجه دون أن تعرفه أو ربما لم تسمع به.
لا أعادها الله من معرفة يا جيكسا..ولا ثقافه..
سألتني وفا عن فحوى الحديث..قلت لها أن رأي جيكسا (وهي حرة) أن من يتزوج دون حب جدير بأن يضرب بالجزم .
ولكن كيف حصلت وفاء على زوج الأحذيه ..(أ نا) كيف) ؟؟

بعد تهشم زواجي السريع كنت نذرت نفسي للعمل والقراءة والغياب..اكتشفت وبثمن مؤلم أن مؤسسة الزواج ليست أحلاما تهبط من السماء ..وليس شخصان يلتقيان ليشربا السعادة المبذولة . لكنه أكبر من ذلك وأعمق .. أنه قيم وعادات والتزامات ومسؤوليات ومحاذير وفوق كل ذلك وعي بقدسية فضاء الآخر و حلفا مقدساً بالسير معاً نحو الحياة والموت حتى خط النهاية دون تلفت للوراء..ودون كشف حساب للربح والخسارات.
وقررت أني لن أتزوج..الناس يتزوجون عندما توقعهم الطبيعة بإسم الحب (كما يرى سبينوزا) لحفظ النوع ليس إلا .. ولا حب في حياتنا وفي الجبيل لا أمل في الحب ولا نساء وحتى زواج الحب يتحطم أيضاً..ذلك أننا لا نجد من نحب فنحب من نجد ونمضي العمر كل العمرمتخمين بشعور الندم وهاجس التعويض وردم الحسارات ونشقى ونشُقي من نحب.
وأبحرت عاما أو بعض عام وحيداً في الجبيل إلا من صداقات موزعه..وأنتظار لما لن يأتي..
ومرة آخرى تتدخل العائله..والدي ..اختي وأخي الأكبر..كانا يخافان أن أدمن التوحد والترحال وأن ابتعد عنهما وعن القرية والعائلة..كانا يخافان أن أوغل في الغياب.
ـــ تزوج يا عمرو.العمر يسرق ..وأنت وحيد. كل الناس يتزوجون ويفشلون ويعيدون التجربه
المجتمع أيضاً يرفضك عندما تكون رجلا غير متزوج..
والجبيل أيضا موحشة وممله,
بأختصار ..هزمت
وقررت إعادة التجربة..لوحدي..ودون تدخل أو مساعدة من العائله حتى يكون الكل بعيداً على الحرج في ما لو تكسر هذا الزواج أيضاً..كنت أقامر دون وعد كبير بالأمل.
وعن طريق أحد زملاء العمل و عن طريق والدته ..تعرفت على عائلة طيبة من مكه أنا القادم من جازان . جازان ـــ الجبيل ـــ مكه,
مثلث طول كل ضلع من أضلاعه الفا كيلو متر وأختلافات كبرى في كل شىء .
وكررت التجربه.
لكن وفاء بوعيها الحضاري وعائلتها (وللعائلة دور كبير في النصر والهزيمة) كانت ايضا مصرة على هزيمة اختلافات المسافات والعادات والثقافة .. كانت مصرة على أبقاء هذا المركب طافيا ومبحراً رغم كل شىء.
وأبحرنا معاً.
والحب بعد الزواج نوع آخر من الحب ..ليس ذلك العشق المتطلب ولا الهوى الصاعد ولا الخيول الجامحة في سهوب التخيل ..حب هاىء ورصين ينمو صامتاً ويسري كسريان الماء في الشجر, كالعافية في روح السقيم ..يكبر ولا يصغر يبنى ويصان ويتجذر .
لم أكن أبدا وما زلت زوجا مريحيا من الأحذيه ..لكني أيضاً اصبحت أدرك على الأقل أني غير مريح وكنت مصراً على النجاح... البديل هو النهاية.
كنت قرويا فضاً أمتلك تصورات مسبقة وربما مغلوطة عن الدور الأسمى للزوجة , فقيراً لعبارات المجاملات معدما من أنجيل التسامح وعنيدا كصخره ربما طيباً و لكن بحماقات صغيرة ومتكررة تهزم كل تبصر.
وكانت وفاء أبنة مكة ذات الثقافات المتعددة والتنوع الغني والرقة الحجازية العابقه.. كنا نقيضين.
لكنها وبصبر الشهداء عبرت معي الرحله.. رافضة الهزيمة كانت تؤمن أن من هذه الجريدة القاسية حتما سيخلق مزمارا للغناء.
لم تفرض رأيا فقط كانت توحي الي بما تريد بروية وأصرار لا يتبدل وتعبر حماقاتي الصغيرة والكثيرة بتسامح وعطاء لا يتبدد ..ربما رأت في شىء يستحق الرهان .. لا أعرف.. لكنني أعرف اننا ومنذ خمسة وعشرون عاما ونحن نتقاسم الرؤى والاحلام والمسرات وحتى الألم ونمضي بيدين متشابكتين الى الأمام
لم نعد زوجين فقط .. غدونا أصدقاء.
وأذا كان هناك من معجزة فهي من صنعها..أنا كنت وما زلت فقيراً من المعجزات.
ورغم اننا لم نحظى بأطفال فأننا لم ننظر لذلك أبدا كمعظلة تسمم حياتنا بقدر ما كان كهدية من السماء .. فقد بقينا خفافا من القيود ومن قلق الخوف على ما نملك, مبذولين لبعضنا وأكثر .
سافرنا معا شرقا وغربا وتقاسمنا شجن الاغتراب ولحظات السعاده وتجولنا في شواطىء وغابات على مساحة الكون وصنعنا صداقات بأتساع الدنيا ونزلنا بلادا سحرية بأمتداد الفضاء وما زل المركب يمضي.
ولو وجدنا جيسكا ذات يوم ربما تبدل رأيها في ثقافة الأحذية..وربما تقول عنا فقط أنه الشرق
الشرق بلاد الأساطير والمعجزات.
لكننا معاً صنعنا المعجزة معجزة الحب الذي لا يعرف الذبول.

الهامس جهرا
17 -05- 2010, 07:30 PM
أكتفي بهذا القدر من الذكريات , ويمكنكم إكمالها عند جيرانكم ..

تحية طيبة .

أسامة مصلح
17 -05- 2010, 08:05 PM
لم تكتفي وأين أبحث ؟

إن من بدأ (الأشياء) ينهيها ! ^_^

في انتظارك ؛ لا تغب .

قلب الوفا
17 -05- 2010, 08:47 PM
الهامس جهرا
متااابعه تلك الروائع ..

الهامس جهرا
18 -05- 2010, 08:54 AM
متابع بشغف

الهامس جهرا دائما تأتي بما هو جديد وعتيق

الهربة يحيى امقاسم حصلت على نسخة منها بعد أن منعت من إكمالها
واستمتعت بها

وسأسعى جاهدا للحصول على هذه الرواية ليس للأدميرال من يكاتبه عمرو العامري

أو نتابعها معك

دمت بخير

تقف حقوق النشر دائما في طريقنا , لكننا نكتفي بإشعال الأضواء حول إبداعات أبناء المنطقة ::sa05::

ابو الفلاليح
18 -05- 2010, 07:20 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

أبوإسماعيل
19 -05- 2010, 06:08 AM
أكتفي بهذا القدر من الذكريات , ويمكنكم إكمالها عند جيرانكم ..

تحية طيبة .


أستاذنا الهامس جهرا
بحق الصداقة وواجبها
نطالبك أن تكمل هذه الرواية الممتعة
فنحن لنا كيان عمره ما يقارب عشر سنوات
وهم لهم كيانهم .
ولا تنس أنك دخلت منتديات صامطة من هنا
وأملنا في وفائك أكبر .

فهدعريشي
19 -05- 2010, 07:22 AM
الهامس جهراً

نشكرك جداُ لهذه المعزوفة العميقة الجمال .
عند صدور هذا الكتاب لم أكن اعلم بأنه بهذ الجمال ولم أفكر بأن أقتنيه .
ولكنك سوقت له بشكل جيد بشكل يجعلك تستحق عموله مجزية من الناشر .
سأقتنيه لأكمل هذه المذكرات المليئه بالجمال الشاعري والجمال الأدبي .

رزقك الله بمذكرات جميلة خالدة لا تموت ولا تذبل .

الهامس جهرا
19 -05- 2010, 01:09 PM
لم تكتفي وأين أبحث ؟

إن من بدأ (الأشياء) ينهيها ! ^_^

في انتظارك ؛ لا تغب .

الشيخ google كفيل بالجواب ::sa02::

Impossible
19 -05- 2010, 07:49 PM
الهامس جهراً
كأني معك

الهامس جهرا
19 -05- 2010, 08:30 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

حياك الله ::sa06::

معتدل
19 -05- 2010, 11:59 PM
الهامس جهرا ..
حقا لقد فعلت ..
يوم عن يوم وليلة عن ليلة قد لاتفرق مع بعض المناطق ..
لكن في جازان تفرق ..
شكرا لك أخيي ,,
تحياتي ..

الهامس جهرا
20 -05- 2010, 01:21 PM
أستاذنا الهامس جهرا
بحق الصداقة وواجبها
نطالبك أن تكمل هذه الرواية الممتعة
فنحن لنا كيان عمره ما يقارب عشر سنوات
وهم لهم كيانهم .
ولا تنس أنك دخلت منتديات صامطة من هنا
وأملنا في وفائك أكبر .


فهمتني خطأً ::sa10::

الذكريات موجودة بالكامل في " أسمار " .

الهامس جهرا
20 -05- 2010, 04:04 PM
الهامس جهراً



نشكرك جداُ لهذه المعزوفة العميقة الجمال .
عند صدور هذا الكتاب لم أكن اعلم بأنه بهذ الجمال ولم أفكر بأن أقتنيه .
ولكنك سوقت له بشكل جيد بشكل يجعلك تستحق عموله مجزية من الناشر .
سأقتنيه لأكمل هذه المذكرات المليئه بالجمال الشاعري والجمال الأدبي .



رزقك الله بمذكرات جميلة خالدة لا تموت ولا تذبل .


الشكر لك ..

أظمن لك متعة لا تنسى ::sa05::

الهامس جهرا
20 -05- 2010, 07:30 PM
الهامس جهراً
كأني معك
وين ؟ ::sa07::

الهامس جهرا
21 -05- 2010, 12:19 PM
الهامس جهرا ..
حقا لقد فعلت ..
يوم عن يوم وليلة عن ليلة قد لاتفرق مع بعض المناطق ..
لكن في جازان تفرق ..
شكرا لك أخيي ,,
تحياتي ..

شكرا لك ::sa06::

الهامس جهرا
16 -01- 2011, 07:02 PM
سيرة ذاتية
السبت, 15 يناير 2011

زينب غاصب


هناك من يكتب السيرة الذاتية ملتزماً بقواعدها الفنية التي يصر النقاد على اتباعها، وهنالك من يكتبها بعفوية وشفافية ربما تشّد القارئ إليها أكثر من الأخرى ذات المواصفات النقدية، وهذا ما وجدته في كتاب الأستاذ الزميل - عمرو العامري- «ليس للأدميرال من يكاتبه» مذكرات ضابط سعودي.
حقيقة لم أكن في البداية متحمسة لقراءتها ليس لترصدي الظني لخلل في سرديتها، فأنا أعرف كاتبها جيداً لقراءتي له سابقاً في كثير من كتاباته السابقة من خلال مجموعته القصصية الأولى (طائرالليل) ومن خلال كتاباته الجديدة على صفحات صحفنا المحلية سواء في مجال القصة أو النصوص الأخرى النثرية، ومن خلال مداخلاته التي يشارك بها على مستوى الملتقيات الثقافية المحلية، أو المنتديات الألكترونية الأدبية، ولكن صور غلافها الجامدة الدالة على رجل عسكري صارم الملامح، جعلني أحكم ضمناً بأنها ربما تكون منصبّة على أحداث عسكرية بحتة خصوصاً وكاتبها برتبة عميد بحري/ ركن، متقاعد. ولن تكن مشوقة بالنسبة إلي كبقية السير الذاتية التي قرأتها سابقا مثل - حكاية الحداثة - للدكتور عبد الله الغذامي، أو- حكاية الفتى مفتاح- للأستاذ عبد الفتاح أبو مدين، أوشذرات منها كما في كتاب الراحل الدكتور غازي القصيبي- حياة في الإدارة- وأخرى تراثية قديمة. لم تكن أجمل ولا أروع من مذكرات الكولومبي النوبلي (غابرييل غارسيا ماركيز) في سيرته الذاتية المعنونة بـ(نعيشها لنرويها) فإنني وفي لحظة ما، قررت أن أقرأها ربما بدافع الفضول والاكتشاف لحياة رجل عسكري غير الرجل الأديب والمثقف الذي عرفت. وما أن بدأت في قراءتها حتى وجدت نفسي مشدودة معها من أول سطر فيها حتى نهايتها التي استغرقت مني ليلتين كاملتين، فقد أدهشتني أحداثها المثيرة من الطفولة، إلى الشباب، إلى الغربة، بكل تجليات الكاتب وكأني أعيش معه فشله، ونجاحه، وإحباطاته، وانتصاراته، واكتشفت عوالم رجال البحرية من خلال عمله كضابط بحري لا يكاد يستقر في مكان حتى ينتقل إلى آخر.
ما أعجبني في سيرة زميلنا - عمرو- شفافيته الصادقة، ولغته البسيطة، وآراؤه الجريئة المنفتحة على الواقع الذي عاشه، ويعيشه، بصراحة المثقف الأمين على نفسه، إذا إن الكثير من كتاب السيرة الذاتية يحرصون على الانتقائية خصوصاً فيما يتعلق بحياتهم الخاصة، وتخوفهم من مغبة ما سيكون عليها من ردود أفعال ربما تكون صادمة لهم من خلال تعاطي المجتمع معها سلباً، فيتمخض عنه موقفهم ضد الكاتب، من خلال وجهات نظرهم المختلفة. لكن الأستاذ عمرو لم يلتفت لهذه الانتقائية فتدفق في صدقه، بعمق قامة ذلك القروي القادم من قرية جنوبية نائية في المكان، وغائبة عن الزمان، يضيئها وجه أمه، وصحو أبيه، لكنها ظلت تعانق تحولاته الحياتية، لتغسله وهو في عز تمدنه فتغسله بالحنين، والبساطة، والمناعة من التلوث الذاتي في صخب المدينة ومغرياتها.
أما علاقته بالمرأة واحترامه لها فقد بدأت مع أمه، تلك التي رحلت عنه وهو في سن صغيرة فخلفت في قلبه فراغاً يقول عنه: «بقيت أبحث عن عزاء في وجوه تتشابه كثيراً لكنها ليست كوجه أمي». وتتجلى بشجاعة كبيرة في اعترافه بأنه هو المخطئ في فشل زواجه الأول واحترامه لمطلقته، وحبه وتقديره، وتكريمه لرفيقة دربه وشريكة حياته «وفاء».
وعموماً السيرة زاخرة بكثير من الأحداث الاجتماعية، والسياسية الهامة التي تؤرخ لمرحلة تمتد مابين الثمانينات إلى تأريخنا الحاضر، وسيجد فيها القارئ المتعة، والدهشة، والإثارة، والصور الفوتوغرافية الداعمة للأحداث، والكثير من المحطات المؤثرة في حياة الكاتب.