المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شاب سعودي مخترع وهو معاق



english teacher
13 -06- 2010, 05:09 PM
http://www.alwatan.com.sa/Images/newsimages/3544/03-2.jpg العنزي







أحمد معاشي العنزي، شاب سعودي في بداية العشرينات من عمره، يجمع مصروفه اليومي حتى يتوافر لديه ما يشتري به كتابا طبيا، واحدا تلو الآخر. يظل يحلم بالواحد منها لأسابيع وربما لأشهر، وهو بالرغم من شغفه بهذا النوع من الكتب، إلا أن أحمد ليس طالبا في كلية الطب، بل هو طالب في الثانوية العامة، في الصف الثاني الثانوي، يهم في خطاه نحو المستقبل، غير آبه بوعورة "الإعاقة" التي أقعدته جسديا، لكنها حفزته روحيا وذهنيا.
معاناة 5 سنوات
لأحمد قصة حلم ولد من رحم اليأس، كتبه بعزيمة أمل كبير، رغم خمس سنوات لازم فيها السرير الأبيض، حينما كان عمره 12 عاما، حيث كان يعالج من آثار حادث سير تعرض له، جعله ينقطع طيلة تلك السنين عن نيل الشهادات المدرسية، وأوسمة التقدير التي كان ينالها، والتي كانت تقربه من الجلوس على كراسي البحث في الجامعة. هذا الحادث بالنسبة لأحمد، يراه بمثابة "مصدر انطلاقه كالسهم"، ليبهر تاليا كل من هم حوله.
البدايات
العنزي، وفي حديثه مع "الوطن"، أشار إلى أن أفكاره بدأت "قبل ست أو سبع سنوات"، حينما كان يبحث ويفكر في "مشاكل المجتمع" محاولا معالجتها. حيث يقول "على سبيل المثال، كنت في أحد المطاعم، ورأيت شخصا لا يتقن الكلام، ويحاول التعبير للشخص الذي أمامه بلغة الجسد، إلا أنه فهمه بصورة خاطئة، وقام بطرده من المطعم. وتركت تلك الحادثة أثرا بالغا في، مما جعلني أفكر مليا، حتى ظهرت فكرة اختراع يعالج هذه المسألة، وهو جهاز يلبس في الكف، يعتمد على تقنية الليزر، وخمس توصيلات بجهاز الميكروفون مقترنة به، وعندما تصدر حركة معينة من يد الشخص الذي فقد القدرة على الحديث، تتم ترجمتها إلى أصوات يصدرها الجهاز، ويشير حينها صاحب إعاقة النطق بيديه مستخدما لغة الإشارة، فيترجم الجهاز تلك الإشارات إلى أحاديث مسموعة، يفهمها من ليست لديه مهارة الحديث بلغة الإشارة، كما يتميز الجهاز بخيار اللغتين العربية والإنجليزية".
كرسي مدولب
يشير العنزي إلى اختراع آخر، وهو "الكرسي المدولب"، الذي يقول إنه اهتدى إليه بسبب وجود مؤثر داخل أسرته، وهي خالته المقعدة، التي تعاني من صعوبة في الصعود إلى الدرج ونزوله، وكذلك الذهاب إلى دورة المياه، ومعاناتها الكبيرة عند النوم، حيث تبلورت فكرة هذا الكرسي في رأسه، واحتفظ له برسومات كاملة له، وشرح مفصل لمكان أجزائه، في جهاز الكومبيوتر الخاص به.
مقياس للضغط
مقياس ضغط الدم، هو أحد ابتكارات أحمد، التي أضافها لرصيده، رغم وجود مقاييس أخرى متعددة، ومتنوعة، إلا أنه يشرح لنا عن آلته هذه، قائلا "هي عبارة عن جهاز يحتوي على مقياس للحرارة، ومقياس للدم، وسماعة طبية، ويعمل بوضع السماعة على القلب، ثم أخذ نفس عميق، عبر عملية شهيق وزفير، وبعد ثوان قليلة، يقوم بجمع المعلومات، فتضع درجة الحرارة، ليقوم بسؤالك عدة أسئلة، وبالإجابة عليها يعطيك التشخيص الكامل عن حالتك، كأن تحتاج إلى مراجعة الطبيب، أو أنك مصاب بكذا، أو لست بحاجة إلى الذهاب للعيادة، وهذه المعلومة من الممكن الاستفادة منها، في الاستفسارات الطبية. وقد نشأت هذه الفكرة من ملاحظتي، بأن بعض الأفراد لا يستطيعون الذهاب إلى الطبيب، فيقوم الجهاز بالتعرض لمشاكلهم الصحية.
دعم العائلة
من يعيشون في محيط أحمد، كان لهم دور في تحفيزه، وتشجيعه على مواصلة ابتكاراته، وفي مقدمتهم والداه، حيث كان أبواه الداعم الأول له، إضافة إلى خالد العنزي، مدير المدرسة التي يتعلم فيها أحمد، والذي اهتم بمستواه التعليمي، ودعمه معنويا، وحول الحزن والوجع النفسي في داخله إلى طاقة حماس، ومعنويات مرتفعة.
أفكار كثيرة
هذا الدعم من المحيط الملاصق لأحمد، وإصراره على مواصلة العمل، جعلاه اليوم يملك العديد من الأفكار التي يريد أن يفيد بها المجتمع، بغض النظر عن الشخص الذي ستسجل باسمه، حيث يقول "أكره رؤية شخص يتألم، دون أن أبادر إلى تخليصه من ألمه، لكوني أحس بألمه وكأنه ألمي الشخصي". مما يجعله يرصد ويتابع بشكل مستمر، الاختراعات المختلفة للسعوديين عن كثب، قبل أن يقدم على أي اختراع جديد، مضيفا "أعمل على تطوير اختراعاتي، مثل الكرسي المدولب، بل إنه في حال وجد اختراعا مشابها يقوم بتطويره أو إلغائه، فهدفي هو الاستفادة القصوى من التقنية، وليس أن يقال عني إني مخترع!"، مشيرا إلى أن لديه العديد من الاختراعات على شبكة الانترنت.
إمكانات متواضعة
هذه الابتكارات المتعددة، يحتفظ أحمد بنماذج ورسومات لها في كمبيوتره الخاص، وكذالك رسومات يدوية، وصور أولية لاختراعاته كافة، وقد ساعده في ذلك إلمامه بالتصميم، الذي اهتم به مبكرا، لكنه اضطر إلى التوقف عنه بسبب العجز المادي، والقيمة المرتفعة لعدد كبير من الكتب التي تهمه، وتشكل رافدا له. فهو كلما رغب في شراء كتاب ما، بدأ في عملية التوفير، وحرمان نفسه عن الكثير، قائلا "بصراحة لا أستطيع التوفيق بين قراءتي للكتب، وشراء مواد أولية لبناء تصاميم لاختراعاتي"، معتبرا أن "الدعم المادي هو الحاجز الذي يمنعني من ذلك"، معقبا بقوله "إلا أن إيماني وقناعتي بإمكاناتي، وأن اختراعاتي ستصب في مصلحة المجتمع، وتحقق الفائدة، وتخفف الآلام جعلتني أستمر". وفيما يتعلق بالدعم المادي من الآخرين، يشرح العنزي أنه لم يسع إليه كثيرا، بعدما تلقى وعودا بلا جدوى في المدرسة، وسمع عبارات محبطة من بعض الجهات التي طرق بابها، كأن يقال له "لدينا غيرك مواهب عدة، وقد سبقوك ولم يتبنهم أحد". إلا أنه لم رغم ذلك، ما يزال مصرا على أن يسمع صوته، وأن يسير نحو تحقيق أمنيته، وهي أن يصبح جراحا في مجال "المخ والأعصاب".
جودة الاختراع
وحول كفاءة الجهاز المخترع، ومدى مطابقته للمواصفات والمقاييس، يوضح العنزي أنه يفتقد فريق العمل الذي يقيم معه اختراعاته، ولكن لديه خلفية علمية كافية تجعله يثق على الأقل بفكرة الاختراع، موضحا "جهازي الخاص بالسماعة الذكية، تأكدت منه، لأني على اطلاع بما يكتبه الدكتور مايك جايسين، الشهير في جراحة القلب في أمريكا، ومن له دراسات ينشرها باستمرار، يقول في إحداها إن كل دقة من القلب، عبارة عن 3 نبضات مع بعضها، ولها رسالة معينة تفسر بشيء معين. وبعد أن قرأت ذلك، اخترعت هذا الجهاز، الذي هو عبارة عن سماعة طبية مطورة، يمكن لها أن تفسر أصوات القلب بشكل أفضل من الطبيب، لأنه كائن بشري، يخضع للضغوط وعوارض النسيان، لذا فكرت في آلية التشخيص تلك، لتفادي الأخطاء الطبية بشكل كبير، ولتحقيق دقة التشخيص، وحل مشاكل عديدة".
16 عملية!
العنزي يروي عن قصة حادث السير، الذي تعرض له، قائلا "حينما كان عمري 12 عاما، وأدرس في الصف السادس، بابتدائية الشهداء، حيث صدمتني سيارة مسرعة، وقذفت بي عدة أمتار في الهواء، لأسقط بعدها على حافة سور المدرسة، وكنت في يومي الدراسي الأخير، وأحمل في يدي شهادة تقدير"، مضيفا "تنقلت طلبا للعلاج من مستشفى إلى آخر، وتم علاجي ولله الحمد في دولة الكويت، بمستشفى ابن سينا، بعد أن أجريت لي 16 عملية، خلال سنتين، ما بين الكويت والسعودية، حيث استطعت بعدها المشي، رغم بعض الصعوبة الخفيفة، في حركة رجلي اليسرى". ويضيف العنزي أنه كان يواصل القراءة بعد الحادث، ويقرأ الكتب الطبية، وكان الدكتور "جونسن" بالكويت معلما له في اللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى خاله، الذي لم يتأخر في بذل الجهد لتعليمه ومساعدته في فهم الكتب، مما جعله محبا للطب في تلك الفترة. مشيرا إلى أنه كان يحب الطب قبل تعرضه للحادث، حينما كانت عائلته تشجعه على ذلك، وتطلق عليه لقب "الدكتور أحمد" قبل دخوله المدرسة، وما زالوا كذلك حتى الآن.
إشادة علمية
عضو هيئة التدريس في قسم الفيزياء والفلك، بـ"جامعة الملك سعود" بالعاصمة الرياض، ووكيل "معهد الملك عبدالله لتقنية النانو"، الدكتور محمد صالح الصالحي، كان التقى الشاب المخترع أحمد العنزي، ومبينا أنه وجد لديه "مخزونا معرفيا كبيرا جدا من الأفكار والمخترعات العلمية"، وأنه اطلع على عدد منها، ووجد فيها "أفكارا جذابة قابلة للتطبيق، وذات فائدة مجتمعية واسعة، كما أن الطالب يملك قدرة ذهنية متميزة، تؤهله للإبداع والابتكار في مجالات عديدة". وأضاف الصالحي "أقترح أن تقوم وزارة التربية والتعليم، أو مؤسسة الملك عبدالعزيز للموهبة والإبداع، أو جامعة الملك سعود بدعم الطالب، وتوفير الإمكانات اللازمة لتطبيق ابتكاراته على أرض الواقع، والاستفادة منها، على شكل منتجات ذات قيمة اقتصادية".