البرُج الثالث عشر
عندما بنينا المستقبل لم يكن لدينا سوى الساعه كي نعبر عن ماتكنه المشاعر وما يفضي به القلب وتفيض به براءة الرؤى وجمال الارواح ؛ عندما تتعانق في الفضاء بجوار القمر وتحيط بنا النجوم من كل جانب لم نرى سوى السماء في اجمل ساعاتها الساعه مابعد نصف الليل , حيث يسكن كل حي لتجد تلك السواكن والجوامد حيزاً من الفراغ البشري لكي تعيش.
كانت اروع النجوم ثلاث نجمات من برج كلينا برج الدلو التى تسطر السماء كاول سطر تكتبه روحينا كي نعيش مع كل النجوم ويسكن جسدينا عندما تطير روحنا نحو ذلك السطر وتترك جسدين هامدين لاتتنفس فيه سوى الاعين.
نظرنا الى السماء وقد تحلت ببدر لم يسبق له مثيل بجمال تلك الليله تعانقنا في السماء ولم يفلت احدنا الاخر حتى انتهى الليل .
تطلع النواره وتتنفس الاعضاء الحيه والشجر يبدا بالبناء الضوئي ويتوقف تنفسه ؛ وتتلاشى النجوم واحدة تلو الاخرى وتزهى زرقة السماء وتعود روحينا للاجساد وتتنفس , حيث يجمد الشجر فلا يبقى لنا سوى ما عادت به الاطياف لسوداء القلوب فيبدا الدم ينعش ذلك الجسد على امل ان تسير بنا الاقدام الى النجم الاوسط الذي هو ولادة برج الاحبه.
صاحب هذا البرج تسكن جسده روحين روحه وروح من احب واذا مااجتمعت تلك الروحين تفرد عن البشر بان السماء قد تريه مايريد ان يرى في النصف مابعد الليل.
السطر الاول من ولادة البرج الثالث عشر كتب بحبر الصداقه البريئه لطفلين وجدا نفسيهما في نفس الزاويه من قعر ذلك الدلو المملوء بحليب الامومه في سن لم تعث فيه الذكريات سوى العاب الاطفال وروايات ماقبل النوم ؛ قصص فارس الاحلام وسندريلا الجميله , كانت تبكينا جوليت ببكائها على روميو , ويضحكنا غباء شقيقات سندريلا لشغفهم للامير. والاشد ضحكاً عفريت الدلو السحري صاحب الثلاث امنيات وكم كنا نتمنى ان نجد ذلك الدلو ولم نعلم اننا بداخله.
لم تمضي سنتان الى وهاجوس المراهقه يدفع كلينا لما قد يحقق لنا امنية التلاقي وكأن الارواح تشبثت بالاجساد ولا تكاد تخرج منها , وتدفع كلينا لعبور تلك المسافات القاهرة لنجد لحظه من تلك الساعه لنعيشها في واقع تمنعه حواجز البلوغ ان نقفز فنتعثر فوجدنا انفسنا كالامير واختي سندريلا تحشو رجليهما الحذاء الصغير ولاتنفذ بداخله ونرجع ونكرر تلك الضحكات الحيه في عالم من السكون.
وبعد اجتياز ذلك الهاجوس بدأت احلام الشباب وحيويته تثب بنا نحو ذلك الحلم البيت ذي السقف الزجاجي كي نرى قعر الدلو الذي مازلنا بداخله ؛ بدأت قوة الشباب ترجف برجلينا رجفة اول خطوة على وجه الارض ويتبعها تعثر وبكاء بصوت عالي امآه اوآه.
ومازالت السقطات تتوالى والخطوات تقترب ومازالت ذاكرة الطفوله هي محيطنا والسماء بتلك الساعه اجمل ماقد رأيناه ولقائنا في تلك الزاويه هاجسنا الوحيد الذي هو اجمل لقاء واقرب التقاء.
في ليلة من ليالي الشتاء , البرد قارس والمطر هتان والغيوم تتوالى على السماء ؛ صدق المشاعر كانت دفئ اللقاء ونور السماء , كالبدر في منتصف شهر يزهو بالصفاء ؛ ماأجمل البدر في سماء الصيف وحرارته هي الدفئ الوحيد عند بزوغ بدر التمام ؛ اشتقت لتلك الليله الدافئه والقمر المنير ولم اجد في السماء سوى غيم وفير , نظرت لعيناها نظرت شوق للجمال بحثا عن دفئ الليال ؛ بدأ القلب يخفق بتسارع المطر والدم عاد لمواضعه بدأ الدفئ يدب في الانامل , رأيت من سواد نونها سوداء قلبها تدفع الدم لجسدها الناعم كأنها تزيح لروح اخرى ان تسكن فيه , لم اتردد بلمس كفيها الحرير لاجد ذلك الجسد يشتعل ناراً وتنادي روحه اقترب اكثر.
دفع كلينا الاخر وغمرت تلك الابتسامه ذلك الثغر الطاهر فكانت اجمل ماخُلق وماسيخلق.
شعرت بالعطش امسكتْ بالكأس الزجاج لتروي العطش بماء غير سائغ بللت حلقي برشفتين وجعلتها ترتشف.
فجأه انفجرت الكاس من حدة التوتر في يديها وكلانا على منظر المطر ؛ وكأن روحها سيطرت على ذلك الجسد الحرير فزعت هي وحملتها فلم ترفع رجليها عن الارض مسحت يديها ولم تمسها قطعة زجاج ؛ لم اخشى على شيئ سوى تلك الحرير ان تتمزق اشرقت النوارة وعادت الانفاس الى البشر وعاش الجماد كما حال الحجر , وسكن كل ساكن وفارقت روحي الجسد ليولد برج جديد هو البرج الثالث عشر.
احدى محاولاتي وياليت تنال اعجابكم
