اعتدنا في حياتنا اليومية أن نشاهد وجوهاً غير مقنعة وما كان منها مقنع فلا سبيل لنا عليه ،
بيد أن من الوجوه البارزة وجوهاً لا تملك عند رؤيتها إلا وضع بصرك بين قدميك أو أن تغمض جفنيك ،
وأخرى مهما فعلنا لصدها فإنها تلوي أعناقنا لها لياً وتأسر قلوبنا لها أسراً ونجدها تسري في مشيج اللحم والعصب وتفرض ذاتها على فلتات اللسان وقسمات الجبين ، وذلك لأنها تحمل معان جميلة ولو كانت في شكلها قبيحة ،
ويبان جمال روحها وزكاة نفسها لكل ذي لب ، ويصعب نعتها بغير الخلق الجميل .
فالخلق يرتقي بصاحبه في عالم الكبار ، ويسمو به عن كل سفه وعار ،و يستطيع صاحبه أن يملك عليك لبك وعقلك ،
ويجعلك مغلول اليدين مأسور الفؤاد، لا تستطيع أمامه إلا رفع ألوية التقدير والاحترام وبسط يد المعروف والإحسان ورفع يد الضراعة إلى الله له بالرحمة والغفران،
إن صاحب الخلق الجميل يعيش بحق في جنة الدنيا قبل جنة الآخرة،يعيش بروحانية متألقة ونفس صفوحة سموحة لا تلفت إلى النباح ،
لأن أذانها ألفت زقزقة العصافير البريئة وتصفيق المحبين وشذا الأصوات الصادقة قولاً وطبعاً.حق لصاحب الخلق الجميل أن يعيش حياة كبيرة تملأ أركان الأرض صفاء وبهجة0
فآه على أخلاق الكبار وآه على كبير الأخلاق ، آه على من عاش مصباحا منيراً في حياة كل من عرفه وعايشه ،
آه على من أهلّه الله ليكون ممن يسكن أعالي الجنان وتكفل له نبيه صلى الله عليه وسلم بذلك المقر حيث قال : (00أنا زعيم ببيت في أعلى الجنة لمن حسُن خُلقه)
إن لثم نوازع النفس وكبح كوامن الغضب ونزع جذور الأنا الشيطانية الجاهلية وتعويد اليد على العطاء واللسان على الثناء والنفس عموماً على الصفح والإحسان أمر لا يقدر عليه إلا الشرفاء الأوفياء، الكبار خلقاً وأثراً ،فطوبى لمن تقمص خلقاً سار به في ركاب الكبار0
بقلم : عامر حمود
