الأندلُس..مجدُنا القدِيمْ
قرأتُ قبَلٍ نصفِ عامٍ تقريباً قصيدةً طويلة لـ الشآعرْ الأندلسِي أبو البقَاء صآلِح الرُّندِي..جاء فِي مَطلعها:
لِـ كُلِ شيءٍ إِذَآ مَا تَمّ نُقصَانُ فَلَآ يُغْرَ بِـ طِيبِ العَيْشِ إِنْسَآنُ
ولم تكِن الأندلس قبل قراءتي لـ هذه القصيدةِ أو بعدها تعنِي لي سوى بلدٍ كان الإسلام عنوان كلّ دارٍ مِن ديارها وأصبحتْ الآن اسبانيا إحدى روائِع أوروبا ومجدّ الحضارات..
بعدها بـ فتره يسيرة وقعَ بين يدّي كتاب"الأندلس..التاريخ المصوّر"لـ الدكتور طارق السويدان..ومِنْ باب أنِي أحبّ أن أقرأ كل ما يقع تحت يدي..فتحتُ أولى صفحاته وقرأتها..كنتُ أطوي الصفحات وأنا أفكّر بما بعدها من سطورٍ وأحداثْ..أدركتُ بـ أنْ المسلمين همْ سببّ عزّهم..وهم أيضاً أنفسهم سبب ذلّهم وهوانِهم..عرفتُ بـ أنّ في المسلمين رجالٌ يستحقون منّا كل الفخرْ..بما حملوه مِن همّة الرجال..وهمّ الدين وحبّه في قلوبهم..وكان أولهم..بطلٌ من أبطال العرب..ورث البطولة أباً عن جدّ..صقرُ قريش..عبد الرحمن الداخِلْ..كان لـ قصة هروبه من دمشق مروراً بـ المغرب العربي وصولاً إلى الأندلس عظيمُ الأثرِ في نفسي..فـ المرء لا بـ أصله ولا نسبه ولا أبيه..المرء بـ قلبه وهمّته..كان رجلاً ذكياً وداهيةً فطناً..فتح الأندلس شبراً شبراً..واستطاع حكمها وإدراتها رغم كل الخيانات التي كان لها أسوأ الأثرِ فِي حياتِه..لـ درجةِ أنه نفى ساعده الأيمن إلى المغرب بعد أن أصبحَ عاجزاً عن قيادةِ الجيوش..حتَى بعد رحيله..جاء مَن أعَاد الأندلس..جعل عبد الرحمن الناصر من الأندلس جنّة..بناها وعمّرها حتى أصبحت أولى دول أوروبا حضارةً وتقدماً..لكن صدقَ أبو البقاء حينما قال:
هِيَ الأُمُورُ كَمآ شَآهَدتُهآ دُوَلٌ مَنْ سَـرّهُ زَمـنٌ سَاءَتُه أَزمَآنُ
ومن المسلمين أنفسِهم ضاعت أندلسنُا..علمتُ جيداً بـ أنّ دوامَ الحالِ من المحال..وأن لا عزّة ولا نصر ولا قوة..ما دمنا بعيدين عن ديننا الذي هو رمزُ عزّتنا..ضاعتْ الأندلس بـ ضعف الأنفس وهوانها..بـ موت الهمّة الصادقة وحبّ الدين..ضاعتْ أمجادنا لـ أننا لم نستطع أن نكون مسلمين..كُنا أشباه مسلمين..ممن حملوا الإسلام –اسماً-..متناسين بـ أنّ الدين هَمٌّ وهِمَه..فقدنا الأندلسْ ومجدها لـ أننا فقدنا جوهَرَ إسلامنا..ضاعتْ الأندلس..فـ هلْ مِن عودةٍ يا مجدُنا القديم..؟!!!
