الاحترام ومفهومه

مفهوم الاحترام
هناك اختلاف حول أصل كلمة "احترام" عند اللغويين، وإن كان المتقدمون استخدموها في كتب التفسير والفقه، حيث استخدمها الأئمة، لكن لا تجد لها عناية كبيرة في المعاجم اللغوية، و كلمة "احترام" قد تكون مأخوذة من الحرام أو الحرمة، ولذلك نقول: "المسجد الحرام"، و"البلد الحرام"، و"الشهر الحرام"، وهذا لفظ دارج جدًا في القرآن الكريم.
أن الاحترام قد يكون مأخوذًا من هذا الحرام أو الحرمة، بما يعني أن هذا الشيء الذي أمامك له حرمة ومكانة، فهو ليس حرامًا أي محظورًا فقط، وللاحترام معانٍ متعددة، منها:
1 ـ مكانة وحرمة
2 ـ التوقير: وهذا تجده في القرآن الكريم في قول الله -عز وجل-: (مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا) (نوح:13).
3 ـ المهابة: أو الهيبة، كما ذكر ذلك صاحب الصحاح وغيره، وفي الحديث المتفق عليه عندما صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- الصلاة الرباعية وقصرها إلى ركعتين ناسيًا قال: (وَفِى الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَهَابَا أَنْ يَتَكَلَّمَا)، فهذا نوع من معاني الاحترام.
أصل شرعي
وعلى ذلك فإنه يمكن القول بأن الاحترام معناه الهيبة أو التقدير أو التوقير، و هذه المعاني واردة في القرآن الكريم، ومن الأحاديث المشهورة ذلك الحديث الذي رواه أهل السنن: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا».
و الحديث له دلالة على الأصل الشرعي لمفهوم الاحترام، مع ضرورة احترام المقدسات، مثل احترام القرآن الكريم وتعظيمه وما يترتب على ذلك من الأخلاق والأدب، وكذلك احترام الرسول -صلى الله عليه وسلم- في شخصه، واحترام القيم الربانية، فضلًا عن الاحترام المتبادل بين الناس باعتباره قيمة من القيم الأخلاقية.
النظام:
هو قواعد وإجراءات تهدف لحماية المجتمع.
وتتنوع الأنظمة والقواعد الموجهة للسلوك الجمعي.
والمجتمع الناضج هو الذي لديه قدر كبير من العقل الجمعي الذي يوجه سلوك أفراد المجتمع نحو الأفعال والأحداث والوقائع.
احترام النظام:
غرس مفهوم احترام النظام مهم جداً
احترام النظام يعني ذوبان السلوك الفردي وبروز السلوك الجمعي.
احترام النظام يعبر عن ولاء للمجتمع وللوطن.
احترام النظام يعني تحول الفرد من سلوكه الذاتي الذي قد يتسم بالأنانية إلى سلوك الجمع.
احترام النظام يعني تحول الفرد من قول ( أنا) إلى قول ( نحن).
احترام النظام يؤكد على وحدة المجتمع.
احترام النظام يؤكد ذوبان العصبيات الفردية نحو العصبة الجماعية.
احترام النظام يؤكد تحول المجتمع من المفهوم القبلي التقليدي إلى المجتمع المتحضر نحو حياته المستقبلية.

وفي المجتمع السعودي لا زالت ثقافة احترام الأنظمة ضعيفة جداً.
ومثال ذلك:
تفشي ظواهر كثيرة تعبر عن سلوك سلبي اتجاه الأنظمة ( أنظمة المرور، العمالة السائبة، المحافظة على الممتلكات، عدم المحافظة على النظافة للحي، المحافظة على المياه....
دوافع الاحترام؟!!
ما الذي يدفع الناس للاحترام؟ إن بعض الناس يدفعه للاحترام الحقيقي، أي: التقدير لهذا الإنسان.. أنه يستحق الاحترام ولأن الإنسان المحترم له ذوق فيحترم، وهذا لا شك أنه الاحترام الأساس، وقد يكون الاحترام بـ:
1 ـ دافع شرعي: إيماني، طمعًا في الثواب.
2 ـ دافع أخلاقي: حيث قد يكون الإنسان تعوَّد على الاحترام حتى لو غاب عنه استحضار الثواب فإنه لا يملك إلا أن يُقدم للآخرين الاحترام.
3 ـ دافع الخوف: فمن الناس من يكون احترامه بسبب الخوف، فتجده يُظهر احترامه للآخرين حتى لو كان لا يحبهم لكن بسبب الخوف.
4 ـ دافع المنفعة: وهو ما يمكن أن نسميه بـ"الاحترام النفعي" المبني على تحصيل مصلحة، وهذا لا يكون مربوطًا بالشخص بل يكون مربوطًا بالوظيفة والمنزلة والمصلحة التي تتحقق، لكن إذا لم تتحقق ربما لا يحترم، فهذا الإنسان لم يحترمه لشخصه ولإمكانياته وإنما احترمه لكرسيه أو للمنفعة التي يمكن أن تعود عليه
جانب مصلحي
أن هناك "مثلاً" في الأوساط العامية، يقول: "إذا كان لك عند الـ.. حاجة قل يا سيدي"، مما يعني أن المصلحة طغت على الاحترام، وهذه مشكلة إذا كان الاحترام مبنيًّا على الجانب المصلحي البحت، فالإنسان إذا تربى على الذوق واحترام الآخرين فإنه يحترم الجميع ويعطي كل ذي حق حقه ويحصل على مصلحته.
لكن المستفيد أو صاحب الحاجة قد يكون نفعيًّا أيضًا، وبالتالي فإن هذا الإنسان يدور حول مصلحته، ولذلك بمجرد ما تتحقق الحاجة ربما يزول الاحترام.
احترام الذات
لا شك أن احترام الذات من أعظم القيم والمعاني، واحترام الذات هو عبارة عن شعور الإنسان بأن له قيمة، وأهمية، ووجود، لكن إذا شعر الإنسان بأن وجوده وعدمه سواء، فهذا شيء محبط وقاتل، كذلك إذا شعر الإنسان أن وجوده في الفصل أو الاجتماع أو في المكان لا يعني شيئًا وشعر أنه زائد على الوجود، فهذا أمر قاتل، فالعلماء يؤكدون أن الإحساس بالأهمية من أعظم الدوافع الإنسانية التي تجعل الإنسان يُبدع ويُنتج.
أن الإنسان لا يحترم نفسه من خلال برمجتها على الحديث عن نفسه بلغة سيئة، مثل قوله "أنا ضعيف.. أنا جاهل.. أنا فاشل"، ولكن احترام الإنسان لنفسه يكون من خلال احترام الإنسان للصحبة التي يختارها، بحيث تكون صحبة إيجابية ومشجعة، وحرص الإنسان على أن يقوم بعمل مثمر، خاصة فيما يتعلق بالإنجاز والنجاح في الحياة، مثل النجاح في الدراسة، والنجاح في العمل المنزلي، حتى لو كان نجاحًا في مناسبة أو وليمة يصنعها لأصدقائه، فضلًا عما نسميه بالعمل التطوعي، فهذا يعطي للإنسان قدرًا كبيرًا من الإحساس بذاته.
احترام الآخرين
أن احترام الذات يكون من خلال احترام الآخرين، حيث يجب على الإنسان احترام الطفل الصغير، والعامل، والفقير، والشخص الغريب، و أنه بقدر احترامك للآخرين يكون احترامك لذاتك.
مثال / يقول الشيخ سليمان العوده جرت عادة عندي أني إذا رأيت أطفالًا أحب أن أُقبِّل أيديهم، وبدأت أسأل نفسي: هل هذا أسلوب مناسب حتى بالنسبة للأطفال الصغار؟ فوجدت أنني عندما أُقبّل هذا الطفل الصغير يسرح في خيالي تلقائيًا أن أتخيل هذا الرجل وقد أصبح شيخًا، إما شيخ قبيلة أو زعيمًا أو أستاذًا أو صاحب عائلة كبيرة، فأتخيله وقد كبر، كما أن هذا الطفل الصغير عندما تقبل يده فإنه تلقائيًا يحاول أن يُقبل يدك، وهذه تربية له على الاحترام.
القيم الدينية
أن الأشياء التي عظمها الله -سبحانه وتعالى- يجب على المؤمن بالله تعظيمها، فهذا قدر من الإيمان بالله -عز وجل-، حيث يجب احترام القرآن، والكعبة، واحترام الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، وأن لا يُزج باسم الله أو باسم الأنبياء في مناسبة غير لائقة، حيث أن بعض الناس إذا غضب نسي ما حوله وأصبح يشتم ويلطم ويلعن -والعياذ بالله- دون أن يُفكر فيما يخرج من فمه.
أن من احترام القيم الإيمانية أن يحترم الدين الذي يؤمن به، وهذا من مقتضى الإيمان بالله أن يحترمه، ولكن ينبغي أن يحترم الأنبياء السابقين وأنهم بعثوا بالحق، بل إنه يجب احترام المخالفين، فالله -سبحانه وتعالى- يقول في القرآن الكريم: (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ)(الأنعام: من الآية108)، فلا ينبغي للإنسان أن يسب المخالفين مما يُفضي إلى سب الله أو سب الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
السب مرفوض
أن السب ليس مطلوبًا، لأنه ليس فيه إقناع، فالحجة والدعوة تكون بالبيان، والإظهار، وكشف الأخطاء الموجودة، ولا تكون بالسب؛ ولذلك فالسب ليس دينًا ولا عبودية ولا دعوة بوجه من الوجوه، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- «مِنَ الْكَبَائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ يَشْتِمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قَالَ «نَعَمْ يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ».
أي أن تسب والد هذا الإنسان الذي اختلفت معه فيسب والدك، أو تسب أم هذا الإنسان فيسب أمك، فتكون أنت الذي تسببت في شتم أو سب والديك، لأن كل فعل له ردة فعل، وهذا يؤكد أن الاحترام يبدأ من الإنسان ذاته، الذي يجب أن يحترم لسانه وأقواله ومواقفه.
احترام رأي الآخر
إن بعض الناس لا يُفرّق بين الاحترام والقبول الذي يعني الإيمان والاعتراف والقناعة بهذا الشيء، فأنت قد تحترم رأي هذا الإنسان، فتقول: "أحترم رأيك ولكنني أختلف معه"، لأنه في الغالب لا يمكن أن يكون رأيان متناقضان كلاهما صوابًا.
أن الإنسان يقول في هذه الحالة: أنا رأيي أن الأمر هكذا وأنت رأيك مختلف، ومع ذلك أنا أحترم رأيك، لأنه ربما يتم اكتشاف أن رأيك هو الصواب أو أن جزءًا من رأيك هو الصواب أيضًا.
دائرة احترام الإنسانية
أن هنالك ما يسمى بـ"دائرة احترام الإنسانية"، وعموم المشترك الإنساني العام، يقول الله تعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)(الإسراء: من الآية70)، وهذا معنًى عظيم، كذلك الحديث في صحيح مسلم أنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَرَّتْ بِهِ جَنَازَةٌ فَقَامَ فَقِيلَ إِنَّهُ يَهُودِىٌّ. فَقَالَ «أَلَيْسَتْ نَفْسًا»، وهذا دليل على ضرورة احترام الجانب الإنساني، ولذلك فإنه جدير بالمسلم وخاصة الداعية والذي يحمل همًا أنه عندما يقابل إنسانًا قبل ما يعرف هذا الإنسان من يكون؟، وما قبيلته؟، وما أسرته؟، وما مذهبه؟ وما دينه؟ أن تُظهر له قدرًا من التوقير والاحترام والاهتمام بشخصه.
أن هذا هو المدخل الطبيعي والمناسب للوصول إلى قلب ذلك الإنسان وإلى عقله وفتح مجال التأثير، كما أنه جزء من احترام الإنسانية، بل واحترام حياة الإنسان نفسه؛ ودليل ذلك النصوص العظيمة في الحفاظ على الحياة والحفاظ على الدم.
أين الاحترام؟!!
أين الاحترام الذي جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يحافظ حتى على أرواح أعدائه في حالات عديدة؟! مثل أرواح المنافقين، وأرواح أهل مكة، حينما قال لهم: "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، وروح غورث بن الحارث الذي رفع السيف على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
أن هذا يؤكد أن الإسلام في أجياله الأولى كان من أعظم ما يتعرف به إلى الناس احترام إنسانيتهم حتى لو كانوا مخالفين.
احترام اجتماعي؟!!
هل كل عاداتنا وتقاليدنا صحيحة حتى يتقيد بها الإنسان كي يكون محترمًا؟، إن الذي ينبغي احترامه هي العادات الاجتماعية السليمة مثل التواصل، والمناسبات، والتهاني في العيد، وفي الزواج، والفرح، والنجاح، والتعزية عند الوفاة، وزيارة المريض، والإحسان، وبذل المعروف، والتواصل بين الجيران، أن هذا قدر من الاحترام الاجتماعي ينبغي تشجعيه ودعمه، و الإنسان قد يعاقب بسبب نقص الاحترام.
أن هذا يؤكد على ضرورة وجود قدر من الاحترام الاجتماعي، حتى لو كان ذلك من خلال رسالة جوال أو إيميل بالتهنئة بنجاح، أو بالدعاء، والتسديد، والكلمة الطيبة، أو دعوة إلى مناسبة تعزية، فهذه الأشياء لها وقع كبير جدًا في نفوس الناس، كما أن الإنسان قد يحتاج في يوم من الأيام لهؤلاء الناس فيجدهم حوله يهنئونه أو يساعدونه أو يدعمونه في موقف من المواقف.
احترام نظام العمل
إن احترام العمل شيء جوهري جدًا، فاحترام العمل أي احترام المجتمع الذي تعيش فيه، واحترام نفسك، واحترام مسؤوليتك، واحترام دينك أيضًا، و أن الدين ربط العمل بالنتيجة ربطًا جوهريًا وأساسيًا، كذلك احترام العمل، واحترام الأشخاص الذين تتعامل معهم من خلال هذا العمل والمراجعين، واحترام الوقت.
أن المجتمعات التي يكون التوظيف فيها على أساس المعارف والوساطات هي ـ في الغالب ـ التي لا يكون فيها احترام للعمل، بخلاف المجتمعات التي يكون التوظيف فيها على أساس الكفاءات، وهذا هو الفرق بين "من تعرف؟"، و "ماذا تعرف؟"، فالأفضلية في التوظيف يجب أن تكون لمن عنده إمكانيات، وخبرة، وتجربة، وشهادات حقيقية وليست مزورة، وسيرة ذاتية تشجع، فهنا يجب أن يحصل الإنسان على هذا العمل، شاء من شاء وأبى من أبى.
إهدار الوقت العام
وفيما يتعلق باحترام النظام العام والمواعيد، لا شك أن مجتمعاتنا تعاني من إهدار الوقت العام، فهناك الكثير من الموظفين الذين يضيعون أوقاتهم في الحديث وهدر بضع ساعات في قضية لا علاقة لها بالعمل من قريب ولا من بعيد، وهذا أمر خطير.
لكي تكسب احترام الآخرين عليك أن تحترم الوقت، فإذا جلست مع إنسان فإنه يجب عليك أن تراعي وقته ووقتك، وألا تنتظر أن يقول لك تأخرنا أو ينظر إلى الساعة حتى ينبهك إلى أنه طال الحديث، مع ضرورة عدم إهدار المال العام، وأنه من الاحترام أيضًا احترام المال العام.
وللخصوصيات احترام
إلى أي مدى يكون الإنسان محترمًا لخصوصيات الآخرين؟ وإلى أي مدى يكون متطفلًا؟ إن احترام خصوصيات الآخرين هو من احترامهم، فكل إنسان له خصوصية، حيث يجب على الإنسان المحافظة على أسرار الناس، وألا يحاول أن يتلصص عليها، ولو أتيح له الاطلاع عليها يجب أن يحافظ عليها.
كذلك الخصوصيات المتعلقة بالبيت أو بالاتصالات الهاتفية أو الإيميل أو المعلومات الخاصة، حيث يجب أن تُحترم، وأن يتعود الناس على احترامها، فكما لا تريد من الناس أن يقتحموا خصوصياتك، كذلك يجب عليك ألا تقتحم خصوصياتهم، كما أن النظام العام والمجتمع ينبغي أن يُشجع على هذا، بحيث لا يتحول هذا الإنسان إلى متلصص.
إذن..وخصوصية
النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الدخول إلا بإذن وكذلك في القرآن الكريم، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا)(النور: من الآية27)، كما نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن النظر من خلال الباب بدون إذن الناس، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ طَعَنْتُ بِهِ فِى عَيْنِكَ إِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ الإِذْنَ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ» وكان مع النبي -صلى الله عليه وسلم- مشط كان يحك به رأسه.
و الخصوصيات قد تكون بين أشد الناس قرابة، فقد تكون هذه الخصوصية بين الزوجين، على الرغم من أن الإنسان ربما يظن أنه لا خصوصية بين الزوجين، ولكن ذلك قد يوجد بسبب غياب الحب بين الزوجين أو بنقص الاحترام، فإذا فُقد الاحترام فإن الحب إلى زوال.
الاحترام بين الزوجين
إذا كان الرجل لا يحترم ولا يوجد في قلبه قدر للزوجة فلماذا يستمر معها ويدمرها هي وأولادها؟ لابد من وجود قدر من الاحترام بين الزوجين، و الاحترام بين الزوجين يكون من خلال:
1 ـ الحوار.
2 ـ احترام الأهل: فلا يسب أهلها، ولا تسب أهله، ولو وجد مسوغًا لذلك.
3 ـ احترام الأسرار: فالزوجة لم تذب في الرجل نهائيًا أو هو ذاب فيها، بحيث لم يعد لكل واحد منهما أسرار.
4 ـ احترام الإنجاز: الذي قام به أحدهما، أو كل منهما.
الزوج عندما لا يحترم زوجته، أو العكس، فإن ذلك ربما يرجع إلى وجود نقص في التربية، مؤكدًا على أهمية تربية الأطفال على الاحترام، فإذا لم يحصل الطفل على الاحترام اللازم، فإنه عندما يكبر لن يستطع أن يحترم الآخرين، كما أن الطفل ستكون نظرته دونية إلى المرأة بسبب أنه رأى أباه يزدري أمه أو يضربها يومًا من الأيام، لافتًا إلى ضرورة أن يكون هناك قدر من الاحترام بين الزوجين.
احترام بعض الجنسيات
هل الاحترام خاص ببعض الجنسيات دون بعض؟ هل يحترم الناس الآخرين على أساس جنسياتهم؟ هل الاحترام يكون بحسب المهن؟ هذا خلل في التربية والثقافة، فالاحترام ليس مرتبطًا بجنسية، ولا بلون، ولا بطبيعة العمل، فالنبي -صلى الله عليه وسلم-: يقول «ابْغُونِى ضُعَفَاءَكُمْ فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ»، أي بدعائهم واستنصارهم.
وكذلك الإنسان الغريب ينبغي أن يحصل على احترام أكثر، ولكن عندما يخطئ لابد أن يعاقَب، لكن بدون أن تصخب عليه أو ترفع صوتك أو تصرخ في وجهه! حيث أن بعض المجتمعات فيها خشونة، حتى أنك لا تجد الابتسامة أحيانًا، أو تجد فيها خشونة.
ابتسامة..وهدوء
أن بعض الناس يريدون أن يبتسموا، ولكن لا يستطيعون، لأنهم لم يتعودوا على ذلك، ولكن هؤلاء بإمكانهم أن يتعلموا تقنيات الابتسامة للآخرين، وكذلك عدم رفع الصوت.
ومن الامثلة على ذلك تجد إنسانًا عند الكعبة يوجه الناس ليقبلوا هنا أو لا يقبلوا هنا أو يقفوا أو لا يقفوا، وإنسان عند المرور، وثالث عند الإشارة.. إنسان في مركز معين، حتى في مراكز التفتيش، وهذا ليس له داعٍ، ولكن ينبغي أن نربي الناس على أن جزءًا كبيرًا من الاحترام مرتبط بالهدوء.
احترام متبادل
الاحترام المتبادل بين المعلم والطفل، خاصة في المرحلة الابتدائية، مظهر إيجابي، فمن احترام الناس أن نقدم لهم بعض الصور الإيجابية حتى لا يكون الأمر كله نوعًا من الإحباط أو جلد الذات، ولابد من الاحترام المتبادل بين الطفل والمعلم، حيث أن الكسائي عندما كان يدرّس للمأمون والأمين والرشيد كان يلاحظ أنهم يتسابقون ليقدموا له حذاءه فيختلفون، فكل واحد يمسك فردة حذاء ويقدمها للكسائي.
و الرشيد في يوم من الأيام قام من عنده أبو معاوية الضرير، وهو واعظ، فبعد الأكل يريد أن يغسّل يديه فيصب عليه الماء ويسأله الرشيد: تدري من الذي يصب عليك الماء؟ قال لا، قال: أمير المؤمنين، ويعتبر أنه يعتز بهذا، وأنه نوع من احترام وتوقير العلم وأهل العلم وأهل الأدب والفضل والمكانة، فيجب إحياء هذا القدر من الاحترام.
منظومة متكاملة
لكن الآن الأمر على عكس ذلك، حيث نشر في الصحف قبل فترة، أن معلم تربية بدنية حمل للمستشفى بسبب ضرب مجموعة من الطلاب له ضربًا مبرحًا، وبالمقابل تجد أن مدرسًا يجبر طالبًا على أن يُقبّل قدم أستاذ آخر!، ولكن البلوتوث دائمًا بالمرصاد لمثل هذه الظواهر التي تكون سلبية في مدارسنا أو في مجتمعاتنا، و من الصعب الفصل بين المدرسة والبيت، حيث لابد أن تكون في النهاية منظومة متكاملة.
ومن الامثلة ذلك الأب الذي كان واقفًا في طابور في إحدى المكتبات وولده يركض يقول: أريد هذا الشيء، فتجد الأب يصرخ في الولد ثم يبصق في وجهه أمام الناس، الأمر الذي يعد قتلًا للاحترام داخل هذا الطفل، حيث يصعب أن ينقذه المدرس أو المدرسة من هذا الوضع، كذلك الأم التي تردد ولدها من مقعد في السفرة إلى مقعد إلى مقعد، فقالت له: هذا مكان جدك وهذا مكان أمك وهذا مكان أخيك، وفي النهاية تمتلئ الكراسي والطفل الصغير واقف ينتظر أين يجلس؟ فتجلسه في حجرها ثم تبدأ تضع الطعام في فمه رغمًا عنه، فتجد أنه لا يأكل، لأن المشكلة ليست في الطعام، ولكن لابد من احترام شخصية الطفل.
كذلك فإنه لابد من احترام الشحاذ عندما ترمي له الشيء، ربما لا يكون لها القبول والتأثير مثلما أعطيته هذا الشيء باحترام إنسانيته.
كيف يحترمني الآخرون؟!!
كيف أصنع لنفسي مهابة واحترامًا في عيون الناس؟، يجب على الإنسان أن يستمع إلى الآخرين ليشعرهم بالاهتمام، وأن يكون كلامه على ضوء حديثهم،كذلك يجب أن يستمع الإنسان إلى آراء الآخرين، ولكن يأخذ القرار النهائي بنفسه، و أن يكون لدى الإنسان القدرة على الاعتذار إذا أخطأ، بل أكثر من الاعتذار، وذلك بالاستقالة إذا تطلب الأمر.
ومثال ذلك الوزير الياباني الذي جاء مترنحًا لأحد المؤتمرات الصحفية، وبعد قليل قدم استقالته، لأنه جاء وهو مخمور، ووزير آخر قدم استقالته من العمل لأنه تبين أنه استخدم بطاقة مجانية في القطار وهو في عمل غير رسمي، كذلك وزير الداخلية البريطاني الذي استقال قبل فترة لأنه اتصل بأحد الموظفين وقال له: ممكن أن تأتيني بفيزة فلانة وهي صديقة له! فاستقال لأن الصحافة عالجت هذا الموضوع. وفي الأرجنتين استقالة وزير لأنه بعد سنتين ما حقق شيئًا فأعلن استقالته.
احترام المسئولية
أن هناك بعض الدول التي تدخل في عداد الدول النامية أو الغير متقدمة، ومع ذلك فيها قدر من الاستعداد للاعتذار والاستقالة احترمًا للنظام واحترامًا للمجتمع الذي يعيش فيه الإنسان.
أنه مما يزرع الاحترام للإنسان عند الآخرين ألا يحاول أن يظهر التأثير على الآخرين بشكل ملحّ، وعلى سبيل المثال، عندما يكون هناك شخص يحاول أن يؤثر على شخص آخر فتجده يطرح الرأي مرة ومرتين وثلاث وعشر، حيث يكون عند الطرف الثاني حصانة أن يتأثر برأيه لأنه يشعر أنه يستهدفه، وكلما زاد إلحاحه ازداد شك هذا الإنسان، وربما يشعر بنقص المصداقية، فمن الاحترام أن تقدم حجة، وألا تحاول أن تقنع الآخرين به بالغصب والإكراه.
وقد سبق أن قدم مدير إدارة التربية والتعليم في الجوف استقالته بسبب انفجار أنبوبة غاز في إحدى المقاصف، فنريد أن نرى مثل هذا الأمر على مستوى أعلى، فهناك كوارث وقعت، ولم نسمع أحدًا يقدم استقالته.
و ليس معنى أن يقدم الإنسان استقالته أنه مخطئ، فقد تكون هذه الاستقالة من باب الإحساس بالمسئولية وتأنيب الضمير على بعض التقصير.
الاحترام بحسب المناصب
هل يُقسّم الاحترام بحسب المناصب؟، ليس بتقسيم، لكن قد يكون هناك تفاوت، فالإنسان عندما يكون كبير السن وله منصب كبير، ومع ذلك هو إنسان محترم، ويحب نفع الناس، فلاشك أن هذا عوامل ودوافع احترامه كثيرة جدًا، فيُحترم من أربعة وجوه أو من خمسة وجوه، في حين أن هناك إنسانًا ربما يُحترم لكبر سنه أو لقرابته، ولكن يعرف الإنسان أنه عنده خطأ معين.
عدم التقبل
هل عدم التقبل يعني عدم الاحترام، خاصة فيما يتعلق بعدم تقبُّل آراء المشايخ،؟ لا.. بالعكس، فالناس أنواع، فقد يعجب شخص بأسلوب إنسان أو بفكره أو بطريقته وهذا من رحمة الله -سبحانه وتعالى-، وكما يقال: لولا اختلاف الأنظار لبارت السلع.
و كل أناس لهم من يخاطبهم ويتحدث معهم، ولكن هذا لا يعني الإطاحة بالآخرين، فقد أتابع شخصًا ولكن لا أعيب على الآخرين الذين يتابعون غيره.
احترام الطفل
هناك عادات وتقاليد إيجابية ينبغي أن تُفعّل ويربى عليها الأطفال منذ الصغر، مثل: احترام النظام، واحترام الأولويات، واحترام الكبير، والنظافة داخل البيت، والكلمات الطيبة.
ولكن كثير من الأسر بمجرد أن يبدأ الطفل يتحدث يفرحون، ولذلك يمكن أن يقول هذا الطفل كلمة هي غلط أو كلمة سيئة أو بذيئة، والأهل يضحكون، و هذه رسالة للطفل أن ما يقوله شيء جيد، دون أن ينتبهوا لذلك.
يجب تدريب المسؤولين على التعامل مع الجمهور باحترام
من الضرورة تدريب المسئولين على احترام الناس، خاصة أولئك الذين يتعاملون مع الناس بشكل مباشر، حيث أن البعض قد ينظر إلى هذه الأمور على أنها مثاليات يصعب تحقيقها، ولكن يجب علينا أن نسعى في تحقيق ذلك بقدر المستطاع حتى نتجنب بعض السلبيات المتعلقة بهذا الأمر.
إن أولئك الناس الذين يحتكون بالجمهور أيًا كانوا: هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو الشرطة، أو المرور، أو الأمن، أو أمن الشركات، أو أي أناس لهم علاقة بالجمهور، ينبغي أن يأخذوا دورات في كيفية التعامل مع الجمهور، وعلى وجه الخصوص إذا كانوا يتعاملون مع جمهور غريب مثل الناس الذين يتواجدون في مكة المكرمة أو في المدينة المنورة من جميع بقاع العالم.

أخلاق إسلامية
أن الإنسان في هذه الحالة يجب أن يتعامل مع الناس ليس بموجب الأسلوب الذي تعلمه واعتاد عليه في بيئته فقط، وإنما يجب أن يتعلم كيف يحترمهم، وذلك من خلال الرقي بالأخلاق، بحيث تصبح الأخلاق الإسلامية الفاضلة هي التي تستوعب وتسع الناس كلهم جميعًا، خاصة إذا كان الناس الذين تتعامل معهم هم محل الخطأ، وذلك مثل الشباب والفتيات المراهقين والذين ربما يصدر من بعضهم خطأ، ولكنهم بحاجة إلى رفق حتى لا تنكسر الزجاجة.
أنه يجب تدريب هؤلاء المسئولين على أن يكونوا أصحاب أعصاب هادئة، وألسن عفيفة، وصبر، وألا يستفزوا.

إن مما تحتاجه البشرية في تنظيم حياتها أن يعتادوا على النظام في حياتهم والذي له الدور البارز في حل كثير من أزماتهم , فما نراه من تلك الأنانية والفوضوية في مجتمعاتنا لهي أكبر دليل على بعدنا عن المنهج الرباني الذي يضمن السعادة للبشرية وهذا ما يراه الحاج جليا ويتربى عليه في مناسك الحج.
فحينما يكثر عدد الحجيج في مكان واحد يتجلى لنا ذلك المقصد بكل أبعاده وتظهر لنا حقيقة وحكمة أن يتربى أهل الإسلام خصوصاً على اعتياد النظام في حياتهم .
فالطواف حول الكعبة مع شدة الزحام,وتقبيل الحجر الأسود وكثرة من يقصد تقبيله لا يستطيع أن يتقدم أحد على من كان قبله وكذا رمي الجمرات واصطفاف الحجاج أفواجاً بسير واحد وجهة واحدة ومرمى واحد بترتيب ونظام, كل ذلك من أكبر الوسائل على تربية المسلم ليكون في نفسه حب النظام والبعد عن تلك الأنانية وتلك الفوضوية, فما أروعه من مقصد.

التربية ودورها في ترسيخ احترام النظام
المدرسة مجتمع صغير يمثل الحياة الاجتماعية، فينبغي أن يتجلى فيها مظاهر الحياة الصحية، وأن يكون النظام سائداً فيها ومرتكزاً على أسس صحيحة ولن يستقيم أمر أمة من الأمم أو جماعة من الجماعات ما لم يكن قائماً على أسس من النظام وعلى قواعد وتقاليد تكون موضع احترامها، ومحل اهتمامها، وبمقتضاها تسير، وعلى ضوئها تنظم شؤونها، وتوطد ما يربط بين أفرادها من علاقات، وتحفظ لهم حقوقهم وواجباتهم وهو ما أكدته شريعتنا السمحة الخالدة في قواعدها الصافية ومصادرها الأصلية.

وتهدف التربية الحديثة إلى أهمية اتباع النظام بالنسبة لتلاميذ المدارس؛ إذ هو الوسيلة التي يدرب بها التلاميذ على احترام النظام ليخرجوا إلى الحياة العملية وهم أفراد صالحون واعون لمسؤولياتهم ومدركون لواجباتهم، يعرفون ما لهم وما عليهم ويعرفون كيف يتصرفون بحكمة ويلتزمون بالسلوك الحميد والتعاون البناء، وهو ما يتفق مع قواعد الإسلام يحث على المبادئ الكريمة والأخلاق السامية والضوابط المحكمة التي تجعل من تعاون الفرد والمجتمع قوة ونفعاً..

إننا لكي نبرهن على احترامنا للنظام يجب أن نكون قدوة حسنة نعطي الدليل على ذلك عملياً، فالمعلم مطلوب منه أن يتمسك بالصفات الكريمة والأخلاق النبيلة ويعود طلابه على تطبيق النظام، فمتى تعود التلاميذ من صغرهم على النظام صارت الفرصة مهيأة للمعلم للمزيد من الإنتاج والعمل.

كذلك الرجل الإداري الذي يرأس عملاً ما مطلوب منه أن يجعل من نفسه قدوة كريمة وأسوة فاضلة في تطبيق النظام واحترامه فلا يخرج على ذلك ولا يتساهل فيه بل يحبب بسلوكه وخلقه وعمله الآخرين إلى حب النظام واحترامه وترسم خطاه، يوجه زملاءه إلى أقوم السبل وأنبل المناهج وأسمى الأخلاق وحسن التعامل مع الآخرين بضمير طاهر وأسلوب نقي كريم.

كذلك الطبيب والمهندس والعامل والتاجر والموظف وغيرهم من طوائف المجتمع، فكلما كانوا على جانب من الخلق الكريم واستقامة النفس على التقوى والتجافي عن كل ما يتنافى مع ذلك سيجعل الآخرين ممن يعملون بجانبهم أكثر حرصاً وعناية واهتماماً باحترام القيم والنظم وما إلى ذلك.

إن الواجب يقتضي أن نحبب النظام إلى نفوسنا، وأن نعود صغارنا ومن يعملون معنا على حب المسؤولية واحترام النظام، ونهذب نفوسنا وطباعنا ونغرس فيهم المعاني الإنسانية النبيلة والجذور الخلقية الأصيلة وأن نكون قدوة حسنة نأخذ كل نافع ومفيد، ونتجنب كل ضار وسيئ على أساس من الوعي والاستيعاب وتنمية وجدان الخير في النفوس