بشيء من الأمل
بينما كان الهدوء والصمت يمزق همسات الليل ونسماته ويتسلل إلي عبر شرفات من الهواجس والأفكار,
وبينما كنت أبحر في عالم الخيال, بدا لي أن أتحدى الهدوء, وأتخطى حواجز الصمت, في لحظهٍ بدأت من حيث كنت دائما أنتهي, نظرت ألي قلمي الملقى خلف النسيان بين اوراقي المبعثره, بدأت أتأمل فيه وقد علاه الغباروفقد بريقه بعد طول الإنتظار, كنت اتأملهُ ويدي تنازعني نحوه بشده, فلقد كان هذا القلم يوما ما هو صاحبي ومؤنس وحدتي, كان هو الوفي المطيع الذي يأخذني ألي الفضاء الرحب, ألي الإحساس العذب,ألي حيث أريد ومتى وكيفما اريد
تناولت قلمي بعد طول جفاء, تناولته ويداي ترتعشان بعد ان أحسست بشوق اللقاء ونشوة العطاء, لأول مرة منذ سنين طويلة أحسست بشوقه يسابق أشواقي يكاد أن يقبل أوراقي, كأنه قد اشتاق للنور, اشتاق للحضور, اشتاق أن يداعب السطور, ليكتب عن تلك ألأيام والشهورالتي كنا فيها بعيدين عن بعضنا البعض.
لقد كان يريد أن يبعثر الصمت حرفا بل حروفا ملتهبه, كان يريدني أن انزف من أعماقي حبراُ لونه الأحساس كما كنت منذ زمن بعيد
وهآ أنا ذا استعذب نزف الأحساس على الورق حبرا تلونه الأشواق , بكلمات من الأعماق , استعذبه حرفا من إحساساً يجمع بين طياته الكثير والكثير من المعاني والذكريات
لقد أراد ما أردته فألتقينا , لقد حرك تلك الأجراس, واستشعر تسارع الأنفاس, وأخذني ألي بحر الأحساس , الي عينيها ودفئ ذراعيها لنكتب معاً, لنكتب عنها ولها, نعم لها ولها هي فقط
فكم كتبنا لعينيها بشوق وتفاؤل, لعل الأمل يأخذنا يوماً ألي مرافئ اللقاء فتقرأ ما كتبناه عنها سوياً بين أسوار الليل وهجعته وصمته وظلمته.
كتبنا وسنكتب اليوم, فمن يدري يوما ما أستقرأ ماكتبناه ياقلمي , ليس لليأس طريق الينا مادام ان هناك
شئ من الأمل
بدأت الرحله بين تأمل وأمل, وتوجد وملل, بين الواقع والخيال, بين الممكن والمحال, بدأت رحلتي منذ ابصرت النور يعانق أشلاء الظلام, ويحبس الدمع بين صمت وكلام, بين همس وبوح, بكاء ونوح, بين شوق والم, بين وصل وبعاد, بين وقفات وخطى, بين الأشياء الحاضره الغائبه
بدأت رحلتي بشيء قليل جدا من الأمل لايكاد يسد رمق المشتاق ويروي عطش ولهفة العشاق, ولكنني مع كل هذا بدأت رحلتي, بدأتها انظر حولي وكانت نسمات الهواء الباردة تحرك أغصان الحنين, وتهز أوراق الأنين, كانت تداعب أشواق السنين, في لحظاتٍ من لحظات العمر تملؤها الروعة والوجد.. يرنو لها قلبي بين وعد ووجد , تعس وسعد, بدأت ارى بصيص الأمل يمزق سكون الليل كما تمزق اشعة الشمس اشلاء الظلام
وهاهو ذا الأمل أخيراً, نعم هاهو ذا , انه هناااااااك
اكاد اراه في الأفق حيث يرقد القمر على فراش الأمواج حيث يتلألأ ويلمع كما الدمع في عين المشتاق, هاهو ذا الأمل قادم تزفه الأمواج في اندفاعها , هي تشابه مجموعة الأشواق المتلاطمة بين أضلعي والتي تكاد أن تنهار فوق قلبي الملهوف اليها والمشتاق لعينيها
تتسارع الأمواج, وتتسارع الأشواق, ويقترب الأمل وأمواج هنا وهناك , امواج تبقى حبيسة صدري وبين شواطئ أضلعي, وأخرى على مد النظر تعانق القمروكليهما ينكسر حيناً ويعود أدراجه حينا وهو يحتضن بين طياته بوادر الأمل وطوالعه واسراره
وبين هذا الأمواج وتلك
وجدتني أرى لأمواج البحرحظاً اكثر من أمواج أشواقي , فأمواج البحر تنكسر في أحضان الشواطي وبين كفوف الصخور بعد أن تعانقها وتقبل اطرافها ورمالها وتعود أدراجها وهي على أمل بل يقين انها ستعانق تلك الشواطي وتلك الصخور وتقبلها مرات أخرى, فهي دائما على موعد معها, وموعد يكاد يكون اقرب بكثير من موعد لقاء أمواج أشواقي مع الأمل.
فكأن امواج أشواقي ليس لها ان تعود لتقبل اضلعي وتعانق شواطئ الأمل القريبه البعيده على حدود الذكريات واطراف الأمنيات
كم هو غريب حال الأمل حين يصطدم بالواقع المؤلم وينتحر على شواطئ المجهول, والغموض يحيط به والصمت من كل اتجاه, فأي الشواطئ سوف يصلها وايها سيحتضنه
لست ادري لماذا؟
أ لأنه الليل وظلامه ؟
أم لأنه الضياع في عتمة الأشواق؟
أم لأنها أمواج شوقٍ تلاطمت بين اعاصير الأحزان وليس لها اي اتجاه او مكان
أم لأنها تبحث بجنون عن الأمل المفقود, بين بقايا اليأس وحطامه, بين الأسى والحرمان, بين مرافئ الحنين والوجدان , بين قصص الحب والحكايات , والقصائد والمعلقات
آه فلست ادري ....... لست ادري .... لست ادري
وتحت وطأة الألم يشتد الصراع بين خيال العاشق الملهم وواقعة المبهم!!!
يقتلني اليأس ويحلق بي التفاؤل , يبكيني الخيال ويتأرجح بي الأمل, تمر امام عيني لحظات عابره, فأذكر حين يشع بارق الأمل من عينيها ليلمع كما النجم في ليالي الشتاء الباردة, كما القمر حينما تحتضنه الأمواج وينعكس ضوءه عليها ليبعث ترانيم الشوق تطلعاً ورجاءً, ويذكرني ببريقه قبل لحظات قليله على كفوف الأمواج
يأخذني شعور غريب لأعيش حيره العاشق بين حروفه المتناثره وافكاره المتبعثره
أعود قليلاً من رحلة الخيال لأفتح عيناي وأرقب القمر من جديد وكأنني ارقب عينيها وأتمناهما ولكنهما كالقمر
لا يكون بدراً دائما, فأعيش لحظات الحقيقه وابقى أسيراً لحلمي البريء, ولشئ من الأمل, وبصبرٍ يسجنني بين التطلع والرغبة , وما أراه بعيد المنال, وصعب الوصال
كأنني اصبحت اعشق المستحيل, واسافر بلا دليل , كأنني حالم يبحث عن حلمه بين اروقه المجهول فيأخذه بعيدا الي حيث يجول ويجول ليعود مرة أخرى ويجد نفسه بين هذا وذاك , ويضل سجين ألآمآل بين جدران الخيال ينتظرها تأتي مع الرياح حينما تتحرك هذه الأغصان بين بساتين الأشجان
وحينما تهب رياح الأشواق
تصبح أمواج شوقي عاتية وأغرق بين لجاتها و تقلباتها ممسك بخيط الأمل الرفيع , استصرخ الحظ واستجدي بقايا النور, ولكنه الوقت, آه.... ثم آه من الوقت, يكاد يكون كالإعصار, يهز كياني ويبعثر أشجاني يقلب كل الموازين, يجعلني كالطفل غارقا في أعماقي وبين دمعاتي, اسيرا لآهاتي
أخاف الظلام الذي يكاد ان يجتث بقايا النور ويحرق الشمس في أفق الرجاء
ولكن لا...ثم الف لا .... للظلام
فما زال للأمل بقايا, وما زلت ابحث بشئ منه عنها, عن شمعة دفء وبارقة نورتسوقني أليها, الي مرفأ عينيها.
وبعد طول عناء وبحث وشقاء, فتحت عيناي الغارقتان بالدمع , حدقت بالبحر قليلا, وأدركت أنني كنت الغارق في أعماقي, الحالم المبحر في ارجائي, فهي لاتزال هناك, أبعد من حدود النظر واقرب من آهات السهر, هي هناك , نعم هناك ...حيث أسكنتها او هي سكنت., رغما عني ....
كنت اعلم أنها قد تكون خلف هذه البحور .المظلمه, والأمواج المتلاطمه, حيث يكون ذلك النور الذي يولد في الأفق البعيد, ومن يدري قد تكون على أحد هذه الشواطئ ترقب البحر , تسامر القمر, تتأمل فيه
وفي زحمة المتناقضات وضعت يدي بكل هدوء لأستشعر الأمواج المتلاطمه فأحسست بها وهي تعانق يداي وكأنها تربت عليهما..برفق وهدوء, كأنها اشفقت علي, او انها احتضنت بعض ادمعي فكم وكم اودعت دمعي بين الأمواج .
وفي هذه اللحظه قررت أن احمل الأمواج رسالة, حبرها دمعي, اكتبها على صفحات الأمواج المالحة, تماماً كما هو حبي لتلك البعيده القريبه مكتوب على الأمل وبشيء من الأمل قد كتب
بدأت اكتب وأكتب, رسالة , بل رسائل كثيره, ولم يبق مكان لأكتب كل ما احسه, وما اريده
وصرخت بالأمواج بجنون العاشق الملهوف
أن إطبعي رسائلي قبلةً بل قبلات على كل الشواطئ والموانئ والصخور التي تعانقيها هنا وهناك, زفيها ألي كل الأبعاد فقد تكون هي هناك, بعيدا وراء هذه البحار, اوخلف تلك الأنوار, لم لا!!
فقد تعانق عينيها رسائلي, فتقرأ ماكتبته بأدمعي, لتعرف وهي البعيده أنها بكل صدق وشوق قد أصبحت جدا قريبه ... قد اصبحت هي الحبيبه
نعم حبيبتي ......
رسائلي بلا عنوان غادرتني تحمل الأحساس وبقايا الأمل, أستجمعت قواي لأنهض من جديد يدفعني شئ من الأمل لأبدأ رحله اخرى
وبدأت مع التنهيد وانا ممسك ببقايا الحروف المتناثره من رسائلي, وقفت انظر للأمواج نظره اخيره وهي تبتعد عني وتصغر شيئا فشيئا الي ان توارت عن ناظري في الأفق البعيد
فبدأت رحلة أخرى
رحلة مع كل سؤال يلج في أعماقي ليسألني عنها, ومع كل سؤال هناك رحلة من العناء, والبحث والشقاء
فأين هي ؟
ومن تكون؟
ألي أن وصلت ألي
أين أنا؟
ومن أكون؟
