أكاد أجزم أن الرياضة السعودية ولا سيما كرة القدم بقيادة الامير الشاب نواف بن فيصل ستدخل مرحلة حديثة مختلفة، ولذلك فان دور الاعلام الرياضي يجب الا يكون البكاء على اللبن المسكوب وانما تقديم الافكار البنّاءة للمستقبل، غير ان هذا لا يعني عدم الوقوف على سلبيات الماضي حتى لا نكررها.
لقد تابعت المنتخب السعودي الاول لكرة القدم مشجعا واعلاميا، فلم أره يسقط، ولا أقول يخسر، الا حين يُسيطر عليه أحد الاندية، ولست اعني ان يكون أغلبية لاعبيه من ناد واحد، فذلك حاضر في العالم كله، بل انه حضر في المنتخب السعودي على مراحل ومن اندية مختلفة ولم يسقطه.
صحيح ان افضل المنتخبات السعودية مستوى وانجازاً هي تلك التي ضمت لاعبين من عدة اندية، منتخب 1984 و1988 و1994، وكذلك منتخب 2007، لكن وجود عدد اكبر من ناد واحد لا يعتبر مطلبا فنيا طالما ان العدد يستحق المنتخب.
انني اعني هيمنة ناد واحد على كل شؤون المنتخب فتختلط مصلحة النادي مع مصلحة المنتخب بل قد يصل الامر كما حصل مؤخرا ان يكون المنتخب في خدمة ناد. في مطلع السبعينات كان الاهلي يهيمن على المنتخب السعودي فلم يفلح، ثم سيطر النصر في دورة الخليج الرابعة في قطر فسقط المنتخب ثم سيطر الهلال في بطولة الخليج التاسعة 1988 فخسر البطولة على ارضه وبين جماهيره.
في الآونة الاخيرة تفرجنا جميعا ونادي الهلال يخطف منتخبنا ويهيمن عليه ويحيله الى مجرد احد بنود العرض الذي يقدمه للاعب يريد ان ينقل خدماته اليه الى جانب البنود المالية والسكن والسيارة، فالوعد بضم اللاعب للمنتخب من قبل المفاوض الهلالي كان احد اغراءات الانتقال ومصدر تفوق العرض الهلالي على العروض الاخرى، بل ان معلومات غير مؤكدة تفيد ان ابعاد احمد الفريدي عن المنتخب بسبب عدم قبوله بعض شروط تجديد عقده مع الهلال، ولم يقف النفوذ الهلالي عند حد خدمة الفريق الازرق وانما وصل الى محاربة لاعبي الفرق المنافسة من خلال المنتخب كالاتحاد والنصر ومحمد نور وابراهيم غالب اكبر دليل.
في مباراة المنتخب السعودي مع منتخب كوريا الشمالية قدم محمد نور على طبق من ذهب وفي آخر المباراة هدف التأهل لنهائيات كأس العالم 2010 لياسر القحطاني الذي سدد الكرة قوية بين يدي الحارس بدلا من ان يغمزها الى الزاوية البعيدة الخالية.
وبالمقياس الهلالي المهيمن على المنتخب كان يفترض ابعاد اللاعب الذي اهدر الفرصة وحرم المنتخب من كأس العالم ولكن محمد نور صانع الفرصة هو الذي ابعدوه عن المنتخب..!!
وبعد بطولة الخليج في اليمن اعتبر بيسيرو ابراهيم غالب مكسب الكرة السعودية من البطولة وانه اللاعب القادم الى نجومية الوسط الاخضر... ولكن النفوذ الهلالي ابقى اللاعب في الرياض فلم يشارك في كأس آسيا والحمد لله.
ويبلغ الاعلام الهلالي مداه في تفضيل مصلحة الازرق على مصلحة الاخضر، فهو الذي ابعد بيسيرو وفهد المصيبيح عن الهلال، لكنه اي اعلام الهلال، دافع عنهما في المنتخب حتى اللحظة الاخيرة.
وفي العلاج فان الكل يعرفون ان اللاعب الهلالي يصاب في ناديه ويعالج في المنتخب بينما يصاب لاعبو الاندية الاخرى مع المنتخب ويعالجون في انديتهم.
وحين تساءل مؤخرا نجم الاتحاد السابق (خميس الزهراني) عن سبب عدم ضم عبد الرحمن القحطاني للمنتخب اجابه (احمد المصيبيح): ان اللاعب احتياطي في النصر من دون ان يذكره احد الحضور بان نواف العابد في المنتخب وهو ليس احتياطيا في الهلال وحسب وانما كان في غرفة العلاج الزرقاء..!!
وفي مرحلة النفوذ الازرق على منتخب الوطن تحول الى ميدان للانجازات الفردية الهلالية، فعاد محمد الدعيع مع المنتخب الى كأس العالم كي يصبح عميدا للاعبي العالم، وعاد سامي الجابر الى كأس العالم من اجل ان يسجل اسمه ضمن اربعة نهائيات عالمية.. وذهب ياسر القحطاني الى كأس آسيا ليتجاوز اهداف ماجد عبد الله.
اما سر معسكرات المنتخب الطويلة المتكررة المتنقله وكثرة اللاعبين المختارين وضعف المباريات الاستعدادية فانه يكمن في متعهد تلك المعسكرات الذي كان من حقق لهم لقب القرن ثم اصبح لاعبهم الدولي السابق الذي احضر منتخب انجولا واوغندا... يعني الحكاية لا اعداد ولا استعداد. ولهذا حين طلبت منتخبات قوية مقابلة المنتخب السعودي (مجانا) قبل بطولة آسيا رفضوا.
وهكذا سخروا منتخب الوطن لخدمة ناديهم ولاعبيهم ومحاربة الاندية الاخرى ولاعبيها..
اذكر ذلك بالامثلة، واملي ان يُحرر سمو الامير نواف بن فيصل منتخب الوطن من الميول واهوائها واهدافها سواء كانت هلالية او نصراوية او اتحادية، فالمنتخب للوطن والوطن للجميع. ومرحلة (المنتخب في خدمة ناد) ولت الى غير رجعة.
