حلَّ الظلامُ وفي آفاقهِ شُعلُ = يبغي الوداعَ لمنْ عنْ أرضهِ رحلوا
المالكونُ لقلبي والذينَ همُ = في كلِّ جانحةٍ أهلاً لما أهلوا
تلكَ المنازلُ لمْ تفقدْ أحبّتها = إلا عليها وفي قلبي لهمْ نُزُلُ
لكلِّ ليلٍ أزالَ الوصلُ عجمتهُ = فاسْتنطَّقَ اللحنَ إفصاحاً إذا وصلوا
تلكَ التي إن مشتْ فالأرضُ مرهفةٌ = ترمي الهدايا نسيماً قبلها يصلُ
والعشبُ يبدعُ درباً نحو موضعنا = ويعبدُ الحسنَ فيها حينَ ينسدلُ
من كلِّ بستانٍ تأتي عبائقها = هي الشفاءُ ومرسومُ الهوى قُبَلُ
بيضاءُ تُجلي ظلامَ الليلِ طلعتها = كأنّها الصبحُ موقوفٌ ومُرتسلُ
كأنّما الصبحُ يأتي إن هيَ اْنتزعتْ = خمارَ وجهٍ بهِ الأوصافُ تكتملُ
للحسنِ هيبتهُ فيها وسطوتهُ = فالكونُ مُؤتَمرٌ والنفيُ مُرتَحِلُ
لها الكواكبُ تجري في أهلَّتها = إذا تجلّتْ فوسمُ الخيرِ ينهملُ
تأتي إلى روضةٍ ماتتْ أزاهرها = وغادرَ الطيرُ أفناناً لها وجلُ
فتمسحُ الزهرَ والأغصانَ في دِعَةٍ = وترسلُ الروحَ في روضٍ وتعتملُ
فيستفيقُ جمالاً بعدَ محنتهِ = ويستقيمُ لنا روضٌ حسنهُ شَمِلُ
في كلِّ زاويةٍ حلّت دلائلها = كأنّهُ صفةٌ في وصفِ من حللوا
ردَّتْ سلاماً وقالت:أينَ موضعنا؟ = فقلتُ:قلبي،فقالت:ما لهُ خجلُ؟
فقلتُ:ما خَجِلٌ لكنْ لهُ أملٌ = أنْ يرتجي حبَّاً قالت:لهُ الأملُ
فقلتُ:ما للفتى سؤلٌ فيسألهُ = إلا الوصالَ فقالت:نالَهُ السُؤُلُ
فقلتُ:إن نالَ ما يرجو أبانَ لهُ = دربُ الغرامِ طريقاً ما لهُ نُوَلُ
قالت:أيطمعُ في دِلِّي ومُوجدتي؟ = فقلتُ:لا ونعمْ قالتْ:بلى أجلُ!
فقلتُ:هوْ فأجلْ قالت:لنا نظرٌ = فلنسألِ الخمرَ عنّا حينَ يشتملُ
فلتسكبِ الكأسَ روحاً في تسامحنا = تجري العروقُ بها وجداً وما تئلُ
فإنْ سكرنا فإنَّ السُكرَ بُغيتنا = وإن صحونا فإنّ الصحوَ مُحتَفَلُ
أطرقتُ أطلبُ من كأسينِ أيُّهما = يبغي شفاها فإذْ مولاهما الذَحَلُ
قسَّمتُ بالأزلامِ الحظَّ بينهما = نفيٌ وثبتٌ وفي وسطيهما خللُ
فأدركَ الحظَّ من في الوسْطِ مكمنهُ = فقلتُ:في شفتي سُقياكِ تحتفلُ
فكانَ في شفتي لثمٌ ليُسكرها = وكانَ في لثمها سكرٌ لمنْ فعلوا
فمن سواها إذا أهوى ملاطفةً = ومن سواها وشعري حرفهُ ثَمِلُ
فإنْ سَكرتُ فلا عيبٌ ولا مِقَةٌ = وإن صحوتُ فإنِّي الشامخُ البطلُ
أدركتُ في الشعرِ منْ في البدءِ موضعهم = السابقونَ لحسنٍ من همُ الأَصِلُ
همُ الذينَ إذا جاشتْ بهم فِكَرٌ = كانت حروفهمُ برءاً لمن تَبِلوا
طوَّقتُ بالآفقِ حتّى ضاقَ أوسعهُ = وقال:مهلاً وحرفي كارهٌ مَهِلُ
أنا انْدفاعٌ وحرفي سابقٌ أبداً = وفي حروفي ضياءٌ شئتُ أو شُعَلُ
وفي معاني كلامي غايةٌ مَثُلَتْ = بكلِّ لفظٍ حَسِينٍ غايهُ فَضِلُ
يا سيَّدَ الكلماتِ الشعرُ أنتَ لهُ = من في الألى وسواكَ الردفُ ينشغلُ
أنا الصباحُ وغيري إنَّهم ظُلَمٌ = من كانَ يهوى صباحي إنَّني الرجلُ
فلا أريدُ ظلاماً غيرَ ما شُغلتْ = بهِ جوانبُ دينٍ حولهُ مِلَلُ
قد قسّموا ديننا ألفاً وأضعفهم = عنِ الحقيقةِ آلافٌ حولهُ جَهِلوا
إنَّ الحقيقةَ أمرٌ لا يُشاركهُ = زورٌ ولا كذبٌ والحقُّ يُفتَضَلُ
يقولُ بعضهمُ جهلاً وأعذرهم = إنَّ الكريمَ على الأقوامِ يَبتَذِلُ
أنِّي عدوٌ لمن قالوا ومن كتبوا = لكنّهم كذبوا بل إنَّهم نقلوا
هم قطرةٌ وأنا بحرٌ فلا وجعٌ = ولا تملُّلَ إن كانوا همُ المللُ
ذاكَ الذي عَجُمَت جهلاً أماجدهُ = نمْ ما تشاءُ فلا فهمٌ ولا سُبُلُ
إنِّي أخاطبُ من بالشعرِ يسألني = عنِ المعاني وفي شعري لهُ خُصَلُ
أنا ثمانٍ وعشرونَ التي نطقتْ = بها لسانكَ إن طفلٌ وإن كَهِلُ
وأنتَ من في ظلامِ النفسِ تطلبني = كيما أعاديكَ كرهاً شانَهُ الخَذَلُ
إنِّي لأصلبهم في كلِّ سانحةٍ = رؤيا لمن فطنوا عدلاً وما عدلوا
فالظلمُ عدلٌ وعدلي عندهم فتنٌ = وفتنتي في قضاءٍ-كارهي-وَعِلُ
دعْ عنكَ قولاً ودعْ ما جئتَ من فتنٍ = أنا الحليمُ وأنتَ الحاقدُ الخَبِلُ
يقولُ أعشى بني ميمونَ شامخةً = أنّى يُجاري وحرفٌ عندهُ شَمِلُ
أرادَ فردُ الهوى بعضاً فأذهلهُ = حرفي وإنّي بشعري سابقٌ أصِلُ
فإنْ عُذرتُ فإنَّ العذرَ صاحبني = وإن تلمني فإنَّ اللومَ مُقتَبَلُ
ما لي أرى قسمي ميتاً إذا غلبتْ = أيّامنا وجيوشُ الهمِّ تَقتَتِلُ
أأن أذابَ جليدي نارُ فرقتكم = هجرتموني بلا ذنبٍ لكم شَوِلُ
صلوا كريماً فإنَّ الوصلَ يُسعدهُ = واللهُ يجزيكمُ خيراً إذا تصلوا
للشاعر .. محمد موسى فقيهي
مع تحفظنا على بعض ماقاله .." ولكن هناك جمالٌ يرغي حُق أن يُقرأ ..!