(متجدد )بعض رسائل الشيح محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
يقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله :
( لست ولله الحمد أدعو إلى مذهب صوفي أو فقيه أو متكلم أو إمام من الأئمة الذين
أعظمهم مثل ابن القيم والذهبي وابن كثير وغيرهم ، بل أدعوا إلى الله وحده لا شريك له
وأدعو إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أوصى بها أول أمته وآخرهم
وأرجوا أني لا أرد الحق إذا أتاني ، بل أشهد الله وملائكته وجميع خلقه إن أتانا
منكم كلمة من الحق لأقبلها على الرأس والعين ، ولأضربن الجدار بكل ما خالفها
من أقوال أئمتي حاشا رسول الله صلى الله عليه فإنه لا يقول إلا الحق .. )
مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب - القسم الخامس (الرسائل الشخصية ) ص252 .
***********************
سأحاول سرد بعض رسائل الشيخ رحمه الله التي أرسلها لكثير من معاصريه لبيان عقيدته
وحال دعوته التي أستقاها من الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة
من الصحابة والتابعين ومن تبعهم إلى يوم الدين
نسأل الله أن ينفع بهــــــــــــــــا
رد: (متجدد )بعض من رسائل الشيح محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
رسالة الشيخ إلى أهل القصيم لما سألوه عن عقيدته :
بسم الله الرحمن الرحيم
أشهد الله ومن حضرني من الملائكة وأشهدكم أني أعتقد ما اعتقدته الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت،والإيمان بالقدر خيره وشره،ومن الإيمان بالله الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل،بل أعتقد أن الله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير،فلا أنفي عنه ما وصف به نفسه ولا أحرف الكلم عن مواضعه،ولا ألحد في أسمائه وآياته،ولا أكيف،ولا أمثل صفاته تعالى بصفات خلقه لأنه تعالى لا سمي له ولا كفؤ له،ولا ندله،ولا يقاس بخلقه فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره وأصدق قيلاً وأحسن حديثاً فنزه نفسه عما وصفه به المخالفون من أهل التكييف والتمثيل : وعما نفاه عنه النافون من أهل التحريف والتعطيل فقال : ( سبحان ربك رب العزة عما يصفون. وسلام على المرسلين. والحمد لله رب العالمين!) والفرقة الناجية وسط في باب أفعاله تعالى بين القدرية والجبرية،وهم في باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية ؛ وهم وسط في باب الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة،وبين المرجئة والجهمية،وهم وسط في باب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الروافض والخوارج. وأعتقد أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود : وأنه تكلم به حقيقة وأنزله على عبده ورسوله وأمينه على وحيه وسفيره بينه وبين عباده نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ؛ وأومن بأن الله فعال لما يريد،ولا يكون شيء إلا بإرادته،ولا يخرج شيء عن مشيئته،وليس شيء في العالم يخرج عن تقديره ولا يصدر إلا عن تدبيره ولا محيد لأحد عن القدر المحدود ولا يتجاوز ما خط له في اللوح المسطور.
وأعتقد الإيمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت،فأومن بفتنة القبر ونعيمة،وبإعادة الأرواح إلى الأجساد،فيقوم الناس لرب العالمين حفاة عراة غرلا تدنو منهم الشمس،وتنصب الموازين وتوزن بها أعمال العباد فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون،ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون وتنشر الدواوين فآخذ كتابه بيمينه وآخذ كتابه بشماله.
وأومن بحوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بعرصة القيامة،ماؤه أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل آنيته عدد نجوم السماء من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً،وأومن بأن الصراط منصوب على شفير جهنم يمر به الناس على قدر أعمالهم.. وأومن بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه أول شافع وأول مشفع،ولا ينكر شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم إلا أهل البدع والضلال،ولكنها لا تكون إلا من بعد الإذن والرضى كما قال تعال :(ولا يشفعون إلا لمن ارتضى )،وقال تعالى : (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه)،وقال تعالى : (وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى) وهو لا يرضى إلا التوحيد ؛ ولا يأذن إلا لأهله. وأما المشركون فليس لهم من الشفاعة نصيب ؛ كما قال تعالى : (فما تنفعهم شفاعة الشافعين ).
وأومن بأن الجنة والنار مخلوقتان،وأنهما اليوم موجودتان،وأنهما لا يفنيان ؛ وأن المؤمنين يرون ربهم بأبصارهم يوم القيامة كما يرون القمر ليلة البدر لا يضامون في رؤيته.
وأومن بأن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين والمرسلين،ولا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته ويشهد بنبوته ؛ وأن أفضل أمته أبو بكر الصديق ؛ ثم عمر الفاروق،ثم عثمان ذو النورين،ثم علي المرتضي،ثم بقية العشرة،ثم أهل بدر،ثم أهل الشجرة أهل بيعة الرضوان،ثم سائر الصحابة رضي الله عنهم. وأتولى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذكر محاسنهم وأترضى عنهم وأستغفر لهم وأكف عن مساويهم وأسكت عما شجر بينهم،وأعتقد فضلهم عملا بقوله تعالى : (والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤف رحيم ) وأترض عن أمهات المؤمنين المطهرات من كل سوء وأقر بكرامات الأولياء ومالهم من المكاشفات إلا أنهم لا يستحقون من حق الله تعالى شيئاً ولا يطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا الله،ولا أشهد لأحد من المسلمين بجنة ولا نار إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم،ولكني أرجو للمحسن وأخاف على المسيء،ولا أكفر أحداً من المسلمين بذنب،ولا أخرجه من دائرة الإسلام،وأرى الجهاد ماضيا مع كل إمام براً كان أو فاجراً وصلاة الجماعة خلفهم جائزة،والجهاد ماض منذ بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى أن يقاتل آخر هذه الأمة الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل،وأرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله،ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة وجبت طاعته ؛ وحرم الخروج عليه،وأرى هجر أهل البدع ومباينتهم حتى يتوبوا،وأحكمعليهم بالظاهر وأكل سرائرهم إلى الله،وأعتقد أن كل محدثة في الدين بدعة.
وأعتقد أن الإيمان قول باللسان وعمل بالأركان واعتقاد بالجنان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية هو بضع وسبعون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن طريق،وأرى وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ما توجبه الشريعة المحمدية الطاهرة.
فهذه عقيدة وجيزة حررنها وأنا مشتغل البال لتطلعوا على ما عندي والله على ما نقول وكيل.
ثم لا يخفى عليكم أنه بلغني أن رسالة سليمان بن سحيم قد وصلت إليكم وأنه قبلها وصدقها بعض المنتمين للعلم في جهتكم والله يعلم أن الرجل افترى علي أموراً لم أقلها ولم يأت أكثرها على بالي. ( فمنها ) قوله : إني مبطل كتب المذاهب الأربعة،وإني أقول إن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء وإني أدعي الاجتهاد،وإني خارج عن التقليد وإني أقول إن اختلاف العلماء نقمة،وإني أكفر من توسل بالصالحين،وإني أكفر البوصيري لقوله يا أكرم الخلق،وإني أقول لو أقدر على هدم قبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهدمتها،ولو أقدر على الكعبة لأخدت ميزابها وجعلت لها ميزاباً من خشب وإني أحرم زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وإني أنكر زيارة قبر الوالدين وغيرهما،وإني أكفر من حلف بغير الله،وإني أكفر ابن الفارض وابن عربي،وإني أحرق دلائل الخيرات وروض الرياحين وأسمية روض الشياطين. جوابي عن هذه المسائل أن أقول سبحانك هذا بهتان عظيم. وقبله من بهتمحمداً صلى الله عليه وسلم أنه يسب عيسى بن مريم ويسب الصالحين فتشابهت قلوبهم بافتراء الكذب وقول الزور. قال تعالى : (إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله) بهتوه صلى الله عليه وسلم بأنه يقول إن الملائكة وعيسى وعزيراً قي النار. فأنزل الله في ذلك : ( إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ).
وأما المسائل الأخر وهي أنى أقول لا يتم إسلام الإنسان حتى يعرف معنى لا إله إلا الله وأني أعرف من يأتيني بمعناها وأني أكفر الناذر إذا أراد بنذره التقرب لغير الله وأخذ النذر لأجل ذلك،وأن الذبح لغير الله كفر والذبيحة حرام. فهذه المسائل حق وأنا قائل بها. ولي عليها من كلام الله وكلام رسوله،ومن أقوال العلماء المتبعين كالأئمة الأربعة وإذا سهل الله تعالى بسطت الجواب عليها في رسالة مستقلة إن شاء الله تعالى.
ثم اعلموا وتدبروا قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة ) الآية