تحكم بحياتك.. هل أنت ممتن؟

تحكم بحياتك.. هل أنت ممتن؟
تنهض صباحا تملؤك الأحلام، ولكنك وبعد الوهلة الأولى تضطر إلى وضع أحلامك في سهلة المهملات التي بجانب سريرك، وبدلا من أن تنظر نحو الشمس المشرقة، بدأت تتخيل لهيبها الحار والذي سيجعل يومك حارا منذ بدايته. تذهب الى دورة المياه مثقلا بكل الهموم التي بدأت تفكر بها منذ الصباح، وتبحث عن القناع الذي ستلبسه من أجل أن تخفي نفسك وتصبح مقبولا في ساحة المجتمع، بالنسبة لك الحياة هي ساحة صراع أكثر من كونها ساحة تمارس فيها إنسانيتك.
هكذا يبدأ الكثير منا صباحه، لماذا؟ لأننا ضحينا بكل آمالنا وأحلامنا لصالح الواقع، والواقع دوما هو أنت وما تدخله لعقلك. كثيرا من الناس يتداولون مقولة الكوب الممتلئ في مقابل الفارغ، ولكنهم لا يدركون عمق هذه المقولة، ما تدخله لعقلك يصبح واقعا تصدقه كل خلايا جسمك، وتتشربه روحك بكل ما فيه من تفاؤل أو تشاؤم.
الكوب اذا قررت أن تراه ممتلئاً، سيتعامل عقلك على أن يجعل هذه المعلومة حقيقة غير قابلة للتشكيك، واذا قررت أن تراه فارغاً فسيسعى عقلك بأن يجعلها حقيقة غير قابلة للتشكيك.
ما هو الواقع اذاً؟ هل الواقع هو الكوب الممتلئ أم الفارغ؟ في الحقيقة لا يهم، ما يهم هو أنت وكيف تخلق واقعك. حياتنا هي مجموعة الأيام التي نعيشها، وهذه الأيام هي كالكوب، والعجيب ان الجميع لديهم نفس هذا الكوب الممتلئ للنصف، البعض يسعد به وكأنه ممتلئ الى آخرة، والأغلبيه تراه فارغاً لا يروي أي ضمأ.
هذا الكوب هو ملخص فلسفة الواقع. هذا الكوب هو أنت وكيف ترى حياتك، وماذا اخترت أن تراه في واقعك، هل ترى الندره؟ أم ترى الوفرة؟
تمت بمرجتنا منذ الصغر على مفهوم الندرة، كل شيء نادر وقليل. وعندما وصلت المرحلة الجامعية كانت ندرة الجامعات وصعوبة الدخول إليها تأكيد على القناعة التي تختزنها، ثم تأتي ندرة الوظائف لتأكد كل قناعاتك حول الندرة. وهنا يكمن التحدي في كيفية إعادة برمجة نفسك نحو الحياة التي تصبو إليها.
الإمتنان ظاهرة استثنائية تنقل الانسان من حالة التعاسة إلى مستوى جديد من السعادة والرضا. والإمتنان حالة مختلفة لا تعني القناعة، بل الإمتنان أن تستطيع أن ترى الكوب دائما ممتلئ مهما كانت ظروفك. وهكذا تنتقل الى مستوى نفسي جديد واستعداد كبير لاستقبال وفرة النعم اللانهائية الموجودة في هذه الحياة. وتصبح كل التحديات التي تواجهها في واقعك هي نعمة تساعدك للإنتقال إلى مرحلة جديدة كلياً.
كيف تبدأ أولى خطوات الإمتنان: التحكم بـ "تركيز الإنتباه"..
التفاؤل والايجابية والامتنان ليست عادات تفرضها على نفسك بالقوة. هي عادات تكتسبها بقدر ما تستطيع التحكم في مفهوم لنطلق عليه (تركيز الإنتباه). بمعنى آخر نحو ماذا تركز انتباهك عندما تواجه أي حدث يحدث لك خلال اليوم.
لو أنك دخلت حديقة جميلة جدا وبها بحيرة ساحرة في منتصفها، ولكن الجو في تلك اللحظة كان حاراً، أنت أمام خيارين، إما أن "تركز إنتباهك" على درجة الحرارة العالية، أو "تركز انتباهك" على جمال الحديقة والبحيرة. أنت لا تتصنع شيئاً ليس موجوداً، بمعنى أنت لا تتصنع الإيجابية في الموقف، أنت هنا تتحكم في إنتباهك فقط وتوجهه نحو ما تريد أن تركز عليه.
هناك الكثير من الناس يعتقدون أن الإيجابية هي أن تتصنع أمراً ليس موجوداً، فتصبح الإيجابية في كثير من المواقف سمجة وليست سليمة. بل وتتعارض مع نفسك وقد تخلق قوة تنكر فيها كثير من اللحظات فتكون انسان واهم في كثير من الأحداث. وهذا الأمر ليس سليماً ويؤدي في النهاية إلى خلق حالة "عدم الانسجام".
خطوة ثانية ومهمة جداً: اكتب يومياً 3 أمور أنت ممتن لها في حياتك مهما كانت هذه الأمور صغيرة..
في خضم الحياة ومع الروتين وتكرر الأيام، ينسى الإنسان الأمور الصغيرة والتي هي في حقيقة الأمر أساسية، وبدونها تصبح الحياة غير ممكنة. وكل ما تعرض الإنسان للمآسي يظن أنه هو الإنسان الأسوأ حظاً في هذه الدنيا، ولكن هذا ليس صحيحاً. تذكر مهما كانت حالتك أن هناك في الأرض من هم أسوأ حالاً منك، بل إنك قادر على مواجهة كل التحديات التي أمامك حالياً مهما كانت قساوتها.
إكتب الأشياء الجميلة كل يوم لتذكر نفسك بحالة الإمتنان. قد تأكل وجبة جميلة جداً فتمتن لحاسة التذوق التي تعودت عليها، وقد تنام في بيتك آمن فتمتن لحالة الأمن التي أنت فيها، وقد تخرج لتقضي أمور حياتك مكافحاً تطلب قوت يومك فتمتن أن لديك من الصحة الكاملة لتقوم بهذا الأمر. إن النعم التي تحيطك لا يمكن حصرها، وعليك أن تمتن وتعددها وتتذكرها، كل يوم، كل يوم.
الاختيار لك، تستطيع أن تستيقض مبكرا قبل شروق الشمس وتنتظر تنفس الصباح وتتنفس معه وكأنك مالك هذه الأرض ومالك حياتك. وتستطيع أن تنام وتستيقض متأخرا لا ترى الا لهيب الشمس يحرق حياتك. وهكذا دواليك في كل الأيام والأحداث؛ الواقع هو ما تريده أنت وما يصدقه عقلك.
أحمد أبوطالب
#اكتشف_عبقريتك
15 نوفمبر 2015

موضوع جميل ..