تفسير سورة النبأ .. الشيخ السعدي رحمه الله
تفسير سورة النبأ
من كتاب ( تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان )
للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله
(1)
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ)
[سورة النبأ 1 - 3]
أي: عن أي شيء يتساءل المكذبون بآيات الله؟
ثم بين ما يتساءلون عنه فقال: {عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ} أي: عن الخبر العظيم الذي طال فيه نزاعهم، وانتشر فيه خلافهم على وجه التكذيب والاستبعاد، وهو النبأ الذي لا يقبل الشك ولا يدخله الريب، ولكن المكذبون بلقاء ربهم لا يؤمنون، ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم.
رد: تفسير سورة النبأ .. الشيخ السعدي رحمه الله
(2)
(كَلَّا سَيَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ)
[سورة النبأ 4 - 5]
أي: سيعلمون إذا نزل بهم العذاب ما كانوا به يكذبون، حين يدعون إلى نار جهنم دعا، ويقال لهم: {هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ}
رد: تفسير سورة النبأ .. الشيخ السعدي رحمه الله
(3)
(أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا * وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا)
[سورة النبأ 6 - 8]
أي: أما أنعمنا عليكم بنعم جليلة، فجعلنا لكم {الْأَرْضَ مِهَادًا} أي: ممهدة مهيأة لكم ولمصالحكم، من الحروث والمساكن والسبل.
{وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا} تمسك الأرض لئلا تضطرب بكم وتميد.
{وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا} أي: ذكورا وإناثا من جنس واحد، ليسكن كل منهما إلى الآخر، فتكون المودة والرحمة، وتنشأ عنهما الذرية، وفي ضمن هذا الامتنان، بلذة المنكح.
رد: تفسير سورة النبأ .. الشيخ السعدي رحمه الله
رد: تفسير سورة النبأ .. الشيخ السعدي رحمه الله
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشهاب//
جزاك الجنه اخي
وإياك
بارك الله بعمرك
رد: تفسير سورة النبأ .. الشيخ السعدي رحمه الله
(4)
(وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا * وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا * وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا)
[سورة النبأ 9 - 12]
{وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} أي: راحة لكم، وقطعا لأشغالكم، التي متى تمادت بكم أضرت بأبدانكم، فجعل الله الليل والنوم يغشى الناس لتنقطع حركاتهم الضارة، وتحصل راحتهم النافعة. {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا} أي: سبع سموات، في غاية القوة، والصلابة والشدة، وقد أمسكها الله بقدرته، وجعلها سقفا للأرض، فيها عدة منافع لهم، ولهذا ذكر من منافعها الشمس فقال: {وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا}
(وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا)
[سورة النبأ 13]
نبه بالسراج على النعمة بنورها، الذي صار كالضرورة للخلق، وبالوهاج الذي فيه الحرارة على حرارتها وما فيها من المصالح.
رد: تفسير سورة النبأ .. الشيخ السعدي رحمه الله
(5)
(وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا)
[سورة النبأ 14]{وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ} أي: السحاب {مَاءً ثَجَّاجًا} أي: كثيرا جدا.
(لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا * وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا)
[سورة النبأ 15 - 16]
{لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا} من بر وشعير وذرة وأرز، وغير ذلك مما يأكله الآدميون.{وَنَبَاتًا} يشمل سائر النبات، الذي جعله الله قوتا لمواشيهم.
{وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا} أي: بساتين ملتفة، فيها من جميع أصناف الفواكه اللذيذة.فالذي أنعم عليكم بهذه النعم العظيمة، التي لا يقدر قدرها، ولا يحصى عددها، كيف [تكفرون به و] تكذبون ما أخبركم به من البعث والنشور؟! أم كيف تستعينون بنعمه على معاصيه وتجحدونها؟"
رد: تفسير سورة النبأ .. الشيخ السعدي رحمه الله
(6)
(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا * يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا * وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا * وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا * إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا * لِلطَّاغِينَ مَآبًا * لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا)
[سورة النبأ 17 - 23]
ذكر تعالى ما يكون في يوم القيامة الذي يتساءل عنه المكذبون، ويجحده المعاندون، أنه يوم عظيم، وأن الله جعله { مِيقَاتًا } للخلق.
{ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا } ويجري فيه من الزعازع والقلاقل ما يشيب له الوليد، وتنزعج له القلوب،
وتشقق السماء حتى تكون أبوابا
فتسير الجبال، حتى تكون كالهباء المبثوث، ، ويفصل الله بين الخلائق بحمكه الذي لا يجور،
وتوقد نار جهنم التي أرصدها الله وأعدها للطاغين، وجعلها مثوى لهم ومآبا
وأنهم يلبثون فيها أحقابا كثيرة و { الحقب } على ما قاله كثير من المفسرين: ثمانون سنة.
رد: تفسير سورة النبأ .. الشيخ السعدي رحمه الله
رد: تفسير سورة النبأ .. الشيخ السعدي رحمه الله
رد: تفسير سورة النبأ .. الشيخ السعدي رحمه الله
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشهاب//
جزاك الله خير الجزاء
بارك الله بعمرك
رد: تفسير سورة النبأ .. الشيخ السعدي رحمه الله
(7)
(لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا)
[سورة النبأ 24]
وهم إذا وردوها {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا} أي: لا ما يبرد جلودهم، ولا ما يدفع ظمأهم.
(إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا * جَزَاءً وِفَاقًا)
[سورة النبأ 25 - 26]
{إِلَّا حَمِيمًا} أي: ماء حارا، يشوي وجوههم، ويقطع أمعاءهم، {وَغَسَّاقًا} وهو: صديد أهل النار، الذي هو في غاية النتن، وكراهة المذاق، وإنما استحقوا هذه العقوبات الفظيعة جزاء لهم ووفاقا على ما عملوا من الأعمال الموصلة إليها، لم يظلمهم الله، ولكن ظلموا أنفسهم،
(إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا)
[سورة النبأ 27]
وذكر أعمالهم، التي استحقوا بها هذا الجزاء، فقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا} أي: لا يؤمنون بالبعث، ولا أن الله يجازي الخلق بالخير والشر، فلذلك أهملوا العمل للآخرة.
(وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا)
[سورة النبأ 28]
{وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا} أي: كذبوا بها تكذيبا واضحا صريحا وجاءتهم البينات فعاندوها.
(وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا)
[سورة النبأ 29]
{وَكُلُّ شَيْءٍ} من قليل وكثير، وخير وشر {أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا} أي: كتبناه في اللوح المحفوظ، فلا يخشى المجرمون أنا عذبناهم بذنوب لم يعملوها، ولا يحسبوا أنه يضيع من أعمالهم شيء، أو ينسى منها مثقال ذرة، كما قال تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}
(فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا)
[سورة النبأ 30]
{فَذُوقُوا} أيها المكذبون هذا العذاب الأليم والخزي الدائم {فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا} وكل وقت وحين يزداد عذابهم [وهذه الآية أشد الآيات في شدة عذاب أهل النار أجارنا الله منها].
رد: تفسير سورة النبأ .. الشيخ السعدي رحمه الله
(8)
(إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا * حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا * وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا * وَكَأْسًا دِهَاقًا)
[سورة النبأ 31 - 34]
لما ذكر حال المجرمين ذكر مآل المتقين فقال: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا} أي: الذين اتقوا سخط ربهم، بالتمسك بطاعته، والانكفاف عما يكرهه فلهم مفاز ومنجي، وبعد عن النار.
وفي ذلك المفاز لهم {حَدَائِقَ} وهي البساتين الجامعة لأصناف الأشجار الزاهية، في الثمار التي تتفجر بين خلالها الأنهار، وخص الأعناب لشرفها وكثرتها في تلك الحدائق.
ولهم فيها زوجات على مطالب النفوس {كَوَاعِبَ} وهي: النواهد اللاتي لم تتكسر ثديهن من شبابهن، وقوتهن ونضارتهن.
{والأَتْرَاب} اللاتي على سن واحد متقارب، ومن عادة الأتراب أن يكن متآلفات متعاشرات، وذلك السن الذي هن فيه ثلاث وثلاثون سنة، في أعدل سن الشباب.
{وَكَأْسًا دِهَاقًا} أي: مملوءة من رحيق، لذة للشاربين.
(لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا)
[سورة النبأ 35]
{لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا} أي: كلاما لا فائدة فيه {وَلَا كِذَّابًا} أي: إثما. كما قال تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا} وإنما أعطاهم الله هذا الثواب الجزيل [من فضله وإحسانه].
(جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا)
[سورة النبأ 36]
{جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ} لهم {عَطَاءً حِسَابًا} أي: بسبب أعمالهم التي وفقهم الله لها، وجعلها ثمنا لجنته ونعيمها .
رد: تفسير سورة النبأ .. الشيخ السعدي رحمه الله
جزاك الله خيرا أخي الفاضل
بإنتظار تكملة السورة جعل الله ذلك في موازين حسناتك
ونفع به الجميـــــــــــــــــــــع
رد: تفسير سورة النبأ .. الشيخ السعدي رحمه الله
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هادي
جزاك الله خيرا أخي الفاضل
بإنتظار تكملة السورة جعل الله ذلك في موازين حسناتك
ونفع به الجميـــــــــــــــــــــع
شكراً جزيلاً .. بارك الله فيك
رد: تفسير سورة النبأ .. الشيخ السعدي رحمه الله
(9)
(رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَٰنِ ۖ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا)
[سورة النبأ 37]
أي: الذي أعطاهم هذه العطايا هو ربهم {رَبّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الذي خلقها ودبرها {الرَّحْمَنِ} الذي رحمته وسعت كل شيء، فرباهم ورحمهم، ولطف بهم، حتى أدركوا ما أدركوا.
(يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا ۖ لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَقَالَ صَوَابًا)
[سورة النبأ 38]
ثم ذكر عظمته وملكه العظيم يوم القيامة، وأن جميع الخلق كلهم ذلك اليوم ساكتون لا يتكلمون، و{لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا} إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا، فلا يتكلم أحد إلا بهذين الشرطين: أن يأذن الله له في الكلام، وأن يكون ما تكلم به صوابا.
(ذَٰلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ ۖ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ مَآبًا)
[سورة النبأ 39]
(ذَٰلِكَ الْيَوْمُ} هو {الْحَقُّ} الذي لا يروج فيه الباطل، ولا ينفع فيه الكذب، وفي ذلك اليوم {يَقُومُ الرُّوحُ} وهو جبريل عليه السلام، الذي هو أشرف الملائكة {وَالْمَلَائِكَةِ} [أيضا يقوم الجميع] {صَفًّا} خاضعين لله {لَا يَتَكَلَّمُونَ} إلا بما أذن لهم الله به.
فلما رغب ورهب، وبشر وأنذر، قال: {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا} أي: عملا، وقدم صدق يرجع إليه يوم القيامة.
رد: تفسير سورة النبأ .. الشيخ السعدي رحمه الله
(10)
(إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا)
[سورة النبأ 40]
{إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا} لأنه قد أزف مقبلا، وكل ما هو آت فهو قريب.
{يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ} أي: هذا الذي يهمه ويفزع إليه، فلينظر في هذه الدنيا إليه، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} الآيات.
فإن وجد خيرا فليحمد الله، وإن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، ولهذا كان الكفار يتمنون الموت من شدة الحسرة والندم.
نسأل الله أن يعافينا من الكفر والشر كله، إنه جواد كريم.
تم تفسير سورة عم، والحمد لله رب العالمين.
رد: تفسير سورة النبأ .. الشيخ السعدي رحمه الله
جزاك الله خيرا وبارك فيك
وجعل ذلك في موازين حسناتك ونفع به الجميــــــــــــــع
رد: تفسير سورة النبأ .. الشيخ السعدي رحمه الله