فساد هاي.. فساد شعبي!! هههههههههههههههه
[c]
فساد هاي.. فساد شعبي!!
المصدر : د. حمود أبوطالب
بعض المصطلحات التي دخلت قاموسنا التخاطبي, وأوجدت لنفسها مكاناً في لغة الإعلام وبعض البيانات, تبدو كما لو كانت تعبر عن أوضاع مستجدة وظروف طارئة, بينما الحقيقة غير ذلك تماماً. فإذا كان المصطلح هو الجديد, فإن ما يشير إليه أو يعنيه هو وضع قائم منذ زمن طويل, وكل ما في الأمر أننا لم نكن نريد الحديث عن ذلك الوضع, ليس إلا..
مصطلح (الفساد الإداري) واحد من تلك المصطلحات, بل هو أكثرها تداولاً وشيوعاً هذه الأيام, مما يوحي للناشئة والعوام بأن هذا الفساد هجم علينا فجأة مثل جرم من الأجرام السماوية, أو ظاهرة من ظواهر الطبيعة المفاجئة, بينما في واقع الأمر وحقيقته أننا ننبش في قضية تفوح رائحتها منذ سنوات عديدة, وتحديداً منذ إرهاصات البداية للطفرة التي أمدته بكل المغذيات والمقويات.
ربما كنا أيام الوفرة قادرين على رش كثير من العطور ووضع كثير من المساحيق حتى نخفف من حدة تلك الرائحة, وحتى لا يتبين الناس الوجه القبيح, لكنا الآن لم نعد قادرين على توفير كل الحيل التجميلية اللازمة لإخفاء الحقيقة.
في ذلك الزمن (الطفروي) وعلى امتداد سنواته, كان يحق لأي فاسد أن يصب لعناته على كل المثل والقيم, وأن يهزأ بالأمانة, وأن يمد لسانه للجميع وهو يجمع المال جهاراً نهاراً, وحين يفعل ذلك, فإنه في اطمئنان كبير أنه مجرد فرد واحد ضمن عدد من أمثاله, وفي أسوأ الظروف وأحلكها, سوف يحال إلى التقاعد في حفل تكريمي, ليسترخي بعد ذلك في بحيرة من الهناء صنعها من الأموال المسروقة..
ذلك الزمن أسس بجدارة لثقافة الفساد الإداري الذي أصبح له عرابوه وفقهاؤه ومفسروه وأساتذته وطلابه, حتى كاد أن يكون نهجاً وفلسفة إدارية لها شعائرها وتخريجاتها وأساليبها.. لقد كاد أن يكون القاعدة, وما عداه هو الاستثناء.
تلك المدرسة لازالت قائمة, ولازال أساتذتها وتابعوها يمارسون طقوسهم بكل هدوء.. صحيح ان الغنائم ليست كما كانت, ولكن الخير موجود!!.. وهؤلاء لن يتوقفوا أبداً لأنهم لم يشاهدوا مرةً واحدةً تنفيذاً فعلياً حاسماً ضد فاسد, أمام الملأ وبشكل علني حتى يكون عبرة.
هؤلاء لم يسمعوا أن فاسداً ولصاً طُبق بحقه نظام صارم وطولب بإرجاع ما سلبه من أموال بعد قذفه في السجن.. هؤلاء لم يشاهدوا مرة واحدة صورة واحد من فصيلتهم في الصحف اليومية وتحتها اسمه الكامل مع التهمة الثابتة عليه.. وما دام الحال كذلك, فإن الفساد سيستمر ولن يتوقف أبداً..
الغريب أن أقرأ قبل فترة مقابلة مع مسؤول سئل خلالها لماذا لا يتم التشهير بالفاسدين والمختلسين فأجاب بأن هناك اعتبارات اجتماعية تمنع ذلك.. وفي رأيي أن هذه الاعتبارات خاصة بطبقة معينة ولكن المرتشين الصغار والفاسدين غصباً عنهم لا يدخلون ضمن تلك الاعتبارات, ولذلك فنحن نرى صورهم واضحة في الصحف بين وقت وآخر.
المصدر جريدة عكاظ
http://www.okaz.com.sa/okaz/Data/200.../Art_43681.XML
[/c]
